شرح بلوغ المرام ـ الدرس ( 22 ) حديث ( 24 ) ( سئل رسول الله عن الخمر تتخذ خلا ؟ قال لا )

شرح بلوغ المرام ـ الدرس ( 22 ) حديث ( 24 ) ( سئل رسول الله عن الخمر تتخذ خلا ؟ قال لا )

مشاهدات: 496

شرح كتاب ( بلوغ المرام  ) ـ الدرس 22 حديث 24

فضيلة الشيخ : زيد بن مسفر البحري

ــــــــــــــــــــــ

( أما بعد :

فقد قال الحافظ ابن حجر رحمه الله :

عن أنس -رضي الله عنه : قال :

سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الخمر تتخذ خلا ؟ قال : لا ) .

أخرجه : مسلم ، والترمذي وقال ” حسن صحيح ”

( من الفوائد )

أن السائل هنا مبهم ، ويبهم السائل في اللغة لأغراض متعددة :

$إما للجهل بعينه .

$وإما للخوف عليه .

أو لأي غرض من الأغراض الأخرى التي ستأتي معنا – إن شاء الله تعالى – في البلاغة .

( ومن الفوائد )

أن السؤال عن الخمر  يدل على أنها محرمة ، قد استقر تحريمها في النفوس .

وإنما الذي أشكل عليهم هو تغيرها وانقلابها إلى خل .

( ومن الفوائد )

أن الاستفهام هنا ” للتصديق ” لأن أداة الاستفهام هنا محذوفة ، ولا يمكن أن نقدر هنا إلا واحدة من أداتين إما :

( ” الهمزة”  أو  هل ” )

لأن ما عدا الهمزة وهل تكون للتصور – كما سيأتي بيانه إن شاء الله تعالى في البلاغة .

فيكون التقدير : ” هل تتخذ خلا ؟  أو  أتتخذ خلا ؟

ولماذا قلنا إن الاستفهام هنا للتصديق ؟

لأن الجواب أتى بـ ( لا ) .

فيكون هذا الحكم مجهولا لدى السائل .

( ومن الفوائد )

أن كلمة ( لا ) لها أغراض في اللغة ، لكن هنا ( جواب للاستفهام )

وغالبا ما تحذف الجمل بعدها ، لأن الأصل في الجواب أن يقول ” لا تتخذ خلا ” فحذفت الجملة بعدها .

 

( ومن الفوائد )

الرد على الشافعية القائلين : إن الخمر إذا خللت أبيحت .

وقال الجمهور : إن الخمر إذا خللت بفعل فاعل فإنها لا تكون مباحة  .

ويقوي هذا : ما جاء عند أبي داود :

أن أبا طلحة رضي الله عنه لما حرمت الخمر ، قال يا رسول الله ( إن عندي خمرا لأيتام أفأتخذها خلا ؟ فقال صلى الله عليه وسلم : لا )

ومعلوم أن أموال اليتامى يُحرص عليها ، فلما نهى دل على أنها لا تباح بالتخليل .

 

 

 

( ومن الفوائد )

أن ذكر ابن حجر رحمه الله لهذا الحديث تحت هذا التبويب كأنه مؤشر  على ” أن  الخمر عنده نجسة ” .

والمسألة خلافية وسبق الحديث عنها .

لو قال قائل :

لو أن الخمر تخللت بفعل الله عز وجل ولم يكن هناك فعل لفاعل في تخليلها ؟

الجواب / أنها تكون مباحة وطاهرة ، ويكون إناؤها تابعا لها في الحكم .

( ومن الفوائد )

أن النجاسة لو انقلبت واستحالت إلى طاهر فهل تطهر أم لا ؟

الجواب /

مسألة خلافية بين العلماء :

المشهور من مذهب الإمام أحمد رحمه الله أنها لا تطهر بالاستحالة .

والقول الآخر – ويختاره شيخ الإسلام رحمه الله – أن الاستحالة تطهر النجاسة ، وله أدلة ، منها :

قوله تعالى :{ وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَآئِثَ }الأعراف157  .

فهي لما استحالت انقلبت من خبث إلى نقاء ، فتوصف بأنها طيبة طاهرة .

( ومن الفوائد )

لو قال قائل :

هل النجاسة تطهر بالماء فقط أم أنها تطهر بأي مطهر لها ، سواء كان مائعا أو جامدا ؟

خلاف بين أهل العلم :

المشهور من المذهب : أن النجاسة لا يطهرها إلا الماء ، لم ؟

لأن النبي صلى الله عليه وسلم استعمل الماء لما صبَّ على بول الأعرابي  ، ولغيره من الأحاديث .

والصواب /

[ أن النجاسة عين مستقذرة متى ما زالت زال حكمها ]

والدليل /

أولا : أن النبي صلى الله عليه وسلم قال كما عند أبي داود :

( إذا وطئ أحدكم الأذى بخفيه فإن طهورهما التراب )

ثانيا : ما جاء عند الترمذي وغيره في ذيل المرأة ، قال صلى الله عليه وسلم :

( يطهره ما بعده )

ثالثا :

أحاديث الاستجمار .

أما كونه صلى الله عليه وسلم استعمل الماء في بعض المواطن :

فلأن الماء أسرع في التنظيف وأنقى وأسهل للمكلف .

وهذا هو اختيار شيخ الإسلام رحمه الله .

( ومن الفوائد )

أن الترمذي رحمه الله قال :

( حسن صحيح )

لمَ لمْ يقل صحيح فقط ؟

قال بعض العلماء : لأن هذا الحديث ورد عنده من طريقين ، أحدهما صحيح والآخر حسن .