مختصر فقه العبادات
[ 4 ]
كتاب الطهارة
( باب المسح على الخفين )
فضيلة الشيخ زيد بن مسفر البحري
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه وسلم تسليما كثيرا إلى يوم الدين :
[ باب المسح على الخفين ]
إذا كان الساتر من جلد يقال ” خفان ”
وإن كان الساتر من غيره كالشراب المعروفة عندنا فهي ” الجوارب “
وقد صح عنه عليه الصلاة والسلام :
( أنه مسح على الخفين ومسح على الجوربين)
( مسألة )
[ المسح على الخفين جائز باتفاق أهل السنة ، ولم يخالف فيه إلا الرافضة ]
( الشرح )
لم يخالف في المسح على الخفين إلا الروافض ، فهم لا يرون المسح على الخفين ، وإنما يرون غسل القدم ، وليس كل القدم وإنما المقدمة من القدم .
( مسألة )
[ الأفضل ما وافق حال الرجل :
إن كانت مستورة فالمسح أفضل ، وإن كانت مكشوفة فالغسل أفضل ]
( الشرح )
هذا هو الصحيح من أقوال العلماء :
أن القدم إذا كانت مستورة فالمسح أفضل وإن كانت مكشوفة فالغسل أفضل ، فالنبي عليه الصلاة والسلام كما قال شيخ الإسلام رحمه الله ” لا يتكلف ضد حال قدمه “
( مسألة )
[ يمسح المقيم بعد الحدث يوماً وليلة ، والمسافر ثلاثة أيام بلياليهن ]
(الشرح )
هذه هي مدة المسح ، دليلها ما جاء عند مسلم قال عليه الصلاة والسلام :
( يمسح المقيم يوماً وليلة ، والمسافر ثلاثة أيام بلياليهن )
فيكون للمقيم : ” أربع وعشرون ساعة ” .
وللمسافر ” اثنتان وسبعون ساعة ” .
وتكون البداية : ” من المسح بعد الحدث “
فإذا لبس المقيم الخفين الساعة الخامسة فجرا ، ًثم مسح عليها بعد ما أحدث الساعة الثانية عشرة ظهراً فتبدأ المدة من الساعة الثانية عشر ظهراً إلى اليوم التالي في نفس الساعة ، فيكون المبتدأ من المسح بعد الحدث .
أما إذا مسح مسح تجديد ليس عن حدث فلا يعتبر، فلو أن إنساناً لبس الخفين الساعة الخامسة فجراً ، وظل على وضوئه إلى الساعة الثانية عشر ظهراً فمسح مسح تجديد الساعة الثانية عشر ظهرا ثم لما جاءت الساعة الثالثة عصرا مسح بعد الحدث فتكون بداية المدة من ” الساعة الثالثة عصرا ” مع أنه لبسها في الساعة الخامسة فجراً ومسح عليها الساعة الثانية عشر ظهراً مسح تجديد وليس مسح حدث ، فبداية المدة من المسح بعد الحدث فيحسب المقيم أربعاً وعشرين ساعة والمسافر اثنتين وسبعين ساعة .
( مسألة )
[ المسح جائز ، ويجب إذا ترتب على تركه فوات واجب كجمعة ]
( الشرح )
المسح جائز ، فللإنسان مع بقاء المدة أن يخلع خفيه وأن يتوضأ ويغسل قدميه ، لكن إذا كان هذا الخلع يترتب عليه فوات واجب كما لو كان الناس في صلاة الجمعة والمدة باقية ولو خلع خفيه ثم توضأ وغسل قدميه لفاتته صلاة الجمعة ،نقول له: إن المسح في حقك الآن واجب لأنك لو خلعت لأخذ منك مدة ، فيفوت هذا الواجب. وكذلك لو ترتب عليه فوات صلاة الجماعة ،فالمسح جائز ما لم يترتب عليه فوات واجب فيجب إذا كانت المدة باقية .
شروط المسح على الخفين
[ أولا : أن يكون الجورب طاهراً.
ثانيا : أن يبقى اسم الخف ولو وجد فيه ثقوب فيجزأ المسح على الصحيح .
ثالثا : أن يكون المسح في الحدث الأصغر .
رابعا : أن يلبسهما بعد كمال الطهارة .
وأما ماعداها من الشروط فلا دليل عليها ]
( الشرح )
هذه هي شروط المسح على الخفين :
الشرط الأول
” أن يكون الخفان طاهرين “
فإن كان نجساً فلا يجوز المسح عليه .
الشرط الثاني
” أن يبقى اسم الخف “
فالخروق التي لا تخرج الخف عن مسماه معفي عنها ، لأن النبي عليه الصلاة والسلام “أطلق المسح على الخفين ” ولم يقيد خفاً مثقوباً أو غير مثقوب .
والصحابة رضي الله عنهم ( كانوا يمشون على خفافهم )
وهي في الغالب كان يحدث معها ثقوب .
وكانوا في قلة من المال وكانوا يمسحون ،وإن احتاط الإنسان فلم يمسح إلا على ما ستر كل قدمه فهو أحسن .
الشرط الثالث
” أن يكون المسح في الحدث الأصغر “
فلو أجنب فلا يصح أن يغتسل ، ثم إذا بلغ القدمين مسح على الخفين ، بل يجب أن يخلعهما فالمسح إنما يكون في الحدث الأصغر :
لقوله عليه الصلاة والسلام في حديث صفوان قال ( أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا كنا سفراً ) يعني مسافرين ( ألا ننزع خفافنا ثلاثة أيام بلياليهن ، إلا من جنابة ، لكن من بول وغائط ونوم )
الشرط الرابع
” أن يلبسهما بعد كمال الطهارة “
فلو غسل قدمه اليمنى قبل أن يغسل اليسرى ، فلما غسل اليمنى أدخل الخف ثم غسل اليسرى فأدخل الخف فلا يصح المسح عند كثير من العلماء .
وشيخ الإسلام بن تيمية رحمه الله : يرى الصحة .
والصحيح : الأول ، لما ورد :
( توضأ فمسح على خفيه )
وأما ما عادها من الشروط فلا دليل عليها.
( مسألة )
[ من مسح في سفر ثم أقام مسح مسح مقيم إن بقي شئ من المدة ، وأما عكسه فالصحيح أنه يمسح مسح مسافر ]
( الشرح )
إذا كان الإنسان مسافراً فله ثلاثة أيام بلياليهن ، فإذا قدم بلده فيمسح مسح مقيم ، فإن كان سفره في نفس اليوم ثم عاد في نفس اليوم .
مثلاً :
” سافر الفجر ثم عاد العشاء ، وكان مسحه من الفجر ” متى ينتهي المسح ؟
ينتهي فجر اليوم الثاني ، فهنا يكمل مسح مقيم .
لكن لوا أنه مسح في السفر يومين فوصل إلى بلدة فهل يمسح ؟
لا يمسح لأن المدة قد انتهت .
وأما عكسه / فيمسح مسح مسافر .
بمعنى / إنسان مسح في البلد مسح الفجر ثم سافر الظهر فهل يمسح في سفره ثلاثة أيام أو يوماً وليلة؟
اختلف العلماء في هذا :
والصواب / ” أنه يمسح مسح المسافر “
لأنه وُجِدَ السبب الذي هو السفر ، والنبي عليه الصلاة والسلام جعل مدة المسافر ( ثلاثة أيام بلياليهن ).
فخلاصة القول / أنه لو كان مسافراً ثم قدم إلى بلده فيمسح مسح مقيم إن بقي شئ من المدة فإن انتهت المدة فيخلع خفيه .
والصورة الثانية : أن يمسح في بلده ثم يسافر فهل يمسح مسح سفر أو مسح مقيم ؟
هناك خلاف ، والصحيح أنه يمسح مسح مسافر .
( مسألة )
[ يكره غسل الخف ، وتكرار مسحه ، ومسح أسفله وعقبه ]
( الشرح )
غسل الخف ليس عليه دليل ، ولذا يكره ، بل إذا اكتفى بغسله دون مسحه فلا يصح الوضوء .
” ويكره تكرار مسحه ” فالسنة أن يمسح مرة واحدة .
” ولا يسن أن يمسح الأسفل أو العقب “
إنما كما سيأتي أنه يمسح ظاهر الخف من أطراف أصابع القدم إلى الساق ، ولا يمسح الأسفل ولا يمسح العقب .
وما ورد ” أنه يمسح أسفله ” فلا يثبت .
قال علي رضي الله عنه كما عند أبى داود وغيره :
( لو كان الدين بالرأي ، لكان مسح أسفل الخف أولى بالمسح من أعلاه ” وقد رأيت النبي صلى الله عليه وسلم ” يمسح ظاهر خفيخ ” ) .
( مسألة )
[ ما ورد من أحاديث في المسح على النعلين محمول على لبسهما فوق الجوربين ]
( الشرح )
وردت أحاديث أن النبي صلى الله عليه وسلم :
( مسح على نعليه )
لكنها مقيدة بما إذا كانت هذه النعال على الجوربين ، لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال :
( ويلٌ للأعقاب من النار )
فلو كان المسح على النعلين من غير جوربين جائزا لناقض الوعيد الشديد في الأحاديث الأخرى .
( مسألة )
[ إن مسح على الجورب بعد الحدث ثم توضأ ولبس خفا آخر فالراجح أنه يمسح على الأعلى، والمدة مرتبطة بالخف الأول ، أما عكسها وهو مسحه الأعلى ثم خلعه فلأحوط عدم المسح على الأسفل ، ولو مسح عليه فالأظهر الجواز ]
( الشرح )
صورة هذه المسألة :
لو أن أنساناً لبس الخفين فمسح عليهما فأراد أن يلبس أخرى لشدة البرد فيقال له ” توضأ وامسح على خفيك والبس الخفين ” فإذا جاء الوقت الآخر فتمسح على الخف الأعلى “
لكن مدة المسح على الأعلى متى تنتهي ؟
تنتهي بانتهاء مدة المسح على الأسفل.
مثال ذلك / ” لو أنه مسح الساعة الخامسة فجرا ، ثم اشتد البرد فلبس خفاً آخر في الظهر “
نقول له : لا تلبس إلا بعد ما تتوضأ ثم تلبس هذا الخف ، وعليك أن تمسح على هذا الخف الأعلى الجديد لكن إلى متى ؟
إلى الساعة الخامسة فجراً تبعا للخف الأول .
عكسها / لو أن إنسانا لبس خفين اثنين لشدة البرد ثم تضايق من الخف الأعلى فخلعه فهل له أن يمسح على الأسفل ؟
نعم له أن يمسح على الأسفل ، مع أنه مسح في بداية الأمر على الأعلى .
( مسألة )
[ حكم من حدثه مستمر كغيره في المسح إذا لبس بعد كمال الطهارة ]
( الشرح )
من به سلس بول أو سلس ريح له أن يمسح ، فهو كغيره ، لكن متى يتوضأ ؟
يتوضأ إذا دخل وقت الصلاة ، فإذا دخل وقت الصلاة فتوضأ ولبس الخفين فله إذا جاء الوقت الآخر أن يتوضأ وأن يمسح على هذين الخفين مثاله/
لما دخل وقت الظهر توضأ ولبس الخفين “
فهنا نلزمه إذا جاء وقت العصر بأن يتوضأ لصلاة العصر ، فله أن يتوضأ فإذا وصل إلى القدمين فليمسح .
( مسألة )
[ يمسح ظاهر الخف من أطراف أصابعه إلى ساقه – كمسح الأذنين – وإن بدأ باليمين فقولٌ وجيه ، والواجب مسح أكثر الخف ]
( الشرح )
هذه هي صفة مسح الخف :
” يبدأ من أطراف أصابع القدم إلى ساقه مرة واحدة ، يمسحهما مثل أذنيه وإن بدأ باليمين ثم ثنى باليسار فقولٌ وجيه فالأمر فيه سعة .
فدليل الوجه الأول قول علي الله عنه :
( فمسح ظاهر خفيه )
دل على أن مسحهما يكون كمسح الأذنين معاً فحينما تمسح أذنيك لا تمسح اليمنى قبل اليسرى بل إنك تمسحهما في حالة واحدة .
وإن بدأت بالخف اليمين ثم باليسار فقول ٌ وجيه لقول عائشة رضي الله عنها :
( كان يعجبه عليه الصلاة والسلام التيمن في تنعله ، وترجله ، طهوره ، وفى شأنه كله )
والواجب عليه : أن يمسح أكثر الخف فيمسح الظاهر مفرقاً أصابع يديه .
( مسألة )
[ الراجح أنه إذا خلع الخف بعد الوضوء فطهارته باقية ، كمن حلق شعره بعد الوضوء ، وكذا لو تمت المدة وهو على طهارة ]
( الشرح )
هذه مسألة مختلفٌ فيها :
إنسانٌ مسح بعد الحدث الساعة الخامسة فجراً ، فلما جاءت الساعة السادسة صباحاً خلع خفيه هل تنتقض طهارته السابقة أم لا ؟
فيها أقوال ، لكن الراجح – هو قول شيخ الإسلام رحمه الله :
” أن طهارته باقية لعدم الدليل على نقض طهارته”
فمثله : كمثل من توضأ ثم حلق رأسه إذا كان شعره كثيفاً فإن الماء لا يصل إلى أصول الشعر ، ومع ذلك جاز له أن يحلق شعره وأن يصلي .
وكذلك ” لو تمت المدة “
مثال / إنسان بداية مسحه من الساعة الخامسة فجراً متى تنتهي مدة المسح ؟
تنتهي الساعة الخامسة فجراً ، لو أنه قبل الساعة الخامسة فجراً مثلاً الساعة الخامسة إلا خمس دقائق مسح ، قال أمسح قبل أن تنتهي المدة فمسح ، والصلاة للفجر تكون الساعة الخامسة والربع “
فبعض العلماء / يقول ” إن صلاته غير صحيحة لماذا ؟
لأن المدة انتهت الساعة الخامسة .
ولكن الراجح / أن صلاته صحيحة ، لماذا؟
لأنه مسح في وقت المسح ، وليس هناك دليل على نقض الطهارة.
( مسألة )
[ لا تشترط نية المسح عند اللبس كستر العورة ]
( الشرح )
مثالها /
لو أن إنساناً كان على وضوء ثم دهن قدميه ، وقال ألبس الخفين من أجل أن تتسخن القدم ، هو لا يريد المسح لكن لما جاء الفجر بعدما لبسه في الليل ، قال أنا أدخلت الخفين على طهارة فهل أمسح عليهما لصلاة الفجر ؟
نقول / امسح، فلا تشترط نية لبس الخف ،أهم شيء عندنا أن هذين الخفين لبسا على طهارة .
( مسألة )
[ لو شك في ابتداء مسحه هل هو من الظهر أو من العصر ؟ يبني على الأصل ، وهو عدم المسح ، فتكون ابتداء مدته من العصر ]
( الشرح )
سبق معنا أن هناك قاعدة وهي :
[ أن الأصل بقاء ما كان على ما كان ]
فلو أن إنساناً مسح في يوم الاثنين ، فلما جاء يوم الثلاثاء قال ما أدري هل بداية مسحي يوم الاثنين من الظهر أم من العصر ؟ شك .
فنقول له / ” الأصل عدم المسح ” فليكن حسابك أن المدة قد ابتدأت من العصر لا من الظهر .
ومن ثم / فله أن يصلي يوم الثلاثاء صلاة الظهر بوضوء المسح .
( مسألة )
[ إبداء شيء يسير من القدم لا يضر إن أعاد الخف ]
( الشرح )
لو أن إنساناً أظهر شيئاً من قدمه ثم أعاد الخف مرة أخرى فله أن يمسح ، ولكن لو أظهر شيئاً كثيراً من القدم فلا ينفع المسح .
( مسألة )
[ المسح على العمامة كالمسح على الخف في مسح أكثرها ، ويسن أن يمسح معها ما ظهر من الرأس ، ولا توقيت فيها ، ولا اشتراط طهارة على الصحيح ، وكذا لا يشترط عمامة بصفات معينة ، وإنما يشترط فيها أن تكون ساترة لما جرت العادة بستره ]
( الشرح )
المسح على العمامة قد فعله عليه الصلاة والسلام كما عند مسلم .
لكن يجب في هذه العمامة أن تستر ما جرت العادة بستره على حسب عرف الناس .
ويكون الواجب فيها / أن يمسح أكثرها مثل الخف .
وأن مسح ما ظهر من الرأس فهو حسن وليس بلازم .
وهل يشترط فيها مدة معينة أو تلبس بعد الوضوء ؟
خلاف ، والراجح / أنه لا توقيت فيها ولا اشتراط للطهارة فيها لعدم الدليل ، فالنبي عليه الصلاة والسلام إنما حدد المدة في المسح على الخفين .
وأي عمامة لبسها كما قال شيخ الإسلام رحمه الله ، وهو الراجح فله أن يمسح عليها .
وما اشترطه بعض العلماء من شروط في صفة العمامة / فلا دليل عليه فالأحاديث جاءت بإطلاق العمامة .
( مسألة )
[ خُمُر النساء تمسح مع الحاجة ، وينبغي أن يمسح معها بعض الشعر ، أما إن لم تكن حاجة فخلاف في المسح عليها ]
( الشرح )
الأصل في المسح على الرأس / ” أن يكون على الرأس ”
لكن جاءت الشريعة باستثناء العمامة ، فهل تلحق خمر النساء بالعمامة أم لا ؟ وذلك أن تضع المرأة خمارا على رأسها ؟
فإن كانت هناك حاجة لوضع الخمار ، فلتمسح على الخمار وعلى شيء من الشعر وإن لم تكن هناك حاجة فهل يجوز لها أن تمسح أم لا ؟
خلاف بين العلماء ، والراجح أنها لا تمسح لأن الأصل في الرأس أن يمسح دون حائل .
( مسألة )
[ طهارة مسح الرأس الأصل فيها التسهيل فيصح المسح و لو كان الشعر ملبداً بالحناء ]
( الشرح )
الشرع خفف في مسح الرأس ، ولذلك جعله مرة واحدة ، فلو أن الإنسان لبَّد شعره بحناء ، أو امرأة لبدت شعرها بحناء : فلها أن تمسح عليه ، والدليل ما جاء في الصحيحين :
( أن النبي صلى الله عليه وسلم حج ملبداً رأسه )
ومعلوم أنه حج قارناً ، فظل على هذا التلبيد إلى يوم النحر ، وكان يتوضأ صلى الله عليه وسلم مع هذا التلبيد ” وهو مادة تشبه الصمغ يجمع شعر الرأس “
( مسألة )
[ يمسح كل الجبيرة أعلاها وأسفلها من جميع الجهات ، ويشترط فيها ألا تتجاوز قدر الحاجة فإن ستر شيئا قريبا منها لا يحتاج أليه في شدها فيجب نزعها إلا أن يترتب على النزع ضرر فيبقيها ، ويتيمم لهذا الزائد على أقرب القولين ]
( الشرح )
الجبيرة تختلف عن المسح على العمامة ، وعن المسح على الخفين فالشرع تسامح في المسح على الخفين وعلى العمامة ، لكن الجبيرة ليست من باب الرخص وإنما شيء وقع بالإنسان ككسر فجبر أو جبس ، فهنا إذا جبست القدم أو اليد فيجب أن تمسح الجبيرة كلها الأعلى والأسفل والجوانب ، بينما قلنا في المسح على العمامة والخفين قلنا يمسح الأكثر ، أما الجبيرة فيجب أن تمسح كلها .
ولا يجوز أن يزيد في الجبيرة إلا إذا كان يحتاج إلى الزيادة “
فمثلاً / لو أن الكسر في شبرٍ من يده ، واحتاج إلى نصف شبر لكي يشد هذه الجبيرة “
فنقول / يأخذ مع هذا الشبر الذي هو مقدار الكسر يأخذ نصف الشبر ، وله أن يمسح على هذا الشبر والنصف ، لكن لو أنه زاد فلم يكتفي بنصف الشبر جعله شبرا فالزائد نصف شبر قد أخطأ فيجب عليه أن ينزع الجبيرة ويعيد ربطها بمقدار شبر ونصف .
فإن قيل لو نزعها لأصابه ضرر كبير ؟
فنقول له / يبقيها ويمسح مقدار شبر ونصف ، والنصف الزائد يتمم عنه .
بمعنى أنه إذا فرغ من الوضوء يضرب بيديه الأرض ويمسح وجهه وكفيه وهذا التيمم عن هذا النصف الشبر الزائد .
( مسألة )
[ المسح على الجبيرة من باب الضرورة فلا يشترط أن تكون بعد طهارة ، ومثل الجبيرة دواء وضع على جرح ونحوه وخاف من نزعه فيمسح عليه كله و لا وقت محدد للجبيرة فمتى ما شفي وجب إزالتها ]
( الشرح )
لا يشترط في الجبيرة أن توضع بعد طهارة ، وذلك لأنها تأتي مفاجأة ليست كالخفين .
ومثل الجبيرة / لو أن إنساناً وضع على جرح دواء ، كأن يوضع هذا الدواء على جرح في اليد فنقول عند غسله أزل هذا الدواء .
فإن قال : أتضرر ، فيقال له تبقيه وتمسح عليه مسحاً
” والجبيرة لا وقت لها محدد “
لو ظلت في يد إنسان أو في قدمه شهراً أو شهرين فله أن يمسح لكن أن شفي فيجب أن ينزعها ولا يصح مع البرء والشفاء مسح .
( مسألة )
[ لم تأتِ الشريعة بجواز المسح على المستور رخصة إلا في موضعين الرأس والقدم ]
( الشرح )
الشريعة رخصت في المسح على العمامة وموضع العمامة كما هو معلوم ( الرأس ) .
وكذلك الشريعة رخصت في المسح على الخفين وموضع الخفين ( القدم )
أما ما عداها فلا يجوز المسح ، ولذا لو أن المرأة وضعت مناكير بعد ما توضأت فهل لها أن تمسح على هذه المناكير لأنها تمنع وصول الماء إلى البشرة هل لها أن تمسح ؟
الجواب / لا ، لأن المسح في الشريعة جاء رخصة في موضعين اثنين لا ثالث لهما :
أولا : الرأس .
ثانيا : القدم .
( مسألة )
[ الجرح إن كان مكشوفاً وجب غسله فإن تعذر فيمسح فإن تعذر فيتيمم فإن كان مستورأً فالمسح فإن تعذر فالتيمم ]
( الشرح )
الجرح لا يخلو /
” إما أن يكون مكشوفاً ، أو مستورا “
فإن كان مكشوفاً / كأن يكون في يد الإنسان جرح لم يغطه بشيء فإذا وصل إلى غسل يده يقال له / اغسل هذا الجرح مع يدك .
فإن قال : إن الغسل أتضرر به “
نقول له اغسل يدك ، وأما موضع الجرح تمسح عليه بالماء مسحاً خفيفاً .
فإن قال إن المسح يضر بي “
فيقال له اغسل اليد ودع موضع الجرح ، فإذا فرغت من الوضوء تيمم لهذا الجرح .
هذا إذا كان الجرح مكشوفاً ، فيجب الغسل لهذا الجرح فإن خاف فليمسح فإن خاف فليتيمم .
أما إذا كان مستوراً بشاشٍ أو خرقة و نحو ذلك /
فلا يقال له اغسل هذا المستور إنما لك أمران :
نقول له / امسح على هذا الشاش مسحاً بالماء خفيفاً ، فإن قال أتتضرر فنقول له إذا فرغت من الوضوء تيمم.