شرح كتاب التوحيد ( 44 ) [ باب قول : ” ما شاء الله وشئت ” ]

شرح كتاب التوحيد ( 44 ) [ باب قول : ” ما شاء الله وشئت ” ]

مشاهدات: 789

شرح كتاب التوحيد

( 44 )

[ باب قول : ما شاء الله وشئت ]

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

لفضيلة الشيخ زيد بن مسفر البحري

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

 

وهذا هو رابط هذا الدرس على القناة العلمية الصوتية للشيخ :

 

https://www.youtube.com/watch?v=40csEgs_rm8&index=45&list=PLLqPd_eY0IBM6kO0TRJOVvrp3H7mmLbbz

 

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

 

عن قُتَيْلَة: أَنَّ يَهُودِيًّا أَتَى النَّبِيَّ  صلى الله عليه وسلم  فَقَالَ: إِنَّكُمْ تُشْرِكُونَ تَقُولُونَ مَا شَاءَ اللَّهُ وَشِئْتَ وَتَقُولُونَ: وَالْكَعْبَةِ، فَأَمَرَهُمُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم إِذَا أَرَادُوا أَنْ يَحْلِفُوا أَنْ يَقُولُوا: وَرَبِّ الْكَعْبَةِ وأن وَيَقُولُوا: « مَا شَاءَ اللَّهُ ثُمَّ شِئْتَ»   رواه النسائي وصححه.

 من الفوائد:

1 ـ أن الهوى سبب لإضلال العالم ، وذلك أن اليهود عندهم علم ، فسبب اتباعهم للهوى نسوا الجريمة الكبرى التي اقترفوها، وهي الشرك الأكبر، وانتقدوا الصحابة على هذا اللفظ، ولذا قال :﴿ أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ أُوتُواْ نَصِيباً مِّنَ الْكِتَابِ يَشْتَرُونَ الضَّلاَلَةَ وَيُرِيدُونَ أَن تَضِلُّواْ السَّبِيلَ ﴾ [النساء 44]

2 ـ أن قول: «ما شاء الله وشئت» شرك أصغر، هذا إذا كان قصده أن تكون مشيئة العبد ليست كمشيئة الله عز وجل ، أما لو اعتقد أن مشيئة المخلوق كمشيئة الخالق فإنه شرك أكبر.

3 ـ أن النبي صلى الله عليه وسلم  لما نهاهم عن هذا اللفظ أتى لهم بالبديل قال:«قولوا: مَا شَاءَ اللَّهُ ثُمَّ شِئْتَ» وقال لهم لما كانوا يحلفون بالكعبة قال:«قولوا: وَرَبِّ الْكَعْبَةِ».

4 ـ أن قول «ما شاء الله ثم شئت» يختلف عن قول «ما شاء الله وشئت»  وذلك لأن الواو تقتضي المساواة ، فكأنه ساوى مشيئة المخلوق بمشيئة الخالق بخلاف جملة  «ما شاء الله ثم شئت» لأن  «ثم» تفيد الترتيب فتكون مشيئة الله ثم مشيئة المخلوق.

5 ـ أن على الداعية أن يختار اللفظ البديل الجائز القريب للفظ المنهي عنه لأنه قال:«قولوا: وَرَبِّ الْكَعْبَةِ».

6 ـ عظم الإسلام إذ إن الإسلام أمر بأن يقبل الحق من أي شخص كائناً من كان، ولذا قبله صلى الله عليه وسلم لما جرى على لسان هذا اليهودي، وملكة سبأ لما قالت حال كفرها:﴿إِنَّ الْمُلُوكَ إِذَا دَخَلُوا قَرْيَةً أَفْسَدُوهَا وَجَعَلُوا أَعِزَّةَ أَهْلِهَا أَذِلَّةً﴾  [النمل34] صدقها عز وجل  فقال:﴿وَكَذَلِكَ يَفْعَلُونَ﴾ [النمل34].

 

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

 

وله أيضا ، عن ابن عباس رضي الله عنهما : 

” أن رجلا قال للنبي صلى الله عليه وسلم : « ما شاء  اللهُ وشئتَ، فقال : «أَجَعَلْتَني للهِ نِدَاً ؟ بل مَا شَاءَ اللهُ وَحْدَه”

 من الفوائد:

1 ـ أن النبي صلى الله عليه وسلم  أرشد هذا الرجل إلى لفظ بديل أحسن من اللفظ البديل السابق ، فإنه قال في حديث قتيلة:«قولوا: مَا شَاءَ اللَّهُ ثُمَّ شِئْتَ» ، والأفضل أن يقتصر على مشيئة الله، ولذا قال: «بل مَا شَاءَ اللهُ وَحْدَهُ» وقد يقال: إن النبي صلى الله عليه وسلم لم يقل لهذا الرجل: قل ما شاء الله ثم شئت، لأن هذا الرجل بالغ في حق النبي صلى الله عليه وسلم ، ومما يدل على أنه بالغ في حق النبي صلى الله عليه وسلم  أن النبي صلى الله عليه وسلم  أتى بهمزة الاستنكار وقال:  «أَجَعَلْتَني للهِ نِدَاً»؟.

2 ـ أن الشر ك الأصغر يعد صاحبه متخذاً لله نداً لأن مثل هذا اللفظ شرك أصغر وحكم صلى الله عليه وسلم  بأنه ند.

3 ـ حرص النبي صلى الله عليه وسلم  على سد جميع الطرق المفضية إلى الشرك.

4 ـ أن هذا الرجل أبهم فلم يذكره ابن عباس رضي الله عنهما من باب الستر على هذا الرجل.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

 

ولابن ماجه عن الطفيل أَخِي عَائِشَةَ لِأُمِّهَا قال:

رَأَيْتُ كَأَنِّي أَتَيْتُ عَلَى نَفَرٍ مِنَ اليَهُوْدِ; قُلْتُ: إِنَّكُمْ لَأَنْتُمُ القَوْمُ؛ لَوْلَا أَنَّكُمْ تَقُوْلُوْنَ عُزَيْرٌ ابْنُ اللهِ! قَالُوا: وَأَنْتُمْ لَأَنْتُمُ القَوْمُ؛ لَوْلَا أَنَّكُمْ تَقُوْلُوْنَ مَا شَاءَ اللهُ وَشَاءَ مُحَمَّدٌ! ثُمَّ مَرَرْتُ بِنَفَرٍ مِنَ النَّصَارَى، فَقُلْتُ: إِنَّكُمْ لَأَنْتُمُ القَوْمُ؛ لَوْلَا أَنَّكُمْ تَقُوْلُوْنَ: المَسِيْحُ ابْنُ اللهِ! قَالُوا: وَإِنَّكُمْ لَأَنْتُمُ القَوْمُ؛ لَوْلَا أَنَّكُمْ تَقُوْلُوْنَ: مَا شَاءَ اللهُ وَشَاءَ مُحَمَّدٌ! فَلَمَّا أَصْبَحْتُ أَخْبَرْتُ بِهَا مَنْ أَخْبَرْتُ، ثُمَّ أَتَيْتُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم  فَأَخْبَرْتُهُ، قَالَ: (هَلْ أَخْبَرْتَ بِهَا أَحَدًا?) قُلْتُ: نَعَمْ، قَالَ: فَحَمِدَ اللهَ وَأَثْنَى عَلَيْهِ، ثُمَّ قَالَ: «أَمَّا بَعْدُ؛ فَإِنَّ طُفَيْلًا رَأَى رُؤْيَا؛ أَخْبَرَ بِهَا مَنْ أَخْبَرَ مِنْكُمْ، وَإِنَّكُمْ قُلْتُمْ كَلِمَةً كَانَ يَمْنَعُنِي كَذَا وَكَذَا أَنْ أَنْهَاكُمْ عَنْهَا; فَلَا تَقُوْلُوا: مَا شَاءَ اللهُ وَشَاءَ مُحَمَّدٌ، وَلَكِنْ قُوْلُوا: مَا شَاءَ اللهُ وَحْدَهُ»

 من الفوائد:

1 ـ أن تأخير البيان إلى وقت الحاجة جائز، فالنبي صلى الله عليه وسلم  أخر البيان إلى وقت الحاجة فكان في حقه جائزاً، أما تأخير البيان عن وقت الحاجة فإنه محرم في حقه صلى الله عليه وسلم  ، ولذا قال في رواية: قال: «وَإِنَّكُمْ كُنْتُمْ تَقُولُونَ كَلِمَةً كَانَ يَمْنُعُنِي الْحَيَاءُ مِنْكُمْ أَنْ أَنْهَاكُمْ عَنْهَا»  وليس هو الحياء المعروف، لأن الحياء كما قال صلى الله عليه وسلم:«الْحَيَاءُ لاَ يَأْتِي إِلاَّ بِخَيْرٍ» وقال: «الْحَيَاءُ خَيْرٌ كُلُّهُ» وإنما المراد أنه صلى الله عليه وسلم  كان يريد أن ينكر عليهم لكنَّ حياءه من الله عز وجل  منعه أن  ينكر حتى يأتيه أمر من الله عز وجل .

2 ـ أن النبي صلى الله عليه وسلم حرص على حماية التوحيد، ولذا أحب ألا يخبر الطفيل بها أحداً، ولذا ينبغي على المسلمين في الأمور الهامة ألا ينقلوا شيئاً حتى يستشيروا من هم أعلم منهم، ولذا قال تعالى:﴿وَإِذَا جَاءهُمْ أَمْرٌ مِّنَ الأَمْنِ أَوِ الْخَوْفِ أَذَاعُواْ بِهِ وَلَوْ رَدُّوهُ إِلَى الرَّسُولِ وَإِلَى أُوْلِي الأَمْرِ مِنْهُمْ لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنبِطُونَهُ مِنْهُمْ﴾ [النساء83].

3ـ أن النبي صلى الله عليه وسلم أثبت بعض الأحكام الشرعية بالرؤى كما في قصة عبد الله بن زيد رضي الله عنه  في رؤيا الأذان  وكما هنا.

4 ـ أن النبي صلى الله عليه وسلم لو رؤي في المنام وأمر هذا النائم أن يفعل شيئاً، فإن ابن حجر رحمه الله قال: لا يفعل هذا الأمر حتى يعرض على شريعة النبي صلى الله عليه وسلم  لأنه ما مات صلى الله عليه وسلم  إلا وقد بين ووضح، فلربما أن هذا النائم ظن أن هذا هو النبي صلى الله عليه وسلم وليس هو النبي صلى الله عليه وسلم ، ولذا محمد بن سيرين وهو إمام في تفسير الرؤى إذا أخبره شخص بأنه رأى النبي صلى الله عليه وسلم  قال: صفه لي، فإذا وصف على غير صفات النبي صلى الله عليه وسلم  قال: ما رأيته.

5 ـ أن معنى قولهم: «لأنتم القوم» أي  لنعم القوم.

6 ـ حرص النبي صلى الله عليه وسلم على التوحيد إذ أمر الصحابة أن يحصروا المشيئة في الله عز وجل  فقال: ولكن: «قولوا مَا شَاءَ اللَّهُ وحده».

7 ـ أن البعض لا يقول حينما يذكر ابن ماجة لا يقول: ابن ماجة، وإنما يقولها بالهاء دون التاء، ولكن الصحيح أنها تقال: هكذا وهكذا فيصح أن تقول:   لابن ماجة ، أو لابن ماجه.