تعليقات على سنن ( النسائي ) ـ الدرس الثالث من الحديث ( 92 ) حتى الحديث ( 133)

تعليقات على سنن ( النسائي ) ـ الدرس الثالث من الحديث ( 92 ) حتى الحديث ( 133)

مشاهدات: 449

تعليقات على سنن ( النسائي  ) ـ الدرس الثالث

من الحديث ( 92 ) حتى الحديث ( 133)

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

فضيلة الشيخ زيد بن مسفر البحري

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

 

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه وسلم تسليما كثيرا إلى يوم الدين .

 

أما بعد :

فقد قال المصنف رحمه الله :

 

بَابُ غَسْلِ الْوَجْهِ

حديث رقم – 92-

( صحيح )

 

(أَخْبَرَنَا قُتَيْبَةُ قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ، عَنْ خَالِدِ بْنِ عَلْقَمَةَ، عَنْ عَبْدِ خَيْرٍ قَالَ: أَتَيْنَا عَلِيَّ بْنَ أَبِي طَالِبٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ وَقَدْ صَلَّى، فَدَعَا بِطَهُورٍ فَقُلْنَا: مَا يَصْنَعُ بِهِ وَقَدْ صَلَّى؟ مَا يُرِيدُ إِلَّا لِيُعَلِّمَنَا، فَأُتِيَ بِإِنَاءٍ فِيهِ مَاءٌ وَطَسْتٍ، «فَأَفْرَغَ مِنَ الْإِنَاءِ عَلَى يَدَيْهِ فَغَسَلَهَا ثَلَاثًا، ثُمَّ تَمَضْمَضَ وَاسْتَنْشَقَ ثَلَاثًا مِنَ الْكَفِّ الَّذِي يَأْخُذُ بِهِ الْمَاءَ، ثُمَّ غَسَلَ وَجْهَهُ ثَلَاثًا، وَغَسَلَ يَدَهُ الْيُمْنَى ثَلَاثًا، وَيَدَهُ الشِّمَالَ ثَلَاثًا، وَمَسَحَ بِرَأْسِهِ مَرَّةً وَاحِدَةً، ثُمَّ غَسَلَ رِجْلَهُ الْيُمْنَى ثَلَاثًا وَرِجْلَهُ الشِّمَالَ ثَلَاثًا». ثُمَّ قَالَ: «مَنْ سَرَّهُ أَنْ يَعْلَمَ وُضُوءَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَهُوَ هَذَا» )

 

من الفوائد :

حرص الصحابة رضي الله عنهم على أن ينشروا العلم تطبيقا ، لأنه أبلغ في ثبوت المعلومة واستقرارها في الذهن

 

ومن الفوائد :

أن الطست الذي أُتِي به لعلي رضي الله عنه مع أنه أُتي إليه بإناء فيه ماء ، أنه لأجل أن ينزل فيه الماء المستعمل ، ولكن جاءت رواية تبين أنه ( أتي بإناء في طست ) فدل على أنه لم يقصد هذا ، وإنما هو إناء يؤخذ به من هذا الطست .

 

ومن الفوائد :

أن عليا رضي الله عنه روى أن مسح الرأس مرة واحدة كما روى ذلك غيره من الصحابة فدل على أن الأكثر في مسح الرأس مما ورد أن يمسح مرة واحدة

 

ومن الفوائد :

 

أن تعليم العبادة لا ينقص أجرها ، فالنبي صلى الله عليه وسلم علَّم الصحابة رضي الله عنهم كيف يتوضئون ، والصحابة رضي الله عنهم علموا غيرهم كيف يتوضئون ، والنبي صلى الله عليه وسلم صلى على المنبر لكي يعلم الناس صلاته .

ومن الفوائد :

 

أن السنة في الغسل أن يكون على العضو ثلاث مرات ، والمقصود من ذلك أن يعمم العضو بالماء بقطع النظر عن عدد الحفنات ، فلو أنه غسل بحفنة من ماء شقه الأيمن من وجهه وحفنة أخرى غسل بها شقه الأيسر وحفنة ثالثة عمم بها ما بقي مما لم يأته الماء في الوجه فإنها تعد غسلة واحدة

عَدَدُ غَسْلِ الْوَجْهِ

 

حديث رقم – 93-

 

( صحيح )  

 

(أَخْبَرَنَا سُوَيْدُ بْنُ نَصْرٍ قَالَ: أَنْبَأَنَا عَبْدُ اللَّهِ وَهُوَ ابْنُ الْمُبَارَكِ، عَنْ شُعْبَةَ، عَنْ مَالِكِ بْنِ عُرْفُطَةَ، عَنْ عَبْدِ خَيْرٍ، عَنْ عَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، أَنَّهُ أُتِيَ بِكُرْسِيٍّ فَقَعَدَ عَلَيْهِ، ثُمَّ ” دَعَا بِتَوْرٍ فِيهِ مَاءٌ، فَكَفَأَ عَلَى يَدَيْهِ ثَلَاثًا، ثُمَّ مَضْمَضَ وَاسْتَنْشَقَ بِكَفٍّ وَاحِدٍ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ، وَغَسَلَ وَجْهَهُ ثَلَاثًا، وَغَسَلَ ذِرَاعَيْهِ ثَلَاثًا ثَلَاثًا، وَأَخَذَ مِنَ الْمَاءِ فَمَسَحَ بِرَأْسِهِ – وَأَشَارَ شُعْبَةُ مَرَّةً: مِنْ نَاصِيَتِهِ إِلَى مُؤَخَّرِ رَأْسِهِ، ثُمَّ قَالَ: لَا أَدْرِي أَرَدَّهُمَا أَمْ لَا – وَغَسَلَ رِجْلَيْهِ ثَلَاثًا ثَلَاثًا “. ثُمَّ قَالَ: «مَنْ سَرَّهُ أَنْ يَنْظُرَ إِلَى طُهُورِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَهَذَا طُهُورُهُ»)  

من الفوائد :

 

فضل الصحابة رضي الله عنهم على هذه الأمة إذ نقلوا ما رأوه من رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وفيه رد على الروافض الذين طعنوا في الصحابة وتنقصوا من مكانتهم ، فإن الشريعة ما أتت إلينا إلا عن طريق هؤلاء الفضلاء رضي الله عنهم .

 

ومن الفوائد :

 

أن الوضوء على مقعد أو على كرسي لا بأس به كما صنع علي رضي الله عنه ، كما هو موجود في بعض دورات المساجد ، يوضع مكان يجلس عليه المتوضئ  ، فهذا الحديث حجة لمن صنع هذا .

 

ومن الفوائد :

 

أن المضمضة والاستنشاق يكونان من كفٍ واحد .

 

غَسْلُ الْيَدَيْنِ

 

حديث رقم – 94-

 

( صحيح الإسناد )  

 

(أَخْبَرَنَا عَمْرُو بْنُ عَلِيٍّ وَحُمَيْدُ بْنُ مَسْعَدَةَ، عَنْ يَزِيدَ وَهُوَ ابْنُ زُرَيْعٍ قَالَ: حَدَّثَنِي شُعْبَةُ، عَنْ مَالِكِ بْنِ عُرْفُطَةَ، عَنْ عَبْدِ خَيْرٍ قَالَ: شَهِدْتُ عَلِيًّا دَعَا بِكُرْسِيٍّ فَقَعَدَ عَلَيْهِ، ثُمَّ «دَعَا بِمَاءٍ فِي تَوْرٍ فَغَسَلَ يَدَيْهِ ثَلَاثًا، ثُمَّ مَضْمَضَ وَاسْتَنْشَقَ بِكَفٍّ وَاحِدٍ ثَلَاثًا، ثُمَّ غَسَلَ وَجْهَهُ ثَلَاثًا، وَيَدَيْهِ ثَلَاثًا ثَلَاثًا، ثُمَّ غَمَسَ يَدَهُ فِي الْإِنَاءِ فَمَسَحَ بِرَأْسِهِ، ثُمَّ غَسَلَ رِجْلَيْهِ ثَلَاثًا ثَلَاثًا». ثُمَّ قَالَ: «مَنْ سَرَّهُ أَنْ يَنْظُرَ إِلَى وُضُوءِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَهَذَا وُضُوءُهُ»  )

 

بَابُ صِفَةِ الْوُضُوءِ

 

حديث رقم – 95-

 

( صحيح )

 

(أَخْبَرَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ الْحَسَنِ الْمِقْسَمِيُّ قَالَ: أَنْبَأَنَا حَجَّاجٌ قَالَ: قَالَ ابْنُ جُرَيْجٍ، حَدَّثَنِي شَيْبَةُ، أَنَّ مُحَمَّدَ بْنَ عَلِيٍّ أَخْبَرَهُ قَالَ: أَخْبَرَنِي أَبِي عَلِيٌّ، أَنَّ الْحُسَيْنَ بْنَ عَلِيٍّ قَالَ: دَعَانِي أَبِي عَلِيٌّ بِوَضُوءٍ، فَقَرَّبْتُهُ لَهُ ” فَبَدَأَ فَغَسَلَ كَفَّيْهِ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ قَبْلَ أَنْ يُدْخِلَهُمَا فِي وَضُوئِهِ، ثُمَّ مَضْمَضَ ثَلَاثًا، وَاسْتَنْثَرَ ثَلَاثًا، ثُمَّ غَسَلَ وَجْهَهُ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ، ثُمَّ غَسَلَ يَدَهُ الْيُمْنَى إِلَى الْمِرْفَقِ ثَلَاثًا، ثُمَّ الْيُسْرَى كَذَلِكَ، ثُمَّ مَسَحَ بِرَأْسِهِ مَسْحَةً وَاحِدَةً، ثُمَّ غَسَلَ رِجْلَهُ الْيُمْنَى إِلَى الْكَعْبَيْنِ ثَلَاثًا، ثُمَّ الْيُسْرَى كَذَلِكَ، ثُمَّ قَامَ قَائِمًا، فَقَالَ: نَاوِلْنِي. فَنَاوَلْتُهُ الْإِنَاءَ الَّذِي فِيهِ فَضْلُ وَضُوئِهِ فَشَرِبَ مِنْ فَضْلِ وَضُوئِهِ قَائِمًا “. فَعَجِبْتُ فَلَمَّا رَآنِي قَالَ: «لَا تَعْجَبْ؛ فَإِنِّي رَأَيْتُ أَبَاكَ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَصْنَعُ مِثْلَ مَا رَأَيْتَنِي صَنَعْتُ يَقُولُ لِوُضُوئِهِ هَذَا وَشَرِبِ فَضْلِ وَضُوئِهِ قَائِمًا»)

من الفوائد :

 

أن السنة في غسل الكفين ألا تدخل في الإناء وإنما يصب عليهما من الإناء ، فلعل أن تكون هناك قاذورات يتأثر بها الماء ، هذا من باب السنية وإلا فالأصل طهارة اليدين .

 

ومن الفوائد :

 

أن الغسل للأعضاء تكون البداءة فيه باليمين .

 

ومن الفوائد :

 

أن الجد يطلق عليه أب .

 

ومن الفوائد :

 

أن شرب الإنسان وهو قائم ليس بمحرم لفعل النبي صلى الله عليه وسلم وفعل علي رضي الله عنه ، وبعض العلماء يقول الأصل أنه يشرب جالسا وأن هذا الفعل إنما حصل في موضعين حينما شرب النبي صلى الله عليه وسلم من ماء زمزم وهو قائم وهو ماء مبارك ، وكذلك حينما توضأ ففضل من وضوئه شرب وهو ماء مبارك لأنه ماء تبقى من عبادة .

ولكن الصواب الجواز وأن النهي الوارد ليس نهي تحريم وإنما هو نهي تنزيه ، وإما أثبات أن الماء الذي بقي من الوضوء أنه مبارك فهذا يحتاج إلى دليل

 

 

عَدَدُ غَسْلِ الْيَدَيْنِ

 

حديث رقم – 96-

 

( صحيح )

 

(أَخْبَرَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو الْأَحْوَصِ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ أَبِي حَيَّةَ وَهُوَ ابْنُ قَيْسٍ، قَالَ: رَأَيْتُ عَلِيًّا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ «تَوَضَّأَ فَغَسَلَ كَفَّيْهِ حَتَّى أَنْقَاهُمَا، ثُمَّ تَمَضْمَضَ ثَلَاثًا وَاسْتَنْشَقَ ثَلَاثًا، وَغَسَلَ وَجْهَهُ ثَلَاثًا، وَغَسَلَ ذِرَاعَيْهِ ثَلَاثًا ثَلَاثًا، ثُمَّ مَسَحَ بِرَأْسِهِ، ثُمَّ غَسَلَ قَدَمَيْهِ إِلَى الْكَعْبَيْنِ، ثُمَّ قَامَ فَأَخَذَ فَضْلَ طَهُورِهِ فَشَرِبَ وَهُوَ قَائِمٌ». ثُمَّ قَالَ: «أَحْبَبْتُ أَنْ أُرِيَكُمْ كَيْفَ طُهُورُ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ» )

 

من الفوائد :

 

أن عليا رضي الله عنه بالغ في إنقاء الكفين في أول الوضوء ، ولذا يحرص المسلم على أن ينظفهما وأن ينقيهما تنقية جيدة لأنهما آلتا الاغتراف .

 

بَابُ حَدِّ الْغَسْلِ

 

حديث رقم – 97-

 

( صحيح )

 

(أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سَلَمَةَ وَالْحَارِثُ بْنُ مِسْكِينٍ قِرَاءَةً عَلَيْهِ وَأَنَا أَسْمَعُ وَاللَّفْظُ لَهُ، عَنِ ابْنِ الْقَاسِمِ، قَالَ: حَدَّثَنِي مَالِكٌ، عَنْ عَمْرِو بْنِ يَحْيَى الْمَازِنِيِّ، عَنْ أَبِيهِ، أَنَّهُ قَالَ لِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ زَيْدِ بْنِ عَاصِمٍ وَكَانَ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ – وَهُوَ جَدُّ عَمْرِو بْنِ يَحْيَى: هَلْ تَسْتَطِيعُ أَنْ تُرِيَنِي كَيْفَ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَتَوَضَّأُ؟ قَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ زَيْدٍ: «نَعَمْ. فَدَعَا بِوَضُوءٍ، فَأَفْرَغَ عَلَى يَدَيْهِ فَغَسَلَ يَدَيْهِ مَرَّتَيْنِ مَرَّتَيْنِ، ثُمَّ تَمَضْمَضَ وَاسْتَنْشَقَ ثَلَاثًا، ثُمَّ غَسَلَ وَجْهَهُ ثَلَاثًا، ثُمَّ غَسَلَ يَدَيْهِ مَرَّتَيْنِ مَرَّتَيْنِ إِلَى الْمِرْفَقَيْنِ، ثُمَّ مَسَحَ رَأْسَهُ بِيَدَيْهِ فَأَقْبَلَ بِهِمَا وَأَدْبَرَ، بَدَأَ بِمُقَدَّمِ رَأْسِهِ، ثُمَّ ذَهَبَ بِهِمَا إِلَى قَفَاهُ، ثُمَّ رَدَّهُمَا حَتَّى رَجَعَ إِلَى الْمَكَانِ الَّذِي بَدَأَ مِنْهُ، ثُمَّ غَسَلَ رِجْلَيْهِ» )

بَابُ صِفَةِ مَسْحِ الرَّأْسِ

 

حديث رقم – 98-

 

( صحيح )

 

(أَخْبَرَنَا عُتْبَةُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ مَالِكٍ هُوَ ابْنُ أَنَسٍ، عَنْ عَمْرِو بْنِ يَحْيَى، عَنْ أَبِيهِ: أَنَّهُ قَالَ لِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ زَيْدِ بْنِ عَاصِمٍ – وَهُوَ جَدُّ عَمْرِو بْنِ يَحْيَى – هَلْ تَسْتَطِيعُ أَنْ تُرِيَنِي كَيْفَ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَتَوَضَّأُ؟ قَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ زَيْدٍ: «نَعَمْ. فَدَعَا بِوَضُوءٍ، فَأَفْرَغَ عَلَى يَدِهِ الْيُمْنَى فَغَسَلَ يَدَيْهِ مَرَّتَيْنِ، ثُمَّ مَضْمَضَ وَاسْتَنْشَقَ ثَلَاثًا، ثُمَّ غَسَلَ وَجْهَهُ ثَلَاثًا، ثُمَّ غَسَلَ يَدَيْهِ مَرَّتَيْنِ مَرَّتَيْنِ إِلَى الْمِرْفَقَيْنِ، ثُمَّ مَسَحَ رَأْسَهُ بِيَدَيْهِ فَأَقْبَلَ بِهِمَا وَأَدْبَرَ بَدَأَ بِمُقَدَّمِ رَأْسِهِ، ثُمَّ ذَهَبَ بِهِمَا إِلَى قَفَاهُ، ثُمَّ رَدَّهُمَا حَتَّى رَجَعَ إِلَى الْمَكَانِ الَّذِي بَدَأَ مِنْهُ، ثُمَّ غَسَلَ رِجْلَيْهِ» )

من الفوائد :

 

أن السلف رحمهم الله كانوا حريصين على سؤال أهل العلم كيف كان يفعل النبي صلى الله عليه وسلم ؟ وهكذا يكون طلب العلم ، ولذلك قيل لابن عباس رضي الله عنهما كيف حصلت على هذا العلم ؟ قال ( بلسان سؤول وقلب عقول )

ومن الفوائد :

 

بيان أن التعليم بالفعل أبلغ وأثبت من القول ، ولا شك أن في كليهما خيرا ، ولكن التعليم العملي أبلغ .

 

ومن الفوائد :

 

أنه دعا بوَضوء ، وسبق وأن قلنا إن الواو إذا فتحت تدل على الماء ، ويؤيد ما ذكرناه أن رواية البخاري ( أنه دعاء بماء ) فبينت رواية البخاري معنى كلمة ( وَضوء )

ومن الفوائد :

 

أن النبي صلى الله عليه وسلم غسل كفيه مرتين ، بينما أتت رواية أخرى ( أنه صب الماء على كفيه ثلاثا ) فهل تكون واقعتين ؟ أم أنها واقعة واحدة فتقدم رواية الثلاث ؟

الأقرب الثاني ، لأن القصة واحدة ، والأصل عدم التعدد .

 

ومن الفوائد :

 

أن الأكمل في المضمضة والاستنشاق أن تكون ثلاثا ، وكذلك غسل الوجه ، وكذلك غسل اليدين ، ولكن هنا ذكر غسل اليدين مرتين ، ودلت الأحاديث الأخرى على أنه غسل يديه ثلاث مرات .

 

ومن الفوائد :

 

أن الصواب في الرأس أن يمسح مرة واحدة ، وفُسِّر مسح الرأس هنا بقوله ( فأقبل بهما وأدبر ) هذه جملة مبهمة ، كيف الإقبال وكيف الإدبار ؟

فأتت الجملة بعدها مفسرة ، ولذلك لم يأت حرف عطف بعدها ، مما يدل على أن لها صلة بما قبلها وأنها مفسرة لما قبلها ، فقال ( بدأ ) ولم يقل ( فبدأ أو وبدأ ) وإنما قال ( بدأ بمقدم رأسه )

ومن الفوائد :

 

أنه لو مسح رأسه على أي صفة كانت أجزأ ، ولكن فائدة الإقبال والإدبار أن يستوعب أطراف الشعر المقبل منه والمدبر .

 

ومن الفوائد :

 

أن فيه ردا على الرافضة الذين لا يرون غسل القدمين وإنما يرون مسح ما تكعب من القدم أي ما ارتفع وهو مقدمة القدم ، فمع أنهم لا يرون الغسل فهم لا يرون إلا المسح للمقدمة فقط ولا يرون مسح القدمين استيعابا لهما ، وسيأتي معنا إن شاء الله من الأحاديث ما يرد به عليهم .

 

عَدَدُ مَسْحِ الرَّأْسِ

 

حديث رقم – 99-

 

( شاذ )  

 

(أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مَنْصُورٍ قَالَ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ عَمْرِو بْنِ يَحْيَى، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ زَيْدٍ الَّذِي أُرِيَ النِّدَاءَ قَالَ: «رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَوَضَّأَ فَغَسَلَ وَجْهَهُ ثَلَاثًا وَيَدَيْهِ مَرَّتَيْنِ، وَغَسَلَ رِجْلَيْهِ مَرَّتَيْنِ، وَمَسَحَ بِرَأْسِهِ مَرَّتَيْنِ») 

 

من الفوائد :

أن هذ الحديث ذكر فيه أنه عبد الله بن زيد الذي رأى الأذان في المنام ، ولكن العلماء غلَّطوا هذه الجملة ، فالذي رأى الأذان في المنام هو عبد الله بن زيد بن عبد ربه ، بينما هذا هو عبد الله بن زيد بن عاصم الذي روى حديث الوضوء .

 

ومن الفوائد :

 

أن الألباني رحمه الله حكم عليه بالشذوذ إما لهذه الجملة ، وإما لأنه مسح رأسه مرتين ، وبعض العلماء يقول إن هذا الحديث صحيح وليس شاذا وإنما المقصود من المرتين ليس عددا وإنما استيعابا بمعنى أنه لما بدأ بمقدم رأسه إلى القفا هذه مرة ثم عاد مرة أخرى هذه مرة ثانية ، ولا تعد مسحتين ، إنما المراد أنه استوعب الرأس بالمسح .

 

بَابُ مَسْحِ الْمَرْأَةِ رَأْسَهَا

 

حديث رقم – 100-

 

( صحيح الإسناد )

 

(أَخْبَرَنَا الْحُسَيْنُ بْنُ حُرَيْثٍ قَالَ: حَدَّثَنَا الْفَضْلُ بْنُ مُوسَى، عَنْ جُعَيْدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ قَالَ: أَخْبَرَنِي عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ مَرْوَانَ بْنِ الْحَارِثِ بْنِ أَبِي ذُنَابٍ قَالَ: أَخْبَرَنِي أَبُو عَبْدِ اللَّهِ سَالِمٌ سَبَلَانُ قَالَ: وَكَانَتْ عَائِشَةُ تَسْتَعْجِبُ بِأَمَانَتِهِ، وَتَسْتَأْجِرُهُ فَأَرَتْنِي كَيْفَ «كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَتَوَضَّأُ، فَتَمَضْمَضَتْ وَاسْتَنْثَرَتْ ثَلَاثًا، وَغَسَلَتْ وَجْهَهَا ثَلَاثًا، ثُمَّ غَسَلَتْ يَدَهَا الْيُمْنَى ثَلَاثًا وَالْيُسْرَى ثَلَاثًا، وَوَضَعَتْ يَدَهَا فِي مُقَدَّمِ رَأْسِهَا، ثُمَّ مَسَحَتْ رَأْسَهَا مَسْحَةً وَاحِدَةً إِلَى مُؤَخَّرِهِ، ثُمَّ أَمَرَّتْ يَدَهَا بِأُذُنَيْهَا، ثُمَّ مَرَّتْ عَلَى الْخَدَّيْنِ» قَالَ سَالِمٌ: كُنْتُ آتِيهَا مُكَاتَبًا مَا تَخْتَفِي مِنِّي، فَتَجْلِسُ بَيْنَ يَدَيَّ وَتَتَحَدَّثُ مَعِي حَتَّى جِئْتُهَا ذَاتَ يَوْمٍ فَقُلْتُ: ادْعِي لِي بِالْبَرَكَةِ يَا أُمَّ الْمُؤْمِنِينَ. قَالَتْ: وَمَا ذَاكَ؟ قُلْتُ: أَعْتَقَنِي اللَّهُ. قَالَتْ: بَارَكَ اللَّهُ لَكَ، وَأَرْخَتِ الْحِجَابَ دُونِي، فَلَمْ أَرَهَا بَعْدَ ذَلِكَ الْيَوْمِ  )

من الفوائد :

 

أن الصحابة رضي الله عنها متى ما رأوا من حولهم بحاجة إلى علم ما بينوه إما بالقول وإما بالفعل كما فعلت عائشة رضي الله عنها .

 

ومن الفوائد :

 

أن عائشة رضي الله عنها اكتفت بإمرار يديها على رأسها من أوله إلى المؤخرة ولم تعد مرة أخرى إلى المقدمة فدل على أن المجزئ أن يعمم الرأس بالمسح من غير أن يعاد إلى المقدمة مرة أخرى ، ولعل المرأة بحاجة إلى مثل هذا لأنها إذا رجعت لتغير مسار شعرها .

 

ومن الفوائد :

 

أن المقصود من المُكاتب هو العبد الذي يطلب من سيده أن يعتقه مقابل مال ما ، فيذهب هذا العبد ويعمل حتى يوفر هذا المال ، والنبي صلى الله عليه وسلم (  المُكاتَب عبدٌ ما بقي عليه درهم ) ولذا لم تتحجب عنه عائشة رضي الله عنها .

 

ومن الفوائد :

أنه قال ( ادعي لي ) فهذا قد يخالف ما ذهب إليه شيخ الإسلام رحمه الله من أن الدعاء من الشخص للشخص من المسألة المكروهة إلا إذا كان مقصوده أن ينفع الداعي ، بحيث يشتركان في هذه الدعوة ، لأنه إذا دعا له بظهر الغيب قال له الملك ( ولك بمثله ) ؟

ولكن لا مخالفة لأن هذا الرجل إذا دعت له عائشة رضي الله عنها بالبركة يكون لها أيضا بركة بتأمين الملائكة .

 

مَسْحُ الْأُذُنَيْنِ

 

حديث رقم – 101-

 

( صحيح الإسناد )

 

(أَخْبَرَنَا الْهَيْثَمُ بْنُ أَيُّوبَ الطَّالَقَانِيُّ قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ: حَدَّثَنَا زَيْدُ بْنُ أَسْلَمَ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ” تَوَضَّأَ فَغَسَلَ يَدَيْهِ، ثُمَّ تَمَضْمَضَ وَاسْتَنْشَقَ مِنْ غَرْفَةٍ وَاحِدَةٍ، وَغَسَلَ وَجْهَهُ وَغَسَلَ يَدَيْهِ مَرَّةً مَرَّةً، وَمَسَحَ بِرَأْسِهِ وَأُذُنَيْهِ مَرَّةً – قَالَ عَبْدُ الْعَزِيزِ: وَأَخْبَرَنِي مَنْ سَمِعَ ابْنَ عَجْلَانَ يَقُولُ فِي ذَلِكَ: وَغَسَلَ رِجْلَيْهِ ”  )

بَابُ مَسْحِ الْأُذُنَيْنِ مَعَ الرَّأْسِ وَمَا يُسْتَدَلُّ بِهِ عَلَى أَنَّهُمَا مِنَ الرَّأْسِ

حديث رقم – 102-

 

( حسن صحيح )

 

(أَخْبَرَنَا مُجَاهِدُ بْنُ مُوسَى قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ إِدْرِيسَ قَالَ: حَدَّثَنَا ابْنُ عَجْلَانَ، عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: «تَوَضَّأَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَغَرَفَ غَرْفَةً فَمَضْمَضَ وَاسْتَنْشَقَ، ثُمَّ غَرَفَ غَرْفَةً فَغَسَلَ وَجْهَهُ، ثُمَّ غَرَفَ غَرْفَةً فَغَسَلَ يَدَهُ الْيُمْنَى، ثُمَّ غَرَفَ غَرْفَةً فَغَسَلَ يَدَهُ الْيُسْرَى، ثُمَّ مَسَحَ بِرَأْسِهِ وَأُذُنَيْهِ بَاطِنِهِمَا بِالسَّبَّاحَتَيْنِ وَظَاهِرِهِمَا بَإِبْهَامَيْهِ، ثُمَّ غَرَفَ غَرْفَةً فَغَسَلَ رِجْلَهُ الْيُمْنَى، ثُمَّ غَرَفَ غَرْفَةً فَغَسَلَ رِجْلَهُ الْيُسْرَى» )

من الفوائد :

 

أن الأذنين تمسحان كما يسمح الرأس ، ومسح الأذنين يدل على أنهما من الرأس ،لأنها اشتركت مع الرأس في الصفة وهي صفة المسح ، ولذلك لم يتكرر مسحهما ثلاثا ، فكانت مثل الرأس في الصورة وفي العدد .

 

ومن الفوائد :

 

أن هذا الحديث ذكر صفة مسح الأذنين ، ولو مسح أذنيه بأي صفة أجزأ للإطلاق في قوله تعالى : { وَامْسَحُواْ بِرُؤُوسِكُمْ } لكن أفضل الصفات ما ذكر هنا ، أن يمسح باطن أذنيه بالسبابتين ويمسح ظاهرهما بإبهاميه ، وهذا يدل على أنه عليه الصلاة والسلام مسح أذنيه كلتيهما جملة واحدة ، فلم يمسح اليمنى ثم اليسرى بل مسحهما كلتيهما مرة واحدة .

 

ومن الفوائد :

 

أن السبابة هي التي تلي الإبهام ، وهذا الاسم جاهلي ، لأن العرب كانوا يشيرون بها عند السب ، فجاء الإسلام وأضاف لها اسما آخر وهي السباحتين ، والمقصود منها الأنامل ، لأنه لا يمكن أن تدخل الأصابع في الأذن ، ولكن هذا أسلوب من أساليب اللغة العربية ، خلافا لمن قال من أهل البلاغة إنه مجاز .

 

حديث رقم – 103-

 

( صحيح )

 

(أَخْبَرَنَا قُتَيْبَةُ وَعُتْبَةُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ مَالِكٍ، عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ الصُّنَابِحِيّ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «إِذَا تَوَضَّأَ الْعَبْدُ الْمُؤْمِنُ فَتَمَضْمَضَ خَرَجَتِ الْخَطَايَا مِنْ فِيهِ، فَإِذَا اسْتَنْثَرَ خَرَجَتِ الْخَطَايَا مِنْ أَنْفِهِ، فَإِذَا غَسَلَ وَجْهَهُ خَرَجْتِ الْخَطَايَا مِنْ وَجْهِهِ حَتَّى تَخْرُجَ مِنْ تَحْتِ أَشْفَارِ عَيْنَيْهِ، فَإِذَا غَسَلَ يَدَيْهِ خَرَجَتِ الْخَطَايَا مِنْ يَدَيْهِ حَتَّى تَخْرُجَ مِنْ تَحْتِ أَظْفَارِ يَدَيْهِ، فَإِذَا مَسَحَ بِرَأْسِهِ خَرَجَتِ الْخَطَايَا مِنْ رَأْسِهِ حَتَّى تَخْرُجَ مِنْ أُذُنَيْهِ، فَإِذَا غَسَلَ رِجْلَيْهِ خَرَجَتِ الْخَطَايَا مِنْ رِجْلَيْهِ حَتَّى تَخْرُجَ مِنْ تَحْتِ أَظْفَارِ رِجْلَيْهِ، ثُمَّ كَانَ مَشْيُهُ إِلَى الْمَسْجِدِ وَصَلَاتُهُ نَافِلَةً لَهُ»)

ومن الفوائد :

فضل الوضوء وأنه مُكفِّر للسيئات ، والمقصود من ذلك الصغائر ، وقد مرت معنا هذه المسألة ( الصلاة الخمس والجمعة إلى الجمعة ورمضان إلى رمضان مكفرات لما بينهن إذا اجتنبت الكبائر ) فهذا في شأن الصلاة فما ظنكم بالوضوء ؟

 

ومن الفوائد :

 

أن النسائي رحمه الله عدل عن حديث ( الأذنان من الرأس ) لأن فيه كلاما – وقد مر معنا – فأراد أن يستدل على أن الأذنين من الرأس أنهما تمسحان مع الرأس إذا قال ( حتى تخرج خطاياه من أذنيه ) فدل على أن الأذنين تابعتان للرأس .

 

ومن الفوائد :

 

أن تكفير السيئات إنما هو لأعضاء الوضوء التي حصل فيها ما يوجب العقوبة على الصغائر ، ولذلك قال ( ثم كان مشيه إلى المسجد وصلاته نافلة له ) يعني أن المشي يكفر خطايا أخرى غير الخطايا التي فعلتها أعضاء الوضوء ، لأن النافلة إذا أطلقت في النصوص الشرعية لا يقصد بها حصرا على ما يثاب فاعله ولا يعاقب تاركه ، فإن النافلة يمكن أن تكون بمعنى الزيادة كما هنا ( وكان مشيه إلى الصلاة نافلة ) يعني خير على خير ،

كما قال تعالى : { وَوَهَبْنَا لَهُ إِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ نَافِلَةً وَكُلّاً جَعَلْنَا صَالِحِينَ } الأنبياء 72 ، لأن يعقوب هو  إسحاق ، والسياق في قصة إبراهيم عليه السلام ، فكان يعقوب نافلة يعني زائدة .

 

ومن الفوائد :

 

أن الشعور التي تكون في الوجه مطلوب غسلها في الوضوء ، ولكن إلى حد لا يوصل الإنسان إلى الوسوسة ، ولذلك لما ذكر غسل الوجه ذكر أن الخطايا تخرج من تحت أشفار عينيه .

 

ومن الفوائد :

 

أن خروج هذه الخطايا مع أن الخطيئة معنى وليست شيئا محسوسا أن خروجها إما أن يكون شيئا معنويا ، وأما كنهه وطبيعتها فلا يعلمها إلا الله سبحانه وتعالى ، فإن الله سبحانه وتعالى قادر على أن يحول الأعراض إلى أجسام ، ولذلك توزن الأعمال الصالحة يوم القيامة ، ويؤتى بالموت يوم القيامة في صورة كبش .

وإما أن يكون المقصود من خروج الخطايا بيان عظم الأجر الذي يناله المتوضأ .

 

بَابُ الْمَسْحِ عَلَى الْعِمَامَةِ

 

حديث رقم – 104-

( صحيح )

 

(أَخْبَرَنَا الْحُسَيْنُ بْنُ مَنْصُورٍ قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ، حَدَّثَنَا الْأَعْمَشُ، ح وَأَنْبَأَنَا الْحُسَيْنُ بْنُ مَنْصُورٍ قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ نُمَيْرٍ قَالَ: حَدَّثَنَا الْأَعْمَشُ، عَنِ الْحَكَمِ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي لَيْلَى، عَنْ كَعْبِ بْنِ عُجْرَةَ، عَنْ بِلَالٍ قَالَ: «رَأَيْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَمْسَحُ عَلَى الْخُفَّيْنِ وَالْخِمَارِ»)

 

من الفوائد :

 

أن فيه الرد على من منع من المسح على العمامة ، ولكنه يرد على هذا الحديث فيقول إن الخمار المذكور هنا يدل على أنه خمار رقيق يصل الماء إلى الرأس كما هو الشأن في خمار المرأة ، ولكن أين الدليل على أنه رقيق ، ولو سلمنا بهذا فإن الأحاديث الأخرى أثبتت المسح على العمامة ، وهم يرون أن المسح على الرأس فقط أما الحائل الذي يكون على الرأس فلا ، لأن الأصل أن يمسح على الرأس مباشرة لا على حائل .

 

حديث رقم – 105-

 

( صحيح )

 

(وَأَخْبَرَنَا الْحُسَيْنُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْجَرْجَرَائِيُّ، عَنْ طَلْقِ بْنِ غَنَّامٍ قَالَ: حَدَّثَنَا زَائِدَةُ وَحَفْصُ بْنُ غِيَاثٍ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنِ الْحَكَمِ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي لَيْلَى، عَنِ الْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ، عَنْ بِلَالٍ قَالَ: «رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَمْسَحُ عَلَى الْخُفَّيْنِ» )

حديث رقم – 106-

 

( صحيح )

 

(أَخْبَرَنَا هَنَّادُ بْنُ السَّرِيِّ، عَنْ وَكِيعٍ، عَنْ شُعْبَةَ، عَنِ الْحَكَمِ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي لَيْلَى، عَنْ بِلَالٍ قَالَ: «رَأَيْتُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَمْسَحُ عَلَى الْخِمَارِ وَالْخُفَّيْنِ» )

من الفوائد :

 

أن المسح على الخفين يشترط في صحته أن يكون بعد طهارة من الحدث ، ولكن هل يشترط أن يكمل الطهارة بمعنى أن له أن يلبس الخف في الرجل اليمنى بعد أن يغسلها وقبل أن يتم غسل الرجل اليسرى ؟

الجمهور على أنه لا يصح ، فلابد أن يدخل الخفين كليهما وقد تمت طهارته ، بينما يرى شيخ الإسلام رحمه الله الجواز ، لأنه يصدق عليه أنه أدخل القدمين في الخفين وهما طاهرتان ، سواء كان قبل أو بعد ، ولكن هناك روايات أخرى تثبت بأن إدخال الخفين يكون بعد كمال الطهارة ، ولذلك قال هنا ( فإني أدخلت القدمين الخفين وهما طاهرتان ) جملة حالية تبين حال النبي صلى الله عليه وسلم وأنه ما أدخل الخفين إلا بعد كما الطهارة .

 

بَابُ الْمَسْحِ عَلَى الْعِمَامَةِ مَعَ النَّاصِيَةِ

 

حديث رقم – 107-

( صحيح )

 

(أَخْبَرَنَا عَمْرُو بْنُ عَلِيٍّ قَالَ: حَدَّثَنِي يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ قَالَ: حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ التَّيْمِيُّ قَالَ: حَدَّثَنَا بَكْرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْمُزَنِيُّ، عَنِ الْحَسَنِ، عَنِ ابْنِ الْمُغِيرَةِ بْنِ شُعْبَةَ، عَنِ الْمُغِيرَةِ «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَوَضَّأَ فَمَسَحَ نَاصِيَتَهُ وَعِمَامَتَهُ وَعَلَى الْخُفَّيْنِ» قَالَ بَكْرٌ: وَقَدْ سَمِعْتُهُ مِنَ ابْنِ الْمُغِيرَةِ بْنِ شُعْبَةَ، عَنْ أَبِيهِ  )

من الفوائد :

 

هذا الحديث يرد به على من قال إن المسح على العمامة غير مجزئ ، لأن الأصل في المسح أن يكون على غير حائل ، ولذا قال عمر رضي الله عنه ( من لم يطهره المسح على العمامة فلا طهره الله )

ومن الفوائد :

 

قال بعض العلماء إن مسح بعض الرأس مجزئ ، لأن النبي صلى الله عليه وسلم مسح على ناصيته وهي مقدمة الرأس

ولا دليل في ذلك ، لأن النبي صلى الله عليه وسلم مسح على الناصية مع العمامة ولم يقتصر على مسح الناصية فقط

 

ومن الفوائد :

 

ما ذهب إليه شيخ الإسلام رحمه الله من أن أي عمامة يصح المسح عليها ، لأن الحديث أطلق ، ولا تشترط تلك الشروط التي ذكرها الفقهاء كأن تكون محنكة يعني تحت الحنك ، أو ذات ذؤابة ، فليس عليه دليل ، لكن من قال بهذه الشروط قال لأن عادة العرب جرت في العمامة أنهم يجعلونها تحت الحنك وأن يجعلوا لها من الخلف ذؤابة .

 

ومن الفوائد :

 

أن هذه العمامة يجب أن تكون ملبوسة على ما جرت به العادة في ستر الرأس ، أما ما جرت العادة بكشفه كظاهر الأذنين فلا بأس بذلك .

 

ومن الفوائد :

 

أن المسح على العمامة لا تشترط له طهارة سابقة ولا يتقيد بزمن ، وما ورد من التقيد بزمن فهي أحاديث ضعيفة .

وهذا هو الصواب ، فلا تقاس على الخفين .

 

حديث رقم – 108-

 

( صحيح )

 

(أَخْبَرَنَا عَمْرُو بْنُ عَلِيٍّ وَحُمَيْدُ بْنُ مَسْعَدَةَ، عَنْ يَزِيدَ وَهُوَ ابْنُ زُرَيْعٍ قَالَ: حَدَّثَنَا حُمَيْدٌ قَالَ: حَدَّثَنَا بَكْرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْمُزَنِيُّ، عَنْ حَمْزَةَ بْنِ الْمُغِيرَةِ بْنِ شُعْبَةَ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ: تَخَلَّفَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَتَخَلَّفْتُ مَعَهُ، فَلَمَّا قَضَى حَاجَتَهُ قَالَ: «أَمَعَكَ مَاءٌ؟» فَأَتَيْتُهُ بِمَطْهَرَةٍ «فَغَسَلَ يَدَيْهِ وَغَسَلَ وَجْهَهُ، ثُمَّ ذَهَبَ يَحْسِرُ عَنْ ذِرَاعَيْهِ، فَضَاقَ كُمُّ الْجُبَّةِ، فَأَلْقَاهُ عَلَى مَنْكِبَيْهِ، فَغَسَلَ ذِرَاعَيْهِ، وَمَسَحَ بِنَاصِيَتِهِ وَعَلَى الْعِمَامَةِ وَعَلَى خُفَّيْهِ» )

بَابُ كَيْفَ الْمَسْحُ عَلَى الْعِمَامَةِ

 

حديث رقم – 109-

 

( صحيح الإسناد )

 

(أَخْبَرَنَا يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ قَالَ: حَدَّثَنَا هُشَيْمٌ قَالَ: أَخْبَرَنَا يُونُسُ بْنُ عُبَيْدٍ، عَنِ ابْنِ سِيرِينَ قَالَ: أَخْبَرَنِي عَمْرُو بْنُ وَهْبٍ الثَّقَفِيُّ قَالَ: سَمِعْتُ الْمُغِيرَةَ بْنَ شُعْبَةَ قَالَ: ” خَصْلَتَانِ لَا أَسْأَلُ عَنْهُمَا أَحَدًا بَعْدَ مَا شَهِدْتُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: كُنَّا مَعَهُ فِي سَفَرٍ، فَبَرَزَ لِحَاجَتِهِ، ثُمَّ جَاءَ فَتَوَضَّأَ، وَمَسَحَ بِنَاصِيَتِهِ وَجَانِبَيْ عِمَامَتِهِ، وَمَسَحَ عَلَى خُفَّيْهِ قَالَ: وَصَلَاةُ الْإِمَامِ خَلْفَ الرَّجُلِ مِنْ رَعِيَّتِهِ، فَشَهِدْتُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ كَانَ فِي سَفَرٍ فَحَضَرَتِ الصَّلَاةُ، فَاحْتَبَسَ عَلَيْهِمُ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَقَدَّمُوا ابْنَ عَوْفٍ فَصَلَّى بِهِمْ فَجَاءَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَصَلَّى خَلْفَ ابْنِ عَوْفٍ مَا بَقِيَ مِنَ الصَّلَاةِ فَلَمَّا سَلَّمَ ابْنُ عَوْفٍ قَامَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَضَى مَا سُبِقَ بِهِ ”  )

 

من الفوائد :

 

أن صلاة الفاضل خلف المفضول جاء بها الشرع ، فقد صلى النبي صلى الله عليه وسلم خلف عبد الرحمن بن عوف .

 

ومن الفوائد :

أن الإمام متى ما عُلِم من قبل المأمومين تأخره أو عدم مجيئه فإنهم يصلون ، ولذلك قال النبي صلى الله عليه وسلم في الرواية الأخرى ( أحسنتم أو أصبتم )

لكن لا يستعجل المأمومون ، فإن الصحابة رضي الله عنهم ما استعجلوا وقد تأخر عنهم النبي صلى الله عليه وسلم ، لكن لما أيقنوا أو غلب على ظنهم أنه سيتأخر صلوا .

 

بَابُ إِيجَابِ غَسْلِ الرِّجْلَيْنِ

حديث رقم – 110-

 

( صحيح )  

 

( أَخْبَرَنَا قُتَيْبَةَ قَالَ: حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ، عَنْ شُعْبَةَ، ح وَأَنْبَأَنَا مُؤَمَّلُ بْنُ هِشَامٍ قَالَ: حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ، عَنْ شُعْبَةَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ زِيَادٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ أَبُو الْقَاسِمِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «وَيْلٌ لِلْعَقِبِ مِنَ النَّارِ»)

حديث رقم – 111-

 

( صحيح )

 

(أَخْبَرَنَا مَحْمُودُ بْنُ غَيْلَانَ قَالَ: حَدَّثَنَا وَكِيعٌ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، ح وَأَنْبَأَنَا عَمْرُو بْنُ عَلِيٍّ قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ قَالَ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ وَاللَّفْظُ لَهُ، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ هِلَالِ بْنِ يِسَافٍ، عَنْ أَبِي يَحْيَى، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو قَالَ: رَأَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَوْمًا يَتَوَضَّئُونَ، فَرَأَى أَعْقَابَهُمْ تَلُوحُ فَقَالَ: «وَيْلٌ لِلْأَعْقَابِ مِنَ النَّارِ أَسْبِغُوا الْوُضُوءَ» )

من الفوائد :

أن معنى كلمة ( تلوح ) أي بها بياض لم يصبها الماء مع أن الماء أصاب غيرها من أعضاء الوضوء ( لاحت ) يعني ظهرت وبانت بسبب عدم صب الماء عليها .

 

ومن الفوائد :

بيان إنكار النبي صلى الله عليه وسلم لهذا المنكر من قوله ، ولذا ذكر لهم العقاب الشديد لمن قصَّر في أمر الوضوء .

 

ومن الفوائد :

أن كلمة ( ويل ) قيل إنه وادٍ في جهنم ، وجاء حديث عند الترمذي لكن به ضعف ، والمشهور أنها كلمة وعيد وتهديد ، وهل هذا الوعيد يكون على صاحب هذا العضو أم على العضو ذاته ؟ بمعنى هل العقاب الذي هو النار يعذب صاحب هذا العقب أم أن العقب ذاته هو الذي يعذب ؟

قيل بهذا وقيل بهذا ، فكلاهما محتمل ، فلا يلزم أن يكون العذاب على العقبين وإنما يكون لصاحب العقبين ، فيكون المعنى ( ويل للأعقاب ) أي ” ويل لأصحاب الأعقاب ” كما قال تعالى : { وَاسْأَلِ الْقَرْيَةَ } يوسف82 ، يعني واسأل أهل القرية .

ومن الفوائد :

أن النار واحدة ، هذا ما تدل عليه الأدلة الكثيرة من أن النار يوم القيامة واحدة للمشركين وللعصاة وللمقصرين ، خلافا لمن قال إن هناك نارا للعصاة وهناك نارا للكفار .

ومن الفوائد :

أنه ختم هذا الحديث بقوله ( أسبغوا الوضوء ) فدل على أن من معاني إسباغ الوضوء أن يؤتى بالواجب ، ولم يرد في هذا الحديث أن يأتي بالمندوبات والمسنونات .

 

ومن الفوائد :

أن فيه ردا على الروافض ، لأن الروافض يرون مسح القدمين في الوضوء ولا يرون غسلها ، ثم مع أنهم يرون مسح القدمين لا يرون أنها تمسح بالماء كلها وإنما يمسح ما تكعب وعلا القدم ، يعني مقدمة القدم ، فهذا الحديث يرد به عليهم ، لم ؟ لأن النبي صلى الله عليه وسلم توعد هذه الأعقاب التي تلوح توعدها بالنار ، فدل على أن المسح مخالف لسنة النبي صلى الله عليه وسلم ، ولذلك قال النووي رحمه الله ” من وصف وضوء النبي صلى الله عليه وسلم لم يذكر إلا صفة غسل القدمين “

 

ومن الفوائد :

أن الإسباغ المأمور به هنا واجب ووجوبه من حيث إن الأمر من حيث الأصل يقتضي الوجوب إضافة إلى قرينة في هذا الحديث وهي أول الحديث لأنهم تركوا واجبا من واجبات الوضوء .

ومن الفوائد :

أن من ترك واجبات سابقة جهلا منه ففات زمانها أنه لا يلزم بما يترتب عليها ، إذ لم يأمرهم النبي صلى الله عليه وسلم فيما فرطوا فيما مضى من إعادة الوضوء والصلاة ، وهذه المسألة لها أدلة كثيرة ومن بينها هذا الحديث .

 

ومن الفوائد :

أن الوضوء إذا ذكر في الشرع فالمقصود منه الوضوء الشرعي الذي تغسل فيه الأعضاء الأربعة ، لم ؟ لأنه هناك وضوءا عند أهل اللغة وهو غسل الكفين ، فغسل الكفين يعد وضوءا عند أهل اللغة ، فلو كان الوضوء المقصود عند أهل اللغة مرادا هنا لما توعدوا ، لأنهم غسلوا أيديهم أول الوضوء

ومن الفوائد :

أن العَقب : مؤخر القدم , جمعه أعقاب .

 

ومن الفوائد :

أن فيه ردا على من قال إن المسح على النعلين مجزئ إذا مسح على النعلين منفردة عن الجوربين ، ولذلك رد البخاري رحمه الله هذا القول بذكر هذا الحديث كما في صحيحه .

بَابُ بِأَيِّ الرِّجْلَيْنِ يَبْدَأُ بِالْغَسْلِ

حديث رقم – 112-

 

( صحيح )

 

(  أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْأَعْلَى قَالَ: حَدَّثَنَا خَالِدٌ قَالَ: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ قَالَ: أَخْبَرَنِي الْأَشْعَثُ قَالَ: سَمِعْتُ أَبِي يُحَدِّثُ، عَنْ مَسْرُوقٍ، عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا وَذَكَرَتْ: «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يُحِبُّ التَّيَامُنَ مَا اسْتَطَاعَ فِي طُهُورِهِ وَنَعْلِهِ وَتَرَجُّلِهِ» قَالَ شُعْبَةُ: ثُمَّ سَمِعْتُ الْأَشْعَثَ بِوَاسِطَ يَقُولُ: يُحِبُّ التَّيَامُنَ، فَذَكَرَ شَأْنَهُ كُلَّهُ، ثُمَّ سَمِعْتُهُ بِالْكُوفَةِ يَقُولُ: يُحِبُّ التَّيَامُنَ مَا اسْتَطَاعَ )

من الفوائد :

أخذ العلماء من هذا الحديث ومن غيره كحديث حفصة وحديث عائشة أن اليمين تقدم فيما من شأنه التكريم .

 

ومن الفوائد :

حرص النبي صلى الله عليه وسلم على التيامن ما استطاع ، فإذا كانت لديه استطاعة ما ترك التيامن ، فدل على فضل التيامن ، ولكن كما قلنا فيما من شأنه التكريم .

 

غَسْلِ الرِّجْلَيْنِ بِالْيَدَيْنِ

حديث رقم – 113-

( ضعيف الإسناد )

 

(أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدٌ قَالَ: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ قَالَ: أَخْبَرَنِي أَبُو جَعْفَرٍ الْمَدَنِيُّ قَالَ: سَمِعْتُ ابْنَ عُثْمَانَ بْنِ حُنَيْفٍ يَعْنِي عُمَارَةَ قَالَ: حَدَّثَنِي الْقَيْسِيُّ: «أَنَّهُ كَانَ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي سَفَرٍ، فَأُتِيَ بِمَاءٍ فَقَالَ عَلَى يَدَيْهِ مِنَ الْإِنَاءِ فَغَسَلَهُمَا مَرَّةً، وَغَسَلَ وَجْهَهُ وَذِرَاعَيْهِ مَرَّةً مَرَّةً، وَغَسَلَ رِجْلَيْهِ بِيَمِينِهِ كِلْتَاهُمَا»)

هنا قال ( وغسل رجليه بيمينه كلتاهما ) واللغة المشهورة ( كلتيهما ) لأنها توكيد للرجلين ، و ( الرجلين ) مفعول به منصوب ، لكن هذا على لغة من يرى أن المثنى يلزم القصر دائما ، تقول :

جاء الرجلان ، رأيت الرجلان ، مررت بالرجلان ” هذه لغة ، ولذا جاءت في قوله تعالى :{ إِنْ هَذَانِ لَسَاحِرَانِ } طه63 ، جاءت قراءة { إِنَّ هَذَانِ لَسَاحِرَانِ } مع أن ( إنَّ ) تنصب الاسم .

الْأَمْرِ بِتَخْلِيلِ الْأَصَابِعِ

حديث رقم – 114-

( صحيح )

 

(أَخْبَرَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ قَالَ: حَدَّثَنِي يَحْيَى بْنُ سُلَيْمٍ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ كَثِيرٍ وَكَانَ يُكْنَى أَبَا هَاشِمٍ، ح وَأَنْبَأَنَا مُحَمَّدُ بْنُ رَافِعٍ قَالَ: حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ آدَمَ قَالَ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ أَبِي هَاشِمٍ، عَنْ عَاصِمِ بْنِ لَقِيطٍ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِذَا تَوَضَّأْتَ فَأَسْبِغِ الْوُضُوءَ وَخَلِّلْ بَيْنَ الْأَصَابِعِ» )

من الفوائد :

أن التخليل للأصابع شامل لأصابع اليدين والقدمين لأنه أطلق .

 

ومن الفوائد :

أن النبي صلى الله عليه وسلم فرَّق بين الإسباغ وبين تخليل الأصابع ، فدل على أن الإسباغ للوضوء متنوع

وكما أسلفنا هذه أوامر ، والأمر كما في القاعدة في الأًصول [ يقتضي الوجوب ] فما الذي صرف هذا الوجوب ؟

صرفه كما أسلفنا ما ذكره العلماء من أن الماء سيال بطبعه فيصل إلى هذه المواطن فكان الأمر بالتخليل استحبابا ومبالغة في التطهر .

وإذا قلنا إن هذا للوجوب وهذا للاستحباب لا يعني أن الإنسان يدع هذا المستحب – كلا – هذا من باب بيان الحكم ، وإلا فعلى المسلم أن يحرص على أن يعود وأن يربي نفسه على أن يأتي بالسنن ما استطاع إلى ذلك سبيلا لأن في هذا أجرا وثوابا له وامتثالا واقتداءً بالنبي صلى الله عليه وسلم ، ولذلك بعض السلف يحرص على ألا تكون هناك سنة إلا وقد عمل بها ولو مرة واحدة حتى يظفر بالتأسي بالنبي صلى الله عليه وسلم .

عَدَدُ غَسْلِ الرِّجْلَيْنِ

حديث رقم – 115-

( صحيح )

 

( أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ آدَمَ، عَنِ ابْنِ أَبِي زَائِدَةَ قَالَ: حَدَّثَنِي أَبِي، وَغَيْرُهُ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ أَبِي حَيَّةَ الْوَادِعِيِّ قَالَ: رَأَيْتُ عَلِيًّا «تَوَضَّأَ فَغَسَلَ كَفَّيْهِ ثَلَاثًا وَتَمَضْمَضَ وَاسْتَنْشَقَ ثَلَاثًا، وَغَسَلَ وَجْهَهُ ثَلَاثًا، وَذِرَاعَيْهِ ثَلَاثًا ثَلَاثًا وَمَسَحَ بِرَأْسِهِ، وَغَسَلَ رِجْلَيْهِ ثَلَاثًا ثَلَاثًا». ثُمَّ قَالَ: «هَذَا وُضُوءُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ»)

من الفوائد :

أن الصحابة رضي الله عنهم كانوا حريصين أشد الحرص على نقل ما كان يفعله صلى الله عليه وسلم ، فنقل علي رضي الله عنه ما رأى من وضوء النبي صلى الله عليه وسلم .

بَابُ حَدِّ الْغَسْلِ

حديث رقم – 116-

( صحيح )

 

(أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَمْرِو بْنِ السَّرْحِ وَالْحَارِثُ بْنُ مِسْكِينٍ قِرَاءَةً عَلَيْهِ وَأَنَا أَسْمَعُ وَاللَّفْظُ لَهُ، عَنِ ابْنِ وَهْبٍ، عَنْ يُونُسَ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، أَنَّ عَطَاءَ بْنَ يَزِيدَ اللَّيْثِيَّ، أَخْبَرَهُ أَنَّ حُمْرَانَ مَوْلَى عُثْمَانَ أَخْبَرَهُ: أَنَّ عُثْمَانَ دَعَا بِوَضُوءٍ «فَتَوَضَّأَ فَغَسَلَ كَفَّيْهِ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ، ثُمَّ مَضْمَضَ وَاسْتَنْشَقَ، ثُمَّ غَسَلَ وَجْهَهُ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ، ثُمَّ غَسَلَ يَدَهُ الْيُمْنَى إِلَى الْمِرْفَقِ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ، ثُمَّ غَسَلَ يَدَهُ الْيُسْرَى مِثْلَ ذَلِكَ، ثُمَّ مَسَحَ بِرَأْسِهِ، ثُمَّ غَسَلَ رِجْلَهُ الْيُمْنَى إِلَى الْكَعْبَيْنِ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ، ثُمَّ غَسَلَ رِجْلَهُ الْيُسْرَى مِثْلَ ذَلِكَ». ثُمَّ قَالَ: «رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَوَضَّأَ نَحْوَ وُضُوئِي هَذَا». ثُمَّ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «مَنْ تَوَضَّأَ نَحْوَ وُضُوئِي هَذَا ثُمَّ قَامَ فَرَكَعَ رَكْعَتَيْنِ لَا يُحَدِّثُ فِيهِمَا نَفْسَهُ غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ»)

من الفوائد :

أن حمران بُيِّن في هذا الحديث بأنه مولى لعثمان رضي الله عنه ، وهذا يدل على أن الأمة الإسلامية فيما مضى أمة متكاملة ، كلٌ بحاجة إلى ما لدى صاحبه ، ويستوي في ذلك الكل ، الأحرار والأرقاء ، وهذا يدل على فضل الإسلام لأنه جمع هؤلاء ، ولا يمكن أن يجمعهم شيء آخر ، لا عروبة ولا قومية ولا من أي شيء آخر .

ومن الفوائد :

أن ما دون الثلاث كافٍ ، وسبق معنا أن النبي صلى الله عليه وسلم ( توضأ مرة مرة ) و ( توضأ مرتين مرتين ) و ( توضأ ثلاثا ثلاثا ) .

ومن الفوائد :

أن قوله : ( ومسح برأسه ) الباء هنا : للإلصاق ، على غرار ما جاء في كتاب الله سبحانه وتعالى: { وَامْسَحُواْ بِرُؤُوسِكُمْ }  فإذا كانت للإلصاق فإنها تفيد ما ذهب إليه كثير من العلماء من  أن الرأس يجب أن يستوعب بالمسح ، خلافا لمن قال يكتفى بشعرة ، وخلافا لمن قال يكتفى برُبعه ، بناء على ما ذهبوا إليه من أن الباء للتبعيض ، ولذا قال ابن برهان رحمه الله [ من قال إن الباء تأتي في اللغة العربية بمعنى التبعيض فقد أتى لأهل العربية بما لا يعرفونه ] فعلى قوله لم تأت الباء للتبعيض .

بَابُ الْوُضُوءِ فِي النَّعْلِ

حديث رقم – 117-

( صحيح )

 

(أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْعَلَاءِ قَالَ: حَدَّثَنَا ابْنُ إِدْرِيسَ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ وَمَالِكٍ وَابْنِ جُرَيْجٍ، عَنِ الْمَقْبُرِيِّ، عَنْ عُبَيْدِ بْنِ جُرَيْجٍ قَالَ: قُلْتُ لِابْنِ عُمَرَ: رَأَيْتُكَ تَلْبَسُ هَذِهِ النِّعَالَ السِّبْتِيَّةَ وَتَتَوَضَّأُ فِيهَا. قَالَ: «رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَلْبَسُهَا وَيَتَوَضَّأُ فِيهَا»)

من الفوائد :

حرص الصحابة رضي الله عنهم على التأسي بالنبي صلى الله عليه وسلم حتى في لبس النِّعال .

 

ومن الفوائد :

أن النعال السَّبتية هي التي لا شعر لها ، مأخوذة من ” السبت ” وهو القطع .

ومن الفوائد :

أن غسل القدمين وفيهما النعلان جائز إذا تحقق وصول الماء .

بَابُ الْمَسْحِ عَلَى الْخُفَّيْنِ

حديث رقم – 118-

( صحيح )

 

( أَخْبَرَنَا قُتَيْبَةُ قَالَ: حَدَّثَنَا حَفْصٌ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ هَمَّامٍ، عَنْ جَرِيرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ: أَنَّهُ تَوَضَّأَ وَمَسَحَ عَلَى خُفَّيْهِ فَقِيلَ لَهُ: أَتَمْسَحُ؟ فَقَالَ: «قَدْ رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَمْسَحُ» وَكَانَ أَصْحَابُ عَبْدِ اللَّهِ يُعْجِبُهُمْ قَوْلُ جَرِيرٍ وَكَانَ إِسْلَامُ جَرِيرٍ قَبْلَ مَوْتِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِيَسِيرٍ)

من الفوائد :

أن حديث جرير رضي الله عنه من أحسن الأحاديث التي يستدل بها على أن المسح على الخفين ثابت ومستقر بعد وفاة النبي صلى الله عليه وسلم وأنه لم ينسخ ، ولم يخالف في المسح على الخفين إلا الروافض ، لأن الروافض هم أهل البدع ، وعلامة الروافض أنهم يخالفون أهل السنة ويخالفون ما جاءت به السنة ، ولذلك هم في الوضوء لا يمسحون على الخفاف ، بل إنهم إذا وصلوا إلى أقدامهم وهي مكشوفة يمسحون عليها من الأعلى ، يعني أعلى القدم ، فلا يغسلون القدم وهي مكشوفة وإنما يمسحون الجزء الأعلى منها، وهذا لا شك أنه باطل ، لم ؟ لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال كما في الصحيحين ( ويل للأعقاب من النار ) فكونهم يسمحون مسحا وعلى أعلى القدم هذا يخالف ما جاء به هذا الحديث ، ثم لتعلموا أن بعضا من أهل السنة لم ير المسح على الخفين ، لكن جماهير أهل السنة يرون المسح على الخفين ، لكن هناك طائفة من العلماء لم يروا ذلك ، بسبب ماذا ؟ بسبب أن سورة المائدة هي آخر ما نزل ، وسورة المائدة تضمنت آية الوضوء ، وأمرت آية المائدة وهي آية الوضوء أمرت بغسل القدمين ، ومع هذا فإنهم لا يحرمون المسح على الخفين ، ولا يرون التشنيع بمن فعله ، فهم يختلفون عن الروافض ، فالروافض يرون أن من فعل هذا فهم أهل بدع وأهل ضلال .

 

فلما أنكر على جرير كيف تمسح ؟ قال رأيت النبي صلى الله عليه وسلم مسح ، وجرير رضي الله عنه ما أسلم إلا بعد نزول سورة المائدة ، فدل على أن سورة المائدة لم تنسخ المسح على الخفين ، ولذلك يقول إبراهيم النخعي رحمه الله ” كان يعجبهم حديث جرير ” يعجب من ؟ يعجب أصحاب ابن مسعود رضي الله عنه ، فطلاب ابن مسعود يعجبهم حديث جرير ، لم ؟ لأن هذا الحديث بين أن المسح على الخفين ثابت بدليل ما ذكره جرير رضي الله عنه ، وجرير أسلم في رمضان في السنة العاشرة .

 

ومن الفوائد :

أن سورة المائدة أمر الله عز وجل فيها بغسل القدمين :{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ فاغْسِلُواْ وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ وَامْسَحُواْ بِرُؤُوسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَينِ } المائدة6 ، فلو لم يأت حديث جرير لكان فرض القدمين الغسل ، لكن لما أتى حديث جرير بعد نزول آية المائدة فصل في الموضوع ، ثم إن هناك قراءة سبعية : { وَامْسَحُواْ بِرُؤُوسِكُمْ وَأَرْجُلِكُمْ إِلَى الْكَعْبَينِ } بالخفض ، قال العلماء تحمل هذه القراءة على أن القدم إذا كانت مستورة تمسح ، وإذا كان مكشوفة تغسل .

 

حديث رقم – 119-

 

( صحيح )

 

(أَخْبَرَنَا الْعَبَّاسُ بْنُ عَبْدِ الْعَظِيمِ قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ قَالَ: حَدَّثَنَا حَرْبُ بْنُ شَدَّادٍ، عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ جَعْفَرِ بْنِ عَمْرِو بْنِ أُمَيَّةَ الضَّمْرِيِّ، عَنْ أَبِيهِ: أَنَّهُ رَأَى رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «تَوَضَّأَ وَمَسَحَ عَلَى الْخُفَّيْنِ»)

من الفوائد :

أن المسح يكون على ظاهر الخفين لا على أسفله .

 

حديث رقم – 120-

 

( صحيح )

 

(أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ إِبْرَاهِيمَ دُحَيْمٌ وَسُلَيْمَانُ بْنُ دَاوُدَ وَاللَّفْظُ لَهُ، عَنِ ابْنِ نَافِعٍ، عَنْ دَاوُدَ بْنِ قَيْسٍ، عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ، عَنْ أُسَامَةَ بْنِ زَيْدٍ قَالَ: دَخَلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَبِلَالٌ الْأَسْوَاقَ فَذَهَبَ لِحَاجَتِهِ، ثُمَّ خَرَجَ قَالَ أُسَامَةُ: فَسَأَلْتُ بِلَالًا مَا صَنَعَ؟ فَقَالَ بِلَالٌ: «ذَهَبَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِحَاجَتِهِ، ثُمَّ تَوَضَّأَ فَغَسَلَ وَجْهَهُ وَيَدَيْهِ، وَمَسَحَ بِرَأْسِهِ وَمَسَحَ عَلَى الْخُفَّيْنِ، ثُمَّ صَلَّى»  )

 

حديث رقم – 121-

 

( صحيح )

 

( أَخْبَرَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ دَاوُدَ وَالْحَارِثُ بْنُ مِسْكِينٍ قِرَاءَةً عَلَيْهِ وَأَنَا أَسْمَعُ وَاللَّفْظُ لَهُ، عَنِ ابْنِ وَهْبٍ، عَنْ عَمْرِو بْنِ الْحَارِثِ، عَنْ أَبِي النَّضْرِ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ، عَنْ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ، عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «أَنَّهُ مَسَحَ عَلَى الْخُفَّيْنِ».)

حديث رقم – 122-

 

( صحيح )

 

(أَخْبَرَنَا قُتَيْبَةُ قَالَ: حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ وَهُوَ ابْنُ جَعْفَرٍ، عَنْ مُوسَى بْنِ عُقْبَةَ، عَنْ أَبِي النَّضْرِ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ، عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «فِي الْمَسْحِ عَلَى الْخُفَّيْنِ أَنَّهُ لَا بَأْسَ بِهِ»)

حديث رقم – 123-

( صحيح الإسناد )

(أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بْنُ خَشْرَمٍ قَالَ: حَدَّثَنَا عِيسَى، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ مُسْلِمٍ، عَنْ مَسْرُوقٍ، عَنِ الْمُغِيرَةِ بْنِ شُعْبَةَ قَالَ: خَرَجَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِحَاجَتِهِ، فَلَمَّا رَجَعَ تَلَقَّيْتُهُ بِإِدَاوَةٍ فَصَبَبْتُ عَلَيْهِ «فَغَسَلَ يَدَيْهِ، ثُمَّ غَسَلَ وَجْهَهُ، ثُمَّ ذَهَبَ لِيَغْسِلَ ذِرَاعَيْهِ فَضَاقَتْ بِهِ الْجُبَّةُ، فَأَخْرَجَهُمَا مِنْ أَسْفَلِ الْجُبَّةِ فَغَسَلَهُمَا، وَمَسَحَ عَلَى خُفَّيْهِ، ثُمَّ صَلَّى بِنَا» )  

من الفوائد :

أن ( الإداوة ) وهي إناء صغير مصنوع من جلد ، وهذا يدل على ماذا ؟ يدل على أن الماء إذا تغير بطاهر ولم يذهب هذا الطاهر اسم الماء فإن هذا الماء يتطهر به ، لأن الغالب في الآنية المصنوعة من الجلد أنها تغير الماء ، فتجعل لونه يميل إلى الاصفرار .

 

ومن الفوائد :

أن المغيرة رضي الله عنه قال ( فصلى بنا رسول الله صلى الله عليه وسلم ) ومعلوم أنهما لما أتيا الصحابة إذا بعبد الرحمن بن عوف رضي الله عنه قد أمَّ بالناس ، وقد فاتت رسول الله صلى الله عليه وسلم ركعة ، فلما سلَّم قضى تلك الركعة ، كيف يصلي بهم ؟

الجواب عن هذا : أن قوله ( صلى بنا ) أن ( الباء ) تحمل على واحد من معنيين :

المعنى الأول : أن تكون ( الباء ) بمعنى ( مع ) فيكون المعنى فصلى معنا .

المعنى الثاني : أن تكون ( الباء ) للتعدية ، فيكون معنى قوله ( فصلى بنا ) يعني صلى بنا بهذا الوضوء ظهر ذلك اليوم ، لأن الصلاة التي فاتت رسول الله صلى الله عليه وسلم هي صلاة الفجر .

أو تكون هذه الجملة ضعيفة لأنها مخالفة للحديث الآخر .

حديث رقم 124-

( صحيح )

 

( أَخْبَرَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ قَالَ: حَدَّثَنَا اللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ، عَنْ يَحْيَى، عَنْ سَعْدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ نَافِعِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الْمُغِيرَةِ، عَنْ أَبِيهِ الْمُغِيرَةِ، عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «أَنَّهُ خَرَجَ لِحَاجَتِهِ، فَاتَّبَعَهُ الْمُغِيرَةُ بِإِدَاوَةٍ فِيهَا مَاءٌ، فَصَبَّ عَلَيْهِ حَتَّى فَرَغَ مِنْ حَاجَتِهِ، فَتَوَضَّأَ وَمَسَحَ عَلَى الْخُفَّيْنِ» )

بَابُ الْمَسْحِ عَلَى الْخُفَّيْنِ فِي السَّفَرِ

حديث رقم – 125-

( صحيح )

 

(أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مَنْصُورٍ قَالَ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ قَالَ: سَمِعْتُ إِسْمَاعِيلَ بْنَ مُحَمَّدِ بْنِ سَعْدٍ قَالَ: سَمِعْتُ حَمْزَةَ بْنَ الْمُغِيرَةِ بْنِ شُعْبَةَ يُحَدِّثُ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ: كُنْتُ مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي سَفَرٍ فَقَالَ: «تَخَلَّفْ يَا مُغِيرَةُ وَامْضُوا أَيُّهَا النَّاسُ».

فَتَخَلَّفْتُ وَمَعِي إِدَاوَةٌ مِنْ مَاءٍ وَمَضَى النَّاسُ، فَذَهَبَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِحَاجَتِهِ، فَلَمَّا رَجَعَ ذَهَبْتُ أَصُبُّ عَلَيْهِ، وَعَلَيْهِ جُبَّةٌ رُومِيَّةٌ ضَيِّقَةُ الْكُمَّيْنِ، فَأَرَادَ أَنْ يُخْرِجَ يَدَهُ مِنْهَا فَضَاقَتْ عَلَيْهِ، فَأَخْرَجَ يَدَهُ مِنْ تَحْتِ الْجُبَّةِ فَغَسَلَ وَجْهَهُ وَيَدَيْهِ، وَمَسَحَ بِرَأْسِهِ، وَمَسَحَ عَلَى خُفَّيْهِ)

من الفوائد :

أن سبب تأخر النبي صلى الله عليه وسلم عن الصحابة رضي الله عنهم أنه لحاجة منه وكان بأمر منه أن يمضوا قبله ، فما بقي معه إلا المغيرة رضي الله عنه .

 

ومن الفوائد :

أن إعانة المتوضئ على وضوئه جائز ، والدليل ما فعله المغيرة رضي الله عنه ، ولذلك نص الفقهاء على إباحة إعانة الإنسان على وضوئه .

 

بَابُ التَّوْقِيتِ فِي الْمَسْحِ عَلَى الْخُفَّيْنِ لِلْمُسَافِرِ

حديث رقم 126-

( صحيح )  

 

(أَخْبَرَنَا قُتَيْبَةُ قَالَ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ عَاصِمٍ، عَنْ زِرٍّ، عَنْ صَفْوَانَ بْنِ عَسَّالٍ قَالَ: «رَخَّصَ لَنَا النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا كُنَّا مُسَافِرِينَ أَنْ لَا نَنْزِعَ خِفَافَنَا ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ وَلَيَالِيَهُنَّ»)

من الفوائد :

أن بعض العلماء ذهب إلى أن مدة المسح تبدأ من اللبس ، لأنه أطلق ، وإذا كان مطلقا فإن البداية تكون من اللبس وليس من الحدث كما ذهب إليه بعض العلماء ، وليس من المسح بعد الحدث على قول علماء آخرين .

والصواب أن المدة تبدأ من المسح بعد الحدث ، وتأتي معنا أحاديث إن شاء الله تبين هذا .

 

حديث رقم – 127-

 

( حسن )

 

(أَخْبَرَنَا أَحْمَدُ بْنُ سُلَيْمَانَ الرُّهَاوِيُّ قَالَ: حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ آدَمَ قَالَ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ وَمَالِكُ بْنُ مِغْوَلٍ وَزُهَيْرٌ وَأَبُو بَكْرِ بْنُ عَيَّاشٍ وَسُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ، عَنْ عَاصِمٍ، عَنْ زِرٍّ قَالَ: سَأَلْتُ صَفْوَانَ بْنَ عَسَّالٍ عَنِ الْمَسْحِ عَلَى الْخُفَّيْنِ فَقَالَ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «يَأْمُرُنَا إِذَا كُنَّا مُسَافِرِينَ أَنْ نَمْسَحَ عَلَى خِفَافِنَا وَلَا نَنْزِعَهَا ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ مِنْ غَائِطٍ وَبَوْلٍ وَنَوْمٍ إِلَّا مِنْ جَنَابَةٍ»)

من الفوائد :

أن النوم ناقض للوضوء قلَّ أو كثر لأنه أطلق  ، فيشترك هذا ا لحديث مع الحديث السابق في أن النوم ناقض للوضوء ، ولذلك لا تنزع الخفاف منه ، إنما تنزع إذا كانت هناك جنابة، أما النوم فهو من أنواع الحدث الأصغر .

 

 ومن الفوائد :

أن المسافر يمسح على أخفافه ثلاثة أيام بلياليهن ، والمسح مستمر له ما لم يحصل منه حدث أكبر ، فالحدث الأكبر لا تمسح فيه الجوارب ولا الخفاف ، بينما الحدث الأصغر [ الغائط والبول والنوم ] يمسح .

 

ومن الفوائد :

أن الأمر منه عليه الصلاة والسلام بالمسح ليس للوجوب ، وليس للاستحباب إنما هو للإباحة ، ولعل الأمر هنا يستند عليه من قال بأن المسح أفضل من غسل القدم للأخذ بالرخصة ، ولأن المسح فيه مخالفة للروافض ، لأنهم لا يرون المسح على الخفين ، وهناك من يقول إن غسل القدم أفضل من مسحها وعليها خف ، فإذا كان عليها خف فليخلع خفيه ثم يغسل قدميه ، هذا أفضل وليس بواجب ، لأنه هو الأصل ، ولأن في نزعه تعبا ومشقة فيؤجر على ذلك

 

والصواب كما قال شيخ الإسلام رحمه الله :

أنه لا فضل لحالة على أخرى ، وإنما يرجع في ذلك إلى حال القدم، فإن كانت القدم مكشوفة فالأفضل له الغسل وإن كانت مستورة فالأفضل له المسح ، وهذا هو حال النبي صلى الله عليه وسلم ، فلا يتكلف الإنسان ضد حاله ، وهذا يجمع بين القولين ، وبين الأدلة الواردة في ذلك .

 

التَّوْقِيتِ فِي الْمَسْحِ عَلَى الْخُفَّيْنِ لِلْمُقِيمِ

حديث رقم – 128-

( صحيح )

 

(أَخْبَرَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ قَالَ: أَنْبَأَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ قَالَ: أَنْبَأَنَا الثَّوْرِيُّ، عَنْ عَمْرِو بْنِ قَيْسٍ الْمُلَائِيِّ، عَنِ الْحَكَمِ بْنِ عُتَيْبَةَ، عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ مُخَيْمِرَةَ، عَنْ شُرَيْحِ بْنِ هَانِئٍ، عَنْ عَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: «جَعَلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِلْمُسَافِرِ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ وَلَيَالِيَهُنَّ، وَيَوْمًا وَلَيْلَةً لِلْمُقِيمِ – يَعْنِي فِي الْمَسْحِ -» )

من الفوائد :

هذا الحديث يرد به على من قال إن المسح على الخفين غير مؤقت ، فليمسح متى ما شاء .

 

حديث رقم – 129-

 ( صحيح )

 

( أَخْبَرَنَا هَنَّادُ بْنُ السَّرِيِّ، عَنْ أَبِي مُعَاوِيَةَ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنِ الْحَكَمِ، عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ مُخَيْمِرَةَ، عَنْ شُرَيْحِ بْنِ هَانِئٍ قَالَ: سَأَلْتُ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا عَنِ الْمَسْحِ عَلَى الْخُفَّيْنِ فَقَالَتْ: ائْتِ عَلِيًّا؛ فَإِنَّهُ أَعْلَمُ بِذَلِكَ مِنِّي. فَأَتَيْتُ عَلِيًّا فَسَأَلْتُهُ عَنِ الْمَسْحِ، فَقَالَ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «يَأْمُرُنَا أَنْ يَمْسَحَ الْمُقِيمُ يَوْمًا وَلَيْلَةً، وَالْمُسَافِرُ ثَلَاثًا» )

من الفوائد :

أن العالم مهما بلغت منزلته في العلم لا يأنف من أن يوجه السائل إلى عالم آخر أعلم منه في مسألة ما ، كما صنعت عائشة رضي الله عنها ، ولذا قال الذهبي كما في السيَّر ، قال ( هي أفقه نساء الأمة ) وكان الصحابة رضي الله عنهم يأتون إليها بعد وفاة النبي صلى الله عليه وسلم فيسألونها عن أشياء ويجدون عندها علما ، وكانت من أفصح ما يكون ، كانت فصيحة بليغة رضي الله عنها ، وإنما أمرت شريح بن هانئ أن يذهب إلى علي لأن عليا رضي الله عنه هو أخبر بحال النبي صلى الله عليه وسلم في الأسفار ، بينما هي أعلم منه بحال النبي صلى الله عليه وسلم في بيته .

 

ومن الفوائد :

أن الحديث قيَّد الوقت بالمسح ، فدل على أن المدة تبدأ من المسح .

صِفَةِ الْوُضُوءِ مِنْ غَيْرِ حَدَثٍ

حديث رقم – 130-

 ( صحيح )

 

( أَخْبَرَنَا عَمْرُو بْنُ يَزِيدَ قَالَ: حَدَّثَنَا بَهْزُ بْنُ أَسَدٍ قَالَ: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ مَيْسَرَةَ قَالَ: سَمِعْتُ النَّزَّالَ بْنَ سَبْرَةَ قَالَ: رَأَيْتُ عَلِيًّا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ صَلَّى الظُّهْرَ، ثُمَّ قَعَدَ لِحَوَائِجِ النَّاسِ، فَلَمَّا حَضَرَتِ الْعَصْرُ أُتِيَ بِتَوْرٍ مِنْ مَاءٍ، فَأَخَذَ مِنْهُ كَفًّا فَمَسَحَ بِهِ وَجْهَهُ وَذِرَاعَيْهِ وَرَأْسَهُ وَرِجْلَيْهِ، ثُمَّ أَخَذَ فَضْلَهُ فَشَرِبَ قَائِمًا، وَقَالَ: «إِنَّ نَاسًا يَكْرَهُونَ هَذَا، وَقَدْ رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَفْعَلُهُ وَهَذَا وُضُوءُ مَنْ لَمْ يُحْدِثْ» )

من الفوائد :

أن الإمام ينبغي له أن ينكشف للناس لقضاء حوائجهم ، وهذا هو شأن الصحابة رضي الله عنهم الذين تولوا هذا الأمر .

 

ومن الفوائد :

ما ذهب إليه بعض العلماء من أن المسح يجوز على القدمين كما أن الغسل يجوز ، لأنه ذكر هنا ( المسح ) ولكن يرد على هؤلاء أن ذكر المسح هنا إما لأن المسح يستغنى به عن الغسل إذا كان على وضوء سابق – وهذا رأي لبعض العلماء – فإذا أراد أن يجدد وضوءه فيمكن أن يكتفي بالمسح ، ولذا قال ( هذا وضوء من لم يحدث )

ويمكن أن يحمل – وهو محمل جيد – أن المسح هنا هو الغسل ، ولذلك العرب تقول ( تمسَّحتُ للصلاة ) فالمسح يطلق ويراد به الغسل ، ولذلك جاءت رواية الخفض في قوله تعالى :{ وَامْسَحُواْ بِرُؤُوسِكُمْ وَأَرْجُلِكُمْ } المائدة6 عطفا مسح الرأس يقصد من ذلك ألا يبالغ في غسل القدمين مبالغة كبرى ظنا منه أنها تلامس القاذورات أكثر من غيرها ، فكأنه أمر بتخفيف الماء

 

الْوُضُوءُ لِكُلِّ صَلَاةٍ

حديث رقم – 131-

( صحيح )

 

( أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْأَعْلَى قَالَ: حَدَّثَنَا خَالِدٌ قَالَ: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ عَمْرِو بْنِ عَامِرٍ، عَنْ أَنَسٍ أَنَّهُ ذَكَرَ: أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أُتِيَ بِإِنَاءٍ صَغِيرٍ فَتَوَضَّأَ، قُلْتُ أَكَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَتَوَضَّأُ لِكُلِّ صَلَاةٍ؟ قَالَ: «نَعَمْ» قَالَ: فَأَنْتُمْ؟ قَالَ: «كُنَّا نُصَلِّي الصَّلَوَاتِ مَا لَمْ نُحْدِثْ». قَالَ: «وَقَدْ كُنَّا نُصَلِّي الصَّلَوَاتِ بِوُضُوءٍ»)

من الفوائد :

أن من بين أنواع سنته عليه الصلاة والسلام [ الإقرار ] فإنه لما أقرَّ الصحابة رضي الله عنهم على هذا الفعل دل على أنه من السنة فيدل على الجواز ، وهذا ليس على عمومه فقد مر معنا في سنن أبي داود ( أن ابن عمر رضي الله عنهما كان يتوضأ لكل صلاة )

حديث رقم – 132-

 

( صحيح )

 

(أَخْبَرَنَا زِيَادُ بْنُ أَيُّوبَ قَالَ: حَدَّثَنَا ابْنُ عُلَيَّةَ قَالَ: حَدَّثَنَا أَيُّوبُ، عَنِ ابْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَرَجَ مِنَ الْخَلَاءِ، فَقُرِّبَ إِلَيْهِ طَعَامٌ فَقَالُوا: أَلَا نَأْتِيكَ بِوَضُوءٍ؟ فَقَالَ: «إِنَّمَا أُمِرْتُ بِالْوُضُوءِ إِذَا قُمْتُ إِلَى الصَّلَاةِ» )

من الفوائد :

أن الواجب على المسلم في الوضوء إذا أراد أن يصلي : {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ فاغْسِلُواْ وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ }المائدة6 الآية.

 

حديث رقم – 133-

( صحيح )  

 

(أَخْبَرَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ سَعِيدٍ قَالَ: حَدَّثَنَا يَحْيَى، عَنْ سُفْيَانَ قَالَ: حَدَّثَنَا عَلْقَمَةُ بْنُ مَرْثَدٍ، عَنِ ابْنِ بُرَيْدَةَ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَتَوَضَّأُ لِكُلِّ صَلَاةٍ، فَلَمَّا كَانَ يَوْمُ الْفَتْحِ صَلَّى الصَّلَوَاتِ بِوُضُوءٍ وَاحِدٍ فَقَالَ لَهُ عُمَرُ: فَعَلْتَ شَيْئًا لَمْ تَكُنْ تَفْعَلُهُ ‍‍‍‍‍. قَالَ: «عَمْدًا فَعَلْتُهُ يَا عُمَرُ» )

من الفوائد :

أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى بوضوء واحد أكثر من صلاة قبل غزوة الفتح في غزوة خيبر ، فيكون قول عمر رضي الله عنه ( لم تكن تفعله ) إنما هو على ما جرت به عادته  فقد جرت عادته صلى الله عليه وسلم أنه كان يتوضأ لكل صلاة .

وصلى الله وسلم على نبينا محمد