شرح بلوغ المرام ـ الدرس ( 41 ) حديث ( 44 ) ( يعجبه التيمن في تنعله…. )

شرح بلوغ المرام ـ الدرس ( 41 ) حديث ( 44 ) ( يعجبه التيمن في تنعله…. )

مشاهدات: 462

شرح كتاب ( بلوغ المرام  ) ـ الدرس 41 حديث 44

( باب الوضوء )

فضيلة الشيخ : زيد بن مسفر البحري

ــــــــــــــــــــــ

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين :

( أما بعد )

فقد قال الحافظ ابن حجر رحمه الله :

عن عائشة  رضي الله عنه قالت : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم :

يعجبه التيمنُ في تنعله ، وترجله ، وطهوره ، وفي شأنه كله  )

متفق عليه

( من الفوائد )

أن هذا الإخبار من عائشة رضي الله عنها يدل على ” استمرار النبي صلى الله عليه وسلم على هذا الأدب الرفيع ، لأنها صدَّرت الحديث بقوله ( كان )

و ( كان ) تفيد الاستمرار والدوام إلا إذا أتى دليل يخرجها عن ذلك .

( ومن الفوائد )

أن عائشة رضي الله عنها ذكرت أحد نوعي الإعجاب ، فالإعجاب نوعان :

النوع الأول : إعجاب إنكار .

كما في قوله تعالى {بَلْ عَجِبْتَ وَيَسْخَرُونَ }الصافات12 ، يعني هذا ليس أمرا مستحسناً منهم ، بل إن هذا عجب يراد منه الإنكار على فعل الكفار .

وهذا يحصل في واقعنا ، كما لو قلت لشخص تكلم بكلام  تقول ” عجبتُ من كلامك ” تريد بذلك الإنكار عليه .

النوع الثاني : ” إعجاب استحسان ” كما هنا ( كان يعجبه ) يعني يستحسن التيمن .

( ومن الفوائد )

أن التيمن – كما قال النووي رحمه الله – ” يكون فيما من شأنه التكريم ، أما ما سوى ذلك فتقدم الشمال “

ولا شك أن التطهر وترجيل الشعر والإدهان له ، والتنعل ، لا شك أنها تكريم ، فنبدأ باليمين ، وأما ما سوى ذلك فيكون بالشمال ، ولذلك حفصة – رضي الله عنها – تقول ( كانت يمين النبي صلى الله عليه وسلم لأكله وشربه وأخذه وإعطائه ، وكانت شماله لما سوى ذلك )

( ومن الفوائد )

أن السنة في حق المسلم إذا أراد أن ينتعل أن يبدأ بالقدم اليمنى .

وإذا أراد أن يسرِّح وأن يدهن شعره : فإن السنة في حقه أن يبدأ اليمين ، وكذلك في الطهور .

ولذلك استدل العلماء على أن التيامن في الوضوء سنة ، فلو قدَّم غسل اليد اليسرى على اليمنى  ، أو قدَّم غسل الرجل اليسرى على اليمنى فلا إشكال في ذلك ، لكن الأفضل والأكمل أن تقدم اليمين .

( ومن الفوائد )

أنه لما كان التكريم له مواطن كثيرة قالت رضي الله عنها :

( وفي شأنه كله )

وهذا يطلق عند أهل اللغة : بـ

[ التعميم بعد التخصيص ]

لما ذكرت أشياء مخصصة عممت ، مثل ما قال عز وجل :

{وَلَقَدْ آتَيْنَاكَ سَبْعاً مِّنَ الْمَثَانِي وَالْقُرْآنَ الْعَظِيمَ }الحجر87

السبع المثاني : سورة الفاتحة ، فعمم بعد التخصيص ، من باب التأكيد على أهمية هذا المُخَصَّص الذي أُفرد من اللفظ العام ، يعني يؤكد على قضية البداءة باليمين في تسريح الشعر ودهنه ، وفي لبس النعال ، وفي الطهور .

( ومن الفوائد )

قد يقول قائل :

إن عائشة رضي الله عنها قالت :

( وفي شأنه كله )

يشمل كل شيء ؟

فيقال : إما أن يقال : إن هذا عام مخصص بالأحاديث الأخرى التي بينت أن ما ليس من باب التكريم أنه يخرج .

أو يقال – وهو الأقرب – أن قولها :

( وفي شأنه كله )

فيما يوازي ويشابه ما ذُكر من ” الطهور والتنعل والترَّجل “

ولعل ذكرها رضي الله عنها للتنعل والترجل والطهور ”

من باب التأكيد على أن قولها : ( وفي شأنه كله ) ليس على وجه العموم ، وإنما على وجه العموم فيما يخص التكريم .

( ومن الفوائد )

بيان فضل نساء النبي صلى الله عليه وسلم إذ نقلن لنا ما قد يخفى على الأمة مما يحصل منه صلى الله عليه وسلم في بيته .

( ومن الفوائد )

جاءت رواية عند أبي داود :

( وفي سواكه )

بعضهم استدل بهذه الرواية على أن ” الاستياك باليمنى أفضل من اليسرى ”

وهذا في الحقيقة ليس بظاهر ، لم ؟

لأن المراد في ذلك العضو الذي يقع عليه فعله صلى الله عليه وسلم ، بدليل أنها قالت : ( في تنعله  ) يعني في النعال ، يعني حينما يدخل قدمه في النعل ، حينما يبدأ في تسريح شعره ، وحينما يبدأ بالتطهر ، وكذلك الشأن في سواكه .

فيقال : إن السنة أن يستاك أول ما يستاك من جهة يمين الفم ، فلا يكون فيه دلالة على أن الاستياك يكون باليد اليمنى .

سؤال : حديث ( الصلاة بالسواك خير من سبعين صلاة )

الجواب / حديث ضعيف ، ولو صح كما قال ابن القيم رحمه الله في ” المنار المنيف ” لأن هناك أحاديث تشابهه ، ليس في قضية السواك – لا – وإنما في قضية الفضل ، يقول رحمه الله : هذا يدل على أن الأعمال تتفاوت بتفاوت ما في القلوب ” لأنه لما استاك ، استاك وهو موقن بحصول فضل الله عز وجل ، فعظم هذا في قلبه ، وما أقدم عليه إلا لأنه موقن بهذا الفضل ، فيحصل له أجر من صلى سبعين صلاة .