شرح كتاب التوحيد ( 59 ) باب قوله تعالى : ﴿ يَظُنُّونَ بِاللّهِ غَيْرَ الْحَقِّ ظَنَّ الْجَاهِلِيَّةِ ﴾ [آل عمران154]

شرح كتاب التوحيد ( 59 ) باب قوله تعالى : ﴿ يَظُنُّونَ بِاللّهِ غَيْرَ الْحَقِّ ظَنَّ الْجَاهِلِيَّةِ ﴾ [آل عمران154]

مشاهدات: 477

 شرح كتاب التوحيد

( 59 )

 باب قوله تعالى :

﴿ يَظُنُّونَ بِاللّهِ غَيْرَ الْحَقِّ ظَنَّ الْجَاهِلِيَّةِ يَقُولُونَ  هَل لَّنَا مِنَ الأَمْرِ مِن شَيْءٍ قُلْ إِنَّ الأَمْرَ كُلَّهُ لِلَّهِ ﴾  

[آل عمران154].

وقوله: ﴿الظَّانِّينَ بِاللَّهِ ظَنَّ السَّوْءِ عَلَيْهِمْ دَائِرَةُ السَّوْءِ﴾  [الفتح6]

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

فضيلة الشيخ زيد بن مسفر البحري

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

 

وهذا هو رابط هذا الدرس على القناة العلمية الصوتية للشيخ :

 

https://www.youtube.com/watch?v=BFsv_VhaNIM&index=60&list=PLLqPd_eY0IBM6kO0TRJOVvrp3H7mmLbbz

 

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

 

باب قوله تعالى :

﴿ يَظُنُّونَ بِاللّهِ غَيْرَ الْحَقِّ ظَنَّ الْجَاهِلِيَّةِ يَقُولُونَ  هَل لَّنَا مِنَ الأَمْرِ مِن شَيْءٍ قُلْ إِنَّ الأَمْرَ كُلَّهُ لِلَّهِ ﴾   [آل عمران154].

وقوله: ﴿الظَّانِّينَ بِاللَّهِ ظَنَّ السَّوْءِ عَلَيْهِمْ دَائِرَةُ السَّوْءِ﴾  [الفتح6]

قال ابن القيم في الآية الأولى «فُسِّرَ هَذَا الظَّنُّ بِأَنَّهُ سُبْحَانَهُ لَا يَنْصُرُ رَسُوْلَهُ، وَأَنَّ أَمْرَهُ سَيَضْمَحِلُّ، وَفُسِّرَ بِأَنَّ مَا أَصَابَهُ لَمْ يَكُنْ بِقَدَرِ اللهِ وَحِكْمَتِهِ.

فَفُسِّرَ بِإِنْكَارِ الحِكْمَةِ وَإِنْكَارِ القَدْرِ وَإِنْكَارٍ أَنْ يُتِمَّ أَمْرَ رَسُوْلِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَنْ يُظْهِرَهُ عَلَى الدِّيْنِ كُلِّهِ، وَهَذَا هُوَ ظَنُّ السَّوْءِ الَّذِيْ ظَنَّهُ المُنَافِقُوْنَ وَالمُشْرِكُوْنَ فِي سُوْرَةِ الفَتْحِ.

وَإِنَّمَا كَانَ هَذَا ظَنَّ السُّوْءَ؛ لِأَنَّهُ ظَنُّ غَيْرِ مَا يَلِيْقُ بِهِ سُبْحَانَهُ وَمَا يَلِيْقُ بِحِكْمَتِهِ وَحَمْدِهِ وَوَعْدِهِ الصَّادِقِ.

فَمَنْ ظَنَّ أَنَّهُ يُدِيْلُ البَاطِلَ عَلَى الحَقِّ إِدَالَةً مُسْتَقِرَّةً يَضْمَحِلُّ مَعَهَا الحَقُّ، أَوْ أَنْكَرَ أَنَّ مَا جَرَى بِقَضَائِهِ وَقَدَرِهِ، أَوْ أَنْكَرَ أَنْ يَكُوْنَ قَدَرُهُ لِحِكْمَةٍ بَالِغَةٍ يَسْتَحِقُّ عَلَيْهَا الحَمْدَ – بَلْ زَعَمَ أَنَّ ذَلِكَ لِمَشِيئَةٍ مُجَرَّدَةٍ -; فَذَلِكَ ظَنُّ الَّذِيْنَ كَفَرُوا، فَوَيْلٌ لِلَّذِيْنَ كَفَرُوا مِنَ النَّارِ.

وَأَكْثَرُ النَّاسِ يَظُنُّوْنَ بِاَللَّهِ ظَنَّ السَّوْءِ فِيْمَا يَخْتَصُّ بِهِمْ، وَفِيْمَا يَفْعَلُهُ بِغَيْرِهِمْ، وَلَا يَسْلَمُ مِنْ ذَلِكَ إِلَّا مَنْ عَرَفَ اللهَ وَأَسْمَاءَهُ وَصِفَاتِهِ وَمُوْجَبَ حِكْمَتِهِ وَحَمْدِهِ.

فَلْيَعْتَنِ اللَّبِيْبُ النَّاصِحُ لِنَفْسِهِ بِهَذَا، وَلْيَتُبْ إِلَى اللهِ، وَلْيَسْتَغْفِرْهُ مِنْ ظَنِّهِ بِرَبِّهِ ظَنَّ السَّوْءِ.

وَلَوْ فَتَّشْتَ مَنْ فَتَّشْتَّ لَرَأَيْتُ عِنْدَهُ تَعَنُّتًا عَلَى القَدَرِ وَمَلَامَةً لَهُ، وَأَنَّهُ كَانَ يَنْبَغِي أَنْ يَكُوْنَ كَذَا وَكَذَا، فَمُسْتَقِلٌّ وَمُسْتَكْثِرٌ، وَفَتِّشْ نَفْسَكَ هَلْ أَنْتَ سَالِمٌ؟

فَإِنْ تَنْجُ مِنْهَا تَنْجُ مِنْ ذِي عَظِيْمَةٍ     وَإِلَّا فَإِنِّي لَا إِخَالُكَ نَاجِياً

 من الفوائد تحت هذا الباب:

1 ـ أن هذا الباب متعلق بالباب الذي قبل الباب السابق ” باب ما جاء في اللو”  وذلك لأن الحديث في هذا الباب عن ظن السوء ، وهذا الظن السوء الذي ظنه المنافقون في غزوة أحد لما أصيب المسلمون.

2 ـ أن الظن السيئ نوعان: ظن عام، وهذا هو ظن المنافقين ، كما قال ابن القيم رحمه الله: وظن هؤلاء المنافقين أن الله عز وجل  بعد غزوة أحد وما حصل من هزيمة:«أن الله لا ينصر رسوله صلى الله عليه وسلم  وأنه سيديل الباطل على الحق» هذا هو ظن السوء بالله، وهناك كما قال ابن القيم رحمه الله: ظن خاص، فيما يختص بالإنسان وذلك كأن يكون الإنسان مثلا مريضا فيظن أن الله عز وجل لا يشفيه ، وهذا هو ظن سوء فليعلق قلبه بربه وليتفاءل وقد يكون فقيراً ويظن أن الله عز وجل  لن يغنيه.

3 ـ أن سوء الظن نقص في توحيد الربوبية وأنه رجوع بالعبد إلى الجاهلية ولذلك قال تعالى: ﴿يَظُنُّونَ بِاللّهِ غَيْرَ الْحَقِّ ظَنَّ الْجَاهِلِيَّةِ ﴾ [آل عمران154]

4 ـ أن من ظن بالله عز وجل  ظن سوء ـ كما قال ابن القيم رحمه الله ـ لم يعرف قدر أسماء الله وصفاته فهو عز وجل  الناصر – المعين، فكيف يخذل رسله عليهم الصلاة والسلام وأولياءه المتقين؟  ثم أيضا من ظن ظناً سيئاً فإنه جهل عظم أسماء الله عز وجل  ، فلو كان هذا المريض موقنا بأن الله عز وجل  هو الشافي لتعلق قلبه بالله عز وجل  وأنه هو الغني لتعلق قلبه بالله عز وجل .

5 ـ أن ظن المنافقين يترتب عليه مخالفة وعده عز وجل  الصادق بأنه سينصر عباده كما قال: ﴿وَكَانَ حَقّاً عَلَيْنَا نَصْرُ الْمُؤْمِنِينَ﴾ [الروم47].

6 ـ أن أكثر الناس يظنون بالله ظناً سيئاً فيما يختص بأنفسهم كما سبق بيانه.

7 ـ أن هذا الظن السيئ بالله عز وجل  فيما يخص الإنسان لا يسلم منه الكثير، ولذا قال رحمه الله فتش نفسك هل أنت سالم؟

فَإِنْ تَنْجُ مِنْهَا تَنْجُ مِنْ ذِي عَظِيْمَةٍ     (يعني من بلية ومصيبة )

 

فَإِنْ تَنْجُ مِنْهَا تَنْجُ مِنْ ذِي عَظِيْمَةٍ     وَإِلَّا فَإِنِّي لَا إِخَالُكَ نَاجِياً

 

يعني لا أظنك أنك ستنجو.

 

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ