الحمد لله رب العالمين ، والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه وسلم تسليما كثيرا إلى يوم الدين .
قال الماتن رحمه الله :
23 ـ والرّفعَ والنّصبَ اجعلنْ إعْرَابا *** لاْسمٍ وَفِعٍل نَحْوُ لــنْ أَهَابَا
24 ـ والاسْمُ قَدْ خُصِّصَ بالجَرّ كَمَا *** قَدْ خُصّصَ الفِعْلُ بِأَنْ يَنْجَزِمَا
الشرح :
لما فرغ رحمه الله من ذكر المعرب والمبني من أقسام الكلام ، بيَّن رحمه الله أن أقسام الإعراب أربعة :
أولا : الرفع
ثانيا : النصب .
ثالثا : الجر .
رابعا : الجزم .
فالرفع والنصب ، في قوله :
وأما الجر ، ففي قوله :
والاسْمُ قَدْ خُصِّصَ بالجَرّ كَمَا
وأما الجزم ، ففي قوله :
قَدْ خُصّصَ الفِعْلُ بِأَنْ يَنْجَزِمَا
ويتضح من هذين البيتين أن الجر لا يدخل إلا على الأسماء ، و( الجر) يعبر عنه الكوفيون بـ ( الخفض ) بينما البصريون يعبرون عنه بـ ( الجر )
وبين أن الفعل مخصص به الجزم ، أما قسما الرفع والنصب ، فيمكن أن يدخلا على الاسم ويدخلا على الفعل .
والناظر هنا في هذين البيتين ينظر إلى أن الإعراب يكون في الأسماء ويكون في الأفعال ، لقوله : ( لاْسمٍ وَفِْعٍل )
ولم يذكر القسم الثالث من أقسام الكلام الذي هو ( الحرف ) لأن الحروف كلها مبنية :
وَكُلُّ حَرْفٍ مُسْتَحِقٌ لــِلْبِنَا
والناظر في هذين البيتين يعلم بأن الاسم لا يمكن أن يكون مجزوما ، وأن الفعل لا يمكن أن يكون مجرورا ، فلا تأت إلى اسم وتقول هو مجزوم ، ولا تأت إلى فعل وتقول هو مجرور .
لكن يمكن أن يكون الاسم مرفوعا ويمكن أن يكون منصوبا ، والفعل يمكن أن يكون مرفوعا ويمكن أن يكون منصوبا .
والناظر في البيت الأول يرى أن الناظم رحمه الله ذكر مثالا في قوله : ( لــنْ أَهَابَا ) مثال على ماذا ؟ مثال على المنصوب ، لكن ما هو هذا النوع من أنواع الكلام الذي هو منصوب ؟ الفعل ، وأي نوع من أنواع الفعل ؟ المضارع ، فتمثيله هنا بالفعل المضارع لكي يخرج فعل الأمر والفعل الماضي ، لأنهما مبنيان .
فنخلص من هذا : أن الإعراب يدخل على الاسم ويدخل على الفعل المضارع فقط .
ولذلك قال رحمه الله :
يعني من الإعراب ( الرفع والنصب )
ثم قال :
والاسْمُ قَدْ خُصِّصَ بالجَرّ كَمَا
أن ما يخص ( الجر ) هو الاسم .
قَدْ خُصّصَ الفِعْلُ بِأَنْ يَنْجَزِمَا
دل على أن الجزم مخصوص به الفعل .
لم يقل رحمه الله : والرفع والنصب والجر والجزم – كلا – كلام مرتب على أحسن ما يكون ، كأنه يقول أنت فاهم ، ما دخلت في هذا العلم إلا لأن عندك قوة في الفهم .
قال رحمه الله :
والرّفعَ والنّصبَ اجعلنْ إعْرَابا *** لاْسمٍ وَفِْعٍل نَحْوُ لــنْ أَهَابَا
إذاً لما ذكر ما بعده وهو ( الجر والجزم ) دل على أن تمام أقسام الإعراب يكون بالجر والجزم .