( مختصر فقه المعاملات ) [ 18 ] ( كتاب البيوع ) [ 18 ] (باب الصلح – باب الجوار )

( مختصر فقه المعاملات ) [ 18 ] ( كتاب البيوع ) [ 18 ] (باب الصلح – باب الجوار )

مشاهدات: 425

( فقه المعاملات )

( 18 )

فضيلة الشيخ زيد بن مسفر البحري

( كتاب البيوع )

( 18 ) 

(باب الصلح – باب الجوار )

 

(باب الصلح ) 

الصلح إنما هو في حقوق الآدميين ، والمراد به هنا بالأموال وهو نوعان :

الأول : صلحٌ عن إقرار .

الثاني : صلحٌ عن إنكار .

الشرح :

هذا هو الصلح يكون في حقوق الآدميين ،

أما في حقوق الله عز وجل :

فلا بد أن يؤتى بها ليس هناك مصالحة في حق الله عز و جل ، أوامر الله عز و جل يجب أن يؤتى بها ، والصلح في حقوق الآدميين المراد من ذلك الصلح في الأموال ،

أما ماعدا ذلك من حقوق الآدميين من ما لا تعلق لها بالمال فإنه لا صلح فيها ، فالصلح في حقوق الآدميين المتعلقة بالمال ، وهو نوعان صلح عن إقرار وصلح عن إنكار .

! ! ! ! ! ! !

مسألة :

الإقرار على نوعين :

النوع الأول : نوع يقع على جنس الحق ، فيعتبر هبة بشرط أن لا يكون مشروطاً بالإقرار منها ، و أن يكون صاحبة ممن يصح تبرعه.

الشرح :

[ الصلح عن إقرار ، والصلح عن إنكار ] .

فالصلح عن إقرار كأن تقول يا فلان عليك مائة ريال أطالبك بمائة ريال فيقره هذا صلح إقرار ، أما الإنكار أن ينكر

صلح الإقرار نوعان :

النوع الأول :

[ نوع يقع على جنس الحق ] :

وذلك كأن تقر بأن عليك لفلان مائة ريال فيجوز لفلان أن يسقط منها خمسين فهذا صلح عن إقرار في جنس الحق ،

لكن يشترط له شرطان :

[ الشرط الأول ] :

 أن لا يكون إقرارك بشرط أن يسقط عنك ،

فلو قلت يا فلان أنا أقر بأن علي مائة ريال ، لكن لا بد أن تسقط من هذا الدين فلا يصح هذا الإقرار لأن هذا المال مال هذا المسلم ، ويجب أن يأخذه كله حقه أن يأخذه كله ، إلا إن تنازل بمحض اختياره .

[ الشرط الثاني ] :

 أن يكون فلان ممن يصح تبرعه ،

فلو كان لا يصح تبرعه كما لو كان ولياً على مال شخص كأن تكون هذه المائة لصبي فأسقط عنك الولي خمسين ريال فلا يجوز ، لأنه لا يصح تبرعه .

! ! ! ! ! ! !

مسألة :

ولي اليتيم له أن يصلح أو يصالح على دين له عليه بينه .

الشرح :

هذا مستثنى مما سبق ، فولي اليتيم إذا ثبتت البينة والشهود بأن على هذا اليتيم حقاً فيجوز أن تصالح صاحبه على هذا الدين .

! ! ! ! ! ! !

مسألة :

 من صالح عن المؤجل ببعضه حالاً جاز .

الشرح :

كما سبق في قصة بني النضير .

! ! ! ! ! ! !

مسألة :

 لو صولحت المرأة على أن تقر بأنه زوجها لم يجز .

الشرح :

لو صالح رجلاً امرأة على أن تقر ، فقال : أنا أصالحك على الدين بشرط أن تقري بأنك زوجتي فلا يجوز لِمَ ؟

لأن النبي عليه الصلاة والسلام قال : (الصلح جائز إلا صلحاً أحل حراماً أو حرم حلالاً )، وهنا سيستبيح بضعها ومزجها وهي ليست بزوجة له .

! ! ! ! ! ! !

مسألة :

 النوع الثاني من أنواع صلح الإقرار :

 أن يصالحه على غير جنس الحق فجائز ، فإن كان عن نقد بنقد فهو صرف ، وإن كان على منفعة فهو إجارة وإن كان على زوجيه فنكاح

الشرح :

هذا هو النوع الثاني من أنواع صلح الإقرار أن يقر بأن عليه ديناً لك ،

لكن هذا الصلح ليس من جنس الحق الأول من جنس الحق مائة ريال أسقط عنك خمسين منها ، أما هنا صلح على غير جنس الحق كيف! يكون في حالات أن يكون عن نقد بنقد كأن يكون عليك مائة ريال فيتصالحان على خمسمائة ليره حصل الصلح على أن يعطيك أو على أن تعطيه خمسمائة ليره بدل مائة ريال

هنا نقد بنقد فيشترط القبض قبل التفرق

فإذاً يكون له أحكام الصرف ،

لو قال : يا فلان أن أقر بأن لك علي عشرة آلاف ريال لكن أصالحك على أن تسكن بيتي لمدة سنة

هنا إجارة تأخذ أحكام الإجارة هذا الصلح يأخذ أحكام الإجارة كما أن النوع الأول يأخذ حكم الصرف لو أن شخصاً يطالبه امرأة بعشرين ألف فصالحته على الزواج فيكون نكاحاً بشروط النكاح فيصح أن يكون ما في ذمتها وهي العشرون يصح أن تكون مهراً لكن لا بد من أحكام النكاح كما أنه لا بد من أحكام الأجرة كما أنه لا بد من أحكام الصرف فيما مضى .

! ! ! ! ! ! !

مسألة :

 القسم الثاني :

[ الصلح عن إنكار ]

الشرح :

هذا هو النوع الثاني من أنواع الصلح ، الصلح عن إقرار نوعان على جنس الحق ، وعلى غير جنس الحق أما هنا الصلح عن إنكار وهو نوع واحد .

مسألة :

 [ الصلح عن إنكار ]

ويحصل إن أنكر الدين المدين أو سكت فلهما أن يتصالحا بمالٍ حال أو مؤجل والكاذب منهما آثم ، والصلح في حق المدعي بيع ، وفي حق المدعى عليه إبراء .

الشرح :

صلح الإنكار يحصل إذا أنكر الدين ، أو قال يا فلان لك علي مال فسكت لم ينكر هذا أيضاً من صلح الإنكار فلهما أن يتصالحا على ما في ذمة هذا المنكر

لأن النفوس العالية إذا أدعي عليها بما لا تعرف وأنكرته لا ترغب أن تأتي إلى المحاكم ،

وأن تطالب وتضيع الأوقات ، أو ما شابه ذلك فيريد أن يسلم من الخصومات فيتصالحا على مالٍ مؤجل أو حال فيجوز ذلك

والكاذب منهما آثم ، الكاذب منهما فيما ادعاه آثم ،

والصلح في حق المدعي بيع ، وهو صاحب المال الذي يدعي المال ، الصلح في حقه بيع ، وأما في حق المدعى عليه الذي هو المنكر في حقه إبراء يريد أن يبرأ ذمته ، وإذا قلنا إن الصلح في حق المدعي بيع فيترتب عليه ما يترتب على البيع من أحكام .

! ! ! ! ! ! !

مسألة :

إن صالح عن المنكر أجنبي بغير أذنه صح .

الشرح :

لو أن شخصاً قام وقال لصاحب الحق أنا أتصالح معك على الدين الذي لك على فلان فيجوز هذا ، ولو كان أجنبي عنه ، لو كنت لا تعرفه وصالحت فلاناً عن دينه الذي على شخص قد أنكر فيصح .

! ! ! ! ! ! !

مسألة :

 وكذا يصح الصلح عن المجهول المتعذر علمه .

الشرح :

كأن تكون بينك وبين شخص شراكه وهناك حقوق بينكما ولا تعرفان هذه الحقوق فيجوز أن تتصالحا على هذه الحقوق المندثره ،

ولذا قال عليه الصلاة والسلام لرجلين اختصما في مواريث قد اندرست ، قال عليه الصلاة والسلام:

( استهما يعني استهما على ما بقي من هذا الإرث ـ استهما وتوخيا  الحق وليحلل كلاً منكما صاحبه ) .

! ! ! ! ! ! !

مسألة :

 وكذا يصح الصلح عن القصاص بأكثر أو أقل من الدية .

الشرح :

يجوز أن يتصالح القاتل مع أولياء المقتول عن القصاص ولو بأكثر من الدية أو بأقل فلو قال أولياء المقتول نعفي القاتل عن القصاص ، ولكن لنعطى عشرة ملايين فيجوز هذا الصلح

 لأن النبي عليه الصلاة والسلام قال كما عند ابن ماجه :

( من قتل له قتيل فهو بخير النظرين إن شاء قتل ، وإن شاء أخذ الدية وما صولحوا عليه فهو لهم ) .

! ! ! ! ! ! !

مسألة :

وكذا يصح الصلح على سلعة بها عيب .

الشرح :

يصح على سلعة بها عيب ، اشتريت سلعة فوجدت بها عيبا ، ماذا قلنا في الدروس السابقة ؟ أنت مخير بين ردها وأخذ مالك وبين إمساكها مع الأرش ، فيجوز أن تصالح على هذا العيب ، فتقول يا فلان وجدت في سلعتك عيباً نريد أن نتصالح على هذا العيب دون النظر إلى الأرش فيصح ذلك .

! ! ! ! ! ! !

مسألة :

 ومما لا يصح فيه الصلح ( الصلح عن إنكار ) الصلح عن الحدود ، وعلى إسقاط الخيار ويلزم البيع ، كذا لا يصح على إسقاط الشهادة لأن الصلح فيها ليس عن مال .

الشرح :

لا يصلح الصلح عن الحدود قذفك إنسان ،

قال : يا زاني ، ولم يأت بأربعة شهود فلك أن تطالب بأن يحد حد القذف ،

فلو قال يا فلان صالحني سأعطيك مالاً على أن تترك المطالبة فلا يصح هذا الصلح:

لأن الحدود حدود الله عز وجل يجب أن تقام فما كان من حق للآدميين فيها فله أن يسقطه من غير أن يأخذ عليه شيئاً ،

لأن الصلح كما أسلفنا في صدر الحديث عن الصلح لا بد أن يكون في حقوق الآدميين المتعلقة بالمال ،

وكذلك لا  يصلح الصلح على إسقاط الخيار ، لو أن شخصين تبايعا وجعل أحدهما لنفسه الخيار لمدة شهر فجاء من ليس له خيار وقال يا فلان لك الخيار شهراً لتصالحني على هذا الخيار ويتم البيع وأعطيك نظير هذا الإسقاط مبلغاً من المال فلا يجوز

فإذا صالحه نقول هذا الخيار وجد لدفع الضرر وتبين بصلحك وقبولك أنه لا ضرر عليك ومن ثم فإن البيع يلزم

ولا يصح لك أن تأخذ هذا العوض عن هذا الخيار ،

وكذلك لا يصح الصلح على اسقاط الشهادة كأن يقول يا فلان لا تشهد علي أعطيك مالاً فلا يصح هذا لأن الصلح إنما يكون في الأموال .

! ! ! ! ! ! !

باب أحكام الجوار

مسألة :

إن احتاج أن يجري ماءً بملك جاره فتصالحا على مال جاز .

الشرح :

فلو أن شخصاً عنده أرض وهناك بئر وهذا البئر يستقي منه الماء ، ولا يتمكن من إيصال الماء إلى أرضه إلا بإمرار هذا الماء من أرض جاره فله أن يتصالح مع جاره لإمرار الماء بما شاء .

! ! ! ! ! ! !

مسألة :

يلزمه أن يلوي أغصان شجرته إن امتدت إلى جاره ، وللجار أن يقطعها وإن اصطلحا على جزء من ثمارها صح .

الشرح :

لابد أن يراعي المسلم حقوق جاره ، ومن ثم فلو أن الجار لديه شجره وشجرته قد امتدت أغصانها إلى بيت جاره فيلزمه أن يلوي أغصانها ، فإن لم يلوي أغصانها فللجار المتأذي أن يقطعها ، وإن قال صاحب الشجرة يا فلان نتصالح على جزء من الثمرة لك نصف الثمار ولي النصف ، وتبقى هذه الأغصان فيصح .

! ! ! ! ! ! !

مسألة :

لا يجوز أن يحدث في ملكه ما يضر جاره .

الشرح :

لابد من مراعاة حقوق الجار فلو أن الإنسان أتى بمعدات مزعجة في بيته وقد وصل هذا الإزعاج إلى بيت جاره فلا يجوز له ذلك ، وإذا طلب الجار أن يكف عن تشغيل هذه الأجهزة أو هذه المعدات

فالواجب عليه أن لا يشغلها وكذلك لو وضع حوشاً للأغنام أو الأبقار وتأذى من ذلك جاره فلا يجوز مع أن هذا الشيء موجود في ملكه لكن ما كان يوصل الضرر إلى الجار فلا يجوز .

! ! ! ! ! ! !

 

مسألة :

 الجدار المشترك لا يتصرف فيه إلا بإذن شريكه .

الشرح :

لو أن هناك مزارعين بينهما جدار قد بنيناه اشتراكا فيه فلا يحق لأحدهما أن يتصرف فيه بهدم أو بإضافة أو بإزالة إلا بإذن الآخر .

! ! ! ! ! ! !

مسألة :

 يجوز للجار أن يضع خشبة على جدار جاره أو على جدار مشترك بشروط .

الشرح :

النبي عليه الصلاة والسلام قال : لا يمنعن جار جاره أن يغرز خشبة في جداره ،

ويجوز لك أن تضع أخشابك على جدار جارك بشروط

أولاً :

 عند الضرورة أو الحاجة ، كأن لا يمكنه التسقيف إلا به .

الشرح :

فإذا وُجدت الحاجة أو الضرورة في وضع هذه الأخشاب فلك أن تضعها .

مثال ذلك : أن لا يمكن أن تسقف غرفة إلا بوضع هذه الأخشاب على جدار جارك .

ثانياً :

 أن يتحمل الجدار .

الشرح :

لأن هناك قاعدة ” الضرر لا يزول بالضرر ” .

! ! ! ! ! ! !

مسألة :

 ومن امتنع أجبره الحاكم ، وإن اصطلحا على عوض جاز ومثل ذلك حائط المسجد واليتيم والوقف .

الشرح :

إن امتنع الجار قال : لا تضع خشباتك على جداري ، فللحاكم أن يجبره على وضع هذا ، لأن الشرع قد أجاز ذلك ، ولو اصطلحا حصل النزاع والشقاق ، قال : لنصطلح ، أعطيك على وضع أخشابي على جدارك مبلغاً من المال فيجوز هذا الصلح ، ومثل جدار الجار في الحكم ، الجدران الأخرى مثل جدار المسجد ، فلو كنت جاراً للمسجد ، وأردت أن تضع أخشابك على جدار المسجد بالشروط السابقة فيجوز أو كنت جاراً لبيت يتيم فكذلك الحكم أو لبيت موقوف فكذلك الحكم .

! ! ! ! ! ! !

مسألة :

قال شيخ الإسلام رحمه الله :

 ” ما لا قيمة له عادة ، لا يصح أن يرد عليه عقد بيع أو إجارة”

الشرح :

مالا قيمة له عادة لا يصح كما قال شيخ الإسلام رحمه الله أن يرد عليه عقد بيع أو إجارة ، عقد البيع هو عقد بيع أعيان ،

وأما الإجارة عقد بيع منافع فمثال ذلك : الظل ظل الجدار ،

لو قال لفلان من الناس لا تستظل بظل جداري ، وإذا أردت فلنعقد عقداً إما بيعاً بأن أبيعك ضله ،

أو أبيعك منفعته فمثل هذا لا يصح أن يتم عليه عقد لأن العادة لم تجري بذلك ، أو قال هذه التفاحة أريد أن أشمها قال بمبلغ مقداره ريال فلا يصح .

! ! ! ! ! ! !

مسألة :

الجدار المشترك إن انهدم فيلزم الآخر أن يقيمه معه فإن امتنع أجبره الحاكم أو أخذ من ماله ولو اقترض عليه ، أما إن كان بينهما أرض وطلبه أحدهما أن يشاركه في وضع الجدار فلا يجبر الممتنع .

الشرح :

الجدار المشترك مثل هناك مزارعان وبينهما جدار مشترك فانهدم أو آل إلى السقوط فإن الآخر يشاركه في إعماره فإن امتنع فإن الحاكم يجبره وإن كان قد امتنع ولديه مال ، فإن الحاكم يأخذ من ماله أو يقترض عليه ، أما إن كان المزارعان ليس بينهما جدار ، وأراد أحدهما أن يضع جداراً فلا يلزم الآخر بوضع الجدار إن شاء أن يضعه فله لكنه ليس بملزم .

! ! ! ! ! ! !

مسألة :

ليس للجار الأعلى أن يصعد على سطح جاره ، إذا كان يشرف على جاره ، إلا إن بنى سترة فإن استويا في العلو واحتاج أحدهم إلى سترة فيجبر الممتنع .

الشرح :

الجار الأعلى ليس له أن يصعد إلى السطح بحيث إذا صعد يشرف على بيت جاره إلا إن بنى سترة فيقال له : لتبني سترة ، لكن لو كان البيتان متساويين في العلو ، فإن الآخر يجبر بمشاركة جاره في بناء السترة .