تفسير سورة البقرة الدرس ( 1 ) [ مقدمة حول تفسير سورة البقرة ]

تفسير سورة البقرة الدرس ( 1 ) [ مقدمة حول تفسير سورة البقرة ]

مشاهدات: 458

( تفسير سورة البقرة )

 الدرس الأول

( مقدمة )

فضيلة الشيخ : زيد بن مسفر البحري

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

 

نحن في هذا الشهر بصدد تفسير ما تيسير من سورة البقرة ، هذه السورة قبل أن أشرع فيها أذكر مقدمة ، هذه المقدمة أُجملها فيما يلي من فوائد :

( الفائدة الأولى  )

أنها سورة عظيمة ، ومكمن عظمتها :

” أنها إذا قُرأت في البيت تكون بمثابة السلاح والطارد للشيطان “

نحن نعاني في بيوتنا من بعض الأمراض ، وغالب هذه الأمراض في الحقيقة هي أوهام ووساوس “  ولا يظن أنه حينما يذهب بمريض ، لا يُظن أن كل ما أصيب به المريض يكون كما يقوله بعض القُرَّاء ممن هم في الحقيقة يسيئون إلى هذا المريض :

ــ  إما بأسلوب مباشر من أجل أخذ المال .

ــ  أو بأسلوب غير مباشر من باب الاجتهاد الخاطئ .

أنا لا أعلم أي دليل من كتاب أو من سنة أو من أثر أنه هناك أثاراً تبرز وتتضح على هذا المريض أن به عينا أو أن به سحرا ، وبالتالي من خلال ما يتصل بي – لست بقارئ ولا براقي – لكن من خلال ما يتصل بي من بعض الأشخاص ممن يعاني ، لما أوصيه ببعض الوصايا في نهاية المطاف ، نجد أن ما أصابه ليس بجن ولا بسحر ولا بعين .

وما كانت هذه الأمراض كثيرة في عصر النبي صلى الله عليه وسلم ، وإنما من جرَّاء الضغوط النفسية التي تمر بالإنسان في هذه الدنيا ، لأن هذه الدنيا – وللأسف – أصبحت في مخيلتنا ، نذهب ، نأتي ، ندخل البيت ، نخرج من البيت ، نؤاكل الأهل ، نشاربهم ، نجد أن الإنسان قد أشبع رأسه من التفكير في هذه الدنيا

 إذًا ما السلاح ؟

قال النبي صلى الله عليه وسلم كما عند مسلم :

( لا تجعلوا بيوتكم مقابر ، إن الشيطان ينفر من البيت الذي تقرأ فيه سورة البقرة )

بعض الناس يقول : أنا أشغل إذاعة القرآن ، أو أشغل شريطاً ، هذا لا يفيد ، لأن القراءة بمثابة السلاح ”  والسلاح بضاربه “ هذا قارئ قرأ وسجل هذه القراءة وانتهى .

لكن إذا أردت مفعول هذه القراءة في بيتك : فعليك أن تقرأها بنفسك وبحضور قلب ، هنا يأتي العلاج .

أنت في مثل هذه الحالة وفرت السبب ، ما هو السبب ؟

قراءة سورة البقرة ، كما جاء في الحديث :

( إن الشيطان ينفر من البيت الذي تقرأ فيه سورة البقرة )

قد تقرأ هذه السورة في البيت ولا تكون هناك أثارٌ واضحة بعد قراءتها ، لم ؟

لأن هناك أبواقًا جذابة للشيطان في هذا البيت ، ما هي ؟

” القنوات الفضائية الهدَّامة “

إذا كانت هذه البيوت تعرض فيها الأفلام الهابطة ، أو تسمع فيها الأغاني الماجنة ، هنا ” لا يجتمع كلام الرحمن وكلام الشيطان “

وانظروا / قال صلى الله عليه وسلم :

( لا تجعلوا بيوتكم مقابر ، إن الشيطان ينفر من البيت الذي تقرأ فيه سورة البقرة )

هذا يدل على ماذا ؟

يدل على أن المقابر ليست محلاً لقراءة القرآن ، لا قبل الدفن ولا بعد الدفن ، ولا أثناء الزيارة .

وما يتناقل من أنه تقرأ سور معينة في المقابر ، فاعلم بأنه لا صحة لها من حيث الشرع .

 

( الفائدة الثانية )

” أن قراءة هذه السورة تحصل بها البركة “

يعني يأتيك نفعٌ ، سواء قرأتها في البيت ، أو قرأتها في عملك أو في أي مكان

” تأتي بالخير ، وتدفع الشر ، وتحول بينك وبين أعدائك “

كيف ؟

قال النبي صلى الله عليه وسلم كما عند مسلم :

( اقرءوا سورة البقرة فإن في أخذها بركة )

هذا النفع

( وفي تركها حسرة  ، ولايستطيعها البطلة )

يعني السحرة ، لا يستطيع أي ساحر أن ينالك بسوء إذا قرأت سورة البقرة .

 

( الفائدة الثالثة )

أن هذه السورة لها قدر عند الصحابة رضي الله عنهما “

يقول ابن عمر رضي الله عنهما :

( إن سورة البقرة وسورة آل عمران إذا حفظهما الرجل جَدَّ فينا )

يعني عظم ، كما قال عز وجل :

{ وَأَنَّهُ تَعَالَى جَدُّ رَبِّنَا } الجن3 .

يعني تعالى وتعاظم .

قال : ( جدَّ  فينا ) يعني يكون ذا قدر وعظمة ، ولكن ليس حفظا فقط – لا – وإنما مع الحفظ والفهم والتطبيق ، ولذلك قال القرطبي رحمه الله :

قال :إن عمر بن الخطاب رضي الله عنه مكث في حفظ سورة البقرة بفقهها ثنتي عشرة سنة ، وابنه في ثمان سنوات “

كيف ؟

لما تتقن سورة البقرة تفسيرا من جميع الجوانب ، اعلم حينها أن كل سورة ستمر بك ستفهم معانيها بلا شك .

ولقدر هذه السورة وسورة آل عمران ”  لبيد بن ربيعة ” أحد الشعراء ، قال النبي صلى الله عليه وسلم عن شعره :

( قال أصدق كلمة قالتها العرب قول لبيد ” ألا كل شيء ما خلا اللهَ  باطلُ ” )

لبيد أدرك الجاهلية وأسلم وحسن إسلامه ، ناده عمر بن الخطاب رضي الله عنه ذات يوم وقال :

” أريد أن تنشدني شعرا  .

فقام لبيد بن ربيعة وقرأ  عليه سورة البقرة .

فقال عمر : أما أردت أن تقرأ سورة البقرة ، وإنما أردت الشعر .

فقال لبيد : أما بعدما حفظتُ سورة البقرة وسورة آل عمران والله لا أذكر بيتا “

 

 

سبحان الله !

فرق بين كلام الله عز وجل وكلام البشر ، متى ما وقر حب كلام الله عز وجل في قلب العبد ارتقى درجات لا تضاهى

ولذا ماذا قال عثمان رضي الله عنه :

( لو طهرت قلوبكم ما شبعت من كلام ربكم )

 

( الفائدة الرابعة )

أن بعض العلماء قال :

” إن سورة البقرة فيها ألف أمر ، وفيها ألف نهي ، وفيها ألف حكم ، وفيها ألف خبر “

وهذه دعوى لنا لما نبدأ القراءة في سورة البقرة نتأمل – ولاسيما أن هذا الشهر شهر التلاوة –  لما نقرأ قوله تعالى :

{ الم{1}  } هذا خبر

{ ذَلِكَ الْكِتَابُ لَا رَيْبَ فِيهِ هُدًى لِّلْمُتَّقِينَ{2}هذا خبر ، وهكذا .

هنا يكون قلبك حاضرا فتعرف الأمر من النهي من الخبر من الحكم .

 

( الفائدة الخامسة )

أن السلف رحمهم الله عنوا عناية فائقة بكلام الله عز وجل ، فإنهم لما ذكروا السور ، ذكروا ما نزل منها في أي مكان ، ذكروا أن أول ما نزل بالمدينة سورة البقرة  ، إلا بعض الآيات نزلت فيما بعد ذلك وهيآيات الربا “ وكذلك قوله عز وجل :

{ وَاتَّقُواْ يَوْمًا تُرْجَعُونَ فِيهِ إِلَى اللّهِ } البقرة281

هذه الآية من أواخر ما نزل من القرآن ، على اختلاف بين أهل العلم ما هي آخر آية نزلت من كلام الله عز وجل .

فهذه فوائد مجملة حول مقدمة لتفسير سورة البقرة ، وإن شاء الله تعالى في الليلة القادمة نشرع في تفسير قوله تعالى :{ الم{1} }

والله أعلم ، وصلى الله وسلم على نبينا محمد .