تفسير سورة البقرة الدرس 178(ولن ترضى عنك اليهود ولا النصارى حتى تتبع ملتهم) الآية 120 ـ الجزء الثالث

تفسير سورة البقرة الدرس 178(ولن ترضى عنك اليهود ولا النصارى حتى تتبع ملتهم) الآية 120 ـ الجزء الثالث

مشاهدات: 556

تفسير سورة البقرة ــ الآية ( 120 ) / الجزء الثالث

قوله تعالى : { وَلَنْ تَرْضَى عَنْكَ الْيَهُودُ وَلَا النَّصَارَى حَتَّى تَتَّبِعَ مِلَّتَهُمْ قُلْ إِنَّ هُدَى اللَّهِ هُوَ الْهُدَى وَلَئِنِ اتَّبَعْتَ أَهْوَاءَهُمْ بَعْدَ الَّذِي جَاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ مَا لَكَ مِنَ اللَّهِ مِنْ وَلِيٍّ وَلَا نَصِيرٍ }

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

فضيلة الشيخ :  زيد بن مسفر البحري

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

فنكمل تفسير قول الله عز وجل :

{ وَلَنْ تَرْضَى عَنْكَ الْيَهُودُ وَلَا النَّصَارَى حَتَّى تَتَّبِعَ مِلَّتَهُمْ قُلْ إِنَّ هُدَى اللَّهِ هُوَ الْهُدَى وَلَئِنِ اتَّبَعْتَ أَهْوَاءَهُمْ بَعْدَ الَّذِي جَاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ مَا لَكَ مِنَ اللَّهِ مِنْ وَلِيٍّ وَلَا نَصِيرٍ }

ومن الفوائد :

ــــــــــــــــــــــ

أنه جل وعلا لما لم ترض ولن ترض اليهود والنصارى عن النبي عليه الصلاة والسلام وعن هذه الأمة حتى تدخل في مللهم ماذا قال عز وجل للنبي عليه الصلاة والسلام آمرا له { قُلْ إِنَّ هُدَى اللَّهِ هُوَ الْهُدَى } هذه الجملة فاصلة للنزاع بين المسلم وبين الكافر بين من هو على السنة وبين من هو متبع لهواه  ، ما هي هذه الجملة من الآية ؟ { قُلْ إِنَّ هُدَى اللَّهِ هُوَ الْهُدَى }  معناه : إن كان ما أنتم عليه هو شرع الله فهو الهدى وإلا فأنتم ضلال ، ولذا قال قتادة كما ذكر ذلك ابن كثير عنه في التفسير قال هذه خصومة { قُلْ إِنَّ هُدَى اللَّهِ هُوَ الْهُدَى } قال هي خصومة علمها الله عز وجل نبيه محمدا عليه الصلاة والسلام وأصحابه ليردوا بها على أهل الضلالة

أي إنسان يأتي ويجادلك قل له : هل ما قلته هو شرع الله فإن قال نعم قل أين الدليل لأن شرع الله ما هو ؟ ما كان مبنيا على الدليل فإن كان معه شرع الله فيقال أنت على حق ، إن لم يكن على شرع الله وأتى بأشياء من تلقاء نفسه فقل لست على هدى ومن ليس على هدى فإنه ضال ، ليس هناك وسط

{ قُلْ إِنَّ هُدَى اللَّهِ هُوَ الْهُدَى } إذن إن لم تكن على هدى يا أيها المجادل فاعلم بأنك صاحب هوى ، ولذا تغير الأسلوب ماذا قالوا في أول الأمر    { وَلَنْ تَرْضَى عَنْكَ الْيَهُودُ وَلَا النَّصَارَى حَتَّى تَتَّبِعَ مِلَّتَهُمْ } بعدها { وَلَئِنِ اتَّبَعْتَ أَهْوَاءَهُمْ } فدل على أن ما هم عليه ليس بملة ، وليس بدين إنما هو هوى ، والأدلة في هذا كثيرة { فَمَاذَا بَعْدَ الْحَقِّ إِلَّا الضَّلَالُ } هنا في هذا الزمن يكثر الجدال والنقاش حتى ممن ينتسب إلى أهل الإسلام لأن هناك الآن مشارب مختلفة ومتنوعة كل يقول هذا هو الدين هذا هو الشرع قل له وإن لم تقل له إن سمعته في قناة أو في وسيلة من وسائل : إن كان ما يقوله هو شرع الله ما هو شرع الله ؟ ما كان مبنيا على الدليل من الكتاب والسنة على ما فهمه سلف هذه الأمة فقوله حق وإن لم يكن فقوله باطل وضلال وناشيء من هوى ، ليس هناك وسط { فَإِنْ لَمْ يَسْتَجِيبُوا لَكَ } ما فيه أمر ثاني ، ولذا يقول الشيخ محمد الأمين الشنقيطي في كتابه أضواء البيان قال هما صنفان لا ثالث لهما لما ذكر هذه الآية { فَإِنْ لَمْ يَسْتَجِيبُوا لَكَ فَاعْلَمْ أَنَّمَا يَتَّبِعُونَ أَهْوَاءَهُمْ } إن لم يكن هذا هو الشرع فاعلم بأنه هوى ، لا تقل هذا فلا ولا هذا فلان ، { فَمَاذَا بَعْدَ الْحَقِّ إِلَّا الضَّلَالُ }

ولذلك : البدعة أخبر النبي عليه الصلاة والسلام بأنها ضلالة ( كل بدعة ضلالة ) إذن { فَمَاذَا بَعْدَ الْحَقِّ إِلَّا الضَّلَالُ } إذن البدع ضلالات ، فليس هناك وسط ، ولذلك ما ذهب إليه بعض الناس للأسف فيه تمييع للدين بعض الناس ولو كان يتسمى باسم الشرع أو باسم العلم والدعوة لما يأتي إلى أهل الفرق الضالة من القبورين الذين يستغيثون بغير الله ويدعون غير الله ، يسبون الصحابة ويقول نتوافق معكم  ، وإذا بالضحكات والابتسامات تعلو الوجوه مع أئمة هؤلاء الضلال ، نحن لسنا عدائيين ، لا ، يجب أن يدعى هؤلاء إلى شرع الله ، أي ضال كافر مبتدع يجب أن يدعى إلى شرع الله ولكن بالتي هي أحسن وليس معنى ذلك أن يقطب في وجهه ، فسيرته عليه الصلاة والسلام واضحة لكن أن يميع الدين بمعنى أن يقرب الحق مع الضلال لا يمكن ، مستحيل ، ولا يجوز هذا ، هذا تمييع   { فَمَاذَا بَعْدَ الْحَقِّ إِلَّا الضَّلَالُ } ولذلك هذا خطأ تمييع الدين لا يقبل

نشر الدين وبيان عظمة الدين لهؤلاء بالتي هي أحسن من غير اعتداء عليهم من غير بغي عليهم هذا مطلوب شرعا ، لكن أن يسقط شيء من الدين ويميع شيء من الدين ، ولذلك بعضهم الآن يقول وإن كان من الدعاة يقول إخواننا الشيعة كيف يكون الشيعي أخا لك ؟  من يستغيث بغير الله ، من يدعو غير الله ، من يسب صحابة رسول الله عليه الصلاة والسلام ، كيف يكون أخا لنا ؟ هذا لا يمكن ، لا يمكن أن يجتمع الحق مع الباطل

يدعى هؤلاء ؟ نعم يدعون إلى الحق ، لكن أن يتنازل المسلم ولاسيما من ينسب إلى العلم والدعوة أن يتنازل عن شرع الله هذا خطأ

ولذلك ما يحصل هذا إلا من أمرين : وقد ذكر ذلك السلف : إما أن يكون من أجل حظ دنيوي رغبة ومصلحة دنيوية ، أو هوان في النفس ، فنعوذ بالله من الخذلان

إذن ليس هناك وسط الأدلة واضحة { فَمَاذَا بَعْدَ الْحَقِّ إِلَّا الضَّلَالُ } ، ولذلك ماذا قال عز وجل محذرا من اتباع الهوى قال { أَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلَهَهُ هَوَاهُ } ثم أنت إذا جودلت أو لم يقبل قولك لست عليهم بمسيطر { أَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلَهَهُ هَوَاهُ أَفَأَنْتَ تَكُونُ عَلَيْهِ وَكِيلًا } لست بوكيل على هؤلاء

هذه قاعدة  ، قاعدة من ذكرها ؟ الله جل وعلا { قُلْ إِنَّ هُدَى اللَّهِ هُوَ الْهُدَى } وانظر سبحان الله ! أتى بضمير الفصل ” هو ” لو كان في غير القرآن يصح أن تقول : ” قل إن هدى الله الهدى ” لكن أتى بضمير الفصل هنا ” هو ” للتأكيد على أنه لا هدى إلا هدى الله

{ وَيَسْتَنْبِئُونَكَ أَحَقٌّ هُوَ قُلْ إِي وَرَبِّي } { قُلْ إِي } قل نعم { قُلْ إِي وَرَبِّي إِنَّهُ لَحَقٌّ } هذا هو الحق ما عداه فهو الباطل ، ثم في المقابل هنا ماذا قال تعالى { قُلْ إِنَّ هُدَى اللَّهِ هُوَ الْهُدَى } لا تكن جبانا في توضيح شرع الله ، كن صادعا بالحق ، ولذلك ماذا قال له هنا { قُلْ } يا محمد لا تتردد { قُلْ إِنَّ هُدَى اللَّهِ هُوَ الْهُدَى }  ولذلك في سورة آل عمران { قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ تَعَالَوْا إِلَى كَلِمَةٍ سَوَاءٍ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ } ما هي هذه الكلمة ؟ فسرت { أَلَّا نَعْبُدَ إِلَّا اللَّهَ وَلَا نُشْرِكَ بِهِ شَيْئًا وَلَا يَتَّخِذَ بَعْضُنَا بَعْضًا أَرْبَابًا مِنْ دُونِ اللَّهِ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَقُولُوا } افتخروا بأنكم مسلمون وأنكم على الحق { فَقُولُوا اشْهَدُوا بِأَنَّا مُسْلِمُونَ } في المقابل بما أننا مسلمون اشهدوا بأنكم إن بقيتم على ما أنتم عليه فأنتم كفار يا أهل الكتاب ، ولذلك ماذا قال عز وجل  حتى لا يميع الشرع

يميع الشرع من أجل التقريب والتحبيب ، لا ، بإمكانك أن تحبب الناس إلى شرع الله عن طريق شرع الله { وَدُّوا لَوْ تُدْهِنُ فَيُدْهِنُونَ } يودون أن توافقوهم على منهجهم وطريقتهم إما بالعمل منكم أو بالقول أو بالسكوت عما يجب أن تبينه فإنه لا يمكن أن يظهر الحق إلا بنشره وببيان ما يناقضه ويعاديه

بعض الناس يقول أنا أنشر الحق ، نعم جوزيت خيرا تنشر الحق لكن يجب أن تبين ما يضاد هذا الشرع ويعارض هذا الشرع  بأن تبين معايبه وفساده فلا يقتصر على نشر الحق فقط ، لا ، بل لابد من توضيح معايب ما يخالف شرع الله عز وجل

ولذلك : سبحان الله ! { قُلْ إِنَّ هُدَى اللَّهِ هُوَ الْهُدَى } يعني فصلت في هذا الأمر ، لأنه ماذا يراد بالتقريب ؟ تقريب الناس لأن بعضا من الناس وكما قلت وهذا شيء مشهور يعني لم أت به ، اليوتيوب موجود والقنوات تعرض ، أناس بزي أهل العلم وأهل الدعوة ودكاترة وإذا بهم يقولون هذا القول من أجل ؟ من أجل أن يكون الناس في أمن تام على حساب شرع الله والله لن يكون أمن تام على حساب شرع الله أبدا ؛ لأنه لا يمكن أن يوجد أمن إلا بتطبيق الشرع { الَّذِينَ آَمَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمَانَهُمْ بِظُلْمٍ } يعني بشرك  { أُولَئِكَ لَهُمُ الْأَمْنُ وَهُمْ مُهْتَدُونَ } ولا يعني أن يكون الإنسان عدائيا لأصحاب الفرق وما شابه ذلك ، لا ، كيف والنبي عليه الصلاة والسلام كان على خلق حسن حتى مع أعدائه ، فنحن علينا أن نحمل هذه الرسالة قال عليه الصلاة والسلام ( أتيتكم بها بيضاء نقية )

( تركتكم على المحجة البيضاء ليلها كنهارها لا يزيغ عنها إلا هالك )

ننشر الحق ؟ نعم ، نبين معايب وفساد ما يخالف الحق ؟ نعم ، ندعو إلى هذا الحق أصحاب الطوائف التي ضلت ؟ يجب علينا ذلك  ، نتعامل مع هؤلاء بالحسنى ؟ نعم نتعامل معهم بالحسنى لسنا عدائين لكن لا يكن هذا على حساب شرع الله ، فنتنبه إلى هذا الأمر .