( مختصر فقه العبادات ) [ 7 ] كتاب الطهارة ( باب التيمم )

( مختصر فقه العبادات ) [ 7 ] كتاب الطهارة ( باب التيمم )

مشاهدات: 496

مختصر فقه العبادات

[ 7 ]

كتاب الطهارة

( باب التيمم )

فضيلة الشيخ زيد بن مسفر البحري

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه وسلم تسليما كثيرا إلى يوم الدين :

[ باب التيمم   ]

التيمم من خصائص هذه الأمة ،

كما ثبت في الصحيحين قال عليه الصلاة والسلام :

(   جعلت لي الأرض مسجداً وطهورا   )

( مسألة )

[  التيمم حكمه كحكم الماء ، ويشترط له عدم الماء ، أو عدم ثمنه ، أو خاف في استعماله أو طلبه ضرر في بدنه أو ماله و نحو ذلك ]

( الشرح )

التيمم بالتراب مثل الماء فإذا تطهر بالماء فتجوز له عبادات ، فكذلك التيمم وكما أن طهارة الماء لا تنتقض إلا بنواقض الوضوء السابقة فكذلك التيمم .

ومتى يصح التيمم ؟

يصح إذا عدم الماء فإن كان الماء موجوداً فلا يجوز التيمم لقوله تعالى :

{ فَلَمْ تَجِدُواْ مَاء فَتَيَمَّمُواْ }النساء43

لكن قد يصح التيمم مع وجود الماء .

مثل / أن يكون هناك ماء للبيع ، وليس عنده الثمن أو عنده الثمن لكن هذا الثمن يضطر إليه في معيشته أوفي الإنفاق على أهله فيجوز له أن يتيمم مع وجود الماء .

أو قد يوجد الماء ويخاف من استعماله :

فقد يكون الماء مضراً ببدنه فيستعمل التيمم ، أو عنده ماء – هذا الماء قليل لو استعمله لهلك من العطش أو هلك رفاقه أو هلكت بهائمه فهنا يجوز له أن يتيمم .

( مسألة )

 [ يجمع الجنب بين ما أمكن من غسله من جسمه وكذا الوضوء ويتيمم عن الباقي  ]

( الشرح )

إذا كان الإنسان جنباً وخاف من استعمال الماء لشدة برد ونحوه فهنا يجب عليه أن يغسل ما استطاع ، والذي لا يستطيع أن يغسله فيتيمم عنه ، فإن استطاع الوضوء فليتوضأ ويتيمم عن الباقي لفعل عمرو بن العاص رضي الله عنه :

( إذ إنه كان في شدة برد فتوضأ وغسل مغابنه وتيمم عن الباقي تيمم واحد )

التيمم المعروف : أن يضرب بيديه الأرض مرة واحدة ويمسح وجهه وكفيه .

( مسألة )

[ إن وجد ما يكفي بعض طهره استعمله ثم تيمم ]

( الشرح )

لو أن عنده ماء – لكنه قليل – لا يكفي إلا لغسل وجهه ويديه “

فنقول له : استخدم الماء أولاً ، فتمضمض واستنشق واغسل وجهك ويديك ، ثم بقي الرأس والقدمان فليتيمم عنهما حتى يصدق عليك أنك عادم للماء .

( مسألة )

[ لا يجوز تأخير الصلاة عن وقتها بحجة انتظار الماء فلو كان كذلك لما كانت في مشروعية التيمم أي فائدة  ]

( الشرح )

إذا عجز الإنسان عن استعمال الماء فيجب عليه أن يصلي بالتيمم ، ولا يجوز له أن يؤخر الصلاة عن وقتها حتى يجد الماء ، لأنه لو كان كذلك لما كان في مشروعية التيمم أي فائدة ، فهنا قاعدة وهي [ أنه لا يجوز أن تؤخر الصلاة عن وقتها لأي عذر من الأعذار ]

إلا في حالة واحدة اختلف فيها – وسيأتي بيانها بإذن الله تعالى – لكن على المسلم أن يصلي الصلاة حسب طاقته وقدرته في الوقت ولا يجوز له أن يؤخرها عن وقتها .

( مسألة )

[ الصحيح أن الترتيب والموالاة لا يشترطان إذا جمعت طهارة الماء مع التراب ]

( الشرح )

مر معنا أن الإنسان إذا كان في يده مثلاً جرح وكان مكشوفاً يجب غسله ، فإن لم يستطع يمسح فإن لم يستطع فليتيمم ، وإن كان مستوراً فليمسح فإن لم يستطع فليتيمم .

هذا الجرح في اليد ، هل إذا تمضمض واستنشق وغسل وجهه ثم غسل يده اليمنى والجرح في اليد اليسرى هل نقول إذا وصلت اليد اليسرى تتيمم أو يجوز لك أن تقدم التيمم قبل الوضوء ، أو يجوز لك أن تؤخر التيمم عن الوضوء ؟

نقول : أنت مخير ، وذلك لأن هذه الطهارة فيها طهارة بالماء – وهو طهارة الوجه ، وإحدى اليدين ومسح الرأس والقدمين – وفيها طهارة بالتراب ، فهذه هي قاعدة :

[ إذا اجتمعت طهارة التراب والماء فلا يشترط الترتيب ]

وكذلك لا تشترط الموالاة :  لو أن إنسانا في يده جرح ، ولا يستطيع إلا التيمم ، فتوضأ ثم نسي أن يتيمم فلم يذكر إلا بعد ساعة من الوضوء فهل نقول له أعد الوضوء أو نقول له تيمم فقط ؟

نقول له تيمم،  وذلك لأنه إذا اجتمعت طهارة التراب والماء فلا ترتيب ولا موالاة .

( مسألة )

[ يجب أن يطلب الماء قريباً منه عرفاً بحيث لا يشق عليه ، ولا يفوته وقت الصلاة  ]

( الشرح )

إذا لم يجد الماء ليبحث عنه لأن الله عز وجل قال:

{ فَلَمْ تَجِدُواْ مَاء فَتَيَمَّمُواْ صَعِيداً طَيِّباً }النساء43

فإذا بحث عنه صدق عليه أنه عادم للماء .

لكن إن كان يشق عليه أو كان الماء بعيداً تحصل معه مشقة وضرر أو خشي لو بحث عنه أن يخرج وقت الصلاة فماذا يقال له ؟

الجواب : يقال له تيمم .

( مسألة )

[  الصحيح أن التيمم إنما يشرع للحدث  ]

( الشرح )

التيمم يشرع للحدث ، أما ما ليس بحدث فلا يشرع فيه التيمم على القول الصحيح .

مثال ذلك /  الاغتسال للإحرام سنة،  وهو ليس عن حدث ، فلو أتيت إلى الميقات فلم تجد الماء هل تتيمم لهذا الغسل ؟

الصحيح أنك لا تتيمم له ، وذلك لأن هذا الغسل ليس عن حدث ، وعلى هذا فقس ، وهذا هو اختيار شيخ الإسلام رحمه الله .

( مسألة )

[ الصحيح أن كل ما تصعد على وجه الأرض يصح التيمم به  ]

( الشرح )

كل ما كان من أجزاء الأرض يصح التيمم به ، من طين ورمل وتراب ” ولو كان متغيرا ، ولا يشترط على القول الصحيح أن يكون له غبار لقوله تعالى:

{ فَتَيَمَّمُواْ صَعِيداً طَيِّباً }النساء43 .

فكل ما تصعد على وجه الأرض من رمال وصخور وتراب فيجوز التيمم به.

( مسالة )

[ صفة التيمم : أن يضرب بيديه الأرض ضربة واحدة ، يمسح وجهه وظاهر كفيه اليمنى قبل اليسرى ، ولم يصح رواية الضربتين ، أو إلى المرافق،  أو إلى الآباط ، أو إلى المناكب والأولى خروجاً من الخلاف أن يرتب مبتدئا بالوجه ]

( الشرح )

صفة التيمم الواردة عن النبي صلى الله عليه وسلم كما جاء في الصحيحين :

( أن يضرب بيديه الأرض ضربة واحدة ثم يمسح وجهه ثم كفيه مبتدئا باليمنى قبل اليسرى )

ويكون الوجه ابتداءً -خروجاً من الخلاف – لأن العلماء اختلفوا فيما لو قدَّم مسح اليدين قبل مسح الوجه .هل يصح أولا يصح ؟

فيبدأ بمسح الوجه ثم بمسح الكفين .

وورد بأسانيد ضعيفة :

( أن الضرب على الأرض يكون مرتين )

ومثله في الضعف / ( مسح اليدين إلى المرفقين ) ومثله / ( مسح اليدين إلى الآباط )

ومثله / ( مسح اليدين إلى المناكب )

فالصحيح / هو ما ذكر من أن التيمم ” ضربة واحدة يمسح وجهه ويمسح كفيه فقط ”

( مسألة )

[ صفة التيمم للجنب مثل تيمم من حدثه أصغر  ]

( الشرح )

  فالتيمم صفته واحدة لمن به حدث أصغر أوبه حدث أكبر ، والصفة هو ما ذكر آنفاً.

[ مبطلات التيمم ] 

[ وجود الماء قبل الصلاة أما بعدها فلا تجوز إعادة الصلاة ، أما في أثناء الصلاة فالأرجح أن يعيدها  ]

( الشرح )

مبطلات التيمم : وجود الماء ، فإذا وجد الماء قبل الصلاة فعليه أن يتوضأ،  فإن وجد الماء في أثناء الصلاة ، فقولان الراجح : ” أنه يقطع الصلاة ويتوضأ”  لعموم قوله تعالى:

{ فَلَمْ تَجِدُواْ مَاء فَتَيَمَّمُواْ صَعِيداً طَيِّباً }النساء43

وهذا قد وجد الماء ، فإذا وجد الماء بعدما فرغ من الصلاة فلا يجوز أن يعيدها لقوله عليه الصلاة والسلام كما في سنن أبي داود في حق من لم يعد الصلاة قال :

( أصبت السنة وقال لمن عادها لك الأجر مرتين ) لأنه كان جاهلاً.

( مسألة )

[ التيمم آخر الوقت لراجي الماء أفضل ، بشرط أن لا يفوت الجماعة  ]

( الشرح )  

من لم يجد الماء في أول الوقت لكنه يرجو أن يجده في آخر الوقت : فالأفضل له أن يؤخر الصلاة ، وليس بواجب لكنه مسنون، إلا إذا كانت هناك جماعة لو أخر الصلاة إلى آخر الوقت فتفوته الجماعة ، فيجب عليه أن يصلي بالتيمم في أول الوقت .

فإذاً التيمم في آخر الوقت لراجي الماء أفضل من التيمم في أول الوقت ، إلا إذا ترتب على ذلك تفويته لصلاة الجماعة .

( مسالة )

[ من ضيَّع الحزم بتركه حمل الماء وتيمم فالصحيح أنه لا يعيد ، كما قال شيخ الإسلام رحمه الله  ]

( الشرح  )

هذا هو رأي شيخ الإسلام رحمه الله  ، فلو أن إنساناً سيذهب إلى البر و هو يعلم أنه سيحتاج إلى الماء في وضوئه ، وهو قادر على حمل الماء لكنه فرَّط وتهاون فلما ذهب إلى مكان بغيته حضرت الصلاة وليس ثمت ماء .

فيقال له : صل ولا إعادة عليك ، لكنه آثم بتركه الحزم في أخذ الماء .

( مسالة )

[ لا علاقة بين التيمم والمسح على الخفين  ]

( الشرح )

 لا علاقة للتيمم بالمسح على الخفين ، لأن التيمم في عضوين الوجه والكفان ، أما المسح على الخفين فموضعه في القدمين ، والتيمم لا علاقة له بالقدمين ولذا لو خلع الخفين أو لبسهما بعد التيمم لا عبرة بأحكام المسح مع التيمم .

( مسالة )

[ يختار شيخ الإسلام رحمه الله التيمم لكل من يخاف فواته كصلاة الجمعة  ]

( الشرح )

شيخ الإسلام رحمه الله يرى / أن من خشي أن يفوت واجباً ، أو ما لا يمكن قضاؤه على وجه الانفراد يرى أنه يتيمم .

مثال ذلك : / لو أنه حضر إلى الجمعة والإمام في الركعة الأخيرة ، إن توضأ فاتته الركعة ، وإذا فاتته الركعة الأخيرة من صلاة الجمعة فاتته صلاة الجمعة ، وإن تيمم أدرك الركعة الأخيرة.

فيقول الشيخ رحمه الله / يتيمم .

 والأقرب / أنه لا يتيمم ، لأن مثل هذا يكثر وقوعه في عصر النبي صلى الله عليه وسلم ولم ينقل ، والأصل أن الماء هو المقدم ، وقد قال تعالى: { فَلَمْ تَجِدُواْ مَاء فَتَيَمَّمُواْ صَعِيداً طَيِّباً }النساء43 وهذا واجد للماء ، حتى لو فاتته صلاة الجمعة فهناك بديل لها عند فواتها وهي صلاة الظهر .