شرح بلوغ المرام ـ الدرس ( 21 ) حديث ( 23 ) ( أن قدح النبي انكسر …. )

شرح بلوغ المرام ـ الدرس ( 21 ) حديث ( 23 ) ( أن قدح النبي انكسر …. )

مشاهدات: 643

شرح كتاب ( بلوغ المرام  ) ـ الدرس 21 حديث 23

فضيلة الشيخ : زيد بن مسفر البحري

ــــــــــــــــــــــ

( أما بعد :

فقد قال الحافظ ابن حجر رحمه الله :

عن أنس -رضي الله عنه :

أن قدح النبي صلى الله عليه وسلم انكسر ، فاتخذ مكان الشَّعب سلسلة من فضة  )

أخرجه البخاري

( من الفوائد )

أن أواني الذهب والفضة لا يجوز الأكل والشرب فيهما – كما سبق – وهذا بالإجماع ، بينما استعمالهما في غير الأكل والشرب مختلف فيه ، وسبق ترجيح هذه المسألة في حديث أم سلمة رضي الله عنها .

لكن في هذا الحديث : أن إناء النبي صلى الله عليه وسلم فيه شيء من الفضة ، ومر معنا زيادة ( ولا في شيء منهما )

وهنا هذا القدح يُشرب فيه وفيه شيء من الفضة ، فكيف يوجه هذا الحديث ؟

توجيه : من أن هذا مستثنى من الأحاديث الماضية .

فإذا انكسر الإناء وضُبِّب بضبَّة يسيرة جاز استعماله ، ولو لم يكن هناك ضرورة .

يعني لو وجد غير الفضة من حديد أو نحاس ، فله أن يضبب بضبة يسيرة من الفضة شريطة ” ألا يكون هذا التضبيب من الفضة للزينة “

فإن كان للزينة فيحرم .

( ومن الفوائد )

هل له أن يباشر هذه الضبَّة أثناء الشرب ؟

بعض العلماء : كره ذلك .

والذي يظهر : ” عدم الكراهة ” لأن الحديث لم ينقل فيه ” أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يتوقى الشرب من هذا الصدع الذي ضُبِّب بفضة ” .

وقلنا إنها ” يسيرة ” لأن ” الشَّعب يكون يسيرا .

 

 

( ومن الفوائد )

أن قوله ( سِلسِلة من فضة ) ضبطت بفتح ” السين ” ( سَلسَلة )

فبعضهم رجَّح الفتح وبعضهم رجَّح الكسر .

وبعضهم  : فرَّق في المعنى ،فقال :

إن ( سَلسَلة ) بالفتح هي ” حلقات الحديد المجتمع بعضها مع بعض .

بينما ( سِلسِلة ) بالكسر ، هو ” السلك من الحديد ونحوه .

( ومن الفوائد )

أن بعض العلماء يرى : أن هذا التضبيب ليس من النبي صلى الله عليه وسلم إنما هو من أنس رضي الله عنه  ، لما جاء عند البخاري عن عاصم الأحول قال:

( رأيت قدح النبي صلى الله عليه وسلم عند أنس انكسر فسلسله من فضة )

ثم في آخر الحديث :

( فأراد أنس رضي الله عنه أن يُغيِّر حلقة من حديد في هذا الإناء بسلسة من فضة ، فقال أبو طلحة رضي الله عنه :

لا تغير شيئاً فعله رسول الله صلى الله عليه وسلم )

فقالوا إن قوله : ( فسلسله من فضة ) راجع إلى أنس رضي الله عنه .

وقال آخرون : إن ” الضمير ” راجع إلى النبي صلى الله عليه وسلم .

إذاً / الضمير محتمل ، ومما يقوي أن الضمير راجع إلى أنس رضي الله عنه أنه أراد أن يغيِّر  هذه الحلقة في  هذا الإناء .

ولكن في آخر الحديث يدل على أن الفاعل هو النبي صلى الله عليه وسلم ، لأن أبا طلحة عدل بأنس من أن يغير شيئا فعله رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ومعلوم أن السلسلة ليست هي الحلقة .

فأنس أراد أن يغير حلقة من حديد كانت في هذا الإناء المكسور الذي ضبَّبه النبي صلى الله عليه وسلم .

( ومن الفوائد )

أن ( القَدَح ) يختلف عن ( القِدْح )

فـ ( القِدْح ) هو ” السهم ” .

( ومن الفوائد )

بيان ما كان عليه النبي صلى الله عليه وسلم من شظف العيش ، فإنه جبر كسر هذا الإناء واستخدمه  ، ولا شك أن الأدلة متظافرة على قلة عيشه صلوات ربي وسلامه عليه .

( ومن الفوائد )

أن الصحابة رضي الله عنهم كانوا يحفظون ما ورثوه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم من الأواني ، كما فعل أنس رضي الله عنه هنا ، وكما فعلت أم سلمة رضي الله عنها .

وهذا الحكم خاص به صلى الله عليه وسلم ، فلا يجوز أن يحفظ مما تركه الموتى على وجه التعبد والتبرك ، بينما هذا من خصوصيات النبي صلى الله عليه وسلم .