شرح بلوغ المرام ـ الدرس ( 13 ) حديث ( 15 ) (ما قطع من البهيمة … )

شرح بلوغ المرام ـ الدرس ( 13 ) حديث ( 15 ) (ما قطع من البهيمة … )

مشاهدات: 481

شرح كتاب ( بلوغ المرام  ) ـ الدرس ( 13 )

حديث ( 15 )

فضيلة الشيخ : زيد بن مسفر البحري

 ( أما بعد :

فقد قال الحافظ ابن حجر رحمه الله :

عن أبي واقدٍ الليثيرضي الله عنه – قال : قال النبي صلى الله عليه وسلم :

( ما قُطع من البهيمة – وهي حية – فهو ميِّت ) .

أخرجه أبو داود ، والترمذي وحسنه ، والفظ له .

 

*ذكر ابن حجر رحمه الله  حديث أبي واقد الليثي ، واسمه [ الحارث بن عامر الليثي ] وهذا الحديث يتضمن فوائد من بينها :

أن العلماء أخذوا منه قاعدة ، وهي :

[ كل ما أُبِين من حين فهو  كميتته حلا وحرمة ، طهارة ونجاسة ]

فمعنى [ ما أبين ] يعني ما ” قطع ”

ولنضرب على ذلك أمثلة :

( الشاة ) إذا قطعت رجلها، فحكم رجلها من حيث الحل والتحريم والطهارة والنجاسة كحكم الشاة إذا ماتت حتف أنفها ،  إذا ماتت الشاة حتف أنفها أيجوز أكلها ؟

لا ، فهي نجسة ، وعلى هذا فقس .

#لو شخصا رأى سمكة فقطع جزئا منها ، هذا الجزء أيجوز أكله ؟

نعم ، لم ؟ لأن السمك إذا مات فهو حلال طاهر .

( ومن الفوائد )

أن العلماء استثنوا من هذه القاعدة شيئين :

أولا : ( الطريدة )

ما هي الطريدة ؟

الطريدة : هي التي تهرب من بهيمة الأنعام أو الغزلان ، فيأتي القوم عليها ، فهذا يقطع قطعة وذاك يقطع أخرى حتى يجهزوا عليها ، هذه القطع كلها حلال ، لكن لو أنهم طردوها وقطعوا منها قطعاً ثم هربت منهم ، هذه القطع حرام أكلها ، لم ؟ لأنهم لم يجهزوا عليها كلها .

والدليل على هذا :

( فعل الصحابة رضي الله عنهم ، كانوا يفعلون ذلك في مغازيهم )

ثانيا : ( المسك وفأرته )

المسك : هو الطيب .

الفأرة : يعني وعائه .

فهناك ما يسمى بـ ( غزال المسك ) لونه أسود ، وله نابان أبيضان ، وقد خلق الله عز وجل فيه غدة تفرز مادة تصل إلى سُرَّته ، هذه المادة تأتي في أوقات معينة من السنة فيمرض معها الغزال ، فيتحول هذا المُفْرَز إلى وعاء في سرته ، فيقومون بطرده ، فيطرونه ويُسرعونه حتى ينفصل هذا الوعاء الذي في سرته منه .

$إذاً هذا منفصل من حي ، ولكنه طاهر .

$ما الدليل ؟

أدلة كثيرة منها :

$قول النبي صلى الله عليه وسلم في صحيح مسلم ( أطيب الطيب المسك )

$ومنها : أن النبي صلى الله عليه وسلم شبه – كما عند البخاري – ( شبه رائحة دم الشهيد بريح المسك ) .

$ومنها : أن النبي صلى الله عليه وسلم

( شبه  الصديق الصالح بحامل المسك )  كما في الصحيحين .

فأتى بالمسك في أحوال يشرف فيها ، ولو كان نجسا ما ذكره في هذه المقامات التي يمدح فيها .

( ومن الفوائد )

% أن هذا الحديث له سبب :

جاء في مسند الإمام أحمد أن النبي صلى الله عليه وسلم :

( لما أتى المدينة وجد بعضهم يجزون أسنمة الإبل وهي حية ، وإلية الشاة وهي حية ) فذكر هذا الحديث .

( ومن الفوائد )

$أن ( ما ) المصدرة  في الحديث

( موصولية ) بمعنى ( الذي ) فدل على عموم :

[ ما قطع من البهيمة وهي حية فهو ميِّت ]

واستثني من هذا العموم ما ذكرناه :

[ الطريدة والمسك وفأرته ]

لأن الأسماء الموصولة كما هو مقرر في الأصول [ تفيد العموم ] .

لو قال قائل :

لو أن شخصا سرق فقطعت يده ، فما حكم يده أهي طاهرة أم نجسة ؟

الجواب /

طاهرة ، لم ؟ لأن ميتة الإنسان طاهرة .

لو قال قائل :

لو أن شعر البهيمة جُزَّ  يعني حُلِق ، أيكون طاهرا أم لا ؟

الجواب /

يكون طاهرا ، لم ؟

لأنه في حكم المنفصل ، ليس من البهيمة ، ولذلك قال عز وجل :

{ وَمِنْ أَصْوَافِهَا وَأَوْبَارِهَا وَأَشْعَارِهَا أَثَاثاً وَمَتَاعاً إِلَى حِينٍ }النحل80

فالله عز وجل أباحه لنا .

والقرن والناب يدخلان في حكم الشعر ، كما نص على ذلك ” شيخ الإسلام رحمه الله ” لأنهما لا يوصفان بحياة ولا بموت ، لأن العلة في تحريم الميتة ما فيها من الدم، وهذه أعضاء لا يحل بها الدم .