تعليقات على سنن الترمذي ( 29 ) حديث ( 318-319 )

تعليقات على سنن الترمذي ( 29 ) حديث ( 318-319 )

مشاهدات: 450

تعليقات على ( سنن الترمذي )

الدرس التاسع والعشرون

حديث 318-319

فضيلة الشيخ زيد بن مسفر البحري

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه وسلم تسليما كثيرا إلى يوم الدين .

أما بعد :

فقد قال المؤلف رحمه الله :

باب ما جاء في فضل بنيان المسجد

حديث رقم – 318-

( صحيح ) حدثنا بندار حدثنا أبو بكر الحنفي حدثنا عبد الحميد بن جعفر عن أبيه عن محمود بن لبيد عن عثمان بن عفان قال سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول :  ”  من بنى لله مسجدا بنى الله له مثله في الجنة ” )

قال : وفي الباب عن أبي بكر وعمر وعلي وعبد الله بن عمرو وأنس وبن عباس وعائشة وأم حبيبة وأبي ذر وعمرو بن عبسة وواثلة بن الأسقع وأبي هريرة وجابر بن عبد الله قال أبو عيسى حديث عثمان حديث حسن صحيح ومحمود بن لبيد : قد أدرك النبي صلى الله عليه وسلم ومحمود بن الربيع : قد رأى النبي صلى الله عليه وسلم وهما غلامان صغيران مدنيان  “

من الفوائد :

أن لفظ السماع أقوى من لفظ العنعنة ، أو لفظ القول ، فقول عثمان رضي الله عنه ” سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم ” هذا يدل على أنه سمعه منه بنفسه ، بينما لو قال ” عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ” أو ” قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ” فهو محتمل إما أن يكون قد سمعه أو سمعه من صحابي آخر ، وهذا له أمثلة كثيرة كحديث أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم  ( قام على الصفا فقال يا معشر قريش ، ونادى فيهم ) ومعلوم أن أبا هريرة رضي الله عنه لم يسلم إلا في السنة السابعة من الهجرة ، فدل هذا على أن أبا هريرة رضي الله عنه لم يحضر ، فهو سمعه من غيره .

ومن الفوائد :

وجوب إخلاص العمل لله عز وجل ، ومن أعظم هذه الأعمال أن تبنى المساجد فإذا بني المسجد ابتغاء الأجر من الله عز وجل والجزاء من جنس العمل ، فإن الله سبحانه وتعالى يبني له بيتا في الجنة .

 

ومن الفوائد :

ان المقصود هو البناء ، يعني إقامة المسجد  ، وليس المقصود كما هو حال كثير من الناس في هذا العصر أن يجمل المسجد وأن يزينه ، فمتى ما قام المسجد وقام البناء ، فإن الإنسان يؤجر عليه ، لأن الزخرفة والتزيين للمساجد التي تدعو إلى إشغال الناس وتوصل الناس إلى المباهاة ، هذا مذموم كما مر معنا في السنن الأخرى ، من بينها ( لا تقوم الساعة حتى يتباهى الناس في المساجد ) وقال عليه الصلاة والسلام ( ما أمرت بتشييد المساجد ) إلى غير ذلك من هذه الأحاديث .

ومن الفوائد :

أن البناء الحاصل منه يجازى عليه ، ومعلوم أن المثلية هنا لا يمكن أن تكون مماثلة من جميع الوجوه ، لأن ما في الجنة ، خير مما في الدنيا ، بل لا مقارنة بين ذلك ، ولذلك قال عليه الصلاة والسلام ( موضع سوط أحدكم في الجنة خير من الدنيا وما فيها ) فكيف إذا بنى الله عز وجل له بيتا في الجنة ، فيكون فضل الله عز وجل واسعا وعظيما .

بل ورد عنه عليه الصلاة والسلام ( من بنى لله مسجدا ولو كمفحص قطاة ) والقطاة  : نوع من الطيور ، ومفحص القطاة صغير لا يمكن أن يكون مسجدا يسع الناس، فماذا يقال ؟

قال بعض العلماء : هذا للمبالغة ، يعني لو كان شيئا يسيرا فإنه عند الله سبحانه وتعالى عظيم .

وقال بعض العلماء : إنه يحمل على اشتراك الناس في المسجد ، بمعنى أن هذا أتى بشيء يسير من المال ، وذاك مثله ، وذاك مثله، فإن الله عز وجل يأجرهم على صنيعهم ، ولا ينظر إلى الكثرة ، أهم شيء صلاح ما في القلب ، ولذلك قال عليه الصلاة والسلام كما عند النسائي ( سبق درهم مائة ألف درهم ، قالوا كيف يا رسول الله ؟ قال رجل له درهمان تصدق بأحدهما وأبقى الآخر ، ورجل ذو مال أخذ من عرض ماله فتصدق به ، فسبق درهم مائة ألف درهم ) لا شك أن مائة الألف الدرهم أوقع ، ولكن لما في قلب هذا الشخص من الإيمان حيث أقدم على أن ينفق هذا الدرهم الآخر مع أنه لا يملك إلا درهمين وهو في حاجة إلى هذا الدرهم دل على أن في قلبه إيمانا وثقة بالله عز وجل فكذلك الشأن هنا .

ومن الفوائد :

ما ذكره العلماء من السلف ، كما ذكر ذلك ابن أبي العز الحنفي في الطحاوية من أن الجنة موجودة ، ولكن لا يزال عز وجل يغرس فيها ويبني فيها ، كما قال عليه الصلاة والسلام ( من قال سبحان الله غرست له نخلة في الجنة )

 

حديث رقم – 319-

( ضعيف ) وقد روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال :   من بنى لله مسجدا صغيرا كان أو كبيرا بنى الله له بيتا في الجنة : )

حدثنا بذلك قتيبة حدثنا نوح بن قيس عن عبد الرحمن مولى قيس عن زياد النميري عن أنس عن النبي صلى الله عليه وسلم بهذا  “

من الفوائد :

هذا الحديث وإن كان ضعيفا إلا أنه داخل ضمن النصوص العامة التي وردت بفضل بناء المساجد ، ويؤكد ذلك حديث ( ولو كمفحص قطاة )

وصلى الله وسلم على نبينا محمد