تعليقات على سنن ابن ماجه ( 9 ) من حديث ( 199 ــ 219 )

تعليقات على سنن ابن ماجه ( 9 ) من حديث ( 199 ــ 219 )

مشاهدات: 521

شرح  سنن ( ابن ماجه  )

الدرس التاسع 

من الحديث ( 199 ــ 219 )

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

فضيلة الشيخ زيد بن مسفر البحري

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــ

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه وسلم تسليما كثيرا إلى يوم الدين .

 

أما بعد :

 

فقد قال المصنف رحمه الله :

 

باب فيما أنكرت الجهمية

حديث رقم – 199-

( صحيح )

 

 

(حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ عَمَّارٍ قَالَ: حَدَّثَنَا صَدَقَةُ بْنُ خَالِدٍ قَالَ: حَدَّثَنَا ابْنُ جَابِرٍ، قَالَ: سَمِعْتُ بُسْرَ بْنَ عُبَيْدِ اللَّهِ، يَقُولُ: سَمِعْتُ أَبَا إِدْرِيسَ الْخَوْلَانِيَّ، يَقُولُ: حَدَّثَنِي النَّوَّاسُ بْنُ سَمْعَانَ الْكِلَابِيُّ، قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: «مَا مِنْ قَلْبٍ إِلَّا بَيْنَ إِصْبَعَيْنِ مِنْ أَصَابِعِ الرَّحْمَنِ، إِنْ شَاءَ أَقَامَهُ، وَإِنْ شَاءَ أَزَاغَهُ» وَكانَ رَسُولُ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ عليْهِ وسلَّمَ يَقُولُ: ” يَا مُثبِّتَ الْقُلُوبِ، ثبِّتْ قُلُوبَنَا عَلَى دِينِكَ. قَالَ: وَالْمِيزَانُ بِيَدِ الرَّحْمَنِ، يَرْفَعُ أقْوَامًا وَيَخْفِضُ آخَرِينَ، إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ ” )

 

من الفوائد :

 

الرد على الجهمية ومن شابههم في نفي الأصابع لله سبحانه وتعالى ،  فمعتقد أهل السنة والجماعة أن لله عز وجل أصابع تليق بجلاله وعظمته ، خلافا لمن حرَّف فقال إن الأصابع المذكورة هنا في هذا الحديث وفي الأحاديث الأخرى المقصود منها هو سرعة التدبير وسهولة الأمر ، فيسهل عليه أنه يزيغ من شاء وأن يثبت من شاء ، وهذا نفي للصفة .

 

ومن الفوائد :

 

استشعار المسلم ضعفه وأنه مهما كان في أمر الدين من الاجتهاد والحرص فليخش من أن يزل ، ومن ثم فإن عليه أن يطلب من الله عز وجل الثبات .

 

ومن الفوائد :

 

أن هذا القلب الذي هو ملك للأعضاء هو ضعيف في الحقيقية فسرعان ما يتغير بين الفينة والأخرى ، ومن ثم فإن هذا الحديث يدعونا إلى معاهدة قلوبنا بين الفينة والأخرى .

 

ومن الفوائد :

 

ضرب النبي صلى الله عليه وسلم أروع الأمثلة في ضعف هذا القلب وفي ضعف ابن آدم ، فإنه عليه الصلاة والسلام كان يدعو بهذا الدعاء ومعلوم ما له من القدر الكبير في الطاعة وفي التقرب إلى الله عز وجل ومع ذلك كان يكثر من هذا الدعاء .

 

حديث رقم – 200-

 

 

( ضعيف )

 

(حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ مُحَمَّدُ بْنُ الْعَلَاءِ قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ إِسْمَاعِيلَ، عَنْ مُجَالِدٍ، عَنْ أَبِي الْوَدَّاكِ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ” إِنَّ اللَّهَ لَيَضْحَكُ إِلَى ثَلَاثَةٍ: لِلصَّفِّ فِي الصَّلَاةِ، وَلِلرَّجُلِ يُصَلِّي فِي جَوْفِ اللَّيْلِ، وَلِلرَّجُلِ يُقَاتِلُ، أُرَاهُ قَالَ: خَلْفَ الْكَتِيبَةِ ” )

هذا الحديث لو صح لكان فيه إثبات الضحك لله سبحانه وتعالى ، وإثبات صفة الضحك لله  سبحانه وتعالى ثابتة في الأحاديث الأخرى .

 

حديث رقم – 201-

 

( صحيح )

 

(حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ رَجَاءٍ قَالَ: حَدَّثَنَا إِسْرَائِيلُ، عَنْ عُثْمَانَ يَعْنِي ابْنَ الْمُغِيرَةِ الثَّقَفِيَّ، عَنْ سَالِمِ بْنِ أَبِي الْجَعْدِ، عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَعْرِضُ نَفْسَهُ عَلَى النَّاسِ فِي الْمَوْسِمِ، فَيَقُولُ: «أَلَا رَجُلٌ يَحْمِلُنِي إِلَى قَوْمِهِ، فَإِنَّ قُرَيْشًا قَدْ مَنَعُونِي أَنْ أُبَلِّغَ كَلَامَ رَبِّي» )

 

من الفوائد :

 

إثبات صفة الكلام لله سبحانه وتعالى ، ففيه رد على من نفى الكلام عن الله ممن أضله الله سبحانه وتعالى من هذه الطوائف التي أدخلت عقولها وفهومها فيما لا يجوز أن يُدخل فيه .

 

ومن الفوائد :

 

أنه عليه الصلاة والسلام أضاف الكلام إلى الله ، فيدل على أن القرآن هو كلام الله قد تكلم به حقيقة ، لم يخلقه لا في هواء ولا في شجرة ولا في مخلوق آخر ، وليس هو حروفا فقط ولا معاني فقط ، كما ذهبت إلى ذلك طوائف شتى ، فإنهم قد اختلفوا في الكلام لله سبحانه وتعالى على تسعة أقوال .

 

 لكن معتقد أهل السنة والجماعة :

 

أن الله سبحانه وتعالى تكلم بهذا القرآن ، ومنه بدأ وإليه يعود ، وهو حروف ومعاني ، قد أنزله الله سبحانه وتعالى على رسوله محمد صلى الله عليه وسلم عن طريق الوحي من جبريل عليه السلام ، ولذلك أضيف إلى النبي صلى الله عليه وسلم وأضيف إلى جبريل : {إِنَّهُ لَقَوْلُ رَسُولٍ كَرِيمٍ }الحاقة40 ، ففي سورة الحاقة المقصود هو النبي صلى لله عليه وسلم ، وفي سورة التكوير {إِنَّهُ لَقَوْلُ رَسُولٍ كَرِيمٍ }التكوير19

المراد من ذلك جبريل عليه السلام ، والإضافة إلى النبي صلى الله عليه وسلم وإلى جبريل عليه السلام إضافة تبليغ ، فليس هذا القرآن من محمد صلى الله عليه وسلم ولا من جبريل ، وإنما أضيف إليهما لكونهما مبلغَين عن الله سبحانه وتعالى .

 

 

ومن الفوائد :

 

بيان ما كان عليه النبي صلى الله عليه وسلم في سالف الأمر من الاضطهاد والمشقة التي لحقته من أقرب الناس إليه وهم قومه ، فمثل هذا يجعل الداعية إلى الله سبحانه وتعالى في راحة من أمره إذا تأسى وتذكر حال رسولنا صلى الله عليه وسلم .

 

ومن الفوائد :

 

أن الحج كان موجودا قبل هجرة النبي صلى الله عليه وسلم ، فكانوا يحجون لأنه بقية من دين إبراهيم عليه السلام .

 

حديث رقم – 202-

 

( حسن )

 

(حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ عَمَّارٍ قَالَ: حَدَّثَنَا الْوَزِيرُ بْنُ صَبِيحٍ قَالَ: حَدَّثَنَا يُونُسُ بْنُ حَلْبَسٍ، عَنْ أُمِّ الدَّرْدَاءِ، عَنْ أَبِي الدَّرْدَاءِ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: {كُلَّ يَوْمٍ هُوَ فِي شَأْنٍ} [الرحمن: 29] ، قَالَ: «مِنْ شَأْنِهِ أَنْ يَغْفِرَ ذَنْبًا، وَيُفَرِّجَ كَرْبًا، وَيَرْفَعَ قَوْمًا، وَيَخْفِضَ آخَرِينَ» )

 

من الفوائد :

 

أن السنة مفسرة للقرآن ، فإن قوله تعالى  في سورة الرحمن { كُلَّ يَوْمٍ هُوَ فِي شَأْنٍ }الرحمن29 ، معناها ما ذكره عليه الصلاة والسلام من شأن الله سبحانه مع خلقه .

 

ومن الفوائد :

 

إثبات الصفات الفعلية لله سبحانه وتعالى ،فإذا كان كل يوم هو في شأن مع خلقه ، فهذا يدل على أنه يفعل .

 

ومن الفوائد :

 

أن أنواع التقدير من بينها تقدير يومي ، كما هنا ، فيقدر الله سبحانه وتعالى كل يوم ما سيكون لهذا الشخص ولذلك الشخص .

ومن الفوائد :

 

أن على المسلم أن يعلق قلبه بالتوحيد ، ومن أعظم التوحيد أن يستحضر ما لله سبحانه وتعالى من أسماء وصفات ، وأنها تزيد إيمانه وتعلقه بالله سبحانه وتعالى ، فإذا كان الله سبحانه وتعالى كل يوم هو في شأن مع خلقه ، فإذا أصاب الإنسان ضر أو كرب أو حلَّ به بلاء فليتذكر أن هناك إلها له من الصفات العظيمة ما يجعله يتفاءل بأن يفرِّج الله ما نزل به من همٍّ أو كرب أو فقر أو ما شابه ذلك .

 

بَابُ مَنْ سَنَّ سُنَّةً حَسَنَةً أَوْ سَيِّئَةً

 

حديث رقم – 203-

 

( صحيح )

 

(حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ أَبِي الشَّوَارِبِ قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ عُمَيْرٍ، عَنِ الْمُنْذِرِ بْنِ جَرِيرٍ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَنْ سَنَّ سُنَّةً حَسَنَةً فَعُمِلَ بِهَا، كَانَ لَهُ أَجْرُهَا وَمِثْلُ أَجْرِ مَنْ عَمِلَ بِهَا، لَا يَنْقُصُ مِنْ أُجُورِهِمْ شَيْئًا، وَمَنْ سَنَّ سُنَّةً سَيِّئَةً فَعُمِلَ بِهَا، كَانَ عَلَيْهِ وِزْرُهَا وَوِزْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا، لَا يَنْقُصُ مِنْ أَوْزَارِهِمْ شَيْئًا» )

 

من الفوائد :

 

أن على المسلم ولاسيما الأئمة من العلماء الذين يقتدى بهم ، أن عليهم أن يحيوا ما مات من سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم أو ما غُفل عنها ، فإنه بتذكيره بهذه السنة إما فعلا من تلقاء نفسه وإما تذكيرا بلسانه ، فإذا أحيى هذه السنة فإنه يكون له أجرها وأجر من عمل بها .

 

ومن الفوائد :

 

بيان خطر أئمة الضلال ، وأن هؤلاء قد يجنون على أنفسهم ويجنون على غيرهم ، فإن من أتى بضلالة فعمل بها الناس فإن عليه وزرها ووزر من عمل بها .

 

حديث رقم – 204-

 

 

( صحيح )

 

(حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ بْنُ عَبْدِ الصَّمَدِ بْنِ عَبْدِ الْوَارِثِ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ: حَدَّثَنِي أَبِي، عَنْ أَيُّوبَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: جَاءَ رَجُلٌ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: فَحَثَّ عَلَيْهِ، فَقَالَ رَجُلٌ، عِنْدِي كَذَا وَكَذَا، قَالَ، فَمَا بَقِيَ فِي الْمَجْلِسِ رَجُلٌ إِلَّا تَصَدَّقَ عَلَيْهِ بِمَا قَلَّ أَوْ كَثُرَ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَنِ اسْتَنَّ خَيْرًا فَاسْتُنَّ بِهِ، كَانَ لَهُ أَجْرُهُ كَامِلًا، وَمِنْ أُجُورِ مَنِ اسْتَنَّ بِهِ، وَلَا يَنْقُصُ مِنْ أُجُورِهِمْ شَيْئًا، وَمَنِ اسْتَنَّ سُنَّةً سَيِّئَةً فَاسْتُنَّ بِهِ، فَعَلَيْهِ وِزْرُهُ كَامِلًا، وَمِنْ أَوْزَارِ الَّذِي اسْتَنَّ بِهِ، وَلَا يَنْقُصُ مِنْ أَوْزَارِهِمْ شَيْئًا»)

 

من الفوائد :

 

بيان سبب الحديث السابق وأنه مذكور هنا ، فإن الحديث السابق يشابه هذا الحديث من حيث المعنى .

 

ومن الفوائد :

 

أن على المسلم أن يفعل ما في وسعه من أجل أن يقتدى به في الخير حتى ينال هذا الأجر الكبير ، ثم إن عظمة الإسلام لا تنقص أجر من عمل بهذه السنة الحسنة لا تنقص من أجورهم ، بل لكل شخص أجره ، لكن الأول له فضل .

 

حديث رقم – 205-

 

( صحيح بما بعده )

 

(حَدَّثَنَا عِيسَى بْنُ حَمَّادٍ الْمِصْرِيُّ قَالَ: أَنْبَأَنَا اللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي حَبِيبٍ، عَنْ سَعْدِ بْنِ سِنَانٍ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أَنَّهُ قَالَ: «أَيُّمَا دَاعٍ دَعَا إِلَى ضَلَالَةٍ فَاتُّبِعَ، فَإِنَّ لَهُ مِثْلَ أَوْزَارِ مَنِ اتَّبَعَهُ، وَلَا يَنْقُصُ مِنْ أَوْزَارِهِمْ شَيْئًا، وَأَيُّمَا دَاعٍ دَعَا إِلَى هُدًى فَاتُّبِعَ، فَإِنَّ لَهُ مِثْلَ أُجُورِ مَنِ اتَّبَعَهُ، وَلَا يَنْقُصُ مِنْ أُجُورِهِمْ شَيْئًا»)

 

من الفوائد :

هذا الحديث يجري مجرى سياق الحديث السابق ، في بيان فضل المقتدى به في الخير وبيان سوء حال المقتدى به في الشر .

 

حديث رقم – 206-

 

 

( صحيح )

 

(  حَدَّثَنَا أَبُو مَرْوَانَ مُحَمَّدُ بْنُ عُثْمَانَ الْعُثْمَانِيُّ قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ أَبِي حَازِمٍ، عَنِ الْعَلَاءِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «مَنْ دَعَا إِلَى هُدًى، كَانَ لَهُ مِنَ الْأَجْرِ مِثْلُ أُجُورِ مَنِ اتَّبَعَهُ، لَا يَنْقُصُ ذَلِكَ مِنْ أُجُورِهِمْ شَيْئًا، وَمَنْ دَعَا إِلَى ضَلَالَةٍ، فَعَلَيْهِ مِنَ الْإِثْمِ مِثْلُ آثَامِ مَنِ اتَّبَعَهُ، لَا يَنْقُصُ ذَلِكَ مِنْ آثَامِهِمْ شَيْئًا»)

 

من الفوائد :

 

 

أن هذا الحديث يوضح السنة الحسنة المذكورة في الأحاديث السابقة ، فإنه ذكر هنا ( الهدى ) وذكر هناك ( السنة ) فليس معنى ما ذكر مسبقا أن الإنسان له أن يخترع ما شاء – كلا – إنما تكون سنته على هدى ، ومعلوم أن الهدى هو ما جاء به النبي صلى الله عليه وسلم  ، وذلك عند مسلم قال ( وخير الهُدى هدى محمد بن عبد الله ) صلى الله عليه وسلم .

 

حديث رقم – 207-

 

( حسن صحيح )

 

(حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ قَالَ: حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ أَبُو إِسْرَائِيلَ، عَنِ الْحَكَمِ، عَنْ أَبِي جُحَيْفَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَنْ سَنَّ سُنَّةً حَسَنَةً فَعُمِلَ بِهَا بَعْدَهُ، كَانَ لَهُ أَجْرُهُ وَمِثْلُ أُجُورِهِمْ، مِنْ غَيْرِ أَنْ يَنْقُصَ مِنْ أُجُورِهِمْ شَيْئًا، وَمَنْ سَنَّ سُنَّةً سَيِّئَةً فَعُمِلَ بِهَا بَعْدَهُ، كَانَ عَلَيْهِ وِزْرُهُ وَمِثْلُ أَوْزَارِهِمْ، مِنْ غَيْرِ أَنْ يَنْقُصَ مِنْ أَوْزَارِهِمْ شَيْئًا» )

 

حديث رقم – 208-

 

( ضعيف )

 

(حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ، عَنْ لَيْثٍ، عَنْ بَشِيرِ بْنِ نَهِيكٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَا مِنْ دَاعٍ يَدْعُو إِلَى شَيْءٍ إِلَّا وُقِفَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ لَازِمًا لِدَعْوَتِهِ، مَا دَعَا إِلَيْهِ، وَإِنْ دَعَا رَجُلٌ رَجُلًا» )

هذا الحديث لو صح لكان فيه بيان أن من دعا بدعوى سواء كانت حقا أو كانت باطلا فإن هذه الدعوى ملازمة له يوم القيامة فيوقف عليها إن خيرا فخير وإن شرا فشر .

 

بَابُ مَنْ أَحْيَا سُنَّةً قَدْ أُمِيتَتْ

 

حديث رقم – 209-

 

( صحيح بما قبله )

 

(حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ قَالَ: حَدَّثَنَا زَيْدُ بْنُ الْحُبَابِ قَالَ: حَدَّثَنَا كَثِيرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ عَوْفٍ الْمُزَنِيُّ قَالَ: حَدَّثَنِي أَبِي، عَنْ جَدِّي، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «مَنْ أَحْيَا سُنَّةً مِنْ سُنَّتِي، فَعَمِلَ بِهَا النَّاسُ، كَانَ لَهُ مِثْلُ أَجْرِ مَنْ عَمِلَ بِهَا، لَا يَنْقُصُ مِنْ أُجُورِهِمْ شَيْئًا، وَمَنْ ابْتَدَعَ بِدْعَةً، فَعُمِلَ بِهَا، كَانَ عَلَيْهِ أَوْزَارُ مَنْ عَمِلَ بِهَا، لَا يَنْقُصُ مِنْ أَوْزَارِ مَنْ عَمِلَ بِهَا شَيْئًا»  )

 

من الفوائد :

 

أن الترك يحكم عليه بالموت ، فإن ترك السنة إماتة لها وأن العمل بها إحياء لها ، فإذا تركت السنة وأتى شخص وعمل بها فاتبع فيكون قد أحياها .

 

ومن الفوائد :

 

أن السنة لما ذكرت قال النبي صلى الله عليه وسلم بعدها ( فعمل بها الناس ) أما البدعة قال ( فعُمل بها ) فدل على أن الأصل في ابن آدم أنه يفعل الخير ويدع الشر ، وهذا يتوافق مع قول  النبي صلى الله عليه وسلم ( ما من مولود إلا ويولد على الفطرة ) فهذا يدل على أن أصل ابن آدم فيه الخير .

 

ومن الفوائد :

 

أنه لا بدعة حسنة ولا خير في البدعة أصلا ، لأن النبي صلى الله عليه وسلم جعلها قسيما للسنة ، فذكر السنة وذكر البدعة وحكم على كل واحدة بحكم ، فدل على أنه لا خير في البدع كلها .

 

حديث رقم – 210-

 

( ضعيف جدا )

 

(حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى قَالَ: حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ أَبِي أُوَيْسٍ قَالَ: حَدَّثَنِي كَثِيرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ، قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: «مَنْ أَحْيَا سُنَّةً مِنْ سُنَّتِي قَدْ أُمِيتَتْ بَعْدِي، فَإِنَّ لَهُ مِنَ الْأَجْرِ مِثْلَ أَجْرِ مَنْ عَمِلَ بِهَا مِنَ النَّاسِ، لَا يَنْقُصُ مِنْ أُجُورِ النَّاسِ شَيْئًا، وَمَنْ ابْتَدَعَ بِدْعَةً لَا يَرْضَاهَا اللَّهُ وَرَسُولُهُ، فَإِنَّ عَلَيْهِ مِثْلَ إِثْمِ مَنْ عَمِلَ بِهَا مِنَ النَّاسِ، لَا يَنْقُصُ مِنْ آثَامِ النَّاسِ شَيْئًا»)

 

بَابُ فَضْلِ مَنْ تَعَلَّمَ الْقُرْآنَ وَعَلَّمَهُ

 

حديث رقم – 211-

 

( صحيح )

 

(حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ قَالَ: حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ الْقَطَّانُ قَالَ: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، وَسُفْيَانُ، عَنْ عَلْقَمَةَ بْنِ مَرْثَدٍ، عَنْ سَعْدِ بْنِ عُبَيْدَةَ، عَنْ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ السُّلَمِيِّ، عَنْ عُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: قَالَ شُعْبَةُ «خَيْرُكُمْ» وَقَالَ سُفْيَانُ، «أَفْضَلُكُمْ مَنْ تَعَلَّمَ الْقُرْآنَ وَعَلَّمَهُ»)

 

حديث رقم – 212-

 

( صحيح )

 

(  حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ: حَدَّثَنَا وَكِيعٌ قَالَ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ عَلْقَمَةَ بْنِ مَرْثَدٍ، عَنْ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ السُّلَمِيِّ، عَنْ عُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «أَفْضَلُكُمْ مَنْ تَعَلَّمَ الْقُرْآنَ وَعَلَّمَهُ» )

 

من الفوائد :

 

أن تعلم القرآن وتعليمه يجعل صاحبه في مقام الخيرية والأفضلية ، وهل يكون هو الأفضل على وجه العموم ؟ بمعنى أنه يفوق غيره في جميع الأعمال فيكون هو في المرتبة الأولى ؟

قال بعض العلماء : كلا ، وإنما المقصود من ذلك أنه من خير وأفضل الناس ، وإلا فهناك أحاديث جاءت بالخيرية والأفضلية ، فيكون من خيركم ومن أفضلكم .

وقال بعض العلماء : يبقى الحديث على ما هو عليه ، فيكون هو أفضل وخير من سلك طريق العلم والتعلم ، فخير من سلك طريق التعلم والتعليم هو من اعتنى بكلام الله سبحانه وتعالى .

 

ومن الفوائد :

أن تعلم القرآن وتعليمه يشمل كل ما يتعلق به ، من القراءة ، من الحفظ ، من المذاكرة ، من التدبر ، من التفسير ، كل هذا داخل .

 

ومن الفوائد :

أن هذا الحديث إذا امتثله الإنسان فإنه يرتقي إلى درجة العالم الرباني ، لأن العالم الرباني من اتصفت فيه أربع صفات ” العلم والتعلم والدعوة والصبر على تحمل الصبر في الأذى في الدعوة ” وهذا يصدق على من تعلم القرآن وعلمه ، لأنه يتعلم ويعمل ، فلو تعلم ولم يعمل فإنه لا يدخل ضمن هذه الخيرية ، فلا يمكن أن يكون خيرا إلا إذا تعلم وعمل ثم علَّم ، وإذا علَّم الآخرين فإنه قد يلحقه أذى ، ويكفيه من الأذى المعاناة التي يجدها من هؤلاء المتعلمين ، إما لقصور في الفهم أو عجز في ذلك أو متابعة أو إرشاد ، فإن هذا لا شك أنه من الأذى .

 

ومن الفوائد :

أن عثمان رضي الله عنه هو الذي روى هذا الحديث ، ولذلك عمل به رضي الله عنه ، فهو لم يأخذ هذا الحديث على أنه حديث يروى فقط – كلا – بل كان القرآن معه وكان حريصا عليه إلى أن قتل رضي الله عنه والمصحف بين يديه ، وكان يقرأ فيه قبيل أن يقتل .

 

حديث رقم – 213-

 

( حسن صحيح )

 

(حَدَّثَنَا أَزْهَرُ بْنُ مَرْوَانَ قَالَ: حَدَّثَنَا الْحَارِثُ بْنُ نَبْهَانَ قَالَ: حَدَّثَنَا عَاصِمُ ابْنُ بَهْدَلَةَ، عَنْ مُصْعَبِ بْنِ سَعْدٍ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «خِيَارُكُمْ مَنْ تَعَلَّمَ الْقُرْآنَ وَعَلَّمَهُ» ، قَالَ: «وَأَخَذَ بِيَدِي، فَأَقْعَدَنِي مَقْعَدِي هَذَا أُقْرِئُ»)

 

من الفوائد :

ربط السلف رحمهم الله العلم بالعمل مباشرة كما جرى هنا ، فإنه جلوسه لتعليم القرآن هذا تطبيق لهذا الحديث .

 

حديث رقم – 214-

 

( صحيح )

 

(حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ، وَمُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى، قَالَا: حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ، عَنْ شُعْبَةَ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، عَنْ أَبِي مُوسَى الْأَشْعَرِيِّ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «مَثَلُ الْمُؤْمِنِ الَّذِي يَقْرَأُ الْقُرْآنَ كَمَثَلِ الْأُتْرُجَّةِ، طَعْمُهَا طَيِّبٌ، وَرِيحُهَا طَيِّبٌ، وَمَثَلُ الْمُؤْمِنِ الَّذِي لَا يَقْرَأُ الْقُرْآنَ كَمَثَلِ التَّمْرَةِ، طَعْمُهَا طَيِّبٌ، وَلَا رِيحَ لَهَا، وَمَثَلُ الْمُنَافِقِ الَّذِي يَقْرَأُ الْقُرْآنَ كَمَثَلِ الرَّيْحَانَةِ، رِيحُهَا طَيِّبٌ، وَطَعْمُهَا مُرٌّ، وَمَثَلُ الْمُنَافِقِ الَّذِي لَا يَقْرَأُ الْقُرْآنَ كَمَثَلِ الْحَنْظَلَةِ، طَعْمُهَا مُرٌّ، وَلَا رِيحَ لَهَا»)

 

من الفوائد :

 

بيان فضل قراءة القرآن، وأن القرآن بمثابة الرائحة الزكية التي تعم أكبر ما يكون من الأماكن ، فينتفع به قارئه ومن يسمعه أو من يتعلمه ، ولذلك ذكر هنا المؤمن والمنافق ، فجعل المؤمن على صنفين وجعل المنافق على صنفين ، فقال في المؤمن الذي يقرأ القرآن ( كمثل الأُترجَّة ) حجمها كبير ، منظرها جميل ، طعمها طيب، لها رائحة زكية ، سهلة التناول ، فالأترجة جمعت بين أمرين ” الطعم الطيب والرائحة الطيبة ” فكان طعمها طيب باعتبار قلب المؤمن لما في قلبه من الإيمان ، والطعم يكون في الباطن لا يكون في الظاهر ، فهذا المؤمن طيب في باطنه فإذا قرأ القرآن صارت له رائحة طيبة  فيجتمع عنده الوصفان الطعم الطيب والرائحة الزكية ، فهذا وصف للإيمان ووصف لقراءة القرآن .

 

الصنف الثاني من المؤمنين : المؤمن الذي لا يقرأ القرآن ، وصف بالتمرة ، التمرة لا ريح لها ، إذاً عطَّل قراءة القرآن ولكن قلبه فيه خير ، ولذا شبهه بالتمرة التي طعمها طيب .

ثم جعل المنافق على صنفين : المنافق خبيث الباطن ، لكن إن قرأ القرآن فله رائحة طيبة باعتبار قراءته للقرآن ، لكن باطنه خبيث ، إذاً هو مثل ( الريحانة ) لا يمكن أن تطعم لأنها مُرة ، لكن لها رائحة .

الصنف الثاني من المنافقين : هو الذي لا يقرأ ولا في قلبه إيمان ، فهذا مثل ( الحنظلة ) قد انعدمت فيها الرائحة وانعدم فيها الطعم .

 

حديث رقم – 215-

 

( صحيح )

 

(حَدَّثَنَا بَكْرُ بْنُ خَلَفٍ أَبُو بِشْرٍ قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مَهْدِيٍّ قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ بُدَيْلٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِنَّ لِلَّهِ أَهْلِينَ مِنَ النَّاسِ» قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، مَنْ هُمْ؟ قَالَ: «هُمْ أَهْلُ الْقُرْآنِ، أَهْلُ اللَّهِ وَخَاصَّتُهُ»)

 

من الفوائد :

الحث على قراءة القرآن وتدبره وتعلمه والعناية به في كل وقت ، فإنه وسيلة إلى أن يبلغ الإنسان مبلغ الولاية لله سبحانه وتعالى ، بل أخص الولاية ، فمن اعتنى بهذا القرآن فإنه يعد وليا من أولياء الله ، بل من أخص أولياء الله سبحانه وتعالى ، ومن ثم فإن الذي لا يقرأ القرآن بعيد عن أن يكون ولياً من أولياء الله عز وجل .

 

حديث رقم – 216-

 

( ضعيف جدا )

 

(حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ عُثْمَانَ بْنِ سَعِيدِ بْنِ كَثِيرِ بْنِ دِينَارٍ الْحِمْصِيُّ قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ حَرْبٍ، عَنْ أَبِي عُمَرَ، عَنْ كَثِيرِ بْنِ زَاذَانَ، عَنْ عَاصِمِ بْنِ ضَمْرَةَ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَنْ قَرَأَ الْقُرْآنَ وَحَفِظَهُ، أَدْخَلَهُ اللَّهُ الْجَنَّةَ، وَشَفَّعَهُ فِي عَشَرَةٍ مِنْ أَهْلِ بَيْتِهِ، كُلُّهُمْ قَدِ اسْتوْجَبَ النَّارَ» )

 

حديث رقم – 217-

( ضعيف )

 

(حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْأَوْدِيُّ قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ، عَنْ عَبْدِ الْحَمِيدِ بْنِ جَعْفَرٍ، عَنِ الْمَقْبُرِيِّ، عَنْ عَطَاءٍ مَوْلَى أَبِي أَحْمَدَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «تَعَلَّمُوا الْقُرْآنَ، واقْرأوهُ وَارْقُدُوا، فَإِنَّ مَثَلَ الْقُرْآنِ وَمَنْ تَعَلَّمَهُ فَقَامَ بِهِ كَمَثَلِ جِرَابٍ مَحْشُوٍّ مِسْكًا يَفُوحُ رِيحُهُ كُلَّ مَكَانٍ، وَمَثَلُ مَنْ تَعَلَّمَهُ فَرَقَدَ وَهُوَ فِي جَوْفِهِ كَمَثَلِ جِرَابٍ، أُوكِيَ عَلَى مِسْكٍ»)

لو صح هذا الحديث لكان فيه بيان أن صاحب القرآن لا ينبغي له أن يكون كغيره من سائر الناس ، يكون حاملا للقرآن ولا يقوم في الليل ، ولا يحرص على أن يتلو هذا القرآن بالليل ، فحاله كحال من عنده جراب فيه مسك وقد أوكأ عليه ، فلا تخرج منه رائحة ، بينما الآخر الذي قام بهذا القرآن جعل له حظا من الرائحة ، قال : ( ورقد ) فيكون بمثابة الجراب المحشو مسكا فإذا برائحته تفوح ، وهذا يؤكد ما سبق من أن القرآن له رائحة وله نفعٌ متعدي .

ومثل هذا الحديث – ليس هذا الحديث وإنما مثله – جعل شيخ الإسلام رحمه الله الوتر واجب على من له ورد بالليل ، على أهل القرآن ، لأن أهل القرآن لا ينبغي لهم أن يناموا كما ينام عامة وآحاد الناس من غير قيام في الليل ، نسأل الله الإعانة .

 

حديث رقم – 218-

 

( صحيح )

 

(حَدَّثَنَا أَبُو مَرْوَانَ مُحَمَّدُ بْنُ عُثْمَانَ الْعُثْمَانِيُّ قَالَ: حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ عَامِرِ بْنِ وَاثِلَةَ أَبِي الطُّفَيْلِ، أَنَّ نَافِعَ بْنَ عَبْدِ الْحَارِثِ، لَقِيَ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ بِعُسْفَانَ، وَكَانَ عُمَرُ، اسْتَعْمَلَهُ عَلَى مَكَّةَ، فَقَالَ عُمَرُ: مَنِ اسْتَخْلَفْتَ عَلَى أَهْلِ الْوَادِي؟ قَالَ: اسْتَخْلَفْتُ عَلَيْهِمْ ابْنَ أَبْزَى، قَالَ: وَمَنِ ابْنُ أَبْزَى؟ قَالَ: رَجُلٌ مِنْ مَوَالِينَا، قَالَ عُمَرُ، فَاسْتَخْلَفْتَ عَلَيْهِمْ مَوْلًى، قَالَ: إِنَّهُ قَارِئٌ لِكِتَابِ اللَّهِ تَعَالَى، عَالِمٌ بِالْفَرَائِضِ، قَاضٍ، قَالَ عُمَرُ، أَمَا إِنَّ نَبِيَّكُمْ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «إِنَّ اللَّهَ يَرْفَعُ بِهَذَا الْكِتَابِ أَقْوَامًا، وَيَضَعُ بِهِ آخَرِينَ» )

من الفوائد :

بيان فضل صاحب القرآن ، وأن له رفعة في الدنيا قبل الآخرة ، وهذا مشاهد في الواقع ، فمن اعتنى بهذا القرآن وعمل به فإن الله سبحانه وتعالى يرفعه ، وكيف لا يرفعه وقد حمل مصدر العلوم الشرعية ، والذي قال الله سبحانه وتعالى فيه { يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ  }المجادلة11 .

ومن الفوائد :

أن الإنسان مهما هبط قدره من حيث النسب عند الناس فإنه رفيع عند الله سبحانه وتعالى بما يحمله من هذا العلم الشرعي ، فقد رفع الإسلام سلمان الفارسي وبلال وصهيب الرومي رضي الله عنهم وغيرهم ، بينما الشرك وضع الشرفاء كأبي لهب وأبي جهل .

 

ومن الفوائد :

أن الولاية العامة ينبغي ألا تكون إلا لشخص عنده دراية حتى يسوس الناس خير سياسة ، ولذا عتب عمر رضي الله عنه ، كيف يولي عليهم هذا المولى ، لما ذكَّره بأن له صفات تؤهله إلى أن يسوس الناس إذ إنه قاضي ، إذاً هو عالم بالأحكام ، إذ إنه فرضي عالم بالفرائض ، إذ إنه صاحب قرآن ، فهذا خليق بأن يكون واليا أو مُولَّى .

 

حديث رقم – 219-

 

( ضعيف )

 

(حَدَّثَنَا الْعَبَّاسُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْوَاسِطِيُّ قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ غَالِبٍ الْعَبَّادَانِيُّ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ زِيَادٍ الْبَحْرَانِيِّ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ زَيْدٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ، عَنْ أَبِي ذَرٍّ، قَالَ: قَالَ لِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «يَا أَبَا ذَرٍّ، لَأَنْ تَغْدُوَ فَتَعَلَّمَ آيَةً مِنْ كِتَابِ اللَّهِ، خَيْرٌ لَكَ مِنْ أَنْ تُصَلِّيَ مِائَةَ رَكْعَةٍ، وَلَأَنْ تَغْدُوَ فَتَعَلَّمَ بَابًا مِنَ الْعِلْمِ، عُمِلَ بِهِ أَوْ لَمْ يُعْمَلْ، خَيْرٌ مِنْ أَنْ تُصَلِّيَ أَلْفَ رَكْعَةٍ»)

هذا الحديث لو صح لكان فيه بيان أن العبادة المتعدي نفعها أفضل من العبادة التي لا يتعدى نفعها ، فإن الصلاة نفعها محصور ومقصور على صاحبها ، بينما تعلم الآية أو تعلم باب من العلم فيه نفع لصاحبه ونفع للآخرين ، فالعلم متعدٍ نفعه ، فينتفع به صاحبه وينفع غيره ، بينما العبادة المنتفع بها واحد وهو صاحبها .