بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه وسلم تسليما كثيرا إلى يوم الدين .
أما بعد :
باب ما جاء في الترجيع في الأذان
حديث رقم – 191-
( صحيح ) حدثنا بشر بن معاذ البصري حدثنا إبراهيم بن عبد العزيز بن عبد الملك بن أبي محذورة قال أخبرني أبي وجدي جميعا عن أبي محذورة : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أقعده وألقى عليه الأذان حرفا حرفا قال إبراهيم مثل أذاننا قال بشر فقلت له أعد علي فوصف الأذان بالترجيع )
من الفوائد :
أن الترجيع سنة ، وهذا الذي عليه المرجح من قول العلماء ، والترجيع : أن يقول الشهادتين سرا ثم يقولها جهرا .
وذهب بعض العلماء إلى أنه غير مسنون ، لأنه لم يرد في حديث عبد الله بن زيد ، فيكون الترجيع إنما هو وصية رسول الله عليه وسلم لأبي محذورة يوم فتح مكة من باب أن يلقنه الشهادة حتى يألف بها قلبه ، وإلا فليست من الأذان ، فظن أبو محذورة – كما ذهبوا – ظن أنها من الأذان .
ولا شك أن هذا القول قول فيه ضعف ، لأنه لا يظن بأبي محذورة رضي الله عنه أن يواصل على شيء من ظنه .
ومن الفوائد :
أن الكلمة يطلق عليها حرفا ، ولذا ذهب بعض العلماء أن من قرأ كلمة من كلام الله سبحانه وتعالى فله بها حسنة ، وليس المقصود الحرف الذي هو أحد أنواع الكلام عند أهل اللغة ، فقول النبي صلى الله عليه وسلم ( من قرأ حرفا من كلام الله فله به حسنة ) قالوا إن الحرف المقصود منه الكلمة ، بناء على أن الحرف يطلق في الشرع وفي اللغة على الحرف المعروف وعلى الكلمة .
حديث رقم – 192-
( حسن صحيح ) حدثنا أبو موسى محمد بن المثنى حدثنا عفان حدثنا همام عن عامر بن عبد الواحد الأحول عن مكحول عن عبد الله بن محيريز عن أبي محذورة : أن النبي صلى الله عليه وسلم علمه الأذان تسع عشرة كلمة والإقامة سبع عشرة كلمة )
من الفوائد :
أن أذان أبي محذورة ” تسع عشرة كلمة ” وذلك بترديد الشهادتين بخفض الصوت أولا ثم يرجع ثانيا برفع الصوت ، فيجتمع الكل فيكون تسع عشرة كلمة .
والصواب كما ذكرنا أن صيغ الأذان الواردة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم يؤخذ بها كلها ، وهذا هو القول الصواب ، وعلى المسلم أن ينوع في ذلك ، في صيغ الأذان وفي صيغ الإقامة ، لأن للإقامة صيغا واردة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ولكن لا يعمل بها عند عوام الناس ممن اعتاد على أذان معين حتى لا يشوش عليهم ، يمكن أن يلقن الناس عن طريق النظر فيقول وردت صفات عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في الأذان وفي الإقامة ، وردت صفة كذا ووردت صفة كذا ، ولكن التطبيق عسير إلا إذا كان الإنسان مع طلاب علم ، كأن يكون في نزهة برية أو ما شابه ذلك فليطبق .
فإذاً يقول ” أربع تكبيرات ، ثم يقول الشهادتين سرا ثم يعود مرة أخرى فيقولها جهرا ثم يكبر ثم التهليلة “
فتكون الصيغة المذكورة هنا في حديث أبي محذورة صيغة تربيع التكبير مع الترجيع ” يعني جعل التكبير الأول أربعا ، والترجيع أن يقول الشهادتين سرا خافضا بها صوته ثم يعود مرة أخرى ليرفع بها صوته .
صيغة أخرى :
نفس الصيغة السابقة ولكن بتثنية التكبير ، فيقول التكبيرة مرتين .
وصيغة أخرى : وهي صيغة أذان بلال رضي الله عنه الذي نعمل به هنا في السعودية .
ومن الفوائد :
أن الإقامة المذكورة هنا في هذا الحديث عددها ” سبع عشرة كلمة ” كيف ؟
نفس أذان بلال ، لأن أذان بلال خمس عشرة كلمة ، هذه الصيغة إذا أردت أن تطبقها في الإقامة ، تأتي بأذان بلال وتزيد ” قد قامت الصلاة مرتين ” المجموع سبع عشرة كلمة .
إذاً تربع التكبير مع الشهادتين بدون ترجيع ثم الحيعلتين ثم قد قامت الصلاة مرتين ثم التكبير مرتين ثم التهليلة .
وكما قلنا في صيغ الأذان يقال في صيغ الإقامة من أنها واردة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم فيؤخذ بالكل ، ولكن التطبيق في صيغ الإقامة يقال فيه ما قيل في صيغ الأذان آنفا .
باب ما جاء في إفراد الإقامة
حديث رقم – 193-
( صحيح ) حدثنا قتيبة حدثنا عبد الوهاب الثقفي ويزيد بن زريع عن خالد الحذاء عن أبي قلابة عن أنس بن مالك قال : أمر بلال أن يشفع الأذان ويوتر الإقامة )
من الفوائد :
أن الآمر هنا هو رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فإذا جاءت صيغة فيها ( أُمِرْنا أو أمر أو نُهِينا أو نهي ) وكان الناقل صحابيا ، فإن الآمر والناهي هو رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فيكون هذا الحديث من قبيل الحديث المرفوع حكما ، بخلاف الحديث المرفوع صراحا أو حقيقة كأن يقول ( قال رسول الله صلى الله عليه وسلم كذا ) هذا هو الحديث المرفوع حقيقة .
ومن الفوائد :
أن أذان بلال يكون شفعا كما ذكرنا قبل قليل ، وتكون إقامته وترا ، وذلك بتثنية التكبير مع أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمد رسول الله ، حي على الصلاة ، حي على الفلاح ، قد قامت الصلاة قد قامت الصلاة ، الله أكبر الله أكبر ، لا إله إلا الله ” هذه هي إقامة بلال رضي الله عنه .
بعض العلماء ذهب مذهبا آخر فيقول : بإفراد كل كلمة ما عدا التكبير في الأول فقول ” الله أكبر الله أكبر ، أشهد أن لا إله إلا الله أشهد أن محمدا رسول الله ، حي على الصلاة حي على الفلاح ، قد قامت الصلاة الله أكبر لا إله إلا الله “
وبعض العلماء يقول لابد من قول ” قد قامت الصلاة مرتين .
على كل حال ما ورد عن رسول الله صلى الله عليه وسلم كما قال الإمام أحمد رحمه الله يؤتى به ويكون مقبولا دون أن يكون هناك ترجيح ، لأن بعض الأئمة كأبي حنيفة رحمه الله أخذ بصيغة في الأذان والإقامة ، ومالك كذلك والإمام أحمد كذلك ، لكن الإمام أحمد رحمه الله قال ” ما ورد عن رسول الله صلى الله عليه وسلم يؤخذ به كله “
باب ما جاء أن الإقامة مثنى مثنى
حديث رقم – 194-
( ضعيف الإسناد ) حدثنا أبو سعيد الأشج حدثنا عقبة بن خالد عن بن أبي ليلى عن عمرو بن مرة عن عبد الرحمن بن أبي ليلى عن عبد الله بن زيد قال : كان أذان رسول الله صلى الله عليه وسلم شفعا شفعا في الأذان والإقامة )
باب ما جاء في الترسل في الأذان
حديث رقم -195-
( ضعيف جدا ) حدثنا أحمد بن الحسن حدثنا المعلى بن أسد حدثنا عبد المنعم هو صاحب السقاء قال حدثنا يحيى بن مسلم عن الحسن وعطاء عن جابر بن عبد الله أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لبلال : يا بلال إذا أذنت فترسل في أذانك وإذا أقمت فأحدر واجعل بين أذانك وإقامتك قدر ما يفرغ الآكل من أكله والشارب من شربه والمعتصر إذا دخل لقضاء حاجته ولا تقوموا حتى تروني )
حديث رقم – 196-
( حدثنا عبد بن حميد حدثنا يونس بن محمد عن عبد المنعم : نحوه )
من الفوائد :
هذا الحديث ضعيف ، لكن بعض العلماء أخذ من السنة أن يترسل في الأذان ، وأن يحدر في الإقامة ، بمعنى أنه يترفق في جمل الأذان بينما يسرع في جمل الإقامة ، قالوا لأن الأذان يراد منه إعلام الغائبين ويحتاج فيه إلى ترسل ، بينما الإقامة إعلام للحاضرين فلا يحتاج فيه إلى الترسل ، فاستحبوا الترسل في الأذان والحدر في الإقامة .
ومن ثم ذهب بعض العلماء بناء على هذا الحديث الضعيف أن جمل الأذان تقال كلمة كلمة حتى يصدق الترسل ” فيقول ” الله أكبر ” ثم يقول ” الله أكبر ” ولا يجمع بين الجملتين في التكبير ، فلا يقل ” الله أكبر الله أكبر ” الله أكبر الله أكبر ” واستدلوا بحديث ( التبكير جزم ، والسلام جزم )
والصواب أن السنة في التكبير في الأذان أن يجمع بين الكلمتين لورود ما يدل على ذلك في صحيح مسلم من حديث عمر رضي الله عنه ، قال النبي صلى الله عليه وسلم ( إذا قال المؤذن الله أكبر الله أكبر ،فقال أحدكم الله أكبر الله أكبر ) ثم بين عليه الصلاة والسلام كيف يتابع المؤذن قال ( فمن قال ذلك مخلصا بها قلبه دخل الجنة )
وأما حديث( التكبير جزم والسلام جزم ) فليس حديثا مرويا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وإنما هو عن بعض السلف، ولأن الجزم علامة من علامات الإعراب ، ومثل هذه العلامات ما أتت إلا بعد أن تغير اللسان العربي ، فليست موجودة في عصر النبي صلى الله عليه وسلم .
باب ما جاء في إدخال الأصبع في الأذن عند الأذان
حديث رقم – 197-
( صحيح ) حدثنا محمود بن غيلان حدثنا عبد الرزاق أخبرنا سفيان الثوري عن عون بن أبي جحيفة عن أبيه قال : رأيت بلالا يؤذن ويدور ويتبع فاه ها هنا وها هنا وإصبعاه في أذنيه ورسول الله صلى الله عليه وسلم في قبة له حمراء أراه قال من آدم فخرج بلال بين يديه بالعنزة فركزها بالبطحاء فصلى إليها رسول الله صلى الله عليه وسلم يمر بين يديه الكلب والحمار وعليه حلة حمراء كأني أنظر إلى بريق ساقيه – قال سفيان – نراه حبرة )
من الفوائد :
أن السنة في حق المؤذن أن يضع أصبعيه في أذنيه لكي يزيد من رفع صوته فيسمعه من هو أبعد وتحصل له شهادة من يسمعه من الإنس والجن ومن كل شيء ، كما جاءت بذلك الأحاديث ، وحتى يراه من هو بعيد فيعلم أنه يؤذن ولو لم يسمع صوته .
ولكن ما هما هذان الأصبعان ؟
لم يوضحا في هذا الحديث ، ولكن قال النووي رحمه الله ” هم المسبحتان ” يعني السبابتين ، ولكن ما هناك دليل ، ولكن ذكره للمسبحتين من باب أنهما أيسر وأنهما تمسح بهما الأذنان في الوضوء ، ومن باب أنه ذكر للشهادة فالمناسبة أن ترفع السباحة ، وما ورد من أحاديث من أمره عليه الصلاة والسلام لبلال ( اجعل أصبعيك في أذنيك فإنه أرفع لصوتك ) فهو حديث ضعيف ، فتكون هذه السنة ثابتة من فعل بلال رضي الله عنه وقد أقره الشرع على ذلك ، ومن أنواع السنن الإقرار، فإذا أقر النبي صلى الله عليه وسلم فعلا أو قولا أمامه أو وجد في عصره ولم ينكره عليه الصلاة والسلام فإنه سنة .
ومن الفوائد :
أنه أثبت الاستدارة في الأذان في الحيعلتين ، مع أنه جاء في سنن أبي داود ( أنه لم يستدر ) فكيف يوفق بين الروايتين ؟
يوفق بينهما أن إثبات الاستدارة أي استدارة العنق ، وأن نفيها نفي لاستدارة البدن ، فإذاً المؤذن لا يستدر ببدنه وإنما يستدير بعنقه .
ومن الفوائد :
أن الالتفات في الحيعلتين هو السنة حتى ولو مع وجود المكبرات في هذا العصر ، فإن بعض العلماء كابن عثيمين رحمه الله يرى أنه لا حاجة إلى الالتفات لأنه لو التفت التفت عن موضع الصوت وهناك مكبرات في الخارج فتغني عن الالتفات .
والقول الآخر ويراه الألباني رحمه الله – وهو القول الصواب فيما أراه – أنه يلتفت حتى مع وجود هذه المكبرات ، لأنه ليست هناك علة شرعية تنص على أن الالتفات من أجل الصوت ، إنما هي استنباطات ، فإن هناك من العلماء من استنبط أن الالتفات في الحيعلتين إشعار من هو بعيد بأن هذا يؤذن ، فيبقى الحال على ما هو عليه .
ومن الفوائد :
أن ظاهره يقتضي أن قول ( حي على الصلاة ) يكون من جهة اليمين ، وأن ( حي على الفلاح ) يكون من جهة اليسار ، وبعض العلماء قال يقول المؤذن ( حي على الصلاة ) من جهة اليمين ، ثم يلتفت ( حي على الصلاة من جهة اليسار ) ثم يلتفت يمينا فيقول ( حي على الفلاح ) من جهة اليمين ، ثم يقول ( حي على الفلاح ) من جهة اليسار .
ولكن الذي يظهر أنه يجعل ( حي على الصلاة ) في جهة اليمين ، و ( حي على الفلاح ) في جهة اليسار .
ومن الفوائد :
أن جملة الحيعلتين تكون أثناء الالتفات ، فيلقيها المؤذن بجميع حروفها حال الالتفات .
ومن الفوائد :
ثبوت سنية السترة ، وهل هي واجبة أم سنة ؟
قولان ، وسيأتي إن شاء الله معنا ما يوضح ذلك .
ومن الفوائد :
أن مرور ما هو مبطل للصلاة من الكلاب والحمير ، أو ما هو غير مؤثر في الصلاة مما سوى الكلاب والحمير والنساء ، أن مروره لا يؤثر إذا كان بين القِبلة وبين السترة ، ولا يفهم أن الكلب والحمار يمر بين يدي رسول الله صلى الله عليه وسلم والعنزة – لا – وإنما يمرون من بعد العنزة .
العنزة : عصا تشبه الرمح ولكنه أقصر منه .
ومن الفوائد :
أن لبس الثوب الأحمر الخالص جائز ، كما ذهب إلى ذلك بعض العلماء ، وهناك قول آخر يناقضه ، والمسألة تحتاج إلى طويل بحث ، ويأتي معنا إن شاء الله ما هو الراجح من هذين القولين ، إذا ذكر المؤلف هذه الأحاديث نأتي عليها إن شاء الله مفصلا ، فليس هذا الموضع موضعها .
باب ما جاء في التثويب في الفجر
حديث رقم – 198-
( ضعيف ) حدثنا أحمد بن منيع حدثنا أبو أحمد الزبيري حدثنا أبو إسرائيل عن الحكم عن عبد الرحمن بن أبي ليلى عن بلال قال قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم : لا تثوبن في شيء من الصلوات إلا في صلاة الفجر )
من الفوائد :
هذا الحديث لو صح يستفاد منه أن التثويب مأمور به في صلاة الفجر ، ويعضده ما جاء من أمره عليه الصلاة والسلام لأبي محذورة لهذا التثويب ، والمقصود من التثويب هو رجوع المؤذن بعد مناداته للناس للإقبال إلى الصلاة بقول ( حي على الصلاة ، حي على الفلاح ) رجوعه بتكرار ذلك بقول ( الصلاة خير من النوم ) فالتثويب هو الرجوع والإعادة ، فكأنه لما ناداهم للإتيان بقول الحيعلتين ، ناداهم مرة أخرى بقول ( الصلاة خير من النوم )
ومن الفوائد:
أن التثويب في غير أذان الفجر بدعة ، وكذلك التثويب في جميع أذان الصلوات كلها ، وهو التثويب المحدث المبتدع الذي ينادى به عند الأبواب ، فإذا فرغ المؤذن من الأذان ينادي بجمل ما بين الأذان والإقامة ، ينادي خارج المسجد ( هلموا إلى الصلاة ) أو ما شابه ذلك من هذه الألفاظ ، فهذا تثويب بدعي في جميع الصلوات ، فلا ينادى عند الأبواب ولا في المكبرات ولا في شيء من ذلك فالأذان كافي .
باب ما جاء أن من أذن فهو يقيم
حديث رقم – 199-
( ضعيف ) حدثنا هناد حدثنا عبدة ويعلى بن عبيد عن عبد الرحمن بن زياد بن أنعم الإفريقي عن زياد بن نعيم الحضرمي عن زياد بن الحرث الصدائي قال : أمرني رسول الله صلى الله عليه وسلم أن أؤذن في صلاة الفجر فأذنت فأراد بلال أن يقيم فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم إن أخا صداء قد أذن ومن أذن فهو يقيم )
من الفوائد :
أن بعض العلماء بنى عليه رأيا وهو أن السنة في حق من أذن أن يقيم هو وألا يقيم غيره ، فمن أذن فهو يقيم .
و الصدائي : نسبو إلى جهة في اليمن .
ولكن الصواب أن لغير المؤذن أن يقيم ، لكن الأصل أن من أذن فهو أحق بالإقامة ، لكن لو أقام غيره فلا بأس بذلك .
باب ما جاء في كراهية الأذان بغير وضوء
حديث رقم – 200-
( ضعيف ) حدثنا علي بن حجر حدثنا الوليد بن مسلم عن معاوية بن يحيى الصدفي عن الزهري عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : لا يؤذن إلا متوضئ )
حديث – 201-
( ضعيف ) حدثنا يحيى بن موسى حدثنا عبد الله بن وهب عن يونس عن بن شهاب قال قال أبو هريرة : لا ينادي بالصلاة إلا متوضئ )
من الفوائد:
هذا الحديث ضعيف ، وبنى عليه بعض العلماء رأيا وهو أن الطهارة من الحدث شرط في صحة الأذان ، فمن أذن وهو على غير طهارة ، فإن أذانه غير صحيح .
والصواب أن هذا الحديث ضعيف ، ومن ثم فإنه لو أذن وهو على غير وضوء فلا بأس بذلك ، ولكن الأكمل في حقه أن يكون على وضوء حتى لا يحتاج إلى الخروج من المسجد مرة أخرى للوضوء ، وتعويد المؤذن نفسه أن يؤذن وهو على وضوء أنفع له في دينه بحيث يبادر بعد ذلك بالسنة وقراءة القرآن واغتنام هذا الوقت .
باب ما جاء أن الإمام أحق بالإقامة
حديث رقم – 202-
( حسن ) حدثنا يحيى بن موسى حدثنا عبد الرزاق أخبرنا إسرائيل أخبرني سماك بن حرب سمع جابر بن سمرة يقول : كان مؤذن رسول الله صلى الله عليه وسلم يمهل فلا يقيم حتى إذا رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم قد خرج أقام الصلاة حين يراه )
من الفوائد :
أن الأحق بالإقامة هو الإمام لما يراه من المصلحة من الإقامة في هذا الوقت المبكر أو في هذا الوقت المتأخر ، فهذا من حقوقه ولا يجوز الاعتداء عليه ، ولذلك كان الصحابة رضي الله عنهم ينتظرون رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى يخرج إليهم ، ولكن إذا كان هناك تأخير يشق بالحاضرين ولاسيما في هذا الزمن ، لأن هناك أوقاتا محددة من قبل الوزارة بين الأذان والإقامة ، فينبغي أن يكون هناك تساهل وفسحة في هذا الحق بين المؤذن وبين الإمام ، بحيث لو تأخر شيئا يسيرا ينظر بينما لو كان سيتأخر شيئا كثيرا فيكون لدى المؤذن علم سابق بأن الإمام لا يغضب من ذلك ، لأن الأحوال تختلف ، فليست أحوال الناس في هذا العصر مثل ما سبق .
ومن الفوائد :
أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يؤدي الصلاة النافلة في بيته ، فما كان يخرج إلى الصحابة ويؤدي الصلاة في المسجد ، ولذلك ما كانت تقام الصلاة إلا عند خروجه عليه الصلاة والسلام .
ومن الفوائد :
أن بلالا رضي الله عنه كان يرقب رسول الله صلى الله عليه وسلم عند خروجه مالا يرقبه غيره ، ولذلك كان يراه قبل أن يراه الناس .
باب ما جاء في الأذان بالليل
حديث رقم -203-
( صحيح ) حدثنا قتيبة حدثنا الليث عن بن شهاب عن سالم عن أبيه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : إن بلالا يؤذن بليل فكلوا واشربوا حتى تسمعوا تأذين بن أم مكتوم )
من الفوائد :
أن صلاة الفجر كما أنها تمتاز بالتثويب وهو قول ( الصلاة خير من النوم ) تمتاز أيضا بأن تسبق بأذان يسمى بالأذان الأول ، هذا الأذان الأول ذكر النبي صلى الله عليه وسلم علته كما في الصحيحين قال ( ليرجع قائمكم وليوقظ نائمكم ) فالمقصود من هذا الأذان الأول الذي يؤذن قبل طلوع الفجر الثاني أن القائم يتنبه ، فإن كان يريد أن يتسحر فليبادر ، إن كان هناك من هو نائم فيريد أن يستيقظ للسحور أو أن يوتر فليتنبه إلى ذلك ، وهذا الأذان الأول من بلال رضي الله عنه هو بليل ، ولكن هذا الليل ليس في أوله ولا في منتصفه كما ظن بعض العلماء ، قال إن أذان الفجر يصح بعد منتصف الليل لحديث بلال .
والصواب كما جاء في الرواية الأخرى في الصحيح ( ما بين أن يصعد هذا وينزل هذا ) فكان الفرق بينهما قليلا ،فيكون بين الأذان الأول والأذان الثاني مقدار يسير من الزمن ، ولا يكون طويلا .
ومن الفوائد :
أن حديث بلال أخذ منه بعض العلماء أن الأذان الأول كافٍ عن الأذان الثاني .
وقال بعض العلماء ليس بكافٍ ، وهو الصواب ، لأن النبي صلى الله عليه وسلم نبه على علة الأذان الأول ولم يقل للصلاة
ومن الفوائد :
أن على من يريد الصيام إذا أراد أن يتسحر أن عليه أن يمسك من حين ما يؤذن الأذان الثاني إذا كان هذا الأذان يؤذن في الوقت كما كان ابن أم مكتوم يفعل ذلك .
ومن الفوائد :
أن اتخاذ مؤذنين في مسجد واحد لا بأس به .
ومن الفوائد :
أن بعض الروايات جاءت بأن المؤذن الأول ابن أم مكتوم ، والثاني هو بلال ، فاضطربت الرواية هنا ، فبعضهم قال إن هذه الرواية مضطربة وأن الصواب ما ذكر هنا من أن المؤذن الأول هو بلال والمؤذن الثاني هو ابن أم مكتوم .
ولكن الألباني رحمه الله يرى رأيا آخر فيقول هما ثابتان ، فكان بعضهم في بعض الأحيان يؤذن في أول الليل ، والثاني في آخر الليل عند طلوع الفجر الثاني ، ثم انقلب الحال إلى أن أذن ابن أم مكتوم في آخر الحال عند طلوع الفجر الثاني .
باب ما جاء في كراهية الخروج من المسجد بعد الأذان
حديث رقم – 204-
( حسن صحيح ) حدثنا هناد حدثنا وكيع عن سفيان عن إبراهيم بن المهاجر عن أبي الشعثاء : قال خرج رجل من المسجد بعد ما أذن فيه بالعصر فقال أبو هريرة أما هذا فقد عصى أبا القاسم صلى الله عليه وسلم )
من الفوائد :
أن أصح القولين في مثل هذا اللفظ أنه ليس قولا موقوفا وإنما يأخذ حكم المرفوع في قوله ( فقد عصى أبا القاسم صلى الله عليه وسلم )
ومن الفوائد :
أن الخروج من المسجد من غير حاجة ضرورية يكون صاحبه آثما ، ولذا سيأتي معنا عند ابن ماجه قوله عليه الصلاة والسلام ( من خرج بعد الأذان وهو لا يريد الرجوع فهو منافق )
لكن من كانت له حاجة كوضوء أو قضاء حاجة فلا بأس بذلك ، ويدل لذلك ما مر معنا في سنن أبي داود وصلأصله في الصحيحين ( أن النبي صلى الله عليه وسلم لما أراد أن يكبر تذكر أنه على جنابة فخرج ) كأن يكون إماما في مسجد آخر ، أو يريد أن يحضر درسا في مسجد آخر فلا بأس بخروجه لمثل هذه الأمور .
ومن الفوائد :
أن كلمة ( أمَّا ) يراد منها التفصيل ، فلابد أن تكون هناك كلمة فأكثر ، وهنا ليس فيه إلا كلمة واحدة ، فيكون هذا مما يسمى عند البلاغيين( بإيجاز الحذف ) فكلمة تدل على كلمة أخرى ، فتكون الكلمة الثانية محذوفة لدلالة السياق عليها ” أما من بقي في المسجد فقد أطاع أبا القاسم صلى الله عليه وسلم “
ومن الفوائد :
أن ( أبا القاسم ) كنية لرسول الله صلى الله عليه وسلم .
باب ما جاء في الأذان في السفر
حديث رقم – 205-
( صحيح ) حدثنا محمود بن غيلان حدثنا وكيع عن سفيان عن خالد الحذاء عن أبي قلابة عن مالك بن الحويرث قال : قدمت على رسول الله صلى الله عليه وسلم أنا وبن عم لي فقال لنا إذا سافرتما فأذنا وأقيما وليؤمكما أكبركما )
من الفوائد :
أن قوله ( أنا وابنُ عم لي ) أن ( الواو ) يمكن أن تكون عاطفة فتنطق هكذا ( أنا وابنُ ) ويمكن أن تكون للمعية ، فتكون ( أنا وابنَ عم لي )
ومن الفوائد :
أن الأذان في السفر مأمور به ، ولكن هل هو على سبيل الوجوب أم على سبيل الاستحباب ؟
قيل بهذا وقيل بهذا ، والصواب أنه على سبيل الوجوب لأمر النبي صلى الله عليه وسلم بذلك ، ولأنه عليه الصلاة والسلام كان يسافر وكان لا يدع الأذان ، اللهم إلا إذا كان هذا المسافر وحده ،فالسنة في حق المنفرد أن يؤذن وأن يقيم ، ولكن ليس واجبا عليه .
ومن الفوائد :
أن قوله عليه الصلاة والسلام ( فأذنا وأقيما ) ليس المقصود منه أن يؤذن كل واحد ، فيجتمع بذلك أذانان وإقامتان – لا – وإنما المقصود ( فأذنا ) أي من شاء أن يؤذن وحده وكذلك الإقامة ، لم ؟ لأنه قال في الجملة التي بعدها ( وليؤمكما أكبركما ) ومعلوم أن السلف لم يقولوا بالأذانين وإنما هو أذان واحد ، فلا يشترط في الأذان من الصفات ما يشترط في الإمام من صفات ، ولذلك في الإمامة ميز ، قال ( وليؤمكما أكبركما ) فدل على أن من أذن منهما فقد استويا في هذا الأمر ، بينما الإمامة لا ، فلها شأن كبير .
ومن الفوائد :
أنهما مكثا عند رسول الله صلى الله عليه وسلم عشرين يوما فتعلما من رسول الله صلى الله عليه وسلم فاستووا في العلم والتعلم فلم تبق صفة يتقدم بها أحدهما على الآخر في الإمامة إلا كبر السن ، وإلا فالأحق بالإمامة ( يؤم القوم أقرؤهم لكتاب الله ) كما جاء عند مسلم ، فإن كانوا في القراءة سواء فأعلمهم بالسنة ) .
باب ما جاء في فضل الأذان
حديث رقم – 206-
( ضعيف ) حدثنا محمد بن حميد الرازي حدثنا أبو تميلة حدثنا أبو حمزة عن جابر عن مجاهد عن بن عباس أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : من أذن سبع سنين محتسبا كتبت له براءة من النار )
من الفوائد :
هذا الحديث ضعيف ، ومعناه أن من أذن طالبا للأجر من الله لا طالبا للأجرة فإنه يظفر بهذا الثواب ، لكن الحديث ضعيف .
باب ما جاء أن الإمام ضامن والمؤذن مؤتمن
حديث رقم – 207-
( صحيح ) حدثنا هناد حدثنا أبو الأحوص وأبو معاوية عن الأعمش عن أبي صالح عن أبي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : الإمام ضامن والمؤذن مؤتمن اللهم أرشد الأئمة واغفر للمؤذنين )
من الفوائد :
أن بعض العلماء قال إن الأذان أفضل من الإمامة لأن المؤتمن أرفع مقاما من الضامن .
وقال بعض العلماء إن الإمامة أفضل من الأذان ، لأن النبي صلى الله عليه وسلم أمَّ بالناس وكذلك الصحابة رضي الله عنهم ، ويؤكد ذلك هذا الحديث فإنه دعا بالرشد للأئمة ، بينما دعا للمؤذنين بالمغفرة لما يحصل عندهم من السهو في إصابة الوقت أو لما يمكن أن يخطئوا في الوقت .
والصواب / أن الإمامة أفضل في حق أشخاص ينتفع بهم في الإمامة كالعالم والقارئ ، كحال النبي صلى الله عليه وسلم وحال الصحابة رضي الله عنهم ، فالأفضل في حقه الإمامة لأن نفعه أكثر ، فلو كان مؤذنا لما انتفع به .
أما إذا استوى الأمران فالأذان أفضل ولا شك في ذلك لورود أحاديث أكثر وأكثر في فضله ، وما تركه النبي صلى الله عليه وسلم ولا الصحابة من الخلفاء إلا أنهم يعلمون أن وجودهم في الإمامة أنفع للأمة من وجودهم في الأذان .
ومن الفوائد :
أن بعض العلماء قال إن صلاة المأموم مرتبطة بصلاة الإمام ، لأن الإمام يضمن صلاتهم .
والصواب / أنه لا ارتباط بين صلاة الإمام ولا بين صلاة المأمومين ، اللهم إلا في حالة ما إذا مر من يقطع صلاته ، فإن صلاة من خلفه تبطل ، لأن ( سترة الإمام سترة لمن خلفه ) .
ومن الفوائد :
أن النبي صلى الله عليه وسلم دعا للأئمة بالرشد لأنهم بحاجة إلى إصابة الحق ، لأنهم يرشدون الناس ومن ثم فإن واجب الإمام أكبر من واجب المؤذن وأن عليه من الواجب ما ليس على المؤذن في إرشاد الناس وفي تعليمهم ، بينما واجب المؤذن أعظم من واجب الإمام في إصابة الوقت ، لأن الإمام لو تأخر عن الوقت المعتاد في الإقامة فلا بأس في ذلك ، بينما المؤذن لابد أن يتقن الوقت، ولذلك قال النبي صلى الله عليه وسلم ( أمناء الناس على سحورهم وصلاتهم المؤذنون ) فالناس يأتمنونه ، لأنه إذا أذن الناس يطمئنون إلى أذانه فيمتنعون عن الطعام إذا أرادوا الصيام ويؤدون الصلاة إذا أرادوا أداءها، ولذلك دعا لهم بالمغفرة لما قد يحصل منهم من التقصير العفوي
سؤال : ما حكم القنوت في النوازل ؟
الجواب : القنوت في النوازل يكون في جميع الصلوات لورود ما يدل على ذلك من حديث ابن عباس رضي الله عنهما من فعل النبي صلى الله عليه وسلم ، لكن بعض الروايات جاءت قاصرة القنوت على صلاتي المغرب والفجر ، فاستحب بعض العلماء التأكيد على القنوت في صلاتي المغرب والفجر ، وإلا فالأصل الجواز ، وليس محددا بمدة محددة وإنما كان قنوت النبي صلى الله عليه وسلم شهرا باعتبار الحال ، فلما ارتفعت الحال المكروهة قطع القنوت ، ولكن لو استمرت النازلة فإن القنوت مشروع لسبب وهي النازلة متى ما زالت زال القنوت .
سؤال : هل الرافضة كفار ؟
الجواب / الرافضة ثلاثة أصناف، لكن يمكن أن يحكم عليهم في هذا الزمن كمن يتوسل بغير الله ويدعو الحسين ويدعو آل البيت ويتوجه إلى هؤلاء ويتقرب إليهم لا شك أنهذا كفر { وَمَن يَدْعُ مَعَ اللَّهِ إِلَهاً آخَرَ لَا بُرْهَانَ لَهُ بِهِ فَإِنَّمَا حِسَابُهُ عِندَ رَبِّهِ إِنَّهُ لَا يُفْلِحُ الْكَافِرُونَ }المؤمنون117 فدل على أنهم كفار