التفسير المختصَر الشامل
تفسيرُ سورةِ الناس
فضيلة الشيخ زيد بن مسفر البحري
________________
تَفْسِيرُ سُورَةِ النَّاسِ :
{ قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ } يَعْنِي أَلْتَجِئُ بِرَبِّ النَّاسِ
{ مَلِكِ النَّاسِ (2) إِلَٰهِ النَّاسِ (3) } لِمَاذَا أَتَى بِـ ( الرَّبِّ ) ؟ أَتَى بـِ( الرَّبِّ ) لِأَنَّهُمْ يُقِرُّونَ بِتَوْحِيدِ الرُّبُوبِيَّةِ ، ويُقِرُّونَ بِأَنَّ اللهَ هُوَ الْمَالِكُ .
إذًا مَا الَّذِي يَلْزَمُكُمْ ؟ أَنْ تَعْبُدُوا إِلَـٰهَ النَّاسِ أَنْ تَعْبُدُوا الْمَعْبُودَ ، لَا مَعْبُودَ بِحَقٍّ إِلَّا هُوَ . الَّذِي يَعْبُدُهُ النَّاسُ { إِلَٰهِ النَّاسِ (3) }
مِنْ شَرِّ مَاذَا ؟ { مِن شَرِّ الْوَسْوَاسِ الْخَنَّاسِ (4) } يُوَسْوِسُ إِذَا غَفَلَ الْإِنْسَانُ عَنْ ذِكْرِ اللهِ ، إِذَا ذَكَرَ اللهَ خَنَسَ ( يَعْنِي ابْتَعَدَ )
{ مِن شَرِّ الْوَسْوَاسِ الْخَنَّاسِ (4) }
{ الَّذِي يُوَسْوِسُ فِي صُدُورِ النَّاسِ (5) } مُبَاشَرَةً إِلَى الصَّدْرِ ، إِلَى الصَّدْرِ مِمَّا يَدُلُّ عَلَى عِظَمِ شَرِّهِ .
قَالَ { فِي صُدُورِ النَّاسِ } وَلَمْ يَقُلْ ( فِي قُلُوبِ النَّاسِ ) لِأَنَّ الصَّدْرَ إِذَا حَصَلَتْ فِيهِ الْوَسْوَسَةُ انْتَقَلَ الضِّيقُ إِلَى الْقَلْبِ ، لِأَنَّ مَحَلَّ الْقَلْبِ فِي الصَّدْرِ
فَقَالَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ { الَّذِي يُوَسْوِسُ فِي صُدُورِ النَّاسِ (5) مِنَ الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ (6) } يَعْنِي مِنَ الجِنِّ وَالنَّاسِ
سُبْحَانَ اللهِ !
قَالَ هُنَا { مِنَ الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ } هَلْ هِيَ تَفْسِيرٌ لِـ( النَّاسِ )؟ أَمْ تَفْسِيرٌ لِـ( يُوَسْوِسُ ) ؟
– إِنْ كَانَ قَوْلُهُ { مِنَ الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ } تُوْضِيحٌ لِكَلِمَةِ ( يُوَسْوِسُ ) : يَعْنِي هُنَاكَ شَيَاطِينُ إِنْسٍ تُوَسْوِسُ ، وَشَيَاطِينُ جِنٍّ تُوَسْوِسُ .
قَالَ تَعَالَى { وَكَذَٰلِكَ جَعَلْنَا لِكُلِّ نَبِيٍّ عَدُوًّا شَيَاطِينَ الْإِنسِ وَالْجِنِّ يُوحِي بَعْضُهُمْ إِلَىٰ بَعْضٍ زُخْرُفَ الْقَوْلِ غُرُورًا ۚ وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ مَا فَعَلُوهُ ۖ فَذَرْهُمْ وَمَا يَفْتَرُونَ (112) } [ سُورَةُ الْأَنْعَامِ ]
– وَأَمَّا إِذَا كَانَ قَوْلُهُ { مِنَ الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ } تَوْضِيحٌ لِكَلِمَةِ ( النَّاسِ ) السَّابِقَةِ : دَلَّ هُنَا عَلَى مَاذَا ؟
عَلَى أَنَّ الشَّيَاطِينَ كَمَا هِيَ تُوَسْوِسُ لِلْإِنْسِ ، تُوَسْوِسُ أَيْضًا فِي نُظَرَائِهَا مِنَ الجِنِّ . فِي نُظَرَائِهَا مِنَ الجِنِّ .
وَبِهَذَا يَنْتَهِي بِحَمْدٍ مِنَ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ وَبِتَوْفِيقٍ وَبِتَسْدِيدٍ وَبِإِعَانَةٍ يَنْتَهِي هَذَا التَّفْسِيرُ .