( مختصر فقه العبادات ) [ 3 ] كتاب الطهارة ( باب خصال الفطرة – باب الوضوء )

( مختصر فقه العبادات ) [ 3 ] كتاب الطهارة ( باب خصال الفطرة – باب الوضوء )

مشاهدات: 507

مختصر فقه العبادات

[ 3 ]

كتاب الطهارة

( باب خصال الفطرة – باب الوضوء

فضيلة الشيخ زيد بن مسفر البحري

 

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه وسلم تسليما كثيرا إلى يوم الدين :

باب خصال الفطرة

خصال الفطرة : يعني ما فطر الله عز وجل عليه الخلق  ، بمعنى أنه لو لم تأت نصوص شرعية للحث عليها لكان مقتضى ما فطر عليه العبد أن يفعلها .

وقد أوصلها بعض العلماء إلى ثلاثين خصلة ، وقال ابن حجر رحمه الله : عند التتبع تزيد على الثلاثين .

( مسألة )

[  السواك سنة في كل وقت ويتأكد عند الوضوء ، والصلاة ، ودخول المنزل لا المسجد ، وعند الخروج من البيت إلى الصلاة ، ويتأكد عند الانتباه من النوم ، وعند قراءة القرآن]

( الشرح )

السواك من خصال الفطرة ، وجمهور العلماء على أنه سنة ليست بواجب ، ويسن في كل وقت لقوله عليه الصلاة والسلام كما عند البخاري معلقا [ السواك مطهرة للفم مرضاة للرب ] .

ولكن السواك يُتأكد في بعض المواضع منها :

أولا : ”  عند الوضوء ” لقوله صلى الله عليه وسلم ( لولا أن أشق على أمتي لأمرتهم بالسواك عند كل وضوء) .

ثانيا : ”  عند الصلاة ” لما في الصحيحين :

[ لولا أن أشق على أمتي لأمرتهم بالسواك عند كل صلاة ] .

ثالثا : ”   عند دخول المنزل ” لفعله عليه الصلاة والسلام كما عند مسلم .

ولا يقاس المسجد عليه على القول الصحيح لأنه لم يرد عنه عليه الصلاة والسلام أنه إذا دخل المسجد استاك

رابعا : ”  عند الخروج من البيت إلى الصلاة” لفعله عليه الصلاة والسلام كما عند الطبراني :

[ كان لا يخرج إلى شيء من الصلاة إلا تسوك ] .

خامسا : ”  عند الانتباه من النوم ” وذلك لفعله عليه الصلاة والسلام كما في الصحيحين من حديث حذيفة [ كان يشوص فاه بالسواك].

سادسا : ” عند قراءة القرآن ” وذلك لما ثبت ] أن العبد إذا قرأ دنا منه الملك حتى يضع فاه على فيه فلا تخرج من فمه آية إلا دخلت في فم الملك [

( مسألة )

 [ يستحب السواك للصائم في كل وقت قبل الزوال وكذلك بعده على الصحيح والأفضل أن يكون بعود الأراك فإن لم يجد فبإصبعه ولم يثبت صفة معينه للإستياك أهو عرضاً أم طولاَ ]

( الشرح )    

الصائم يستحب له أن يستاك في كل وقت “

وما ورد من حديث عند الدار قطني [استاكوا بالغداة ولا تستاكوا با لعشي ] فهو حديث ضعيف .

ومن ثم فله أن يستاك قبل زوال الشمس ، يعني قبل أذان الظهر وبعد الزوال ، يعني بعد أذان الظهر ،والأفضل أن يكون الإستياك بعود الأراك :

لما ثبت في المسند أن ابن مسعود رضي الله عنه :

] كان يجتنيه لرسول الله صلى الله عليه وسلم [

فإن لم يجد ما يستاك به من أعواد فبإصبعه لفعل الرسول صلى الله عليه وسلم كما في المسند ويكون عند المضمضة .

وهل يستاك عرضاً أم طولاً ؟

لم يرد حديث صحيح يدل على ذلك وأما حديث [استاكوا عرضاً] فهو مرسل فلا يصح .

( مسألة )

[ لا يشرع قول [ اللهم طهر قلبي ] عند الإستياك ويجوز أن يستاك بالعود الواحد اثنان، وهل الإستياك باليمين أم باليسار ؟الأمر واسع  ]

( الشرح )

ذكر بعض الفقهاء أنه يقول عند الإستياك :

( اللهم طهر قلبي ومحص ذنوبي )

لكن لا دليل عليه .

ويجوز أن يستاك بالعود الواحد اثنان لفعل الرسول عليه الصلاة والسلام كما جاء عند البخاري ،وهل يستاك باليمين أو باليسار ؟

خلاف بين العلماء ، وحصل الخلاف لعدم وجود الدليل .

فبعضهم قال : باليمين لأنه عبادة .

وبعضهم قال : باليسار لأنه إزالة أذى .

وبعضهم قال – وهو الأقرب – أنه إذا استاك للعبادة يكون باليمين وإذا استاك لتنظف وإزالة الأذى فباليسار .

ولعل قوله صلى الله عليه وسلم  :

( السواك مطهرة للفم مرضاة للرب)

يدل على هذا فهو مطهرة للفم لإزالة الأذى ومرضاة للرب لأنه عبادة .

( مسألة )

 [ السنة أن يدهن ويسرح شعرة يوماً بعد يوم وهذا ما يسمى بالغب وينبغي ألا يُفْرِطَ في الإرفاه ،  أما الغب في الزيارة فكل أسبوع مالم يرغب المزور بتعدد الزيارة  ]

( الشرح )

أدرج الفقهاء ضمن خصال الفطرة ” الإدهان وتسريح الشعر “

جاء عند أبي داود  أنه عليه الصلاة والسلام

( نهى عن الترجل إلا غباً )

يعني يوماً بعد يوم والذي ينبغي للمسلم ألا يُفْرِطَ في الإرفاه ، فلا يجعل جُل همِّه شعره وملابسه وفي المقابل لا يهمل ذلك .

فالنبي صلى الله عليه وسلم كما عند أبي داود ( نهى عن كثير الإرفاه )

وقال كما عند أبي داود  :

(  من كان له شعر فليكرمه )

فالتوسط هو المطلوب .

وأما ” الغب في الزيارة ” فهي كل أسبوع لحديث (  زر غباً تزدد حبا  )

فالغب في الزيارة عند أهل اللغة :

” كل أسبوع ما لم يرغب المزور فله ذلك “

لما جاء عند البخاري :

( أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يزور أبي بكر رضي الله عنه في اليوم مرتين )

وذلك لأن أبا بكر يحب زيارة النبي صلى الله عليه وسلم له .

( مسألة )

[ يسن أن يكتحل بالإثمد في اليمنى ثلاثاً واليسرى مرتين ]

( الشرح )

  الاكتحال بالنسبة إلى الرجل سنة ، إلا أن كان المقصود هو التزين فهذا موضع خلاف بين العلماء لكن إن كان يكتحل لعلاج أو لقوة النظر فهو سنة لقول الرسول عليه الصلاة والسلام ( اكتحلوا بالإثمد فإنه يجلوا البصر وينبت الشعر )

والإثمد: مادة تميل إلى الحمرة الشديدة .

والسنة كما عند الإمام أحمد في مسنده :

( أن يكتحل وتراً )

 والوتر كما بينته إحدى الراويات :

( في اليمنى يكتحل ثلاثاً وفي اليسرى مرتين)  فيكون المجموع خمس مرات   .

( مسألة )

[ الختان يجب على الصحيح على الرجال ، وأما النساء فسنة ، وقبل البلوغ أفضل سواء رجل أو أنثى ، والمصلحة من الختان للرجال الطهارة ، وأما المرأة فيخفف شهوتها ، ولا يبالغ في ختانها ولا يكره في اليوم السابع ولا قبله ولا بعده  ]

( الشرح )

الختان واجب على الرجال على القول الصحيح ، لأن النبي عليه الصلاة والسلام قال لمن أسلم وهو قيس بن عاصم ( ألقِ عنك شعر الكفر واختتن ) .

وأما بالنسبة إلى النساء فهو سنة ، لقول الرسول صلى الله عليه وسلم :

( اخفضي ولا تنهكي فإنه أنضر للوجه وأحظى  عند الزوج )

والخفاض : هو الختان

وقوله ( لا تنهكي ) يعني :  لا تبالغي في الختان  .

والفائدة بالنسبة للرجل من الختان : ألا  تجتمع النجاسات في القلفة التي تعلو حشفة الذكر .

وأما بالنسبة إلى المرأة فلأنه” يخفف شهوتها ،”والواجب في وقته عند البلوغ ، لكن الأفضل أن يكون في الصغر لأنه أسرع في البرء ،

وما ذكر ” أن اليهود كانوا يختتنون في اليوم السابع أو قبله أوبعده “

فكره بعض العلماء الإختتان في هذه الأيام فلا دليل عليه .

( مسألة )

 [ الصحيح أنه يجب حلق العانة ، ونتف الإبط وتقليم الأظافر ، وقص الشارب ، فلا تترك أكثر من أربعين يوماً ، ولا يلزم فعل ذلك قبل الأربعين ولو طالت على الصحيح  ]

( الشرح )

هذا هو الراجح خلافا لمن قال إن حلق العانة ونتف الإبط وتقليم الأظافر وقص الشارب سنة بل هو واجب ، لقول أنس رضي الله عنه كما عند مسلم :

( وقَّت لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم في نتف الإبط وتقليم الأظافر وحلق العانة وقص الشارب ألا تترك أكثر من أربعين يوما )

فلو طالت قبل تمام الأربعين فالأفضل أن يزيلها لكن ليس بواجب عليه .

وأما إذا تجاوزت الأربعين فيجب على القول الصحيح ، لأن بعض العلماء ربط الحكم بالطول سواء كان قبل الأربعين أوبعده .

ولكن الراجح أنه موقت بالأربعين لكن يستحسن إذا طالت قبل الأربعين أن يزيلها .

( مسألة )

 [ يحرم حلق اللحية ، ولا عبرة بفعل ابن عمر رضي الله عنهما في أخذه ما زاد على القبضة في الحج ، وحد اللحية ما نبت على الخدين والذقن واللحيين ، والسنة أن يحف الشارب وهو أولى من القص وصح عن ابن عمر موقوفا فعله وتقليمه الأظافر في الجمعة  ]

( الشرح )

  اللحية : من سنن الفطرة ، كما جاء في حديث النبي عليه الصلاة والسلام :

( من سنن الفطرة ) وذكر منها ( اللحية ) .

والسنة : هي الطريقة أي طريقة الفطرة وليس المراد السنة التي يثاب فاعلها ولا يعاقب تاركها .

وقد قال عليه الصلاة والسلام :

(  وفروا اللحى )

وقال :

(  اعفوا اللحى )

وهذا أمر يقتضي الوجوب .

وأما ما كان يفعله ابن عمر رضي الله عنه في الحج كما ذكر ذلك البخاري في صحيحه :

( فيأخذ ما زاد عن القبضة )

فهذا فعله ، وأي فعل للصحابي رضي الله عنه يعرض على الكتاب والسنة فإن خالف الكتاب والسنة فلا يحتج به .

واللحية حدها : ما نبت على اللحيين والخدين والذقن “

واللحيان : هما  العظمان النابت عليها الأسنان . والذقن:  هو  مجمع اللحيين في أسفل الوجه ” .

فهذا هو ضابط اللحية ، وهذا هو حدها .

والسنة في الشارب : أن يحف وأن يبالغ في قصه ، ولاسيما ما نزل على الشفة العليا مما يلي الفم وهو أولى من القص .

قد صح عن ابن عمر رضى الله عنهما :

(أنه كان يقلم أظافره في يوم الجمعة )

وروي مرفوعا عن النبي ولكنه لا يصح .

( مسألة )

[ يحرم القزع ]

( الشرح )

القزع : هو أخذ بعض الشعر وترك البعض “

وقد جاء في الصحيحين :

( نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن القزع  )

وقال صلى الله عليه وسلم كما جاء عند أبي داود :

( لما رأى صبياً قد حلق بعض شعر رأسه قال ”  احلقوه كله أودعوه كله ” )

ويزداد النهي تحريما إذا تشبه بالكفار لما عند أبي داود  ( من تشبه بقومٍ فهو منهم ) .

( مسألة )

[ يكره حلق القفا إلا إذا حلقه للحجامة ونحوها أو حلق الرأس وحلق القفا معه  ]

( الشرح )

هذا هو تعبير الفقهاء ، ولكن الصحيح أن حلق القفا مُحرم لأن فيه تشبهاً بالمجوس .

لكنه يجوز إذا حُلِقَ لحجامة أو لعلاج .

وكذلك يجوز إذا حلق الرأس و حُلِقَ القفا معه والدليل على الجواز :

( أن النبي صلى الله عليه وسلم أخذ من شعر رأسه للحجامة لما كان مُحرما ) .

باب الوضوء

الوضوء صفته معروفة لكن نشير إلى بعض المسائل منها .

( مسألة )

 [ التلفظ بالنية في الوضوء بدعه سواء كان جهراً أو سراً والنية هي الإرادة  ]

( الشرح )

الوضوء شرط من شروط صحة الصلاة ، ولابد فيه من النية .

والنية هي ” الإرادة ” فمتى ما أتيت إلى صنبور الماء للوضوء فهذه هي النية .

وما يظنه كثير من الموسوسين من أن تحقيق النية صعب فهذا ظن خاطئ فمتى أردت الشيء وقصدته فقد نويته ،

ولا يجوز التلفظ بها جهراً لعدم ورود ذلك عن النبي صلى الله عليه وسلم وصحابته رضي الله عنهم  .

وكذلك لا يجوز التلفظ بها سراً على القول الراجح ، لأن بعض فقهاء الحنابلة يرون جواز التلفظ بها سرا وقد أنكر عليهم شيخ الإسلام رحمه الله .

( مسألة )

[ الواجب في المضمضة إدارة الماء في الفم أدنى إدارة ولا يلزم إزالة مابين أسنانه من بقايا الطعام ولو ابتدأ بالوجه قبل المضمضة والاستنشاق جاز ]

( الشرح )

أقل ما يجزئ في المضمضة إذا كان الماء قليلاً في الفم أن يحركه أدنى تحريك .

أما إذا كان الماء كثيرا في الفم فلا يلزم التحريك .

وما يعلق بين الأسنان : فالأفضل أن يزال .

لكن لو ترك مما ما يحتاج في إخراجه إلى أعواد فلا حرج .

والسنة أن يبدأ بالمضمضة والاستنشاق قبل الوجه ، ولو أنه ابتدأ بالوجه ثم تمضمض واستنشق جاز ،  لأن الفم والأنف من الوجه لكن الأفضل أن يبتدأ بالمضمضة والاستنشاق

( مسألة )

[ يسن أن يستنثر بيده اليسرى ، ولو بلع ماء المضمضة أو لم يستنثر جاز ]

( الشرح )

السنة إذا تمضمض أن يمجَّ ما في فمه .

وإذا استنشق أن يستنثر ما في أنفه .

ولكن لو لم يفعل فتصح المضمضة ، ويصح الاستنشاق .

والأفضل في الإستنثار أن يكون بيده اليسرى لما ثبت من فعله صلى الله عليه وسلم عند النسائي .

( مسألة )

 [ حدُّ الوجه من منحنى الجبهة إلى ما استرسل من شعر اللحية طولاً ومن الأذن إلى الأذن عرضاً فإن كانت اللحية خفيفة فيجب غسل باطنها وظاهرها والسنة تخليل اللحية وتخليل الأصابع بخنصره بأي صفة مع عدم المداومة ولا يأخذ ماءً جديدا لأذنيه ، وكيف ما مسح أجزأ،  والتقيد بالسنة أولى ، وحد الرأس من حد الوجه إلى القفا ويبدأ بمقدمة رأسه إلى المؤخرة ثم يرجع أو العكس ويدخل سبابته في صماخي أذنيه ويمسح بإبهاميه ظاهر أذنيه ]

( الشرح )

غسل الوجه فرض من فروض الوضوء .

ومن الوجه ” المضمضة والاستنشاق “

فلو ترك المضمضة والاستنشاق لم يصح وضوءه على القول الراجح .

وحد الوجه : ” من منحنى الجبهة ”

فبداية الانحناء هي بداية حد الوجه .

” إلى اللحية طولا ً، ومن الأذن إلى الأذن عرضاً “

وهذا البياض الذي بين الأذن وبين اللحية مما لم ينبت فيه الشعر  من الوجه .

ويجب غسله

وأما ما هو أعلى هذا العظم الناتئ في بداية اللحيين فما فوقه من شعر يكون تابع للرأس فيجب غسل هذا الحد من الوجه.

واللحية يجب غسلها وما استرسل منها على القول الراجح لأنها تابعة للوجه .

لكن إن كانت كثيفة ًفالواجب أن يغسل ظاهرها .

وأما إن كانت خفيفة ً: فيجب غسلها وغسل ما تحتها .

 والسنة إذا كانت كثيفة أن يخللها لفعله عليه الصلاة والسلام كما عند أبي داود  .

* ” وغسل اليدين فرض من فروض الوضوء من أطراف الأصابع مع المرفقين ”  

فيجب غسل اليدين من أطراف الأصابع .

فإن البعض قد يغسل كفيه في أول الوضوء ، ثم إذا وصل إلى غسل اليدين غسل من الرسغ وترك ما كان بعد أطراف الأصابع – وهذا خطأ – لأن غسل الكفين في أول الوضوء سنة ، وأما غسلها هنا فهو فرض فتغسل من أطراف الأصابع إلى المرفقين يعني مع المرفقين .

والسنة أن يخلل مابين الأصابع ، وليس بواجب لأن الماء سيال

* ومسح الرأس فرض من فروض الوضوء وحده : من حد الوجه من بعد منحنى الجبهة إلى القفا “

فيجب مسحه كله .

ولا يجزئ الاكتفاء ببعضه .

وكيف ما مسح أجزأ ، لكن الوارد عن النبي صلى الله عليه وسلم ( أن يبدأ من مقدمة رأسه ثم إلى المؤخرة ، ثم يعود )

أو العكس ( يبدأ من المؤخرة ثم إلى المقدمة ثم يعود )

والأفضل أن يفعل هذا مرة وهذا مرة ينوع .

والواجب على القول الصحيح أن يمسح الأذنين ، لأن الأذنين من الرأس .

والثابت من مجموع ما في السنن :

( أن يدخل السبابتين في صماخي أذنيه يعني في جحر الأذنين ثم يمسح الباطن منهما ثم يمسح بإبهاميه ظاهر أذنيه ) وكيف ما مسح أجزأ ، ولكن هذا هو السنة

وتمسح الأذنان بنفس ماء الرأس ، وما ورد

( أنه يؤخذ ماء جديدا للأذنين )

فهو شاذ ، كما قال ابن حجر رحمه الله .

ثم يغسل قدميه ، والسنة أن يدلك ما بين أصابعه بخنصره لما ثبت في السنن من حديث المستورد بن شداد رضي الله عنه ، ولا يداوم على هذا يفعل هذا أحياناً .

( مسألة )

 [ يجب غسل بطون الأقدام ، وكذلك يجب في غسل اليدين أن تغسل من أطراف الأصابع مع المرفقين  ]

( الشرح )

بالنسبة إلى غسل الكفين سبق الإشارة إلى ما يقع من البعض من خطأ .

وكذلك في القدم البعض لا يغسل بطون القدم ، وقد قال عليه الصلاة والسلام :

( ويلٌ للأعقاب وبطون الأقدام من النار )

كما جاء في المسند ، وقال صلى الله عليه وسلم عند مسلم :

( ويل ٌ للعراقيب من النار  )

( مسألة )

[ يغسل الأقطع بقية المفروض فإن قطع كله سقط الفرض  ]

( الشرح )

لو قطعت نصف اليد فيغسل ما تبقى .

فإن قطعت اليد مع المرفق سقط الفرض .

فما بقي من المفروض من يد أو قدم فيغسلها فإن لم يبق شيء من محل الفرض يسقط .

( مسألة )

[ رفع البصر إلى السماء بعد الوضوء فيه حديث ضعيف ، كذلك ذكر الشهادة ثلاث مرات  ]

( الشرح )

السنة بعد الوضوء أن يقول :

( أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأن محمداً عبده ورسوله  ) كما عند مسلم .

ويقول أيضاً (  اللهم اجعلني من التوابين واجعلني من المتطهرين ) كما عند الترمذي .

* والسنة أن يقول أيضاً : ( سبحانك اللهم وبحمدك اشهد أن لا إله إلا أنت ، أستغفرك وأتوب إليك )

مثل دعاء كفارة المجلس كما جاء عند الحاكم

لكن تكرار الشهادة ثلاث مرات ففيها حديث ضعيف .

ورفع البصر إلى السماء فيه حديث ضعيف والضعيف لا تقوم به حجة .

( مسألة )

 [ تباح معونته في الوضوء وتنشيف أعضائه والصحيح لا يكره الكلام على الوضوء ولا تشرع أدعية وأذكار أو قراءة سورة أثناء الوضوء ]

( الشرح )

يجوز أن يستعين الإنسان في وضوئه  بشخص آخر لفعله عليه الصلاة والسلام كما في حديث المغيرة في الصحيحين :

( كان المغيرة يصب عليه الماء )

وله أن ينشف أعضاءه بعد الوضوء .

وما كرهه بعض الفقهاء : “

من الكلام أثناء الوضوء “

فلا دليل عليه ، فإن سكت فله ذلك ، وإن تكلم بكلام مباح فله ذلك ، لكن لا تشرع أدعية ولا أذكار في ثنايا الوضوء .

أما ما ذُكِرَ من ” أنه إذا غسل يده اليمنى “

قال اللهم أعطني كتابي بيميني “

إلى آخر ما ذكر فلا يصح .

وكذلك قراءة سورة القدر لا يصح .

إنما الوارد بعد الوضوء هو ما ذكر .

وكذلك الوارد قبل الوضوء ” البسملة ” والبسملة اختلف العلماء في وجوبها :

فالجمهور يرون أنها سنة .

( مسألة )

 [ لا يجزئ  مسح بعض الرأس ، ولا يلزم مسح كل شعرة بعينها ، ولا يسن مسح العنق ، ولا التثليث في مسح الرأس  ]

( الشرح )

لا يجزأ مسح بعض الرأس على القول الصحيح لقوله تعالى : { وَامْسَحُواْ بِرُؤُوسِكُمْ }المائدة6 .

بل يجب أن يعمم الرأس بالمسح ، وليس المراد أن يمسح كل شعره بعينها – ليس هذا هو المراد .

وأما مسح العنق فقد ورد فيه حديث لا يصح [ مسح العنق أمان من الغل ] لكنه حديث موضوع كما قال شيخ الإسلام رحمه الله .

والسنة في الوضوء أن يثلث ” فيغسل وجهه ثلاثاً ، ويديه ثلاثاً ، وقدميه ثلاثاً ، لكن الرأس يمسح مرة واحدة “

ولا يسن أن يمسحه ثلاث مرات وما ورد من أحاديث في ( مسحه ثلاثاً ) فهي أحاديث شاذة لا تصح .

( مسألة )

[ الترتيب من فروض الوضوء وكذا الموالاة إلا أن جف العضو باشتغاله بأمر يتعلق بالوضوء كإزالة وسخ في وجهه مثلاً  ]

( الشرح )

الترتيب فرض من فروض الوضوء :

” يبدأ بالوجه مع المضمضة والاستنشاق ، ثم يغسل اليدين ، ثم يمسح الرأس ، ثم يغسل القدمين فإن قدَّم شيئاً على شيء لم يصح وضوءه ، إلا فيما ذكرنا من جواز تقديم الوجه على المضمضة والاستنشاق لأن الفم والأنف من الوجه.

والموالاة  : قيل إنها سنة .

والموالاة : هي ألا يغسل عضوا ثم يبقى مدة ًفينشف هذا العضو ثم يغسل العضو الذي يليه ، في زمن معتدل .

والراجح ” أن الموالاة واجبة ” لقوله عليه الصلاة والسلام ( لما رأى لمعة في قدم رجل قال أعد الوضوء والصلاة ) كما في مسند الإمام أحمد إلا أن اشتغل بتنظيف شيء في محل الفرض فهنا لا يضير لأنه يتعلق بمصلحة الوضوء .

( مسألة )

[ يشترط في النية استصحاب حكمها أي لا ينوي قطعها ولو غابت عن خاطره ، ولا يلتفت إلى الشكوك بعد العبادة ولا أثنائها إذا كثرت  ]

( الشرح )

الواجب في النية أن يستصحب حكمها بمعنى أنه يتوضأ ويستمر في وضوءه دون أن ينوي قطعها ، فإن نوى قطعها بطل وضوئه،  ولزمه أن يعيد من جديد .

أما الشكوك فإن كانت بعد العبادة فلا يلتفت إليها وهذه قاعدة مهمة [ إذا فرغت من أي عبادة ثم حصل عندك ارتياب فلا تلتفت إلى هذه الشكوك  ] .

فلو فرغت من الوضوء وشككت ولم تتيقن شككت هل غسلت وجهك أم لم تغسله فاطرح الشك ووضوئك صحيح، فرغت من الصلاة فشككت هل سجدت السجدة الثانية من الركعة الأخيرة أم لا ؟ فاطرح الشك وصلاتك صحيحة ،فرغت من الطواف فشككت هل طفت ستة أشواط أم سبعة ؟ فاجعلها سبعة ، فالشك بعد الفراغ من العبادة لا يلتفت إليه ،أما إذا كان قبل الفراغ من العبادة فيلتفت إليه إلا إذا كثرت الشكوك مع الشخص فهي وساوس لا يلتفت إليها .

( مسألة )

[ النية تحصل إذا قصد رفع الحدث أوما تجب له الطهارة كالصلاة أوما يسن له الطهارة كقراءة القرآن  ]

( الشرح )

متى يكون الوضوء صحيحا تصح به العبادات؟

إذا وجد به واحد من ثلاثة أمور :

أولا :  أن يأتي لغسل أعضاء الوضوء ويقصد رفع الحدث فهنا يصح وضوئه .

ثانيا : أن لا يقصد رفع الحدث ، لكنه نوى بهذا الوضوء أمراً واجبا ً، وهو الصلاة فله أن يصلي بهذا الوضوء وله أن يمس المصحف بهذا الوضوء ولو لم تكن نيته رفع الحدث .

ثالثا : أن ينوي مسنوناً للوضوء فلو أن إنساناً توضأ من أجل أن يطبق سنة الوضوء قبل النوم هو ما توضأ إلا ليطبق هذه السنة فبدا  له أن يصلي بهذا الوضوء ، فله أن يصلي بهذا الوضوء ، فإذا نوى رفع الحدث أو نوى ما تجب له الطهارة كالصلاة أونوى ما تسن له الطهارة كالوضوء قبل النوم فإن حدثه يرتفع .

( مسألة )

 [ لا تجوز الزيادة على الثلاث وكذا على الصحيح مجاوزة الفرض ، أما حديث ( من استطاع منكم إن يطيل غرته فليفعل )  فهذا من قول أبي هريرة  رضي الله عنه ]

( الشرح )

النبي صلى الله عليه وسلم كما عند أبي داود ( أرى أعرابا الوضوء ثلاثاً ، ثم قال من زاد على هذا فقد تعدى وأساء وظلم )

فلو غسل وجهه أربع مرات فقد فعل أمراً محرما والمراد من الغسلة ليست هي الغرفة ، وإنما المراد بالغسلة أن يعمم العضو فلو أخذ غرفة من ماء ثم غسل ثلث وجهه ثم أخذ غرفة أخرى فغسل الثلث الأخر ثم أخذ الغرفة الثالثة وغسل الثلث الأخير ، فهذه تعد غسلة واحدة فلا ننظر إلى عدد الغرفات وإنما ننظر إلي تعميم العضو .

وكذلك مجاوزة محل الفرض حرام .

مثلاً / غسل إلى مرفقيه فلا يزيد إلى الكتف،  غسل القدم مع الكعبين فلا يزيد إلى أنصاف الساق ، وأما حديث ( من استطاع أن يطيل غرته فليفعل ) فليس من قول النبي صلى الله عليه وسلم ، إنما هو من قول أبي هريرة رضي الله عنه ، ولذا كان يتأول رضي الله عنه فكان يزيد في غسل اليدين وفي غسل القدمين .

( مسألة )

[ يجب إزالة ما يمنع وصول الماء إلى البشرة كالبوية مثلاً أما مالا يمنع فلا يضر كالحناء مثلاً أما إن كان يمنع فإنه يضر إلا الوسخ اليسير  ]

( الشرح )

يجب أن يزال ما يمنع وصول الماء إلى البشرة فلو كانت هناك مادة البوية مثلاً على اليد أو الوجه يجب أن تزال وإلا لم يصح الوضوء ، لأن للبوية جرما ًيمنع وصول الماء إلى البشرة ، لكن إن كان يسيرا فيتسامح عنه أما إذا كان الشيء ذا لون وليس ذا جرم مثل الحناء مثل ألوان الأقلام فهذه لا تضر .

( مسألة )

 [ من حدثه دائم كالمستحاضة ، ومن به سلس بول فلا يصح وضوئه إلا إذا دخل الوقت  ]

( الشرح )

بعض الناس مبتلى بحدث مستمر مثل ريح مستمرة معه مثل بول مستمر معه ،  مثل ” المرأة المستحاضة ” فهؤلاء في عداد الطاهرين.

لكن لا يصح وضوئهم إلا إذا دخل وقت الصلاة ، فمن به هذا الأمر فتوضأ قبل أذان المغرب فلا يصح أن يصلي بهذا الوضوء صلاة المغرب ، إنما يصح وضوؤه إذا دخل وقت المغرب ، فإذا دخل وقت العشاء فعليه أن يتوضأ وضوءا آخر لصلاة العشاء لقوله عليه الصلاة والسلام للمستحاضة ( توضئي لكل صلاة حتى يجيء وقت الصلاة الأخرى ) .

( مسألة )  

[ من شروط الوضوء انقطاع ما يوجبه  ]

( الشرح )

هذا من شروط الوضوء ، فلو كان يبول ويتوضأ أثناء بوله أو أثناء خروج الريح فلا يصح الوضوء.

( مسألة )

[ السنة التقليل من الماء في الطهارة  ]

( الشرح )

لفعله عليه الصلاة والسلام كما جاء في الصحيحين ( أنه كان يتوضأ بمد )

وعند أبي داود ( يتوضأ بثلثي مد ) ليس مد كاملا وإنما بما يسع ثلثيه .

( مسألة )

[ لو نوى بوضوئه الطهارة وضم إليها ما لا ينافيها كالتعليم مثلا صح وضوؤه ]

( الشرح )

لو نوى بالوضوء التعليم فقط أو التبرد فقط أو التنظف فقط فلا يصح الوضوء ، لكن لو نوى بوضوئه أن يرفع الحدث ثم جعل التعليم أو التنظف أو التبرد تابعا فإن وضوئه صحيح فالمراد أن تكون النية الأولى هي نية رفع الحدث .

( مسألة )

[ من نوى وضوءاً أوغسلا مسنونا ناسيا حدثه ارتفع كما ذكر فقهاء الحنابلة ]

( الشرح )

صورة هذه المسألة : لو أن إنسانا قد أحدث ونسي حدثه فظن أنه على وضوء فأتى لصلاة المغرب ، وقال أتوضأ وضوءاً للتجديد – وضوء التجديد سنة – هو في الحقيقة قد أحدث لكن نسي ” فيقولون إذا توضأ للتجديد ناسيا حدثه ثم لما فرغ من هذا الوضوء الذي هو للتجديد فذكر حدثه الأول فإن هذا الوضوء مجزئ ،  مع أن النية فيه نية سنه لا نية واجب . ومثله الغسل .

( مسألة )  

[ لا يغسل داخل عينيه ولومن نجاسة ودمعه طاهر  ]

( الشرح ) 

الشريعة جاءت برفع الحرج ، فلا يكلف الإنسان أن يغسل داخل عينيه ، حتى ولو وقعت فيها نجاسة ، فلو وقعت فيها نجاسة فلا يلزم بغسلها ولا يستحب له لأنه يورث العمى.

والدمع النازل من العين بعد وقوع النجاسة فيها دمع طاهر .

( مسألة )

[ يغسل ما نبت في محل الفرض كإصبع زائدة  ]

( الشرح )

لو أن إنساناً فيه ستة أصابع فيجب أن يغسل هذا الأصبع الزائد ، إنسان له يدان نبتت يد في اليد الأصلية فيجب أن يغسل هذه اليد الزائدة ،أما إذا كانت هذه الزيادة في غير محل الفرض فلا تغسل .

( مسألة )  

[ من وضذَأ غيره أو غسَّله أو يمَّمه ونواه المفعول له لا الفاعل صح سواء كان الفاعل مسلماً أو كافرا  ]

( الشرح )

النية يجب أن تكون من العابد ، ومن ثم فلو نويت الوضوء وجاء إنسان ووضأك ولو لم ينو هذا الفاعل الوضوء لكنك نويت الوضوء فالوضوء صحيح ، لكن إن لم تنو ونوى هو لم يصح الوضوء ، فأهم شيء أن تكون النية من المفعول له أما الفاعل فلا عبرة بنيته حتى لو وضأك أو غسلك أو يممك كافر ونويت فوضوئك وغسلك وتيممك صحيح .

( مسألة )

[ التثليث في الوضوء سنة ويجب تركه إذا ترتب على فعله ترك واجب كقلة الماء مثلاً ]

 الشرح )

التثليث سنة لكن لو كان عندك ماء قليل لو ثلثت الأعضاء بقيت القدمان من دون غسل فنقول يجب أن تترك التثليث فلتقتصر على واحدة .

فإذاً التثليث سنة إلا إذا ترتب على فعل التثليث ترك واجب كأن يكون الماء قليل ، أو يكون هناك مضطر إلى هذا الماء الزائد فلا تثلث .