تعليقات على سنن ( النسائي) ــ الدرس ( 45 ) حديث ( 448 ) جزء ( 4 )

تعليقات على سنن ( النسائي) ــ الدرس ( 45 ) حديث ( 448 ) جزء ( 4 )

مشاهدات: 445

تعليقات على سنن ( النسائي) ــ الدرس ( 45 )

حديث ( 448 ) جزء ( 4 )

فضيلة الشيخ زيد بن مسفر البحري

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه وسلم تسليما كثيرا إلى يوم الدين .

أما بعد :

فقد قال المصنف رحمه الله :

[ كتاب الصلاة  ]

( فرض الصلاة وذكر اختلاف الناقلين في إسناد حديث أنس بن مالك – رضي الله عنه – واختلاف ألفاظهم فيه )

حديث رقم – 448-

( صحيح )  أخبرنا يعقوب بن إبراهيم قال حدثنا يحيى بن سعيد قال حدثنا هشام الدستوائي قال حدثنا قتادة عن أنس بن مالك عن مالك بن صعصعة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال :   بينا أنا عند البيت بين النائم واليقظان إذ أقبل أحد الثلاثة بين الرجلين فأتيت بطست من ذهب ملآن حكمة وإيمانا فشق من النحر إلى مراق البطن فغسل القلب بماء زمزم ثم ملئ حكمة وإيمانا ثم أتيت بدابة دون البغل وفوق الحمار ثم انطلقت مع جبريل عليه السلام فأتينا السماء الدنيا فقيل من هذا قال جبريل قيل ومن معك قال محمد قيل وقد أرسل إليه مرحبا به ونعم المجيء جاء فأتيت على آدم عليه السلام فسلمت عليه قال مرحبا بك من ابن ونبي ثم أتينا السماء الثانية قيل من هذا قال جبريل قيل ومن معك قال محمد فمثل ذلك فأتيت على يحيى وعيسى فسلمت عليهما فقالا مرحبا بك من أخ ونبي ثم أتينا السماء الثالثة قيل من هذا قال جبريل قيل ومن معك قال محمد فمثل ذلك فأتيت على يوسف عليه السلام فسلمت عليه قال مرحبا بك من أخ ونبي ثم أتينا السماء الرابعة فمثل ذلك فأتيت على إدريس عليه السلام فسلمت عليه فقال مرحبا بك من أخ ونبي ثم أتينا السماء الخامسة فمثل ذلك فأتيت على هارون عليه السلام فسلمت عليه قال مرحبا بك من أخ ونبي ثم أتينا السماء السادسة فمثل ذلك ثم أتيت على موسى عليه السلام فسلمت عليه فقال مرحبا بك من أخ ونبي فلما جاوزته بكى قيل ما يبكيك قال يا رب هذا الغلام الذي بعثته بعدي يدخل من أمته الجنة أكثر وأفضل مما يدخل من أمتي ثم أتينا السماء السابعة فمثل ذلك فأتيت على إبراهيم عليه السلام فسلمت عليه فقال مرحبا بك من ابن ونبي ثم رفع لي البيت المعمور فسألت جبريل فقال هذا البيت المعمور يصلي فيه كل يوم سبعون ألف ملك فإذا خرجوا منه لم يعودوا فيه آخر ما عليهم ثم رفعت لي سدرة المنتهى فإذا نبقها مثل قلال هجر وإذا ورقها مثل آذان الفيلة وإذا في أصلها أربعة أنهار نهران باطنان ونهران ظاهران فسألت جبريل فقال أما الباطنان ففي الجنة وأما الظاهران فالفرات والنيل ثم فرضت علي خمسون صلاة فأتيت على موسى فقال ما صنعت قلت فرضت علي خمسون صلاة قال إني أعلم بالناس منك إني عالجت بني إسرائيل أشد المعالجة وإن أمتك لن يطيقوا ذلك فارجع إلى ربك فاسأله أن يخفف عنك فرجعت إلى ربي فسألته أن يخفف عني فجعلها أربعين ثم رجعت إلى موسى عليه السلام فقال ما صنعت قلت جعلها أربعين فقال لي مثل مقالته الأولى فرجعت إلى ربي عز وجل فجعلها ثلاثين فأتيت على موسى عليه السلام فأخبرته فقال لي مثل مقالته الأولى فرجعت إلى ربي فجعلها عشرين ثم عشرة ثم خمسة فأتيت على موسى عليه السلام فقال لي مثل مقالته الأولى فقلت إني أستحي من ربي عز وجل أن أرجع إليه فنودي أن قد أمضيت فريضتي وخففت عن عبادي وأجزي بالحسنة عشر أمثالها  )

 

 

من الفوائد :

أن الروايات الأخرى بينت كما في الصحيحين أن الرسول عليه الصلاة والسلام :

( سلم على هؤلاء الأنبياء فردوا عليه السلام وزادوا كلمة مرحبا )

وهذا يدل على أن الأفضل في التحية أن يبدأ المُحيي بالسلام ثم يرد عليه بمثلها أو بأحسن منها ، ولذلك ردوا عليه السلام وزادوا مرحبا .

( ومن الفوائد )

أن كون إبراهيم عليه السلام في السماء السابعة يستفاد منه :

التأنيس للرسول عليه الصلاة والسلام من قِبل الأب “

لأنه عليه الصلاة والسلام قادم إلى أمر عظيم ، ولذا لما أتى إلى السماء الدنيا وجد آدم فرحب به ، ففي هذا تأنيس من الأب لابنه ، فكان من الحسن أن يكون الختام أن يؤنس مرة أخرى ، لم ؟ لأن النبي عليه الصلاة والسلام سيرتفع إلى منزلة أعلى من إبراهيم عليه السلام ، وكون إبراهيم في السماء السابعة يدل على أنه أفضل الأنبياء ما عدا رسولنا عليه الصلاة والسلام ، لأنه عليه الصلاة والسلام زاد عليه حتى بلغ سدرة المنتهى بل إلى موضع سمع فيه صوت أقلام الملائكة حينما تكتب وتنسخ ما في اللوح المحفوظ مما قدره الله عز وجل ، وهذا يدل على علو منزلة النبي عليه الصلاة والسلام على جميع الأنبياء لكن إبراهيم أفضل الأنبياء منزلة ماعدا رسولنا عليه الصلاة والسلام .

( ومن الفوائد )

أن هؤلاء الأنبياء مدحوا النبي عليه الصلاة والسلام بالصلاح ، ومعلوم أن المدح مذموم ، ولذلك في الصحيح

( لما مدح رجل رجلا ، قال الرسول عليه الصلاة والسلام ” قطعت عنق صاحبك ” ) وعند مسلم قال ( إذا رأيتم المداحين فاحثوا في وجوههم التراب )

فكيف يمدح في وجهه عليه الصلاة والسلام ؟

الجواب / أن الأصل في المدح هو النهي ، لكن من مُدح في وجهه كما مدح النبي عليه الصلاة والسلام بعض أصحابه كأبي بكر وأبي بن كعب رضي الله عنهما ، إذا مدح في وجهه فيكون جائزا إذا عُلِم أن هذا الممدوح لا يزيده هذا المدح إلا تواضعا وانقيادا لأمر الله عز وجل ، فهنا يجوز ، وإلا فالأصل المنع ، فسد باب الفتنة أعظم ما يكون ، والسلامة من الفتن لا يعدلها شيء ولاسيما إذا افتتن الناس بالدنيا ، فيحرص الإنسان على ألا يمدح شخصا في وجهه ، ويحرص الممدوح أن يرد على المادح بالنهي عن هذا المدح .

ومن الفوائد :

أن البيت المعمور أقسم الله عز وجل به في سورة الطور {وَالْبَيْتِ الْمَعْمُورِ }الطور4 ، وهو كعبة أهل السماء ، ويسمى بـ ( الضُراح ) كما جاءت بذلك الآثار ، وجاء في حديث حسنه الألباني رحمه الله ( من أن البيت المعمور حيال الكعبة ) لو قدِّر أنه سقط ، سقط على الكعبة .

ومن الفوائد :

جاء في الصحيحين ( أن النبي صلى الله عليه وسلم ( رأى إبراهيم مسندا ظهره البيت المعمور ) قال العلماء كما نقل ذلك ابن حجر رحمه الله ” إن الجزاء من جنس العمل ” فإن إبراهيم عليه السلام لما بنى الكعبة الأرضية كوفئ بالراحة في الملكوت الأعلى ، فأسند ظهره ، والذي يسند ظهره يدل على أنه في راحة ، ثم إن إسناد ظهره إلى البيت المعمور يدل على أن الإنسان لو جعل الكعبة خلفه لا بأس ذلك ، ولذلك من البدع من بعض الناس أنه إذا فرغ من النسك ” مشى القهقرى ” يعني يمشي إلى الخلف ، إذا قيل له لم ؟ قال حتى لا أستدبر الكعبة ، فهذا من البدع .

 

ومن الفوائد :

أن البيت المعمور سمي بهذا الاسم لكثرة من يعمره من الملائكة ، في كل يوم يزوره سبعون ألف ملك ، وهذا العدد إذا خرج منه لم يعودوا إليه ، وهذا يدل على كثرة الملائكة وأن عددهم لا يحصى من قِبل البشر ، لا يحصيهم إلا الله عز وجل .

بل إن كثرة هذا العدد قد يشير إلى ماذا ؟

قيد يشير إلى أن رحمة الله سبقت غضبه – كما جاء في الحديث – لأن كثرة الملائكة إكثار للرحمة ، لأنه لا يأت من هؤلاء الشر ، ومعلوم أن هؤلاء الملائكة يشفعون يوم القيامة ، فانظر إلى هذا العدد المهول إذا شفع للعصاة يوم القيامة .

ومن الفوائد :

أن النبي صلى الله عليه وسلم رأى إبراهيم فقال :

( إن أشبهه بكم صاحبكم ) يعني أن إبراهيم شبيه بالنبي عليه الصلاة والسلام من حيث الخلقة .

ومن الفوائد :

لو قال قائل : لماذا ذكر هؤلاء الأنبياء دون غيرهم ؟

الجواب / أن هناك حديثا ذكره ابن حجر رحمه الله من ( أن الأنبياء بعثوا إلى النبي عليه الصلاة والسلام من آدم فمن دونه )

فإن قيل في هذا الحديث إنهم جميع الأنبياء فلا إشكال .

وإن كان المقصود هم الأنبياء الذين رآهم في السماوات فيبقى الإشكال ، لماذا هؤلاء بالذات ؟

قال ابن حجر رحمه الله : لأنه عليه الصلاة والسلام سيصيبه ما أصاب هؤلاء ، نأتي إلى آدم ” أخرج من الجنة ” بسبب عدوه الشيطان ، ففيه مؤشرات إلى أن النبي عليه الصلاة والسلام سيخرج من أرضه بسبب أعدائه .

بالنسبة إلى عيسى ويحيى إشارة إلى أن ما أصابهما من عداوة اليهود سيحصل للنبي عليه الصلاة والسلام إذا أخرجه قومه من مكة فذهب إلى المدينة .

وأما بالنسبة إلى يوسف لبيان عاقبة النبي عليه الصلاة والسلام مع قومه كما هي عاقبة يوسف مع إخوته ، قال {قَالَ لاَ تَثْرَيبَ عَلَيْكُمُ الْيَوْمَ يَغْفِرُ اللّهُ لَكُمْ وَهُوَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ }يوسف92 ، ولما فتح النبي عليه الصلاة والسلام مكة قال مثل مقولة يوسف .

ولماذا إدريس ؟

لأن الله عز وجل رفعه في مكان علي ، فدل هذا على أن تلك العداوات والمحن التي أصابت النبي عليه الصلاة والسلام سترفعه إلى منزلة عالية .

ولماذا هارون ؟

قالوا لأن هارون لما ذهب موسى لميقات الله عز وجل جرى له ما جرى مع قومه مما أتت من تلك عداوة ، فلما رجع موسى عادت تلك العداوة محبة ، فكذلك ما كان بين النبي صلى الله عليه وسلم وبين قومه ، فإنه لما سامحهم بعد فتح مكة ، من كان عدوا وبغيضا له أحبه ، ولذلك قال صفوان بن أمية ( ما كان هناك وجه أبغض إلي من محمد فما زال يعطيني ويعطيني حتى صار أحب الناس إلي ) فانقلبت العداوة محبة .

وبالنسبة إلى موسى ففيه إشارة إلى أن البلاء سيعظم بالنبي عليه الصلاة والسلام كما عظم بموسى ، ولذا كان عليه الصلاة والسلام يتأسى بموسى ، فكان يقول ( رحم الله موسى فقد أوذي بأكثر من هذا فصبر )

وأما إبراهيم عليه السلام فلأن إبراهيم باني الكعبة وأسند بيته إلى الكعبة السماوية وهو آخر من يمر به النبي صلى الله عليه وسلم من الأنبياء ، فدل على أن الرسول عليه الصلاة والسلام سيختم حياته تلك بما فيها من العناء وغيره سيختمها بحج البيت الذي بناه إبراهيم عليه السلام .

ومن الفوائد :

ثبت عند مسلم أن النبي صلى الله عليه وسلم ( رأى إبراهيم وموسى وعيسى يصلون ) فدل هذا على أن هذه الصلاة ليست صلاة تكليف وإنما هي صلاة نعيم وسرور ، وهذا يدل على عظم الصلاة ، وكونه عليه الصلاة والسلام يراهم يصلون من باب تأنيسه وتهيئة قلبه إلى ما سيفرض عليه من هذه الصلاة .

بل جاء عند مسلم ( أنه رأى موسى يصلي في قبره ) وهذا يمكن أن يكون دليلا لما ذكرنا من أن أرواح الأنبياء بعثت إلى أجسادهم فالتقت بها ليلتقوا بالنبي عليه الصلاة والسلام تشريفا له .

أن ( سدرة المنتهى )  وصفت بهذه الوصف لأن علم الملائكة ينتهي إليها ، كما قال ابن عباس رضي الله عنهما ، فعلم الملائكة ينتهي عندها .

ومن الفوائد :

عظم هذه السدرة إلى درجة أن نبقها وهي الثمرة كقلال هجر ، والقلة الواحدة – كما قال النووي رحمه الله – هي الجرة التي تسع قربتين ، فانظروا إلى عظم  هذه الثمرة كبر حجمها فكانت في حجم القربة  .

وكذلك أوراقها مثل آذان الفيلة مما يدل على عظمها .

 

ومن الفوائد :

أن أصل هذه الشجرة ينبع منها أربعة أنهار ( نهران باطنان ) وهما في الجنة ، وهذا لا إشكال فيه .

لكن الإشكال / في النهرين الظاهرين وهما ( النيل والفرات ) فكيف ينبعان منها ؟ مع أنهما في الأرض وهي فوق السماء السابعة ؟!

الجواب / قال النووي رحمه الله ” إنهما ينبعان من أصل هذه السدرة ثم يسيران حيث أراد الله عز وجل إلى ما شاء من الأرض ومثل هذا لا ينفيه عقل ولا حس”

ولو قال قائل  : جاء عند مسلم أن الرسول صلى الله عليه وسلم قال

( النيل والفرات وسيحان وجيحان من أنهار الجنة ) فلماذا لم يُذكر النهران الآخران ؟

الجواب / أن ( النيل والفرات ) يمتازان بمزيتين :

المزية الأولى : أنهما ينبعان من سدرة المنتهى

المزية الثانية : أنهما من أنهار الجنة .

بينما ( سيحان وجيان ) أو ( سيحون وجيحون ) لهما مزية واحدة وهي أنهما من أنهار ا لجنة .

ومن الفوائد :

أن النبي صلى الله عليه وسلم رأى جبريل عليه السلام عند سدرة المنتهى وله ستمائة جناح ، بل جاء في المسند ( أن الجناح الواحد كما بين المشرق والمغرب ، وأنه ينتثر التهاويل من الدُّر والياقوت من أجنحته ) وهذا يدل على عظم جبريل ، ولم ير الرسول صلى الله عليه وسلم جبريل عليه السلام على خلقته التي خلقه الله عز وجل عليها إلا مرتين ، هو رآه أكثر من مرة لكن بإشكال متعددة ، لكن لم يره على صورته التي خلقه الله عز وجل عليها إلا مرتين :

المرة الأولى “ لما كان خارجا من الغار رآه على كرسي بين السماء والأرض ” فخاف عليه الصلاة والسلام .

والمرة الثانية “ عند سدرة المنتهى ” كما هنا ، ولذا قال عز وجل {وَلَقَدْ رَآهُ نَزْلَةً أُخْرَى }النجم13 ، يعني مرة أخرى {عِندَ سِدْرَةِ الْمُنْتَهَى }النجم14 .

ولذا فإن قوله تعالى { ثُمَّ دَنَا فَتَدَلَّى{8} فَكَانَ قَابَ قَوْسَيْنِ أَوْ أَدْنَى{9}

الصحيح من قولي المفسرين : أن هذا الدنو من جبريل عليه السلام ، دنا من النبي عليه الصلاة والسلام ، وليس هو دنو الله عز وجل لمحمد عليه الصلاة والسلام .

$ولذا ما جاء في رواية عند البخاري

( أن هذا الدنو من الله ) فقد خطأها العلماء ووهموا من رواها .

$ومع هذه العظمة لجبريل عليه السلام ، فقد ثبت عند الطبراني أن الرسول صلى الله عليه وسلم قال ( رأيت جبريل ليلة أسري بي كالحلس البالي من خشية الله ) و ( الحلس) هو كساء يوضع على متن البعير ، وكلما مر به الزمن كلما كان باليا خلِقا ، فيقول إن جبريل من خشية الله عز وجل كان ( كالحلس البالي ) ولذا فإن جبريل عليه السلام لم يرتق إلى درجة ارتقى إليها النبي صلى الله عليه وسلم في هذه الرحلة ، ولذا قال عز وجل عن الملائكة {وَمَا مِنَّا إِلَّا لَهُ مَقَامٌ مَّعْلُومٌ }الصافات164 يعني لا يتجاوزونه ، وهذا يدل على فضيلة النبي صلى الله عليه وسلم وأنه أعظم الخلق وأفضل الخلق إذ وصل إلى مرتبة لم يصل إليها حتى جبريل عليه السلام .

ومن الفوائد :

أن الصلوات المفروضة فرضت على النبي عليه السلام والسلام في هذه الرحلة السماوية وهو في السماء مما يدل على فضل هذه الصلاة ، فلمزيتها لم تفرض عليه كسائر الواجبات ، وإنما فرضت عليه وهو في السماء مما يدل على عظم هذه الصلاة ، وأنها صلة بين العبد وربه  .

#وكان أول ما فرض من هذه الصلاة ( خمسون صلاة ) كانت من حيث العدد خمسين صلاة ، فكان على المسلمين أن يصلوا خمسين صلاة في كل يوم وليلة .

ومن الفوائد :

بيان فضيلة موسى عليه السلام إذ نصح لهذه الأمة ، بنصحه للنبي عليه الصلاة والسلام أن يسأل ربه التخفيف لهذه الصلاة ، ولذا فإن موسى عليه السلام ماذا قال له ؟ قال ( اسأله التخفيف عنك ) مما يدل على أن التخفيف للأمة هو تخفيف على النبي صلى الله عليه وسلم ، لم ؟ لمحبة الرسول صلى الله عليه وسلم لأمته ، وإلا فهو عليه الصلاة والسلام قادر على أن يصلي هذا العدد وأكثر .

 

ومن الفوائد :

أن موسى عليه السلام نفى التهمة عن نفسه ، لأنه أول ما قابله ( بكى ، قيل ما يبكيك ؟ قال هذا الغلام بُعث بعدي يدخل الجنة من أمته أكثر من أمتي ) فدل على أن هذه المقولة ليست حسدا مذموما من موسى وإنما كان غبطة وأمنية ، ولذا لو كان موسى عليه السلام يحمل في نفسه – وحاشاه – لأنه نبي ولأنه في ملكوت علوي ، لو كان يقصد من ذلك أن تزول هذه النعمة من النبي عليه الصلاة والسلام ما نصح له .

ومن الفوائد :

أن المُجَرِّب ليس كغيره ، فموسى عليه السلام جرَّب وعالج بني إسرائيل ، فدل على أن بني إسرائيل فرضت عليهم صلوات ولكنهم لم يقوموا بها .

ومن الفوائد :

أن هذه الخمس الصلوات التي فرضت على هذه الأمة ماذا قال موسى ؟ قال ( إني أعلم بالناس منك ، لقد عالجت بني إسرائيل أشد المعالجة ، وإن أمتك لن يطيقوا ذلك ) وبالفعل الآن هي خمس صلوات ، ومع ذلك يعجز بعض المسلمين من أن يأتي بها .

ومن الفوائد :

أن ما يعجز عنه القوي – في الغالب – يعجز عنه الضعيف ، لأن بني إسرائيل أقوى منا ، فنحن أضعف بالنسبة إليهم من حيث الأبدان .

__________