شرح بلوغ المرام ـ الدرس ( 103 ) حديث 119 ـ 120 (حديث عائشة وميمونة في صفة الغسل) ( 3 )

شرح بلوغ المرام ـ الدرس ( 103 ) حديث 119 ـ 120 (حديث عائشة وميمونة في صفة الغسل) ( 3 )

مشاهدات: 485

شرح كتاب ( بلوغ المرام  )  ـ حديث 119 وحديث 120 جزء 3

 ( باب الغسل وحكم الجنب )

صفة الغسل 3

فضيلة الشيخ : زيد بن مسفر البحري

ــــــــــــــــــــــ

( أما بعد :

فقد قال الحافظ ابن حجر رحمه الله :

وَعَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اَللَّهُ عَنْهَا قَالَت

{ كَانَ رَسُولُ اَللَّهِ صلى الله عليه وسلم إِذَا اِغْتَسَلَ مِنْ اَلْجَنَابَةِ يَبْدَأُ فَيَغْسِلُ يَدَيْهِ, ثُمَّ يُفْرِغُ بِيَمِينِهِ عَلَى شِمَالِهِ, فَيَغْسِلُ فَرْجَهُ, ثُمَّ يَتَوَضَّأُ, ثُمَّ يَأْخُذُ اَلْمَاءَ, فَيُدْخِلُ أَصَابِعَهُ فِي أُصُولِ اَلشَّعْرِ, ثُمَّ حَفَنَ عَلَى رَأْسِهِ ثَلَاثَ حَفَنَاتٍ, ثُمَّ أَفَاضَ عَلَى سَائِرِ جَسَدِهِ, ثُمَّ غَسَلَ رِجْلَيْهِ } 

مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ, وَاللَّفْظُ لِمُسْلِم ٍ،

وَلَهُمَا فِي حَدِيثِ مَيْمُونَةَ:

{ ثُمَّ أَفْرَغَ عَلَى فَرْجِهِ, فَغَسَلَهُ بِشِمَالِهِ, ثُمَّ ضَرَبَ بِهَا اَلْأَرْضَ } 

وَفِي رِوَايَةٍ:

{ فَمَسَحَهَا بِالتُّرَابِ }

وَفِي آخِرِهِ:

{ ثُمَّ أَتَيْتُهُ بِالْمِنْدِيلِ }  فَرَدَّهُ, وَفِيهِ: { وَجَعَلَ يَنْفُضُ الْمَاءَ بِيَدِهِ }  

( من الفوائد )

أن إفاضة الماء على الجسد يراد منها السيلان ، ولا يلزم منها الدلك ، وهذه المسألة يرى – جمهور العلماء – أن دلك الأعضاء في الغسل سنة .

بينما يرى بعض المالكية ” أن الدلك شرط من شروط صحة الغسل “

ولا دليل لهم إلا أن الله عز وجل قال :

{ وَإِن كُنتُمْ جُنُباً فَاطَّهَّرُواْ }المائدة 6 وهذه مبالغة .

ولكن يقال : هذا الأمر المبالغ فيه بالتطهر في الآية موضح في الأحاديث التي وردت عنه صلى الله عليه وسلم إما فعلا وإما قولا ، فلا يلزم من الإفاضة ولا يلزم من الغسل الدلك ، لكن الأفضل في حق من رفع حدثه الأصغر أو الأكبر أن يدلك أعضاء وضوئه أو أعضاء غُسله ، لكن ليس بواجب .

( ومن الفوائد )

أنه كما قرر سابقا أن مسح الرأس في وضوء الغسل لم ينص عليه – كما قال ابن حجر رحمه الله – فأخذ من ذلك بعض العلماء أن غسل الرأس في وضوء الغسل كافٍ عن مسح الرأس .

قال ابن حجر رحمه الله : لم يرد نص يصرح بمسح الرأس في وضوء الغسل .

لكن قرأت للسندي رحمه الله في تعليقاته على سنن ابن ماجه أو النسائي – قال ” لم يذكر مسح الرأس في وضوء الغسل ، لكن وردت روايات أخرى تبين ذلك ، ولعل الرواة اختصروا ما ذُكر في الأحاديث الأخرى “ا.هـ

هذا كلامه ولم يذكر روايات .

( ومن الفوائد )

أن تخليل الرأس في الغسل سنة ، لكن ما طريقته ؟

طريقته : كما جاءت بذلك الروايات الأخرى :

( أنه صلى الله عليه وسلم أخذ حفنة من ماء فغسل بها يمين رأسه ، وأخذ حفنة ثانية فغسل بها يسار رأسه ، وأخذ حفنة ثالثة فغسل بها وسط رأسه )

فيكون العدد هنا ثلاث باعتبار عدد الحفنات ، لكنه مرة باعتبار استيعاب غسل الرأس .

فلو قال قائل : هل يستحب تثليث الأعضاء في الغسل كما هو مستحب في الوضوء ؟

قال بعض العلماء : يُسن ، لأنه صلى الله عليه وسلم :

( حثا على رأسه ثلاث حثيات )

فنقول لهم – كما أسلفنا – هي ثلاث حفنات باعتبار عددها ، لكن باعتبار الرأس مرة واحدة .

وقالوا : لأنه إذا كان مستحبا في الوضوء وهو حدث أصغر ، فاستحبابه في الغسل الذي هو حدث أكبر من باب أولى .

والجواب عن هذا /

أن تعميم البدن بماء مع الوضوء الحاصل ضمن الغسل يكون فيه من المشقة ما لا يكون في أعضاء الوضوء ، لأن أعضاء الوضوء أربعة ، لكن الغسل لجميع البدن ، فيكون في ذلك مشقة .

إذاً / لا دليل على تثليث غسل الأعضاء في الغسل .

( ومن الفوائد )

لو قال قائل :

هل يلزم تخليل الرأس في الغسل ؟

الجواب / لا ، فمتى ما وصل الماء إلى أصول الشعر فإنه لا يلزم التخليل ، لم ؟

لأن الماء سيَّال بطبعه فهو يصل إلى جذور الرأس ، فلا يكلف الإنسان زيادة على ذلك .

( ومن الفوائد )

أن فعله صلى الله عليه وسلم إذا خلَّل رأسه بماء ، استدل به البعض  :

” أن نقض الشعر كما هو لازم في حق المرأة كذلك هو لازم في حق الرجل ”

والمسألة خلافية تأتينا في الأحاديث القادمة ، وهل تلزم المرأة أن تنقض ظفر رأسها أم لا ؟

لكن من بين هذه الأقوال : أن نقض شعر الرأس يستوي فيه الرجل والمرأة ،لفعله صلى الله عليه وسلم .

( ومن الفوائد )

أن تخليل الرأس والاعتناء به أكثر من أعضاء الوضوء لأن الرأس أولا : هو أشرف الأعضاء ، فأشرف ما في الإنسان رأسه .

ثانيا : أن الرأس يجتمع فيه من الأوساخ والأقذار ما لا يجتمع في عضو آخر ، ولذلك لما حجَّ صلى الله عليه وسلم – كما في الصحيح ( لبَّد رأسه ) يعني جعل على رأسه شيئا يشبه الصمغ بحيث يجمع الشعر ، فلا يكون للهوام مدخل في شعره  .

( ومن الفوائد )

جاء هنا ( أفاض الماء على بدنه )

وهذا الإفاضة لم توضح وإنما هي عامة، لكن الروايات الأخرى وضحت :

( أنه صلى الله عليه وسلم غسل شقه الأيمن ثم غسل شقه الأيسر )

ولهذا نلخص صفة الغسل فنقول :

” يغسل كفيه ثم يغسل فرجه بما في ذلك الدبر ، ثم يدلك يديه بالتراب أو بأي منظف آخر ، ثم يتوضأ وضوءه للصلاة ، ثم يسكب الماء على رأسه ، يأخذ حفنة فيغسل بها يمين رأسه وحفنة ثانية يغسل بها يسار رأسه ، وحفنة ثالثة يجعلها في وسط رأسه ، ثم في ثنايا ذلك يخلل الماء من أجل أن يصل إلى أصول شعره ، ثم يغسل شقه الأيمن ، ثم يغسل شقه الأيسر ، ويغسل مرافغه – كما عند أبي داود – وهي ما خفي من بدن الإنسان وانطوى ، مثل الآباط ، مثل السُّرة ، مثل غضاريف الأذنين ”  وهو مخير بين الصفات الثلاث ،  فإذا توضأ لا يغسل قدميه ويؤخرهما بعد الغسل ، أو يغسلهما في الوضوء ولا يغسلهما بعد الغسل ، أو يغسلهما في الوضوء ويغسلهما مرة ثانية

( ومن الفوائد )

أنه لم يثبت عنه صلى الله عليه وسلم أنه كان يتوضأ بعد هذا الغسل ، ولذلك جاء عند الترمذي من حديث عائشة رضي الله عنها :

( كان صلى الله عليه وسلم لا يتوضأ بعد الغسل )

( ومن الفوائد )

أن ميمونة رضي الله عنها :  (  أتت بالمنديل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فردَّه )

هذه الرواية أفادتنا بفائدة جليلة ، لأنه في إحدى الروايات :

( أتته بالمنديل فلم يُرِدْه ) وفي رواية ( فلم يَرُدَّه ) يعني أنه قبله ، فأي الروايتين أصح ؟ لأنه لا يمكن أن يجمع بين الضبطين .

نقول الصحيح “ رواية  ( فلم يُرِدْه ) ، لم ؟

الحديث الذي معنا هنا قالت ( فردَّه ) فدل على أن الضبط الصحيح ( فلم  يُرِدْه )

فمعرفة الروايات مطلب مهم لطالب العلم .

( ومن الفوائد )

أن ميمونة رضي الله عنها قالت ( فردَّه ) ومن هنا اختلف العلماء في حكم تنشيف الأعضاء بعد الوضوء أو الغسل ؟

قال بعض العلماء : مكروه ، لم ؟

قالوا :

أولا : لأن النبي صلى الله عليه وسلم هنا ردَّ المنديل .

ثانيا : لأنه صلى الله عليه وسلم قال :

( إن هناك أثرين وقطرتين يحبهما الله )

من بين الأثرين

( أثر في فريضة من فرائض الله )

وإذا نشَّف أعضاء الوضوء أو أعضاء الغسل ذهب الأثر  .

وقال بعض العلماء : إنه مباح في الصيف مستحب في الشتاء

ولم يذكروا علة ، لكن – والعلم عند الله – أنه في فصل الشتاء يعسر زوال الماء من بدن الإنسان لبرودة الجو فلربما أثَّر هذا الماء على صحة البدن ، وبالنسبة إلى الصيف فما أسرع جفاف الماء .

وقال بعض العلماء : إنه مباح مطلقا .

وقال بعض العلماء : إنه سنة يثاب عليها ، لم ؟

قالوا :

أولا : لأنه ورد عند الترمذي :

( أنه صلى الله عليه وسلم كان له خرقة ينشف بها بعد الوضوء)

ثانيا :

ولأنه إتيان ميمونة رضي الله عنها بالمنديل يدل على أنه من عادته أن يؤتى إليه بالمنديل ، وشيء جرت به العادة منه صلى الله عليه وسلم ، وإنما ردَّه لأنه ربما قد تكون هناك علة بالمنديل ، قد يكون به أذى ، وقد يريد بيان أن التنشيف ليس بواجب ، قد يكون مستعجلا بدليل أنه :

( جعل ينفض يديه )

فهذه أشهر أقوال العلماء في حكم تنشيف الأعضاء .

والأظهر أن تنشيف الأعضاء مباح ، لأنه ليس هناك دليل صريح .

أما حديث الترمذي :

( أنه صلى الله عليه وسلم كان له خرقة ينشف بها بعد الوضوء)

فالألباني رحمه الله يحسنه ، و جملة كبيرة من العلماء يرون أنه لا يصح ، ولذا قال ابن القيم رحمه الله :

” لا يصح في تنشيف أعضاء الوضوء حديث “

فمن نشَّف أعضاءه أو تركها فلا بأس .

أما من يستدل بحديث :

( إن هناك أثرين وقطرتين يحبهما الله )

من بين الأثرين

( أثر في فريضة من فرائض الله )

نقول : هذا الاستدلال ليس بصحيح ، لم ؟

لأنه صلى الله عليه وسلم : ( جعل ينفض يديه ) وهذا يزيل الأثر ، ولأن المقصود من الأثر هو ما نتج من هذه العبادة ، وهذه القطرات خرجت وخرجت معها الذنوب .

وأما من يقول بأنه مكروه : فلا دليل عليه .

ومن فرَّق بين الشتاء والصيف : فلا دليل عليه .

فأصح الأقوال : إما الاستحباب أو الإباحة ، وهو إلى الإباحة أقرب .

 

 

 

( ومن الفوائد )

أن نفض اليدين لإزالة ما علق بهما من ماء ثابت عنه صلى الله عليه وسلم ،  وما جاء من حديث :

( لا تنفضوا أيديكم فإنها مراوح الشيطان )

فإنه حديث لا يصح  ، أين هذا الحديث ؟

ابن الصلاح وتبعه النووي رحمهما الله ، قالا : إن هذا الحديث لا يوجد في الكتب .

قال ابن حجر رحمه الله : إنه موجود عند ” ابن حبان في الضعفاء ” وعند ابن أبي حاتم في العلل .

وهذا إن دلَّ يدل على ما ذكرناه مرارا ، فإن ابن الصلاح والنووي أئمة ، ومع ذلك خفي عليهم موطن هذا الحديث ، فما ظنكم بمن هو في هذا العصر ، فإذا  كان هؤلاء الأئمة خفي عليهم وقد خفي على من هو أعظم منهم ، خفي على أبي بكر وعلى عمر وعلى ابن عمر رضي الله عنهم ، لما منع من منع الزكاة ، قال أبو بكر رضي الله عنه ” والله لأقاتلن من فرَّق بين الصلاة والزكاة ، لو منعوني عناقا كان يأخذه النبي صلى الله عليه وسلم لقاتلتهم ، فقال عمر رضي الله عنه كيف تقاتل من قال لا إله إلا الله ؟ فقال أبو بكر رضي الله عنه ألم يقل النبي صلى الله عليه وسلم ” أمرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا لا إله إلا الله ” ؟ فقال عمر رضي الله عنه ألم يقل النبي صلى الله عليه وسلم ” أمرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا لا إله إلا الله ، فمن قالها فقد عصم مني ماله ودمه إلا بحقها وحسابه على الله ” فقال أبو بكر رضي الله عنه ” من حق لا إله إلا الله الزكاة ” وابن عمر رضي الله عنه حاضر ونسي أنه روى عن النبي صلى الله عليه وسلم الحديث الآخر :

( أمرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا لا إله إلا الله ويقيموا الصلاة ، ويؤتوا الزكاة )

فهذه رواية صريحة وواضحة ، ومع ذلك خفيت على الراوي ابن عمر ، وخفيت على عمر وعلى أبي بكر رضي الله عنهم الذين صحبا النبي صلى الله عليه وسلم .

فلا يقل أحد أنا بلغت في العلم ، ولا يرخِ بسمعه إلى ما يقوله الناس من ثناء ، فإنه هو الذبح ، ولذلك قال صلى الله عليه وسلم كما في الصحيحين ( قطعت عنق صاحبك ) فمن أرخى بسمعه إلى ما يقال فيه من ثناء أو مدح فإنه  هو المغرور ، ولذلك قال بعض السلف ” رُبَّ مغرور بمدح الناس له والله ساخط عليه “

بل على الإنسان إذا سمع مثل هذه الأشياء يزيده ذلك تواضعاً وحرصاً على العلم ، لأنه أدرى بنفسه من غيره :

” رحم الله امرأ ً عرف قدر نفسه “

( ومن الفوائد )

أن هذه الصفة لم يذكر فيها التسمية ، فهل يقول ” بسم الله ” قبل الغسل كما يقال في الوضوء ؟

قال الحنابلة رحمهم الله يقاس الغسل على الوضوء ، وقياسهم صحيح ، لم ؟

لأن من ضمن هذا الغسل الوضوء .

( ومن الفوائد )

هل يقول الذكر الذي يقال بعد الوضوء ” أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله ” إلى آخر ما ورد ؟

نقول : إذا اغتسل الغسل الكامل فيقوله .

لو قال قائل :

لو أنه اغتسل الغسل المجزئ للجنابة فهل يقول ” بسم الله ” في أوله ،ويقول ما ورد من أذكار بعد الوضوء يقولها بعد الغسل ؟

الجواب / الأظهر والعلم عند الله – أنه ليس هناك دليل  يؤيد هذا ، لكن قد يتساهل في البسملة من باب الأحاديث الذي جاءت في الحث على التسمية وإن كان أيضا فيها خلاف ( كل أمر ذي  بال لا يذكر فيه بسم الله فهو أقطع )

فإذاً / إن اغتسل الغسل الكامل فيقول في أوله ” بسم الله ” ويقول الأذكار التي بعد الوضوء .

وإن اغتسل غسلا مجزئا فلا يقل شيئا ، والبسملة أخف من الذكر الذي يكون بعد الوضوء .

( ومن الفوائد )

أنها قالت ( ثم أفاض على سائر جسده )

السائر هنا : هل هو الجميع أم الباقي ؟

هل يصح أن تقول ” جاء القوم سائرهم ” يعني جميعهم ؟

قال بذلك بعض أهل اللغة إن كلمة ” سائر ” تطلق على الجميع وعلى البقية ، وأظنه الجوهري ، وشُنِّع عليه ، وقالوا لا يعرف في اللغة أن ” سائر ” بمعنى جميع وإنما بمعنى البقية .

وهنا مسألة ( أفاض الماء على سائر جسده )

هل أفاض الماء على جميع بدنه أم المتبقي من بدنه ؟

فإن قلنا إن ” سائر ”  على جميع بدنه فيكون بذلك غسل أعضاء الوضوء مرة أخرى غير المرة الأولى .

وإن قلنا إن ” سائر ” بمعنى المتبقي فإنه لم يغسل أعضاء الوضوء التي غسلها أثناء الغسل .

لكن المشكل هنا : أنه جاءت رواية عند البخاري :

( ثم غسل جسده كله )

فهذه الرواية تدل على أنه غسل البدن كله بما في ذلك أعضاء الوضوء التي غسلت في ثنايا الغسل ، ويكون في هذا دليل لمن قال إن ” سائر ” تأتي بمعنى الجميع لهذه الرواية

ويمكن أن يقال : إن الروايات الأخرى تبين أن المقصود من ذلك معظم البدن ، لأنه يطلق على ما قرب الانتهاء منه يطلق عليه أنه كامل ، ولذلك لما أتى عروة بن مضرس رضي الله عنه إلى النبي صلى الله عليه وسلم وقال :

( ما تركت جبلا إلا وقفت عليه ، فقال صلى الله عليه وسلم من وقف معنا وكان قد وقف قبل ذلك بعرفة ليلا أو نهارا فقد تم حجه )

هل تم الحج ؟ لا ، لكن لما قارب على الانتهاء جعله تاما .

والأفضل للإنسان أن يعيد غسل أعضاء الوضوء مرة أخرى ، ولاسيما في هذا الزمن الذي كثر فيه الماء .

( ومن الفوائد )

هل تشترط الموالاة في الغسل أم لا ؟

فلو أنه اغتسل للجنابة ثم بعد ساعة رأى بقعة لم يصبها الماء ، فهل نقول له أعد الغسل للفاصل الطويل ؟ أم يغسل هذه البقة فقط ؟

قال الفقهاء : لا تشترط الموالاة في الغسل ، وبالتالي لو أنه رأى بقعة في جسده لم يصبها الماء فليسكب عليها الماء ويكون بذلك قد اكتمل غسله .

لو  قال قائل : هل يشترط الترتيب بين أعضاء الغسل ؟

نقول : الحكم في الترتيب كالحكم في الموالاة .

وفرقنا بين الغسل والوضوء لوجود الدليل .