تعليقات على سنن الترمذي ( 8 ) من الحديث ( 175- 190 )

تعليقات على سنن الترمذي ( 8 ) من الحديث ( 175- 190 )

مشاهدات: 476

تعليقات على ( سنن الترمذي  )

الدرس الثامن  

من حديث 175- 190

فضيلة الشيخ زيد بن مسفر البحري

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه وسلم تسليما كثيرا إلى يوم الدين .

أما بعد :

فقد قال المصنف رحمه الله :

باب ما جاء في السهو عن وقت صلاة العصر

حديث رقم – 175-

( صحيح ) حدثنا قتيبة حدثنا الليث بن سعد عن نافع عن بن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : الذي تفوته صلاة العصر فكأنما وُتِر أهلَه ومالَه )

من الفوائد :

بيان فضل صلاة العصر ، وأن من فاتته صلاة العصر بحيث أخرجها عن وقتها فحاله كحال الموتور الذي سلب أهله وماله ، فيجتمع عليه غمان ، الغم الأول طلب الثأر ، والغم الثاني هو تحصيل وإرجاع ما ذهب منه من الأهل والمال ، فكيف يتصور حال إنسان سلب منه ماله وأهله بقوة ولم يستطع أن يثأر لنفسه ولا أن يعيد ما سلب منه ، فحاله حال سوء ،فكذلك حال من أخر صلاة العصر عن وقتها .

 

باب ما جاء في تعجيل الصلاة إذا أخرها الإمام

حديث رقم – 176-

( صحيح ) حدثنا محمد بن موسى البصري حدثنا جعفر بن سليمان الضبعي عن أبي عمران الجوني عن عبد الله بن الصامت عن أبي ذر قال قال النبي صلى الله عليه وسلم :   يا أبا ذر أمراء يكونون بعدي يميتون الصلاة ، فصل الصلاة لوقتها ، فإن صليت لوقتها كانت لك نافلة وإلا كنت قد أحرزت صلاتك )

من الفوائد :

أن بعض الأمراء ممن وجد في هذه الأمة ، ولاسيما أمراء بني أمية كانوا يؤخرون الصلاة عن وقتها المختار ، فأرشد النبي صلى الله عليه وسلم أبا ذر إلى ما يجب عليه فعله تجاه هذا الأمر ، وهو إرشاد لجميع الأمة ، فأرشده أن يصلي الصلاة في وقتها ثم إن أدركها معهم في الوقت فصلاها معهم في الوقت كانت له الأخرى نافلة .

ومن الفوائد :

أن إخراج الصلاة عن وقتها إماتة للصلاة ، والإنسان يصدق عليه أنه ميت إذا خرجت روحه ، فكأنه إذا أخر الصلاة عن وقتها أدى الصلاة من غير روح ، فلا فائدة من ورائها .

ومن الفوائد :

أن الصلاة الأولى التي يؤديها الإنسان هي صلاة الفرض ، سواء صلاها منفردا أم جماعة ، وتكون الصلاة الثانية نافلة على الصحيح من قولي العلماء ، خلافا لمن خالف في ذلك ، فالصلاة الأولى هي صلاة الفرض ، وإن أديت في الوقت مرة أخرى فهي نافلة .

ومن الفوائد :

أن أداء الصلاة على وجه الانفراد في وقتها أولى من أدائها جماعة خارج وقتها ، بل يجب عليه إذا علم أن الصلاة جماعة ستؤخر إلى ما بعد الوقت يجب عليه أن يصلي منفردا

باب ما جاء في النوم عن الصلاة

حديث رقم – 177-

( صحيح ) حدثنا قتيبة حدثنا حماد بن زيد عن ثابت البناني عن عبد الله بن رباح الأنصاري عن أبي قتادة قال :   ذكروا للنبي صلى الله عليه وسلم نومهم عن الصلاة ؟

فقال إنه ليس في النوم تفريط إنما التفريط في اليقظة ، فإذا نسي أحدكم صلاة أو نام عنها فليصلها إذا ذكرها )

من الفوائد :

أن النائم مرفوع عنه القلم ، فمن نام وغلبه النوم وفاتته صلاة أو فاته واجب من الواجبات فإنه لا تفريط حاصل منه ، ولكن لا يعني أن الإنسان لا يتخذ الوسائل المعينة على إيقاظه ، فإذا قام بما يعينه على القيام لأداء هذا الواجب ثم غلبه النوم فلا جناح عليه .

ومن الفوائد :

أن وقت الصلاة من النائم والناسي أن وقتها من حين الاستيقاظ إذا كان نائما ومن حين التذكر إن كان ساهيا .

وهل يجوز له أن يؤخرها حال تذكره أو حال استيقاظه ؟ لأن بعضا من الناس قد لا يستيقظ لصلاة الفجر إلا في الساعة الثامنة أو التاسعة – غلبه النوم – فأراد أن يؤخرها إلى الساعة الحادية عشرة مثلا ، أيجوز له ذلك ؟

الصواب من قولي العلماء أنه لا يجوز له ذلك ، لأن الحديث هنا أمر بأدائها فور الاستيقاظ وفور التذكر .

ويجوز له أن يؤخرها بعض الوقت إن كانت هناك مصلحة تعود إلى الصلاة ، كأن تنام جماعة عن الصلاة فينتظر بعضهم بعضا حتى يكتملوا لأداء الصلاة فلا بأس بذلك .

ومن الفوائد :

أن ما ذهب إليه ما جمهور العلماء هو الصواب في مسألة ما إذا استيقظ الإنسان قبيل خروج وقت الصلاة ، فإن توضأ أدى هذه الصلاة بعد الوقت ، وإن تيمم وبادر بالصلاة صلاها في الوقت ، هل يتمم ويصليها قبل أن يخرج الوقت ؟ أو أنه يتوضأ ويصليها ولو بعد خروج الوقت ؟

قولان ، والجمهور على أنه يتوضأ ويصليها ولو بعد خروج الوقت ، لم ؟ لأن النائم وقته من حين استيقاظه ، فليس عليه جناح ، بينما لو كان الإنسان يقظا وخشي أن يفوته وقت الصلاة ، فالواجب عليه أن يصليها قبل أن يخرج الوقت ولو كان متيمما .

 

 

 

باب ما جاء في الرجل ينسى الصلاة

حديث رقم – 178-

( صحيح ) حدثنا قتيبة وبشر بن معاذ قالا حدثنا أبو عوانة عن قتادة عن أنس بن مالك قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من نسي صلاة فليصلها إذا ذكرها )

نفس الحديث السابق .

باب ما جاء في الرجل تفوته الصلوات بأيتهن يبدأ

حديث رقم – 179-

( حسن ) حدثنا هناد حدثنا هشيم عن أبي الزبير عن نافع بن جبير بن مطعم عن أبي عبيدة بن عبد الله بن مسعود قال قال عبد الله بن مسعود إن المشركين :   شغلوا رسول الله صلى الله عليه وسلم عن أربع صلوات يوم الخندق حتى ذهب من الليل ما شاء الله فأمر بلالا فأذن ثم أقام فصلى الظهر ثم أقام فصلى العصر ثم أقام فصلى المغرب ثم أقام فصلى العشاء )

من الفوائد :

أن النسيان حاصل حتى من رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وهذا يدل على أنه من البشر ( إنما أنا بشر مثلكم أنسى كما تنسون فإذا نسيت فذكروني )

ومن الفوائد :

الجمهور يرون أن الإنسان إذا فاتته فوائت فيلزمه أن يؤديها مرتبا لها ، كما صنع رسول الله صلى الله عليه وسلم ، خلافا لمن قال إن الترتيب غير لازم ، والصواب اللزوم إذا كان الإنسان متذكرا بدليل الحديث الذي قبل هذا الحديث ( من نام عن صلاة أو نسيها فليصلها إذا ذكرها ) قال ( فليصلها إذا ذكرها ) فهذا يشمل الصلاة في وقتها وفي ترتيبها فلا يخالف بين هذه وتلك ، ويؤيده أيضا قول النبي صلى الله عليه وسلم كما عند البخاري ( صلوا كما رأيتموني أصلي ) وقد صلاها مرتبا عليه الصلاة والسلام .

ومن الفوائد :

أن الصلوات المجموعة يكتفى بها بأذان واحد ، وأما البقية فيكتفى فيها بالإقامة ، فيؤذن ويقيم الأولى ثم يقيم للثانية ثم يقيم للثالثة ثم يقيم للرابعة .

ومن الفوائد :

أن الصحابي عبد الله ذكر العشاء ، والعشاء لم تخرج عن وقتها ، إنما ذكرت هنا من باب التغليب ، من باب تغليب الأكثر على الأقل ، باعتبار أن صلاة العشاء كانت بعيد صلاة المغرب .

ومن الفوائد :

أن هذه الحادثة كانت في غزوة الخندق ، ومن المعلوم أن الحديث الآخر أن الصلاة التي شغل عنها رسول الله صلى الله عليه وسلم هي صلاة العصر ، فكيف تذكر هنا أربع وتذكر هناك صلاة ؟

فالجواب عن هذا / أن غزوة الخندق كانت أياما ، فلعله في بعض الأيام حصل الانشغال عن أربع وفي بعض الأيام عن واحدة ، فلا منافاة بين الحديثين .

حديث رقم – 180-

( صحيح ) وحدثنا محمد بن بشار بندار حدثنا معاذ بن هشام حدثني أبي عن يحيى بن أبي كثير حدثنا أبو سلمة بن عبد الرحمن عن جابر بن عبد الله أن عمر بن الخطاب قال يوم الخندق – وجعل يسب كفار قريش – قال :  يا رسول الله ما كدت أصلي العصر حتى تغرب الشمس ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم والله إن صليتها ، قال فنزلنا بطحان فتوضأ رسول الله صلى الله عليه وسلم وتوضأنا فصلى رسول الله صلى الله عليه وسلم العصر بعد ما غربت الشمس ثم صلى بعدها المغرب )

من الفوائد :

أن الترتيب كما سلف واجب بين الفوائت ، وهذا على رأي الجمهور .

ومن الفوائد :

أن عمر رضي الله عنه قال ( ما كدت أصلي العصر قبل أن تغرب الشمس )

و ( كاد ) في سياق النفي إثبات ، وفي سيق الإثبات نفي ، وهنا نفي ، فهو أداها قبل أن تغرب الشمس ، وهنا مذكور أن النبي صلى الله عليه وسلم أداها بعدما غربت الشمس ، ولا تناقض بينهما فلعل عمر رضي الله عنه أدرك ذلك فصلاها ثم أتى إلى النبي صلى الله عليه وسلم بعدما غربت الشمس فصلاها النبي صلى الله عليه وسلم بعد الغروب .

ومن الفوائد :

أن ( إنْ ) تكون بمعنى ( ما النافية ) كما قال هنا ( والله إن صليتها ) يعني ( ما صليتها ) كما في رواية أخرى ، وفي هذا رد على من قال إن ( إن ) لا تكون بمعنى ( ما النافية ) إلا إذا كان بعدها إلا ، فهنا ليس فيه كلمة ( إلا ) ولذا جاء كثير في كلام الله سبحانه وتعالى أن ( إن ) بمعنى ( ما ) بعد (إلا )  قال تعالى {إِنْ أَنتَ إِلَّا نَذِيرٌ }فاطر23 يعني ” ما أنت إلا نذير “

{ إِنْ عَلَيْكَ إِلَّا الْبَلَاغُ }الشورى48 يعني ” ما عليك إلا البلاغ ” وهذا كثير في كلام الله جل وعلا .

باب ما جاء في الصلاة الوسطى أنها العصر وقد قيل : إنها الظهر

حديث رقم – 181-

( صحيح ) حدثنا محمود بن غيلان حدثنا أبو داود الطيالسي وأبو النضر عن محمد بن طلحة بن مصرف عن زبيد عن مرة الهمداني عن عبد الله بن مسعود قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :   صلاة الوسطى صلاة العصر  )

حديث رقم -182-

( صحيح ) حدثنا هناد حدثنا عبدة عن سعيد عن قتادة عن الحسن عن سمرة بن جندب عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال صلاة الوسطى صلاة العصر )

من الفوائد :

الله عز وجل قال {حَافِظُواْ عَلَى الصَّلَوَاتِ والصَّلاَةِ الْوُسْطَى }البقرة238 ، فأمر بالمحافظة على الصلوات كلها وخص من ذلك الوسطى ، ما هي هذه الصلاة الوسطى ؟

اختلف فيها اختلافا كثيرا ، قيل هي الفجر ، وقيل الظهر ، وقيل المغرب ، وقيل العشاء ، وقيل غير ذلك ، والصواب أنها صلاة العصر ، لأنه يسبقها صلاتان نهاريتان الظهر والفجر ، ويعقبها صلاتان ليليتان المغرب والعشاء .

باب ما جاء في كراهية الصلاة بعد العصر وبعد الفجر

حديث رقم – 183-

( صحيح ) حدثنا أحمد بن منيع حدثنا هشيم أخبرنا منصور وهو بن زاذان عن قتادة قال أخبرنا أبو العالية عن بن عباس قال سمعت غير واحد من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم منهم عمر بن الخطاب وكان من أحبهم إلي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عن الصلاة بعد الفجر حتى تطلع الشمس وعن الصلاة بعد العصر حتى تغرب الشمس )

من الفوائد :

أن هناك وقتين منهي عن الصلاة فيهما ما بعد صلاة الفجر وما بعد صلاة العصر ، فلا يجوز للإنسان أن يتنفل تنفلا مطلقا في هذين الوقتين ، و ليس الحكم مقصورا على وقت الصلاتين أو على وقت دخولها – كلا – المقصود متى ما صليت العصر حرم التنفل ، متى ما صليت الفجر حرم التنفل ، ولذلك لو أخر الإنسان صلاة العصر إلى ما بعد وقتها بنصف ساعة فله قبل ذلك أن يتنفل ، ولو أخر صلاة الفجر إلى أن تسفر فله أن يصلي ما شاء على الصحيح .

فالحكم متعلق بهاتين الصلاتين فمتى ما أديتا حرم التنفل المطلق .

أما التنفل الذي له سبب ، كأن يدخل المسجد فهل يصلي تحية المسجد أو لا ؟ لو توضأ هل يصلي سنة الوضوء أم لا ؟ هذه لها الأسباب ، لعل بعض الأحاديث تأتي معنا ونبين ذلك إن شاء الله تعالى ، والصواب من أقوال العلماء أن ما كان من ذوات الأسباب يجوز أداء الصلاة فيها .

باب ما جاء في الصلاة بعد العصر

حديث رقم – 184-

( ضعيف الإسناد ، وقوله ” ثم لم يعد لها ” منكر ) حدثنا قتيبة حدثنا جرير عن عطاء بن السائب عن سعيد بن جبير عن بن عباس قال :   إنما صلى النبي صلى الله عليه وسلم الركعتين بعد العصر لأنه أتاه مال فشغله عن الركعتين بعد الظهر فصلاهما بعد العصر ثم لم يعد لهما )

من الفوائد :

الألباني رحمه الله قال في الجملة الأخيرة  ( ثم لم يعد لها ) منكر ، لأن هناك أحاديث في صحيح البخاري وردت بأنه استمر عليه الصلاة والسلام على ذلك .

باب ما جاء في الصلاة قبل المغرب

حديث رقم – 185-

( صحيح ) حدثنا هناد حدثنا وكيع عن كهمس بن الحسن عن عبد الله بن بريدة عن عبد الله بن مغفل عن النبي صلى الله عليه وسلم قال :   بين كل أذانين صلاة لمن شاء )

من الفوائد :

الرد على من قال إن أداء ركعتين بعد أذان المغرب وقبل الصلاة لا يستحب فعلهما ، لم ؟ قال خيفة من أن تؤخر صلاة المغرب عن أول وقتها ، وغفلوا عن هذه الأحاديث الواردة في ذلك ، فالصحيح أنه يستحب للمسلم أن يصلي ركعتين قبل صلاة المغرب لعموم هذا الحديث .

ومن الفوائد :

أن الإقامة يطلق عليها أذان ، ولكن ليس معنى هذا أنها تأخذ حكم الأذان في كل شيء  ، ولذلك البعض ذهب إلى أنه يقال بعد الإقامة كما يقال بعد الأذان من الأدعية المعروفة ، والصواب أن هذا غير صواب ، لم ؟ لأن الإقامة كانت في عصر النبي صلى الله عليه وسلم وما كان إذا قام في مصلاه يتكلم بشيء ، كما قال أبو هريرة رضي الله عنه كما في الصحيحين ( كان إذا قام في مصلاه كبر )

فالصواب أن الأذكار التي تكون بعد الأذان لا تقال بعد الإقامة ، فالإقامة تعد أذانا باعتبار أنها إعلان وإخبار لإقامة الصلاة ، ولكنها لا تأخذ حكم الأذان .

ومن الفوائد :

أن صلاة المغرب داخلة ضمن هذا الحديث ( بين كل أذانين صلاة ) ومن بين الصلوات صلاة المغرب ، ولكن النبي صلى الله عليه وسلم خفف في هذا الأمر فقال ( لمن شاء ) فليس الأمر على سبيل الوجوب .

ومن الفوائد :

أن قول النبي صلى الله عليه وسلم ( لمن شاء ) يدل على القاعدة الأصولية هي [ أن الأمر يقتضي الوجوب ما لم يأت صارف يصرفه ]

باب ما جاء فيمن أدرك ركعة من العصر قبل أن تغرب الشمس

حديث رقم – 186-

( صحيح ) حدثنا إسحاق بن موسى الأنصاري حدثنا معن حدثنا مالك بن أنس عن زيد بن أسلم عن عطاء بن يسار وعن بسر بن سعيد وعن الأعرج يحدثونه عن أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال :   من أدرك من الصبح ركعة قبل أن تطلع الشمس فقد أدرك الصبح ومن أدرك من العصر ركعة قبل أن تغرب الشمس فقد أدرك العصر )

من الفوائد :

أن إدراك وقت الصلاة يكون بمقدار أداء ركعة في الوقت ، ولكن لا يعني أن الإنسان يؤخر الصلاة حتى إذا بقي على خروج الوقت مقدار ركعة صلاها – هذا لا يجوز – لكن لو أن الإنسان حصل له مثل هذا فيكون مدركا للصلاة إذا أدرك وقتا يمكن أن يؤدي فيه ركعة .

ومن الفوائد :

أن الجمهور ذهبوا إلى أن الحائض لو أدركت ركعة من الصلاة فنزل معها الدم فعليها أن تقضي هذه الصلاة إذا طهرت ، فلو أنها مثلا أخرت صلاة الصبح ثم لم يبق إلا مقدار ركعة ، فهنا يجب عليها أن تصلي هذه الصلاة إذا طهرت ، وهذا على قول عامة العلماء فيما أعلم .

لكن لو أن المرأة الحائض دخل عليها وقت الصلاة بمقدار ركعة ثم حاضت ، فهل تقضي هذه الصلاة أم لا ؟

بمعنى أنه دخل وقت صلاة العصر ثم لما مضت دقيقة أو ما شابه ذلك مما قد تؤدى فيه ركعة حاضت ، فهل يلزمها أن تقضي هذه الصلاة أم لا ؟

الجمهور يرون أنه يلزمها القضاء إذا طهرت .

ومن ثم فإن الحائض لو طهرت قبل أن تغرب الشمس بركعة ، وكذلك لو أن الكافر أسلم في مثل هذا الوقت الذي يمكن أن تؤدى فيه ركعة ، وكذلك لو أفاق المجنون ، فالواجب على هؤلاء أن يصلوها .

ومن الفوائد :

أن ظاهر هذا الحديث أن الحكم مخصوص بصلاتي الفجر والعصر ، وليس كذلك ، فإن هناك حديثا آخر ( من أدرك ركعة من الصلاة فقد أدرك الصلاة ) فشمل جميع الصلوات .

فلو أن الإنسان مثلا قال يمكن أن أؤدي ركعة في الوقت وركعة بعد طلوع الشمس ، نقول فعلك هذا حرام ، لأن الواجب عليك أن تؤدي جميع الركعات في الوقت .

باب ما جاء في الجمع بين الصلاتين

حديث رقم – 187-

( صحيح ) حدثنا هناد حدثنا أبو معاوية عن الأعمش عن حبيب بن أبي ثابت عن سعيد بن جبير عن بن عباس قال :   ” جمع رسول الله صلى الله عليه وسلم بين الظهر والعصر وبين المغرب والعشاء بالمدينة من غير خوف ولا مطر”

 قال فقيل لابن عباس ما أراد بذلك ؟ قال أراد أن لا يحرج أمته  )

من الفوائد :

الرد على الروافض الذين يجمعون بين الصلوات ، فإن هذا الحديث لما سئل ابن عباس رضي الله عنهما عن فعله عليه الصلاة والسلام ؟ قال ( أراد أن لا  يحرج أمته ) ولم يقل ” أراد أن يوسع على أمته ” لو قال ” أراد أن يوسع على أمته ” لكان للإنسان أن يجمع في الحضر من غير أن يكون هناك سبب ، لكن لما قال ( أراد أن لا يحرج أمته ) دل على أن الجمع يكون إذا حصل العذر ؟

ومن الفوائد :

أن هذا الجمع في ظاهره جمع حقيقي وليس جمعا صوريا ، لأن بعض العلماء يقول هذا جمع صوري وليس بجمع حقيقي ، بمعنى أنه عليه الصلاة والسلام أخر صلاة الظهر إلى آخر وقتها ثم لما فرغ منها خرج وقت صلاة الظهر ثم صلى العصر في أول وقتها ، وكذلك الشأن في المغرب والعشاء ، فليس هناك جمع حقيقي، واستدلوا ببعض الروايات تأتينا إن شاء الله في بعض السنن .

والصواب أنه جمع حقيقي  ، ومن ثم فإن الإنسان متى ما وجد حاجة للجمع في الحضر فيباح له ، وهناك قول آخر بأنه يسن له إذا وجدت الحاجة ، مثل المريض الذي يشق عليه أن يفرق بين الصلاتين وأن يجعل كل صلاة في وقتها فله أن يجمع ، مثل الطبيب فيما لو كانت لديه عملية سيدخل بعد وقت صلاة الظهر ولا يخرج منها إلا بعد غروب الشمس فهنا يجمع بين صلاتي الظهر والعصر ، إذاً متى ما وجدت حاجة فيجمع بين الصلاتين .

ومن الفوائد :

أن الجمع من بين أسبابه الخوف والمطر والسفر ، فيكون في هذا دليل على أن الجمع بين الصلاتين حال المطر جاءت به السنة .

ومن الفوائد :

أن ابن حجر رحمه الله قال ” لم يرد حديث أن ابن عباس رضي الله عنها ذكر هذه الأمور الثلاثة ” لم يرد ( أنه جمع من غير خوف ولا سفر ولا مطر ) إنما أتت متفرقة من غير ( خوف ولا مطر ) ووردت رواية ( من غير خوف ولا سفر )

حديث رقم – 188-

( ضعيف جدا ) حدثنا أبو سلمة يحيى بن خلف البصري حدثنا المعتمر بن سليمان عن أبيه عن حنش عن عكرمة عن بن عباس عن النبي صلى الله عليه وسلم قال :   من جمع بين الصلاتين من غير عذر فقد أتى بابا من أبواب الكبائر )

باب ما جاء في بدء الأذان

حديث رقم – 189-

( حسن ) حدثنا سعيد بن يحيى بن سعيد الأموي حدثنا أبي حدثنا محمد بن إسحاق عن محمد بن إبراهيم بن الحرث التيمي عن محمد بن عبد الله بن زيد عن أبيه قال :   لما أصبحنا أتينا رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخبرته بالرؤيا ، فقال إن هذه لرؤيا حق ، فقم مع بلال فإنه أندى وأمد صوتا منك فألق عليه ما قيل لك وليناد بذلك ،  قال فلما سمع عمر بن الخطاب نداء بلال بالصلاة خرج إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يجر إزاره وهو يقول يا رسول الله والذي بعثك بالحق لقد رأيت مثل الذي قال ، قال فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم فلله الحمد فذلك أثبت )

من الفوائد :

أن الأذان ما شرع إلا بعد الهجرة ، ومن ثم فإن الصلوات التي أديت في مكة أديت من غير أذان ، وما  ورد من أحاديث أنه أذِّن لها قبل الهجرة فإنها أحاديث ضعيفة .

ومن الفوائد :

أن من صفات المؤذن المستحبة أن يكون ندي الصوت ، وندي الصوت هل هو قوي الصوت أو أنه عذب الصوت ؟

قولان ، والصواب أنه يجمع الأمرين ، والغالب أن الإنسان إذا كان ندي الصوت فإنه يكون قوي الصوت .

ومن الفوائد :

أن جر الإزار من غير تعمد لا يدخل في ذم الني صلى الله عليه وسلم لمن جر إزاره ، لأن هذا من غير شعور من عمر رضي الله عنه ، لما سمع ما رآه في منامه ووافق ما رآه أتى إلى النبي صلى الله عليه وسلم مسرعا .

ومن الفوائد :

أن تواطؤ الرؤى كتواطؤ الشهادات في القوة ، ولذلك قال عليه الصلاة والسلام ( فذلك أثبت ) فكلما شهد شهود على قضية ما كان أقوى في ثبوتها ، فكذلك الرؤى إذا تواطأ الناس على رؤيا دل على أن لهذه الرؤيا أصلا وقربا من الحق ، كما تواطأ الصحابة رضي الله عنهم على أنهم رأوا ليلة القدر في ليلة سبع وعشرين ، ولذلك قال شيخ الإسلام رحمه الله ”  تواطؤ الرؤى كتواطؤ الشهود “

ومن الفوائد :

أن النبي صلى الله عليه وسلم يقرر الأحكام إما بالوحي وإما بالاجتهاد ، وهنا هل قرر الأذان بالوحي أم بالاجتهاد ؟

قال بعض العلماء قرره بالوحي ، لأن الاجتهاد لا يجوز في حقه عليه الصلاة والسلام .

بينما الجمهور يرون أن الاجتهاد في حقه عليه الصلاة والسلام ثابت .

ومن الفوائد :

أن الإنسان متى ما رأى ما يسره في الدين فليحمد الله ، ولذلك قال عليه الصلاة والسلام (  فلله الحمد )

 

 

 

حديث رقم – 190-

( صحيح ) حدثنا أبو بكر بن النضر بن أبي النضر حدثنا حجاج بن محمد قال قال بن جريج أخبرنا نافع عن بن عمر قال كان المسلمون حين قدموا المدينة يجتمعون فيتحينون الصلوات وليس ينادي بها أحد فتكلموا يوما في ذلك فقال بعضهم اتخذوا ناقوسا مثل ناقوس النصارى ، وقال بعضهم اتخذوا قرنا مثل قرن اليهود ، قال فقال عمر بن الخطاب أو لا تبعثون رجلا ينادي بالصلاة ؟ قال فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم ” يا بلال قم فناد بالصلاة ” )

من الفوائد :

أن الصحابة رضي الله عنهم كانوا يصلون أول قدومهم اجتهادا في تحري الوقت ( يتحينون الصلاة ) يعني يجتهدون في حينها وفي زمنها .

ومن الفوائد :

أن للأمم السابقة صلوات ، فاليهود  يضربون عليها بالقرن الذي هو البوق الذي ينفخ فيه ، والنصارى بالناقوس وهي خشبة صغيرة يضرب بها على خشبة كبيرة فتحدث صوتا ، فكأن النبي صلى الله عليه وسلم والصحابة كرهوا أن يشابهوا هاتين الأمتين فأتى الله عز وجل بالفرج .

ومن الفوائد :

أن قول عمر رضي الله عنه ( أولا تبعثون رجلا ينادي بالصلاة ؟ ) ومعلوم أن عبد الله بن زيد هو الذي رأى الرؤيا ، فكيف ينادي الصحابة بالصلاة ؟

ففيه تعارض ، فالصحابة لم يضربوا ناقوسا ولم يتخذوا قرنا ، فكان النداء هنا هو النداء الذي ينادى فيه الناس إلى الصلاة من غير أن يكون متضمنا هذه الجمل التي رآها عبد الله بن زيد ، مثل أن يقال ( الصلاة جامعة ) أو ما شابه ذلك ، فلا تناقض بين الدليلين .

سؤال : لو تذكر صلاة الفجر عند دخوله لصلاة الجمعة ؟

الجواب : إذا دخل في صلاة الجمعة ثم تذكر أن عليه صلاة الفجر فليؤد صلاة الفجر بعد الجمعة ، ولا بأس بذلك ، لأن هذا عذر يسقط الترتيب بين الصلوات .