تفسير سورة البقرة الدرس ( 9 ) [ ومن الناس من يقول آمنا بالله وباليوم الآخر … الآية ( 8 )]

تفسير سورة البقرة الدرس ( 9 ) [ ومن الناس من يقول آمنا بالله وباليوم الآخر … الآية ( 8 )]

مشاهدات: 482

تفسير سورة البقرة ـ الدرس التاسع 

{ وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَقُولُ آَمَنَّا بِاللَّهِ وَبِالْيَوْمِ الْآَخِرِ وَمَا هُمْ بِمُؤْمِنِينَ {8} }

فضيلة الشيخ : زيد بن مسفر البحري

ــــــــــــــــــــــــــ

فتفسيرنا في هذه الليلة لقوله تعالى :

{ وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَقُولُ آَمَنَّا بِاللَّهِ وَبِالْيَوْمِ الْآَخِرِ وَمَا هُمْ بِمُؤْمِنِينَ {8} }

 

من الفوائد :

أن الله لما ذكر الصنفين الأوليين الخالصين ثلَّث جل وعلا بذكر صنف لا من الصنف الأول ولا من الصنف الثاني  :

الصنف الأول : صنف المؤمنين الخُلَّص

الصنف الثاني : صنف الكفار الخُلَّص

هؤلاء  :

صنف ثالث : لا من هذا الصنف ولا من ذاك الصنف

يعني : ليسوا بمؤمنين من حيث الباطن

وليسوا بكافرين من حيث الظاهر

ولذلك :

قال تعالى في سورة النساء :

{ مُذَبْذَبِينَ بَيْنَ ذَلِكَ لَا إِلَى هَؤُلَاءِ وَلَا إِلَى هَؤُلَاءِ }

والمتأمل يجد أنه جل وعلا لما ذكر هذا الصنف ذكرهم في ثلاث عشرة آية

أطنب في الحديث عنهم

لم ؟

لأن هذا الصنف صنف عنده روغان عنده خداع

لأن من كان ظاهرا في الشر تحترز منه ، لكن من لديه مراوغة من لديه خفاء هذا يحتاج الإنسان فيه إلى مزيد بيان

ولذلك جل وعلا أنزل فيهم سورة كاملة

ما هي  ؟

{ إِذَا جَاءَكَ الْمُنَافِقُونَ قَالُوا نَشْهَدُ إِنَّكَ لَرَسُولُ اللَّهِ }

بل أتت سورة التوبة فسماها ابن عباس رضي الله عنهما بالفاضحة

لم ؟

لأنها فضحت حال المنافقين

وهؤلاء المنافقون ليسوا في زمن النبي عليه الصلاة والسلام فحسب بل في كل زمان

يوجد في  مجتمعنا وفي أي مجتمع في أي زمن

وفي أي عصر منافقون

 

ومن ثم :

فإن على المؤمنين على أولياء الله أن : يكونوا على حذر

أني لهم أن يأخذوا الحذر ؟

من كتاب الله

يعني : نحن لما نسمع أو نقرأ في بعض الصحف أو في بعض التعليقات والتغريدات نسمع ما يلمز في الدين ويقدح فيه من أناس في سيماهم أنهم من المسلمين

يعني :

هؤلاء  : كيف  نحمي أنفسنا ونحمي مجتمعنا منهم ؟

بالرجوع إلى كتاب الله عز وجل

فقد أوضح

والنفاق ما كان موجودا في  مكة وما كان موجودا بعد الهجرة مباشرة

 وإنما بعد غزوة بدر

كان في  مكة العكس

سبحان الله!

ما هو النفاق ؟

هو إظهار الإيمان وإبطان الكفر

في  مكة كان العكس

ما هو ؟؟

إظهار الكفر وإبطان الإيمان خوفا على أنفسهم من بطش كفار قريش

ولذا كانوا معذورين :

{ مَنْ كَفَرَ بِاللَّهِ مِنْ بَعْدِ إِيمَانِهِ إِلَّا مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالْإِيمَانِ }

انتقل النبي عليه الصلاة والسلام إلى المدينة فلما انتقل آمن كثير من الأوس والخزرج

اليهود كانوا موجودين ولم يؤمن أكثرهم وإنما آمن بعضهم :

كعبد الله بن سلام رضي الله عنه

فظل الحال على ما هو عليه حتى إن أناسا من الأوس  والخزرج

ومن بينهم :

عبد الله بن أبي بن سلول رأس المنافقين

كان وقتها لم يسلم ، لأن الأوس والخزرج كانوا وعدوه أن يُسوِّدُوه عليهم حتى يكون الرئيس

وكان كافرا صُرَاحا

لكن لما انتصر النبي عليه الصلاة والسلام في غزوة بدر قال عبد الله بن أبي قال :

(( إن هذا الأمر قد ظهر ))

فخشي على نفسه من أن تذهب

خشي على أمواله أن تذهب

وبالتالي : آمن ظاهرا وأبطن الكفر في قلبه

 

ومن الفوائد :

أنه قال جل وعلا : { وَمِنَ النَّاسِ }

من هم هؤلاء الناس ؟

هل هم صنف الذكور ؟

يعني : لا يوجد النفاق إلا في الذكور أم أنه يوجد في  جنس الإناث ؟

يوجد فيهم

الدليل ؟

قول الله عز وجل في سورة التوبة :

{ الْمُنَافِقُونَ وَالْمُنَافِقَاتُ بَعْضُهُم مِّن بَعْضٍ }

 

هل  كان فيه منافقون من اليهود ؟

نعم

في هذه السورة :

{ أَفَتَطْمَعُونَ أَنْ يُؤْمِنُوا لَكُمْ وَقَدْ كَانَ فَرِيقٌ مِنْهُمْ يَسْمَعُونَ كَلَامَ اللَّهِ ثُمَّ يُحَرِّفُونَهُ مِنْ بَعْدِ مَا عَقَلُوهُ وَهُمْ يَعْلَمُونَ (75) وَإِذَا لَقُوا الَّذِينَ آَمَنُوا قَالُوا آَمَنَّا وَإِذَا خَلَا بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ قَالُوا أَتُحَدِّثُونَهُمْ بِمَا فَتَحَ اللَّهُ عَلَيْكُمْ لِيُحَاجُّوكُمْ بِهِ عِنْدَ رَبِّكُمْ أَفَلَا تَعْقِلُونَ (76)}

 

ومن فوائد هذه الآية :

أن هذه الآية ذكرت نوعا من أنواع النفاق :

النفاق نوعان : نفاق اعتقادي :

وهو النفاق المخرج عن الملة

ونفاق عملي :

وهو الذي لا يخرج صاحبه من الملة ولكنه بريد وبوابة إلى النفاق الاعتقادي

النفاق الاعتقادي  :

هو ما ذكر  هنا

ما هو ؟

هو إبطان الكفر وإظهار الإيمان

لكن النفاق العملي :

هو المذكور في الصحيحين:

في قوله عليه الصلاة والسلام :

(( آية المنافق ثلاث : إذا حدث كذب ،  وإذا وعد  أخلف  وإذا اؤتمن خان ))

وفي رواية : (( وإذا خاصم فجر ))

ولو رأيتم هذه الصفات الأربع لوجدتم أنها موجودة في المنافقين نفاقا اعتقاديا

ومن ثم :

فعلى المسلم أن يحذر من هذه الصفات صفات المنافقين العملية لأنه توشك أن تولج الإنسان في النفاق الاعتقادي

 

ومن فوائد هذه الآية :

أن كلمة الناس  – ونحن من الناس  – لها معاني في  اللغة :

وهذه المعاني تنطبق علينا :

من معاني الناس في اللغة :

الحركة

ولذلك :

قالت أم زرع كما في الصحيحين :

قالت عن زوجها : (( أناسَ من حلي أذني  ))

يعني : أنه أكرمها بحلي حتى ان هذه الحلي قد ملأت أذنيها فأصبحت هناك حركة لهذه الحلي

قالت : أناس

يعني  : ظهرت حركة من هذه الحلي

وهذا موجود فينا

ولهذا  :

قال النبي عليه الصلاة والسلام : (( أصدق الأسماء حارث وهمام ))

لم ؟

قال شيخ الإسلام : لإنه ما من مخلوق إلا ويهم ويحرث يعني : يعمل

يعني : بعبارة مختصرة كما قال السلف :

(( النفس إن لم تشغلها بالطاعة شغلتك بالمعصية ))

ما من إنسان إلا وهويهم في نفسه

هذا الهم الذي يرد في  نفسه لابد أن يظهر

لا أحد يقول : لا يمكن أن تكون مني أمور أو حركة

كلا

لابد أن تصدر  منك حركة

ولذلك يقول ابن القيم رحمه الله :

(( إن النفس كالرحى الدائرة التي لا تفتر ))

مثل الرحى التي  تطحن لا تفتر

قال : (( فبعض  الناس يضع في هذه الرحى – يعني ما يرد على قلبك وعلى نفسك – يقول : (( بعضهم يضع في  هذه الرحى حبا فيخرج له دقيقا وبعض  الناس يضع فيه حصى وتبنا فيخرج له دقيقا من هذا التبن ومن هذا الرمل ))

ويقول رحمه الله : (( عند الخبز يتبين لكل شخص ما طحنه ))

إذًا :

هذه نفوسنا تهم بالمعصية :

هل  عملت هذه المعصية أم لا ؟

همت بالطاعة :

هل عملت هذه الطاعة أم لا ؟

عند الخبز :

عند الورود على الله يتبين لكل منا ما طحنه

إذًا :

هذا معنى من معاني الناس

من معاني الناس :

النسيان :

ـــــــــــــــ

وما أكثر نسياننا

والنسيان هو نعمة في بعض الحالات

هو نعمة من الله

يعني لو لم يكرم الله عز وجل – وإن كان صفة نقص ينزه عنها الله عز وجل لأنه هو الكامل : { وَمَا كَانَ رَبُّكَ نَسِيًّا }  مريم64

لكن المخلوق  فيه هذه الصفة لكن هي نعمة

لم ؟

لأن الله عز وجل لا يخلق شيئا من ذات أو صفة إلا وهي نعمة إما نعمة في  ذاتها أو باعتبار آخر

تصور :

لو أن الإنسان مات له حبيب ولم ينسه فكان وقع المعصية عليه في أول يوم  هو هو بعد سنة بعد سنتين بعد ثلاثة بعد أربع ألا يكون في شقاء ؟

بلى

ولذلك ينسى الميت

ينسى من باب الحزن ولا ينسى من باب الذكر

إذا كان خلف  شيئا طيبا

ولذلك ماذا قالت مريم ؟

{ يَا لَيْتَنِي مِتُّ قَبْلَ هَذَا وَكُنْتُ نَسْيًا مَنْسِيًّا } مريم23

مثل ما ينسى الميت

وهو نعمة أيضا على أي شخص :

تصور لو أن هناك عالما من العلماء سواء في  علم الشرع أو في  غيره

بالذات في علم الشرع كان حافظة و لا ينسى شيئا

ألأ يدعوه هذا إلى أن يتكبر؟

هو يحفظ ولا ينسى

لما ينس مع أن الناس يشيرون إليه بالبنان مع أنه حافظة هذا يجعله يتواضع لله عز وجل

وبالتالي  : يعرف قصور نفسه ويتواضع لله

ولذلك ماذا قال الله عن آدم ؟

{ وَلَقَدْ عَهِدْنَا إِلَى آَدَمَ مِنْ قَبْلُ فَنَسِيَ وَلَمْ نَجِدْ لَهُ عَزْمًا } طه115

على أحد وجهي التفسير

 

ومن معاني الناس  :

الأنس

يأنس بعضنا ببعض

لا يمكن أن يعيش بعضنا وحده صعب عليه

فنحن نأنس ولذلك :

إذا سافر أحدنا إلى منطقة غريبة خارج المملكة تجد لو أنه رأى إنسانا من بني جنسه أو من بني بلدته يحن  إليه وهو يحن إليه أيضا

إذًا :

من معاني الناس :

الأنس لأن بعضنا يأنس ببعض

وأعظم ما يأنس به العبد :

أن يأنس بذكر ربه

فإذا أنس العبد بذكر ربه فإنه أحب الله عز وجل حبا عظيما وبالتالي فإنه ينسى المخلوقين

لم ؟

لأنه أنس بربه عز وجل

ولذلك يقول بعض السلف :

“مساكين أهل الغفلة  – يقول : هم مساكين – خرجوا من الدنيا  وما ذاقوا أطيب ما فيها قيل له : وما أطيب ما فيها ؟ قال : ذكر الله والأنس به “

ولذلك :

النبي عليه الصلاة والسلام لما كان يتعبد لله عز وجل قبل أن يوحى إليه في غار حراء كان يتعبد الليالي ذوات العدد لأنه كان يأنس بربه عز وجل

 

ومن معاني الناس :

الظهور والبروز

لأننا نبرز ونظهر

قال عز وجل عن موسى : { إِنِّي آَنَسْتُ نَارًا }

يعني  : أبصرت ورأيت نارا قد ظهرت

ونحن ظاهرون

يجب على المسلم ألا يحرص على الظهور والبروز الذي يسمى بالشهرة

إن أخرجه الله فهذا أمر آخر

وليست الشهرة محمودة

ولذلك كان السلف يتحاشونها :

يأتي إلى أحدهم بعض الأشخاص ويقول : أفتني في هذه المسألة

فيرده إلى الآخر ثم إلى الثاني ثم إلى الثالث ثم تعود إلى الأول  :

كل منهم يقول : اذهب إلى فلان

يتحاشونها

ولذلك لما جاء رجل إلى ابن عباس رضي الله عنهما وكان في  مجلس فأتاه رجل يستفتيه فقال : اذهب إلى هذا وأشار إلى أبي هريرة رضي الله عنه

فذهب الرجل

فقال ابن عباس لأبي  هريرة : يا أبا هريرة لقد أتتك معضلة أتتك مصيبة

الإنسان يخنع لله

يخضع لله

لا يبرز ذلك البروز الذي قد يضر دينه

والبروز أنواع

ولذلك ترون :

أن هناك أناسا اعتلوا مقام العلماء وليسوا بعلماء وهذا من الخطورة بمكان

وهذا هو المشكل :

أن يعتلي إنسان مقاما ليس بمقامه

ولذلك :

النبي  عليه الصلاة والسلام كما عند البخاري :

لما أتاه رجل  :

قال : يا رسول الله : متى الساعة ؟

قال : إذا ضُيعت الأمانة فانتظر الساعة

قال : ما إضاعتها

قال : إذا وُسِّد الأمر إلى غير أهله فانتظر الساعة

ولذلك  :

يحر ص الناس وللأسف يحرصون في هذا الزمن على المناصب :

لأن المناصب شهرة مكانة اجتماعية

قد يكون لديه مال لكن هذا المال لا يغنيه

اعلموا :

أن أعظم ما تحبه النفوس المال والشهرة

وللأسف في  هذا الزمن انقلبت الآية

فيما مضى كان الأمر يختلف

الآن : لا

الناس  ترون حرصهم على المادة

ترون حرصهم على الظهور على البروز

ولذلك :

ماذا قال صلى الله عليه وسلم كما عند الترمذي ؟

قال : (( ما ذئبان جائعان أرسلا في غنم بأفسد للمرء من حرصه على الشرف  : الذي هو المنصب  والشهرة – والمال لدينه ))

سبحان الله!

يقول عليه الصلاة والسلام : ((لو أن ذئبين جائعين أرسلا في غنم ))

انظروا :

ذئبان جائعان وأرسلا في غنم لم يرسلا في بقر:

كيف يكون إفساد هذين الذئبين لهذا القطيع من الغنم ؟

إفساد عظيم

يقول : حرص الإنسان المسلم على الشهرة وعلى المال أشد وأفظع من إفساد هذين الذئبين بالغنم لدينه إذا حرص  على الشرف وعلى المال

ولذلك :

النبي عليه الصلاة والسلام :

قال – كما عند مسلم – قال : (( إن الله يحب التقي  الغني الخفي ))

إن الله يحب العبد الغني التقي الخفي

حتى لو أن الإنسان اعتلى منصبا من المناصب : سنة سنتين عشر سنوات

كم من الوزراء مروا على هذه الدولة ؟

ذهبوا وبقيت بعدهم : إما حسناتهم وإما سيئاتهم

 

ومن فوائد هذه الآية :

أن الإيمان تعريفه كما سلف :

قول باللسان

واعتقاد بالجنان ( يعني  : القلب )

وعمل بالأركان ( يعني  : بالجوارح )

في هذه الآية :

أتى المنافقون بماذا  ؟

بالقول :

{ وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَقُولُ آَمَنَّا بِاللَّهِ وَبِالْيَوْمِ الْآَخِرِ وَمَا هُمْ بِمُؤْمِنِينَ }

إذًا :

هل  قول الخير يدخل الإنسان في  الإيمان ؟

الجواب

لا

ولذلك في هذه الآية :

{ وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَقُولُ آَمَنَّا بِاللَّهِ }

فيه رد على طائفة

وأنا أذكر هذه الطوائف وأحرص أن أذكرها لأننا انفتحنا على العالم الخارجي ، كان الناس لا يعرفون ما يسمى بالجهمية والمعتزلة والكرامية والهادوية

لا يعرفون هذه الفرق

لكن بعد هذا الانفتاح بدأ أهل الطوائف الضالة يدخلون بلباس أهل السنة ، ثم إذا بهم يدسون الدسائس  من حيث  لا يشعر الناس ولاسيما الشباب الصغار الذين لا يعرفونهم

فيه رد على الكرامية :

هناك طائفة اسمها : الكرَّامية :

تنسب إلى شخص اسمه : (( محمد بن كرَّام السجستاني ))

هذه الكرامية تقول : إن الإيمان : قول باللسان

يعني  : متى ما قلت الخير كفى

لو قلت : آمنت بالله أنت مؤمن ولو لم يعتقد قلبك بهذا ولو لم تعمل جوارحك العمل الصالح

يرد عليهم بماذا ؟

أن الله عز وجل حكم على هؤلاء المنافقين الذين آمنوا بألسنتهم بأنهم ليسوا بمؤمنين في  ختام الآية : { وَمَا هُمْ بِمُؤْمِنِينَ }

فدل على أنه لا يمكن أن يكون هناك إيمان إلا بالقلب وباللسان وبالجوارح

 

ومن فوائد هذه الآية  :

أنه كما أسلفنا انه إذا قرن الله عز وجل ذكر الإيمان به ذكر  معه اليوم الآخر

لم ؟

لأن اليوم الآخر هو داع إلى التخويف  وإلى الترغيب

والإيمان بالله يدعو الإنسان إلى محبة الله

ولذلك لما قال عز وجل : { بِاللَّهِ وَبِالْيَوْمِ الْآَخِرِ } تجتمع أركان العبادة

من متعلقات الإيمان بهذين الأصلين نتحصل على أركان العبادة

ما هي أركان العبادة التي لا تتم العبادة إلا بها ؟

المحبة

الخوف

الرجاء

إذا آمنوا بالله أحبوا الله

إذا آمنوا باليوم الآخر :

أليس في اليوم الآخر جنة ونار ؟

الجنة تدعو إلى ماذا ؟

إلى الرجاء

النار تدعو إلى ماذا ؟

إلى الخوف

 

ومن فوائد هذه الآية :

أن الله عز وجل سمى يوم القيامة باليوم الآخر

لم ؟

لأنه آخر شي

يعني  : لا يوم بعده

{ وَلَا يَزَالُ الَّذِينَ كَفَرُوا فِي مِرْيَةٍ مِنْهُ حَتَّى تَأْتِيَهُمُ السَّاعَةُ بَغْتَةً أَوْ يَأْتِيَهُمْ عَذَابُ يَوْمٍ عَقِيمٍ } الحج55

{ عَذَابُ يَوْمٍ عَقِيمٍ } على أحد وجهي التفسير هو يوم القيامة

لمَ هو عقيم ؟

لأنه لا ليلة بعده

 

ومن فوائد هذه الآية :

أنه جل وعلا قال :  { وَمَا هُمْ بِمُؤْمِنِينَ } من باب التأكيد

ولذا أتى بالجملة الاسمية

لابد أن أحببكم في اللغة العربية

{ وَمَا هُمْ بِمُؤْمِنِينَ }جملة اسمية ليست جملة فعلية

لم يقل عز وجل : ما آمنوا

الجملة الاسمية تفيد في اللغة ماذا ؟

الثبوت والاستقرار

يعني : هم باقون على ما هم عليه إذا بقوا على هذه الصفة

أما الجملة الفعلية فتفيد التجدد

وإذا أردت أن تضبط هذه القاعدة :

الجملة الاسمية تفيد الثبوت والاستمرار

والجملة الفعلية تفيد التجدد والتغير :

الله جل وعلا لما ذكر كلمته وكلمة الذين كفروا :

قال : { وَجَعَلَ كَلِمَةَ الَّذِينَ كَفَرُواْ السُّفْلَى }

قال : { وَجَعَلَ كَلِمَةَ الَّذِينَ كَفَرُواْ السُّفْلَى }

هذا السياق جملة فعلية : وجعل

يعني كلمتهم في سفل متجدد

لكن لما قال عن كلمته : { وَكَلِمَةُ اللَّهِ هِيَ الْعُلْيَا }

يعني  : كلمته ثابتة في العلو ومستقرة

ولذلك قال عليه الصلاة والسلام : (( الإسلام يعلو ولا يعلى ))

ومن فوائد هذه الآية :

أن القرآن يفسر بعضه بعضا

قال : { وَمَا هُمْ بِمُؤْمِنِينَ }

يعني  : هذا فيه تكذيب لهم

أين توضيح هذه الآية أكثر واكثر ؟

{ إِذَا جَاءَكَ الْمُنَافِقُونَ قَالُوا نَشْهَدُ إِنَّكَ لَرَسُولُ اللَّهِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ إِنَّكَ لَرَسُولُهُ وَاللَّهُ يَشْهَدُ إِنَّ الْمُنَافِقِينَ لَكَاذِبُونَ }المنافقون1

أكَّد هذا بثلاث مؤكدات :

القسم مؤكد في اللغة العربية

إنَّ المؤكدة

{ لَكَاذِبُونَ } في الخبر اللام مؤكدة

فيه فرق بين أن تقول لإنسان :

 محمد مجتهد

هناك فرق بين قوة العبارتين أنا أسألكم الآن  – لو قلت : محمد مجتهد

هل هذه في  التأكيد والقوة مثل قولك :

والله إن محمدا لمجتهد ؟

لا

إذًا : الثانية فيها قوة

هذا يسمى بالتأكيد في اللغة العربية

وللحديث تتمة إن شاء الله في الآية التي تليها