( مختصر فقه المعاملات ) [ 26 ] ( كتاب الوقف )

( مختصر فقه المعاملات ) [ 26 ] ( كتاب الوقف )

مشاهدات: 770

( فقه المعاملات )

( 26 )

فضيلة الشيخ زيد بن مسفر البحري

( كتاب الوقف  ) 

 

 

الوقف : قربة إن أريد به الثواب وهو من خصائص أهل الإسلام ، وهو عقد لازم وينعقد بالقول أو الفعل .

الشرح :

هو قربة إن أريد به الثواب ، فإن أريد به حرمان الورثة فإنه لا خير فيه ، وهو من خصائص الإسلام فلم يوقف أهل الجاهلية وما كان من صحابة النبي عليه الصلاة والسلام معه سعة إلا أوقف ، وهو عقد لازم لا يجوز للواقف أن يتراجع فيه ، متى قال بيتي وقف أو أرضي وقف فإنه لا يجوز أن يتراجع ويحصل الوقف إما بقول كأن يقول ( أوقفت أو سبلت ) أرضي أو بيتي أو بالفعل فلو أنه جعل أرضه مسجداً وأُذن فيه ولم يتحدث بشيء فهذا وقفُ حصلت بفعله .

! ! ! ! ! ! !

مسألة :

شروط صحته :

أولاً :

[ أن يكون الواقف جائز التصرف ] :

الشرح : لأن هذا أمر يتعلق بالمال .

ثانياً :

[ أن يكون الموقوف مما ينتفع به انتفاعاً مستمراً مع بقاء عينه ويستثنى الماء ] .

الشرح :

 النبي عليه الصلاة والسلام لما قال له عمر رضي الله عنه إني أصبت أرضاً بخيبر فقال عليه الصلاة والسلام ( إن شئت حبست أصلها ) ، فالوقف تحبيس الأصل وتسبيل المنفعة فلابد أن يكون الشيء الموقوف باقياً ينتفع به ، إما إذا كان الموقوف طعاماً فإنه لا يبقى ، واستثنى العلماء الماء فإن الماء يصح وقفة لما ثبت عن عثمان رضي الله عنه أنه  اشترى بئر رومه وجعلها وقفاً للمسلمين .

ثالثاً :

 [ أن تكون العين مما يصح بيعها ] .

الشرح :

وسبق معنا ما لا يصح بيعه، فلو أنه أوقف كلباً ينتفع به لا يصح الوقف .

رابعاً :

[ أن تكون معينة فلا يصح ( أوقفت بيتاً من البيوت ) ] :

الشرح :

لا يصح أن يقول أوقفت بيتاً من بيوتي فلابد أن يعين .

خامساً :

[ أن يكون على جهة بر سواء كان الواقف مسلماً أو ذمياً ] :

الشرح :

لابد أن يكون على جهة بر فلو أنه أوقف ليحرم ورثته فهو وقفاٌ لا يصح سواء كان الواقف مسلماً أو ذمياً لأن الذمي قد يوقف فلو أوقف الذمي يجب أن يكون وقفه على جهة بر فلو أوقفه على الأضرحة أو على خمور أو نحوها فلا يصح .

سادساً :

 [ أن يكون الوقف منجزاً فلا يصح المؤقت أو المعلق إلا إذا علقه على الموت ويكون من ثلث المال كحكم الوصية ] :

الشرح :

لا يصح أن يقول أوقفت بيتي لمدة سنة فلا يصح مؤقتاً ولا يصح معلقاً كأن يقول أوقفت بيتي إذا جاء شهر رمضان فلا يصح إنما يصح الوقف معلقاً بالموت إذا قال أوقفت بيتي بعد موتي فيصح الوقف ويكون الوقف من ثلث المال لأنه في حكم الوصية ، أما إذا قال أوقفت بيتي فإنه يكون من رأس المال ففرق بينه وبين الوقف  المطلق الذي يكون هو من رأس المال ، وأما الوقف المعلق على الموت فإنه يكون من ثلث المال لِمَ ؟ لأنه عند الموت تكون نفوس الورثة قد تعلقت بهذا المال .

! ! ! ! ! ! !

مسألة :

 لا يصح الوقف على الفسقة أو الأغنياء أو الذميين إلا إذا كان الذمي معيناً .

الشرح :

لا يصح أن يقول أوقفت بيتي على الفسقة أو على المغنيين أو على الأغنياء أو على الذميين لأن الإنسان لا يجوز له أن يدفع ماله إلا في ما فيه مصلحة له دينية أو دنيوية ،إلا إذا أوقف على ذمي معين فلو قال هذا البيت وقفاً على فلان عينه وهو ذمي فيصح الوقف لورود هذا عن بعض الصحابة .

! ! ! ! ! ! !

مسألة :

 الصحيح أن الوقف إذا تعطلت منافعه كليةً فيجوز بيعه ، وكذا عند شيخ الإسلام رحمه الله إن نقصت منافعه .

الشرح :

 لو أنه أوقف بيتاً فتعطلت منافعه فيجوز على القول الصحيح أن يباع هذا البيت ويجعل ثمنه في مكان آخر والدليل أن النبي عليه الصلاة والسلام أرشد من أمره بأخذ الهدي أنه إن عطب منها شيء وخاف أن لا يصل إلى الحرم قال :

( إن عطب منها شيء  فلتذبحها ولا تأكل منها ولا رفاقك )

وكذلك عند شيخ الإسلام رحمه الله لو كان هذا الوقف قد نقصت منافعه ، بيتاً موقوف يؤجر مثلاً بعشرة آلاف ريال فنقصت منافعه لعزوف الناس عن هذا الحي فأصبح لا يؤجر إلا بألف ريال فيقول يجوز أن يباع وأن يوضع في مكان آخر لا تنقص منافعه .

! ! ! ! ! ! !

مسألة :

 قال الشيخ  : عبدالرحمن السعدي رحمه الله : لو أوقف على بعض الورثة فيحرم ولا ينفذ وغلط قول الفقهاءالقائلين بالجواز .

الشرح :

الفقهاء يقولون : لو أنه أوقف بيته على بعض أولاده دون البعض فيجوز ، ولكن يقول الشيخ  السعدي رحمه الله هذا ظلم .

! ! ! ! ! ! !

مسألة :

الوقف على الجهة المباحة باطل ولا ثواب فيه كمن أوقف على الأغنياء وهو قول شيخ الإسلام رحمه الله .

الشرح :

قال شيخ الإسلام رحمه الله لو أوقف على الأغنياء مثلاً : قال بيتي وقفاً على الأغنياء فيقول هذا باطل ، لكن لو أنه أوقف بيته على شخص غني فيصح ، ففرق بين الوقف على المعين وبين الوقف الجهة .

! ! ! ! ! ! !

مسألة :

يصح من الأخرس بإشارة مفهومة .

الشرح :

الأخرس إذا أراد أن يوقف بإشارته المفهومة المعلومة فتصح منه الإشارة .

! ! ! ! ! ! !

مسألة :

لو وقف على ذمي واشترط بقاؤه على هذه الصفة فالوقف صحيح والشرط باطل

الشرح :

لو قال أوقفت بيتي على فلان وكان فلان ذمي بشرط أن يبقى ذمياً ، فالوقف صحيح والشرط فاسد لأن المراد من الوقف الخير فكيف يمنعه من الإسلام .

! ! ! ! ! ! !

مسألة :

يلزم أن يكون الموقوف عليه يملك ملكاً ثابتاً ولا يجوز الوقف على الحمل إلا إن قال أوقفت على أولادي وفيهم حمل .

الشرح :

لابد أن يكون الموقوف عليه يملك ملكاً ثابتاً ، فلو قال : بيتي وقف على الملك جبريل فلا يصح فلو قال بيتي وقفاًُ على الجني فلان فلا يصح وكذلك لا يصح الوقف على الحمل ، فلو قال بيتي وقف على حمل فلأنه فلا يصح لأن الحمل لا يملك ملكاً ثابتاً ، لكن لو قال أوقفت على أولادي هذا البيت وكان من بين أولاده حملاًُ في بطن زوجته فيدخل الحمل تبعاً للقاعدة ( يثبت تبعاً ما لا يثبت استقلاًلاً )

! ! ! ! ! ! !

مسألة :

 لا يصح أن يشترط أن يبيعه متى شاء .

الشرح :

لو قال : أوقفت بيتي بشرط ” أن أبيعه متى شئت “

فلا يصح ، لم ؟

لأن المقصود من الوقف اللزوم .

! ! ! ! ! ! !

مسألة :

 الصحيح صحة الوقف على النفس .

الشرح :

فلو قال بيتي وقفاً على نفسي فيصح على الصحيح وذلك أن عمر رضي الله عنه أوقف الأرض التي بخيبر وقال ( لا جناح على وليها أن يأكل منها بالمعروف ) وكان هو الوالي عليها مدة حياته فيكون ريع هذا الموقوف لنفسه .

! ! ! ! ! ! !

 

مسألة :

لو شرط ناظراً عليه وله أن يتصرف فيه كما يشاء صح وبطل الشرط .

الشرح :

لو قال هذا البيت وقف والناظر عليه القائم على شؤونه فلان وفلان له أحقية التصرف فيما يشاء ، فنقول الوقف صحيح والشرط باطل لأن الشروط التي يقوم بها الناس لابد أن تعرض على الشرع هل هي صحيحة أو لا ؟

! ! ! ! ! ! !

مسألة :

يجب العمل بشرط الواقف في قسمته ما لم يخالف شرعاً .

الشرح :

 فإذا قال الواقف هذا الوقف ريع لفلان وفلان و فلان يجب أن يتقيد بشرطه ما لم يخالف شرعاً فلو قال ريع هذا الوقف للقبور والأضرحة فإن هذا الشرط باطل .

! ! ! ! ! ! !

مسألة :

الأوقاف التي لها ناظر يعني المشرف على الوقف لا يحق للأوقاف الإشراف عليها .

الشرح :

يقول الشيخ  محمد بن إبراهيم رحمه الله : إن الأوقاف التي لها ناظر لا يجوز لوزارة الأوقاف أن تقوم عليها لوجود الناظر من قبل الواقف .

! ! ! ! ! ! !

مسألة :

إذا لم يعين ناظراً أو عينه ومات فيتولاه الموقوف عليه إن كان جائز التصرف وإلا فوليه .

الشرح :

إن لم يعين ناظراً أو عين ناظراً على الوقف فمات هذا الناظر ، فمن هو الناظر عليه ؟ الموقوف عليه ، فرق بين الناظر والموقوف عليه ، كأن يقول هذا البيت وقف لفلان والناظر عليه فلان  ، فالناظر الذي يقوم على شؤونه والموقوف عليه هو الذي يستقبل هذا الريع فإذا لم يعين ناظراً عليه أو عين ناظراً ومات فإن الموقوف عليه هو الذي يتولاه ، لكن لو كان الموقوف عليه صغيراً أو مجنوناً فيتولاه ولي هذا الموقوف عليه .

! ! ! ! ! ! !

 

مسألة :

 إن كان الوقف على جهة كالمساجد فالناظر هو.

الشرح :

 المسجد وقف والناظر عليه هو الحاكم ومن يقوم مقامه في هذا الزمن .

! ! ! ! ! ! !

مسألة :

 لو أوقف على أولاده فهل يقسم بالتساوي أو للذكر مثل حظ الأنثيين .

الشرح :

 لو قال بيتي وقف على أولادي فهل نسوي بين الذكر والأنثى أو أننا نعطي الذكر مثل حظ الأنثيين ، قال ابن قدامة رحمه الله : ( يعطى الذكر مثل حظ الأنثيين ) .

! ! ! ! ! ! !

مسألة :

لو أوقف على أولاد أولاده دخل فيهم ولد البنت .

الشرح :

لو قال هذا وقفاُُ على أولاد أولادي فولد البنت يدخل على القول الصحيح لأنه ولد ولذا قال النبي عليه الصلاة والسلام عن الحسن وهو ابن فاطمة  (  إن ابني هذا سيد )

! ! ! ! ! ! !

مسألة :

 إن أوقف على ما يمكن حصرهم قسّم بينهم بالتساوي ، وإلا يعطي البعض .

الشرح :

فلو قال هذا واقفاُُ على آل فلان ويمكن أن يحصروا فيعطون بالتساوي ، لكن لو قال هذا وقفاُ على بني هاشم لا يمكن أن يحصروا فيكفي أن نعطي البعض .

! ! ! ! ! ! !

مسألة :

لو أوقف على الأضرحة فينفق على المصالح .

الشرح :

لو قال هذا الوقف ريعه على الأضرحة فإنه ينفق على المصالح العامة للمسلمين دينية أو دنيوية .

! ! ! ! ! ! !

مسألة :

 إذا تعطل المسجد فيجوز بيعه وشراء مكان بهذا الثمن ليبنى عليه مسجد تحت ولاية الحاكم .

الشرح :

لابد أن يقوم الحاكم على هذا الأمر ، فإذا كان هناك مسجد قد انعزل الناس عن هذا المكان ولا يصلي فيه أحد ، فيجوز أن يباع ويشتري بثمنه أرض ويبنى عليه مسجد ، لكن كل هذا يكون على نظر الحاكم .

! ! ! ! ! ! !

مسألة :

 إذا زاد ريع المسجد عن حاجته كسجاد فيصرف في مسجد آخر أو في المصالح أو يتصدق به .

الشرح :

إذا زاد ما يحتاجه المسجد مثل السجاد فإنه يصرف إما إلى مسجد آخر أو يتصدق به أو في المصالح العامة ، يصرف حتى في الدوائر الحكومية وما شابه ذلك إذا كان يحتاج إليه .

! ! ! ! ! ! !

مسألة :

 لو أوقف على شخص بيتاً بأن له ألف ريال وكان ريعه أكثر فهل يرصد لصالح الوقف أم ينفق على مصالح المسلمين رجح شيخ الإسلام رحمه الله الثاني .

الشرح :

لو قال هذا البيت وقفاُُ على فلان فؤجر قال هذا الوقف ريعه لفلان وله منه ألف ريال [فأجر] هذا البيت بعشرة آلاف ريال الفاضل تسعة آلاف ريال ، فهل يرصد هذا المبلغ الزائد لمصلحة الوقف فيما لو احتاج إلى بناء أو ترميم أو أنه ينفق ؟ شيخ الإسلام رحمه الله يقول : ينفق ولكن الأقرب أن يقال إن توقع الناظر أن تقع حاجة لهذا الوقف فليرصد وإلا في الأصل أنه مالُُ أخرج ابتغاء وجه الله فلا يحبس .

! ! ! ! ! ! !

مسألة :

 لا يجوز الوقف على الحربي والمرتد .

الشرح :

لا يجوز أن يوقف على حربي كافر أو مرتد لأنهما مقتولان عن قرب .

! ! ! ! ! ! !

 

مسألة :

 لو أوقف تودداً فيصح ولاثواب له فيه .

الشرح :

 لو أوقف ولم تكن نيته لله عز وجل إنما أوقف تودداً أو مجاملة فإن الوقف يصح ولا يثاب عليه .

! ! ! ! ! ! !

مسألة :

 لو أوقف واشترط أن يأكل من ريعه مدة حياته صح .

الشرح :

 كما سلف عن عمر رضي الله عنه فى أرض خيبر  وعثمان رضي الله عنه لما حفر أو اشترى بئر رومه اشترط أن يكون دلوه ضمن دلاء المسلمين .

! ! ! ! ! ! !

مسألة :

يجوز أن تكون المرأة ناظرة على الوقف .

الشرح :

 وذلك أن عمر رضي الله عنه أوصى بأن تكون حفصة رضي الله عنها ناظرة على الوقف الذي أوقفه بخيبر بعد موته

! ! ! ! ! ! !

مسألة :

 لا يصح الوقف على مبهم ولا على عبد .

الشرح :

لا يصح أن يقول أوقفت بيتي على رجل ولم يبين أو قال أوقفت بيتي على فلان وفلان عبد والعبد لا يملك لأن ما ملكه لسيده .

! ! ! ! ! ! !

مسألة :

 يصح على الغني المعين .

الشرح :

إذا كانت جهة إذا قال هذا البيت وقف على الأغنياء فلا يصح ، لكن لو قال أوقفت بيتي على فلان وهو غني فيصح .

! ! ! ! ! ! !

مسألة :

إن أوقف على ما لا مصلحة فيه ولا قربة فيصرف في المصالح .

الشرح :

 كما سبق لو أنه جعل الريع للأضرحة .

! ! ! ! ! ! !

مسألة :

يصح الوقف على الصبي .

الشرح :

يصح أن يكون الموقوف عليه صبياً بأن يقول هذا البيت وقف على فلان وهو صبي

! ! ! ! ! ! !

مسألة :

إن أوقف على الفقراء فأقاربه الفقراء أولى .

الشرح :

 لو قال هذا البيت وقفاُُ على الفقراء وكان عنده أقارب فقراء فإن هذا الريع يصرف إلى أقاربه الفقراء فهم أولى من الفقراء الأباعد ولذا قال النبي عليه الصلاة والسلام : ( صدقتك على المسكين صدقة ، وعلى ذي الرحم صدفة وصلة ) .

! ! ! ! ! ! !

مسألة :

لو أوقف على جهة فانقطعت كما لو أوقف على أولاده فانقطع نسله صح الوقف وصرف على ورثته على قدر إرثهم ، ويستوي في ذلك فقيرهم وغنيهم وإن لم يكن له أقارب فعلى المساكين .

الشرح :

 هذا هو الوقف المنقطع وللعلماء فيه كلام فإذا قال أوقفت على أولادي فجعل الوقف يأتي بالريع ولم يبقى أحداً من أولاده فإن هذا الريع ينفق على ورثته كلاً على قدر إرثه سواء كانوا فقراء أم أغنياء فإن لم يكن له ورثه فإنه يصرف على المساكين .

! ! ! ! ! ! !