الألفية
147- وَغَيْرُ مَاضٍ مِثْلَهُ قَدْ عَمِلاَ إنْ كانَ غَيْرُ الْمَاضِ مِنْهُ اسْتُعْمِلاَ
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
فضيلة الشيخ : زيد بن مفر البحري
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قال رحمه الله :
147- وَغَيْرُ مَاضٍ مِثْلَهُ قَدْ عَمِلاَ إنْ كانَ غَيْرُ الْمَاضِ مِنْهُ اسْتُعْمِلاَ
ـــــــــــــــــــــــــــ
الشرح :
ـــــــــــــــــــــــــ
فإن ابن مالك لما بيَّن عمل كان وأخواتها وذكر أخواتها ناسب أن يذكر هنا في هذا البيت ما يتصرف من كان ومن أخواتها
التصرف :
هو كونها أعني كان وأخواتها أنها تكون خارجة عن الفعل الماضي إلى المضارع أو إلى الأمر أو إلى المصدر أو إلى اسم الفاعل أو اسم المفعول
وهذا البيت الذي ذكره رحمه الله كأنه يشير إلى كان وأخواتها تنقسم إلى قسمين
والأحسن في مثل هذا الباب أن يقال :
إنَّ كان وأخواتها تنقسم من حيث التصرف إلى ثلاثة أقسام
القسم الأول :
ما لا يتصرف أبدا :
وذلك في فعلين : هما ليس ودام
فلا تخرج ليس ولا تخرج دام عن الفعل الماضي
لكن لو قال قائل :
ورد في اللغة العربية يدوم دائم دُمْ
فما هو الجواب ؟
إذاً :
هذه تصرفت
فالجواب عن هذا :
أن ما يخصنا هنا دام الناقصة التي تطلب اسما وخبرا
أما دام التامة التي تطلب فاعلا فقط فهذه ليست معنا وهي تتصرف
القسم الثاني :
من أقسام كان وأخواتها من حيث التصرف
القسم الثاني :
ما يتصرف تصرفا ناقصا :
يعني ليس كاملا وذلك بأن يكون متحولا من الفعل الماضي أو يأتي على أنه فعل ماضي وفعل مضارع وعلى أنه اسم فاعل
وهذه في أربعة أفعال تلك الأربعة مرت معنا يشترط لها أن يتقدمها نفي أو شبهه وهي :
زال برح فتئ انفك
هذه يأتي منها الفعل الماضي
ويأتي منها المضارع
ويأتي منها اسم الفاعل
القسم الثالث من أقسام كان وأخواتها :
هو القسم الذي يتصرف تصرفا تاما :
وذلك بأن يأتي للأفعال الثلاثة الماضي والأمر والمضارع والمصدر واسم الفاعل
وهو بقية الأفعال
قال عز وجل : ((وَكَانَ اللّهُ غَفُوراً رَّحِيماً ))
هذا الفعل الماضي
مثال على الفعل المضارع :
((لِّتَكُونُواْ شُهَدَاء عَلَى النَّاسِ))
مثال على الفعل الأمر : ((كُونُواْ قِرَدَةً خَاسِئِينَ ))
وقد أتى في الشعر على اسم فاعل :
قال قائل :
وما كل ما يُبدِي البشاشةَ كائنا
أخاك إذا لم تلفْه لك مُنجدا
قال : كائنا
كائن : اسم فاعل
لكن لو قال قائل أيمكن لهذه الأفعال على أنها أتت اسم فاعل أيمكن أن تأتي على أنها اسم مفعول ؟
فالجواب عن هذا :
اختلف النحاة فمنهم من أجاز ومنهم من منع
وقد أتت جملة نطق بها سيبويه وذكرها رحمه الله ” مُكَوَّنٌ فيه ” مكون اسم مفعول
أبو علي الفارسي ينكر ذلك إنكارا شديدا ويمنعه فسأله تلميذه ابن جني قال : ما رأيك في قول سيبويه ” مكون فيه “؟
فقال أبو علي : ليس كل داء يعالجه الطبيب
سبحان الله !
انظروا إلى حسن التأدب مع العلماء الكبار وفي فن غير فن الشريعة هو مدح سيبويه
قال : هو طبيب ولكن لا يؤخذ برأي الطبيب في علاج كل مرض
ما كل داء يعالجه الطبيب
قمة وروعة في الأدب
والله ما يتفوه به في هذا العصر من بعض الشباب في كبار العلماء هذا يدل على جهلهم لأنهم ما عرفوا قدر العلماء وما قرءوا مثل هذا الكلام الذي قاله عالم من علماء اللغة فما ظنكم بعالم كبير في علم الشريعة
ولكن كما قال الشاعر :
وقدرُ كلِ امرئ ما كانَ يُحسنُه
والجاهلون لأهلِ العلمِ أعداءُ
هذا هو شأن الجهال الذين تنحصر أفكارهم في أشياء معينة وتسوسهم العواطف
لا يسوقهم الدليل الشرعي المتضمن للعلم القطعي اليقيني
وإنما هي غوغائية وكلام لا يحسن بأي عاقل أن يقول في شأن من يشاركه في مهارة أو في وظيفة أو في أي شيء من الأشياء فكيف له بهذا القول في هؤلاء الكبار
وما ترى الأهواء منتشرة إلا بسبب البعد عن العلم الشرعي المبني على الكتاب والسنة والذي فهم عن طريق السلف
العلم ليس هو حسن الحديث لا
يجمل كلامك ويحسن بكثرة ما تدعمه أو تذكر في ثناياه الأدلة الشرعية
ولذلك قال الشافعي رحمه الله :
كل العلومِ سوى القرآنِ مشغلةٌ
إلا الحديثَ وعلمَ الفقه في الدين
هذا هو الذي يغذي القلب ويجمل العقول ويبني الشخصية والله المستعان
ـ147- وَغَيْرُ مَاضٍ مِثْلَهُ قَدْ عَمِلاَ
إنْ كانَ غَيْرُ الْمَاضِ مِنْهُ اسْتُعْمِلاَ
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الشرح :
ــــــــــــــــــــ
قال مثله:
لماذا نصبت ؟
نصبت على أنها حال تقدمت على صاحبها وصاحبها في عمل
فخلاصة القول هو ما ذكرنا من أن كان وأخواتها تنقسم من حيث التصرف إلى ثلاثة أقسام