تعليقات على سنن النسائي ـ الدرس ( 71 )
بَابُ فَضْلِ صَلَاةِ الْجَمَاعَةِ
وشرح حديث ( 487)
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
فضيلة الشيخ: زيد بن مسفر البحري
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
487 – أَخْبَرَنَا عَمْرُو بْنُ عَلِىٍّ وَيَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ قَالاَ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ عَنْ إِسْمَاعِيلَ قَالَ حَدَّثَنِى أَبُو بَكْرِ بْنُ عُمَارَةَ بْنِ رُوَيْبَةَ عَنْ أَبِيهِ قَالَ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ « لاَ يَلِجُ النَّارَ أَحَدٌ صَلَّى قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَقَبْلَ أَنْ تَغْرُبَ »
صحيح
ــــــــــــــــــــــــــ
من فوائد هذا الحديث :
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
بيان فضيلة صلاة الفجر وصلاة العصر وهذا الحديث أتى بعد أي حديث ؟
( تفضل صلاة الجمع ) وقبله ( تتعاقبون فيكم ملائكة بالليل والنهار ويجتمعون في صلاتي العصر والفجر )
هذا الحديث :
فيه بيان فضيلة صلاتي العصر والفجر
أين مكمن الاستشهاد في كون هاتين الصلاتين هما صلاة الفجر وصلاة العصر؟
(( قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ )) وهي صلاة الفجر (( وَقَبْلَ أَنْ تَغْرُبَ )) صلاة العصر
هذا من حيث المفهوم فالطلوع دل على صلاة الفجر فطلوع الشمس دل على صلاة الفجر وغروب الشمس دل على صلاة العصر لكن هذا المفهوم له منطوق : فقد جاء في صحيح مسلم التصريح من أن هاتين الصلاتين هما صلاة الفجر وصلاة العصر
ومن الفوائد :
ــــــــــــــــــــــــــــــــــ
أن هذه الجملة من هذا الحديث ذكرت بعد رؤية الله عز وجل ، في أحاديث أخرى قال عليه الصلاة والسلام : (( إنكم سترون ربكم فإن استطعتم ألا تغلبوا على صلاة قبل طلوع الشمس وقبل غروبها فافعلوا ))
أتت هذه الجملة في الحث على صلاتي العصر والفجر بعد بيان أن الله يراه المؤمنون في عرصات القيامة وفي الجنة مما يدل على أن المحاففظة على الصلوات ولاسيما صلاة الفجر وصلاة العصر أنها سبيل إلى رؤية الله
ورؤية الله هي أعظم نعيم
فدل على أن الصلاة من عظمها هي سبب موصل إلى أعظم النعيم
ما هو أعظم النعيم ؟ رؤية الله عز وجل
ومن الفوائد :
ــــــــــــــــــــــــــــــــــ
أنه قال هنا ” لا يلج “ يعني : لا يدخل النار
هل هذا قطعي بمعنى أن بعضا من الناس يصلي هذه الصلوات ويحافظ عليها لكن عنده ذنوب أخرى لو لم يرحمه الله لعذب فكيف يتوافق مع هذا الحديث ؟
انتبه عدم ولوج النار فيما يأتي من أحاديث في حق المؤمنين العصاة عدم ولوج النار
وعدم دخول النار في حق المؤمنين العصاة نوعان :
عدم ولوج تام
وعدم ولوج ناقص
فعدم ولوج النار التام هو الذي ليس فيه عذاب ، وأما الناقص ففيه عذاب لكن المرد إلى الجنة
ومن الفوائد :
ــــــــــــــــــــــــــــــــــ
أنه قال هنا ” لا يلج “ لا هنا نافية هذا الحديث مر معنا في هذه السنن
” لن يلج “ فدل هذا على أن لن تفيد النفي ولا تفيد تأبيد النفي إلا بدليل لأن الحديث تغاير قال ” لا “ ولا تفيد النفي المؤبد ؟ لا ، بينما لن تفيد النفي المؤبد إذا دل دليل وإلا فالأصل أن لن تفيد تأكيد النفي أنه لن يلج النار
ومن الفوائد :
ــــــــــــــــــــــــــــــــــ
أنه في الحديث قال : (( ” فإن استطعتم ألا تغلبوا ” )) كيف ألا تغلبوا إذاً هناك مغالبة أغالب من ؟ الشيطان ؟ ولذلك قال : (( فإن استطعتم ألا تغلبوا على صلاة قبل طلوع الشمس وقبل غروبها فافعلوا ))
كلمة فافعلوا تدل على أن المغالبة هنا أنك تغالب الأسباب التي تؤدي إلى تركك لهذه الصلاة تغالب السهر تستعد لهذه الصلاة بالنوم المبكر تستعد لها بالمنبهات هكذا المغالبة
ومن الفوائد :
ــــــــــــــــــــــــــــــــــ
لو قال قائل : لو أن شخصا حافظ على هاتين الصلاتين وترك الصلوات الأخرى قال الحديث أتى بالحث على العصر والفجر إذاً الصلوات الأخرى أنا سأتخلف عنها ؟
نقول : لا ، إنما أتى هذا الحديث لأن هناك أحاديث أمرت بالمحافظة على الصلوات كلها بل قول الله عز وجل : (( حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ وَالصَّلَاةِ الْوُسْطَىٰ))
وهناك أحاديث أخرى ولكن لماذا ذكرت هاتان الصلاتان لأن هاتين الصلاتين تقع في طرفي النهار في أوله الفجر وفي آخره العصر وأن هاتين الصلاتين من حافظ عليها أشد المحافظة فإنها وسيلة إلى أن يحافظ على بقية الصلوات
ومن الفوائد :
ــــــــــــــــــــــــــــــــــ
أن هذا الحديث استدل به شيخ الإسلام على أن أعظم الناس منزلة يوم القيامة في الجنة هناك أدنى منزلة وهناك أعلى منزلة ، أعلى منزلة في الجنة هو من يرى الله في اليوم الواحد مرتين في الغدوة وفي العشية في أول النهار وفي آخر النهار ؛ لأنه أتى في هذا الحديث قبل طلوع الشمس وقبل غروبها بعد الرؤية ويؤكده ويقرره قوله تعالى ــ لما ذكر الصلاة وإضاعة الصلاة ــ قال : (( وَلَهُمْ رِزْقُهُمْ فِيهَا بُكْرَةً وَعَشِيًّا (62)))
بكرة أول النهار عشيا أول النهار
ولما جاء عند الترمذي وإن كان فيه ضعف لكن الأدلة العامة تقويه :
(( سئل النبي عليه الصلاة والسلام كما عند الترمذي أي الناس أعظم منزلة في الجنة فقال : من يرى الله في اليوم مرتين ))
فنسأل الله أن يكرمنا وإياكم برؤية وجهه الكريم