الحمد لله رب العالمين ، والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه وسلم تسليما كثيرا إلى الدين .
قال الناظم رحمه الله :
39 ـ وَنونَ مجموعٍ وما بهِ التَحَقْ فَافْتَحْ وَ قَلَّ من بِكَسْرَهِ نَطَقْ
الشرح :
أراد الناظم رحمه الله أن يبين حكم النون التي في جمع المذكر السالم والتي في المثنى ،
تقول : ” رأيت مسلمينَ “
وتقول : ” رأيت مسلمينِ ” ، فلو لم تميز حركة النون فيما يخص المثنى أو بما يخص الجمع لالتبس الأمر ، فإذا قلت : ” رأيت مُسْلِمينَ ” دل على جمع المذكر السالم ، وإذا قلت ” رأيت مُسْلِمينِ ” دل على المثنى ، فالذي يميز جمع المذكر السالم في نونه أن تفتح النون ، والذي يميز المثنى في نونه أن تكسر النون ، هذا هو الأصل ، ولكن ورد في بعض الأشعار ما خالف وناقض ما ذُكر ، فعده الناظم رحمه الله قليلا ، ولذلك قال رحمه الله :
وَنونَ مجموعٍ وما بهِ التَحَقْ فَافْتَحْ وَ قَلَّ من بِكَسْرَهِ نَطَقْ
( ونون مجموع ) يعني جمع المذكر السالم .
( وما به التحق ) مما مر معنا ، هذه نونها تفتح .
( وقلَّ من بكسره نطق ) هناك من كسر نون جمع المذكر السالم .
ثم قال :
نون المثنى بخلاف نون جمع المذكر السالم ، فالنون في الجمع تفتح ، ونون المثنى وما يلحق به تكسر ، ولكن قد ورد في بعض الأشعار أنها تفتح ، فخلاصة الدرس : أن نون جمع المذكر السالم تفتح ، وأن نون المثنى تكسر ، وما ورد من أشعار فإنه قليل ، مثل قول الشاعر :
وماذا تبتغي الشعراء مني |
وقد جاوزت حد الأربعينِ |
كان من المفترض أن يقول : ( وقد جاوزت حد الأربعينَ ) لأن الأربعين ملحق بجمع المذكر السالم ، وهناك أبيات أخرى ، لكن هذا البيت استوقفني لأن معناه فيه حكمة وفائدة ، وله ارتباط أيضا بقول الله عز وجل { حَتَّى إِذَا بَلَغَ أَشُدَّهُ وَبَلَغَ أَرْبَعِينَ سَنَةً قَالَ رَبِّ أَوْزِعْنِي أَنْ أَشْكُرَ نِعْمَتَكَ الَّتِي أَنْعَمْتَ عَلَيَّ وَعَلَى وَالِدَيَّ وَأَنْ أَعْمَلَ صَالِحاً تَرْضَاهُ وَأَصْلِحْ لِي فِي ذُرِّيَّتِي إِنِّي تُبْتُ إِلَيْكَ وَإِنِّي مِنَ الْمُسْلِمِينَ }الأحقاف15 ، فمن بلغ سن الأربعين ينبغي أن يكون حاله متغيرا عن حاله قبل الأربعين لأن الله عز وجل أعطاه عقلا وفهما وقد جرَّب الحياة ، فمن وصل إلى سن الأربعين وما نضج عقله فإنه لا خير فيه ، فهو يقول : ماذا عسى الشعراء أن توصل إلي الخديعة والمكر وقد وصلت سن الأربعين ، فقد جربت الأمور وعالجتها ومارستها .