تعليقات على سنن الترمذي ( 82 ) حديث ( 405 ) الجزء الثاني

تعليقات على سنن الترمذي ( 82 ) حديث ( 405 ) الجزء الثاني

مشاهدات: 430

تعليقات على سنن الترمذي

الدرس الثاني والثمانون

فضيلة الشيخ : زيد بن مسفر البحري

405-2

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين :

 ( أما بعد :

فقد قال الترمذي رحمه الله :

 

 

 

( باب في نسخ الكلام في الصلاة   )

( صحيح ) حدثنا أحمد بن منيع حدثنا هشيم أخبرنا إسماعيل بن أبي خالد عن الحرث بن شبيل عن أبي عمرو الشيباني عن زيد بن أرقم قال :  

 كنا نتكلم خلف رسول الله صلى الله عليه وسلم في الصلاة يكلم الرجل منا صاحبه إلى جنبه حتى نزلت { وقوموا لله قانتين } فأمرنا بالسكوت ونهينا عن الكلام

 قال وفي الباب عن بن مسعود ومعاوية بن الحكم قال أبو عيسى حديث زيد بن أرقم حديث حسن صحيح والعمل عليه عند أكثر أهل العلم قالوا إذا تكلم الرجل عامدا في الصلاة أو ناسيا أعاد الصلاة وهو قول سفيان الثوري وبن المبارك وأهل الكوفة وقال بعضهم إذا تكلم عامدا في الصلاة أعاد الصلاة وإن كان ناسيا أو جاهلا أجزأه وبه يقول الشافعي 

( من الفوائد )

أن القنوت المذكور هنا فُسِّر  وهو القنوت .

ولتعلم أن القنوت من حيث أقسامه العامة قسمان :

– قنوت عام .

– قنوت خاص .

فالقنوت العام : لجميع الخلق ،مؤمنهم وكافرهم ، ولذلك قال عز وجل :

{ بَل لَّهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ كُلٌّ لَّهُ قَانِتُونَ }البقرة 116

أي منقاد ذليل  ، فهذا هو القنوت العام .

” القنوت الخاص ” :أنواع  ، من بين أنواعه ما ذُكِر هنا وهو ” السكوت “

النوع الثاني من أنواع القنوت الخاص :” دوام الطاعة “

ودليله قوله عز وجل :

{أَمَّنْ هُوَ قَانِتٌ آنَاء اللَّيْلِ سَاجِداً وَقَائِماً يَحْذَرُ الْآخِرَةَ وَيَرْجُو رَحْمَةَ رَبِّهِ }الزمر9

وأثنى الله عز وجل على إبراهيم – عليه السلام – وقنوت إبراهيم – عليه السلام – قنوت “خاصة الخاصة “

فعندنا قنوت عام وقنوت خاص ، فالقنوت العام هو قنوت جميع الخلق ، والقنوت الخاص هو قنوت المؤمنين ، وقنوت خاصة الخاصة هو قنوت الأنبياء ، قال تعالى :

{إِنَّ إِبْرَاهِيمَ كَانَ أُمَّةً قَانِتاً لِلّهِ حَنِيفاً وَلَمْ يَكُ مِنَ الْمُشْرِكِينَ }النحل120

النوع الثالث من أنواع القنوت الخاص : ” طول القيام “

ولذلك في صحيح مسلم :

( سئل النبي –صلى الله عليه وسلم – عن أفضل الصلاة ؟ قال طول القنوت )

يعني طول القيام في قراءة القرآن ، ولذلك يحمل عليه حديث أنس – رضي الله عنه – إن صح ، أصله في الصحيحين ، وأصله ( أن النبي – صلى الله عليه وسلم – قنت في الفجر ) لكن عند أحمد ( فلم يزل يقنت حتى توفاه الله ) فهذه الجملة يُستدل بها على أن القنوت في الفجر في غير النوازل من السنة  .

والصحيح : أنه ليس من السنة ، ومرَّت هذه المسألة مفصلة في باب :

[ ما جاء في القنوت في صلاة الفجر – وباب ما جاء في ترك القنوت ]

فهذه الجملة عند الإمام أحمد ضعيفة ، ولو صحَّت فمعنى قوله ( فلم يزل يقنت حتى فارق الدنيا ) المقصود من ذلك القيام بعد الركوع ، فإنه – صلى الله عليه وسلم – كان يطيل فيه كما في حديث أنس في الصحيحين :

( حتى يقال قد وهم )

النوع الرابع من أنواع القنوت الخاص : ” الدعاء “

ولذلك في حديث الحسن بن علي – رضي الله عنهما – قال

( علمني رسول الله – صلى الله عليه وسلم – كلمات أقولهن في قنوت الوتر )

فالقنوت يطلق عليه أيضا دعاء .

( ومن الفوائد )

أن قوله هنا : ( فأُمرنا بالسكوت ونهينا عن الكلام )

هذا يدل على أن المفهوم غير معتبر ، وإلا لو كانت ( فأمرنا بالسكوت ) تتضمن النهي عن الكلام لما ذكر جملة ( ونهينا عن الكلام )

ونحن نقول : إن المفهوم معتبر ، وإنما ذكر ( ونهينا عن الكلام ) من باب التأكيد ، كقوله تعالى :

{وَاعْتَصِمُواْ بِحَبْلِ اللّهِ جَمِيعاً وَلاَ تَفَرَّقُواْ }آل عمران103

من باب التأكيد على أهمية هذا الشيء .

( ومن الفوائد )

أن السكوت في اللغة على نوعين :

النوع الأول :

إمساك اللسان والشفتين عن الحركة ، وهو المقصود هنا .

النوع الثاني :

الكلام بتحريك اللسان والشفتين ولكان بصوت منخفض غير مسموع ، ولذلك في حديث أبي هريرة – رضي الله عنه – كما في الصحيحين ، قال :

(يا رسول الله أرأيت سكوتك بين التكبير والقراءة ماذا تقول ؟)

فهو يقول شيئا ، لكن لم يسمعه أبو هريرة ، ولذا قال :

( أرأيت سكوتك بين التكبير والقراءة ماذا تقول ؟ )

إذاً السكوت في اللغة نوعان :

إما إمساك اللسان والشفتين عن الحركة وهذا هو المشهور

وإما الكلام بصوت منخفض غير مسموع .

ولذلك لو أن الإنسان لو تكلَّم في نفسه فحرَّك لسانه وشفتيه من غير أن يسمع ، فقال شخص لماذا تتكلم يا فلان ؟ فله أن يقول أنا ساكت ، لكن هذه تورية لا يلجأ إليها إلا عند الحاجة ، مثل التورية بين القيمة والثمن ، أحيانا بعض النساء لما تعلم أن هذه القطعة من القماش غالية الثمن قبلتها بصدر رحب ، وإن كانت بسعر قليل تجد في نفسها ما تجد .

فالقيمة هي قيمة الشيء ، يعني ربما أن لديك قطعة من القماش ، قيمتها مثلا خمسمائة ريال ،  فلو أنك ماكست وكاسرت فأنزلتها إلى مائتين ، إذاً  الثمن هو المائتان ، القيمة خمسمائة ، بإمكانك إذا أتيت إلى زوجتك تقول هذه قيمتها خمسمائة ريال ، لكن – كما قال شيخ الإسلام رحمه الله – لا يلجأ الإنسان إلى التورية إلا عند الحاجة إلى ذلك .