( فقه المعاملات )
( 30)
فضيلة الشيخ زيد بن مسفر البحري
( كتاب النكاح )
[ 1 ]
مسألة :
يجب النكاح إن خاف على نفسه الزنا ولا ينظر إلى العاجز عن النفقة ، وهو مستحبٌ مع وجود الشهوة ، ويكره إن عُدمت الشهوة من الزوج ، ويباح إذا عُدِمت منهما ، ويحرم في دار حربٍ إلا إن اضطر ويجب العزل .
الشرح :
هذه هي أحكام النكاح . يكون النكاح واجباً إذا خشي على نفسه من الوقوع في الزنا حتى لو كان عاجزاً عن النفقة ،
فلا بد أن يبحث عن سبيلٍ للزواج حتى لا يقع في المحرم ، ويكون النكاح مستحباً مع وجود الشهوة لكن لم يخشَ على نفسه من الوقوع في المحرم ويكره النكاح إن كانت الشهوة معدومةً عند الزوج ، ويباح الزواج
أي يكون جائزاً إذا عُدِمَت الشهوة منهما كليهما . ويكون النكاح محرماً في دار الحرب التي فيها حربٌ بيننا وبين الكفار . لا يجوز فيها النكاح . لمَ ؟
لأنه يُخشَ على الزوجة وعلى الأولاد أن يكونوا أرقّاء عند أهل الكفر إلا إن اضطره ،
فإذا اضطر إلى الزواج فإنه يتزوج ويجب أن يعزِل عنها
بمعنى : أنه إذا شارف على إلقاء نطفته يلقيها خارج فرج المرأة حتى لا يحصل من هذا العزل – بإذن الله تعالى – أولاد .
مسألة :
يُسنُّ نكاح الديِّنَةِ البكر الجميلة الأجنبية الولود التي لا أم لها .
الشرح :
أما الديِّنَة فلقوله r :
(( فاظفر بذات الدين تربت يداك ))
وأما البكر فلقوله r لجابر رضي الله عنه :
(( هلّا بكراً تلاعبها وتلاعبك ))
وأما الجميلة فلأنها تصرف نظره عن غيرها ، ولذا قال r في صفة المرأة الصالحة :
(( إن نظرت إليها أسرتك .. ))
وأما الأجنبية فهي البعيدة عنك ،
وهذه مسألة خلافية
والذي يظهر أن الأمر لا يصل إلى أن يقال : إن الزواج بالبعيدة سنة على وجه الإطلاق ، وإنما إذا كانت القريبة ذات دينٍ ولا يخشَ من بعد الفراق أو بعد الخصام إلى قطعِ نزاعٍ إلى قطعِ صلة ٍ ، لأن هؤلاء الأقارب أهل حكمةٍ وعقلٍ ، فإنه يجوز ويسنُّ . لأن النبي r تزوج زينبَ بنت جحشٍ وهي قريبةٌ له .
وأماالولود لقول الرسول r :
(( تزوجوا الولود الودود فإني مكاثرٌ بكم الأُمَمَ يومَ القيامة )) ،
ويسنُّ كما قال الفقهاء : بأن يتزوج بامرأة لا أمَّ لها لأنهم يقولون : أنّ الأمَّ في الغالبِ تفسِدُها .
مسألة :
قال شيخ الإسلام – رحمه الله – ليس للوالدين إلزامه بنكاح امرأةٍ معينةٍ .
الشرح :
وهذا هو الصحيح ، فليس للأب ولا للأم أن يعينا امرأة بعينها .
قال شيخ الإسلام –رحمه الله – : فكما أنه لا يحق لهما أن يجبراه على أكل طعامٍ معينٍ أو شرابٍ معينٍ ، فكذلك النكاح من باب أولى ، ولو غصباه فليس لهما طاعةٌ في ذلك .
(( أحكام الخِطْبَة ))
مسألة :
يسن أن ينظر إلى ما يظهر منها غالباً ، ولو من غير علمها وله أن يكرر إذا غلب على ظنه أنه سيجاب مع أمن الفتنة .
الشرح :
يُسَنُّ أن ينظر إليها لقوله r :
(( انظر إليها فإنه أحرى أن يؤدمَ بينكما ))
فقد كان المغيرة رضي الله عنها يتخبأُ لها ، ليراها .
ولو أعاد النظر عدة مراتٍ يجوز ، فيرى ما يدعوا إلى نكاحها ، ولا بد من وجود محرَم ٍحتى لا يقع في الفتنة .
مسألة :
يجوز النظر إلى ذات المحرم إلى ما يظهر غالباً . لا للتلذذ .
الشرح :
فيجوز أن ينظر إلى محارمه من أمهاته وأخواته وبناته بما يظهر غالباً من الوجه والكفين والقدمين والرأس بشرط أن لا يكون للتلذذ ، وإن كان للتلذذ فإنه يَحْرُم
مسألة :
تحرمُ الخلوة بأمرد ولو لتعليم ، أو بحيوانٍ يشتهي المرأة أو تشهية .
الشرح :
فترحم الخلوة بأمرد ولو لتعليم ، فلا يجوز أن يخلوَ به . ولذا بعض السلف يرى أن الشياطين تكون مع الأمرد أكثر من المرأة .
حتى قال بعض العلماء – وقد بالغ في ذلك – : إن الأمرد الذي يكون محلاً للشهوة فإنه يغطى وجهه ، وكذا تحرم الخلوة بحيوانٍ يشتهيها أو تشتهيه ، مثل : القرد . فلا يجوز أن يخلوَ بها أو تخلوَ به .
مسألة :
يجب أن يفرّق بين الأخوة بعد العاشرة في المضاجع .
الشرح :
قال r :
((مروا أولادكم بالصلاة لسبع واضربوهم عليها لعشر ، وفرقوا بينهم في المضاجع ))
وهذا شاملٌ للأولاد والبنات ، حتى البنات لا تمكن الأخت من أن تنام مع أختها في فراشٍ واحدٍ .
قاعدة :
= من كان محلاً لشهوة ، فيحرم النظر إليه .
الشرح :
لقوله تعالى : { ولا تقربوا الزنا }
ولم يقل : ولا تزنوا . و { ولا تقربوا الزنا } أي لا تقربوا ما يدعوا إلى الزنا ، فمن كان محلاً لشهوةٍ من ذَكَرٍ أو أنثى فلا يجوز إحداق النظر به .
مسألة :
يحرمُ التصريحُ بخِطْبَة المعتدّة ، أما الرجعيّة فيحرم الكل ، وضابط التعريض إما بذكر صفاته أو صفاتها ويباح التصريح والتعريض من صاحب العدة .
الشرح :
المرأة إذا فارقت زوجها فإنها تعتد ، فإن كانت مطلقة طلاقاً بائناً فإنه يجوز للرجل أن يُعرّض لخطبتها ولا يصرح والتعريض بأن يقول : إني راغبٌ في امرأةٍ صفاتها كذا وكذا وكذا ،
وهذه الصفة موجودة فيها أو يقول : مثلي ترغبه النساء . فيَّ من الصفات كذا وكذا .
وأما رجعية فلا يجوز تعريض ولا تصريح .لمَ ؟
لأن الرجعية زوجة ويباح التعريض والتصريح من صاحب العدة لها سيأتي معنا .
في الخلع لو أنّ امرأة لم ترغب في زوجها كرهته في خُلُقِه أو في خِلقته فافتدت منه بمالها فإنها إذا دفعة إليه المال تنفسخ منه ومن ثمَّ تعتدُّ له ، فلو أنه صرَّح أو عرَّض بخطبتها فيجوز . لمَ ؟
لأن العدة له .
مسألة :
تحرم الخِطبة على خِطبة أخيه إلا إن ترك الخاطبُ الأول أو استأذنه أو جَهِلَ خِطبته أو طالت المدة بالإجابة .
الشرح :
لقوله r :
(( ولا يخطِبُ على خِطبة أخيه ))
ولا يجوز له أن يقدم إلا إذا ترك الخاطِبُ الأول أو استأذنه في أن يخطبها أو أنه لم يعلم بخطبته لها أو أن أهل الزوجة أطالوا المدة في إخبار الأول
مسألة :
يسنُّ العقد مساء الجمعة في المسجد وبخطبة ابن مسعود وأن يقال بعد العقد ما ورد .
الشرح :
يسنُّ العقد مساء الجمعة في المسجد .
قال بذلك ابن القيم – رحمه الله- ولم نرَ أثراً في هذا ، لكن مثل ابن القيم – رحمه الله – لعله اطّلع على أثر . ويسنُّ أن يخطب بخطبة ابن مسعود :
( إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا ، من يهد الله فلا مضلَّ له ومن يضلل فلا هادي له )
وهي ما تسمى بخطبة الحاجة ، وأن يقال بعد العقد ما ورد : بارك الله لك وبارك عليك وجمع بينكما في خير .
مسألة :
إن خطَبَ على خطبة أخيه صح العقد على قول ، وهو آثم .
الشرح :
فإذا خطب على خِطبة أخيه ، وهو يعلم فقد اختلف العلماء في صحة نكاحه وحريٌّ بمثل هذا أن لا يوفق في هذا الزواج .