الحمد لله رب العالمين ، والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه وسلم تسليما كثيرا إلى يوم الدين .
قال الماتن رحمه الله :
بِتَا فَعَلْتَ وَأَتَتْ وَيَا افْعَلِي | وَنُونِ أَقْبِلنَّ فِعْلٌ يَنْجَلِي
|
|
سِوَاهُمَا الْحَرْفُ كَهَلْ وَفِي وَلَمْ | فِعْلٌ مُضَارِعٌ يَلِي لَمْ كَيَشَمْ
|
|
وَمَاضِيَ الَأفْعَالِ بالتّاَ مِزْ وَسِمْ | بِالنُّونِ فِعْلَ الأَمْرِ إِنْ أمْرٌ فُهِمْ
|
|
وَالَأمْرُ إِنْ لَمْ يَكُ لِلنُّونِ مَحَلّ | فِيهِ هُوَ اسْمٌ نَحْوُ صَهْ وَحَيَّهَلْ
|
الشرح :
الناظم رحمه الله أراد بالبيت الأول أن يبين علامات الفعل ، وأن الفعل يتجلى ويظهر وينكشف بهذه العلامات :
قال : ( بتا فعلتَ )
وهي ” تاء الفاعل ” فعلتَ ، سواء كانت للمخاطب ، أو للمخاطبة ( فعلتِ ) أو للمتكلم ( فعلتُ ) فالأمر واحد .
إذاً / من علامات الفعل ” تاء الفاعل ” سواء كانت للمتكلم ( فعلتُ ) أو للخاطب ( فعلتَ ) أو للمخاطبة ( فعلتِ )
وهو رحمه الله مثَّل على تاء الفاعل بقوله ( فعلتَ )
قال : ( وأتت )
العلامة الثانية ” تاء التأنيث الساكنة ” ولذلك مثَّل لها بقوله ( وأتتْ )
” جاءت ، قامت ” وعلى على فقس .
وقلنا هنا ” تاء التأنيث الساكنة ” يخرج المتحركة التي تتحرك بحسب موقعها من الإعراب ، فهي اسم وليست فعلا
مثال : ” هذه مسلمةٌ “
التاء فيها هي متحركة باعتبار موقعها من الإعراب
” رأيت مسلمةً ” ” مررتُ بمسلمةٍ ” فهذه لا علاقة لنا بها .
إذاً / قلنا ” تاء التأنيث الساكنة “
ونلحظ هنا بتمثيله رحمه الله أن تاء الفاعل وتاء التأنيث الساكنة تخص الفعل الماضي .
ثم ذكر رحمه الله العلامة الثالثة :
قال: ( ويا افعلي )
لماذا أتى بالمثال افعلي ؟
ليبين أن ” الياء ” هنا المراد منها ” ياء الفاعلة ” التي تعرب في محل رفع فاعل .
مثال : ” اضربي “
الياء : هنا تعرب في محل رفع فاعل ، كما سيأتي معنا إن شاء الله تعالى.
مثال : ” تضربين “
الياء : تعرب في محل رفع فاعل .
وهنا نعلم أن ياء الضمير لا تدخل على الماضي .
إذاً ” افعلي ” ياء الضمير تكون علامة للمضارع ” تفعلين ، تذهبين ، تخرجين ” وتكون للأمر ” اضربي ، اذهبي “
العلامة الرابعة :
قال : ( ونون أقبلن )
لم يقل ” نوناً ” فقط مثَّل قال ( أقبلن ) فمن علامات الفعل أن يؤكَّد بنون التوكيد ، سواء كانت ثقيلة أم خفيفة .
هنا مثَّل بالثقيلة ( أقبلنَّ )
والخفيفة ( أقبلنْ ، اذهبَنْ)
ثم قال : ( فعل ينجلي )
يعني أن العلامات السابقة هي علامات ينجلي بها الفعل – هو لم يفصل – لكن أردت أن أُسهل ما سيأتي من أبيات .
فإذاً :
بِتَا فَعَلْتَ وَأَتَتْ وَيَا افْعَلِي | وَنُونِ أَقْبِلنَّ فِعْلٌ يَنْجَلِي
|
نجد أن العلامة الأولى ( تاء الفاعل ) العلامة الثانية ( تاء التأنيث الساكنة) العلامة الثالثة ( ياء الفاعلة )
ولا نقل ياء الضمير ، لأن ياء الضمير تدخل على الاسم :
مثال : ” هذا غلامي “
إذاً لابد أن تقول ( ياء الفاعلة )
لما فرغ الناظم رحمه الله من علامات الفعل ، وكان قبلها بين علامات الاسم ، بقي معنا نوع ثالث من أنواع الكلام الذي هو ( الحرف )
قال :
سِوَاهُمَا الْحَرْفُ كَهَلْ وَفِي وَلَمْ | فِعْلٌ مُضَارِعٌ يَلِي لَمْ كَيَشَمْ
|
( سواهما الحرف )
أي ما لا يقبل علامات الاسم ولا علامات الفعل فهو الحرف
( سواهما ) يعني سوى الاسم وسوى الفعل ، ما لا يقبل علامات الفعل ولا علامات الاسم فهو الحرف .
ما علامات الاسم ؟
بِالْجَرِّّ وَالتَّنْوينِ وَالنِّدَا وَأَلْ *** وَمُسْنَدٍ لِلاسْمِ تَمْيِيزٌ حَصَلْ
وما علامات الفعل ؟
بِتَا فَعَلْتَ وَأَتَتْ وَيَا افْعَلِي | وَنُونِ أَقْبِلنَّ فِعْلٌ يَنْجَلِي
|
وكما قلت كلما برع الشخص في شيء وأعطى قلبه لهذا الشيء تفنَّن فيه ، مثَّل بأمثلة للحروف ، ولكنها حروف لها مغزى ، لم يقل :
( كهل وفي ولم ) من باب أن لها رنينا فقط ( لا ) له مغزى رحمه الله ، ذكر ثلاثة أحرف ( هل ، في ، لم ) ليوضح لك رحمه الله أن الحروف على ثلاثة أنواع :
منها ما يختص بالفعل فقط
( لم )
مثال : ” لم يقم زيدٌ “
لا يدخل إلا على الفعل – أعني الفعل المضارع – فـ(لم) لا تدخل إلا على الأفعال .
( في )
مثال : ” في الدار زيدٌ “
( هل )
يصح دخوله على الاسم وعلى الفعل
مثال : ” هل زيدٌ قائم ؟ ” دخلت على ماذا ؟ على الاسم .
مثال : ” هل قام زيد ؟ ” دخلت على ماذا ؟ على الفعل .
فـ ( هل ) ليس حرفا مختصا ، بل هو حرف مشترك ، يدخل على الأسماء ويدخل على الأفعال .
( في ) حرف مختص ، يختص بالدخول على الأسماء
( لم ) حرف مختص ، يختص بالدخول على الأفعال .
ثم لبراعة هذا الرجل رحمه الله ، لما بيَّن من خلال الإشارة أن ( لم ) لا تدخل إلا على الأفعال ، بيّّن أنه ليس كل فعل تدخل عليه ( لم )
قال :
فِعْلٌ مُضَارِعٌ يَلِي لَمْ كَيَشَمْ
|
يعني علامة الفعل المضارع أن تدخل عليه ( لم ) أو يصح دخول( لم ) عليه ، إذا أردت أن تبين الفعل المضارع أو أن تعرفه : أدخِل عليه ( لم ) إن قَبِل فهو فعل مضارع ، وإن لم يقبل فليس بفعل مضارع .
ثم مثَّل ( كيشم )
مثال : ” لم يَشَمْ زيدٌ رائحة الطعام “
نحن نخطئ ، نقول ” يَشُم ” أو ” يَشِم ” خطأ ، وإنما ( يَشَم )
سِوَاهُمَا الْحَرْفُ كَهَلْ وَفِي وَلَمْ | فِعْلٌ مُضَارِعٌ يَلِي لَمْ كَيَشَمْ
|
ثم قال رحمه الله :
وَمَاضِيَ الَأفْعَالِ بالتّاَ مِزْ وَسِمْ | بِالنُّونِ فِعْلَ الأَمْرِ إِنْ أمْرٌ فُهِمْ
|
|
وَالَأمْرُ إِنْ لَمْ يَكُ لِلنُّونِ مَحَلّ | فِيهِ هُوَ اسْمٌ نَحْوُ صَهْ وَحَيَّهَلْ
|
لما ذكر رحمه الله علامات الفعل على وجه العموم :
بِتَا فَعَلْتَ وَأَتَتْ وَيَا افْعَلِي | وَنُونِ أَقْبِلنَّ فِعْلٌ يَنْجَلِي
|
ثم ذكر الحرف :
سِوَاهُمَا الْحَرْفُ كَهَلْ وَفِي وَلَمْ |
بيَّن أن هناك علامة لم تذكر تخص الفعل المضارع ، يمكن أن نعرف الفعل المضارع بصلاحية دخول لم عليه ، قال :
فِعْلٌ مُضَارِعٌ يَلِي لَمْ كَيَشَمْ
|
إذاً هذه علامة الفعل المضارع .
علامة الفعل الماضي ( التاء ) قال :
وَمَاضِيَ الَأفْعَالِ بالتّاَ مِزْ وَسِمْ |
لم يقل بتاء الفاعل أو بتاء التأنيث الساكنة ( لا ) كأنه يقول ما مضى كافي، سواء كانت تاء الفاعل أو تاء التأنيث الساكنة .
إذاً الفعل الماضي يتميز بالتاء .
ثم قال :
وسم بالنون فعل الأمر إن أمر فهم
|
السِّمة : علامة
يعني أن النون علامة لفعل الأمر ، بشرط أن يفهم الأمر ، لأن النون قد تدخل على غير الأمر ، فلابد أن يجتمع الأمران ، أن يفهم أن هذه الكلمة تحتوي الأمر ، وهذا شيء معروف ، كما لو قلت ” اذهب ، قم ” كل شخص من غير أن تكون هناك علامة يعرف أن هذا أمر .
ثم قال رحمه الله :
وَالَأمْرُ إِنْ لَمْ يَكُ لِلنُّونِ مَحَلّ | فِيهِ هُوَ اسْمٌ نَحْوُ صَهْ وَحَيَّهَلْ
|
قد تكون الكلمة كلمة أمر لكنها لا تقبل النون ، يعني إذا كانت الكلمة تدل على الأمر لكنها ما تقبل النون .
مثل ( صه ) لا يمكن أن تقبل النون ( صه ) بمعنى اسكت
مثل ( حيّهل ) بمعنى أقبلْ
هنا لا تقبل النون ، إذاً اختل شرط ، ليس معنى هذا الأمر أن تكون الكلمة تدل على الأمر بل يضاف إلى ذلك أن تقبل النون ، إن لم تقبل النون وهي تدل على الأمر فهي ” اسم فعل أمر ” نحو ( صه وحيّهل )
ولذلك مما يدل على أن ( صه ) اسم ، تقول ( صهٍ ) تنون ، وهذا يسمى بتنوين التنكير ، يدخل على الأسماء المبنية – كما قلت لكم أنا ما أحببت فيما مضى أن أذكر أنواع التنوين ، لكن من بين أنواع التنوين هنا ” تنوين التنكير ” إذا أردت أن تسكته عن كلام معين تقول ( صه ) إذا أردت أن تسكته عن أي كلمة يتلفظ بها تقول ( صهٍ )
إذا قال رحمه الله :
بِتَا فَعَلْتَ وَأَتَتْ وَيَا افْعَلِي | وَنُونِ أَقْبِلنَّ فِعْلٌ يَنْجَلِي
|
|
سِوَاهُمَا الْحَرْفُ كَهَلْ وَفِي وَلَمْ | فِعْلٌ مُضَارِعٌ يَلِي لَمْ كَيَشَمْ
|
|
وَمَاضِيَ الَأفْعَالِ بالتّاَ مِزْ وَسِمْ | بِالنُّونِ فِعْلَ الأَمْرِ إِنْ أمْرٌ فُهِمْ
|
|
وَالَأمْرُ إِنْ لَمْ يَكُ لِلنُّونِ مَحَلّ | فِيهِ هُوَ اسْمٌ نَحْوُ صَهْ وَحَيَّهَلْ
|