بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه وسلم تسليما كثيرا إلى يوم الدين .
بَابُ مَا جَاءَ فِي الكَفَّارَةِ فِي ذَلِكَ
( حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ حُجْرٍ قَالَ: أَخْبَرَنَا شَرِيكٌ، عَنْ خُصَيْفٍ، عَنْ مِقْسَمٍ، عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الرَّجُلِ يَقَعُ عَلَى امْرَأَتِهِ وَهِيَ حَائِضٌ، قَالَ: «يَتَصَدَّقُ بِنِصْفِ دِينَارٍ»)
هذا الحديث حكم عليه بعض العلماء بالاضطراب ، لأن الروايات الواردة فيه مضطربة ومتغايرة ،
منها : ( فليتصدق بدينار )
ومنها : ( فليتصدق بنصف دينار )
ومنها : ( إن كان الدم عبيطا فليتصدق بدينار وإن كان الدم أصفر فليتصدق ب بنصف دينار )
وهذا الاختلاف حكم من أجله كثير من العلماء بأن الحديث مضطرب ، ومن ثم فإذا كان مضطربا فإنه لا يلزم الواقع على امرأته وهي حائض لا يلزم بشيء ، وإنما عليه أن يستغفر الله .
يرى أن الحديث صحيح ويقول لو كانت وجوه الروايات متساوية لكان كما قلتم ، ولكن هناك رواية راجحة ولا معارض لها ، فلماذا نساويها بما هو دونها ؟
وهي رواية 🙁 فليتصدق بدينار أو بنصف دينار ) فيكون مخيرا كما قال بعض العلماء بين الدينار والنصف الدينار .
وقال بعض العلماء : إن الدينار على من كان غنيا والنصف على من كان فقيرا ، يعني على حسب اليسر والعسر .
وقال بعض العلماء : إن كان الدم عبيطا أحمر فعليه دينار ، وإن كان أصفر فعليه نصف دينار .
وقال بعض العلماء : إن كان قبل انقطاع الدم فدينار ، وإن كان بعد انقطاع الدم وقبل الغسل فنصف دينار ، وهذا الاختلاف بناء على الروايات التي وردت ، ولكن الأقرب أنه مخير بين الأمرين .
ومن الفوائد :
أن الدينار يساوي أربعة من الجرامات وربع جرام من الذهب .
ومن الفوائد :
أن ما ذهب إليه بعض العلماء من أن عليه كفارة وهي عتق رقبة فقول لا مستند له .
( ضعيف ، والصحيح عنه بهذا التفصيل موقوف )
(حَدَّثَنَا الحُسَيْنُ بْنُ حُرَيْثٍ قَالَ: حَدَّثَنَا الفَضْلُ بْنُ مُوسَى، عَنْ أَبِي حَمْزَةَ السُّكَّرِيِّ، عَنْ عَبْدِ الكَرِيمِ، عَنْ مِقْسَمٍ، عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «إِذَا كَانَ دَمًا أَحْمَرَ فَدِينَارٌ، وَإِذَا كَانَ دَمًا أَصْفَرَ فَنِصْفُ دِينَارٍ»)
من الفوائد :
هذا الحديث لو صح لكان فاصلا في تعيين الدينار في حالة ونصف الدينار في حالة ، ولكنه لا يصح مرفوعا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وإنما هو موقوف على ابن عباس رضي الله عنهما، وهذا اجتهاد منه رضي الله عنه .
بَابُ مَا جَاءَ فِي غَسْلِ دَمِ الحَيْضِ مِنَ الثَّوْبِ
( صحيح )
( حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي عُمَرَ قَالَ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ فَاطِمَةَ بِنْتِ المُنْذِرِ، عَنْ أَسْمَاءَ ابْنَةِ أَبِي بَكْرٍ، أَنَّ امْرَأَةً سَأَلَتِ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنِ الثَّوْبِ يُصِيبُهُ الدَّمُ مِنَ الحَيْضَةِ؟ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «حُتِّيهِ، ثُمَّ اقْرُصِيهِ بِالمَاءِ، ثُمَّ رُشِّيهِ، وَصَلِّي فِيهِ»)
من الفوائد :
أن الدم الخارج من السبيلين نجس .
ومن الفوائد :
أن على المسلم أن يبالغ في إزالة النجاسة ما استطاع ، فلو زالت بأي حالة كانت أجزأ ، لكن النبي صلى الله عليه وسلم أمرها أن تحته لكي يتناثر اليابس منه ثم أمرها أن تقرصه بالماء أي تفركه بين أصابعها ، ثم ترش عليه الماء ، والرش هنا هو الغسل كما جاء في الأحاديث الأخرى ، فيفيد بأن الغسل يطلق عليه رش .
ومن الفوائد :
ما ذهب إليه بعض العلماء من أن الدم قل أم كثر نجس ، لأنه لم يستثن عليه الصلاة والسلام شيئا .
وسيأتي إن شاء الله عنها فعل لعائشة رضي الله عنها ، وسنتحدث عن هذا الموضوع .
بَابُ مَا جَاءَ فِي كَمْ تَمْكُثُ النُّفَسَاءُ
( حسن صحيح )
(حَدَّثَنَا نَصْرُ بْنُ عَلِيٍّ قَالَ: حَدَّثَنَا شُجَاعُ بْنُ الوَلِيدِ أَبُو بَدْرٍ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ عَبْدِ الأَعْلَى، عَنْ أَبِي سَهْلٍ، عَنْ مُسَّةَ الأَزْدِيَّةِ، عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ، قَالَتْ: «كَانَتْ النُّفَسَاءُ تَجْلِسُ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَرْبَعِينَ يَوْمًا، فَكُنَّا نَطْلِي وُجُوهَنَا بِالوَرْسِ مِنَ الكَلَفِ» )
من الفوائد :
ما ذهب إليه كثير من العلماء إلى أن مدة النفاس أربعون يوما ، بينما آخرون يقولون إن الدم يجري معها أكثر من هذه المدة على حسب الواقع والعرف ، فمن النساء من تصل إلى خمسين يوما ، ومن ثم ذهب بعض العلماء إلى أن أكثر مدة النفاس خمسون يوما .
وقال بعض العلماء : إن الواقع شهد بأن هناك بعض النساء من تمكث ستين يوما ، إذاً عليه أن تمكث ستين يوما
وبعض النساء تمكث سبعين يوما ، إذاً عليها أن تبقى سبعين يوما إذا كان الدم مستمرا معها .
ولكن الصواب ما ذهب إليه أصحاب القول الأول ، لم ؟
لأن هناك حذفا ، قالت : ( كانت النفساء تجلس على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم )
ومعلوم أن النساء في عهد النبي صلى الله عليه وسلم لسن سواء ، بعضهن ينقطع الدم معها أقل من أربعين يوما ، وبعضهن يستمر معها الدم أكثر من أربعين ، فدل على أن هناك حذفا ( كانت النفساء تؤمر ) وإلا لكان الكلام غير سليم ، فلو كان على ظاهره لما تناسب مع الواقع ، فدل على أن هناك أمرا في عهد النبي صلى الله عليه وسلم بأن النفساء تمكث أربعين يوما .
ومن ثم فإنها لو انقطع الدم عنها قبل الأربعين فقد طهرت ، فالمعول عليه وجود الدم ، فلو انقطع الدم في الأربعين انقطع حكم النفاس ، إلا إن عاد في الأربعين بنفس الدم السابق فتعتبره دم نفاس ، وما فعلته في أيام الطهر فعل صحيح ، وأما إذا استمر معها الدم أكثر من أربعين يوما فيأتي الخلاف بين العلماء كما ذكرنا ، لكن الذي رجحناه أنها تمكث أربعين يوما ، فإذا استمر الدم معها أكثر من أربعين يوما فهنا ننظر هل وافق يوم الأربعين وقت عادتها قبل الحمل .
مثلا طهرت في اليوم الثاني من الشهر ، وكانت قبل الحمل تحيض في اليوم الثاني ، هناك نقول احسبي ما عليك من أيام الحيض وبعدها تغسلين وتطهرين .
أما إذا لم يوافق يوم الأربعين عادتها قبل الحمل ، فهنا هذا الدم دم فساد ، فتكون في عداد الطاهرات تغتسل بعد أن تفرغ من الأربعين .
ومن الفوائد :
أن قوله ( الكلف ) هو علامات تظهر على وجه المرأة بعد الولادة من المتاعب التي ألمت بها ، وهذه العلامات ما بين الاسوداد والاحمرار ، فكن يعتنين بأنفسهن إظهارا لجمالهن ، فكن يطلين هذا الكلف بالورس ، والورس : نوع من أنواع الطيب .
بَابُ مَا جَاءَ فِي الرَّجُلِ يَطُوفُ عَلَى نِسَائِهِ بِغُسْلٍ وَاحِدٍ
( صحيح )
(حَدَّثَنَا بُنْدَارٌ قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو أَحْمَدَ قَالَ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ مَعْمَرٍ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَنَسٍ، «أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَطُوفُ عَلَى نِسَائِهِ فِي غُسْلٍ وَاحِدٍ»)
من الفوائد :
أن الجماع الثاني من غير اغتسال لا كراهة فيه ، لأن النبي صلى الله عليه وسلم وطئ نساءه كلهن بغسل واحد ، فلو عاود الجماع مرة أخرى من غير أن يكون هناك فاصل للغسل ، فلا جناح في ذلك ، لكن الأفضل أن يغتسل لفعله عليه الصلاة والسلام ، وسيأتي معنا إن شاء الله ( أنه عليه الصلاة والسلام كلما طاف على امرأة اغتسل ، فلما سئل عن ذلك ؟ قال هذا أطهر وأزكى )
ومن الفوائد :
أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يجب عليه القسْم بين نسائه – كما قال بعض العلماء ، فإنه من المعلوم أنه إذا قسم لامرأة فلا يجوز له أن يطأ الأخرى في ليلة المستحقة للقسم ، والنبي صلى الله عليه وسلم طاف عليهن كلهن في وقت واحد ، فاستفيد من ذلك أن القسم ليس واجبا عليه ، كما حمل بعض العلماء قوله تعالى : { تُرْجِي مَن تَشَاء مِنْهُنَّ وَتُؤْوِي إِلَيْكَ مَن تَشَاء وَمَنِ ابْتَغَيْتَ مِمَّنْ عَزَلْتَ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْكَ ذَلِكَ أَدْنَى أَن تَقَرَّ أَعْيُنُهُنَّ وَلَا يَحْزَنَّ وَيَرْضَيْنَ بِمَا آتَيْتَهُنَّ كُلُّهُنَّ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا فِي قُلُوبِكُمْ وَكَانَ اللَّهُ عَلِيماً حَلِيماً } الأحزاب51 حمله على ذلك .
وبعض العلماء يقول : القسم ليس بواجب على رسول الله صلى الله عليه وسلم لكنه كان يفعل الأكمل والأصلح ، فلربما كان هذا الوطأ منه عليه الصلاة والسلام نتيجة قدوم من سفر ، فإنه لم يتحدد وقت إحداهن ، فطاف عليهن ثم قسم بعد ذلك .
بَابُ مَا جَاءَ إِذَا أَرَادَ أَنْ يَعُودَ تَوَضَّأَ
( صحيح )
(حَدَّثَنَا هَنَّادٌ قَالَ: حَدَّثَنَا حَفْصُ بْنُ غِيَاثٍ، عَنْ عَاصِمٍ الأَحْوَلِ، عَنْ أَبِي المُتَوَكِّلِ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الخُدْرِيِّ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «إِذَا أَتَى أَحَدُكُمْ أَهْلَهُ، ثُمَّ أَرَادَ أَنْ يَعُودَ، فَلْيَتَوَضَّأْ بَيْنَهُمَا وُضُوءًا»)
من الفوائد :
ما ذهب إليه الظاهرية من أن هذا الوضوء واجب للأمر به ، ولكن الصواب أنه ليس بواجب بل هو مستحب ، لأن النبي صلى الله عليه وسلم علل بعلة كما عند ابن خزيمة قال ( فإنه أنشط للعَوْد ) يعني أنه أنشط لمعاودة المرأة مرة أخرى .
بينما ذهب بعض العلماء إلى أنه لا يستحب أصلا لأن الوضوء عبادة ولو كان مشروعا قبل الجماع لكانت مشروعيته قبل الجماع الأول ظاهرة ، ولكن يقال إن الجماع الأول يختلف عن الجماع الثاني ، والنبي صلى الله عليه وسلم أمر ولا عبرة بقول المخالف .
فإذا كان الوضوء مندوبا إليه فمن باب أولى الغسل .
ومن الفوائد :
أن من الحكم التي ذكرها بعض العلماء من أمر الرسول صلى الله عليه وسلم بالوضوء ، قالوا لعله إذا مس الماء يقول مسست الماء إذاً أغتسل .
بَابُ مَا جَاءَ إِذَا أُقِيمَتِ الصَّلَاةُ وَوَجَدَ أَحَدُكُمُ الخَلَاءَ فَلْيَبْدَأْ بِالخَلَاءِ
( صحيح )
(حَدَّثَنَا هَنَّادٌ قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الأَرْقَمِ، قَالَ: أُقِيمَتِ الصَّلَاةُ فَأَخَذَ بِيَدِ رَجُلٍ فَقَدَّمَهُ، وَكَانَ إِمَامَ قَوْمِهِ، وَقَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: «إِذَا أُقِيمَتِ الصَّلَاةُ وَوَجَدَ أَحَدُكُمُ الخَلَاءَ فَلْيَبْدَأْ بِالخَلَاءِ»)
هذا الحديث وأمثاله مر معنا .
بَابُ مَا جَاءَ فِي الوُضُوءِ مِنَ المَوْطَإِ
( صحيح)
(حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ قَالَ: حَدَّثَنَا مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عُمَارَةَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ أُمِّ وَلَدٍ لِعَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ قَالَتْ: قُلْتُ لِأُمِّ سَلَمَةَ: إِنِّي امْرَأَةٌ أُطِيلُ ذَيْلِي وَأَمْشِي فِي المَكَانِ القَذِرِ؟ فَقَالَتْ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «يُطَهِّرُهُ مَا بَعْدَهُ» )
من الفوائد :
ذيل المرأة : هو ما طال من ثوبها ، سواء مس الأرض أو لم يمس الأرض فيسمى ذيلا .
فكانت الأمطار تهطل والناس في ذلك الوقت يقضون حوائجهن في الصحراء فلربما عرفت منطقة ذات قذارة ونجاسة ، فتمر المرأة من على هذا الموضع فيتلوث ذيلها ، فكيف تصنع ؟ فقال النبي صلى الله عليه وسلم ( يطهره ما بعده )
بعض العلماء يقول : إن النجاسة التي سألت عنها هذه المرأة هي نجاسة يابسة ، ولا يصح أن تكون نجاسة رطبة ، لأن الأرض لا يمكن أن تطهر الرطب من النجاسة .
ولكن الصواب أنه عام في اليابسة وفي الرطبة .
ومن هذا الحديث وأمثاله أخذ بعض العلماء كشيخ الإسلام رحمه الله أخذوا من ذلك أن النجاسة متى ما زالت بأي مزيل لها سواء كان ماء أو لم يكن فطهرت فإن حكم النجاسة يزول.
وأيضا أخذ شيخ الإسلام رحمه الله من هذا الحديث وأمثاله أن يسير النجاسة معفى عنه مطلقا ، لأنه من المعلوم أن مرور الذيل على الأرض الطيبة لا يمكن أن يذهب بالنجاسة السابقة كلها .
ومن الفوائد:
أن أم الولد هي : الأمة التي يملكها السيد ثم يتسرى بها ، فإنه يجوز أن يتسرى بها إذا لم تكن ذات زوج ، فيتسرى بها فينشأ من هذا الجماع ولد فتكون أم ولد له .
بَابُ مَا جَاءَ فِي التَّيَمُّمِ
( صحيح )
( حَدَّثَنَا أَبُو حَفْصٍ عَمْرُو بْنُ عَلِيٍّ الفَلَّاسُ قَالَ: حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ قَالَ: حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ عَزْرَةَ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبْزَى، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَمَّارِ بْنِ يَاسِرٍ، «أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَمَرَهُ بِالتَّيَمُّمِ لِلْوَجْهِ وَالكَفَّيْنِ»)
من الفوائد :
أن النبي صلى الله عليه وسلم ورد عنه في صفة التيمم أحاديث كثيرة ومختلفة من حيث متونها ، وقد قال ابن حجر رحمه الله إن أصح الأحاديث في التيمم حديث عمار بن ياسر وحديث أبي جهيم ، لكن حديث عمار قد بين فيه النبي صلى الله عليه وسلم ما هي اليد التي تمسح وهي الكف ، ومن ثم فإن ما جاء من أحاديث أخرى من أن ( التيمم ضربتان ضربة للوجه وضربة لليدين ) أو أن ( التيمم إلى المرفقين ) أو ( إلى الآباط ) فإنها أحاديث معلولة ، فالصواب ما جاء في حديث عمار بن ياسر وهو أن ( يضرب بيديه الأرض مرة واحدة فيمسح وجهه وكفيه )
( ضعيف الإسناد )
(حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ مُوسَى قَالَ: حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ سُلَيْمَانَ قَالَ: حَدَّثَنَا هُشَيْمٌ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ خَالِدٍ القُرَشِيِّ، عَنْ دَاوُدَ بْنِ حُصَيْنٍ، عَنْ عِكْرِمَةَ، عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ، أَنَّهُ سُئِلَ عَنِ التَّيَمُّمِ، فَقَالَ: ” إِنَّ اللَّهَ قَالَ فِي كِتَابِهِ حِينَ ذَكَرَ الوُضُوءَ: {فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى المَرَافِقِ} [المائدة: 6]، وَقَالَ فِي التَّيَمُّمِ: {فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُمْ} [النساء: 43]، وَقَالَ: {وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُمَا} [المائدة: 38]، فَكَانَتِ السُّنَّةُ فِي القَطْعِ الكَفَّيْنِ، إِنَّمَا هُوَ الوَجْهُ وَالكَفَّانِ «، يَعْنِي التَّيَمُّمَ،)
من الفوائد :
لو صح هذا الأثر عن ابن عباس رضي الله عنهما فإنه حبر الأمة وترجمان القرآن ، فهو رضي الله عنه استدل بآية السرقة على أن التيمم يكون للكفين ، لأن القطع في السرقة لا يكون لليد كلها وإنما يكون للكف فقط ، وهذه قاعدة [ أن اليد إذا أطلقت في الشرع فهي الكف وأما إذا قيدت بشيء فعلى ما قيدت به ]
بَابٌ فِي الرَّجُلِ يَقْرَأُ القُرْآنَ عَلَى كُلِّ حَالٍ مَا لَمْ يَكُنْ جُنُبًا
( ضعيف )
(حَدَّثَنَا أَبُو سَعِيدٍ الأَشَجُّ قَالَ: حَدَّثَنَا حَفْصُ بْنُ غِيَاثٍ، وَعُقْبَةُ بْنُ خَالِدٍ، قَالَا: حَدَّثَنَا الأَعْمَشُ، وَابْنُ أَبِي لَيْلَى، عَنْ عَمْرِو بْنِ مُرَّةَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَلِمَةَ، عَنْ عَلِيٍّ، قَالَ: «كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُقْرِئُنَا القُرْآنَ عَلَى كُلِّ حَالٍ مَا لَمْ يَكُنْ جُنُبًا»)
من الفوائد :
هذا الحديث مر معنا ، والألباني رحمه الله يضعفه بناء على أنه يرى أن للجنب أن يقرأ القرآن استدلالا بحديث عائشة رضي الله عنها ( كان النبي صلى الله عليه وسلم يذكر الله على كل أحيانه ) لكن هذا الحديث وردت له طرق وأحاديث أخرى يقوي بعضها بعضا ، فيرتقي إلى درجة الحسن
ثم إن حديث عائشة رضي الله عنها لا يدل على العموم
( كان النبي صلى الله عليه وسلم يذكر الله على كل أحيانه ) إلا قراءة القرآن وهو جنب ، لأنه من المعلوم أن النبي صلى الله عليه وسلم ما كان يذكر الله في كل أحيانه عند قضاء الحاجة ولا عند الوضوء ولا عند الغسل ، فحديث عائشة ليس على عمومه ، فلماذا أخرجنا هذا وأبقينا ذاك، فيكون حديث علي مخصصا لعموم حديث عائشة رضي الله عنها .
بَابُ مَا جَاءَ فِي البَوْلِ يُصِيبُ الأَرْضَ
( صحيح )
(حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي عُمَرَ، وَسَعِيدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ المَخْزُومِيُّ، قَالَا: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ، عَنْ الزُّهْرِيِّ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ المُسَيِّبِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: دَخَلَ أَعْرَابِيٌّ المَسْجِدَ وَالنَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جَالِسٌ، فَصَلَّى، فَلَمَّا فَرَغَ، قَالَ: اللَّهُمَّ ارْحَمْنِي وَمُحَمَّدًا وَلَا تَرْحَمْ مَعَنَا أَحَدًا، فَالتَفَتَ إِلَيْهِ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ: «لَقَدْ تَحَجَّرْتَ وَاسِعًا»، فَلَمْ يَلْبَثْ أَنْ بَالَ فِي المَسْجِدِ، فَأَسْرَعَ إِلَيْهِ النَّاسُ، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «أَهْرِيقُوا عَلَيْهِ سَجْلًا مِنْ مَاءٍ – أَوْ دَلْوًا مِنْ مَاءٍ -»، ثُمَّ قَالَ: «إِنَّمَا بُعِثْتُمْ مُيَسِّرِينَ وَلَمْ تُبْعَثُوا مُعَسِّرِينَ»)
( صحيح )
(قَالَ سَعِيدٌ: قَالَ سُفْيَانُ: وَحَدَّثَنِي يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، نَحْوَ هَذَا )
من الفوائد :
أن رحمة الله عز وجل واسعة ، لأن ( الحَجْر ) هو المنع ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم ( لقد تحجرت واسعا ) يعني منعت رحمة الله سبحانه أن تشملك وتشمل غيرك
{ وَرَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ }الأعراف156.
ومن هذا القول اتضح للنبي صلى الله عليه وسلم جهل هذا الرجل وبعده عن العلم .
ومن الفوائد:
أن العلماء أخذوا منه أن أخف المفسدتين ترتكب دفعا لأعظمهما ” ويقال أيضا ( يختار أهون الشرين ) لأن البول في المسجد شر ، لكن ما هو أشر منه لو أنه نُهِر فقام لتلوث ثوبه ولتلوثت أماكن أكثر في المسجد ، ولأصيب بمرض ، ولنفر عن الإسلام
فإذا وجدت مفسدة يمكن أن تغمر في مصالح فلا إشكال في ذلك ، لأن الشريعة جاءت بالمصالح ودرء المفاسد .
ومن الفوائد:
أن النبي صلى الله عليه وسلم أمرهم بالرفق واليسر ( إنما بعثتم ميسرين ولم تبعثوا معسرين )
ومن الفوائد:
أن الأرض إذا تنجست بأي نجاسة فتطهيرها بمكاثرة الماء عليها .
ومن الفوائد:
أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يأمر الصحابة بأن يخرجوا التراب ويصب على مكانه الماء ، خلافا لما ذهب إليه بعض العلماء من وجوب هذا الأمر لحديث ورد لكنه ضعيف .
ومن الفوائد:
أن قوله ( بعثتم )
قال بعض العلماء : بمعنى أنهم دعاة يبلغون عن رسول الله صلى الله عليه وسلم .
وقال بعض العلماء : إن علماء هذه الأمة يعدون بمنزلة الأنبياء ، وقد مرت معنا هذه الفائدة .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ