عمدة الأحكام ( كتاب الصلاة )
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه : أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ : ( إذَا صَلَّى أَحَدُكُمْ لِلنَّاسِ فَلْيُخَفِّفْ فَإِنَّ فِيهِمْ الضَّعِيفَ وَالسَّقِيمَ وَذَا الْحَاجَةِ , وَإِذَا صَلَّى أَحَدُكُمْ لِنَفْسِهِ فَلْيُطَوِّلْ مَا شَاءَ ) .
الضعيف : ضعيف البدن .
السقيـم : المريــض .
أن مَنْ فعل شيئا لنفسه فهو مخيَّر إن شاء أن يأخذ الأكثر أو الأقل، بينما لو كان مولى من قِبل أشخاص فإن الواجب عليه أن يأخذ بالأصلح لهم وهذا ظاهر من أمره عليه الصلاة والسلام للإمام أن يختار ما هو أيسر وأسهل لهم بينما إذا كان مع نفسه فليطول ما شاء .
أن التخفيف المذكور في هذا الحديث ليس تخفيفا مبنيا أعلى أمزجة وأهواء الناس وإنما هو راجع إلى فعله عليه الصلاة والسلام ولذا كما سيأتي معنا من حديث أنس رضي الله عنه قال ( ما صليت وراء إمام قط أخف صلاة ولا أتم من النبي صلى الله عليه وسلم ، ويقول ابن عمر رضي الله عنهما ( كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يأمرنا بالتخفيف ويؤمُّنا بالصافات ) فقراءة الإمام بالصافات أو بسورة الأعراف في المغرب وكذا ما ورد عنه عليه الصلاة والسلام هذا هو السنة ، ولذا يقول ابن القيم رحمه الله : تعلق النقَّارون بحديث معاذ ، وإنما التخفيف أمر نسبي مرده إلى فعله عليه الصلاة والسلام لأنه عليه الصلاة والسلام ما كان ليخالف قوله فعله ، إذاً مَنْ فعل كفعل النبي صلى الله عليه وسلم فهو المخفف لأنه عليه الصلاة والسلام كان وراءه الضعيف وذو الحاجة والسقيم ، فإن الرجل كما يقول ابن مسعود رضي الله عنه ( ليؤتى به يُهادى بين الرجلين حتى يُقام في الصف ) وهذا يدل على أن وراءه عليه الصلاة والسلام مَنْ هم ضعفاء .
أن جماعة المسجد إذا كانوا جماعة محصورة لا يزيدون ولا ينقصون فرغبوا من الإمام أن يطوِّل إطالة زائدة فلا بأس بذلك .
أن التطويل الزائد عن السنة حرام هذا إذا كان إماما أما إذا كان يصلي وحده فليفعل ما شاء شريطة ألا يضر بنفسه .
أَبِي مَسْعُودٍ الأَنْصَارِيِّ رضي الله عنه قَالَ : ( جَاءَ رَجُلٌ إلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ : إنِّي لأَتَأَخَّرُ عَنْ صَلاةِ الصُّبْحِ مِنْ أَجْلِ فُلانٍ , مِمَّا يُطِيلُ بِنَا , قَالَ : فَمَا رَأَيْتُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم غَضِبَ فِي مَوْعِظَةٍ قَطُّ أَشَدَّ مِمَّا غَضِبَ يَوْمَئِذٍ , فَقَالَ : يَا أَيُّهَا النَّاسُ , إنَّ مِنْكُمْ مُنَفِّرِينَ , فَأَيُّكُمْ أَمَّ النَّاسَ فَلْيُوجِزْ , فَإِنَّ مِنْ وَرَائِهِ الْكَبِيرَ وَالضَّعِيفَ وَذَا الْحَاجَةِ ) .
أن الإطالة الزائدة عن السنة كما سلف محرمة لأنه عليه الصلاة والسلام ما كان يغضب إلا من أجل محرم .
أن درء المفاسد مُقدم على جلب المصالح ، فلا شك أن الإكثار من قراءة القرآن مصلحة وخير لكن إن ترتب عليه حصول مفسدة من تأخر المصلين فإنه يُمنع ، ولكن كما أسلفت المقصود من الإطالة هي الإطالة الزائدة عن السنة .
أن النبي صلى الله عليه وسلم حذر من التنفير عن الخير وهذا لا ينحصر في الصلاة بل يشمل الأعمال الأخرى فعلى الداعية إلى الله عز وجل وطلاب العلم أن يبحثوا عن الوسائل المناسبة في تحريص وحث الناس على الخير دون أن يكون هناك تنفير .
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم ( إذَا كَبَّرَ فِي الصَّلاةِ سَكَتَ هُنَيْهَةً قَبْلَ أَنْ يَقْرَأَ , فَقُلْتُ : يَا رَسُولَ اللَّهِ , بِأَبِي أَنْتَ وَأُمِّي , أَرَأَيْتَ سُكُوتَكَ بَيْنَ التَّكْبِيرِ وَالْقِرَاءَةِ : مَا تَقُولُ ؟ قَالَ : أَقُولُ : اللَّهُمَّ بَاعِدْ بَيْنِي وَبَيْنَ خَطَايَايَ كَمَا بَاعَدْتَ بَيْنَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ . اللَّهُمَّ نَقِّنِي مِنْ خَطَايَايَ كَمَا يُنَقَّى الثَّوْبُ الأَبْيَضُ مِنْ الدَّنَسِ . اللَّهُمَّ اغْسِلْنِي مِنْ خَطَايَايَ بِالْمَاءِ وَالثَّلْجِ وَالْبَرَدِ ) .
الشرح
معاني الكلمات :
هُنَيْهَةً : وقت قصير ، وتنطق : هنية .
الدَّنس : النجس .
بيان محافظة النبي صلى الله عليه وسلم على تكبيرة الإحرام .
أن السنة في دعاء الاستفتاح أن يخفت به ولا يجهر به إلا إذا كان المصلي يريد إعلام غيره بأن هناك استفتاحا من نوع آخر فمن باب التعليم لا تفوت السنة إذا جهر بدعاء الاستفتاح ، لكن الأصل في دعاء الاستفتاح أن يخافت به كما فعل عليه الصلاة والسلام .
أن دعاء الاستفتاح لا يكون إلا في الركعة الأولى .
أن دعاء الاستفتاح سابق للقراءة .
أن التفدية بالأم والأب جائز شرعا لقوله ( بأبي أنت وأمي ) .
حرص أبي هريرة رضي الله عنه على طلب العلم وسؤال النبي صلى الله عليه وسلم عما يستريبُ منه .
أن الصلاة ليس فيها سكوت ، ولذا نص بعض العلماء على أنه متى ما سكت المصلي طويلا دون أن يقول شيئا من غير عذر فإن صلاته لا تصح .
أن على المسلمين ولا سيما طلاب العلم إذا رأوا على إمام أو عالم ما هو غريب عليهم ألا يبادروا بالإنكار وإنما يسألوا كما هو صنيع أبي هريرة رضي الله عنه .
أن دعاء الاستفتاح وكل ذكر لابد فيه كما أسلفنا لابد فيه من القول حتى يكون مُعتبرا وذلك بأن يحرك شفتيه ولسانه أثناء القراءة .
أن السكوت في لغة العرب يطلب على نوعين :-
النوع الأول : أن يمسك عن تحريك شفتيه ولسانه ، وهذا معروف .
النوع الثاني : أن يحرك شفتيه ولسانه ولكنه لا يجهر بما يقول ، هذا يسمى سكوتا .
أن هذا الدعاء وهو دعاء الاستفتاح أخذ به بعض العلماء لكونه واردا في الصحيحين واستحبوا هذا النوع من أنواع الاستفتاحات ، وآخرون اختاروا نوعا آخر ، ولكن الصواب في مثل هذا إذ إن دعاء الاستفتاح ورد من وجوه متعددة عنه عليه الصلاة والسلام فالأفضل والأصّوب في هذا أن على المسلم أن ينوِّع مرة يقول هذا النوع مرة ومرة يقول هذا النوع حتى يطبِّق ما ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم وحتى لا تندثر هذا السنن وحتى لا يغيب عقله وقلبه عن التدبر فإن البعض من الناس الذي يطبق نوعا واحدا من حين ما يكبر يقول دعاء الاستفتاح المعروف ( سبحانك اللهم ) فلا يعي قلبه ما يقول ، لكن لو كان معتادا على أنه ينوع من حين ما يكبر سينظر هل يقرأ ذلكم الدعاء أو ذلكم الدعاء فيكون قلبه حاضرا ، وهذه هي فائدة تطبيق السنن .
أن المسلم إذا دعا الله سبحانه وتعالى عليه أن يبالغ في الدعاء وألا يستكثر ما يدعوه فإنه سبحانه وتعالى كما ثبت عند مسلم في الحديث القدسي قال عز وجل ( يا عبادي لو أن أولكم وأخركم وإنسكم وجنكم كانوا في صعيد واحد وسألني كل واحد مسألته ما نقص ذلك من ملكي شيئا إلا كما ينقص المخيط إذا أدخل البحر ) كأن تدخل إبرة في البحر ثم ترفعها هل تُنقص هذه الإبرة شيئا من البحر ؟!
ووجه الدلالة هنا أنه عليه الصلاة والسلام دعا الله عز وجل أن يباعد بينه وبين خطاياه كما أن المشرق والمغرب متباعدان ولا يمكن أن يلتقيا .
أن التنصيص على ( الثوب الأبيض ) لكونه أظهر من غيره في إزالة الوسخ .
أن الغسل بالماء الحار أنقى في إزالة الأوساخ من الماء البارد وهذا شيء معروف ، تغسل ثوبا متسخا بماء حار أبلغ في الإنقاء من الماء البارد ، فلماذا نص على الثلج والبرد والماء البارد ؟
للعلماء في ذلك أقوال / أحسنها ما قاله شيخ الإسلام رحمه الله لما سأله ابن القيم هذا السؤال ، قال رحمه الله : لأن الذنب يُحدث خورا وكسلا في ابن آدم فناسب أن يأتي بهذه الأشياء الباردة لينشط بها ولأن الماء البارد يناسب الحرارة التي تكون من النار المستوجب لها هذا الذنب .
أن مسألة الله عز وجل بشيء من الأشياء لو تنوع الأسلوب فيه مع أن المقصود واحد جائز ، بل يعد من الإلحاح في الدعاء، فإن هذه الجمل الثلاث ماذا يريد منها عليه الصلاة والسلام ؟ يريد إزالة الذنب والخطايا ومع ذلك لو أتى بجملة واحد لأغنت ، لكن لمَّا نوعها مع أن المقصود واحد دل على أن التنويع في الأسلوب حال الدعاء أمر مشروع وأنه من الإلحاح في الدعاء ، إلا إذا أوصل الإنسان إلى السجع المذموم فهذا شيء آخر ، وإلا تنويعه لا بأس به ، مثل ما ثبت عنه عليه الصلاة والسلام ( اللهم اغفر لي ذنبي ) ألا يكفي هذا ؟ يكفي ( اللهم اغفر لي ذنبه كله دِقَّه وجِلَّه أوله وآخره علانيته وسره صغيره وكبيره خطأه وعمده هزله وجِدَّه ) يمكن لو أتى بالجملة الأولى لكفي لكنه استفاض في تنويع الأساليب من أجل أن يلح في الدعاء ومن أجل أن يحضر قلبه حال هذا الدعاء ، ولا ينافي هذا أنه أوتي جوامع الكلم عليه الصلاة والسلام لأن المقام هنا مقام دعاء ، ومقام الدعاء ينبغي للمسلم أن يلح في الدعاء رجاء أن يُؤتي ما دعاه .
أن جمهور العلماء يرون أن دعاء الاستفتاح سنة .
عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها قَالَتْ : ( كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَسْتَفْتِحُ الصَّلاةَ بِالتَّكْبِيرِ , وَالْقِرَاءَةَ بـ { الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ } وَكَانَ إذَا رَكَعَ لَمْ يُشْخِصْ رَأْسَهُ وَلَمْ يُصَوِّبْهُ وَلَكِنْ بَيْنَ ذَلِكَ , وَكَانَ إذَا رَفَعَ رَأْسَهُ مِنْ الرُّكُوعِ لَمْ يَسْجُدْ حَتَّى يَسْتَوِيَ قَائِماً , وَكَانَ إذَا رَفَعَ رَأْسَهُ مِنْ السَّجْدَةِ لَمْ يَسْجُدْ , حَتَّى يَسْتَوِيَ قَاعِداً , وَكَانَ يَقُولُ فِي كُلِّ رَكْعَتَيْنِ التَّحِيَّةَ , وَكَانَ يَفْرِشُ رِجْلَهُ الْيُسْرَى وَيَنْصِبُ رِجْلَهُ الْيُمْنَى , وَكَانَ يَنْهَى عَنْ عُقْبَةِ الشَّيْطَانِ ، وَيَنْهَى أَنْ يَفْتَرِشَ الرَّجُلُ ذِرَاعَيْهِ افْتِرَاشَ السَّبُعِ , وَكَانَ يَخْتِمُ الصَّلاةَ بِالتَّسْلِيمِ ) .
معاني الكلمات :
لم يُشخص رأسه : أي لم يرفعه .
لم يصـــوبه : لم يخفضه .
عقبة الشيطـان : هي أن ينصب رجليه كلتيهما ويجلس بمقعدته على الأرض .
فضل نساء النبي عليه الصلاة والسلام إذ كن ينقلن للمسلمين ما كان يفعله عليه الصلاة والسلام .
أن الشروع في الصلاة لا يكون إلا بتكبيرة الإحرام ولا يصح غيرها من الألفاظ الأخرى بل لابد من الإتيان بما ورد عن الشرع وهو لفظ ( الله أكبر ) فلا يزاد عليها ولا ينقص منها ولا يؤتى بلفظ آخر يعظم فيه الله عز وجل إنما يؤتى بهذا اللفظ ، فلا يجزئ غير هذا اللفظ وهو قول ( الله أكبر ) على الصحيح من أقوال العلماء .
أن أول ما يقرأ به المصلي سورة الفاتحة ، فلو قرأ السورة قبلها لا تعد هذه السورة معتبرة ولا يؤجر عليها بل تكون السورة بعد قراءة الفاتحة.
أن السنة في الركوع ما ذكرت عائشة رضي الله عنها ( لم يشخص رأسه ولم يصوبه ولكن بين ذلك ) بمعنى أن ظهره يكون متساويا مع رأسه بمعنى ما جاء عنه عليه الصلاة والسلام ( لو أن الماء صب على ظهره لاستقر ) لكونه مستويا .
وجوب الترتيب بين الأركان فإنها ذكرت الركوع ثم الرفع ثم السجود ثم الجلوس وهلم جرا .
وجوب الطمأنينة في الصلاة فإنها ركن كما أن الترتيب ركن لأنها قالت ( وكان إذا رفع رأسه من الركوع لم يسجد حتى يستوي قائما ) ولكن ما ضابط الطمأنينة ؟
مختلف فيه ، فأبو حنيفة مثلا يرى أنها السكون وإن قلَّ ، ولذا ترون بعض الأجانب من حين ما يرفع رأسه من الركوع يسجد ومن حين ما يرفع رأسه من السجدة الأولى يسجد السجدة الثانية ، ولا شك أن ذلك خطأ لأنه قول مرجوح ، ما هو ضابط الطمأنينة ؟ ما ورد في حديث المسيء في صلاته [ أن يعود كل عضو إلى مقره ] فإذا رفع رأسه من الركوع عاد كل عضو إلى محله فله حينها أن ينتقل من الرفع إلى السجود وهكذا في سائر الأركان كما ذكرت رضي الله عنها .
أن بعد كل ركعتين يذكر التشهد .
سنية الافتراش ، وهو أن ينصب رجله اليمنى ويفرش رجله اليسرى ويجلس على رجله اليسرى ، لكن متى يكون هذا الافتراش ؟ للعلماء في ذلك أقوال ، أصحها كما دل على ذلك حديث أبي حميد الساعدي في صحيح البخاري ( أن الافتراش يكون في التشهد الأول وفي الجلوس بين السجدتين وأما في التشهد الثاني فإن السنة أن يتورَّك ، والتورك هو أن ينصب رجله اليمنى ويقعد على مقعدته على الأرض وتكون اليسرى تحت رجله اليمنى .
النهي عن إقعاء الكلب في الصلاة ولذا نسبه النبي عليه الصلاة والسلام إلى الشيطان ، لأن الشيطان يحب ذلك .
تحريم افتراش الرجل ذراعيه في السجود ، وإنما إذا سجد يضع كفيه على الأرض ويرفع ذراعيه .
أن قولها رضي الله عنها ( وكان يختم الصلاة بالتسليم ) استدل به بعض العلماء على أن المجزئ في التسليم تسليمة واحدة وأن الثانية ليست واجبة لأنها أطلقت ، والإطلاق يقتصر في أقله على واحدة ولا يلزم ما هو أكثر ، ولكن الصواب ما دلت عليه الأحاديث الأخرى من وجوب التسليمة الثانية ، ولكن ورد في صلاة النفل منه عليه الصلاة والسلام أنه كان يسلم تسليمة واحدة منصوصا عليها ، فيكون الراجح من أقوال العلماء أن التسليمتين لابد منهما في صلاة الفرض ، ففي حديث جابر في صحيح مسلم ( إنما يكفي أحدكم أن يسلم عن يمينه فيقول: السلام عليكم وأن يسلم عن يساره فيقول : السلام عليكم ) وهل هناك شيء دون الكفاية ؟ ما هناك شيء دون الكفاية ، فدل على أنه لابد حتى تكون الصلاة كافية لابد أن يقول عن اليمين وعن اليسار ( السلام عليكم ) إذاً / الصواب أن التسليمتين لابد منهما في صلاة الفرض ، أما النافلة لا بأس بالاقتصار على تسليمة واحدة لورود النص في ذلك ، وهذا الإطلاق في قول عائشة رضي الله عنها تبينه الأحاديث الأخرى
عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما : ( أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم كَانَ يَرْفَعُ يَدَيْهِ حَذْوَ مَنْكِبَيْهِ إذَا افْتَتَحَ الصَّلاةَ , وَإِذَا كَبَّرَ لِلرُّكُوعِ , وَإِذَا رَفَعَ رَأْسَهُ مِنْ الرُّكُوعِ رَفَعَهُمَا كَذَلِكَ , وَقَالَ : سَمِعَ اللَّهُ لِمَنْ حَمِدَهُ , رَبَّنَا وَلَكَ الْحَمْدُ . وَكَانَ لا يَفْعَلُ ذَلِكَ فِي السُّجُودِ )
أن السنة أن ترفع اليدان في الصلاة حذو المنكبين ، وجاءت روايات أخرى ( عند الأذنين ) والصواب في هذا التعدد أن ينوع الإنسان مرة يرفع حذو منكبيه ومرة حيال أذنيه ، هذا هو الصواب من أقوال العلماء، وأما وضع الإبهامين عند شحمة الأذنين كما يفعله البعض فهي سنة جاءت في سنن أبي داود لكنها ضعيفة .
أن الرفع يكون في ثلاثة مواضع كما ذكر ابن عمر رضي الله عنهما هنا ( عند تكبيرة الإحرام وعند التكبير للركوع وعند رفع رأسه من الركوع ) وجاء في حديث في صحيح البخاري موضع رابع وهو أنه ( إذا قام من الركعتين ) يعني إذا قام من التشهد الأول ، لكن متى يرفعهما هل حال قيامه أو إذا انتصب قائما ؟ الحديث الذي عند البخاري يدل على أنه يرفع يديه إذا استتم قائما ، فإذا استتم قائما يرفع يديه حذو منكبيه ، وإنما الذي يكون عند الرفع هو التكبير فمن حين ما يقوم يكبر ، لكن الرفع يكون عند الانتصاب ، وأما في المواضع الثلاثة الأخرى فتكبيرة الإحرام ورد عنه عليه الصلاة والسلام وكلها في الصحاح أن الرفع يكون مقرونا مع التكبير ، وورد أن الرفع يكون قبل التكبير ، وورد أن التكبير يكون قبل الرفع ، فكلها واردة عن النبي عليه الصلاة والسلام وكما أسلفنا القاعدة التي نص عليها شيخ الإسلام رحمه الله في تنوع العبادة القاعدة كما قال رحمه الله [ أن ينوع العبد في فعل هذه العبادات ] وألا يقتصر على نوع واحد .
أن ابن عمر رضي الله عنهما نص وأكد على أنه عليه الصلاة والسلام لا يرفعهما في السجود ، وما ورد في بعض السنن أنه يرفع في السجود أو يرفع إذا قام للركعة الرابعة هذه يرى كثير من العلماء أنها شاذة لأنها خالفت ما ثبت في الصحيحين من حديث ابن عمر رضي الله عنهما ، والمسألة خلافية ولكن ما ذكره ابن عمر كافٍ لأنه رضي الله عنهما فصَّل ثم أكد هذا التفصيل بأنه صلى الله عليه وسلم ما كان يفعله في السجود ، لكن لو رأيتم أحدا يرفع عند السجود وقال عندي رأي ، فنعم ، فله وجه في ذلك .
أن الحكمة من الرفع هو فعل النبي عليه الصلاة والسلام ، ولكن العلماء استنبطوا فوائد كثيرة لكن أُجْمِل شيئا منها ، قيل : إنها زينة في الصلاة ، وقيل إن التكبير تعظيم قولي لله سبحانه وتعالى فينبغي أن يرفع يديه لينبئ عن تعظيم فعلي لله سبحانه وتعالى ، وقيل هي شعار للصلاة ، المهم أن الشرع لا يأتي إلا بكل خير .
ورد حديث أنه عليه الصلاة والسلام ( رفع حين استفتح الصلاة ولم يَعُد ) كلمة ( ولم يعد ) ليست ثابتة ، فإن بعض العلماء أخذ بها فقال : إن الرفع لا يكون إلا في تكبيرة الإحرام فقط وأما ما عداها فلا يكون هناك رفع ، ولكن الصواب ما ذكر هنا مما جاء في حديث ابن عمر رضي الله عنهما .
عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم : ( أُمِرْتُ أَنْ أَسْجُدَ عَلَى سَبْعَةِ أَعْظُمٍ : عَلَى الْجَبْهَةِ – وَأَشَارَ بِيَدِهِ إلَى أَنْفِهِ – وَالْيَدَيْنِ , وَالرُّكْبَتَيْنِ , وَأَطْرَافِ الْقَدَمَيْنِ ) .
أن الآمر للرسول عليه الصلاة والسلام هو الله عز وجل كما هو معلوم من السيَر .
أن السجود ركن من أركان الصلاة ، ولكن هذا السجود لا يعد سجودا معتبرا حتى يسجد على الأعضاء السبعة ، فلو خالف وسجد على بعضها دون البعض فخلاف بين العلماء في صحة سجوده ولكن الصواب أنه لابد أن يسجد عليها كلها ، وهل له أن يسجد عليها كلها ولكن يسجد على جزء منها ؟
مثال / أن يسجد على كفيه ولكنه لا يستوعب الكفين في السجود ، بمعنى أن يسجد واضعا أصابع يديه على الأرض وأما باطن الكفين فلا تمس الأرض كما نراه من البعض ، فهل يجزئ هذا أم لا ؟
قولان : والصواب / أنه لا يجزئ ، لم ؟ لأن النبي صلى الله عليه وسلم عمَّم فدل على وجوب استيعاب العضو في السجود .
أن المقصود من أطراف القدمين المقصود الأصابع ، ولكن هل يلزم أن تكون هذه الأصابع كلها ملامسة للأرض ؟
قال بعض العلماء : نعم لأنه عمَّم .
وقال البعض : لا يلزم إذا رص قدميه لأنه جاء عند ابن خزيمة ( أن صلى الله عليه وسلم إذا سجد رص عقبيه ) فتكون القدمان مرصوصتين ، وإذا رصت القدمان فإن الأصابع المتأخرة قلَّ أن تلامس الأرض فهنا لا بأس بذلك .
أن المذكورات في هذا الحديث ثمانية مع أنه نص على سبعة ، وهي في الحقيقة سبعة ، لم ؟ لأن الأنف تابع للجبهة في الحكم لا في الحقيقة ، فيكون الأنف تابعا للجبهة في الحكم لا في الواقع ، فهل أنفك هو جبهتك ؟ ( لا ) يختلفان ، لكن من حيث الحكم الشرعي في السجود هما سواء فكما يلزمك أن تسجد على الجبهة يلزمك أن تسجد على الأنف ، وما يفعله البعض من السجود على الجبهة دون أن يلامس الأنف الأرض هذا خطأ محض ، ولهذا نظائر ( بطن عُرَنَة ) من عرفة من حيث التاريخ لكن من حيث الحكم الشرعي يختلفان ولذا قال عليه الصلاة والسلام ( وارفعوا عن بطن عرنة ) فدل على أن عرنة ليست موقفا ، فالحكم الشرعي يختلف عن الواقع .
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ : ( كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إذَا قَامَ إلَى الصَّلاةِ يُكَبِّرُ حِينَ يَقُومُ , ثُمَّ يُكَبِّرُ حِينَ يَرْكَعُ , ثُمَّ يَقُولُ : سَمِعَ اللَّهُ لِمَنْ حَمِدَهُ , حِينَ يَرْفَعُ صُلْبَهُ مِنْ الرَّكْعَةِ , ثُمَّ يَقُولُ وَهُوَ قَائِمٌ : رَبَّنَا وَلَكَ الْحَمْدُ , ثُمَّ يُكَبِّرُ حِينَ يَهْوِي , ثُمَّ يُكَبِّرُ حِينَ يَرْفَعُ رَأْسَهُ , ثُمَّ يُكَبِّرُ حِينَ يَسْجُدُ , ثُمَّ يُكَبِّرُ حِينَ يَرْفَع رَأْسَهُ , ثُمَّ يَفْعَلُ ذَلِكَ فِي صَلاتِهِ كُلِّهَا , حَتَّى يَقْضِيَهَا , وَيُكَبِّرُ حِينَ يَقُومُ مِنْ الثِّنْتَيْنِ بَعْدَ الْجُلُوسِ ) .
أن السنة إذا قام المصلي في مقام الصلاة سواء كان إماما أو مأموما أو منفردا وأراد أن يكبر ألا يسبق هذا التكبير بشيء ، لقول أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم ( كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إذَا قَامَ إلَى الصَّلاةِ يُكَبِّرُ حِينَ يَقُومُ ) يعني من حين ما يقوم في مقامه يكبر ، أما ما يُسمع من قول البعض [ اللهم اجعل لنا منها حظا ونصيبا ] أو ما شابه ذلك فليس مما هو وارد ، فالسنة إذا قام في مقامه ألا يسبق التكبير بشيء .
بيان تكبيرات الانتقال وهي واجبة على الصحيح من قولي العلماء لما عند أبي داود قوله عليه الصلاة والسلام ( لا تتم صلاة أحدكم حتى يتوضأ ) حتى قال ( ثم يكبر حين يرفع ) فدل على أن تكبيرة الانتقال واجبة ، و تكبيرة الانتقال سميت بهذا الاسم لأنه ينتقل بها من ركن إلى آخر فحري بها أن تكون بين الركنين ليست في الركن الأول وليست في الركن الثاني ، ولذلك البعض من الناس وللأسف يخطئ ويخالف السنة إذا أراد أن يركع يحني ظهره فإذا قارب الركوع قال ( الله أكبر ) هذا خطأ ، وإذا أراد أن يسجد انحنى هاويا إلى السجود فإذا قاربت يداه الأرض للسجود كبر ، التكبير من حين ما تريد أن ترفع تكبر ، من حين ما تريد أن تسجد تكبر ، من حين ما تريد أن ترفع من السجود تكبر ، لفعله عليه الصلاة والسلام قال ( حين يكبر – حين يرفع ) يدل على أنه من حين ما يبدأ في الرفع يكبر ، ولذا بعض العلماء يرى وإن كان القول الآخر هو الأصوب مما يدل على أن الأمر فيه شدة ونكير، بعض العلماء يقول : لو أن هذه التكبيرة لم تقع في موقع الانتقال وإنما وقعت عند أحد الركنين ما أتى بتكبيرة الانتقال ، ومن ثم فإن صلاته لا تصح ، فعلى الأئمة أن يتنبهوا لهذا الأمر ، لأن حجتهم أن مَنْ خلفهم يسابقونهم ، ليست حجة ، يقول أنا لا أريد أن أكبر من حين ما أرفع ولا من حين ما أسجد حتى لا يسابقونني ، فيقال:عليك كإمام أن تعلمهم أن يفعلوا كما فعل البراء رضي الله عنه ( لم يحن أحد منها ظهره حتى يقع رسول الله صلى الله عليه وسلم ساجدا ) بل قال أبو هريرة رضي الله عنه ( قال : ثم يقول سمع الله لمن حمده ) ما الذي بعدها ؟ ( حين يرفع صلبه من الركعة ) وهنا خطأ أعظم مما سبق ، كيف تكون الخطورة ؟ بعض الأئمة – ويكون بذلك آثما – إذا أراد أن يرفع رأسه من الركوع ، ما الواجب أن يقول ؟ ( سمع الله لمن حمده ) يرفع فإذا انتصب قائما قال ( سمع الله لمن حمده ) وهذا خطأ ، فمن حين ما ترفع تقول ( سمع الله لمن حمده ) حتى تُخبر من خلفك أنك انتقلت ، لربما يأتي مسبوق بركعة وهناك صفوف أربعة أو خمسة أو عشرة وهو لا يرى الإمام فيظن أن الإمام في الركوع وقد انتقل الإمام من الركوع إلى الرفع فيظن هذا المسكين أنه أدرك الإمام في الركوع وبذلك أدرك الركعة فيكون الجاني هنا الإمام .
ن أن أبا هريرة رضي الله عنه أطلق إذ قال ( يكبر ) ولم يذكر صفة معينة أو صوتا معينا لهذا التكبير ومن هنا بعض العلماء يقول : إذا كان ما بين الركنين طويل من القيام إلى السجود يقول يمده حتى يستوعب التكبير ما بين الركنين ، ولكن الصواب أن يكبر تكبيرا طبعيا
بعض التكبير وخصوصا إذا رفع من السجدة الثانية للتشهد الأول أو للتشهد الأخير تجد أن نبرة الصوت اختلفت كأنها إشارة من الإمام إلى أنه في التشهد ، هذا لم يرد عن النبي عليه الصلاة والسلام ، ولكن الضابط في هذا أن يقال : إن التكبير يعود إلى طبيعة صوت الإنسان وحركته ، ومعلوم أنه حين ينزل هابطا إلى السجود أن صوته يختلف باختلاف الحركة بينما إذا رفع رأسه من السجدة إلى التشهد تكون التكبيرة في النغمة مختلفة بحسب الحاصل في هذا الأمر ، إذاً / نقول التكبير الطبعي الذي يأتي به الإنسان على حسب حركته هو ، وهذا هو الأقرب إلى السنة .
أن رفع الصُلب من الركوع أمر واجب ، وهذا يرد ما ذهبت إليه الحنفية وما يفعله البعض أنه من حين ما يرفع من الركوع يسجد وإنما لابد أن يقيم صلبه .
وقد ذُكرت فيما سلف ، أن التعبير عن الكل ببعضه يدل على أن هذا البعض لابد منه في هذا الكل وكذلك العكس ، فقد عبَّر عن الركوع هنا بالركعة ، قال ( حين يرفع صلبه من الركعة ) فدل على أن الركوع لابد منه في الركعة .
أن الإمام يقول حين الرفع ( سمع الله لمن حمده ) متى يقول ( ربنا ولك الحمد ) ؟ وهو قائم ، كما ذكر أبو هريرة رضي الله عنه هنا عن الرسول صلى الله عليه وسلم .
عَنْ مُطَرِّفِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ رضي الله عنه قَالَ : ( صَلَّيْتُ أَنَا وَعِمْرَانُ بْنُ حُصَيْنٍ خَلْفَ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ . فَكَانَ إذَا سَجَدَ كَبَّرَ , وَإِذَا رَفَعَ رَأْسَهُ كَبَّرَ , وَإِذَا نَهَضَ مِنْ الرَّكْعَتَيْنِ كَبَّرَ , فَلَمَّا قَضَى الصَّلاةَ أَخَذَ بِيَدِي عِمْرَانُ بْنُ حُصَيْنٍ , وَقَالَ : قَدْ ذَكَّرَنِي هَذَا صَلاةَ مُحَمَّدٍ صلى الله عليه وسلم – أَوْ قَالَ : صَلَّى بِنَا صَلاةَ مُحَمَّدٍ صلى الله عليه وسلم ) .
أن تكبيرة الانتقال نُص عليها هنا إذ قال ( فَكَانَ إذَا سَجَدَ كَبَّرَ , وَإِذَا رَفَعَ رَأْسَهُ كَبَّرَ , وَإِذَا نَهَضَ مِنْ الرَّكْعَتَيْنِ كَبَّرَ ) .
أن على طالب العلم أن يثني على طالب العلم الآخر إذا رأى منه ما هو موافق للسنة وألا يبخل بالثناء عليه عند غيره فإن عمران أثنى على علي بن أبي طالب رضي الله عنه وكلاهما من علماء الصحابة ، وهذا يدل على سلامة القلب وذلك لأن المشتركين في أمر من الأمور تجد أن التحاقد والتنافس بينهما واضح لكن ينبغي لطالب العلم ألا يحسد أخاه الذي ينافسه في العلم الشرعي إذا فاقه أو تقدم عليه لأن هذا الحسد بين المشتركين في مهنة ما ، هذا في أمر الدنيا، فعلى طالب العلم أن يتنبه لهذا الأمر وأنه طالب علم يستفيد منه في أخرته ويتقرب به إلى الله عز وجل فلا تكن الهمة ضعيفة والنية فاسدة أو مشوبة .
أن وضع عمران يده بيد مطرِّف يدل على التلطف ، فقد كان عليه الصلاة والسلام يُعلم بعض أصحابه التشهد وكفه بين كفيه عليه الصلاة والسلام وهذا يدل على القرب .
أن الصحابة رضي الله عنهم نُهوا إذا نادوا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يقولوا ( يا محمد ) كما قال تعالى { لَا تَجْعَلُوا دُعَاء الرَّسُولِ بَيْنَكُمْ كَدُعَاء بَعْضِكُم بَعْضاً } النور63، على أحد قولي المفسرين في هذه الآية ، لكن إذا كان على سبيل الخبر وليس على سبيل المناداة فلا بأس كما صنع عمران ، ماذا قال ؟ ( قَدْ ذَكَّرَنِي هَذَا صَلاةَ مُحَمَّدٍ صلى الله عليه وسلم ) فهنا يخبر ، لكن لو كان يدعو رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يقول ( يا محمد بن عبد الله ) وإنما يقول يا رسول الله ، يا نبي الله .
عَنْ الْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ رضي الله عنهما قَالَ : ( رَمَقْتُ الصَّلاةَ مَعَ مُحَمَّدٍ فَوَجَدْتُ قِيَامَهُ , فَرَكْعَتَهُ فَاعْتِدَالَهُ بَعْدَ رُكُوعِهِ , فَسَجْدَتَهُ , فَجِلْسَتَهُ بَيْنَ السَّجْدَتَيْنِ , فَسَجْدَتَهُ فَجِلْسَتَهُ مَا بَيْنَ التَّسْلِيمِ وَالانْصِرَافِ : قَرِيباً مِنْ السَّوَاءِ ) .
وَفِي رِوَايَةِ الْبُخَارِيِّ (( مَا خَلا الْقِيَامَ وَالْقُعُودَ قَرِيباً مِنْ السَّوَاءِ ) .
فضل الصحابة رضي الله عنهم إذ نقلوا لنا ما رأوه منه عليه الصلاة والسلام .
أن السنة أن تكون الأركان متساوية لقوله ( فَوَجَدْتُ قِيَامَهُ , فَرَكْعَتَهُ فَاعْتِدَالَهُ بَعْدَ رُكُوعِهِ , فَسَجْدَتَهُ , فَجِلْسَتَهُ بَيْنَ السَّجْدَتَيْنِ , فَسَجْدَتَهُ فَجِلْسَتَهُ مَا بَيْنَ التَّسْلِيمِ وَالانْصِرَافِ : قَرِيباً مِنْ السَّوَاءِ ) .
فيه الرد على بعض العلماء الذين قالوا : بأن تسبيحة الركوع وأن تسبيجة السجود لا يزاد عليها على عشر ، فيقولون الواجب واحدة وأقل الكمال ثلاثة والأكثر عشر ، يرد عليهم بهذا ، لم ؟ لأنه عليه الصلاة والسلام كان يطيل القراءة إذاً يكون الركوع طويلا والسجود طويلا وهذا يحتاج إلى ذكر ومن الذكر الوارد ( سبحان ربي العظيم ) في الركوع ، و ( سبحان ربي الأعلى ) في السجود ، وهم يستدلون بأثر لعمر بن عبد العزيز رحمه الله ولكنه حديث ضعيف .
أن الأركان تكون قريبا فيما بينها ولكن رواية البخاري أخرجت شيئين من هذه الأركان ، هذان الشيئان هما [ القيام والتشهد الأخير ] فإن هذين الركنين يزيدان على الأركان الأخرى بطول مكثه عليه الصلاة والسلام فيهما ، فيكون القيام أطول والتشهد الأخير أطول ولكنه ليس طولا يفرق عن الأركان الأخرى ولكنه يتميز .
وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين