تعليقات على سنن أبي داود ــ الدرس الرابع ــ من الحديث ( 106 ــ 127)

تعليقات على سنن أبي داود ــ الدرس الرابع ــ من الحديث ( 106 ــ 127)

مشاهدات: 466

تعليقات على سنن أبي داود ــ الدرس الرابع

من الحديث ( 106 ــ 127)

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

فضيلة الشيخ زيد بن مسفر البحري

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

 

 

بسم الله الرحمن الرحيم

 

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه وسلم تسليما كثيرا إلى يوم الدين .

 

 

 

50- باب صفة وضوء النبي صلى الله عليه وسلم

 

 

حديث رقم -106-

 

(حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ عَلِىٍّ الْحُلْوَانِىُّ حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ عَنِ الزُّهْرِىِّ عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَزِيدَ اللَّيْثِىِّ عَنْ حُمْرَانَ بْنِ أَبَانَ مَوْلَى عُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ قَالَ رَأَيْتُ عُثْمَانَ بْنَ عَفَّانَ تَوَضَّأَ فَأَفْرَغَ عَلَى يَدَيْهِ ثَلاَثًا فَغَسَلَهُمَا ثُمَّ تَمَضْمَضَ وَاسْتَنْثَرَ ثُمَّ غَسَلَ وَجْهَهُ ثَلاَثًا وَغَسَلَ يَدَهُ الْيُمْنَى إِلَى الْمِرْفَقِ ثَلاَثًا ثُمَّ الْيُسْرَى مِثْلَ ذَلِكَ ثُمَّ مَسَحَ رَأْسَهُ ثُمَّ غَسَلَ قَدَمَهُ الْيُمْنَى ثَلاَثًا ثُمَّ الْيُسْرَى مِثْلَ ذَلِكَ ثُمَّ قَالَ رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- تَوَضَّأَ مِثْلَ وُضُوئِى هَذَا ثُمَّ قَالَ « مَنْ تَوَضَّأَ مِثْلَ وُضُوئِى هَذَا ثُمَّ صَلَّى رَكْعَتَيْنِ لاَ يُحَدِّثُ فِيهِمَا نَفْسَهُ غَفَرَ اللَّهُ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ ») .

قال الشيخ الألباني : صحيح .

 

الشرح :

 

 

هذا الحديث مر معنا ، لكن إضافة إلى ما سبق :

 

 

نجد أن حمران بُيِّن في هذا الحديث بأنه مولى لعثمان رضي الله عنه ، وهذا يدل على أن الأمة الإسلامية فيما مضى أمة متكاملة ، كلٌ بحاجة إلى ما لدى صاحبه ، ويستوي في ذلك الكل ، الأحرار والأرقاء ، وهذا يدل على فضل الإسلام لأنه جمع هؤلاء ، ولا يمكن أن يجمعهم شيء آخر ، لا عروبة ولا قومية ولا من أي شيء آخر .

 

ومن الفوائد :

أن عثمان رضي الله عنه وصف وضوء النبي صلى الله عليه وسلم فلم يدخل كفيه في الإناء ، وإنما أفرغ على كفيه من الإناء فغسلهما ثلاثا .

 

حديث رقم -107-

 

(حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى حَدَّثَنَا الضَّحَّاكُ بْنُ مَخْلَدٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ وَرْدَانَ حَدَّثَنِى أَبُو سَلَمَةَ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ حَدَّثَنِى حُمْرَانُ قَالَ رَأَيْتُ عُثْمَانَ بْنَ عَفَّانَ تَوَضَّأَ. فَذَكَرَ نَحْوَهُ وَلَمْ يَذْكُرِ الْمَضْمَضَةَ وَالاِسْتِنْشَاقَ وَقَالَ فِيهِ وَمَسَحَ رَأْسَهُ ثَلاَثًا ثُمَّ غَسَلَ رِجْلَيْهِ ثَلاَثًا ثُمَّ قَالَ رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- تَوَضَّأَ هَكَذَا وَقَالَ « مَنْ تَوَضَّأَ دُونَ هَذَا كَفَاهُ ». وَلَمْ يَذْكُرْ أَمْرَ الصَّلاَةِ )

قال الشيخ الألباني : حسن صحيح .

الشرح :

هذا الحديث حجة لمن قال بعدم وجوب المضمضة والاستنشاق في الوضوء لأنه لم يذكر المضمضة والاستنشاق في هذا الحديث ، ولكنها ذكرت في روايات أخرى ، فلا حجة لهم في هذا .

 

ومن الفوائد :

 

أن بعض العلماء أخذ منه أن مسح الرأس يكون ثلاثا ، بدلالة هذا الحديث ، لكن هذه الرواية جعلها كثير من المحققين شاذة ،  فلا يعتد بها لأن الأحاديث الكثيرة جاءت بمسح الرأس مرة واحدة .

بينما آخرون قالوا بجواز مسح الرأس ثلاثا ، وهم الشافعية .

وبعض العلماء قال : إنه مخير بين الأمرين ، ورد هذا وورد هذا .

 

ومن الفوائد :

أن ما دون الثلاث كافٍ ، وسبق معنا أن النبي صلى الله عليه وسلم ( توضأ مرة مرة ) و ( توضأ مرتين مرتين ) و ( توضأ ثلاثا ثلاثا ) .

 

حديث رقم -108-

 

(حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ دَاوُدَ الإِسْكَنْدَرَانِىُّ حَدَّثَنَا زِيَادُ بْنُ يُونُسَ حَدَّثَنِى سَعِيدُ بْنُ زِيَادٍ الْمُؤَذِّنُ عَنْ عُثْمَانَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ التَّيْمِىِّ قَالَ سُئِلَ ابْنُ أَبِى مُلَيْكَةَ عَنِ الْوُضُوءِ فَقَالَ رَأَيْتُ عُثْمَانَ بْنَ عَفَّانَ سُئِلَ عَنِ الْوُضُوءِ فَدَعَا بِمَاءٍ فَأُتِىَ بِمِيضَأَةٍ فَأَصْغَى عَلَى يَدِهِ الْيُمْنَى ثُمَّ أَدْخَلَهَا فِى الْمَاءِ فَتَمَضْمَضَ ثَلاَثًا وَاسْتَنْثَرَ ثَلاَثًا وَغَسَلَ وَجْهَهُ ثَلاَثًا ثُمَّ غَسَلَ يَدَهُ الْيُمْنَى ثَلاَثًا وَغَسَلَ يَدَهُ الْيُسْرَى ثَلاَثًا ثُمَّ أَدْخَلَ يَدَهُ فَأَخَذَ مَاءً فَمَسَحَ بِرَأْسِهِ وَأُذُنَيْهِ فَغَسَلَ بُطُونَهُمَا وَظُهُورَهُمَا مَرَّةً وَاحِدَةً ثُمَّ غَسَلَ رِجْلَيْهِ ثُمَّ قَالَ أَيْنَ السَّائِلُونَ عَنِ الْوُضُوءِ هَكَذَا رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- يَتَوَضَّأُ)

قال الشيخ الألباني : حسن صحيح .

 

الشرح :

يستفاد من هذا الحديث :

أن المضمضة والاستنشاق يكونان قبل غسل الوجه ، وأن السنة أن يكون غسل الوجه عقب المضمضة والاستنشاق .

ومن الفوائد :

ما ذهب إليه الإمام أحمد رحمه الله من أن سنة النبي صلى الله عليه وسلم الراتبة هي المحافظة على المضمضة والاستنشاق ، فتكونان واجبتين في الوضوء وفي الغسل ، لأن الغسل متضمن الوضوء .

 

 

ومن الفوائد :

أن المسح على الرأس إنما يكون مرة واحدة ، وهذا هو دليل الجمهور.

 

ومن الفوائد :

أن مسح الأذنين يستوعبان من الظاهر والباطن ، ولما ذكر مسح الرأس ومسح الأذنين من أنه مسح الباطن والظاهر ، يُردُ به على من قال إن الأذنين تغسلان مع الوجه وتمسحان مع الرأس ، فيقول : نغسل ما كان بجانب الوجه ، وما كان من الظاهر من الخلف يكون مع الخلف ، ولكن هذا الحديث يرد عليه ، قال : ( فسمح ظاهرهما وباطنهما )

ولم يبين هنا كيفية المسح ، وسيأتي إن شاء الله تعالى .

 

 

حديث رقم -109-

 

(حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُوسَى أَخْبَرَنَا عِيسَى أَخْبَرَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ – يَعْنِى ابْنَ أَبِى زِيَادٍ – عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُبَيْدِ بْنِ عُمَيْرٍ عَنْ أَبِى عَلْقَمَةَ أَنَّ عُثْمَانَ دَعَا بِمَاءٍ فَتَوَضَّأَ فَأَفْرَغَ بِيَدِهِ الْيُمْنَى عَلَى الْيُسْرَى ثُمَّ غَسَلَهُمَا إِلَى الْكُوعَيْنِ – قَالَ – ثُمَّ مَضْمَضَ وَاسْتَنْشَقَ ثَلاَثًا وَذَكَرَ الْوُضُوءَ ثَلاَثًا – قَالَ – وَمَسَحَ بِرَأْسِهِ ثُمَّ غَسَلَ رِجْلَيْهِ وَقَالَ رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- تَوَضَّأَ مِثْلَ مَا رَأَيْتُمُونِى تَوَضَّأْتُ)

قال الشيخ الألباني : حسن صحيح .

 

الشرح :

 

هذا الحديث جمله نفس جمل الأحاديث السابقة .

وقوله ( ومسح برأسه ) الباء هنا : للإلصاق ، على غرار ما جاء في كتاب الله سبحانه وتعالى : { وَامْسَحُواْ بِرُؤُوسِكُمْ }  فإذا كانت للإلصاق فإنها تفيد ما ذهب إليه كثير من العلماء من  أن الرأس يجب أن يستوعب بالمسح ، خلافا لمن قال يكتفى بشعرة ، وخلافا لمن قال يكتفى برُبعه ، بناء على ما ذهبوا إليه من أن الباء للتبعيض ، ولذا قال ابن برهان رحمه الله [ من قال إن الباء تأتي في اللغة العربية بمعنى التبعيض فقد أتى لأهل العربية بما لا يعرفونه ] فعلى قوله لم تأت الباء للتبعيض ، ومما يؤكد أن المسح يجب أن يكون على جميع الرأس أن عثمان رضي الله رضي الله عنه في الأذنين وهما الأذنان مسح الباطن والظاهر ، فمن باب أولى أن يكون الرأس .

 

حديث رقم -110-

 

(حَدَّثَنَا هَارُونُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ آدَمَ حَدَّثَنَا إِسْرَائِيلُ عَنْ عَامِرِ بْنِ شَقِيقِ بْنِ جَمْرَةَ عَنْ شَقِيقِ بْنِ سَلَمَةَ قَالَ رَأَيْتُ عُثْمَانَ بْنَ عَفَّانَ غَسَلَ ذِرَاعَيْهِ ثَلاَثًا ثَلاَثًا وَمَسَحَ رَأْسَهُ ثَلاَثًا ثُمَّ قَالَ رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- فَعَلَ هَذَا )

قال الشيخ الألباني : حسن صحيح .

 

الشرح :

كما قلت لكم ، هذا حجة لمن قال بأن مسح الرأس ثلاثا ،مع أن البعض

من العلماء يجعل هذا الحديث ليس على سبيل المرات وإنما على سبيل الاستيعاب ، بمعنى أنه بدأ من منتصف رأسه فمسح إلى المقدمة ثم إلى المؤخرة ثم عاد مرة أخرى ، فهذا يصدق عليه أنه مسح ثلاث مرات ، ولكن يمكن أن يؤكده دليل آخر سيأتي معنا إن شاء الله تعالى ، لكن على كل حال ما ذُكر من المسح ثلاثا شاذ ، رواته ثقات لكنه شاذ ، لأن الشاذ هو ما خالف الثقة من هو أوثق منه .

 

 

 حديث رقم -111-

 

(حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ عَنْ خَالِدِ بْنِ عَلْقَمَةَ عَنْ عَبْدِ خَيْرٍ قَالَ أَتَانَا عَلِىٌّ – رضى الله عنه – وَقَدْ صَلَّى فَدَعَا بِطَهُورٍ فَقُلْنَا مَا يَصْنَعُ بِالطَّهُورِ وَقَدْ صَلَّى مَا يُرِيدُ إِلاَّ أَنْ يُعَلِّمَنَا فَأُتِىَ بِإِنَاءٍ فِيهِ مَاءٌ وَطَسْتٍ فَأَفْرَغَ مِنَ الإِنَاءِ عَلَى يَمِينِهِ فَغَسَلَ يَدَيْهِ ثَلاَثًا ثُمَّ تَمَضْمَضَ وَاسْتَنْثَرَ ثَلاَثًا فَمَضْمَضَ وَنَثَرَ مِنَ الْكَفِّ الَّذِى يَأْخُذُ فِيهِ ثُمَّ غَسَلَ وَجْهَهُ ثَلاَثًا ثُمَّ غَسَلَ يَدَهُ الْيُمْنَى ثَلاَثًا وَغَسَلَ يَدَهُ الشِّمَالَ ثَلاَثًا ثُمَّ جَعَلَ يَدَهُ فِى الإِنَاءِ فَمَسَحَ بِرَأْسِهِ مَرَّةً وَاحِدَةً ثُمَّ غَسَلَ رِجْلَهُ الْيُمْنَى ثَلاَثًا وَرِجْلَهُ الشِّمَالَ ثَلاَثًا ثُمَّ قَالَ مَنْ سَرَّهُ أَنْ يَعْلَمَ وُضُوءَ رَسُولِ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- فَهُوَ هَذَا.)

قال الشيخ الألباني : صحيح .

 

يستفاد من هذا الحديث :

حرص الصحابة رضي الله عنهم على أن ينشروا العلم تطبيقا ، لأنه أبلغ في ثبوت المعلومة واستقرارها في الذهن .

 

ومن الفوائد :

أن الطست الذي أُتِي به لعلي رضي الله عنه مع أنه أُتي إليه بإناء فيه ماء ، أنه لأجل أن ينزل فيه الماء المستعمل ، ولكن جاءت رواية تبين أنه ( أتي بإناء في طست ) فدل على أنه لم يقصد بهذا ، وإنما هو إناء يؤخذ به من هذا الطست .

 

ومن الفوائد :

أن هذا الحديث استدل به من قال بأن الاستنثار واجب ، وقد اطلعت على قول يقول بوجوب الاستنثار ، وما نقل من إجماع على أن الاستنثار سنة ليس بصحيح ، فهناك من خالف ، لأنه أطلق هنا على الاستنشاق استنثارا ، ولذلك يقولون إنه لا يمكن أن يتحقق الاستنثار الذي هو مطلب إلا بالاستنشاق ، لماذا أستنشق ؟ من أجل أن أنظف ما في أنفي ، وهذا لا يحصل إلا بالاستنثار ، وهو قول قوي لا سيما مع الأدلة السابقة

 

حديث رقم -112-

 

(حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ عَلِىٍّ الْحُلْوَانِىُّ حَدَّثَنَا الْحُسَيْنُ بْنُ عَلِىٍّ الْجُعْفِىُّ عَنْ زَائِدَةَ حَدَّثَنَا خَالِدُ بْنُ عَلْقَمَةَ الْهَمْدَانِىُّ عَنْ عَبْدِ خَيْرٍ قَالَ صَلَّى عَلِىُّ رضى الله عنه الْغَدَاةَ ثُمَّ دَخَلَ الرَّحْبَةَ فَدَعَا بِمَاءٍ فَأَتَاهُ الْغُلاَمُ بِإِنَاءٍ فِيهِ مَاءٌ وَطَسْتٍ – قَالَ – فَأَخَذَ الإِنَاءَ بِيَدِهِ الْيُمْنَى فَأَفْرَغَ عَلَى يَدِهِ الْيُسْرَى وَغَسَلَ كَفَّيْهِ ثَلاَثًا ثُمَّ أَدْخَلَ يَدَهُ الْيُمْنَى فِى الإِنَاءِ فَتَمَضْمَضَ ثَلاَثًا وَاسْتَنْشَقَ ثَلاَثًا. ثُمَّ سَاقَ قَرِيبًا مِنْ حَدِيثِ أَبِى عَوَانَةَ قَالَ ثُمَّ مَسَحَ رَأْسَهُ مُقَدَّمَهُ وَمُؤَخَّرَهُ مَرَّةً. ثُمَّ سَاقَ الْحَدِيثَ نَحْوَهُ. )

قال الشيخ الألباني : صحيح .

الشرح :

هذا الحديث مثل الأحاديث السابقة .

والرحبة : موضع في الكوفة .

 

حديث رقم -113-

 

(حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى حَدَّثَنِى مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ حَدَّثَنِى شُعْبَةُ قَالَ سَمِعْتُ مَالِكَ بْنَ عُرْفُطَةَ سَمِعْتُ عَبْدَ خَيْرٍ قَالَ رَأَيْتُ عَلِيًّا – رضى الله عنه – أُتِىَ بِكُرْسِىٍّ فَقَعَدَ عَلَيْهِ ثُمَّ أُتِىَ بِكُوزٍ مِنْ مَاءٍ فَغَسَلَ يَدَيْهِ ثَلاَثًا ثُمَّ تَمَضْمَضَ مَعَ الاِسْتِنْشَاقِ بِمَاءٍ وَاحِدٍ. وَذَكَرَ الْحَدِيثَ.)  

قال الشيخ الألباني : صحيح .

 

الشرح :

 

يستفاد من هذا الحديث :

 

أن الوضوء على مقعد أو على كرسي لا بأس به كما صنع علي رضي الله عنه ، كما هو موجود في بعض دورات المساجد ، يوضع مكان يجلس عليه المتوضأ ، فهذا الحديث حجة لمن صنع هذا .

والكوز : هو الإناء الذي يكون له عروة ، فإذا لم يكن له عروة فيسمى كوبا.

 

ومن الفوائد :

أن المضمضة والاستنشاق يكونان من كفٍ واحد .

 

حديث رقم -114-

 

(حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ أَبِى شَيْبَةَ حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ حَدَّثَنَا رَبِيعَةُ الْكِنَانِىُّ عَنِ الْمِنْهَالِ بْنِ عَمْرٍو عَنْ زِرِّ بْنِ حُبَيْشٍ أَنَّهُ سَمِعَ عَلِيًّا رضى الله عنه وَسُئِلَ عَنْ وُضُوءِ رَسُولِ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- فَذَكَرَ الْحَدِيثَ وَقَالَ وَمَسَحَ عَلَى رَأْسِهِ حَتَّى لَمَّا يَقْطُرْ وَغَسَلَ رِجْلَيْهِ ثَلاَثًا ثَلاَثًا ثُمَّ قَالَ هَكَذَا كَانَ وُضُوءُ رَسُولِ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم-.)  

قال الشيخ الألباني : صحيح .

 

الشرح :

 

يستفاد من هذا الحديث :

أن صنيع على رضي الله عنه فيما مضى ناتج عن سؤال ، وربما أن تكون هذه واقعة أخرى صدرت من علي رضي الله عنه نتيجة سؤال ، بخلاف الأحاديث السابقة .

 

 

ومن الفوائد :

أن عليا رضي الله عنه مسح على رأسه حتى رأى الرائي متوقعا أن الماء سيقطر ، لكنه لا يقطر ، فدل على أن المسح على الرأس مبني على التخفيف .

 

حديث رقم -115-

 

(حَدَّثَنَا زِيَادُ بْنُ أَيُّوبَ الطُّوسِىُّ حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُوسَى حَدَّثَنَا فِطْرٌ عَنْ أَبِى فَرْوَةَ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِى لَيْلَى قَالَ رَأَيْتُ عَلِيًّا – رضى الله عنه – تَوَضَّأَ فَغَسَلَ وَجْهَهُ ثَلاَثًا وَغَسَلَ ذِرَاعَيْهِ ثَلاَثًا وَمَسَحَ بِرَأْسِهِ وَاحِدَةً ثُمَّ قَالَ هَكَذَا تَوَضَّأَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم-)  

قال الشيخ الألباني : صحيح .

 

الشرح :

نفس ما سبق .

 

حديث رقم -116-

 

(حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ وَأَبُو تَوْبَةَ قَالاَ حَدَّثَنَا أَبُو الأَحْوَصِ ح وَحَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ عَوْنٍ أَخْبَرَنَا أَبُو الأَحْوَصِ عَنْ أَبِى إِسْحَاقَ عَنْ أَبِى حَيَّةَ قَالَ رَأَيْتُ عَلِيًّا – رضى الله عنه – تَوَضَّأَ فَذَكَرَ وُضُوءَهُ كُلَّهُ ثَلاَثًا ثَلاَثًا – قَالَ – ثُمَّ مَسَحَ رَأْسَهُ ثُمَّ غَسَلَ رِجْلَيْهِ إِلَى الْكَعْبَيْنِ ثُمَّ قَالَ إِنَّمَا أَحْبَبْتُ أَنْ أُرِيَكُمْ طُهُورَ رَسُولِ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم-)

قال الشيخ الألباني : صحيح .

الشرح :

هذا يؤكد ما ذكرنا من الاحتمال الثاني ، وهو أنه تعدد الحال معه رضي الله عنه ، فتوضأ بناء على سؤال ، وتوضأ بناء على رغبة منه رضي الله عنه في بيان صفة وضوء رسول الله صلى الله عليه وسلم .

 

حديث رقم -117-

 

(حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ يَحْيَى الْحَرَّانِىُّ حَدَّثَنَا مُحَمَّدٌ – يَعْنِى ابْنَ سَلَمَةَ – عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ طَلْحَةَ بْنِ يَزِيدَ بْنِ رُكَانَةَ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ الْخَوْلاَنِىِّ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ دَخَلَ عَلَىَّ عَلِىٌّ – يَعْنِى ابْنَ أَبِى طَالِبٍ – وَقَدْ أَهْرَاقَ الْمَاءَ فَدَعَا بِوَضُوءٍ فَأَتَيْنَاهُ بِتَوْرٍ فِيهِ مَاءٌ حَتَّى وَضَعْنَاهُ بَيْنَ يَدَيْهِ فَقَالَ يَا ابْنَ عَبَّاسٍ أَلاَ أُرِيكَ كَيْفَ كَانَ يَتَوَضَّأُ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- قُلْتُ بَلَى. قَالَ فَأَصْغَى الإِنَاءَ عَلَى يَدِهِ فَغَسَلَهَا ثُمَّ أَدْخَلَ يَدَهُ الْيُمْنَى فَأَفْرَغَ بِهَا عَلَى الأُخْرَى ثُمَّ غَسَلَ كَفَّيْهِ ثُمَّ تَمَضْمَضَ وَاسْتَنْثَرَ ثُمَّ أَدْخَلَ يَدَيْهِ فِى الإِنَاءِ جَمِيعًا فَأَخَذَ بِهِمَا حَفْنَةً مِنْ مَاءٍ فَضَرَبَ بِهَا عَلَى وَجْهِهِ ثُمَّ أَلْقَمَ إِبْهَامَيْهِ مَا أَقْبَلَ مِنْ أُذُنَيْهِ ثُمَّ الثَّانِيَةَ ثُمَّ الثَّالِثَةَ مِثْلَ ذَلِكَ ثُمَّ أَخَذَ بِكَفِّهِ الْيُمْنَى قَبْضَةً مِنْ مَاءٍ فَصَبَّهَا عَلَى نَاصِيَتِهِ فَتَرَكَهَا تَسْتَنُّ عَلَى وَجْهِهِ ثُمَّ غَسَلَ ذِرَاعَيْهِ إِلَى الْمِرْفَقَيْنِ ثَلاَثًا ثَلاَثًا ثُمَّ مَسَحَ رَأْسَهُ وَظُهُورَ أُذُنَيْهِ ثُمَّ أَدْخَلَ يَدَيْهِ جَمِيعًا فَأَخَذَ حَفْنَةً مِنْ مَاءٍ فَضَرَبَ بِهَا عَلَى رِجْلِهِ وَفِيهَا النَّعْلُ فَفَتَلَهَا بِهَا ثُمَّ الأُخْرَى مِثْلَ ذَلِكَ. قَالَ قُلْتُ وَفِى النَّعْلَيْنِ قَالَ وَفِى النَّعْلَيْنِ. قَالَ قُلْتُ وَفِى النَّعْلَيْنِ قَالَ وَفِى النَّعْلَيْنِ. قَالَ قُلْتُ وَفِى النَّعْلَيْنِ قَالَ وَفِى النَّعْلَيْنِ. )

قال الشيخ الألباني : حسن .

 

الشرح :

أن هذا الحديث يحسنه الألباني رحمه الله ، مع أن البعض من العلماء لا يراه صحيحا ولا حسنا ، ولكن يستفاد من هذا الحديث بناء على القول بتحسينه ، ما يلي :

أن قوله ( أهراق الماء ) يعني أنه بال ، ولذلك ما جاء من حديث ( لا يقل أحدكم أهرق الماء ، ولكن البول ) فهذا الحديث لا يصح ، فيصح أن يقول الإنسان أذهب لأهراق الماء أو لأبول ، فلا بأس في ذكر هذا أو في ذكر هذا ، فليس هناك مانع يمنع الأمرين .

 

ومن الفوائد :

أن الوضوء من التور وهو الإناء المصنوع من خشب على قول ، أو على القول بأنه من صفر ، أفاد بأن الإناء المصنوع من الخشب أو الصفر فإنه لا بأس به .

 

ومن الفوائد :

أن غسل الوجه يكون بتلك اليدين .

 

ومن الفوائد :

الرد على من قال إن من مندوبات الوضوء ألا يضرب وجهه بالماء ، ولكن هذا الحديث يرد عليه ( فضرب بها على وجهه ) لكنهم قالوا لا يقصد باللطم الصك وهو الضرب ، وإنما يراد إسالة الماء ، ولكن جاء في المسند وفي صحيح ابن حبان ( فصك بهما وجهه ) فدل على أن ضرب الوجه بالماء من المندوبات خلافا لمن لم ير ذلك .

 

ومن الفوائد :

 

أن جملة ( ثم ألقم إبهاميه ما أقبل من أذنيه ) استدل بها من قال بأن الأذنين تغسلان مع الوجه ، ولكن الصواب أن الأذنين تمسحان مع الرأس ولا تغسلان ، إنما هذا الصنيع فيه دلالة على أن البياض الذي بين الأذن واللحية الذي لم ينبت فيه شعر ، دل على أنه من الوجه ، فيجب أن يغسل .

 

ومن الفوائد :

 

أن أخذه رضي الله عنه قبضة من الماء وصبه لهذه الحفنة على ناصيته ، وهي مقدم الرأس ، وقع في هذا الفعل اختلاف بين العلماء ، لماذا صب على هذه الناصية مع أنها من الرأس ؟

فبعض العلماء قال : لعل هناك بقية من الوجه لم يصبها ماء ، فأفرغ هذه الحفنة من أجل أن يعمم الوجه .

وقال بعض العلماء : هذه لا تعد زائدة على الثالثة ، وإنما هي من ضمن الثلاث ، لأن الوجه يحتاج إلى مزيد غسل .

وقال بعض العلماء : إن صبه على مقدمة الرأس ليتمكن من استيعاب الماء لجميع الوجه .

والصواب :

أنها ليست زائدة على الثالثة ، لأن هذا يخالف الأحاديث الأخرى الكثيرة ، وإنما أريد بها أن هناك موضعا من الوجه لم يصبه الماء.

 

ومن الفوائد :

أن قوله ( فتركها تستن ) يعني تسيل على وجهه ، وهذا يدل على أن المقصود هو الوجه وليس المقصود هو الرأس ، لأنه تركها رضي الله عنه تسيل على وجهه .

 

ومن الفوائد :

استدل بهذا الحديث بعض العلماء على أن المسح على النعلين جائز لهذا الفعل ، ولكن سبق وأن ذكرنا أن هذا قول مرجوح ، لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال ( ويل للأعقاب من النار ) ومرت هذه المسألة معنا ، ومما يدل على أن فعل علي رضي الله عنه ليس مسحا أنه لما صبها فتلها ، ومن أراد المسح فإنه لا يفعل هذا المسح وهو الدلك ، بل يستفاد من ذلك أن للإنسان أن يغسل قدميه في أثناء الوضوء وعليه النعلان إذا تمكن واستوثق من تعميم القدم بالماء ، ولذلك فتلها علي رضي الله عنه .

 

ومن الفوائد :

 

استفاد منه بعض العلماء زيادة على قوله تعالى : { وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ } { وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَينِ } أن المرفق والكعبين غير داخلين في الوضوء ، ولكن الصواب أنهما داخلان ، أما بالنسبة إلى الكعبين فهذا واضح من قول النبي صلى الله عليه وسلم ( ويل للأعقاب من النار ) وأما المرفقان : فإن النبي صلى الله عليه وسلم كما عند مسلم وغيره ( غسل يده حتى أشرع في العضد ) من أجل أن يستوعب المرفق ، فـ [ إلى ] الأصل فيها أنها تفيد الغاية ، إلا إذا وجد دليل يدل على أن ما بعدها داخل فيما قبلها كما هنا ، فـ [ إلى ] هنا بمعنى [ مع ] .

عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ (( وَمَسَحَ بِرَأْسِهِ مَرَّةً وَاحِدَةً )) صحيح .

 (( وَقَالَ ابْنُ وَهْبٍ فِيهِ عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ وَمَسَحَ بِرَأْسِهِ ثَلاَثًا. ))

شاذ .

هذه الرواية محكوم عليها بأنها شاذة .

 

حديث رقم -118-

 

(حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْلَمَةَ عَنْ مَالِكٍ عَنْ عَمْرِو بْنِ يَحْيَى الْمَازِنِىِّ عَنْ أَبِيهِ أَنَّهُ قَالَ لِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ زَيْدِ بْنِ عَاصِمٍ – وَهُوَ جَدُّ عَمْرِو بْنِ يَحْيَى الْمَازِنِىِّ هَلْ تَسْتَطِيعُ أَنْ تُرِيَنِى كَيْفَ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- يَتَوَضَّأُ فَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ زَيْدٍ نَعَمْ. فَدَعَا بِوَضُوءٍ فَأَفْرَغَ عَلَى يَدَيْهِ فَغَسَلَ يَدَيْهِ ثُمَّ تَمَضْمَضَ وَاسْتَنْثَرَ ثَلاَثًا ثُمَّ غَسَلَ وَجْهَهُ ثَلاَثًا ثُمَّ غَسَلَ يَدَيْهِ مَرَّتَيْنِ مَرَّتَيْنِ إِلَى الْمِرْفَقَيْنِ ثُمَّ مَسَحَ رَأْسَهُ بِيَدَيْهِ فَأَقْبَلَ بِهِمَا وَأَدْبَرَ بَدَأَ بِمُقَدَّمِ رَأْسِهِ ثُمَّ ذَهَبَ بِهِمَا إِلَى قَفَاهُ ثُمَّ رَدَّهُمَا حَتَّى رَجَعَ إِلَى الْمَكَانِ الَّذِى بَدَأَ مِنْهُ ثُمَّ غَسَلَ رِجْلَيْهِ.)

قال الشيخ الألباني : صحيح .

 

الشرح :

يستفاد من هذا الحديث :

أن عبد الله بن زيد هنا ليس هو عبد الله بن زيد بن عبد ربه الذي روى حديث الأذان ،  فهما شخصان مختلفان ، خلافا لمن ظن أنهما واحد .

ومن الفوائد :

حرص السلف رحمهم الله على أن يتلقوا العلم من أهله ، بل يطلبون أن يُرى وضوء النبي صلى الله عليه وسلم ممن رأى النبي صلى الله عليه وسلم .

ومن الفوائد :

أن الثلاث ليست مشترطة ، وقد مر معنا أنه يمكن أن يفرق بين أعضاء الوضوء في العدد ، لكن لا يزاد على الثلاث .

 

حديث رقم -119-

 

(حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ حَدَّثَنَا خَالِدٌ عَنْ عَمْرِو بْنِ يَحْيَى الْمَازِنِىِّ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ زَيْدِ بْنِ عَاصِمٍ بِهَذَا الْحَدِيثِ قَالَ فَمَضْمَضَ وَاسْتَنْشَقَ مِنْ كَفٍّ وَاحِدَةٍ يَفْعَلُ ذَلِكَ ثَلاَثًا. ثُمَّ ذَكَرَ نَحْوَهُ.)

قال الشيخ الألباني : صحيح .

الشرح :

هذا الحديث أفاد بأن المضمضة والاستنشاق تكونان من كف واحد ، وفعل ذلك ثلاث مرات .

 

حديث رقم -120-

 

(حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَمْرِو بْنِ السَّرْحِ حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ عَنْ عَمْرِو بْنِ الْحَارِثِ أَنَّ حَبَّانَ بْنَ وَاسِعٍ حَدَّثَهُ أَنَّ أَبَاهُ حَدَّثَهُ أَنَّهُ سَمِعَ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ زَيْدِ بْنِ عَاصِمٍ الْمَازِنِىَّ يَذْكُرُ أَنَّهُ رَأَى رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- فَذَكَرَ وُضُوءَهُ وَقَالَ وَمَسَحَ رَأْسَهُ بِمَاءٍ غَيْرِ فَضْلِ يَدَيْهِ وَغَسَلَ رِجْلَيْهِ حَتَّى أَنْقَاهُمَا.)

قال الشيخ الألباني : صحيح .

 

 

الشرح :

يستفاد من هذا الحديث :

أن القدمين لابد فيهما من الغسل ، لأنه قال ( غسلهما حتى أنقاهما ) فدل على الاهتمام بغسل القدمين .

 

ومن الفوائد :

أن الرأس يمسح بماء جديد غير الماء الذي بقي من غسل اليدين ، بل يؤخذ ماءٌ جديد للرأس وتمسح الأذنان مع الرأس بماء غير الماء الذي فضل من يديه .

 

حديث رقم -121-

 

(حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ حَنْبَلٍ حَدَّثَنَا أَبُو الْمُغِيرَةِ حَدَّثَنَا حَرِيزٌ حَدَّثَنِى عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مَيْسَرَةَ الْحَضْرَمِىُّ سَمِعْتُ الْمِقْدَامَ بْنَ مَعْدِيكَرِبَ الْكِنْدِىَّ قَالَ أُتِىَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- بِوَضُوءٍ فَتَوَضَّأَ فَغَسَلَ كَفَّيْهِ ثَلاَثًا ثُمَّ تَمَضْمَضَ وَاسْتَنْشَقَ ثَلاَثًا وَغَسَلَ وَجْهَهُ ثَلاَثًا ثُمَّ غَسَلَ ذِرَاعَيْهِ ثَلاَثًا ثَلاَثًا ثُمَّ مَسَحَ بِرَأْسِهِ وَأُذُنَيْهِ ظَاهِرِهِمَا وَبَاطِنِهِمَا. )

قال الشيخ الألباني : صحيح .

 

الشرح :

 

يستفاد من هذا الحديث :

 

أن بعض العلماء قال إن الترتيب غير مشترط في الوضوء ، لأن المضمضة والاستنشاق بعد غسل الوجه وغسل الذراعين ، ولكن الصحيح أن الترتيب شرط ، لأن الله سبحانه وتعالى أدخل الممسوح من بين المغسولات – كما في الآية – ومعلوم أن مقتضى البلاغة أن يؤتى بالشيء تلو الآخر من جنسه لا من غير جنسه ، فلما أتي بالمسح وهو من غير جنس الغسل ، دل على أن هناك فائدة وهي فائدة الترتيب بين أعضاء الوضوء ، والنبي صلى الله عليه وسلم في الأحاديث الكثيرة الشهيرة رتب وضوءه ، فتكون هذه الرواية شاذة .

 

حديث رقم -122-

 

(حَدَّثَنَا مَحْمُودُ بْنُ خَالِدٍ وَيَعْقُوبُ بْنُ كَعْبٍ الأَنْطَاكِىُّ – لَفْظُهُ – قَالاَ حَدَّثَنَا الْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ عَنْ حَرِيزِ بْنِ عُثْمَانَ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ مَيْسَرَةَ عَنِ الْمِقْدَامِ بْنِ مَعْدِيكَرِبَ قَالَ رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- تَوَضَّأَ فَلَمَّا بَلَغَ مَسْحَ رَأْسِهِ وَضَعَ كَفَّيْهِ عَلَى مُقَدَّمِ رَأْسِهِ فَأَمَرَّهُمَا حَتَّى بَلَغَ الْقَفَا ثُمَّ رَدَّهُمَا إِلَى الْمَكَانِ الَّذِى بَدَأَ مِنْهُ)

قال الشيخ الألباني : صحيح .

 

الشرح :

 

يستفاد من هذا الحديث :

أن المسح له صفة : من مقدمة الرأس إلى القفا ، ومن القفا إلى المقدمة

 

ومن الفوائد :

أن القفا لا يمسح ، وما ورد من أحاديث من أن ( مسح العنق يذهب الغل) حديث لا يصح ، خلافا لمن استحب أن يُمسح العنق ، بناء على هذا الحديث ، بل حكم بعض العلماء على هذا الحديث بأنه موضوع ، كشيخ الإسلام رحمه الله .

 

حديث رقم -123-

 

(حَدَّثَنَا مَحْمُودُ بْنُ خَالِدٍ وَهِشَامُ بْنُ خَالِدٍ – الْمَعْنَى – قَالاَ حَدَّثَنَا الْوَلِيدُ بِهَذَا الإِسْنَادِ قَالَ وَمَسَحَ بِأُذُنَيْهِ ظَاهِرِهِمَا وَبَاطِنِهِمَا. زَادَ هِشَامٌ وَأَدْخَلَ أَصَابِعَهُ فِى صِمَاخِ أُذُنَيْهِ.)

قال الشيخ الألباني : حديث صحيح .

 

الشرح :

يستفاد من هذا الحديث :

أن هنا توضيح لمسح الأذنين ،و في الأحاديث السابقة يسمح الظاهر والباطن منها ، لكن ما هي كيفية المسح ؟ أن يُدخل الأصبعان في صماخ الأذنين .

 

حديث رقم -124-

 

 

(حَدَّثَنَا مُؤَمَّلُ بْنُ الْفَضْلِ الْحَرَّانِىُّ حَدَّثَنَا الْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْعَلاَءِ حَدَّثَنَا أَبُو الأَزْهَرِ الْمُغِيرَةُ بْنُ فَرْوَةَ وَيَزِيدُ بْنُ أَبِى مَالِكٍ أَنَّ مُعَاوِيَةَ تَوَضَّأَ لِلنَّاسِ كَمَا رَأَى رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- يَتَوَضَّأُ فَلَمَّا بَلَغَ رَأْسَهُ غَرَفَ غَرْفَةً مِنْ مَاءٍ فَتَلَقَّاهَا بِشِمَالِهِ حَتَّى وَضَعَهَا عَلَى وَسَطِ رَأْسِهِ حَتَّى قَطَرَ الْمَاءُ أَوْ كَادَ يَقْطُرُ ثُمَّ مَسَحَ مِنْ مُقَدَّمِهِ إِلَى مُؤَخَّرِهِ وَمِنْ مُؤَخَّرِهِ إِلَى مُقَدَّمِهِ)

قال الشيخ الألباني : صحيح .

 

الشرح :

 

يستفاد من هذا الحديث :

أن فعل معاوية رضي الله عنه أفاد أن الرأس يُقتصر فيه على المسح ، ولا يظن أنه يغسل ، لأن الحفنة إذا وضعت على الرأس ثم مسحت تفرَّق الماء ، فلا يصير في حكم المغسول ، لم ؟ لأن الرأس كبير ، ولأنه ذو شعر ، فلا يمكن أن تصدق عليه صورة الغسل .

 

ومن الفوائد :

 

ما ذهب إليه بعض العلماء من أن المسح له صورة ثالثة ، قلنا فيما سبق إن له صورتين من مقدمة الرأس إلى المؤخرة ومن المؤخرة إلى المقدمة ، والصفة الثانية من المؤخرة إلى المقدمة ومن المقدمة إلى المؤخرة ، والصفة الثالثة التي ذهب إليها بعض العلماء ، ولعل مستندهم هذا الحديث ، من أن المسح يبدأ إلى المنتصف ثم إلى المقدمة ثم إلى الخلف ثم إلى المقدمة ، كما صنع معاوية رضي الله عنه .

 

حديث رقم -125-

(حَدَّثَنَا مَحْمُودُ بْنُ خَالِدٍ حَدَّثَنَا الْوَلِيدُ بِهَذَا الإِسْنَادِ قَالَ فَتَوَضَّأَ ثَلاَثًا ثَلاَثًا وَغَسَلَ رِجْلَيْهِ بِغَيْرِ عَدَدٍ. )

قال الشيخ الألباني : صحيح .

 

الشرح :

 

يستفاد من هذا الحديث :

 

أن قوله ( توضأ ثلاثا ثلاثا ) هذا استفاد منه الشافعية من أن المسح على الرأس يكون ثلاث مرات ، ولكنْ القائلون بأن المسح على الرأس مرة واحدة قالوا ( توضأ ثلاثا ثلاثا ) بناء على الغالب في الوضوء ، ما الغالب في الوضوء ؟ أن التثليث يكون في الغسل لا في المسح .

ومن الفوائد :

أن الغسل يكتفى فيه بالثلاث .

 

حديث رقم -126-

 

(حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ حَدَّثَنَا بِشْرُ بْنُ الْمُفَضَّلِ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَقِيلٍ عَنِ الرُّبَيِّعِ بِنْتِ مُعَوِّذِ ابْنِ عَفْرَاءَ قَالَتْ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- يَأْتِينَا فَحَدَّثَتْنَا أَنَّهُ قَالَ « اسْكُبِى لِى وَضُوءًا ».

فَذَكَرَتْ وُضُوءَ رَسُولِ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- قَالَتْ فِيهِ فَغَسَلَ كَفَّيْهِ ثَلاَثًا وَوَضَّأَ وَجْهَهُ ثَلاَثًا وَمَضْمَضَ وَاسْتَنْشَقَ مَرَّةً وَوَضَّأَ يَدَيْهِ ثَلاَثًا ثَلاَثًا وَمَسَحَ بِرَأْسِهِ مَرَّتَيْنِ يَبْدَأُ بِمُؤَخَّرِ رَأْسِهِ ثُمَّ بِمُقَدَّمِهِ وَبِأُذُنَيْهِ كِلْتَيْهِمَا ظُهُورِهِمَا وَبُطُونِهِمَا وَوَضَّأَ رِجْلَيْهِ ثَلاَثًا ثَلاَثًا )

قال الشيخ الألباني : حسن

 

الشرح :

يستفاد من هذا الحديث :

أن المعونة في الوضوء مباحة ، فإن النبي صلى الله عليه وسلم أمر هذه المرأة أن تسكب ماء للوضوء .

 

ومن الفوائد :

 

أن مسح الرأس إنما يكون مرة واحدة ، ولذلك اختلفت الروايات ، فمنهم من يقول ثلاثا ، ومنهم من قال مرتين .

ومن الفوائد :

 

أن الوجه قدِّم على المضمضة والاستنشاق ، فهذا يدل على الجواز ، فيجوز للإنسان أن يغسل وجهه ثم يتمضمض ويستنشق ، لأن الأنف والفم من الوجه ، بل هذا دليل لمن قال بأن المضمضة والاستنشاق واجبان من واجبات الوضوء ، لم ؟ لأن الله سبحانه وتعالى ذكر المضمضة والاستنشاق في كتابه ، فإن قيل كيف مع أنه عز وجل قال  :{ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ فاغْسِلُواْ وُجُوهَكُمْ }المائدة6 ، فلم يذكرها ؟ نقول إن ذكر الوجه متضمن للفم والأنف .

 

حديث رقم -127-

 

(حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنِ ابْنِ عَقِيلٍ بِهَذَا الْحَدِيثِ يُغَيِّرُ بَعْضَ مَعَانِى بِشْرٍ قَالَ فِيهِ وَتَمَضْمَضَ وَاسْتَنْثَرَ ثَلاَثًا.  )

قال الشيخ الألباني : شاذ .

 

الشرح :

أن ما أخذ من بعض الأحاديث الأخرى من أنه تمضمض واستنشق من غير عدد ، بيِّن في هذا الحديث .

 

الأسئلة :

 

س1: كيف تكون المضمضة والاستنشاق من كف واحد ؟

ج1 :  تأخذ حفنة ثم تتمضمض وتستنشق في آن واحد ، ثم تأخذ أخرى وهكذا ، تصل بين المضمضة والاستنشاق .

 

س2 : كل الكف مذكرة أو مؤنثة ؟

ج2  : يصح الوجهان ( من كف واحد ) و ( من كف واحدة )

 

س3 :  إذا لم يجد السواك في الوضوء ؟

ج3  : ثبت في مسند الإمام أحمد أن النبي صلى الله عليه وسلم ( تمضمض فوضع أصبعه في فمه ) ولذلك استدل به الفقهاء على أن الإنسان إذا افتقد السواك ، فلا يعدم من الاستياك بأصابعه .

 

س4 : هل دلك أعضاء الوضوء واجب ؟

ج4  : الدلك سنة ، خلافا لمن جعله شرطا وخلافا لمن أوجبه ، وستأتي معنا أحاديث إن شاء الله نرد بها على من قال بأن الدلك واجب