شرح كتاب ( بلوغ المرام ) ـ الدرس 22 حديث 24
فضيلة الشيخ : زيد بن مسفر البحري
ــــــــــــــــــــــ
( أما بعد :
فقد قال الحافظ ابن حجر رحمه الله :
عن أنس -رضي الله عنه : قال :
سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الخمر تتخذ خلا ؟ قال : لا ) .
أخرجه : مسلم ، والترمذي وقال ” حسن صحيح ”
( من الفوائد )
أن السائل هنا مبهم ، ويبهم السائل في اللغة لأغراض متعددة :
$إما للجهل بعينه .
$وإما للخوف عليه .
أو لأي غرض من الأغراض الأخرى التي ستأتي معنا – إن شاء الله تعالى – في البلاغة .
( ومن الفوائد )
أن السؤال عن الخمر يدل على أنها محرمة ، قد استقر تحريمها في النفوس .
وإنما الذي أشكل عليهم هو تغيرها وانقلابها إلى خل .
( ومن الفوائد )
أن الاستفهام هنا ” للتصديق ” لأن أداة الاستفهام هنا محذوفة ، ولا يمكن أن نقدر هنا إلا واحدة من أداتين إما :
( ” الهمزة” أو هل ” )
لأن ما عدا الهمزة وهل تكون للتصور – كما سيأتي بيانه إن شاء الله تعالى في البلاغة .
فيكون التقدير : ” هل تتخذ خلا ؟ أو أتتخذ خلا ؟
ولماذا قلنا إن الاستفهام هنا للتصديق ؟
لأن الجواب أتى بـ ( لا ) .
فيكون هذا الحكم مجهولا لدى السائل .
( ومن الفوائد )
أن كلمة ( لا ) لها أغراض في اللغة ، لكن هنا ( جواب للاستفهام )
وغالبا ما تحذف الجمل بعدها ، لأن الأصل في الجواب أن يقول ” لا تتخذ خلا ” فحذفت الجملة بعدها .
( ومن الفوائد )
الرد على الشافعية القائلين : إن الخمر إذا خللت أبيحت .
وقال الجمهور : إن الخمر إذا خللت بفعل فاعل فإنها لا تكون مباحة .
ويقوي هذا : ما جاء عند أبي داود :
أن أبا طلحة رضي الله عنه لما حرمت الخمر ، قال يا رسول الله ( إن عندي خمرا لأيتام أفأتخذها خلا ؟ فقال صلى الله عليه وسلم : لا )
ومعلوم أن أموال اليتامى يُحرص عليها ، فلما نهى دل على أنها لا تباح بالتخليل .
( ومن الفوائد )
أن ذكر ابن حجر رحمه الله لهذا الحديث تحت هذا التبويب كأنه مؤشر على ” أن الخمر عنده نجسة ” .
والمسألة خلافية وسبق الحديث عنها .
لو قال قائل :
لو أن الخمر تخللت بفعل الله عز وجل ولم يكن هناك فعل لفاعل في تخليلها ؟
الجواب / أنها تكون مباحة وطاهرة ، ويكون إناؤها تابعا لها في الحكم .
( ومن الفوائد )
أن النجاسة لو انقلبت واستحالت إلى طاهر فهل تطهر أم لا ؟
الجواب /
مسألة خلافية بين العلماء :
المشهور من مذهب الإمام أحمد رحمه الله أنها لا تطهر بالاستحالة .
والقول الآخر – ويختاره شيخ الإسلام رحمه الله – أن الاستحالة تطهر النجاسة ، وله أدلة ، منها :
قوله تعالى :{ وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَآئِثَ }الأعراف157 .
فهي لما استحالت انقلبت من خبث إلى نقاء ، فتوصف بأنها طيبة طاهرة .
( ومن الفوائد )
لو قال قائل :
هل النجاسة تطهر بالماء فقط أم أنها تطهر بأي مطهر لها ، سواء كان مائعا أو جامدا ؟
خلاف بين أهل العلم :
المشهور من المذهب : أن النجاسة لا يطهرها إلا الماء ، لم ؟
لأن النبي صلى الله عليه وسلم استعمل الماء لما صبَّ على بول الأعرابي ، ولغيره من الأحاديث .
والصواب /
[ أن النجاسة عين مستقذرة متى ما زالت زال حكمها ]
والدليل /
أولا : أن النبي صلى الله عليه وسلم قال كما عند أبي داود :
( إذا وطئ أحدكم الأذى بخفيه فإن طهورهما التراب )
ثانيا : ما جاء عند الترمذي وغيره في ذيل المرأة ، قال صلى الله عليه وسلم :
( يطهره ما بعده )
ثالثا :
أحاديث الاستجمار .
أما كونه صلى الله عليه وسلم استعمل الماء في بعض المواطن :
فلأن الماء أسرع في التنظيف وأنقى وأسهل للمكلف .
وهذا هو اختيار شيخ الإسلام رحمه الله .
( ومن الفوائد )
أن الترمذي رحمه الله قال :
( حسن صحيح )
لمَ لمْ يقل صحيح فقط ؟
قال بعض العلماء : لأن هذا الحديث ورد عنده من طريقين ، أحدهما صحيح والآخر حسن .