تعليقات على سنن ( النسائي ) ـ الدرس ( 57 ) حديث ( 470 )

تعليقات على سنن ( النسائي ) ـ الدرس ( 57 ) حديث ( 470 )

مشاهدات: 439

تعليقات على سنن ( النسائي )  ـ الدرس ( 57 )

باب صلاة الظهر في السفر

حديث ( 470 )

فضيلة الشيخ : زيد بن مسفر البحري

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين :

باب صلاة الظهر في السفر

حديث رقم 470

( صحيح ) حدثنا ”  أخبرنا محمد بن المثنى ومحمد بن بشار قالا حدثنا محمد بن جعفر قال حدثنا شعبة عن الحكم بن عتيبة قال سمعت أبا جحيفة قال :  

”  خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم بالهاجرة قال بن المثنى إلى البطحاء فتوضأ وصلى الظهر ركعتين والعصر ركعتين وبين يديه عنزة  )

( من الفوائد )

” استحباب السترة “

وهل هي واجبة أم مستحبة استحبابا مؤكدا ؟

خلاف بين أهل العلم ، ولها حديث في موضعه إذا مر معنا إن شاء الله تعالى .

لكن الراجح أن السترة ” سنة مؤكدة وليست واجبة “ ومما يدل على الاستحباب أن النبي صلى الله عليه وسلم قال :

( إذا صلى أحدكم إلى شيء يستره )

فدل على أنه ربما يصلي إلى شيء لا يستره ، لكن على المسلم على أن يحرص على السترة ، لأن بعضا من الناس – وللأسف – يضيع على نفسه ، تجد أنه يأتي ويصلي في منتصف المسجد ، لم لا تصلي أمام العمود بحيث يكون سترة لك ؟ فتكون متبعا للنبي صلى الله عليه وسلم في هذا الأمر ، وتظفر بالثواب من الله عز وجل ، وما هناك تعب ، تتقدم خطوة أو خطوتين ، والموفق من وفقه الله عز وجل .

( ومن الفوائد )

أن العنزة : تشبه الرمح ، لكن في طرفها حديدة ، فكان صلى الله عليه وسلم كثيرا ما يستتر بهذه العنزة .

( ومن الفوائد )

أن السترة كما هي مسنونة في الحضر هي مسنونة في السفر ، لفعله صلى الله عليه وسلم .

( ومن الفوائد )

أنه صلى الله عليه وسلم كان نازلا بالبطحاء ، يعني بالأبطح ، ويسمى ” المُحصَّب ” ويسمى ” خيف بني كنانة “، فكان النبي صلى الله عليه وسلم إذا خرج من مكة نزل بالأبطح .

يسمى بالأبطح : لأن به بطحاء .

ويسمى بالمُحصَّب : لأن به حصباء .

ويسمى ” خيف بني كنانة ” لأن هذا المكان هو الذي حوصر فيه النبي صلى الله عليه وسلم مع قبيلته لما طلبت قريش النبي صلى الله عليه وسلم من قبيلته حتى يقتلوه ، فحاصروهم كما تعرفون في السير ، من أنهم لا يؤاكلوهم ولا يناكحوهم ، ولا يبايعوهم ، فأراد صلى الله عليه وسلم بهذا النزول أن يظهر شعيرة التوحيد وقوة الإسلام في هذا المكان الذي ظهرت فيه شعيرة الكفر وقوة الكفر .

( ومن الفوائد )

أنه صلى الله عليه وسلم جمع بين الظهر وبين العصر وهو نازل “

وهذا دليل لمن قال إن المسافر له أن يجمع وهو نازل ، معلوم أن الجمع لا إشكال فيه إذا جدَّ به السير ، وأنت في الطريق فحضرت الصلاة تجمع بين الظهرين أو بين العشاءين “

لكن نزلت في مكان وخيّمت فيه فصدق عليك اسم السفر ، هل تصلي كل صلاة في وقتها ؟ أم أن لك أن تجمع ، فتصلي الظهر مع العصر إما جمع تقديم وإما جمع تأخير ، وتصلي المغرب والعشاء إما جمع تقديم وإما جمع تأخير  ؟

الأفضل وأنت نازل أن تصلي كل صلاة لوحدها ، لكن لو صليت جامعا لهما فلا إشكال ، والدليل هنا ، وهناك أدلة أخرى كفعله صلى الله عليه وسلم في عرفة ، وفي مزدلفة ، وفي غزوة تبوك .

لكن لو قال قائل : بعض الناس يأتي مثلا من منطقة الجنوب إلى مدينة الرياض ، فيقول سأمكث ثلاثة أيام ، فقال أرغب أن أصلي في بيتي ، مادام لي القصر والجمع ؟

وبعض الناس يخلط بين القصر وبين الجمع  “

القصر : أن الصلاة الرباعية تجعلها ركعتين .

الجمع : أن تجمع بين الصلاتين ، فيمكن للمريض أن يجمع وهو في بلدته ، لكن لا يصح له قصر، فالقصر لا يكون إلا في السفر  ، ولا يكون في الحضر أبداً  ، لكن الجمع يكون في السفر ويكون في الحضر .

فلو أن مريضا قال أن لا أستطيع أن أصلي كل صلاة وحدها ، فماذا أصنع ؟

نقول : صلْ الظهر أربع ركعات ثم صل بعدها العصر أربع ركعات ، لكن لا تقصر .

فهذا الرجل الذي أتى من الجنوب ونزل عند صديق له أو قريب به أو في فندق ، فيقول أنا مسافر ، نقول نعم أنت مسافر ، يقول أيجوز لي القصر والجمع ؟

نقول : يجوز لك القصر والجمع ، لكن بشرط ” ألا تسمع النداء ” إذا كنت في مكان بعيد وليس هناك مساجد ، فلك ذلك .

لكن إذا سمعت النداء فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم :

( من سمع النداء فلم يجب فلا صلاة له إلا من عذر )

وهذا يشمل المسافر وغير المسافر ، ولذلك النبي صلى الله عليه وسلم في أسفاره يصلي بهم جماعة .

والمقصود من سماع النداء : أنه في حال كحال القِدَم ، من أنه يؤذن الآذان الطبيعي من غير مُكبِّر الصوت ، والرياح ساكنة ، والمؤذن صيِّت ، نقول في مثل هذه الحال تنظر هل بإمكانك أن تسمعه ؟

فالحكم يترتب على هذا .

(  ومن الفوائد )

أن النبي صلى الله عليه وسلم:

( صلى الظهر بالهاجرة )

الهاجرة : هي شدة الحر .

وهذا الحديث يخالف ما جاء في الصحيحين ، قوله صلى الله عليه وسلم :

( إذا اشتد الحر فأبردوا بالصلاة ، فإن شدة الحر من فيح جهنم )

فكيف يصلي بالهاجرة ؟

يقال : إما لبيان أن الإبراد ليس واجبا ، وإنما هو سنة .

وإما أن يقال : إن ” الهاجرة ” تطلق على ما بعد الزوال ، سواء في أول الوقت أو في آخره ، فيكون بذلك صلى آخر الوقت .

وإما أن يقال : إن غالب أوقاته – صلى الله عليه وسلم – أنه يصلي الظهر إذا اشتد الحر في الإبراد ، ولكن في بعض الأحيان كان يصلي بعد الزوال .

خلاصة القول : الأفضل في صلاة الظهر أن تصلى أول الوقت ، إلا إذا اشتد الحر ، فإذا اشتد الحر فالأفضل أن تصلى آخر الوقت ، شريطة ألا يفوت المسلم عليه الجماعة ، لا يأت إنسان ويقول أأخر الصلاة تأسيا بالنبي صلى الله عليه وسلم ويدع صلاة الجماعة – لا – لكن لو أن الجماعة اتفقوا، قالوا نريد أن نُبرد بالصلاة ، فهذا هو الأفضل في شدة الحر .

ما هو الإبراد ؟

النبي صلى الله عليه وسلم ( كان في سفر ، فحضرت الصلاة فأراد المؤذن أن يؤذن ، فقال أبرد ، فمضى زمن، فلما قام ليؤذن ، قال أبرد ، فمضى زمن ، فلما قام ليؤذن ، قال أبرد ، قال حتى رأينا فيء التلول )

التل : منبطح ، وصعب في أول الوقت أن يكون له ظل ، فدل هذا على أنه صلى الله عليه وسلم أخَّر صلاة الظهر إلى قبيل صلاة العصر  .

فإلإبراد : هو أن تؤخر صلاة الظهر إلى قبيل صلاة العصر بربع ساعة ، بحيث إذا خرج من صلاة الظهر إذا بوقت العصر قد دخل .

بعض الناس يظن أن المؤذن إذا أذَّن الساعة ” الثانية عشرة ” يقول دعونا نصلي الساعة الواحدة ” أو الساعة ” الثانية ” هذا ليس بإبراد هذا إحرار ، لأن أول الوقت الساعة الثانية عشرة أخف في الحرارة من الساعة الثانية ، لكن الإبراد يكون في أواخر وقت الظهر .

لو قال قائل : الحر موجود ؟

نقول : هو برد باعتبار أول الوقت ، ولذلك النبي صلى الله عليه وسلم قال :

( من صلى البردين دخل الجنة )

والبردان : ( الفجر والعصر )

لأن الفجر في أول النهار، والعصر في أواخر النهار .