شرح بلوغ المرام ـ الدرس ( 45 ) حديث ( 48 ) ( كان النبي إذا توضأ أدار الماء على مرفقيه )

شرح بلوغ المرام ـ الدرس ( 45 ) حديث ( 48 ) ( كان النبي إذا توضأ أدار الماء على مرفقيه )

مشاهدات: 725

شرح كتاب ( بلوغ المرام  ) ـ الدرس 45 حديث 48

( باب الوضوء )

فضيلة الشيخ : زيد بن مسفر البحري

ــــــــــــــــــــــ

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين :

( أما بعد )

فقد قال الحافظ ابن حجر رحمه الله :

عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما  قال : ” كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا توضأ أدار الماء على مرفقيه “

أخرجه : الدارقطني بإسناد ضعيف .

( من الفوائد )

هذا الحديث ضعفه جماعة من المحققين ، ويرى الألباني رحمه الله أنه ” حسن “

ولكن الكثير يرون أنه ضعيف

وسواء قيل بتحسين الألباني ، أو قيل بتضعيف هؤلاء الأئمة ، ومن بينهم ابن حجر رحمه الله كما هنا :

فإن هذا الحديث أتى به ابن حجر رحمه  لأن معناه تؤيده أحاديث أخرى ، وهذا الحديث نصٌّ في تفسير آية المائدة ، قال عز وجل { وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ }المائدة6

فهل ما بعد ” إلى ” يدخل فيما قبلها أو لا يدخل ؟

هذا ما يسمى عند أهل اللغة ” بالغاية ”

هل ما بعد الغاية يدخل فيما قبل أو لا يدخل ؟

لا يمكن أن يعرف هذا إلا بالقرائن ، وإن كان الأظهر أن ” ما بعد [ إلى الغائية ] لا يدخل ” هذا هو الأصل .

فلربما قرأ قارئ قوله تعالى :{ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ }المائدة6، فقال إن المرافق غير داخلة في غسل اليدين ، فلما أتى هذا الحديث :

( إذا توضأ أدار الماء على مرفقيه  )

دلَّ على دخول المرفقين في وجوب غسل اليدين  .

لكن يقولون : هذا الحديث ضعيف .

نقول : يؤيده من حديث المعنى : حديث أبي هريرة رضي الله عنه عند مسلم ( أن النبي صلى الله عليه غسل يده حتى أشرع في العضد )

ومعلوم أنه إذا أشرع في العضد لزم من ذلك أن يدخل المرفق في الغسل .

وحديث أبي هريرة رضي الله عنه :

( حتى أشرع في العضد )

هل يدل على دخول المرفقين في غسل اليدين فقط أو أنه يدل على هذا مع غسل ما زاد عن العضو الواجب ؟

ابن القيم رحمه الله يقول : هذا يدل على دخول المرفقين فقط ، ولا يدل على غسل ما زاد على العضو الواجب .

بعض العلماء يقول : يغسل ما زاد عن العضو الواجب ، ويستدلون عليه بهذا الحديث ، وبحديث أبي هريرة رضي الله عنه :

( فمن استطاع أن يطيل غرَّته فليفعل )

وبقول النبي صلى الله عليه وسلم :

( تبلغ الحلية من المؤمن حيث يبلغ الوضوء )

وبفعل أبي هريرة رضي الله عنه .

والصواب / هو ما قاله ابن القيم رحمه الله .

أما جملة  ( فمن استطاع أن يطيل غرَّته فليفعل )

فقد سبق الحديث عنها ، وأنها ليست من كلام النبي صلى الله عليه وسلم ، وإنما هي من كلام أبي هريرة رضي الله عنه ، ووجهنا الحديث في موضعه .

أما حديث : ( تبلغ الحلية من المؤمن حيث يبلغ الوضوء )

فإن ” التحلي ” كما قال شيخ الإسلام رحمه الله : لا يمكن أن يكون في العضد حتى يغسل ، وإنما يكون في الساعد ، وإنما جاء الحديث لبيان التأكيد على إسباغ العضو الواجب .

وأما فعل أبي هريرة رضي الله : فإنه رضي الله عنه كان يختفي عن الصحابة رضي الله عنها لما يفعل هذا الفعل ، ثم فعله رضي الله عنه معارض بفعل النبي صلى الله عليه وسلم .

( ومن الفوائد )

أن الدارقطني رحمه الله هو : أبو الحسين  علي البغدادي .

وهو أحفظ علماء عصره ، بل قالوا إنه لا نظير له في الحفظ وفي العلم في عصره .

وهو من أحسن العلماء في علم العلل وأسماء الرجال ، وأمثال هذا العالم يدل على أن الخير موجود في أهل العراق ، بعض الناس لما يسمع أن الفتن تخرج من المشرق ” وكما ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنها من ( العراق ) قد يساء الظن بمن يسكن في العراق ، وهذا ليس بصحيح ، ففي العراق أئمة كبار ، وإنما منبع الفتنة من ذلك الموطن ، ولا يدل على نقصان في قدر أهلها ، وإنما الميزان للناس هو التقى ، وكلٌ بحسبه ، ولذا قد تخرج الفتن من المشرق وفيها من الأخيار من ينفع الله به الأمة .