تعليقات على سنن الترمذي ( 79 ) حديث ( 404 ) الجزء الثاني

تعليقات على سنن الترمذي ( 79 ) حديث ( 404 ) الجزء الثاني

مشاهدات: 486

تعليقات على سنن الترمذي

الدرس التاسع والسبعون

حديث ( 404 ) 2

فضيلة الشيخ : زيد بن مسفر البحري

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين :

أما بعد فقد قال الترمذي رحمه الله :

( باب ما جاء في الرجل يعطس في الصلاة    )

( صحيح ) حدثنا قتيبة حدثنا رفاعة بن يحيى بن عبد الله بن رفاعة بن رافع الزرقي عن عم أبيه معاذ بن رفاعة عن أبيه قال :  

 صليت خلف رسول الله صلى الله عليه وسلم فعطست فقلت الحمد لله حمدا كثيرا طيبا مباركا فيه مباركا عليه كما يحب ربنا ويرضى فلما صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم انصرف فقال من المتكلم في الصلاة فلم يتكلم أحد ثم قالها الثانية من المتكلم في الصلاة فلم يتكلم أحد ثم قالها الثالثة من المتكلم في الصلاة فقال رفاعة بن رافع بن عفراء أنا يا رسول الله قال كيف قلت قال قلت الحمد لله حمدا كثيرا طيبا مباركا فيه مباركا عليه كما يحب ربنا ويرضى فقال النبي صلى الله عليه وسلم والذي نفسي بيده لقد ابتدرها بضعة وثلاثون ملكا أيهم يصعد بها)

 قال وفي الباب عن أنس ووائل بن حجر وعامر بن ربيعة قال أبو عيسى حديث رفاعة حديث حسن وكأن هذا الحديث عند بعض أهل العلم أنه في التطوع لأن غير واحد من التابعين قالوا إذا عطس الرجل في الصلاة المكتوبة إنما يحمد الله في نفسه ولم يوسعوا في أكثر من ذلك  .

 

(  من الفوائد )

أن رفع رفاعة رضي الله عنه صوته استفيد منه أن المأموم لو رفع صوته بالذكر دون أن يكون هناك اشغال لمن عن يمينه أو عن يساره أو لأحد من المصلين فلا بأس بذلك ، أما إذا كان هناك إشغال فقد جاء قوله صلى الله عليه وسلم :

( كل يناجي منكم ربه فلا يؤذ أحد أحداً بالقراءة )

لكن إن لم يحصل أذى أو تشويش فإنه لا بأس بذلك .

 

 

 

 

( ومن الفوائد )

أن الواقعة هنا حصلت لرفاعة رضي الله عنه ، هذا الحديث الذي معنا عند الترمذي يبين المبهم الذي عند البخاري ، قال رفاعة :

( صليت خلف النبي صلى الله عليه وسلم فلما رفع رأسه من الركوع قائلا سمع الله لمن حمده ، قال رجل الحمد لله حمدا طيبا مباركا فيه )

فمن هذا المتكلم ؟ هو رفاعة نفسه ، فيكون رفاعة رضي الله عنه أبهم نفسه حتى لا يعرف من باب عدم الثناء عليه ، لأنه قال قولا عظم أجره عند الله عز وجل ، أو لغرض من الأغراض

 

 

 

( ومن الفوائد )

أنه عطس في الصلاة ، لكن أين موطنها ؟

عند الرفع من الركوع ، ولكن في رواية البخاري لم يذكر العطاس ، فاستفيد من رواية الترمذي :

أن هذا القول الذي قيل عند البخاري سببه ما جاء عند الترمذي وهو العطاس .

( ومن الفوائد )

أنه لم يذكر عند البخاري ( مباركا عليه ) ولا ( كما يحب ربنا ويرضى )

( ومن الفوائد )

أنه صلى الله عليه وسلم قال هنا :

( والذي نفسي بيده لقد ابتدرها )

( ابتدرها ) يعني سارع بها ، ما نوع هذه المسارعة ؟

قال ( ابتدرها أيهم يصعد بها )

فالمبادرة للصعود بها

لكن في رواية البخاري : ( أيهم يكتبها )

فكـأنه حصل مع الصعود كتابة بهذا اللفظ .

( ومن الفوائد )

أنه قال :

( مباركا فيه مباركا عليه )

ما الفرق بين ( مباركا فيه ) وبين ( مباركا عليه ) ؟

قال ابن حجر رحمه الله :

يظهر – والعلم عند الله – أنه يحتمل أن تكون اللفظة الثانية تأكيدا للفظة الأولى .

ويحتمل – وهو الأصح عندي – أن ( مباركا فيه ) يعني مزيدا فيه و ( مباركا عليه ) يعني بقاؤه ودوامه ، فيكون بذلك حمد الله عز وجل حمدا كثيرا طيبا ، وطلب من الله عز وجل أن يزيد من الحمد وأن يبقيه دون أن يكون هناك نقصان ، لأن الزيادة قد يترتب عليها نقصان ، ولذلك طلب أعلى ما يكون ، ما هو أعلى ما يكون ؟

أن يكون في زيادة دون أن يعتري هذه الزيادة نقصان .

( ومن الفوائد )

أنه قال :

( ابتدرها بضع وثلاثون )

البضع : اختلف العلماء في تعريفه ، والأقرب ما جاء به النص الشرعي عن النبي صلى الله عليه وسلم :

( البضع ما بين ثلاثة وتسعة )

إذاً / عدد هؤلاء الملائكة من ثلاث وثلاثين إلى تسع وثلاثين

لو قال قائل : لماذا التنصيص على هذا العدد ؟

قال ابن حجر رحمه الله :

” لأن عدد هذه الجملة  :

[ الحمد لله حمدا كثيرا طيبا مباركا فيه ] بضع وثلاثون حرفا ، فكأنه يقابل كل حرف ملكا .

ولعل ما يقوي كلام ابن حجر ما أثر عن ابن مسعود رضي الله عنه أن قول ” بسم الله الرحمن الرحيم “ أنها سلاح من ملائكة النار ، وملائكة النار المذكورون عددا في القرآن تسعة عشر ، لكنه أكثر من ذلك {  وَمَا يَعْلَمُ جُنُودَ رَبِّكَ إِلَّا هُوَ }المدثر31

قال ابن مسعود رضي الله عنه : إن ” بسم الله الرحمن الرحيم ” تسعة عشر حرفا ، إذاً كل حرف يعد سلاحا أمام ملك من ملائكة النار “

فالبسملة حصن من عذاب ملائكة النار .

( ومن الفوائد )

بيان حرص الملائكة عليهم السلام على  فعل الخير ، والمسابقة إلى ذلك ، ولذلك قال :

( أيهم يصعد بها  ) ( أيهم يكتبها )

فدل على أنهم يتنافسون في رفع الخير ، فخليق بنا أن نحرص على أن نقدم أعمالا طيبة ، تلك الأعمال تتسابق الملائكة في رفعها والصعود بها ، ولذلك بيَّن عز وجل مقام المؤمنين المتقين عند الملائكة ، قال تعالى :

{ الَّذِينَ يَحْمِلُونَ الْعَرْشَ وَمَنْ حَوْلَهُ يُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ وَيُؤْمِنُونَ بِهِ وَيَسْتَغْفِرُونَ لِلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنَا وَسِعْتَ كُلَّ شَيْءٍ رَّحْمَةً وَعِلْماً فَاغْفِرْ لِلَّذِينَ تَابُوا وَاتَّبَعُوا سَبِيلَكَ وَقِهِمْ عَذَابَ الْجَحِيمِ }غافر7