شرح بلوغ المرام ـ الدرس ( 79 ) حديث 94 (إذا تغوط الرجلان فليتوار …. )

شرح بلوغ المرام ـ الدرس ( 79 ) حديث 94 (إذا تغوط الرجلان فليتوار …. )

مشاهدات: 525

شرح كتاب ( بلوغ المرام  )ـ حديث 94

فضيلة الشيخ : زيد بن مسفر البحري

ــــــــــــــــــــــ

( أما بعد :

فقد قال الحافظ ابن حجر رحمه الله :

وَعَنْ جَابِرٍ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اَللَّهِ صلى الله عليه وسلم :

{ إِذَا تَغَوَّطَ اَلرَّجُلَانِ فَلْيَتَوَارَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا عَنْ صَاحِبِهِ, وَلَا يَتَحَدَّثَا. فَإِنَّ اَللَّهَ يَمْقُتُ عَلَى ذَلِكَ }

رَوَاهُ وَصَحَّحَهُ اِبْنُ اَلسَّكَنِ, وَابْنُ اَلْقَطَّانِ, وَهُوَ مَعْلُول ٌ

 

 ( من الفوائد )

أن ابن حجر رحمه الله قالوهو معلول “

وقد صححه ابن السكن وابن القطان كما أشار إلى ذلك رحمه الله .

وهذا الحديث قال الشوكاني رحمه الله ” لا وجه لتضعيفه ” فإنه ثابت ، والألباني رحمه الله فيما مضى كان يعله ثم تراجع رحمه الله .

( ومن الفوائد )

أن هذا الحديث استشهد به الفقهاء على كراهية الكلام حال قضاء الحاجة “

فإن قيل بهذا فإنه لا يقتصر في الحكم على الكراهة ، لم ؟

لأنه قال في نهاية الحديث ( فإنه يمقت على ذلك )

والمقت هوأشد البغض ”

فلا يبقى على الكراهة بل يتعدى إلى المحرم ، بل يتعدى إلى أن يكون من كبائر الذنوب .

لأن الكبيرة “ هي : ما توعد عليها بحدٍّ في الدنيا أو بعقاب في الآخرة أو غضب أو لعنة أو نار في الآخرة “

والمقت أعظم من اللعن .

ولا شك أن ما ذكره الفقهاء هو الصحيح من أنه يكون مكروها ، ولكن ليس لهذا الحديث ، وإنما لحديث في الصحيحين :

( النبي صلى الله عليه وسلم لما سلَّم عليه رجل فقال إني كرهت أن أذكر الله إلا على طهر )

فيكون الحكم في هذا الحديث /

أن الكلام بين شخصين أو أكثر حال قضاء الحاجة مع حالة عدم الاستتار من كبائر الذنوب .

ففرق بين الكلام حال قضاء الحاجة فيما لو طرق عليه ابنك أو زوجتك وأنت تقضي حاجتك فتكلمت ، نقول هذا مكروه

أما في هذا الحديث يذهب شخصان ولم يتوار كل شخص عن الآخر وجعل يتحدثان ، هذا هو الحكم وهو من المحرمات بل من كبائر الذنوب .

( ومن الفوائد )

قوله ( إذا تغوط الرجلان )

” الغائط “ في اللغة هو المكان المنخفض من الأرض ، لأن من أراد أن يقضي حاجته أتى إليه فيتوارى به عن عيون الآخرين ، فنقل اسم هذا الموضع إلى الخارج من فضلة الإنسان تنزها عن ذكر ما يستقبح ، ولذلك لم يذكر الله عز وجل الجماع صراحة { هُنَّ لِبَاسٌ لَّكُمْ وَأَنتُمْ لِبَاسٌ لَّهُنَّ }البقرة187{ وَقَدْ أَفْضَى بَعْضُكُمْ إِلَى بَعْضٍ }النساء 21 .

والبلاغيون يسمونه ” استعارة “ وهو نوع من أنواع المجاز عندهم ، ولكن الصحيح أنه ليس هناك مجاز لا في القرآن ولا في السنة ولا في اللغة ، وقد ذكر هذا المحققون كشيخ الإسلام وتلميذه ابن القيم وكذلك الشنقيطي في أضواء البيان رحمهم الله .

( ومن الفوائد )

أن قوله : ( إذا تغوط الرجلان )

قيد أغلبي ، فلو خرج ثلاثة أو أربعة أو أكثر فالحكم هو هو ، لو خرجت امرأتان أو ثلاث أو أربع أو خمس فالحكم هو هو ، ويسميه بعض العلماء ” مفهوم اللقب ” وهو غير معتبر شرعا ، فالمفهوم معتبر في الشريعة ، قول النبي صلى الله عليه وسلم :

( لا زكاة في المعلوفة )

يفهم منه أن غير المعلوفة فيها الزكاة .

لكن مفهوم اللقب غير معتبر شرعا ، قول النبي صلى الله عليه وسلم في الشرك الخفي :

( أن يزين الرجل صلاته لنظر رجل إليه )

لو زيَّن صلاته من أجل نظر امرأته ، فالحكم هو هو .

بل إن اعتباره في بعض الأحيان قد يكون كفرا ، مثل :

{مُّحَمَّدٌ رَّسُولُ اللَّهِ }الفتح29

لو قال إن غيره ليس برسول ، فهذا كفر .

( ومن الفوائد )

وجوب ستر العورة عند قضاء الحاجة وأن كشفها من المحرمات ، ولا يفعل ذلك إلا من كان عنده نقص في العقل  ، لأن نقصه في دينه واضح لأن الدين يأمر بالتستر ، لكن لو لم يأت الشرع بالتستر لكن مقتضى العقل والمروءة أن يتستر .

ولذلك ما يلبسه بعض الشباب من ملابس تظهر شيئا من عورتهم ، هذا لا شك أنه مخالف للشرع ومخالف للفطرة ومخالف للعقل .

( ومن الفوائد )

لو كشف عورته في بيت الخلاء ولا ينظر أحد إليه وليس ثمت حاجة ؟

قد نص الفقهاء على كراهية هذا الأمر ، والبعض يرى التحريم ، لأنه كشف للعورة من غير حاجة .

( ومن الفوائد )

لو كان في الصحراء ويأمن ألا ينظر أحد إلى عورته كان جائزا ، وقد بوَّب البخاري على ذلك ، ولذلك :

( كان أيوب عليه السلام يغتسل عريانا فسقط عليه جراد من ذهب)

وكذلك اغتسال موسى عليه السلام لما  ذهب الحجر بثوبه

 

 ( ومن الفوائد )

بيان العلة التي من أجلها حُرِّم هذا الفعل وهو ” مقت الله تعالى “

وبالتالي فإن العلة إما أن تكون منصوصا عليها كما هنا .

وإما أن تكون مستنبطة .