تعليقات على سنن ( النسائي ) ـ الدرس الرابع من الحديث ( 134 ) حتى الحديث (159)

تعليقات على سنن ( النسائي ) ـ الدرس الرابع من الحديث ( 134 ) حتى الحديث (159)

مشاهدات: 420

تعليقات على سنن ( النسائي  ) ـ الدرس الرابع

من الحديث ( 134 ) حتى الحديث (159)

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

فضيلة الشيخ زيد بن مسفر البحري

ـــــــــــــــــــــــــ

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه وسلم تسليما كثيرا إلى يوم الدين .

أما بعد :

فقد قال المصنف رحمه الله :

باب النضح

حديث رقم – 134-

( صحيح )  

(أَخْبَرَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ مَسْعُودٍ قَالَ: حَدَّثَنَا خَالِدُ بْنُ الْحَارِثِ، عَنْ شُعْبَةَ، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، عَنِ الْحَكَمِ، عَنْ أَبِيهِ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ إِذَا «تَوَضَّأَ أَخَذَ حَفْنَةً مِنْ مَاءٍ فَقَالَ بِهَا – هَكَذَا وَوَصَفَ شُعْبَةُ – نَضَحَ بِهِ فَرْجَهُ» فذكرْتهُ لِإبْراهيمَ فأعْجبهُ. قَالَ الشَّيْخُ ابْنُ السُّنِّيِّ: قَالَ أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ: الْحَكَمِ هُوَ ابْنُ سُفْيَانَ الثَّقَفِيُّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ )

من الفوائد :

ما ذهب إليه بعض العلماء من أن النضح المذكور هنا هو الاستنجاء ، يعني إذا أراد أن يتوضأ استنجى.

وبعض العلماء : حمله على أن السنة في حق المتوضئ أن ينضح على فرجه ماء حتى يطرد الوساوس الشيطانية ، وقد مر معنا أن من بين سنن الفطرة ( الانتضاح ) .

ومن الفوائد :

أن الفعل يُعبر عنه بالقول ( فقال بها هكذا ) يعني فعل بها ، وهذا يرد كثيرا في الأحاديث وفيما ينقله الصحابة رضي الله عنهم من أخبار

 

حديث رقم – 135-

( صحيح )

 

(  أَخْبَرَنَا الْعَبَّاسُ بْنُ مُحَمَّدٍ الدُّورِيُّ قَالَ: حَدَّثَنَا الْأَحْوَصُ بْنُ جَوَّابٍ، حَدَّثَنَا عَمَّارُ بْنُ رُزَيْقٍ، عَنْ مَنْصُورٍ، ح وَأَنْبَأَنَا أَحْمَدُ بْنُ حَرْبٍ قَالَ: حَدَّثَنَا قَاسِمٌ وَهُوَ ابْنُ يَزِيدَ الْجَرْمِيُّ قَالَ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ قَالَ: حَدَّثَنَا مَنْصُورٌ، عَنْ مُجَاهِدٍ، عَنْ الْحَكَمِ بْنِ سُفْيَان قَالَ: «رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَوَضَّأَ وَنَضَحَ فَرْجَهُ» قَالَ أَحْمَدُ: فَنَضَحَ فَرْجَهُ)

من الفوائد :

هذا الحديث يؤكد ما سبق من أن الانتضاح هو سكب الماء على الفرج بعد الوضوء ، وذلك لأن النبي صلى الله عليه وسلم لا يُرى مكشوفا العورة وهو قريب من أصحابه حينما يستنجي ، فدل على أن الأولى أن يُحمل هذا الحديث والذي سبق على ما بعد الوضوء ، بأن يسكب على فرجه أو على سراويله شيئا من الماء.

 

ومن الفوائد :

أن الانتضاح من سنن الفطرة ، كما صح بذلك الحديث ، ولو فعله الإنسان في بعض الأحيان وتركه في بعض الأحيان فحسن ، ولا يلزم الاستمرار عليه ، لأنه لم ينقل عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه انتضح كلما توضأ ، ولذلك قال بعض العلماء إن في الانتضاح فائدة وهي أن الشيطان إذا جاءك بعد الوضوء وقال خرج منك شيء ، فقل إنه هو الماء ، وقد ذكرت مثالين قد ذكرهما ابن القيم رحمه الله – في إحدى الكلمات – أن ابن آدم مع الشيطان له مثالان :

المثال الأول : الغزال مع الأسد ، فالغزال أسرع من الأسد ولكنها تقع فريسة له ، وسبب ذلك لأنها تلتفت ، فمن التفت إلى هذه الوساوس فإنه يوشك أن يتمكن الشيطان منه ، فعلى الإنسان أن يعزم ويتوكل على الله عز وجل ولا يلتفت إلى هذه الوساوس .

 

المثال الثاني : قال رحمه الله كمثل رجل خرج إلى الصلاة فاستقبله رجل فخاصمه وجادله فإن جادله فاته الصف الأول ، فإن استمر معه في المجادلة فاتته تكبيرة الإحرام ، فإن استمر معه في المجادلة يوشك أن تفوته الصلاة كلها ، لكن لو تركه من أول الأمر أدرك الصف الأول والقرب من الإمام وتكبيرة الإحرام .

ومن الفوائد :

أن قول من يقول بأن النضح هو الاستنجاء قالوا إن قوله ( توضأ ) يعني إذا أراد أن يتوضأ .

ولكن كما قالنا الصواب المحمل الثاني ، والتأويل في النصوص الشرعية محمود إذا دلَّ عليه دليل كما في قوله تعالى : {فَإِذَا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ فَاسْتَعِذْ بِاللّهِ مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ } النحل98 الأصل أن يترك الدليل على ظاهره ولا يجوز أن يؤول إلى معنى آخر ، فظاهر الآية أن الاستعاذة تكون عقب القراءة ، لكن التأويل وهو [ حمل النص على المعنى المرجوح لدليل مقبول ] وذلك لأن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا قرأ استعاذ بالله من الشيطان الرجيم .

 

باب الانتفاع بفضل الوضوء

حديث رقم – 136-

( صحيح )

 

(أَخْبَرَنَا أَبُو دَاوُدَ سُلَيْمَانُ بْنُ سَيْفٍ قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو عَتَّابٍ قَالَ: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ أَبِي حَيَّةَ قَالَ: رَأَيْتُ عَلِيًّا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ تَوَضَّأَ ثَلَاثًا ثَلَاثًا، ثُمَّ قَامَ فَشَرِبَ فَضْلَ وَضُوئِهِ وَقَالَ: «صَنَعَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَمَا صَنَعْتُ»)

من الفوائد :

مرت معنا هذه المسألة وأن شرب الإنسان وهو قائم ليس بمحرم لفعل النبي صلى الله عليه وسلم وفعل علي رضي الله عنه .

 

حديث رقم – 137-

 

( صحيح )

 

(  أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مَنْصُورٍ، عَنْ سُفْيَانَ قَالَ: حَدَّثَنَا مَالِكُ بْنُ مِغْوَلٍ، عَنْ عَوْنِ بْنِ أَبِي جُحَيْفَةَ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ: شَهِدْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالْبَطْحَاءِ، وَأَخْرَجَ بِلَالٌ فَضْلَ وَضُوئِهِ، فَابْتَدَرَهُ النَّاسُ، فَنِلْتُ مِنْهُ شَيْئًا، وَرَكَزْتُ لَهُ الْعَنَزَةَ فَصَلَّى بِالنَّاسِ وَالْحُمُرُ وَالْكِلَابُ وَالْمَرْأَةُ يَمُرُّونَ بَيْنَ يَدَيْهِ ” )  

من الفوائد :

أن هذا الماء الذي فضل من النبي صلى الله عليه وسلم محمول إما على ما بقي في الإناء ، أو ما نزل من أعضائه ، فيكون ماء مستعملا ، والماء المستعمل فيه كلام عند العلماء ، فابتدار الناس هنا لما فضل من وضوء النبي صلى الله عليه وسلم يدل على طهارة هذا الماء ، سواء قلنا ما فضل أو ما استعمل من أعضائه عليه الصلاة والسلام ، ولعل الأحاديث الأخرى ترجح أنه ما استعمل في أعضائه عليه الصلاة والسلام .

 

ومن الفوائد :

أن السترة إذا وضعها المصلي ومر بين يديه مما هو خلف السترة لا يؤثر في صلاته ،  فالسترة مانعة وحائلة لتأثير المار على صلاة المصلي .

 

ومن الفوائد :

أن العنزة عصا تشبه الرمح ، فيها تقوس .

 

حديث رقم – 138-

( صحيح )

 

(  أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مَنْصُورٍ، عَنْ سُفْيَانَ قَالَ: سَمِعْتُ ابْنَ الْمُنْكَدِرِ يَقُولُ: سَمِعْتُ جَابِرًا يَقُولُ: «مَرِضْتُ فَأَتَانِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَبُو بَكْرٍ يَعُودَانِي، فَوَجَدَانِي قَدْ أُغْمِيَ عَلَيَّ، فَتَوَضَّأَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَصَبَّ عَلَيَّ وَضُوءَهُ»)

من الفوائد :

أن هذا الحديث يؤكد ما قلنا من أن هذا الماء إنما هو الماء المستعمل من أعضائه عليه الصلاة والسلام .

 

ومن الفوائد :

جواز التبرك بآثاره عليه الصلاة والسلام المتعلقة بجسده ، وهذا لا يجوز في حق غيره ، إنما يجوز في حقه هو عليه الصلاة والسلام ، لأن الأصل في التبرك المنع إلا ما ورد به الدليل .

 

ومن الفوائد :

فضل عيادة المرضى وأنها تدخل على المريض سرورا .

باب فرض الوضوء

حديث رقم – 139-

( صحيح )

 

( أَخْبَرَنَا قُتَيْبَةُ قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَبِي الْمَلِيحِ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لَا يَقْبَلُ اللَّهُ صَلَاةً بِغَيْرِ طُهُورٍ، وَلَا صَدَقَةً مِنْ غُلُولٍ»  )

من الفوائد :

أن الأصل في عدم القبول هو عدم الصحة ، ويمكن أن يخرج عن ذلك بدليل، فلا يأتي إنسان ويقول أتت أدلة مثل ( لا يقبل الله صلاة عبد أبق حتى يرجع ) فإن صلاته صحيحة ويكون آثما ، فلا يأتي إنسان ويقول إن الصلاة صحيحة مع عدم وجود الطهور ، فالأصل في عدم القبول هو عدم الصحة ، ويمكن أن يخرج إلى معنى آخر بأدلة أخرى .

 

ومن الفوائد :

أن بعض العلماء ضبط كلمة ( طُهور ) بالفتح ( طَهور) فقال إن الفعل يمكن أن يقال عنه ( طُهور ) وهذا هو المشهور عند أكثر العلماء ، ويمكن أن يقال ( طَهور ) فيصح اللفظان .

ومن الفوائد :

أن الوضوء شرط من شروط صحة الصلاة .

 

ومن الفوائد :

أن ( صلاة ) هنا نكرة في سياق النفي فتعم أي صلاة ، فأي صلاة تخلو من الطهارة فإنها صلاة غير شرعية ، سواء كانت صلاة فرض أو نفل ، صلاة جمعة أو استسقاء أو ما شابه ذلك من الصلوات .

 

ومن الفوائد :

أن الغُلول معناه الخيانة والسرقة من الغنيمة ، ويقصد به على وجه العموم أخذ المال من بيت مال المسلمين ، سواء كان من غنيمة أو لم يكن، فإذا غَلّ فتصدق فإن هذه الصدقة غير مقبولة ، لأن ( الله طيب لا يقبل إلا طيبا ) كما جاء في الصحيح .

 

باب الاعتداء في الوضوء

حديث رقم – 140-

( حسن صحيح )

 

(  أَخْبَرَنَا مَحْمُودُ بْنُ غَيْلَانَ، حَدَّثَنَا يَعْلَى قَالَ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ مُوسَى بْنِ أَبِي عَائِشَةَ، عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ قَالَ: جَاءَ أَعْرَابِيٌّ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَسْأَلُهُ عَنِ الْوُضُوءِ، فَأَرَاهُ الْوُضُوءَ ثَلَاثًا ثَلَاثًا، ثُمَّ قَالَ: «هَكَذَا الْوُضُوءُ، فَمَنْ زَادَ عَلَى هَذَا فَقَدْ أَسَاءَ وَتَعَدَّى وَظَلَمَ»)

من الفوائد :

ما ذهب إليه الشافعي رحمه الله من أن المسح على الرأس ثلاثا ، لأنه قال ( فأراه الوضوء ثلاثا ) ولكن إما أن يحمل على التغليب ، ومن بين أنواع التغليب ” تغليب الأكثر على الأقل “

أو كما قال ابن حجر رحمه الله ( توضأ ثلاثا ) يعني أنه استوعب الرأس شاملا بثلاث مسحات ، وليس معنى هذا أنه مسح ثلاث مرات ، ومر معنا أن الأحاديث الواردة في مسح الرأس ثلاث مرات أنها شاذة ، مع أن بعض العلماء فسرها إن كانت مما ورد ( أنه مسح مرتين ) فقالوا تحمل على أنه مسح من مقدمة الرأس إلى المؤخرة هذه مرة ثم من المؤخرة إلى المقدمة فهذه مرة ، وما ورد ( أنه مسح رأسه ثلاثا ) فإنه استوعب مسح الرأس ثلاث مرات .

 

ومن الفوائد :

أن من زاد عما بينه النبي صلى الله عليه وسلم هنا ( فقد أساء وتعدى وظلم )

ولكن لو قال قائل :

 لو أنه زاد على الثلاث أيصح وضوؤه أم لا ؟

الذي يظهر أن وضوءه يصح ، لم ؟ لأن النبي صلى الله عليه وسلم حكم على فعله بالإساءة والتعدي والظلم ” ولم يحكم على وضوئه بالبطلان ، فالذي يظهر لاسيما مع ما يصيب بعض الناس من الوسوسة يتسامح في مثل هذا  بالنسبة  إليه .

 

ومن الفوائد :

التحذير من الابتداع في الدين ، وأنه لا يجوز أن يزاد شيء في شرع الله حتى ولو استحسنه الناس

{ الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الإِسْلاَمَ دِيناً }المائدة3 .

ومن الفوائد :

أنه وردت زيادة ( أو نقص ) فعدها العلماء أنها شاذة ، لم ؟ لأن النبي صلى الله عليه وسلم ( توضأ مرتين ) و ( توضأ مرة ) اللهم إلا إ ذا حملت كلمة ( أو نقص ) على أنه نقص من هذا الوضوء لا أن يكون النقص من العدد ، فإنه لو نقص من هذا الوضوء فلم يغسل يديه أو إحدى يديه هنا يكون متعديا وظالما ومسيئا ويكون وضوؤه غير صحيح .

 

الأمر بإسباغ الوضوء

حديث رقم – 141-

( صحيح )

 

(أَخْبَرَنَا يَحْيَى بْنُ حَبِيبِ بْنِ عَرَبِيٍّ، حَدَّثَنَا حَمَّادٌ، حَدَّثَنَا أَبُو جَهْضَمٍ قَالَ: حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: كُنَّا جُلُوسًا إِلَى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ فَقَالَ: ” وَاللَّهِ مَا خَصَّنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِشَيْءٍ دُونَ النَّاسِ إِلَّا بِثَلَاثَةِ أَشْيَاءَ: فَإِنَّهُ أَمَرَنَا أَنْ نُسْبِغَ الْوُضُوءَ، وَلَا نَأْكُلَ الصَّدَقَةَ، وَلَا نُنْزِيَ الْحُمُرَ عَلَى الْخَيْلِ “)

من الفوائد :

أن آل بيت رسول الله صلى الله لم يخصوا بشيء من الأشياء دون غيرهم ، فيكون في قول ابن عباس رضي الله عنهما رد على الروافض الذين ميزوا آل البيت بمزايا لم تأت بها الشريعة .

 

ومن الفوائد :

فضل إسباغ الوضوء ، لأن النبي صلى الله عليه وسلم أمر به الأمة على وجه العموم ثم أمر به آل بيته على وجه الخصوص .

 

ومن الفوائد :

أن الصدقة الواجبة محرمة على آل البيت لقول النبي صلى الله عليه وسلم ( إنما هي أوساخ الناس )

وأما صدقة التطوع فهي جائزة لهم ، وأما من علت مرتبته وهو رسول الله صلى الله عليه وسلم فقد حُرِّمت عليه الصدقة الواجبة وكذا صدقة التطوع .

 

ومن الفوائد :

أن المسلم ينبغي له في شؤونه الدنيوية ألا يستبدل الأدنى بالذي هو خير ، فإن إنزاء الحُمُر على الخيول فيه تقليل لنسل الخيول ، ومعلوم أن الخيول أفضل من البغال ، ولكن هذا النهي على سبيل الكراهة ، لأن ( النبي صلى الله عليه وسلم ركبها ) ولأن الله سبحانه وتعالى جعلها في مقام الامتنان على خلقه { وَالْخَيْلَ وَالْبِغَالَ وَالْحَمِيرَ لِتَرْكَبُوهَا وَزِينَةً } النحل8 .

 

حديث رقم – 142-

( صحيح )

 

( أَخْبَرَنَا قُتَيْبَةُ قَالَ: حَدَّثَنَا جَرِيرٌ، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ هِلَالِ بْنِ يِسَافٍ، عَنْ أَبِي يَحْيَى، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «أَسْبِغُوا الْوُضُوءَ»)

من الفوائد :

أن الإسباغ يحمل على معاني ثلاثة :

أولا : تعميم أعضاء الوضوء بالماء مرة واحدة ، وهذا واجب

ثانيا : تعميم الأعضاء بالماء ثلاث مرات ، وهذا مستحب .

ثالثا : تعميم الأعضاء بالماء ثلاث مرات مع الدلك ، وهذا فضيلة لأنه اشتمل على النوع الأول والثاني .

فلا يقال بأنه على الوجوب أو على الاستحباب إنما على حسب التفصيل السابق .

 

باب الفضل في ذلك

حديث رقم – 143-

( صحيح )

(أَخْبَرَنَا قُتَيْبَةُ، عَنْ مَالِكٍ، عَنِ الْعَلَاءِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: ” أَلَا أُخْبِرُكُمْ بِمَا يَمْحُو اللَّهُ بِهِ الْخَطَايَا، وَيَرْفَعُ بِهِ الدَّرَجَاتِ: إِسْبَاغُ الْوُضُوءِ عَلَى الْمَكَارِهِ، وَكَثْرَةُ الْخُطَا إِلَى الْمَسَاجِدِ، وَانْتِظَارُ الصَّلَاةِ بَعْدَ الصَّلَاةِ، فَذَلِكُمُ الرِّبَاطُ فَذَلِكُمُ الرِّبَاطُ فَذَلِكُمُ الرِّبَاطُ ” )

من الفوائد :

أن من الأساليب المناسبة في إيصال العلم أن يطرح السؤال حتى تحضر القلوب والعقول ، فطرح المعلومة عن طريق سؤال يجذب أسماع وانتباه الحاضرين ، وهذا ما كان يفعله صلوات ربي وسلامه عليه ، ونوع الاستفهام هنا ( استفهام تشويقي ) يشوقهم ، ولذلك قالوا ( بلى يا رسول الله ) كما قال تعالى : {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا هَلْ أَدُلُّكُمْ عَلَى تِجَارَةٍ تُنجِيكُم مِّنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ }الصف10 ، فالاستفهام يراد منه هنا التشويق .

 

ومن الفوائد :

أن إسباغ الوضوء مأمور به العبد ويحسن الإسباغ إذا كان في المكاره ، ما هي المكاره ؟

شدة البرد ، شدة الحر ، غلاء ثمن الماء ، السعي في تحصيله في جو ماطر أو بارد ، فإذا أسبغ الوضوء على المكاره نال هذا الخير العظيم .

 

ومن الفوائد :

بيان فضل كثرة الخطا إلى المساجد وأنها تكفر الخطايا وتزيد الحسنات ، وهذا يؤكد ما أسلفناه من أن الإسراع حال سماع الإقامة أو حال عدم سماع الإقامة مما يفوت على المسلم هذا الأجر ، لأن خطاياه تقل ، وقد بينت السنة في الأحاديث الأخرى أن الخطوة إلى المساجد لأداء الصلاة ( يرفع بها درجة ويحط عنه بها خطيئة ) ولذلك كان بعض الصحابة رضي الله عنهم كزيد بن ثابت يقارب بين خطاه إذا خرج إلى المسجد ، فإذا كان بينه وبين المسجد مائة خطوة فيما لو مشى مشيا معتادا تأنى حتى تبلغ مثلا مائة وعشرين أو مائة وخمسين خطوة .

 

ومن الفوائد :

أن انتظار الصلاة بعد الصلاة سماه رسول الله صلى الله عليه وسلم بالرباط ، والرباط معناه : ملازمة الشيء ، بل ذكر بعض المفسرين أن انتظار الصلاة بعض الصلاة داخل تحت قوله تعالى {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اصْبِرُواْ وَصَابِرُواْ وَرَابِطُواْ وَاتَّقُواْ اللّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ }آل عمران200 ،فقوله { وَرَابِطُواْ } يدخل فيها رباط الجهاد في سبيل الله ، ويدخل فيها انتظار الصلاة بعد الصلاة .

وهناك قاعدة في الأصول وفي اللغة [ أن حذف المعمول يدل على العموم ] فقوله تعالى { وَرَابِطُواْ } هل قال { وَرَابِطُواْ } في انتظار الصلاة ؟ هل قال { وَرَابِطُواْ } في الثغر الذي يكون بينكم وبين الأعداء ؟ لم يقل ، إذاً يفيد العموم

 

ومن الفوائد :

كرر النبي صلى الله عليه وسلم كلمة ( الرباط ) من باب التأكيد على أهمية هذا الأمر .

وقال بعض العلماء : من أجل أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا تكلم بكلمة أعادها ثلاثا حتى تفهم عنه ، فتكرارها يدل على فضل هذه الأعمال .

 

ومن الفوائد :

بيان فضل مجاهدة النفس ، فإن هذه الأمور المذكورة إذا لم يجاهد العبد نفسه عليها وإلا لم ينل خيرها وفضلها ، فهي تحتاج إلى مجاهدة ( إسباغ الوضوء على المكاره ، وكثرة الخطا إلى المساجد ، وانتظار الصلاة بعد الصلاة )

ومن الفوائد :

بيان فضل الصلاة ، ولاسيما صلاة الجماعة ،لأن هذه الأشياء المذكورة كلها تتعلق بالصلاة ( إسباغ الوضوء ) يتعلق بالصلاة ( كثرة الخطا إلى المساجد ) تتعلق بصلاة الجماعة ( انتظار الصلاة بعد الصلاة ) تتعلق بصلاة الجماعة .

 

ومن الفوائد :

أن معنى ( انتظار الصلاة بعد الصلاة ) محتمل أن يكون منتظرا لها في مصلاه ، بحيث إذا صلى الظهر بقي ينتظر صلاة العصر ، ويحتمل – وفضل الله عز وجل واسع – أنه ينتظر الصلاة الأخرى بقلبه ، بمعنى أن قلبه معلق بالصلاة الأخرى إذا فرغ من الصلاة التي قبلها ، وهذا الاحتمال الذي أورده بعض العلماء مقبول ، وإذا قُبِل فإن صاحبه ينال ما جاء في الصحيحين ( سبعة يظلهم الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله ) ذكر منهم ( ورجل قلبه معلق بالمساجد )

 

ثواب من توضأ كما أمر

حديث رقم – 144-

( صحيح )

 

(  أَخْبَرَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ، حَدَّثَنَا اللَّيْثُ، عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ، عَنْ سُفْيَانَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ عَاصِمِ بْنِ سُفْيَانَ الثَّقَفِيِّ: أَنَّهُمْ غَزَوْا غَزْوَةَ السُّلَاسِلِ فَفَاتَهُمُ الْغَزْوُ فَرَابَطُوا، ثُمَّ رَجَعُوا إِلَى مُعَاوِيَةَ وَعِنْدَهُ أَبُو أَيُّوبَ وَعُقْبَةُ بْنُ عَامِرٍ، فَقَالَ عَاصِمٌ: يَا أَبَا أَيُّوبَ فَاتَنَا الْغَزْوُ الْعَامَ، وَقَدْ أُخْبِرْنَا أَنَّهُ مَنْ صَلَّى فِي الْمَسَاجِدِ الْأَرْبَعَةِ غُفِرَ لَهُ ذَنْبُهُ. فَقَالَ: يَا ابْنَ أَخِي، أَدُلُّكَ عَلَى أَيْسَرَ مِنْ ذَلِكَ إِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: «مَنْ تَوَضَّأَ كَمَا أُمِرَ، وَصَلَّى كَمَا أُمِرَ غُفِرَ لَهُ مَا قَدَّمَ مِنْ عَمَلٍ» أَكَذِلَكَ يَا عُقْبَةُ؟ قَالَ: نَعَمْ )

من الفوائد :

أن بعض العلماء قال إن هذه المساجد الأربعة هي [ المسجد الحرام والمسجد النبوي والمسجد الأقصى ومسجد قباء ]

 

ومن الفوائد :

بيان ما كان عليه الصحابة رضي الله عنهم من الرجوع لبعضهم البعض من باب توثيق العلم ، ومن ثم فإنه إذا جمع مكان أو زمان طلاب علم فمما ينبغي عليهم أن يتدارسوا العلم فيما بينهم وأن يستمع كل منهم إلى الآخر لكي يثبت معلومته أو يزيده علما على علمه .

 

ومن الفوائد :

أن من أتى بالوضوء والصلاة على الوجه المطلوب تغفر له ذنوبه ، وكما أسلفنا الذنوب المراد منها الصغائر لحديث ( الصلوات الخمس والجمعة إلى الجمعة ورمضان إلى رمضان مكفرات لما بينهن إذا اجتنبت الكبائر )

ولكن هذا الأمر في الوضوء وفي الصلاة ( من توضأ كما أُمر ، وصلى كما أُمر ) هل يدخل في ذلك المندوب أم يكتفى بالواجب ؟

بمعنى أنه أتى بفروض الوضوء وأتى بواجبات وأركان الصلاة ولم يزد عليهما مندوبا هل يدخل في هذا الفضل أو لا ؟ أو لابد مع الواجب من المندوب ؟

محتمل هذا ومحتمل هذا ، لأن المندوب داخل ضمن الأمر ، فإذا قيل لك هل المستحب هو مما أمر الله به ؟ قل نعم ، ما الدليل ؟  {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ارْكَعُوا وَاسْجُدُوا وَاعْبُدُوا رَبَّكُمْ وَافْعَلُوا الْخَيْرَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ } ، ويحمل الاقتصار على الواجب لقول النبي صلى الله عليه وسلم لذلك الرجل ( توضأ كما أمرك الله ) والمذكور في الآية هو الواجب ، فهذا محتمل وهذا محتمل .

حديث رقم – 145-

( صحيح )

 

(أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْأَعْلَى قَالَ: حَدَّثَنَا خَالِدٌ، عَنْ شُعْبَةَ، عَنْ جَامِعِ بْنِ شَدَّادٍ قَالَ: سَمِعْتُ حُمْرَانَ بْنَ أَبَانَ أَخْبَرَ أَبَا بُرْدَةَ فِي الْمَسْجِدِ أَنَّهُ سَمِعَ عُثْمَانَ يُحَدِّثُ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: «مَنْ أَتَمَّ الْوُضُوءَ كَمَا أَمَرَهُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ، فَالصَّلَوَاتُ الْخَمْسُ كَفَّارَاتٌ لِمَا بَيْنَهُنَّ»)

ومن الفوائد :

هذا الحديث يؤكد المعنى الآخر وهو أنه من أتم الوضوء كما أمره الله ، مما يدل على أنه لو أتى بالواجب واقتصر عليه دون أن يأتي بالمندوب يكون له فضل مغفرة الذنوب .

 

ومن الفوائد :

أن حُمْران وهو مولى لعثمان رضي الله عنه نقل ما نقله عثمان قولا وتطبيقا لوضوء النبي صلى الله عليه وسلم ، وعثمان رضي الله عنه نقل وضوء النبي صلى الله عليه وسلم للأمة قولا وتطبيقا .

 

ومن الفوائد :

لو قال قائل إن المضمضة والاستنشاق لم تذكرا في آية الوضوء ؟

نقول هما داخلتان ، فهما من الوجه ، وقد سبق الحديث عن هذا والخلاف فيه .

ولو قال قائل : الترتيب ؟

نقول أدخل الممسوح من بين المغسولات ، فدل على وجوب الترتيب .

 

ومن الفوائد :

أن الوضوء شرط من شروط صحة الصلاة ، لأنه أتى بالوضوء قبل الصلاة ، واشترط في هذا الوضوء أن يكون تاما على وفق ما جاء في الآية ، ولا شك أنه شرط والأدلة في ذلك كثيرة  منها قول النبي صلى الله عليه وسلم ( لا يقبل الله صلاة أحدكم إذا أحدث حتى يتوضأ ) وقوله ( لا صلاة بغير طُهور )

ومن الفوائد :

فضل الصلوات الخمس وأنها تكفر الذنوب ، وقد أخبر النبي صلى الله عليه وسلم كما في الصحيحين أنها بمثابة النهر ( لو أن نهرا بباب أحدكم يغتسل منه كل يوم خمس مرات هل يبقى من درنه شيء ؟ قالوا لا يا رسول الله ، قال فكذلك الصلوات الخمس يمحو الله بهن الخطايا )

حديث رقم – 146-

( صحيح )

 

(أَخْبَرَنَا قُتَيْبَةُ، عَنْ مَالِكٍ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ حُمْرَانَ مَوْلَى عُثْمَانَ، أَنَّ عُثْمَانَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: «مَا مِنْ امْرِئٍ يَتَوَضَّأُ فَيُحْسِنُ وُضُوءَهُ، ثُمَّ يُصَلِّي الصَّلَاةَ إِلَّا غُفِرَ لَهُ مَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ الصَّلَاةِ الْأُخْرَى حَتَّى يُصَلِّيَهَا»  )

من الفوائد :

أن ما بين الصلاتين تكفر به الذنوب ، والمراد بالذنوب كما أسلفنا الصغائر ، فهذا يدل على فضل الصلاة ، ومن باب اللزوم يدل على فضل الوضوء ،لأنه لا يمكن تتم صلاة إلا بالوضوء .

 

حديث رقم – 147-

( صحيح )

 

(  أَخْبَرَنَا عَمْرُو بْنُ مَنْصُورٍ، حَدَّثَنَا آدَمُ بْنُ أَبِي إِيَاسٍ قَالَ: حَدَّثَنَا اللَّيْثُ – هُوَ ابْنُ سَعْدٍ، حَدَّثَنَا مُعَاوِيَةُ بْنُ صَالِحٍ قَالَ: أَخْبَرَنِي أَبُو يَحْيَى سُلَيْمُ بْنُ عَامِرٍ وَضَمْرَةُ بْنُ حَبِيبٍ وَأَبُو طَلْحَةَ نُعَيْمُ بْنُ زِيَادٍ قَالُوا: سَمِعْنَا أَبَا أُمَامَةَ الْبَاهِلِيَّ يَقُولُ: سَمِعْتُ عَمْرَو بْنَ عَبَسَةَ يَقُولُ: ” قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ كَيْفَ الْوُضُوءُ؟ قَالَ: «أَمَّا الْوُضُوءُ فَإِنَّكَ إِذَا تَوَضَّأْتَ فَغَسَلْتَ كَفَّيْكَ، فَأَنْقَيْتَهُمَا خَرَجَتْ خَطَايَاكَ مِنْ بَيْنِ أَظْفَارِكَ وَأَنَامِلِكَ، فَإِذَا مَضْمَضْتَ وَاسْتَنْشَقْتَ مَنْخِرَيْكَ وَغَسَلْتَ وَجْهَكَ وَيَدَيْكَ إِلَى الْمِرْفَقَيْنِ وَمَسَحْتَ رَأْسَكَ وَغَسَلْتَ رِجْلَيْكَ إِلَى الْكَعْبَيْنِ اغْتَسَلْتَ مِنْ عَامَّةِ خَطَايَاكَ، فَإِنْ أَنْتَ وَضَعْتَ وَجْهَكَ لِلَّهِ عَزَّ وَجَلَّ خَرَجْتَ مِنْ خَطَايَاكَ كَيَوْمَ وَلَدَتْكَ أُمُّكَ». قَالَ أَبُو أُمَامَةَ فَقُلْتُ: يَا عَمْرَو بْنَ عَبَسَةَ انْظُرْ مَا تَقُولُ أَكُلُّ هَذَا يُعْطَى فِي مَجْلِسٍ وَاحِدٍ؟ فَقَالَ: أَمَا وَاللَّهِ لَقَدْ كَبِرَتْ سِنِّي وَدَنَا أَجَلِي وَمَا بِي مِنْ فَقْرٍ فَأَكْذِبَ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَلَقَدْ سَمِعَتْهُ أُذُنَايَ وَوَعَاهُ قَلْبِي مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ  )

 

من الفوائد :

أن تكفير الوضوء للذنوب مبين من حيث الصفة والهيئة في هذا الحديث ، كيف تخرج هذه الذنوب ؟ تخرج مع الأظافر ومن بين الأنامل .

 

ومن الفوائد :

أن الصحابي رضي الله عنه إذا أراد أن يوثق خبره قال ( سمعته أذناي ووعاه قلبي ) من باب التأكيد على أنه ضبط ما قاله رسول الله صلى الله عليه وسلم .

 

ومن الفوائد :

أن الوضوء لا يكفر جميع الذنوب ، ولذلك قال ( عامة خطاياك ) أي غالبها ، وكما قلنا تكفر الذنوب التي اكتسبتها أعضاء الوضوء .

 

ومن الفوائد :

أن المسلم كلما كبرت سنه يجب عليه أن يحرص على دينه ، وهو واجب عليه أن يحرص على دينه في مراحل عمره ، لكن في نهاية العمر يكون الحرص أكثر وأشد .

 

ومن الفوائد :

بيان فضل سعة رحمة الله عز وجل ومغفرته إذ جعل هذا العمل القليل مكفرا لهذه الخطايا .

 

ومن الفوائد :

أن قوله ( كيومَ ولدتك أمك ) بالفتح على أنه مبني أو ( كيومِ ) على أنه معرب ، ويصح الوجهان على الصحيح .

 

ومن الفوائد :

أنه إذا خرج من خطاياه ( كيوم ولدته أمه ) أن ذنوبه كلها مكفرة ، لأن الإنسان إذا وُلد لم يجن عضو من أعضائه لا على كبيرة ولا على صغيرة ، وهذا هو الصحيح ، لكن هذا الحديث عُدِل عن ظاهره إلى قولنا بأن المراد هي الصغائر للأدلة الأخرى ( الصلوات الخمس والجمعة إلى الجمعة ورمضان إلى رمضان مكفرات لما بينهن إذا اجتنبت الكبائر ) وهذا يدل على فضل تتبع أحاديث النبي صلى الله عليه وسلم وأن المتتبع لها والمستوعب لها بإذن الله تعالى يخرج بحكم واضح لا لبس فيه .

سؤال : قول النبي صلى الله عليه وسلم ( من حج فلم يرفث ولم يفسق رجع  كيوم ولدته أمه ) ؟

الجواب / قال بعض العلماء إنه محمول على الصغائر ، والصواب أنه محمول على الصغائر والكبائر ، لحديث ابن عمر رضي الله عنهما عند البزار قال ( وأما رميك الجِمار فلك بكل حصاة رميتها تكفير كبيرة من كبائر الذنوب ) فالحج مكفر بإذن الله تعالى للصغائر والكبائر

القول بعد الفراغ من الوضوء

حديث رقم – 148-

( صحيح )

 

( أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ حَرْبٍ الْمَرْوَزِيُّ قَالَ: حَدَّثَنَا زَيْدُ بْنُ الْحُبَابِ قَالَ: حَدَّثَنَا مُعَاوِيَةُ بْنُ صَالِحٍ، عَنْ رَبِيعَةَ بْنِ يَزِيدَ، عَنْ أَبِي إِدْرِيسَ الْخَوْلَانِيِّ وَأَبِي عُثْمَانَ، عَنْ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ الْجُهَنِيِّ، عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَنْ تَوَضَّأَ فَأَحْسَنَ الْوُضُوءَ، ثُمَّ قَالَ أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، فُتِّحَتْ لَهُ ثَمَانِيَةُ أَبْوَابِ الْجَنَّةِ يَدْخُلُ مِنْ أَيِّهَا شَاءَ»)

من الفوائد :

بيان فضل إحسان الوضوء ، فإذا أُحْسِن الوضوء وقيل هذا الذكر ظفر الإنسان بهذا الأجر ، وهو تفتيح أبواب الجنة الثمانية يدخل من أيها شاء .

 

ومن الفوائد :

بيان فضل كلمة التوحيد ، فإنه لما طهَّر ظاهره بغسل وإسباغ أعضاء الوضوء طَهَّر قلبه بذكر هذا الذكر الشريف ، فحصلت له طهارتان ظاهرة وباطنة .

 

ومن الفوائد :

جاء في بعض الروايات ( وحده لا شريك له ) بينما هنا ليست موجودة فيه ، ومن ثم فإن الإنسان لو نوَّع مرة يقول هذه الجملة ومرة يتركها لكان حسنا .

 

ومن الفوائد :

أن الجنة لها ثمانية أبواب ، وهذه الأبواب الثمانية تفتح لقائل هذا الذكر بعد هذا الوضوء الحسن تفتح له تكريما ، وإلا فالدخول من باب واحد ، وقد ذكر ابن حجر رحمه الله في الفتح أن دخوله من الباب الذي تكثر فيه نوافله ، فالنبي صلى الله عليه وسلم أخبر أن للصلاة بابا ، فإذا كانت النافلة منه في الصلاة أكثر دخل من باب الصلاة ، وذكر أن للصدقة بابا ، فإذا كانت نوافل الصدقة منه أكثر من العبادات الأخرى دخل من باب الصدقة ، وهلم جرا ، ولذلك في آخر الحديث الذي في الصحيحين ، لما ذكر النبي صلى الله عليه وسلم أسماء أكثر الأبواب ، قال أبو بكر رضي الله عنه ( ما على أحد دخل من تلك الأبواب من ضرورة ) يعني لو دخل إنسان من باب واحد يكفي ، فخر واعتزاز ( فهل يدعى أحد من جميع هذه الأبواب ؟ فقال عليه الصلاة والسلام ( نعم  وأرجو أن تكون منهم يا أبا بكر ) والرجاء من الله عز وجل أو من النبي صلى الله عليه وسلم إذا أتت في النصوص تدل على الوقوع ، يعني أنها واجبة ومتحققة ، فتحقق هنا أن أبا بكر رضي الله عنه يدعى من جميع الأبواب .

فلو قال قائل : إذاً لا مزية لأبي بكر رضي الله عنه على أحد من المسلمين لأن المسلم إذا أحسن الوضوء وذكر هذا الذكر حصل له تفتيح أبواب الجنة ؟ فكيف يخصه النبي صلى الله عليه وسلم بهذه المنقبة ؟

فيجاب : من أنه لا تعارض ، لأنه فرق بين أن تفتح لك الأبواب وبين أن تفتح لك وتدعى ، ولذلك في الرواية الأخرى ( كل خزنة باب تقول له ” هلم هلم ) ففرق بين تفتيح الأبواب وبين تفتيحها والدعاء للدخول منها .

 

ومن الفوائد :

أنه جاءت زيادة عند الترمذي وهي ثابتة صحيحة أن يقول بعد هذا الذكر ( اللهم اجعلني من التوابين واجعلني من المتطهرين )

 

ومن الفوائد :

بيان فضل الوضوء ، فإن هذا الثواب مترتب على هذا الذكر وما يسبقه من فعل وهو الوضوء ، وليس أي وضوء وإنما هو الوضوء الذي أُسبغ وأُحسن .

 

ومن الفوائد :

أن الفاء هنا في قوله ( من توضأ فأحسن الوضوء ) تفسيرية ، ففسرت هذا الوضوء المطلق من أنه وضوء حسن .

 

ومن الفوائد :

أن هذا الذكر لا يقال قبل الوضوء وإنما يقال بعده .

 

ومن الفوائد :

أنه لا ذكر في ثنايا الوضوء ، ولم يصح ذكرٌ في ثنايا الوضوء ، ولم يصح قراءة أي سورة ، ولم يصح أي دعاء ، وإنما الذكر الذي يقال عند الوضوء ابتداء ” البسملة ” مع أن العلماء مختلفون في ثبوت الحديث فيها ، وأما في ثنايا الوضوء فلا ذكر صحيح ، وأما بعد الوضوء فيقول هذا الذكر ( أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شرك له ، وأشهد أن محمدا عبده رسوله ) ( اللهم اجعلني من التوابين واجعلني من المتطهرين ) ( سبحانك اللهم ربنا وبحمدك ، أشهد أن لا إله إلا أنت ، أستغفرك وأتوب إليك )

وقد جاء ذكر عند ابن السني ( اللهم وسِّع لي في داري وبارك لي فيما رزقتني ) فجعله بعض العلماء من الأذكار التي بعد الوضوء ، ولكن الألباني رحمه الله يرى أن هذا الذكر ما صح بعد الوضوء ، يعني أتى الحديث مطلقا ، فهو ذكر صحيح ولكن قال رحمه الله ” توهم من زعم أنه يقال بعد الوضوء “

 

ومن الفوائد :

أن الفاتح لهذه الأبواب مبهم ، ومعلوم أن لهذه الأبواب خزنة ، ففيه إثبات أن لأبواب الجنة خزنة ، ولذلك إذا طرق النبي صلى الله عليه وسلم باب الجنة بعدما يعبر المسلمون الصراط ( فيقول خازنها من أنت ؟ فيقول أنا محمد ، فيقول بك أمرت ألا أفتح لأحد قبلك ) وهذا يدل على عظم الجنة .

 

ومن الفوائد :

أن فيه إشارة إلى فضل التوحيد وأنه مفتاح لأبواب الجنة ، وإلا فما مناسبة هذا الذكر في هذا الثواب ؟ فالمناسبة واضحة أن شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله ” سبب لدخول الجنة ، فهو مفتاحها ” مفتاح الجنة لا إله إلا الله ” وورد حديث بهذا النص لكنه ضعيف ، لكن من حيث المعنى صحيح .

 

حِلية الوضوء

حديث رقم – 149-

( صحيح )  

 

(أَخْبَرَنَا قُتَيْبَةُ، عَنْ خَلَفٍ وَهُوَ ابْنُ خَلِيفَةَ، عَنْ أَبِي مَالِكٍ الْأَشْجَعِيِّ، عَنْ أَبِي حَازِمٍ قَالَ: كُنْتُ خَلْفَ أَبِي هُرَيْرَةَ وَهُوَ يَتَوَضَّأُ لِلصَّلَاةِ، وَكَانَ يَغْسِلُ يَدَيْهِ حَتَّى يَبْلُغَ إِبْطَيْهِ فَقُلْتُ: يَا أَبَا هُرَيْرَةَ مَا هَذَا الْوُضُوءُ؟ فَقَالَ لِي: يَا بَنِي فَرُّوخَ أَنْتُمْ هَاهُنَا لَوْ عَلِمْتُ أَنَّكُمْ هَاهُنَا مَا تَوَضَّأْتُ هَذَا الْوُضُوءَ، سَمِعْتُ خَلِيلِي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: «تَبْلُغُ حِلْيَةُ الْمُؤْمِنِ حَيْثُ يَبْلُغُ الْوُضُوءُ»  )

من الفوائد :

أن الخلة من قِبل الصحابة تجاه رسول الله صلى الله عليه وسلم لا بأس بها ، لكن منه عليه الصلاة والسلام لأصحابه لا يجوز في حقه .

 

ومن الفوائد :

أن المسلم ينبغي له أن يبعد عن مواضع التهم وعن الأحوال التي ربما يساء الظن به فيها ، فإنه خشي رضي الله عنه من أن يتهموه بأنه غيَّر في الدين ، مع أنه مستند إلى قول رسول الله صلى الله عليه وسلم ، لكنه كان يفعل هذا مستترا لأنه يعلم أن غيره من الصحابة لم يوافقوه ، ولذا قال ( يا بني فرُّوخ ) قيل هو ولد من سلالة إبراهيم عليه السلام أنجب الله عز وجل من صلبه العجم ، فقال ( يا بني فرُّوخ ) نسبة إلى هذا الرجل .

 

ومن الفوائد :

ما ذهب إليه أبو هريرة رضي الله عنه من قوله صلى الله عليه وسلم ( إن أمتي يأتون يوم القيامة غرا محجلين من آثار الوضوء فمن استطاع منكم أن يطيل غرته فليفعل )

الصواب عند المحققين من أهل الحديث أن جملة ( فمن استطاع منكم أن يطيل غرته فليفعل ) الصحيح أنها من قول أبي هريرة رضي الله عنه ، وليست من مقول رسول الله صلى الله عليه وسلم .

فالصواب أن يغسل المسلم ما ورد عن طريق الشرع ولا يزد على ذلك ، فالنبي صلى الله عليه وسلم ما كان يزيد ، وأبو هريرة رضي الله عنه قد استند إلى ظاهر هذا الحديث ، ولكن يقول شيخ الإسلام رحمه الله ، يقول ” لا يمكن أن يوافق هذا الحديث ما ذهب إليه أبو هريرة رضي الله عنه ، لم ؟ قال لأن الحلية وهي التحلي لا يمكن أن تكون في العضد ، إنما تكون في أول الساعد ، فإذا تحلت المرأة فإن جمالها لا يظهر بأن تضع حلية في عضدها ، ولذلك دلًَّ هذا الحديث على أن التجاوز مخالف لهذا الحديث .

 

ومن الفوائد :

أن المقصود من ( حلية المؤمن ) قوله تعالى :

{ يُحَلَّوْنَ فِيهَا مِنْ أَسَاوِرَ مِن ذَهَبٍ وَلُؤْلُؤاً } فاطر33  .

حديث رقم – 150 –

( صحيح )

 

(أَخْبَرَنَا قُتَيْبَةُ، عَنْ مَالِكٍ، عَنِ الْعَلَاءِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَرَجَ إِلَى الْمَقْبُرَةِ فَقَالَ: «السَّلَامُ عَلَيْكُمْ دَارَ قَوْمٍ مُؤْمِنِينَ، وَإِنَّا إِنْ شَاءَ اللَّهُ بِكُمْ لَاحِقُونَ، وَدِدْتُ أَنِّي قَدْ رَأَيْتُ إِخْوَانَنَا». قَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَلَسْنَا إِخْوَانَكَ؟ قَالَ: «بَلْ أَنْتُمْ أَصْحَابِي وَإِخْوَانِي الَّذِينَ لَمْ يَأْتُوا بَعْدُ وَأَنَا فَرَطُهُمْ عَلَى الْحَوْضِ». قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، كَيْفَ تَعْرِفُ مَنْ يَأْتِي بَعْدَكَ مِنْ أُمَّتِكَ؟ قَالَ: «أَرَأَيْتَ لَوْ كَانَ لِرَجُلٍ خيْلٌة غُرٌّ مُحَجَّلَةٌ فِي خَيْلٍ بُهْمٍ دُهْمٍ أَلَا يَعْرِفُ خَيْلَهُ؟» قَالُوا: بَلَى. قَالَ: «فَإِنَّهُمْ يَأْتُونَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ غُرًّا مُحَجَّلِينَ مِنَ الْوُضُوءِ وَأَنَا فَرَطُهُمْ عَلَى الْحَوْضِ» )

من الفوائد :

أن المستحب عند زيارة المقابر أن يدعى لهم لا أن يُدعوا ولا أن ينتفع بهم ، وإنما ينفعون بالدعاء لهم ، كما كان يفعل عليه الصلاة والسلام .

 

ومن الفوائد :

أن حرف النداء يحذف كما سبق ( دار قوم مؤمنين ) يعني ( يا دار ) فبعضهم قال ” منصوبة على الاختصاص ” يعني ( أخص دار قوم مؤمنين )

ومن الفوائد :

أن قوله ( المقْبُرة ) بضم الباء ، والباء يصح فيها التثليث بضم الباء أو بفتحها أو بكسرها .

 

ومن الفوائد :

أن ذكر المشيئة منه عليه الصلاة والسلام إما من باب التبرك ، وإما من باب اللحوق بهذا المكان ، وإما أن يكون من باب اللحوق لهؤلاء على أن يموت على الإيمان .

 

ومن الفوائد :

أن من لم ير رسول الله صلى الله عليه وسلم وآمن به فهو أخ له ، والصحابة رضي الله عنهم لا شك أنهم يعدون أخوة لقوله تعالى { إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ } الحجرات10 ، لكن الصحبة أفضل ، فهم صحابة وأخوة .

 

ومن الفوائد :

فضيلة الوضوء ،وهل هذا الوضوء مختص بهذه الأمة أم أنه موجود في الأمم السابقة ؟

قال بعض العلماء : إن هذه الأمة مختصة به دون غيرها .

ولكن الصواب : أن الوضوء موجود في الأمم السابقة ، ومن هذه الأدلة حديث جريج  ، جاء في رواية عند مسلم قال ( قام فتوضأ )  فتكون هذه الأمة مميزة بهذه السمة وهي الغرة وهو بياض في الوجه ، والتحجيل وهو بياض في القوائم ، فمن كانت لديه خيول فيها بياض في الوجه وبياض في القوائم ، لا شك أنه سيعرف خيله إذا اختلطت بخير بُهْم دهم يعني سود ، ويصح بضم الهاء ( بُهُم ) ولكن الأفضل من حيث المشاكلة والازدواج أن تسكن ( خيل بُهْم دهم )

 

ومن الفوائد :

فضل هذه الأمة إذ يتقدمها رسول الله صلى الله عليه وسلم على الحوض يهيئ لهم ما يشربون .

باب ثواب من أحسن الوضوء ثم صلى ركعتين

 

حديث رقم – 151-

( صحيح ) 

 

(أَخْبَرَنَا مُوسَى بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْمَسْرُوقِيُّ: قَالَ حَدَّثَنَا زَيْدُ بْنُ الْحُبَابِ قَالَ: حَدَّثَنَا مُعَاوِيَةُ بْنُ صَالِحٍ قَالَ: حَدَّثَنَا رَبِيعَةُ بْنُ يَزِيدَ الدِّمَشْقِيُّ، عَنْ أَبِي إِدْرِيسَ الْخَوْلَانِيِّ وَأَبِي عُثْمَانَ، عَنْ جُبَيْرِ بْنِ نُفَيْرٍ الْحَضْرَمِيِّ، عَنْ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ الْجُهَنِيِّ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَنْ تَوَضَّأَ فَأَحْسَنَ الْوُضُوءَ، ثُمَّ صَلَّى رَكْعَتَيْنِ يُقْبِلُ عَلَيْهِمَا بِقَلْبِهِ وَوَجْهِهِ وَجَبَتْ لَهُ الْجَنَّةُ» )

من الفوائد :

هذا الحديث مر معنا ولكنه بغير هذا السياق وهو حديث عثمان ، قال ( لا يحدث فيهما نفسه ) فإذا التحديث هنا كيف يزال ؟ ( يقبل عليهما بقلبه ووجهه )

هناك ( غفر له ما تقدم من ذنبه ) هنا ( وجبت له الجنة ) ولا شك أن المغفرة توجب الجنة ، لكن لا يلزم أن يدخل الجنة ابتداءً .

 

ومن الفوائد :

أن قوله ( يقبل عليهما بقلبه ووجهه ) يدل على أن الالتفات في الصلاة نوعان [ حسي ومعنوي ] فالالتفات الحسي هو الالتفات بالوجه ، والالتفات المعنوي هو الالتفات بالقلب ، ولا شك أنه متى ما التفت القلب عن الصلاة فهو بريد إلى أن يلفت الوجه عن الصلاة ،فيكون هذا الحديث مفسرا للحديث الآخر

 

ومن الفوائد :

أن قوله ( من توضأ فأحسن الوضوء ) أن إحسان الوضوء المبهم هنا مفسرٌ هناك في حديث عثمان لأنه بين الوضوء ثم ذكر صلاة الركعتين .

باب ما ينقض الوضوء وما لا ينقض الوضوء من المذي

بَابُ مَا يَنْقُضُ الْوُضُوءَ وَمَا لَا يَنْقُضُ الْوُضُوءَ مِنَ الْمَذْيِ

حديث رقم 152-

( حسن صحيح )

 

(أَخْبَرَنَا هَنَّادُ بْنُ السَّرِيِّ، عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ عَيَّاشٍ، عَنْ أَبِي حَصِينٍ، عَنْ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ قَالَ: قَالَ عَلِيٌّ: كُنْتُ رَجُلًا مَذَّاءً، – وَكَانَتِ ابْنَةُ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَحْتِي – فَاسْتَحْيَيْتُ أَنْ أَسْأَلَهُ، فَقُلْتُ لِرَجُلٍ جَالِسٍ إِلَى جَنْبِي: سَلْهُ. فَسَأَلَهُ فَقَالَ: «فِيهِ الْوُضُوءُ»)

من الفوائد :

أن عليا رضي الله عنه كان كثير إنزال المذي ، ولذا أتى بصيغة المبالغة ( مذَّاء ) على وزن ( فعَّال )

 

ومن الفوائد :

أن المذْي ويصح المذِي ، يصح الوجهان ، فالمذي لا يوجب الغسل ، خلافا لما توهمه علي رضي الله عنه من ذلك ، لأنه يشبه المني .

المذي : قال ابن حجر رحمه الله هو ” ماء أبيض لزج يخرج عند تذكر الجماع أو عند مداعبة الرجل لزوجته “

 

ومن الفوائد :

أن ما يتعلق بالجماع لا ينبغي أن يُذكر عند الأصهار ، فإن عليا رضي الله عنه ما ذكره عند رسول الله صلى الله عليه وسلم لأن فاطمة ابنته تحت علي رضي الله عنه .

 

ومن الفوائد :

أن عليا رضي الله عنه كان حاضرا لمجلس من مجالس رسول الله صلى الله عليه وسلم فلا يتنافى مع أمره رضي الله عنه لعمار وللمقداد رضي الله عنهما أن يسألا رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فإنه إما أن يحمل على أنه أمر أحدهما إما عمارا وإما المقداد .

 

ومن الفوائد :

أن المذي يجب فيه الوضوء ، ولا يلزم منه الغُسل كما توهمه علي رضي الله عنه قال ( كنت أغتسل من المذي حتى تشقق ظهري )

 

حديث رقم – 153-

( صحيح )

 

(  أَخْبَرَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، أَخْبَرَنَا جَرِيرٌ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: قُلْتُ لِلْمِقْدَادِ: إِذَا بَنَى الرَّجُلُ بِأَهْلِهِ فَأَمْذَى، وَلَمْ يُجَامِعْ – فَسَلِ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ ذَلِكَ؛ فَإِنِّي أَسْتَحِي أَنْ أَسْأَلَهُ عَنْ ذَلِكَ وَابْنَتُهُ تَحْتِي – فَسَأَلَهُ فَقَالَ: «يَغْسِلُ مَذَاكِيرَهُ، وَيَتَوَضَّأُ وُضُوءَهُ لِلصَّلَاةِ»)

من الفوائد :

أن المذي يوجب غسل الذكر .

 

ومن الفوائد :

أن الأنثيين يعني الخصيتن تغسلان ، لأنه أطلق على الأنثيين هذا اللفظ الذي يدل على العموم ( مذاكيره ) ومعلوم أن في الإنسان ذكرا واحدا ، لكنه أطلق على الأنثيين باعتبار أنها ملتصقة وقريبة ، فهذا من باب التغليب .

 

ومن الفوائد :

أن الصواب من قولي العلماء أن غسل الذكر كله هو الواجب لا ما أصاب الذكر منه ، لأن بعضهم قال يغسل ما أصاب الذكر فقط .

 

ومن الفوائد :

أن ما أصاب البدن من المذي يجب غسله ولا يكتفى فيه بالنضح على الصحيح .

 

ومن الفوائد :

أن الحياء ممدوح ، فإن عليا رضي الله عنه ما ذكر ذلك للنبي صلى الله عليه وسلم إلا استحياء لأن هذا لا يليق ، فـ ( الحياء خير كله ) ما لم يمنع من حق فإنه ليس بمحمود ، فله طريق رضي الله عنه في معرفة الحق عن طريق المقداد أو عمار ، لكن إذا كان حياءً يمنع من الوصول إلى الحق فإنه مذموم ، ولذلك قالت عائشة رضي الله عنها ( نِعْم النساء نساء الأنصار لم يمنعهن الحياء من أن يسألن عن أمور دينهن )

 

حديث رقم – 154-

( منكر بذكر عمار )

 

(أَخْبَرَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ قَالَ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ عَمْرٍو، عَنْ عَطَاءٍ، عَنْ عَائِشِ بْنِ أَنَسٍ، أَنَّ عَلِيًا قَالَ: كُنْتُ رَجُلًا مَذَّاءً فَأَمَرْتُ عَمَّارَ بْنَ يَاسِرٍ يَسْأَلُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ أَجْلِ ابْنَتِهِ عِنْدِي فَقَالَ: «يَكْفِي مِنْ ذَلِكَ الْوُضُوءُ» )

حديث رقم – 155-

( منكر أيضا )

 

(أَخْبَرَنَا عُثْمَانُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ: أَخْبَرَنَا أُمَيَّةُ قَالَ: حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ، حَدَّثَنَا رَوْحَ بْنَ الْقَاسِمِ، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ عَطَاءٍ، عَنْ إِيَاسِ بْنِ خَلِيفَةَ، عَنْ رَافِعِ بْنِ خَدِيجٍ، أَنَّ عَلِيًّا أَمَرَ عَمَّارًا أَنْ يَسْأَلَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ الْمَذْيِ فَقَالَ: «يَغْسِلُ مَذَاكِيرَهُ وَيَتَوَضَّأُ» )

من الفوائد :

أن بعض العلماء ينكر أن عمارا هو المأمور بالسؤال ، وهذا ما يظهر من كلام الألباني رحمه الله فيما يراه هو ، ولكن الكثير من العلماء يرون أنه أمر عمارا أن يسأل وأمر المقداد أن يسأل ، ولا بأس بذلك ، فهو أمر أحدهما أن يسأل ثم ثنَّى بأمره للآخر من باب التوثيق والاطمئنان ، ومن ثم فإنه يستفاد من هذا التكرار أن الإنسان إذا أراد أن يستفتي فتيا يمكن أن يسأل عنها أكثر من مرة استيثاقا واحتياطا .

 

حديث رقم – 156-

( صحيح )

 

(أَخْبَرَنَا عُتْبَةُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْمَرْوَزِيُّ، عَنْ مَالِكٍ وَهُوَ ابْنُ أَنَسٍ، عَنْ أَبِي النَّضْرِ، عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ يَسَارٍ، عَنِ الْمِقْدَادِ بْنِ الْأَسْوَدِ، أَنَّ عَلِيًّا أَمَرَهُ أَنْ يَسْأَلَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنِ الرَّجُلِ إِذَا دَنَا مِنْ أَهْلِهِ فَخَرَجَ مِنْهُ الْمَذْيُ مَاذَا عَلَيْهِ؟ – فَإِنَّ عِنْدِي ابْنَتَهُ وَأَنَا أَسْتَحِي أَنْ أَسْأَلَهُ – فَسَأَلْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ ذَلِكَ فَقَالَ: «إِذَا وَجَدَ أَحَدُكُمْ ذَلِكَ فَلْيَنْضَحْ فَرْجَهُ وَيَتَوَضَّأْ وُضُوءَهُ لِلصَّلَاةِ»)

 

حديث رقم – 157-

( صحيح )

 

(أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْأَعْلَى قَالَ: حَدَّثَنَا خالدٌ، عَنْ شُعْبَةَ قَالَ: أَخْبَرَنِي سُلَيْمَانُ قَالَ: سَمِعْتُ مُنْذِرًا، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ، عَنْ عَلِيٍّ قَالَ: اسْتَحْيَيْتُ أَنْ أَسْأَلَ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ الْمَذْيِ – مِنْ أَجْلِ فَاطِمَةَ – فَأَمَرْتُ الْمِقْدَادَ بْنَ الْأَسْوَدِ فَسَأَلَهُ فَقَالَ: «فِيهِ الْوُضُوءُ» )

من الفوائد :

أن النضح في الشرع قد يطلق على الغَسل ، فإنه عبَّر عن الغسل بالنضح .

 

ومن الفوائد :

أن تقديم النضح للفرج على الوضوء يستفاد منه ما ذهب إليه بعض العلماء من أن الوضوء لا يصح قبل الاستنجاء وقبل الاستجمار، فلو أن إنسانا مثلا بال وانقطع بوله فشرع في الوضوء ، ثم لما شرع في الوضوء غسل ذكره بأن أسكب عليه ماءً من إناء أو بهذا الشطَّاف الموجود عندنا ، فيقول إن وضوءه ليس بصحيح ، فيلزم أن يتقدم الاستنجاء أو الاستجمار على الوضوء .

ولكن يعارضون بأن ( الواو ) لا تقتضي الترتيب وإنما تقتضي مطلق الجمع .

 

ومن الفوائد :

أن الوضوء في قوله ( ويتوضأ وضوءه للصلاة ) وضوء شرعي ليس بوضوء لغوي ، لأن من بين أنواع الوضوء اللغوي أن يستنجي الإنسان أو أن يغسل يديه ، لكن هنا في هذه الرواية وضحت أن الوضوء هو الوضوء الشرعي الذي يكون لفعل الصلاة .

 

ومن الفوائد :

أن على المسلم ألا يبقى جاهلا فيما يجري له من قضايا ، فإذا كانت له قضية يستحي أن يسأل عنها ، فليرسل شخصا آخر كما فعل علي رضي الله عنه.

 

ومن الفوائد :

أن الذكر يطلق عليه ( فرج ) والمقصود من الفرج هنا ( الذكر ) ولا يلزم غسل الدبر

 

باب الوضوء من الغائط والبول

حديث رقم – 158-

( حسن )

 

(  أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْأَعْلَى قَالَ: حَدَّثَنَا خَالِدٌ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ عَاصِمٍ، أَنَّهُ سَمِعَ زِرَّ بْنَ حُبَيْشٍ يُحَدِّثُ قَالَ: أَتَيْتُ رَجُلًا يُدْعَى صَفْوَانَ بْنَ عَسَّالٍ: فَقَعَدْتُ عَلَى بَابِهِ، فَخَرَجَ فَقَالَ: مَا شَأْنُكَ؟ قُلْتُ: أَطْلُبُ الْعِلْمَ. قَالَ: إِنَّ الْمَلَائِكَةَ تَضَعُ أَجْنِحَتَهَا لِطَالِبِ الْعِلْمِ رِضًا بِمَا يَطْلُبُ. فَقَالَ: عَنْ أَيِّ شَيْءٍ تَسْأَلُ؟ قُلْتُ: عَنْ الْخُفَّيْنِ. قَالَ: «كُنَّا إِذَا كُنَّا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي سَفَرٍ أَمَرَنَا أَنْ لَا نَنْزِعَهُ ثَلَاثًا إِلَّا مِنْ جَنَابَةٍ، وَلَكِنْ مِنْ غَائِطٍ وَبَوْلٍ وَنَوْمٍ» )

من الفوائد :

بيان ما كان عليه السلف رحمهم الله من الحرص على العلم ، وأنهم يجدون من ذلك معاناة ، حتى إن الواحد منهم ليبقى على عتبة باب العالم لكي يخرج ويسأله عن العلم ، ولذا أراد صفوان أن يبين له عظم ما أتى إليه وأن ما لاقاه من مشقة يكون هناك أجر يقابله وهو أجر عظيم وهو أن الملائكة تضع أجنحتها لطالب العلم رضا بما يطلب ، ووضع الملائكة أجنحتها :

إما تواضعا له كما تواضعت الملائكة لأدم عليه السلام لما فاقهم في العلم .

وإما أن يكون وضع أجنحتهم امتناعا عن الطيران لأنهم وجدوا بغيتهم وحاجتهم .

 

ومن الفوائد :

أن أمر النبي صلى الله عليه وسلم بألا تنزع الخفاف للمسافر ثلاثة أيام ليس على سبيل الوجوب وليس على سبيل الاستحباب ، لأن الأصل في المسح على الخفين هو الجواز، يمكن أن يجب باعتبارات أخرى ، يمكن أن يكون مندوبا باعتبارات أخرى-  نعم –  لكن من حيث الأصل هو الجواز .

الوضوء من الغائط

حديث رقم – 159-

( حسن )

 

(أَخْبَرَنَا عَمْرُو بْنُ عَلِيٍّ وَإِسْمَاعِيلُ بْنُ مَسْعُودٍ قَالَا: حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ قَالَ: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ عَاصِمٍ، عَنْ زِرٍّ قَالَ: قَالَ صَفْوَانُ بْنُ عَسَّالٍ: «كُنَّا إِذَا كُنَّا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي سَفَرٍ أَمَرَنَا أَنْ لَا نَنْزِعَهُ ثَلَاثًا إِلَّا مِنْ جَنَابَةٍ، وَلَكِنْ مِنْ غَائِطٍ وَبَوْلٍ وَنَوْمٍ» )

من الفوائد :

أن من بين نواقض الوضوء الغائط والبول والنوم ، ولكن النوم ليس على إطلاقه .