تفسير سورة البقرة الدرس ( 93 ) [ وإذ أخذنا ميثاق بني إسرائيل .. الآية ( 83 ) الجزء الثامن

تفسير سورة البقرة الدرس ( 93 ) [ وإذ أخذنا ميثاق بني إسرائيل .. الآية ( 83 ) الجزء الثامن

مشاهدات: 481

تفسير سورة البقرة الدرس { 93 }

{ وَإِذْ أَخَذْنَا مِيثَاقَ بَنِي إِسْرَائِيلَ لَا تَعْبُدُونَ إِلَّا اللَّهَ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا وَذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَقُولُوا لِلنَّاسِ حُسْنًا وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآَتُوا الزَّكَاةَ ثُمَّ تَوَلَّيْتُمْ إِلَّا قَلِيلًا مِنْكُمْ وَأَنْتُمْ مُعْرِضُونَ {83}

الآية {  83  } الجزء الثامن

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

فضيلة الشيخ :  زيد بن مسفر البحري

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

قوله تعالى :

{ وَإِذْ أَخَذْنَا مِيثَاقَ بَنِي إِسْرَائِيلَ لَا تَعْبُدُونَ إِلَّا اللَّهَ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا وَذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَقُولُوا لِلنَّاسِ حُسْنًا وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآَتُوا الزَّكَاةَ ثُمَّ تَوَلَّيْتُمْ إِلَّا قَلِيلًا مِنْكُمْ وَأَنْتُمْ مُعْرِضُونَ {83}  }

من الفوائد :

ــــــــــــــــــــــ

أن الله عز وجل يقرن بين الصلاة والزكاة في مواطن كثيرة من كتابه جل وعلا

فلماذا تقرن الزكاة بالصلاة ؟

تقرن الزكاة بالصلاة لأن الصلاة حق لله والزكاة حق للمخلوق ، فمن كرمه جل وعلا أنه يجمع بين الحقين وهذا مر له نظائر

ومن الفوائد :

ـــــــــــــــــــــــ

أن الصلاة مأمور بها من هم في الأمم السابقة مما يدل على عظم الصلاة ولكن كما قال شيخ الإسلام لا يلزم أن تكون الصفة صفة صلاتنا كصفة صلاتهم ، والدليل على أن الصلاة موجودة في الأمم السابقة

قوله تعالى عن عيسى { وَأَوْصَانِي بِالصَّلَاةِ وَالزَّكَاةِ }

قول الله عن مريم { يَا مَرْيَمُ اقْنُتِي لِرَبِّكِ وَاسْجُدِي وَارْكَعِي مَعَ الرَّاكِعِينَ } والآيات في هذا الكثيرة

لكن لا يلزم من صلاتهم أن تكون كصلاتنا في الهيئة في هيئة الصلاة أو في عدد ركعات الصلاة

ومن الفوائد :

ـــــــــــــــــــــــــــ

أن الزكا ة مأمور بها من في الأمم السابقة والدليل هنا { وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآَتُوا الزَّكَاةَ } لكن أهي زكاة فيها شروك كشروط الزكاة عندنا ؟

لا يلزم  ذلك

وهذا إن دل يدل على عظم الزكاة إذ أمر بها في الأمم السابقة

إذًا عندنا في هذه الآية ثلاثة أركان من أركان الإسلام أمرت بها الأمم السابقة أمرت هبا بنو إسرائيل

أركان الإسلام كم ؟

كما في حديث ابن عمر رضي الله عنهما في الصحيحين خمسة ( شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله  ) هذا واحد

( إقام الصلاة ) اثنان

( إيتاء الزكاة )  ثلاثة

( صوم رمضان ) أربعة

( حج بيت الله الحرام لمن استطاع إليه سبيلا )

كم موجود هنا ؟

ثلاثة من أركان الإسلام التوحيد الصلاة الزكاة

أين الركنان الأخريان ، هل أمرت الأمم السابقة بالصيام  ؟

نعم

والدليل في هذه السورة { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ }

لكن لو قال قائل :

هناك دليل  آخر من القرآن ما هو  ؟

{ إِنِّي نَذَرْتُ لِلرَّحْمَنِ صَوْمًا } ما هو هذا الصوم ؟

ليس الصوم الشرعي اقرأ ما بعدها { فَلَنْ أُكَلِّمَ الْيَوْمَ إِنْسِيًّا } لأن الصيام في اللغة هو الحبس وهي نذرت أن تحبس نفسها عن الكلام وليس عن المفطرات

إذًا بقي عندنا ركن خامس هل هو موجود في الأمم السابقة الذي هو الحج ؟

موجود

نعم

الدليل { وَأَذِّنْ فِي النَّاسِ بِالْحَجِّ يَأْتُوكَ رِجَالًا وَعَلَى كُلِّ ضَامِرٍ يَأْتِينَ مِنْ كُلِّ فَجٍّ عَمِيقٍ }

والنبي صلى الله عليه وسلم بين أن عيسى بن مريم عليه السلام سيهل بالحج أو ليثنيهما يعني إما أن يهل بالحج بعدما ينزل سيحج البيت عيسى بن مريم إذا نزل آخر الزمن إما أن يهل بالحج مفردا أو يهل بالحج والعمرة معا

إذًا أركان الإسلام مأمور بها في الأمم السابقة

وفي هذا تسلية لهذه لأمة أن هناك من سبقها بهذه الأوامر، وأن هذه الأمة كما قال ابن كثير هي أعظم الأمم تنفيذا وامتثالا لما جاء به الله من هذا الميثاق أكثر من غيرها

ولذلك لما شرفها الله بهذا الامتثال يشرفها الله يوم القيامة هي أول الأمم تدخل الجنة

أهل الجنة أثلاث : ثلثان من هذه الأمة الثلث الآخر من الأمم السابقة

قال صلى الله عليه وسلم  ( في الجنة مائة وعشرون صفا ثمانون من هذه الأمة وأربعون من غيرها  )

فلا تفوت على نفسك هذا الخير بعض الناس من أمة محمد صلى الله عليه وسلم لا يكون من هذه الصفوف وإنما يكون من أهل النار ، وهذا فضل من الله أن جعل العدد الكبير من أهل الجنة من هذه الأمة الثلثا

ولو كان الثلث لكان خيرا قال صلى الله عليه وسلم كما في الصحيحين ( الثلث والثلث كثير ) فكيف بالثلثين

 

ومن الفوائد :

ــــــــــــــــــــ

أنه قال { وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ } لم يقل صلوا، دائما يأتي النص الشرعي بإقامة الصلاة يعني أنت لست مطالب بحركات فقط، لا، لابد أن تقيم هذه الصلاة على الوجه المطلوب شرعا حتى تقيم لك هذه الصلاة إيمانك وتقيم لك قلبك أو تقوم لك قلبك وإقامة الصلاة إقامة واجبة أو إقامة فضيلة

إقامة واجبة  : أن تأتي بأركانها وشروطها وواجباتها

أما إقامتها إقامة فاضلة : أن تـأتي بهذه الأشياء مع السنن

فاحرص على أن تقيم هذه الصلاة

 

ومن الفوائد :

ــــــــــــــــــــــ

انه قال { وَآَتُوا الزَّكَاةَ } إعطاء الزكاة مما يدل على أن الزكاة يجب أن يكون فيها أخذ وإعطاء أخذ من الفقير وإعطاء من الغني إذًا ما يفعله بعض  الناس لما تجب الزكاة في ماله مثلا عنده مائة ألف ريال الزكاة فيها ألفان وخمسمائة ريال يقول أنا أطالب فلانا من الناس الفقير بألفين وخمسمائة سأسقط عنه ما في ذمته أسقط ماذا ؟ الألفين والخمسمائة على نية الزكاة الواجبة في المائة الألف التي عنده

هذا غلط ولا تقبل

لأن الزكاة يجب أن يكون فيها أخذ وإعطاء

ولأن الزكاة أمرنا أن ندفع فيها الطيب ولا ندفع فيها الرديء { وَلَا تَيَمَّمُوا الْخَبِيثَ مِنْهُ تُنْفِقُونَ } ومعلوم أن الذي في يدك من المال ليس كالمال الذي لك في يد غيرك لأن ما في يد غيرك من مالك ما تضمنه ليس بالقدر والمكانة التي في يدك

فإذا سقطت ما في ذمته هنا لم يحصل هنا أخذ وإعطاء وقدمت لله ماذا ؟

ما هو أقل

 

ومن الفوائد :

ــــــــــــــــــــــــــ

أنه بعد تلك الأوامر في هذا الميثاق ما الذي جرى من بني إسرائيل ؟

تولوا عن هذا الميثاق

وهؤلاء مع أنهم تولوا عن هذا الميثاق فصاروا في الدنيا يعلون غيرهم بالجاه وبالمال لأن في هذا الزمن الآن من به عصب حياة الأموال هم اليهود ومع ذلك هم فقراء { وَضُرِبَتْ عَلَيْهِمُ الذِّلَّةُ }هم أصحاب جاه لكن الذلة أسقطت هذا الجاه { وَضُرِبَتْ عَلَيْهِمُ الْمَسْكَنَةُ} الفقر لأن قلوبهم فقيرة ولو كانت أيديهم ملأى

 فأسقطت المسكنة التي في قلوبهم هذا الغنى الذي في أيديهم وهو تحذير لهذه الأمة ان تحذو حذوهم وقد حذر من ذلك النبي صلى الله عليه وسلم فقال كما في الصحيح ( لتتبعنن سنن من كان قبلكم )

هذ تحذير ليس إقرارا منه صلى الله عليه وسلم

( لتتبعنن سنن من كان قبلكم حذو القذة بالقذة  )

مثل ريشة السهم تجد أنها مصطفة ومتساوية لو اختل بعضها عن بعض من حيث التريتب والتسوية فإن هذا السهم لا يجدي ولا يفيد

( حذو القذة بالقذة حتى لو دخلوا جحر ضب لدخلتموه )

جحر ضب

جحر الضب من يعرف الضباب ومن يعرف صيدها ومن يعرف جحورها

الضب حمينا يحفر ماذا  ؟

يحفر مكانا له يلتوي به

يعني انظروا مع عسر جحر الضب لو كانت الأمم السابقة تنطلق مع هذا الجحر الملتوي العسيرالصعب فإن هذه الأمة تتبعها حذو القذ بالقذة حتى لو دخلوا جحر ضب لدخلتموه.