تعليقات على سنن الترمذي ( 52 ) حديث ( 365-366 )

تعليقات على سنن الترمذي ( 52 ) حديث ( 365-366 )

مشاهدات: 507

تعليقات على ( سنن الترمذي )

الدرس الثاني و الخمسون  

حديث 365-366

فضيلة الشيخ زيد بن مسفر البحري

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه وسلم تسليما كثيرا إلى يوم الدين .

أما بعد :

فقد قال المصنف رحمه الله :

باب ما جاء في الإمام ينهض في الركعتين ناسيا

حديث رقم – 365-

( صحيح ) حدثنا عبد الله بن عبد الرحمن أخبرنا يزيد بن هارون عن المسعودي عن زياد بن علاقة قال :  صلى بنا المغيرة بن شعبة فلما صلى ركعتين قام ولم يجلس فسبح به من خلفه فأشار إليهم أن قوموا فلما فرغ من صلاته سلم وسجد سجدتي السهو وسلم ، وقال هكذا صنع رسول الله صلى الله عليه وسلم قال ” )

أبو عيسى هذا حديث حسن صحيح وقد روي هذا الحديث من غير وجه عن المغيرة بن شعبة عن النبي صلى الله عليه وسلم .

من الفوائد :

هذا الحديث مثل الحديث السابق فيما يتعلق بفوائده وأحكام سجود السهو سيأتي لها باب إن شاء الله تعالى ، وإن كانت هناك فائدة ففيها ذكر الإشارة في هذه الصلاة ، والإشارة إذا ذكرت في الصلاة فإن من العلماء من يرى أنها تبطل الصلاة ، لما جاء عند أبي داود ( من أشار في صلاته بإشارة تفهم عنه فليعدها ) وقد أشار المغيرة بإشارة فهمت عنه ومع ذلك ما بطلت صلاته .

ومن الفوائد :

أن الأصل وجوب متابعة المأموم للإمام ، هذا هو الأصل لأن ( الإمام ضامن ) كما صح بذلك الحديث عن النبي عليه الصلاة والسلام ، ولذا عند البخاري ( يصلون لكم ) يعني الأئمة ( فإن أصابوا فلكم ولهم ، وإن أخطئوا فلكم وعليهم ) اللهم إلا إذا خالف الإمام الشرع مخالفة صريحة بحيث أنقص أو زاد فإنه لا يؤخذ بإشارته ، اللهم إلا إذا كان عالما كحال المغيرة فإنه قد يكون لدى هذا الإمام من العلم ما ليس عند المأمومين لما فعل هذا الفعل ، ولذا أشار إليهم فتبعوه .

ومن الفوائد :

أن تنبيه المأمومين يحصل بالتسبيح ، وهل يحصل بغيره ؟

الجواب : نعم ، كالإشارة  أو بالتنحنح كما سيأتي معنا في حديث علي ، أو بقراءة آية تنبه هذا الإمام على خطأه .

باب ما جاء في مقدار القعود في الركعتين الأوليين

حديث رقم – 366-

( ضعيف ) حدثنا محمود بن غيلان حدثنا أبو داود هو الطيالسي حدثنا شعبة أخبرنا سعد بن إبراهيم قال سمعت أبا عبيدة بن عبد الله بن مسعود يحدث عن أبيه قال :   كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا جلس في الركعتين الأوليين كأنه على الرضف ” )

قال شعبة ثم حرك سعد شفتيه بشيء فأقول ( حتى يقوم ؟ فيقول حتى يقوم )

قال : أبو عيسى هذا حديث حسن إلا أن أبا عبيدة لم يسمع من أبيه والعمل على هذا عند أهل العلم يختارون أن لا يطيل الرجل القعود في الركعتين الأوليين ولا يزيد على التشهد شيئا ، وقالوا إن زاد على التشهد فعليه سجدتا السهو هكذا روي عن الشعبي وغيره .

من الفوائد :

هذا الحديث يضعفه الألباني رحمه الله ، لأن هناك انقطاعا بين أبي عبيدة واسمه عامر وبين أبيه ، فلم يسمع من أبيه ، وأبو عبيدة هذا احتج بحديثه البخاري ومسلم في صحيحيهما ، فهو محتج به ، لكن بينه وبين أبيه انقطاع في هذا الحديث ، فهذا الانقطاع لا يدل على أنه ضعيف في ذاته – كلا – فلو روى عمن سمع منه فلا إشكال في ذلك .

وهذا  الحديث يضعفه الألباني رحمه الله لأنه يدل على أن التشهد الأول لا يطال فيه بل يقتصر على التحيات إلى قوله ” أشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا عبده ورسوله ” ثم يقوم ولا يصل على النبي صلى الله عليه وسلم ولا يدعُ ، ولذا قال( كأنه على الرَّضْف ) وهي الحجارة المحماة ، فمن كان جالسا على حجارة محماة فإنه لا يطيل الجلوس ، ولذا يرى الألباني رحمه الله أن من السنة أن يطال فيه ، بل أوجب الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم فيه ، ولعله يستدل بمطلق حديث ابن مسعود رضي الله عنه ( ثم ليتخير من الدعاء ما شاء ) وأيضا هناك حديث صححه ( إذا كان أحدكم في الركعتين فقرأ التحيات )

وهناك من العلماء من يرى عدم سنية الإطالة فإذا فرغ من التشهد ، يقول لا يدع ولا يصل على النبي صلى الله عليه وسلم بل يقم ، فإن دعا فيرى بعض الأئمة أنه يسجد للسهو ، ولا شك أنه لا دليل على ما قالوه من مشروعية سجود السهو في مثل هذا الأمر .

لكن لو أن إمامه أطال في التشهد وهو قد فرغ من التشهد ؟

فقال بعض فقهاء الحنابلة – وهو المشهور عنهم – قالوا إنه يعيد التشهد مرة أخرى ولا يصلي على النبي صلى الله عليه وسلم ولا يدعو ، ولا شك أنه لا دليل عليه ، هم فروا من عدم استحباب ذكر الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم والدعاء إلى أمر لا دليل عليه البتة ولا يحتمله نص .

وبعضهم يرى : أنه يصلى عليه النبي صلى الله عليه وسلم ويدعو ، ومن اختيارات الشيخ ابن باز رحمه الله قال ” إن صلى على النبي صلى الله عليه وسلم في التشهد الأول فلا بأس ” لعل المسألة لم تتضح أدلتها فقال بهذا رحمه الله ، ولعل قوله لأن ابن حجر رحمه الله في تلخيص الحبير قال ” ثبت عند ابن أبي شيبة ( أن أبا بكر رضي الله عنه إذا جلس في التشهد الأول كأنه على الرَّضف ) وقال إسناده صحيح ، ومعلوم أن أبا بكر رضي الله عنه كان ألصق الناس برسول الله عليه الصلاة والسلام ، فإذا كان هذا فعلا لأبي بكر رضي الله عنه وفيما يخص الصلاة وهو خلف النبي صلى الله عليه وسلم دل على أن هذا هو المشهور ، وقال ” جاء نحوه عن ابن مسعود رضي الله عنه ” بل قال رحمه الله جاء في مسند الإمام أحمد من حديث ابن مسعود ( أن النبي صلى الله عليه وسلم علمه التشهد في الركعتين الأوليين وفي الركعتين الأخريين وقال إذا كان في الركعتين الأوليين تشهد ولم يدع ، وإذا كان في آخر صلاته تشهد ثم دعا )

وقد جاء عند ابن ماجه من حديث عائشة رضي الله عنها ( أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يصلي الوتر تسع ركعات فيجلس في الثامنة فيتشهد ولا يدعو ولا يصلي على النبي صلى الله عليه وسلم ، ثم يقوم  إلى التاسعة فإذا فرغ منها وجلس تشهد ثم صلى على النبي صلى الله عليه وسلم ودعا ) فهذا في النفل والفرض مثل النفل ولا فرق بينهما ، فما ثبت في النفل يثبت في الفرض وكذا العكس إلا إذا جاء دليل يخرج هذا .

وإن كانت هناك رواية أخرى أنه (  لما صلى الوتر تسع ركعات ، صلى على النبي صلى الله عليه وسلم في الثامنة )

ولذا نجد أن الأدلة فيها شيء من القوة ، ومن ثم لعل رأي الشيخ ابن باز رحمه الله هو الأقرب، فإن صلى على النبي صلى الله عليه وسلم في التشهد الأول فلا بأس وإن ترك فلا بأس ، خلافا لمن قال إنه يجب أن يصلي على النبي صلى الله عليه وسلم في التشهد الأول وإذا تركه عمدا فإن صلاته تبطل ، فهذا قول فيه مجازفة ، لأن الأدلة كما سمعت محتملة لهذا ومحتملة لهذا .

ولعل ما يؤكد أن التشهد الأول يخفف فيه أن الرسول صلى الله عليه وسلم جلس فيه جلسة الافتراش ، فيدل هذا على أنه ليس بمقام يطال فيه ، بينما في التشهد الثاني يكون متوركا ، لم ؟ لأنه جلوس يطال فيه .

وصلى الله وسلم على نبينا محمد .