تفسير سورة البقرة الدرس ( 133 ) [ واتبعوا ما تتلو الشياطين .. ] الآيتان ( 102 103 ) الجزء السابع

تفسير سورة البقرة الدرس ( 133 ) [ واتبعوا ما تتلو الشياطين .. ] الآيتان ( 102 103 ) الجزء السابع

مشاهدات: 421

تفسير سورة البقرة ـ الدرس ( 133 )

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

قوله تعالى :

{ وَاتَّبَعُوا مَا تَتْلُو الشَّيَاطِينُ عَلَى مُلْكِ سُلَيْمَانَ …… }

سورة البقرة  ( 102 ـ 103 } / الجزء السابع

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

فضيلة الشيخ: زيد بن مسفر البحري

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

معنا في هذه الليلة  تفسير قوله تعالى :

{ وَاتَّبَعُوا مَا تَتْلُو الشَّيَاطِينُ عَلَى مُلْكِ سُلَيْمَانَ وَمَا كَفَرَ سُلَيْمَانُ وَلَكِنَّ الشَّيَاطِينَ كَفَرُوا يُعَلِّمُونَ النَّاسَ السِّحْرَ وَمَا أُنْزِلَ عَلَى الْمَلَكَيْنِ بِبَابِلَ هَارُوتَ وَمَارُوتَ وَمَا يُعَلِّمَانِ مِنْ أَحَدٍ حَتَّى يَقُولَا إِنَّمَا نَحْنُ فِتْنَةٌ فَلَا تَكْفُرْ فَيَتَعَلَّمُونَ مِنْهُمَا مَا يُفَرِّقُونَ بِهِ بَيْنَ الْمَرْءِ وَزَوْجِهِ وَمَا هُمْ بِضَارِّينَ بِهِ مِنْ أَحَدٍ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ وَيَتَعَلَّمُونَ مَا يَضُرُّهُمْ وَلَا يَنْفَعُهُمْ وَلَقَدْ عَلِمُوا لَمَنِ اشْتَرَاهُ مَا لَهُ فِي الْآخِرَةِ مِنْ خَلَاقٍ وَلَبِئْسَ مَا شَرَوْا بِهِ أَنْفُسَهُمْ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ (102) وَلَوْ أَنَّهُمْ آمَنُوا وَاتَّقَوْا لَمَثُوبَةٌ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ خَيْرٌ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ (103) }

من الفوائد :

ـــــــــــــــــــ

أن قوله جل وعلا : {وَمَا يُعَلِّمَانِ مِنْ أَحَدٍ حَتَّى يَقُولَا إِنَّمَا نَحْنُ فِتْنَةٌ فَلَا تَكْفُرْ}

أنه هنا حصر وقصر وأخذنا في البلاغة أن طرق  القصر أربعة :

النفي والاستثناء وهذه أقواها تقول : لا إله الا  الله

” لا ” نافية    ” إلا ” أداة استثناء

هذه أقوى القصر يعني قصرت العبودية في حق واحد وهو الله

{وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ}

” ما ” نفي  { إِلَّا } : استثناء

إذن الحكمة الوحيدة التي نقصر فيها في خلقه جل وعلا للإنس والجن العبادة  فقط ما عداها لا

الطريقة الثانية : إنما

الطريقة  الثالثة : العطف بـ ” بل   لا   لكن “

الطريقة الرابعة : تقديم ما حقه التأخير

نحن الآن عندنا الطريقة الثانية طريقة القصر بإنما : {وَمَا يُعَلِّمَانِ مِنْ أَحَدٍ حَتَّى يَقُولَا إِنَّمَا نَحْنُ فِتْنَةٌ فَلَا تَكْفُرْ}

يعني هم مقصرون  ومحصورون في شيء واحد ليس عندهم شيء آخر ما هو ؟ أنهم مقصورون على أن تعليمهم للسحر فتنة لا غير ، فانتبه

هذا يفيد من أراد أن يتعلم السحر من هذين الملكين اللذين أنزلهما الله جل وعلا ابتلاء واختبارا للناس أنهما حصرا فقط في قول : {إِنَّمَا نَحْنُ فِتْنَةٌ فَلَا تَكْفُرْ }

 

من الفوائد :

ـــــــــــــــــــ

أنهما حكما هنا على تعلم السحر بأنه كفر ، هذا يرد به على الرازي ، وذكر ذلك ابن كثير ، الرازي له تفسير ولا يقرأ هذا التفسير إلا من عنده علم بالعقيدة قوي يعني لا يقرأ إلا طلاب العلم

فيه رد على الرازي الذي يقول : إن تعلم السحر مكانة وقدرشريف  ، لم ؟

قال : لأنه علم فالعالم ليس كالجاهل {قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ }

فيقال :  العلم هو العلم بالشرع

ما عداه فليس بعلم حتى ولو كان دنيويا ليس بعلم محمود يثاب عليه إلا إن أراد بعلمه الدنيوي أن ينفع إخوانه المسلمين ، لكن ما جاء من فضائل  وأجور مرتبة على فضل العلم إنما هو العلم الشرعي

أهذا علم ؟ ليس هذا بعلم ، ولذلك ماذا قال : { فَلَا تَكْفُرْ } وهل تعلم الكفر له فضل ؟ لا

 

من الفوائد :

ـــــــــــــــــــ

أنه قال : {فَيَتَعَلَّمُونَ مِنْهُمَا مَا يُفَرِّقُونَ بِهِ بَيْنَ الْمَرْءِ وَزَوْجِهِ}

هذا هو أحد الأقسام التي للسحر ذكرنا أن الرازي ذكر ثمانية أقسام للسحر هنا قسم وهو السحر المسممى بالصرف {فَيَتَعَلَّمُونَ مِنْهُمَا مَا يُفَرِّقُونَ بِهِ بَيْنَ الْمَرْءِ وَزَوْجِهِ} يعني ما يصرف الزوج عن زوجته ويصرف الزوجة عن زوجها ، هذا  ما يسمى بالصرف كما يحصل لبعض الناس قد يصرف

 

والسحر : له حقيقة خلافا للمعتزلة الذين يقولون : إنه أوهام

عقيدة أهل السنة والجماعة وأكثر ما عليه علماء الأمة أن السحر له حقيقة يعني له تأثير ليس تخيلات وأوهاما ، لكن لا يعني أن كونه حقيقة لما يرى المسحور أن هذا الجدار يتحرك أنه في الحقيقة يتحرك ، لا

هو حقيقة وتأثير عليه ، لكن كون السحر يقلب الأعيان إلى أعيان أخرى بمعنى أن السحر يجعل المتحرك ساكنا والساكن متحرك لا يمكن ، هذا ما يفعله إلا الله  ، لكن له تأثير لأنه مرض

ولذلك لما سحر النبي عليه الصلاة والسلام وسحره من ؟ لبيد بن الأعصم اليهودي ،  السحر من فعل اليهود

( قال : يا عائشة أما الله فقد شفاني  ) دل على أنه مرض

لكن يأتي أمر هنا  ، السحر له حقيقة  ، لكن ما معنى الحقيقة له حقيقة وتأثير على المسحور لكن هذاالمسحور يرى أن هذا العمود يطير  ، هو مؤثر عليه هو لكن كون هذا الشيء الثابت يكون متحركا والمتحرك يكون ساكن هذا لا يكون إلا من الله

 

يقول ابن القيم : ” من كان له ورد لا يتركه في يومه فهو أبعد الناس عن السحر “

لكن هنا مشكلة : النبي عليه الصلاة والسلام كما قالت عائشة رضي الله عنها في صحيح مسلم كان يذكر الله على كل أحيانه

لماذا سُحِر ؟

هو سحر عليه الصلاة والسلام : فيه فوائد:

من بين الفوائد :

ــ أن يعلم الناس أنه بشر حتى يرد به على الصوفية وغلاة الصوفية أنه بمنزلة الإله يستغيثون به ويستشفعون به ، هو بشر يصيبه ما يصيب البشر ولذلك قال يا عائشة ( أما الله فقد شفاني )

 

من فوائد أنه عليه الصلاة والسلام سُحِر :

أنه رفعة لدرجاته كما وقع عليه الصلاة والسلام من فرسه فتأثرت قدمه عليه الصلاة والسلام ، شج رأسه يوم أحد  ، سال الدم من وجهه كسرت رباعيته سنه الرباعية كسرت من أجل رفعته عليه الصلاة والسلام وليس  لكونه غافلا عن الذكر حاشا

 

ــ أيضا من فوائد كونه سُحِر عليه الصلاة والسلام :

إرشاد الأمة وتعليم الأمة كيف يتعاملون مع السحر ، ما يذهب إلى السحرة

ويتعاطى العلاج عندهم  ، ولذلك نزلت عليه المعوذتان

وكان سحره  من شعره عليه الصلاة والسلام عقد إحدى عشرة عقدة ووضع في بئر في المدينة فأخبر عليه الصلاة والسلام فأخرجها ونزلت عليه المعوذتان ومجموع آيات المعوذتين إحدى عشرة آية  ، كلما قرأ آية انحلت عقدة

تعليم لهم للأمة بنفسه  ، ممكن يعلمهم بلسانه لكن كونه يفعل ذلك فعلا أبلغ في التأثير ، فيكون في ذلك دعوى لمن أصيب بالسحر أن يفعل كما فعل عليه الصلاة والسلام هرع إلى القرآن  ، ما يأتي إنسان ويقول والله إذا استصعبت الأمور نذهب إلى السحرة مثل ما يفتي بعض الناس ، خطأ

إذن السحرة لهم فائدة سنبقي بعضهم مع أن الشرع قال ( اقتلوا كل ساحر وساحرة )

إذن لو أخذنا بهذه الفتوى فالسحرة لهم فائدة نبقي بعضهم  ، كيف ؟

إذا قلنا إنه يذهب إلى السحرة كأن القرآن ما له تأثير

كيف وقد قال جل وعلا : {وَنُنَزِّلُ مِنَ الْقُرْآنِ مَا هُوَ شِفَاءٌ وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ} ، يعني كأننا لم نعتقد ذلك الاعتقاد من أن القرآن نافع فذهبنا إلى غيره ذهبنا إلى كلام الشياطين

فالسحر له حقيقة وتأثير لكن كونه يقلب الأعيان إلى أشياء أخرى فلا

هذه لا يفعلها إلا الله

وقلنا إن هذا السحر سحر الصرف هذا ما يسعد به الشيطان

الصرف  ، صرف من ؟ ليس صرف الأقرباء بل صرف الزوج عن زوجته والعكس ، الشيطان أحب ما لديه أن يفرق بين الزوجين ولذلك السحر من جعبته : {وَاتَّبَعُوا مَا تَتْلُو الشَّيَاطِينُ عَلَى مُلْكِ سُلَيْمَانَ}

ألم يقل عليه الصلاة والسلام كما عند مسلم : (( إن إبليس يضع عرشه على الماء  ثم يبعث سراياه يبعث الجنود فيأتي أحدهم فيقول فعلت وفعلت ما تركته حتى قال كذا وكذا ، قال : ما فعلت شيئا ، فيأتي الآخر ويقول ما تركته حتى فرقت بينه وبين زوجته ، فيقول : أنت فيلتزمه ويقربه إليه ))

لأن الزوجين إذا انفصلا انهدمت الأسرة وتشتت ، وإذا تشتت الأسرة ضاع المجتمع ، المجتمع عبارة عن أسر ، إذا ضاعت الأسر انتهى المجتمع

ولذلك لو عني كل واحد منا بأسرته إصلاحا وتوجيها ومراقبة صلح المجتمع

بعض الناس يرمي بالتهم على مسئولين أو على وزراء أو على ولاة

لاشك أن عليهم واجبا لكن أيضا  ، تصور لو أن أسرتي صلحت وأسرتك وأسرة فلان وفلان صلح المجتمع ، عندنا تفريط  ، قبل أن ننظر إلى عيوب وتفريط غيرنا ننظر إلى عيوبنا نحن

فانظروا إلى كون الشيطان يحب أن يفرق بين الزوج وزوجته

 

من الفوائد :

ـــــــــــــــــــ

أن ما يقابل الصرف من السحر يسمى  بسحر العطف بحيث تعطف المرأة على زوجها أو العكس ، وخصوصا أنه يعطف الرجل على المرأة أكثر من عطف المرأة على الرجل بحيث إنه يموت هياما في حبها فتقوده كما تقاد البهيمة وهذا يقتل ، هو أعظم من الصرف ، لأنه يتعلق بالقلب والقلب وعاء للمحبة  ، وهذا الوعاء إذا لم يملأ بحبة الله وإلا تعب

ولذلك يقول ابن القيم : ” من أحب غير الله عذب به  في الدنيا قبل الآخرة “

انظر إلى أصحاب العشق يتعذبون ، هيام من تسويف وتسويل الشيطان

بل ربما يعشق إنسان امرأة ليست بذلك الجمال وعنده زوجة جميلة بل من اجمل النساء

ولذلك يقول ابن مفلح يقول : ” اتقوا النظر المحرم فإن العين ترى غير المقدور عليه على غير ما هو عليه “

ولذلك يعرف النبي عليه الصلاة والسلام حال الناس وحال العشاق ، في سنن ابن ماجه قال : (( لم ير للمتحابين مثل النكاح )) شخص يعشق امرأة ما مثل الزواج ، فإذا تزوجا أين تلك المسامرة والمحادثات والمشاعر ؟

انتهت  ، أين تلك الساعات التي يود أنه يتجاذب مع عشيقه أطراف الحديث يوم ويومين لا يمل

سبحان الله !  أسأل الله لي ولكم أن يملأ محبته في قلوبنا ،  لو تحب الله تحب كلامه

العشيق لما يحب يحب كلامه كلامه مثل العسل عند بعض الناس مع أنه سم

لكن كيف لو أحببت الله تحب كلامه ، لو قرأت القرآن إذا بك في عالم آخر لذة وسعادة

قال بعض السلف ” إنه ليمر بالقلب ساعات أقول إن كان أهل الجنة في مثل ما أنا فيه إنهم لفي نعيم ” يقول إنه ليطرب فرحا قلبي ، محبة الله

فسحر العطف أفظع تأثيرا من سحر الصرف

ولكن هنا أمر وهو :

ليس كل ما يقع بين الرجل وبين امرأته من عدم وئام أنه سحر وتعشش هذه الفكرة وخصوصا من بعض الرقاة يعششها في قلوب بعض الناس ، ربما بعض الناس مر بي بعض الأقرباء يقول أنا تزوجت المرأة ما استطعت أن أجامعها أشتهي الجماع وينتصب ذكري ثم إذا به لا ينتشر  ، فربما يذهب إلى بعض الرقاة ويقول فيك سحر فيكم صرف وليس به شيء أحيانا تكون هناك توهمات لدى الإنسان

فانتبه : لا ترخي بسمعك إلى ما يقال

صحيح  أن السحر له تأثير وله حقيقة  لكن ليس كل ما يقع بينك وبين زوجتك من أمر يصرف أحدكما عن الآخر ليس هو سحر أو عين

لا تكن قلوبنا ضعيفة ، ولذلك بعض الناس من المصلين ومن الصوام ولا يعصي ليست عنده معاصي ومع ذلك أحيانا تأتيه حالة يقول أنا غير سعيد

سبحان الله ! غير سعيد وأنت من أهل الصلاة ومن أهل الذكر ومن أهل القرآن هذا طبيعي  ، طبيعي كيف طبيعي  ؟

بعض الناس قد تجتمع عليه هموم ومشاكل ويتعب قلبه ثم إذا بالقلب لا يستطيع أن يتحمل تلك فيتعب ، ولذلك في صحيح مسلم قال عليه الصلاة والسلام  : ( إنه ليغان على قلبي ) قلب النبي عليه الصلاة والسلام يصيبه الغين

الغين ما هو ؟ الهم  ، ما هو هذا الغين ؟ حب الدنيا ؟  الجواب : لا

الهم الذي يعتريه من مستقبل أمته حريص على هداية أمته

ولكن ما الحل ؟ أكمل الحديث (  إنه ليغان على قلبي وإني لأستغفر الله في اليوم مائة مرة )

استغفر ولا تستسلم ، النبي عليه الصلاة والسلام لما أخبر بوسوسة الشيطان قال ( ليستعذ بالله ولينته ) لا تسترسل ، لا تستسلم  ، يأتيك هم يأتيك تعب

لا تستسلم

أنا انصح أي إنسان والعامل النفسي له تأثير على أعضاء الإنسان وهذا  معروف في الشرع وعند الأطباء ، لو بك مرض أجبر نفسك على أنك لست بمريض عش حياتك

تصعب عليك الحياة أو تعاني أياما لكن بعد حين تذهب (( ليستعذ بالله ولينته )) لا تسترسل مع هذه الأشياء

ولذلك كلما قوي قلب الإنسان كلما بإذن الله كلما كان قويا في بدنه فمعول الأمرعلى هذا القلب

ولذلك انظر إلى هؤلاء  السحرة يبحثون عن إضعاف القلوب يوهمك السحر وهم يوهمك بأنه كذا وكذا وبالتالي فإن سحر العطف كما أسلفت أعظم فظاعة من سحر الصرف