شرح كتاب ( بلوغ المرام ) ـ الدرس 28 حديث 31
فضيلة الشيخ : زيد بن مسفر البحري
ــــــــــــــــــــــ
( أما بعد :
فقد قال الحافظ ابن حجر رحمه الله :
عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قالت خولة : يا رسول الله : فإن لم يذهب الدم ؟ قال :
يكفيك الماء ولا يضرك أثره )
أخرجه الترمذي ، وسنده ضعيف .
( من الفوائد )
هذا الحديث قال عنه ابن حجر رحمه الله ( رواه الترمذي ، وسنده ضعيف )
قال بعض العلماء : إن قول ابن حجر رحمه الله ( رواه الترمذي ) ليس موجودا عند الترمذي وإنما هو عند أبي داود .
ولو ثبت مثل هذا : فإن في هذا دلالة على أن ابن آدم مهما بلغ المنزلة العالية في الحفظ إلا أن الوهم والخلل يتطرق إليه ، وهذه سنة الله عز وجل ، ولها فائدة للعالم ، وهو أنه إذا أخطأ أو وهم ازداد تضرعه إلى الله عز وجل ولم يرَ لنفسه حظاً ومكانة ، لأن الإنسان إذا لم يؤثر عنه أي خطأ ربما يغتر ويدخل عليه الشيطان ، وإن كان هذا بعيداً عن هؤلاء الأئمة ، لكن هذا ما جر ى ، ويحتاج هذا الأمر إلى بحث دقيق ، لأني أذكر أن أحد الباحثين في إحدى رسالات الماجستير أو الدكتوراة ” غلَّط شيخ الإسلام رحمه الله في حديث أنه قال ” رواه الترمذي ” وقال لا يوجد عند الترمذي .
والمناقشون له قالوا ” إن المسارعة في تغليط أمثال هؤلاء ، مع أنه لا عصمة لهم ، ولا نقدس أحدا ، ونعتقد أن الخطأ واقع على ابن آدم مهما كانت منزلته .
قالوا ” يفترض أن يكون هناك بحث دقيق ، فبعد البحث وُجد أن هذا الحديث رواه الحكيم الترمذي ، لأن هناك عالما آخر اسمه ” الحكيم الترمذي ” .
وكذلك كما سيأتي معنا إن شاء الله ” ابن حجر ر حمه الله لما ذكر فعل النبي صلى الله عليه وسلم لما سلَّم عن يمينه قال ( السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ، وعن يساره السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ) قالوا إن زيادة ( وبركاته عن يساره ) ليست موجودة ، وقد وهم النووي وابن حجر في ذلك ، ولذلك كانت عبارة الألباني رحمه الله لما ذكر ما ذكره النووي وابن حجر قال ” إن لم توجد هذه اللفظة في نسخة أخرى وإلا فقد وهما ” فلم يجزم رحمه الله لأنه يعلم أن ابن آدم مهما بلغ فقد يكون فيه قصور ، وبالفعل وجد في نسخ أن لفظة ( وبركاته عن اليسار ) موجودة عند أبي داود .
وقول ابن حجر رحمه الله ( سنده ضعيف )
لأن فيه ” ابن لَهِيعة ” وقد اختلف في آخر حياته .
وهذا الحديث يحسنه الألباني رحمه الله ، لم ؟
لأن ابن لهيعة وإن اختلف في آخر حياته إلا أنه إذا روى عنه عبد الله بن وهب فإنه يكون ثقة ، وقد روى عنه عبد الله بن وهب هذا الحديث ، فيكون هذا الحديث صحيحا ، لاسيما أن ابن حجر في تلخيص الحبير قال ” وله شاهد مرسل “
( ومن الفوائد )
أن خولة بن يسار رضي الله عنها سألت النبي صلى الله عليه وسلم ؟
فقال ” يكفيك الماء “
وهذا يدل على أن النجاسات لا يشترط فيها مع الماء حاد ، مثل السدر والصابون وما شابه ذلك .
بينما يرى بعض العلماء : أنه لابد من الحاد مع الماء في إزالة النجاسة .
ويستدلون على ذلك : أن النبي صلى الله عليه وسلم قال عن دم الحيض – كما في السنن :
( اغسليه بماء وسدر )
وقال عليه الصلاة والسلام في الجلد :
( يطهره الماء والقرظ )
فمن يرى اشتراط الحاد ما جوابه عن الحديثين السابقين ؟
قالوا : إن ما ذ كره عليه الصلاة والسلام في الحديثين السابقين بعد استخدام الحاد .
ونقول : إن كان حديث خولة ضعيفا فلا يبقى معنا إلا الحديث السابق :
( تحته ثم تقرصه بالماء ثم تنضحه )
فيكون استخدام الحاد من باب الكمال ولو تنزلنا نقول : إن النجاسات لا يشترط فيه الحاد ويستثنى من ذلك دم الحيض والجلد .
مع أن قوله عليه الصلاة والسلام :
( يكفيك الماء ) نصٌ قاطع في الموضوع .
( ومن الفوائد )
ورد عند الدارمي عن عائشة رضي الله عنها موقوفا ( أنها كانت تأمر بوضع زعفران على الدم بعدما يغسل ويبقى له أثر )
وهذا من باب الكمال لإظهار الثوب بالمظهر الحسن .
( ومن الفوائد )
بيان وسع الشريعة ، فإنه متى ما غسلت النجاسة على المقتضى الشرعي وبقي أثر له فيعفى عن هذا الأثر لقوله تعالى {فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ }التغابن16، ولقوله عليه الصلاة والسلام :
( ما أمرتكم به من أمرفأتوا منه ما استطعتم )
ولذا عبارة الفقهاء :[ ويضر بقاء طعم النجاسة لا لونها وريحها ]
فبقاء الطعم مؤثر ، لأن الطعم في الغالب لا يبقى ، فإذا بقي دل على أن هناك تقصيرا في إزالة النجاسة .
إذاً / لو بقي من النجاسة أثر اللون أو أثر الرائحة فلا يضر .