تفسير البسملة ( 5 )

تفسير البسملة ( 5 )

مشاهدات: 495

تفسير البسملة (5 )

تتمة تفسير لفظ ( بسم ) (4 )

تتمة أسماء الله وصفاته (3 )

التوسل المشروع

فضيلة الشيخ : زيد بن مسفر البحري

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

سبق في حديثنا البارحة بيان أنواع التوسل :

وقلنا :

إن التوسل المشروع ثلاثة :

النوع الأول :

التوسل بالعمل الصالح الذي قام به الداعي

النوع الثاني :

التوسل بدعاء الصالحين لا بذواتهم

التوسل الثالث :

وهو أشرف الأنواع :

هو التوسل بأسماء الله وصفاته

ودليل هذا قوله تعالى :

{ وَلِلَّهِ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا }

وأما من السنة :

فكما سبق إيراده وهو حديث ابن مسعود في  مسند الإمام أحمد ولابن القيم تعليق جميل وله وقفات حميدة حول هذا الدعاء  :

وهو دعاء  الهم :

قال عليه الصلاة والسلام :

((  ما أصاب عبداً همٌ ولا حزن فقال:  اللهم إني عبدك ابن عبدك ابن أَمَتَك، ناصيتي بيدك، ماضٍ في حكمك ، عدلٌ في قضاؤك، أسألك بكل اسم هو لك ، سميت به نفسك ،  أو أنزلته في كتابك ، أو علمته أحداً من خلقك ، أو استأثرت به في علم الغيب عندك ، أن تجعل القرآن ربيع قلبي ونور صدري ، وجلاء حزني ، وذهاب همي وغمي، إلا أذهب الله همه وغمه، وأبدله مكانه فرحاً، قالوا : يا رسول الله أفلا نتعلمهن؟ قال: بلى ، ينبغى لمن سمعهن أن يتعلمهن . ))

 

من وقفات ابن القيم على هذا الدعاء قال :

إن هذا الدعاء صدر بقوله :

” اللهم إني عبدك بن عبدك ابن أمتك “

قال : وفي هذا خضوع وذل وانكسار لله بأنه عبد له ويشمل هذا آباءه وأجداده وأمهاته وجداته وإن علوا

فبهذا بيان وتوسل وذل وانكسار  وانطراح لله ببيان أنه عبد

وحقيقة العبد :

أنه يكون محتاجا إلى سيده

ثم هو أيضا لا يلتفت قلب هذا العبد إلى غير  سيده ومالكه وربه جل وعلا

ففي هذا تفويض من هذا القلب لله عز وجل بأنه عبد لله يتصرف فيه بما يشاء:

ولذا قال :

((ناصيتي بيدك ))

والناصية : هي مقدم الرأس

وأشرف ما لدى الإنسان ناصيته

ولذا : إذا أردت أن تهين أحدا يكون ذله وإهانته بأخذه من مقدمة رأسه

ولذا : قال تعالى عن أبي  جهل لما توعد النبي  عليه الصلاة والسلام بأنه لو رآه يصلي عند الكعبة ليطأن رأسه

فماذا قال تعالى :

{ أَرَأَيْتَ الَّذِي يَنْهَى (9) عَبْدًا إِذَا صَلَّى (10) أَرَأَيْتَ إِنْ كَانَ عَلَى الْهُدَى (11) أَوْ أَمَرَ بِالتَّقْوَى (12) أَرَأَيْتَ إِنْ كَذَّبَ وَتَوَلَّى (13) أَلَمْ يَعْلَمْ بِأَنَّ اللَّهَ يَرَى (14) كَلَّا لَئِنْ لَمْ يَنْتَهِ لَنَسْفَعَنْ بِالنَّاصِيَةِ (15) }

ثم وصفها بأنها : { نَاصِيَةٍ كَاذِبَةٍ خَاطِئَةٍ (16)}

والله ماذا قال عن المجرمين الذين يلقون في جهنم ؟

قال  : { يُعْرَفُ الْمُجْرِمُونَ بِسِيمَاهُمْ }

ما هي سيماهم ؟

سود الوجوه

وزرق العيون

{ وَنَحْشُرُ الْمُجْرِمِينَ يَوْمَئِذٍ زُرْقًا }

قال جل وعلا : { يَوْمَ تَبْيَضُّ وُجُوهٌ وَتَسْوَدُّ وُجُوهٌ }

{ يُعْرَفُ الْمُجْرِمُونَ بِسِيمَاهُمْ فَيُؤْخَذُ بِالنَّوَاصِي وَالْأَقْدَامِ }

قال ابن عباس رضي الله عنهما :

” يؤخذ هذا المجرم بناصيته وبقدمه ثم يكسر كما يكسر العود ويقذف في نار جهنم

فالناصية هي أشرف ما في الإنسان

ولذا استسلم هذا العبد لله في  هذا الدعاء فقال : (( ناصيتي بيدك ))

 

ثم ماذا ؟

(( ماض في حكمك ))

سواء  كان حكمه جل  وعلا الشرعي أو الكوني

فالله جل وعلا لا راد لقضائه ولا راد لحكمه

إذا حكم فإنه حكمه واقع و لا يرده راد

 

ثم لما قال :

(( ماض في حكمك ))

هذا كله انكسار وخضوع

وهكذا يجب أن يكون العبد لله أن يكون عبدا في جميع أحواله وفي جميع شئونه

فإذا فعل يفعل ما يرضي ربه وخالقه وسيده

وإذا قال لا يقل إلا قولا يرضي ربه وخالقه

هل يليق بالعبد أن يعصي سيده ؟

هل يليق بالعبد أن يخالف امر سيده ؟

هذا  لا يليق

فكيف يليق بهذا  العبد – وكلنا عبيد لله مقهورون لله جل وعلا – كيف يليق بنا أن نعصي الله

 

ثم قال :

(( عدل في قضاؤك ))

سبحان الله!

ما أجمله من ترتيب

إذا مضى حكم الله فإن قضاءه عدل :

(( وما ربك بظلام للعبيد ))

إن نزلت بك مصيبة أو حلت بك نكبة أو ألم بك بلاء فاعلم أن هذا عدل من الله

لأن قوله عدل

وفعله عدل

وقضاؤه عدل

وحكمه عدل

ولذا قال هود عليه الصلاة والسلام :

هود أرسل إلى عاد :

قال العلماء  ما من نبي إلا أرسل بمعجزة وقد أوضحها القرآن :

لو نظرت إلى نوح فإن له معجزة

صالح

لوط

نبينا عليه الصلاة والسلام

وهكذا سائر الأنبياء

لكن ما هي معجزة هود ؟

معجزة هود :

أنه صدع بالحق وصدع بهذا القول الذي قال عنه جل وعلا :

{ إِنِّي تَوَكَّلْتُ عَلَى اللَّهِ رَبِّي وَرَبِّكُمْ مَا مِنْ دَابَّةٍ إِلَّا هُوَ آَخِذٌ بِنَاصِيَتِهَا إِنَّ رَبِّي عَلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ }

قال قبلها : { فَكِيدُونِي جَمِيعًا ثُمَّ لَا تُنْظِرُونِ }

معجزته :

أنه فرد واحد ومع ذلك صدع بهذا القول وتحدى قومه كلهم أن يمسوه بسوء

فهذه معجزته

ومن ثم :

لم يستطيعوا أن يمسوه بسوء :

{ إِنِّي تَوَكَّلْتُ عَلَى اللَّهِ رَبِّي وَرَبِّكُمْ مَا مِنْ دَابَّةٍ إِلَّا هُوَ آَخِذٌ بِنَاصِيَتِهَا }

هذا هو التفويض  :

(( ناصيتي بيدك ، ماض في حكمك ))

ثم ماذا قال ؟

{ إِنَّ رَبِّي عَلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ }

ما معنى قوله : { إِنَّ رَبِّي عَلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ } ؟

إذًا :

الله على صراط مستقيم

ما هو ؟

أنه جل وعلا عدل في قضائه

عدل في  حكمه

عدل في أفعاله

 

ثم قال :

(( أسألك بكل اسم هم لك ))

سواء  كانت أسماء  معلومة أو خفية علينا

(( أسألك بكل اسم هو لك سميت به نفسك أو أنزلته في كتابك أو علمته أحداً من خلقك أو استأثرت به في علم الغيب عندك ،أن تجعل القرآن ربيع قلبي ))

لماذا القرآن العظيم ؟

لأن الله إذا أزال همك وغمك بالقرآن فإن هذا الهم وهذا الغم ، وهذا الحزن لا يعود إليك أبدا

لكن لو زال همك أو غمك أو حزنك بولد أو بزوجة أو بمال أو بجاه أو بمنصب فإنه لا يأمن أن يأتيك هذا الهم والحزن

لكن إذا كان هذا الزائل لهمك وغمك هو القرآن فإن الهموم لا تعتريك أبدا

{ وَنُنَزِّلُ مِنَ الْقُرْآَنِ مَا هُوَ شِفَاءٌ وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ }

{ يَا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءَتْكُمْ مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَشِفَاءٌ لِمَا فِي الصُّدُورِ }

فهو شفاء

ولذا سمى النبي عليه الصلاة والسلام الفاتحة كما أسلفنا بأنها رقية :

قال : (( وما يدريك أنها رقية ))

(( أن تجعل القرآن العظيم ربيع قلبي  ))

لماذا التعبير بالربيع ؟

إذا سمعت كلمة الربيع ماذا توحي إليك هذه الكلمة ؟

توحي العشب

ما سبب نبات هذا العشب ؟

المطر بأمر الله

إذا المطر كما يحيي الأرض الميتة وينبت بها العشب كذلك القرآن يحيي القلوب الميتة ولذا ناسب  أن يقول : (( ربيع قلبي  ))

 

ثم قال :

(( ونور صدري  ))

جمع بين الماء وبين النور :

ولذا إذا رأيت الأرض قد أعشبت واخضرت تظهر نضرتها وتزدان

 

ففيه نور وفيه إضاءة وفيه إشراق إذا رأيت الأرض المنبتة يبتهج قلبك ويسر فؤادك

فجمع بين المطر وبين النور

وهذا موجود في كتاب الله :

الله لما قال :

{ اللَّهُ نُورُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ مَثَلُ نُورِهِ كَمِشْكَاةٍ فِيهَا مِصْبَاحٌ }

هذا تمثيل لقلب المؤمن إذا امتلأ بنور الإيمان يكون هذا النور عظيم شاسع :

قال :

{ كَمِشْكَاةٍ فِيهَا مِصْبَاحٌ }

المشكاة : هي الكوة

ممكن أن نقول : مكان مثل النافذة المستورة التي لا يخرج منها شيء ولم ينفتح فيها شيء

(( كَمِشْكَاةٍ فِيهَا مِصْبَاحٌ ))

هذا المصباح :

{ الْمِصْبَاحُ فِي زُجَاجَةٍ الزُّجَاجَةُ كَأَنَّهَا كَوْكَبٌ دُرِّيٌّ } يتقد

ثم مع ذلك :

هذا المصباح يوقد من ماذا ؟

{ يُوقَدُ مِنْ شَجَرَةٍ مُبَارَكَةٍ زَيْتُونَةٍ لَا شَرْقِيَّةٍ وَلَا غَرْبِيَّةٍ يَكَادُ زَيْتُهَا يُضِيءُ وَلَوْ لَمْ تَمْسَسْهُ نَارٌ نُورٌ عَلَى نُورٍ يَهْدِي اللَّهُ لِنُورِهِ مَنْ يَشَاءُ وَيَضْرِبُ اللَّهُ الْأَمْثَالَ لِلنَّاسِ وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ } النور35

يعني :

هذا النور كيف كان محصوا في هذا المكان :

يا ترى ما هي نضارته ؟

وما هو نوره ؟

وما هو إشراقه ؟

سيكون عظيما

فكذلك الإيمان في قلب المؤمن

ثم ماذا قال تعالى في سياق الآيات :

ذكر بعد ذلك الماء :

{ أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يُزْجِي سَحَابًا ثُمَّ يُؤَلِّفُ بَيْنَهُ ثُمَّ يَجْعَلُهُ رُكَامًا }

الله عز وجل لما مثل المنافقين بمثلين :

نوراني

ومائي

المنافق  :

هو الذي يظهر الإسلام ويبطن الكفر :

قال تعالى :

{ مَثَلُهُمْ كَمَثَلِ الَّذِي اسْتَوْقَدَ نَارًا فَلَمَّا أَضَاءَتْ مَا حَوْلَهُ ذَهَبَ اللَّهُ بِنُورِهِمْ وَتَرَكَهُمْ فِي ظُلُمَاتٍ لَا يُبْصِرُونَ } البقرة17

وهكذا المنافقون :

يعيشون في هذه الدنيا بكلمة الإسلام لا يمسون بسوء ولا يخافون وإنما يؤمَّنون بكلمة الإسلام على أنفسهم وعلى أولادهم

لكن يوم القيامة تأتيهم المخاوف وتأتيهم الظلمات :

{ مَثَلُهُمْ كَمَثَلِ الَّذِي اسْتَوْقَدَ نَارًا } في البرية

{ فَلَمَّا أَضَاءَتْ مَا حَوْلَهُ ذَهَبَ اللَّهُ بِنُورِهِمْ وَتَرَكَهُمْ فِي ظُلُمَاتٍ لَا يُبْصِرُونَ }  البقرة17

ولذلك يقولون للمؤمنين في  الآخرة :

{ انْظُرُونَا نَقْتَبِسْ مِنْ نُورِكُمْ قِيلَ ارْجِعُوا وَرَاءَكُمْ فَالْتَمِسُوا نُورًا }

ثم ضرب بعد ذلك مثلا لهم :

وهو المثل المائي :

قال : { أَوْ كَصَيِّبٍ مِّنَ السَّمَاءِ }

مطر من السماء وهذا تشبيه للقرآن لأن الصيب كما قلنا يحيي الأرض الميتة فكذلك القرآن يحيي القلوب الميتة

{ أَوْ كَصَيِّبٍ مِّنَ السَّمَاءِ فِيهِ ظُلُمَاتٌ } وذلك أن القرآن صرح بما يفعلونه من كفر

والكفر ظلمات { أَوْ كَظُلُمَاتٍ فِي بَحْرٍ لُجِّيٍّ }

{ فِيهِ ظُلُمَاتٌ وَرَعْدٌ } وهي آيات الوعيد

{ وَبَرْقٌ } وهي الآيات التي تفضح المنافقين

فانظر كيف جمع الله بين الماء والنور

ولذا :

قال تعالى لما شبه الحق  والباطل :

{ أَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَسَالَتْ أَوْدِيَةٌ بِقَدَرِهَا فَاحْتَمَلَ السَّيْلُ زَبَدًا رَابِيًا }

هذا الماء

{ وَمِمَّا يُوقِدُونَ عَلَيْهِ فِي النَّارِ ابْتِغَاءَ حِلْيَةٍ أَوْ مَتَاعٍ زَبَدٌ مِثْلُهُ كَذَلِكَ يَضْرِبُ اللَّهُ الْحَقَّ وَالْبَاطِلَ }

ولذا :

جمع جل وعلا بين النور والماء في قوله تعالى :

{ أَوَمَنْ كَانَ مَيْتًا فَأَحْيَيْنَاهُ وَجَعَلْنَا لَهُ نُورًا يَمْشِي بِهِ فِي النَّاسِ كَمَنْ مَثَلُهُ فِي الظُّلُمَاتِ }

يعني : في الكفر

 

قال : ((ربيع قلبي ، ونور صدري ))

قال في القلب ربيع وقال في الصدر نور

لم ؟

لأن الصدر أوسع من القلب فإذا امتلأ الصدر بالنور صار هذا النور للقلب لأن القلب في الصدر

وأما القلب جعلت كلمة الربيع له لأن حياة البدن تكمن في حياة القلب

فإذا ارتوى القلب من هذا الماء المحيي وهو القرآن سار ذلك إلى البدن

قال :

(( ربيع قلبي  ونور صدري ، وجلا حزني وذهاب همي وغمي ))

جمع بين : الحزن والهم والغم

ما يعتري القلب وما ينغص عليه :

إما أمر ماضي

وإما أمر حاضر

وإما أمر يأتي  في المستقبل

فالهم :

ما يكون في المستقبل

كونك تهتم بشيء هو ما يكون في المستقبل

وأما الغم :

ففي  الحاضر

وأما الحزن :

فإنك تحزن على شي فات ومضى

فطلب من الله جل وعلا أن يجعل هذا القرآن :

ربيع  قلبه

ونور صدره

وجلاء حزنه

وذهاب همه وغمه

حتى يسلم هذا القلب من هذه المنغصات الماضية والحاضرة والمستقبلة حتى يتفرغ هذا القلب لعبادة الله

ولذا لو انشغل الإنسان بشيء فإن عبادته تقل

وهذا شيء واضح

ولذا قال عليه الصلاة والسلام :

(( اللهم إني أعوذ بك من الهم والحزن ))

ولذا: الشيطان حريص على أن يحزن ابن آدم من أجل أن يشغله عن طاعة الله :

ولذا قال تعالى :

{ إِنَّمَا النَّجْوَى مِنَ الشَّيْطَانِ لِيَحْزُنَ الَّذِينَ آَمَنُوا وَلَيْسَ بِضَارِّهِمْ شَيْئًا إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ } المجادلة10

ولذا :

قال النبي عليه الصلاة والسلام كما عند الترمذي :

(( من كانت الدنيا همه  ــ لأنه سينشغل بهذه الدنيا  ماذا يكون حاله ؟

(( فرق الله شمله وجعل فقره بين عينيه ))

لم يقل أمامه

انظروا إلى هذا التعبيرـ بين عينيه ـ نسأل الله العافية

قد يملك من الملايين ما يملك ومع ذلك الفقر بين عينيه

لم ؟

لأنه اشتغل هذا القلب بهذه الدنيا ولم يشغل قلبه بالآخرة

(( وجعل فقره بين عينيه ولم يأته من الدنيا إلا ما كتب له ، ومن كانت الآخرة همه جمع الله له شمله وجعل غناه في قلبه ))

الغنى ليس  غنى المال وإنما غنى النفس

(( وجعل غناه في قلبه وأتته الدنيا وهي راغمة ))

والأمثلة على هذا كثيرة

 

فخلاصة القول :

أن أعظم ما يتوسل به العبد :

هو التوسل بأسماء الله وصفاته

وجرى هذا الحديث لما اطلعت على كلام ابن القيم فأحببت أن أطرحه على مسامعكم لأنه كلام نفيس

وأيضا يرشدنا هذا التأمل وهذا التمعن إلى ان نجعل هذا وسيلة لنا

فإذا قرأنا الحديث عن النبي عليه الصلاة والسلام أو دعاء نتأمل ونمعن النظر

كذلك أولى ما يتدبر كلام الله { أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآَنَ أَمْ عَلَى قُلُوبٍ أَقْفَالُهَا } محمد24

قد يقول القائل :

إنني عامي لا أستطيع ان أفهم القرآن

نقول : لا يا أخي القرآن فيه آيات واضحات بينات تفهمها

هناك آيات لا تحيط بها علما إلا بعد البحث والمراجعة وسؤال العلماء

لكن لا يعني ذلك :

أن القارئ مهما كان علمه قليلا أنه لا يفهم شيئا من كتاب الله عز وجل

كلا

ولذا علينا أن نتأمل

وأن نتدبر كلام الله

وأن نتأمل الأدعية لاسيما الأدعية أيها الأحبة

لم ؟

لأنك حينما تدعو الله تريد أن يتحقق لك مناك وأن تحصل لك رغبتك

فلذا إذا تأملت حضر القلب وإذا حضر القلب كان أولى بالاستجابة

ولذا قال عليه الصلاة والسلام :

(( ادعوا الله وأنتم موقنون بالإجابة واعلموا أن الله لا يستجيب من قلب غافل ))

ومن الغفلة :

أن يقول هذا الذكر على أنه ذكر صِرْف محض يقوله
كأنه يقرأ جريدة أو مقالا أو ما شابه ذلك ،لا

ففي هذه الأدعية نمعن ونتدبر ونتأمل

نسأل الله أن يرزقنا قلوبا خاشعة وأعينا دامعة وعلما نافعا وعملا صالحا وأن يتقبل منا ومنك صالح الأعمال