تعليقات على سنن ( النسائي ) ـ الدرس الحادي والثلاثون من حديث ( 417 ) حتى ( 419 )

تعليقات على سنن ( النسائي ) ـ الدرس الحادي والثلاثون من حديث ( 417 ) حتى ( 419 )

مشاهدات: 790

تعليقات على سنن ( النسائي  )   ـ الدرس الحادي والثلاثون

من حديث ( 417 ) حتى ( 419 )

فضيلة الشيخ زيد بن مسفر البحري

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه وسلم تسليما كثيرا إلى يوم الدين .

أما بعد :

فقد قال المصنف رحمه الله :

[ باب إذا تطيَّب واغتسل وبقي أثر الطيب ]

حديث رقم – 417-

( صحيح ) حدثنا هناد بن السري عن وكيع عن سعد وسفيان عن إبراهيم بن محمد بن المنتشر عن أبيه قال سمعت بن عمر يقول :   ( لأن أصبح مطليا بقطران أحب إلي من أن أصبح محرما أنضخ طيبا فدخلت على عائشة فأخبرتها بقوله فقالت طيبت رسول الله صلى الله عليه وسلم فطاف على نسائه ثم أصبح محرما  )

( من الفوائد )

أن ابن عمر رضي الله عنهما لا يرى الطيب للمحرم ، سواء كان قبل عقد الإحرام أو كان بعده .

ومعلوم أن التطيب بعد الدخول في النسك لا يجوز لا في الإحرام ولا في البدن ، وإما إذا كان قبل الدخول في النسك فإن التطيب في لباس الإحرام – على القول الصحيح – محرم ومن محظورات الإحرام ، لقول النبي صلى الله عليه وسلم

( ولا يلبس ثوبا مسه ورْس أو زعفران )

أما إذا كان التطيب في البدن قبل الإحرام : فإن هذا ثابت من سنته صلوات ربي وسلامه عليه .

ورأى بعض العلماء : أن التطيب ممنوع مطلقا ، ولو كان في البدن قبل عقد الإحرام ، ويستدلون بحديث ابن عمر رضي الله عنهما .

والصواب / سنية التطيب قبل الدخول في النسك لحديث عائشة رضي الله عنها إذ ردت على ابن عمر رضي الله عنهم قوله .

( ومن الفوائد )

أن ابن عمر رضي الله عنهما تشدَّد في رأيه إلى درجة أنه أحب أن يطلى بقطران وهو

( دهن يستحلب من شجر يطلى به البعير الأجرب )

فيحب رضي الله عنه أن يطلي بقطران أحب إليه من أن يصبح وقد فاحت منه رائحة الطيب .

( ومن الفوائد )

أن هذا الحديث إما أن يكون ( مُطَّليا ) من اسم الفاعل ، بمعنى أن ابن عمر رضي الله عنهما طلى نفسه .

وإما أن يضبط بضبط آخر ( مَطلياً ) من اسم المفعول ، بمعنى أن غيره قد طلاه .

والأشهر /

الضبط الأول ، كما هنا ( مُطَّليا ) من اسم الفاعل .

( ومن الفوائد )

أن معنى كلمة ( أصبح ) يعني ” دخل في الصباح ”  وليست مقصودة هنا ، وإنما المقصود ( الزمن ) سواء كان في صبح أو لم يكن .

ولذلك كما قال ابن القيم رحمه الله ”

إن كلمة ( غدا ) أو كلمة ( راح ) إذا أتت وحدها فإنه يراد منها مطلق السير ، وهذه يستفاد منها في الرد على بعض المالكية الذين يقولون ” إن ساعات الجمعة تبدأ بعد الزوال ” لم ؟ قالوا لأن الحديث عُبِّر فيه ( فمن راح في الساعة الأول فكأنما قرَّب بدنة )

فتكون كلمة ( الرواح ) في الحديث المقصود منها مطلق السير وليس الذهاب بعد الزوال ، فلو أتت كلمة ( الرواح والغدو ) معاً أصبح ( الغدو ) أول النهار ، و( الرواح ) آخر النهار .

كما قال عليه الصلاة والسلام ( من غدا إلى المسجد أو راح أعد الله نزلا في الجنة كلما غدا أو راح ).

( ومن الفوائد )

أن قوله ( أنضح ) تفور مني رائحة الطيب ، وهل نطقها : ( بالخاء ) أم ( بالحاء ) فهل هي ( أنضخ ) أم ( أنضح ) ؟

تضبط هذه الكلمة بالخاء وبالحاء ، لكن أيهما أكثر في الاستعمال ؟

قال بعض أهل اللغة : الأكثر الحاء ( أنضح )

وقال آخرون منهم : أن الاستعمال الأكثر بالخاء ( أنضخ )

فإذا كررنا ما ذكرنا أصحاب القولين ( أنضح ) أو ( أنضخ ) فهل هناك فرق بين الخاء والحاء في هذه الكلمة ؟

قال بعض العلماء : هما في المعنى سواء .

وفرَّق آخرون فقالوا: إن معنى ( أنضخ ) أي تطيب تعمدا ، ومعنى ( أنضح ) تطيب من غير تعمد .

وقال آخرون : إن معنى ( أنضخ ) يعود إلى الطيب ذاته لا إلى الفاعل ، فيكون أنضخ ما غلظ من الطيب ، و ( أنضح ) ما رق من الطيب .

والأقرب /

أن يكون المعنى راجعا إلى الطيب ، لأن ابن عمر رضي الله عنهما قال

( أحب إلي من أن أنضح )

وقال في صدر كلامه

( لأن أصبح مطَّليا )

فدل على أنه متعمد ، فيكون الأقرب من حيث المعنى أن التفريق بين الكلمتين يعود إلى الطيب .

ولأن الأصل في اللغة أن يتعدد معنى الكلمة لا أن يكرر ، ولذا عند أهل اللغة قاعدة وهي عند علماء الأصول [ أن اللفظ إذا دار بين التأسيس والتأكيد فحمله على التأسيس أولى إلا بدليل ] لم يحمل على التأسيس ؟

قالوا : لأن فيه زيادة معنى

( ومن الفوائد )

أن طالب العلم لو سأل عالما آخر غير العالم الأول من باب أن يزداد علماً ولا يقصد من ذلك تتبع الرخص ، فلا بأس ، لأن هذا السائل سأل عائشة رضي الله عنها لكي يزداد علما أكثر في هذا الأمر .

فإذاً ما ورد من كلام السلف في النهي عن سؤال أكثر من عالم في مسألة ما محمول على من أراد تتبع الرخص ، أما من أراد العلم والزيادة منه فلا بأس ، وله أدلة أخرى ، منها :

أن ابن الديلمي رحمه الله لما قال ( وقع في نفسي شيء من القدر ذهب إلى زيد بن ثابت وإلى عبادة بن الصامت وإلى حذيفة وابن مسعود رضي الله عنهم ، فكلهم حدثوه بحديث واحد عن القدر ) .

( ومن الفوائد )

أن عائشة رضي الله عنها لم تغلظ القول على ابن عمر رضي الله عنهما ، وهذا هو حسن الأدب في إعطاء العلماء الآخرين قدرهم ، وإنما اكتفت رضي الله عنها بما فعلته برسول الله صلى الله عليه وسلم .

( ومن الفوائد )

أن الرسول صلى الله عليه وسلم تطيَّب ثم طاف على نسائه واغتسل وأحرم وبقي شيء من أثر ذلك الطيب ، فدل على أن وجود الطيب على البدن لا يؤثر في صحة الاغتسال ، مع أن بعض العلماء قال : إن الطيب المتبقي بعد هذا الطواف على نسائه هو طيب ثاني ، لما اغتسل بعد جماعه تطيب مرة أخرى .

وبعض العلماء قال : إن الطواف المذكور هنا على النساء هو الدخول عليهن من غير جماع ، وهذا بعيد ، لأن عائشة رضي الله عنها لم تُرد هذا .

 

( ومن الفوائد )

أن من طاف على نسائه أو جامع زوجته أكثر من مرة يجوز أن يكتفي بغسل واحد ، مع أن الأفضل أن يغتسل بعد كل جماع لفعله صلى الله عليه وسلم في حادثة أخرى ، لما طاف على نسائه اغتسل بعد جماعه لكل امرأة وقال :

( هذا أزكى وأطيب )

لكن لو اكتفى بغسل واحد أجزأ كما هنا ، ما الدلالة هنا على أنه اكتفى بغسل واحد ؟

أنه صلى الله عليه وسلم لو اغتسل بعد جماع كل امرأة ما بقي أثر للطيب الأول مطلقا ، لأنه لو كرر الاغتسال زال هذا الطيب بتعدد الاغتسال .

( ومن الفوائد )

أن بعض العلماء استحب للزوج قبل أن يجامع زوجته أن يتطيب ، لأنه صلوات ربي وسلامه عليه تطيب ثم طاف على نسائه ، ولا شك أن هذا من حسن المعاشرة ، قال عز وجل  { وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ }البقرة228 ، فالمرأة لها حق على زوجها كما أن للزوج حقا عليها ، قال ابن عباس رضي الله عنهما ( من حقها عليه أن يتنظف وأن يتطيب ) .

( ومن الفوائد )

بيان أن رسول الله صلى الله عليه وسلم حجَّ بنسائه كلهن إذ طاف عليهن وهو في ميقات ذي الحليفة ، بل كما قال العلماء حجَّ صلوات ربي وسلامه عليه بنسائه كلهن وبضعفة أهله وبالأطفال منهم وبالمرضى منهم ولم يؤثر عنه صلوات ربي وسلامه عليه تعنف أو تبرم ، وقد ضرب في ذلك صلوات ربي وسلامه عليه أروع الأمثلة في الصبر وحسن الخلق .

( ومن الفوائد )

أن أفعل التفضيل الأصل فيه من حيث اللغة أن يكون [ المفضل والمفضل عليه اشتركا في الصفة أو فيما حصل الفضل فيه ، ولكن قد يخرج عن هذا فيكون الفضل في المفضل دون المفضل عليه ]

فقوله رضي الله عنه ( أحب إلي ) لا يعني أن الطيب محبوب له عند الإحرام ، وإنما يريد أن المحبة كلها تكون في عدم التطيب ، لو قلت مثلا ” زيد أحب إلي من عمرو ” كلاهما محبوب لك ، ولكن زيدا زاد في المحبة على عمرو ، فالمفضل والمفضل عليه يشتركان في التفضيل ولكن أحدهم أعلى من الآخر ، ولكن قد تزول هذه الصفة من المفضل عليه ، كما جاء هنا.

( ومن الفوائد )

أن ( اللام ) في قوله ( لأن ) موطئة لقسم مقدر أصله ( والله لأن أصبح مطليا ) .

( ومن الفوائد )

بيان فضل نساء النبي صلى الله عليه وسلم ومن بينهن عائشة رضي الله عنها إذ نقلن لنا ما خفي على غيرهن من الصحابة والصحابيات ، ولاسيما عائشة رضي الله عنها ، وقد أثنى عليها سلف هذه الأمة كما ذكر سيرتها الذهبي رحمه الله ، ولكن أريد أن أبين أن هناك حديثا ليس بصحيح وهو حديث ( خذوا شطر دينكم من هذه الحميراء ) يعني عائشة رضي الله عنها ، لا شك أنها نقلت إلينا علما كثيرا في ديننا ، ولكن هذا الحديث لا يصح .

( ومن الفوائد )

بيان أن المرأة لو نقلت ما يجري بينها وبين زوجها من مصلحة تعود للأمة ، كما فعلت عائشة رضي الله عنها فلا بأس بذلك ، إذا كان الزوج لا يكره ، كأن يكون عالما تنقل المرأة أمرا يجري بينها وبين زوجها العالم لتبين للنساء حكما في مسألة اشتبهت عليهن ، أو لا يعلمن حكمها .

( ومن الفوائد )

بيان أن من حسن معاشرة المرأة لزوجها أن تقوم على شؤونه ، ومما جرى هنا أن عائشة رضي الله عنها طيبت بنفسها رسول الله صلى الله عليه وسلم .

( ومن الفوائد )

أن ما ذكره بعض العلماء من ” أن مس المرأة لزوجها ينقض الوضوء ” يُرد عليهم بهذا الحديث ، فلو أن وضوءها انتقض أو أمرت بالوضوء لبينت ذلك رضي الله عنها أو لبين لها صلوات ربي وسلامه عليه .

( ومن الفوائد )

أن المبالغة في التحذير من شيء أسلوب عربي بلاغي ، كما بالغ ابن عمر رضي الله عنهما في هذا الأمر ، لأن القطران لا يطاق .

[ باب إزالة الجنب الأذى عنه قبل إفاضة الماء عليه ]

حديث رقم – 418-

( صحيح الإسناد ) أخبرنا محمد بن علي قال حدثنا محمد بن يوسف قال حدثنا سفيان عن الأعمش عن سالم عن كريب عن بن عباس عن ميمونة قالت :   توضأ رسول الله صلى الله عليه وسلم وضوءه للصلاة غير رجليه ، وغسل فرجه وما أصابه ثم أفاض عليه الماء ثم نحى رجليه فغسلهما قالت هذه غسلة للجنابة  )

( من الفوائد )

بيان أن ميمونة رضي الله عنها التي هي خالة  ابن عباس رضي الله عنهما نقلت إليه صنيع النبي صلى الله عليه وسلم مما لا يطلع عليه إلا مثلها من زوجاته ، وهذا كما أسلفنا فيه إباحة نقل المرأة ما يكون بينها وبين زوجها للمصلحة بالشروط السابقة .

( ومن الفوائد )

أن الوضوء في غسل الجنابة يكون مقدما ، فلم يعمم بدنه عليه الصلاة والسلام ثم توضأ ، بل كما ورد ( لم يتوضأ بعد الغسل ) لأن وضوءه كان في مقدمة غسله عليه الصلاة والسلام .

( ومن الفوائد )

أن كلمة ( توضأ وضوءه للصلاة ) إذا أطلقت تدل على أنه توضأ الوضوء الشرعي الكامل ، فلما استثنت ( الرجلين ) دل على ما ذكرنا ، من أن كلمة ( الوضوء ) إذا أطلقت ولاسيما وضوء الصلاة فتشمل القدمين أيضا ، وإلا لما كان الاستثناء مفيدا فيما ذكرته رضي الله عنها ، ومن ثم فإنه في مثل هذا الوضوء ” غسل كفيه وتمضمض واستنشق وغسل وجهه وغسل يده ومسح رأسه ” ما عدا غسل القدمين .

( ومن الفوائد )

أن هذا الغسل للفرج وما أصابه من أذى متقدما على الوضوء ، فلا يستدل به على أن مس الفرج ليس بناقض للوضوء ، لأن ( الواو ) تقتضي المشاركة ولا تقتضي الترتيب، ولذلك جاءت الأحاديث الأخرى مبينا أنه ( غسل كفيه ثم غسل فرجه وما أصابه من أذى ثم توضأ وضوءه للصلاة ) .

 

( ومن الفوائد )

أن كلمة ( الفرج ) تشمل الذكر والدبر ، فعلى المغتسل غسل الجنابة إذا غسل كفيه أن يغسل دبره ، لأن الدبر داخل ضمن معنى الفرج .

( ومن الفوائد )

أن بعض العلماء استدل بغسله عليه الصلاة والسلام لما أصابه من أذى استدل بها على أن ( المني نجس ) ويمكن أن يستدل بها على أن ما أصابه من الأذى إنما هو من المرأة من سيلان أو رطوبة فرج فدل على أنه نجس .

والصواب / عدم النجاسة ، لأنه لا شك أنه أذى تتقزز النفوس منه فـ ( المخاط ) أذى ، ومع ذلك فإنه طاهر  ( النخامة ) أذى وهي طاهرة ، فغسله صلوات ربي وسلامه عليه لما أصابه من أذى لا يدل على النجاسة ، وإنما يدل على المبالغة في التنظف .

 ( ومن الفوائد )

أن ما خرج منه عليه الصلاة والسلام يكون كغيره ، فهو بشر صلوات ربي وسلامه عليه ، ولا أعلم دليلا صحيحا يميز ما خرج منه عليه الصلاة والسلام من ذكره أو من دبره يتميز به عن غيره ، أما ريقه وعرقه فهذا وردت فيها أحاديث .

( ومن الفوائد )

أنه عليه الصلاة والسلام أفاض الماء على بدنه ، والروايات الأخرى بينت أنه ( غسل رأسه ثلاثا ) بمعنى أنه غسل شق رأسه الأيمن ثم الأيسر ثم صب غرفة على وسط رأسه .

( ومن الفوائد )

أن ( الإفاضة ) تدل على السيلان ، إذاً ما اشترطه بعض الفقهاء من أن دلك البدن حال غسل الجنابة فرض قول مرجوج ، لأن الدلك لو كان فرضا لدلك عليه الصلاة والسلام .

( ومن الفوائد )

أن فيه دليلا لمن قال من العلماء : إن الماء يصبه المغتسل لغسل الجنابة على جميع بدنه حتى أعضاء الوضوء التي غسلها ، فإنه لما توضأ لا شك أنه غسل وجهه ويديه ، فكلمة ( أفاض الماء عليه ) دلت على العموم

مع أن هناك رأيا آخر في المسألة : وهو أنه لا يلزم ، لما جاء في الرواية الأخرى ( ثم غسل سائر جسده )

يعني ما تبقى من جسده ، لكن هناك رواية عند البخاري ( ثم غسل جسده كله ) فدخل في ضمنها أعضاء الوضوء .

ولا شك أن الأحوط أن يغسل أعضاء الوضوء مرة أخرى إذا أفاض الماء على بدنه .

( ومن الفوائد )

أن قولها ( ثم نحى رجليه فغسلهما ) يدل على أنه أخر غسل القدمين ، وهما تغسلان عند الوضوء ، فدل على أن التفريق بالزمن اليسير بين أعضاء الوضوء لا يؤثر .

ويمكن أن يقال : إن التفريق بينهما إذا كان في الغسل غير مؤثر ، لأن الوضوء تبع للغسل ، أما إذا كان الوضوء على وجه الانفراد دون غسل فلا يدخل .

إذاً ما السنة ، هل يتوضأ وضوءا كاملا كما جاء في حديث عائشة ؟ أو أنه يدع غسل القدمين إلى ما بعد الانتهاء من غسل الجنابة ؟

فيما يظهر لي من حيث تتبع الأحاديث : أن الإنسان يفعل هذا تارة وتلك تارة أخرى .

ولو قال قائل : ورد حديث

( أنه عليه الصلاة والسلام توضأ وضوءه للصلاة ثم لما غسل بدنه غسل قدميه )

هل غسل القدمين مرة أخرى سنة يؤتى بها أحيانا ولو غسلهما مع الوضوء أول الغسل ؟ أو أنه عليه الصلاة والسلام غسلهما مرة أخرى لوجود طين وبلل في الأرض ؟

الذي يظهر أنها لو فُعِلت أحيانا تدخل ضمن السنية ، فيكون عندنا ثلاثة أمور :

الأمر الأول : يتوضأ دون أن يغسل قدميه ثم إذا أفاض الماء على بدنه غسل قدميه .

الأمر الثاني : يتوضأ وضوءا كاملا ثم يفيض الماء على بدنه .

الأمر الثالث : أن يتوضأ وضوءا كاملا ثم يفيض الماء على بدنه ثم يغسل قدميه .

[ باب مسح اليد بالأرض بعد غسل الفرج  ]

حديث رقم – 419–

 (صحيح )  أخبرنا محمد بن العلاء قال حدثنا أبو معاوية عن الأعمش عن سالم بن أبي الجعد عن كريب عن بن عباس عن ميمونة بنت الحرث زوج النبي صلى الله عليه وسلم قالت :   كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا اغتسل من الجنابة يبدأ فيغسل يديه ثم يفرغ بيمينه على شماله فيغسل فرجه ثم يضرب بيده على الأرض ثم يمسحها ثم يغسلها ثم يتوضأ وضوءه للصلاة ثم يفرغ على رأسه وعلى سائر جسده ثم يتنحى فيغسل رجليه  )

( من الفوائد )

أن اللفظ الشائع في ذكر المرأة أن يقال

( زوج ) مع أنها أنثى ، هذا هو الاستعمال الشائع والكثير في اللغة ، ولكن ورد في اللغة قول ( زوجة ) إذاً السائد عندنا هو خلاف ما كان سائداً عند أهل اللغة ، فأهل اللغة فيما هو شائع لديهم يحذفون ( التاء ) الدالة على التأنيث، ومن أتى بالتاء فله وجه من حيث اللغة .

( ومن الفوائد )

أن ( من ) هنا سببية ، يعني بسبب الجنابة  .

( ومن الفوائد )

أنه عليه الصلاة والسلام أول ما يبدأ يغسل يديه ، واليد إذا أطلقت يراد منها الكف ، يعني أنه غسل كفيه .

( ومن الفوائد )

أن اليد الملامسة للفرج هي اليسرى وأن التي تصب الماء هي اليمنى ، وذلك تكريم لليمين من أن تمس الفرج [  فاليمين تستعمل فيما من حقه التكريم ، والشمال فيما سوى ذلك ] كما هي القاعدة في الآداب عند العلماء .

( ومن الفوائد )

أن قولها رضي الله عنها ( ثم يضرب بيده على الأرض ثم يمسحها ) يدل على مبالغته صلى الله عليه وسلم في التنظف والتطهر ، فإن اليد اليسرى لما لامست الفرج وما أصابه من أذى ، أراد أن يزيل هذا الأذى إزالة بليغة فضرب بيده الأرض فمسحها ثم غسلها .

ويغني عن التراب ما هو أبلغ منه في التنظف وهي المنظفات مثل الصابون والشامبو ونحوهما ، وهذا يدل على ما ذكرنا آنفا من أن قوله ( ما أصابه من أذى ) يراد منه المبالغة في التنظف.

( ومن الفوائد )

أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يتكلف ، لأن التراب هو المتيسر في التطهر والتنظف فضرب بيديه الأرض ، وهذا يدل على عظم التراب وأن له فوائد متعددة .

( ومن الفوائد )

في الحديث السابق ( هي غِسلة ) يعني إحدى الصفات ، هنا صفة أخرى ، قالت ( يتوضأ  وضوءه للصلاة ) فدل على أنه توضأ عليه الصلاة والسلام وضوءا كاملا من بين أعضاء الوضوء ( غسل القدمين )

( ومن الفوائد )

أن النبي غسل شق رأسه الأيمن ثم الأيسر ثم صب الماء على وسط رأسه ، والإفاضة والصب لا يتضمان الدلك .

( ومن الفوائد )

أن قولها ( ثم يتنحى فيغسل رجليه )

بعض العلماء يقول : ليست هناك إلا صفتان الصفة الأولى : أن يتوضأ ما عدا  غسل القدمين ، ويجعل غسل القدمين بعد أن يفرغ من الغُسل .

الصفة الثانية : أن يتوضأ وضوءا كاملا ثم يصب الماء على بدنه ، بخلاف الحالة الثالثة ، لم ؟ مع أنه في هذا الحديث ذكرت أنه توضأ وضوءا كاملا ثم تنحى فغسل رجليه ؟

قال بعض العلماء : بما قلنا سابقا ، من أنه غسل قدميه وقد كان غسلهما في وضوئه الأول .

وقال بعض العلماء : إن غسل هاتين القدمين من أجل ما أصابهما من تراب وطين ونحوه .

وقال بعض العلماء : لا يغسل ، إلا إذا كان هناك سبب من أذى أو ما شابه ذلك .

`لكنها ذكرت هنا أنه توضأ وضوءا كاملا ؟

قالوا : إن هذا من باب الغالب ، يعني غسل معظم وغالب أعضاء الوضوء .

وعلى كال حال ، فالأمر في هذا واسع .