( مختصر فقه المعاملات ) [ 39 ] ( كتاب الطلاق ) [ 2 ] ( ألفاظ الطلاق )

( مختصر فقه المعاملات ) [ 39 ] ( كتاب الطلاق ) [ 2 ] ( ألفاظ الطلاق )

مشاهدات: 516

 ( فقه المعاملات )

(39)

فضيلة الشيخ زيد بن مسفر البحري

( كتاب الطلاق )

 [ 2 ]

( ألفاظ الطلاق )

مسألة :

 ألفاظ الطلاق نوعان :

 وهي تحمل على عرف الناس .

فالنوع الأول

: ألفاظٌ صريحةٌ لا تحتمل غير الطلاق من فعلٍ ماضٍ ، أو اسم الفاعل ، أو اسم المفعول . دون المضارع والأمر ، واسم الفاعل من الرباعي .

الشرح :

 ألفاظه نوعان :

منها ألفاظٌ صريحة ،

 ومنها ألفاظٌ غير صريحةٍ .

 وكل هذا يُرْجَعُ فيه إلى عُرْفِ الناس ،

ولذا ذكر الفقهاء بعض الألفاظ : في عرفهم أنها كناية ليست صريحة ، وهي في عرفنا تُعَدُّ صريحة . الشاهد من ذلك : أنَّ ألفاظَ الطلاق صريحةٌ أو غير صريحةٍ يُرْجَعُ فيها إلى أعراف الناس ، فما تعارف عليه الناس فيُحْكَمُ به ولذا قد تكون عندنا في المملكة بعض الألفاظ تكون طلاقًا ، وفي مصرَ أو في المغربِ ليست بطلاقٍ . فلكل بلدة عرفها .

فالألفاظ الصريحة : هي الألفاظ التي لا تحتمل غير الطلاق .:

 لو قال : نويت غير الطلاق ، فلا يقبل منه ، وذلك أن يقول : أنتِ طالقٌ .

قلنا ( من فعل ماضٍ ).

كأن يقول : طَلُقْتِ . أو : طَلَّقْتُكِ .

 أو : اسم فاعل . كأن يقول : (أنتِ طالِقْ) . اسم فاعل من الثلاثي .

أو : اسم مفعولٍ . كأن يقول : أنتِ مُطَلَّقَةٌ .

(دون المضارع) ، فالمضارع والأمر لا يحصل بهما طلاقٌ . فمثال المضارع : أنتِ تُطَلِّقِين . والطلاق ليس بيدها . قال r كما عند ابن ماجة :

( الطلاق لمن أخذ بالساق ) .

وكذلك الأمر كأن يقول : طَلِّقِي . فهذا لا يُعَدُّ طلاقًا . أو اسم الفاعل من الرباعي . كأن يقول : أنتِ مُطَلِّقَةٌ . فرقٌ بين : ( أنتِ مُطَلِّقَةٌ ) و ( مُطَلَّقَةٌ ) . فـ( مُطَلَّقَة ) اسم مفعول . و ( مُطَلِّقَة ) اسم فاعل من الرباعي .

مسألة :

 النوع الثاني :

 ألفاظ الكناية .

 وهي التي تحتمل الطلاق وغيره .

والفرق بين النوعين :

 أن الصريح يقع به الطلاق ولو لمْ ينوِ . أما الكناية : فتُشْتَرَطُ النيَّةُ . و القرينة تنزل منزلة النيَّة كحال الخصومة والغضب ، وفي جواب سؤالها الطلاق .

الشرح :

 ألفاظ الكناية :

 هي التي تحتمل الطلاق ، وتحتمل غير الطلاق .:

 كما لو قال : اذهبي إلى أهلكِ .

 محتملٌ أنه يريد الطلاقَ ، ومحتملٌ أنه لا يريد الطلاقَ . فإن قال اللفظ الصريح . فإنها تطلُقُ ، ولو قال : نويتُ غيرَهُ .

وإن أتى باللفظ غير الصريح ، فإنها لا تطلق إلا إذا نوى . إذا قال : اذهبي إلى أهلكِ ، وهو ناوي للطلاق فيقع . وإن لمْ ينوِ فلا ،

لكن القرينة تنزل منزلة النيَّة وذلك كأن لمْ ينوِ قال :

 اذهبي إلى أهلكِ ولو لم ينوِ الطلاق .

لكن هناك قرينة تنزل على أنه أراد الطلاق وإن لم ينوه ، كما لو خاصمته وغاضبته .

فقال : اذهبي إلى أهلكِ . فيقع الطلاق ، لأن الخصومة قرينة على إرادته للطلاق .

 الأولى في حال غضب .

الثاني : في حال خصومة .

وذلك كأن ترفع أمرها إلى الحاكم ، فتتخاصم معه . فيقول : اذهبي إلى أهلكِ . فيقع الطلاق .

أو : في جوابِ سؤالِهَا الطلاقَ

. كأن تقول : طَلِّقْنِي – تسأله – فقال : اذهبي إلى أهلكِ . فيقع الطلاق . فإن قال : لم أنوِ . قلنا : إن القرينة قامت مقام النيَّة .

مسألة :

 إن أتى بالصريح وقال : لم أقصد . أو قال : قصدتُ كذا ، وسبق لساني . فيُدَيَّن ولا يقبل حكمًا .

الشرح :

إن أتى  بالصريح . قال : أنتِ طالقٌ . قلنا : طلقت زوجتك . قال : لم أقصد . أو قال : سبقَ لساني بكلمة الطلاق . فكذلك لا يقبل قوله . فيُدَيَّن ولا يقبل حكماً . بمعنى : أن يقال للزوجة : إن كنتِ تعرفين أن دين زوجَكِ دينٌ قويٌّ ، فيرجع بالأمر إلى دينه . هذا بينها وبين زوجها ، لكن : إن كان غيرَ دَيِّنٍ . فلا بد أن ترفع الأمر إلى المحكمة .

لكن لو أن المرأة اغتنمتها كفرصة ، حتى لو كان زوجها ذا دينٍ فحَاكَمَتْه ،

 فعند المحكمة : أنه يقع الطلاق . فإذا حصل مثل هذا سواءٌ نواه أو لمْ ينوِه ديِّنًا أم غير دَيِّنٍ .

فإنه لا يقبل عند التحاكم . لكن : قبل التحاكم يقال للمرأة : دَيِّنِي زَوجَكِ . بمعنى : هل زوجُكِ ذو دينٍ يمنعه عن الكذب ، أم لا ؟

مسألة :

 إن قيل : ألكَ امرأة ٌ ؟ فقال : لا . فلا يقع الطلاق . وإن قيل : أطَلَقْتَ امرأَتَكَ ؟ فقال : نعم . فيقع .

الشرح :

 لو قيل له ، وهو زوجٌ لامرأةٍ : ألَكَ امرأةٌ ؟ قال : لا . فهذه كناية لا يقع بها الطلاق إلا إذا نوى . ولو قيل له : أطَلَّقْتَ زَوْجَتَكَ ؟ قال : نعم . فيقع الطلاق ، لأن ( نعم ) جوابٌ صريحٌ في الطلاق . وجواب الصريح صريح .

مسألة :

 لو قال : أنتِ طالقٌ وشريكتكِ . فيقع عليهما .

الشرح :

 فلو قال : أنتِ طالقٌ وشريكَتُكِ . يعني : زوجته الثانية . أو : ضَرَّتُكِ . فيقع الطلاق عليهما .

مسألة :

 إن كتب الصريح بما يبين فيقع وإن لم ينوِهِ . على قول ، وإلا فلا .

الشرح :

 إن كتب الصريح بما يبيِن . فيقع ولو لمْ ينوِهِ ، وهذه مسألة خلافية : هل الكتابة كناية أم أنها صريحة ؟

فلو أخذ القلم وكتب في ورقة : زوجتي طالق ٌ . وهو لم ينوِ الطلاق ، فقد اختلف العلماء . فقال بعضهم : يقع الطلاق ، لأنه كتبه بما يبيِّن . لكن لو أنه كتبه بما لا يبيِّن .بمعنى : لو أنه كتب  فى الهواء : زوجتي طالقٌ . فيقولون : لا يقع . لِمَ ؟ لأنه كتبه بما لا يبيِن .

مسألة :

 من أتى بالصريح ممن لا يعرف معناه ، كالأعجمي . فلا طلاق .

الشرح :

هذا كما سبق . لو قال الأعجميُّ الذي لا يعرف مدلول الطلاق : زوجتي طالقٌ . فإنها لا تطلقُ .

مسألة :

طلاق الأخرسِ يقع بإشارته المفهومة ، أو بالكتابة ؟

الشرح :

الأخرسُ لو كتب : أنَّ زوجَتَه طالقٌ . فتطلُق أو أنه أشار بإشارةٍ مفهومةٍ على أنَّ زوجته قد طلَّقَهَا . فإنَّهَا تطلق .

مسألة :

 من كان عازمًا على الطلاق وعدل عنه فلا يقع ، كما لو قدم معروضًا للمحكمةِ .

الشرح :

لو قدَّمَ معروضًا للمحكمةِ يرغب فيه أن يُطَلِّقَ زوجَتَه ، فلا يُعَدُّ هذا طلاقًا ، كما قال الشيخ ابن بازٍ رحمه الله .

مسألة :

إن قال : أنتِ عليَّ كالميتة أو الدم أو لحم الخنزير إن فعلتِ كذا . فكقوله : أنتِ عليَّ حرامٌ إن فعلتِ كذا .

الشرح :

 قوله : أنتِ عليٍَّ حرام إن فعلتِ كذا . قلنا : إن نوى طلاقًا فهو طلاقٌ ، وإن نوى يمينًا فهو يمين ، وإن نوى ظهارًا فهو ظهارٌ ، وإن لمْ ينوِ شيئًا فهو ظهارٌ . كذلك لو قال : : أنتِ عليَّ كالميتة – الميتة حرامٌ عليه – أو قال : أنتِ عليَّ كالدم – الدم حرامٌ عليه – أو قال : أنتِ عليَّ كالخنزير – الخنزير حرامٌ عليه – فإن هذا القول ، كالقول في قوله : أنتِ عليَّ حرامٌ إن فعلتِ كذا .

مسألة :

إن قال : حلفت بالطلاق . وهو كاذبٌ ، فهل هي كذبة ؟ أو يلزمه حكمًا ويُدَيَّن ؟ قولان .

الشرح :

لو قال : حلفت بالطلاق أن تذهب معي . وهو لم يطلِّق . قال بعض العلماء : إنه يُدَيَّن ، ولو رافعته المرأة إلى المحكمة فإنه يُلزم بالطلاق . وقال بعض العلماء : هي كذبة . وهو الأقرب فإن قوله : حلفت بالطلاق . كقوله : شربت العصير . وهو لم يشربه .

مسألة :

عدد الطلاق معتبر بالرجال حريةً ورقًّا .

الشرح :

الأحرار . يملكون من الطلاق ثلاث . والأرقاء : يملكون اثنتين . فلو كان الحرُّ تحته حرة ، فيملك الحُرُّ ثلاثًا . وإن كان الرقيق تحته رقيقة ، فيملك اثنتين لكن العكس : لو كان الحُرُّ تحته أمةٌ  أو أن الرقيق تحته حُرَّةٌ . فهل العبرة بالرجال ؟ أم بالنساء ؟ الصحيح : أن العبرة بالرجال ، لأن الله – عز وجل – خاطب في الطلاقِ الرجالَ ، ولذا إن كان حُرًّا وتحته أمةٌ فيملك ثلاثًا . وإن كان رقيقًا تحته حُرَّةٌ فيملك اثنتين .

مسألة :

 لو قال لزوجته : الطلاق يلزمني . فيقع ثلاثًا عند المذهب وعند شيخ الإسلام يمين

الشرح :

لو قال لزوجته : الطلاق يلزمني . قال فقهاء الحنابلة : تلزمه الثلاث . وقال شيخ الإسلام – رحمه الله – : إنَّ هذا اللفظ يريد منه أن يمنع نفسه . فهو قال : الطلاق يلزمني . إذًا يقال له : إن أردتَ الطلاق صادقًا ، فطَلِّق . فشيخ الإسلام – رحمه الله – يعده يمينًا وليس بطلاق .

مسألة :

 إن طَلَّقَ عضوًا موجودًا منها لا ينفصل حال السلامة فيقع ، وإن كان ينفصل كالشعر ، أو طلَّق صفةً معنويةً فلا يقع .

الشرح :

إن طلَّق عضوًا موجودًا منها . لا ينفصل حال السلامة ، مثل : اليد . لو قال : يدكِ طالقٌ . فتطلُق . لو قال : أنفكِ طالقٌ . فتطلُقُ ، لأن الطلاق لا يتبعَّض .

لكن لو كان هذا العضو غير موجودٍ . لو قال : يدُكِ اليمنى طالقةٌ . وليست لها يدٌ يمنى . فلا يقع طلاقٌ ، لأنَّ هذا العضو غير موجودٍ . لكن لو كان هذا العضو ينفصل حال السلامة

، مثل : الشَعْرِ والظفر . كأن يقول : شعْرُكِ طالقٌ . فلا يقع الطلاق ، لأنَّ هذا الشعرَ ينفصلُ حالَ السلامةِ . لو قال : ظُفْرُكِ طالقٌ . فلا يقع .

لو قال : سِنُّكِ طالقٌ . فلا يقع طلاق .

وكذلك لو طلَّقَ صفةً معنوية . كأن يقول : بَصَرُكِ طالقٌ . فلا يقع ، بخلافِ لو قال : عينُكِ طالقٌ . فيقع ، لأنَّ البصرَ صفةٌ معنويةٌ .

قلنا في المثال السابق ،

لو قال : أنفُكِ طالقٌ . فيقع الطلاق ، لأن الطلاق لا يتَبَعَّضُ . لو قال : شَمُّكِ طالقٌ . فلا يقع الطلاق .

مسألة :

 الاستثناء معتبرٌ من النصف فأقلّ . عند المذهب .

الشرح :

 الاستثناء معتبرٌ من النصفِ فأقلّ . عند المذهب . شيخ الإسلام يرى : أن الطلاق للثانية والثالثة لا يكون إلا بعد نكاحٍ أو رجعةٍ . فلو قال لزوجته : أنتِ طالقٌ ثلاثًا إلا واحدةً فعند المذهب تقع اثنتين . لمَ ؟

 لأنه استثنى واحدةً ، والواحدة بالنسبة إلى الثلاث دون النصف ، فتقع اثنتين . فهذا الاستثناء مقبولٌ ، لأنه دون النصف .

لو قال : أنتِ طالقٌ ثلاثًا إلا اثنتين . الاثنتان عند الثلاث أكثر من النصف . فيكون هذا الاستثناء وجوده كعدمه ، فتطلقُ ثلاثًا . فإنه لمَّا استثنى أكثر من النصف يعتبر هذا الاستثناء لا غيًا ، ويلزمه بالثلاث .مسألة :

يشترط فى الاستثناء أن يتصل لفظًا أو حُكْمًا ناويًا له على المذهب .

الشرح :

 المذهب يشترطون في الاستثناء أن يكون متصلاً لفظًا و حُكْمًا ، ناويًا له .

فلو قال : أنتِ طالقٌ ثلاثًا إلا واحدةً . فتقع اثنتان لكن بشرط : أن يكون هذا الاستثناء متصلًا .

فلو قال : أنتِ طالقٌ ثلاثًا ، ثم طال الفصل وبعد مدّةٍ قال : إلا واحدةً . فإنَّ هذا الاستثناء غير معتبرٍ . و

مِنْ ثَمَّ فإنَّ الطلاق يلزمه ثلاثًا . و

كذلك لو أنه قال : أنتِ طالقٌ ثلاثًا إلا واحدةً . ولم ينوِ ، وإنما قال : إلا واحدةً جريًا على لسانه . فلا يقع الطلاق اثنتين ، وإنما يقع ثلاثًا .

مسألة :

 لو قال : أنتِ طالقٌ أمس . لم تطلق إلا إن نوى الوقوع الآن .

الشرح :

 لو قال : أنتِ طالقٌ أمس . لا يقع الطلاق ، لأنه لم يصادف محله . فالأمس مضى فيكون هذا الطلاق لاغيًا إلا إن نوى الوقوع في الحين وفي الآن . فيقع الطلاق .

مسألة :

إن قال : أنتِ طالقٌ بعد موتي . لم يقع ، وإن قال : قبل موتي . فيقع في الحال .

الشرح :

 لو قال أنتِ طالقٌ بعد موتي . فلا يقع . لِمَ ؟ لأنه سيحرمها من أشياء بعد موته . من الإرث ونحوه ، ولأن الموت قد بانت الزوجة به من زوجها . فالوفاة سبقت الطلاق ، لكن لو قال : أنتِ طالقٌ قبل موتي . فتطلق في الحال . لِمَ ؟ لأننا لا نعلم متى موته . هل سيموت الآن أم بعد آنٍ ؟ فيقع الطلاق في الحال .

مسألة

لا يقع طلاقٌ بأجنبية ، ولو تزوجها فيما بعد .

الشرح :

 لو مرَّت به امرأةٌ اسمها ( فاطمة ) وهي أجنبيةٌ عنه . فقال : يا فاطمة أنتِ طالقٌ . ثم عقد عليها ، فإنها لا تطلق . أو قال : أن تزوجت فلانةً ، فهي طالقٌ . فتزوجها فلا تطلق على الصحيح . لِمَ ؟ لأن الله – عز وجل – جعل الطلاق بعد النكاح ، فقال :{ يا أيها الذين آمنوا إذا نكحتم المؤمنات ثم طلَّقتموهنَّ } فالطلاق لا يكون إلا بعد نكاحٍ . ولذا قال r كما عند ابن ماجةَ : ( لا طلاق قبل نكاح ) لأنها أجنبيةٌ عنه حال إصدار لفظ الطلاق .

مسألة :

المستحيل عادةً كالمستحيل في نفسه ، فلا يقع إن علَّقَه بأمرٍ يُعْلَمُ بالعقل استحالته .

الشرح :

 لو علَّقَهُ بأمرٍ مستحيلٍ عادةً ، فهو مستحيلٌ في نفسه . فلا يقع . لو قال لها : إنْ اعتقدتِ أن الجمل يدخُلُ في ثُقْبِ الإبرَةِ ، فأنتِ طالقٌ . فقالت : اعتقده . فلا يقع الطلاق . فالمستحيل عادةً كالمستحيلِ في نفسه .

مسألة :

إنْ علَّقَ الطلاق على شرطٍ لم تطلق قبل وجوده .

الشرح :

لو أراد الطلاق قائلاً : إذا جاء رمضان فأنت طالقٌ . فلا تطلق قبل رمضان . لو قال : إن ذهبتِ إلى أهلكِ فأنتِ طالقٌ . فلا تطلق حتى تذهبَ إلى أهلها ، هذا إن نوى الطلاق، فى هذا المثال.

مسألة :

يصح تعجيل الطلاق المعلَّقِ على شرطٍ . كما قال شيخ الإسلام رحمه الله .

الشرح :

لو قال : أنتِ طالقٌ إذا جاء شهر رمضان . وهو في شهر ربيعٍ الأول . لمّا قال هذا القول .

 كم بقي على شهر رمضان ؟

بقي عليه خمسةَ أشهرٍ ، فتأخرت المدة ، ويريد أن يفارقها .

فهل له أن يُعجِّلَ هذا الطلاق ؟

 أم أنه لا بد أن يصبر حتى يأتيَ رمضان ؟ المذهب يقولون : إنه لا يتعجل ، لأنه مشروطٌ بشرطٍ . وشيخ الإِسلام رحمه الله يقول : هذا مثل الدَّيْن إن شاء صاحبه أن يعجِّلَهُ عَجَّلَهُ ، فله أن يُعَجِّلَهُ وتطلق زوجَتُه

مسألة :

 إنْ علَّقَه على شرطين لم تطلق حتى يقع الشرطان .

الشرح :

فلو قال : إنْ جلسْتِ وأكَلْتِ ، فأنت طالقٌ . فجلست لكنها لم تأكل . لم تطلق لا بد أن يحصل الشرطان : الجلوس ، والأكل .

مسألة :

إنْ علَّقَهُ على مشيئة الله لا يقع إلا إنْ أراد تثبيتًا .

الشرح :

إذا قال : أنتِ طالقٌ إن شاء الله . فلا يقع لأننا لا نعلم مشيئة الله – عز وجل – إلا إنْ أراد أن يثبِّتَ . من باب التَّبَرُّكِ والتثبيت لما نواه وأراده . فقال : أنتِ طالقٌ إن شاء الله . يعني : أنَّ الطلاق الذي أوقعته مريدًا له ، حاصلٌ بمشيئة الله . فيقع الطلاق .

مسألة :

من حلف بالطلاق على شيءٍ . لم يحنث حتى يفعَلَه جميعَه إلا إنْ وُجِدَت نيَّةٌ أو قرينةٌ .

الشرح :

لو قال : عليَّ الطلاق أنْ لا آكلَ هذه الخبزةَ . فأكل نصفها ، فلا تطلق زوجته حتى يأكل الخبزةَ كلها . لكن لو كان مريدًا أكل بعضِهَا . لو قال : عليَّ الطلاق أن آكل هذه التفاحة . وهو يريد : لو أكل جزءًا منها حصل الطلاق . فنيَّتُهُ مُقَدَّمَةٌ فيقع الطلاق.

إذًا : لا بد أن يفعل ما حلف عليه . لا بد أن يفعله كله ، فإنْ قال : عليَّ الطلاق إنْ لمْ آكل هذه الخبزةَ . فأكَلَ بعْضَهَا ، فلا تطلق زوجته حتى يأكلَها كلَّهَا . إلا إذا وُجِدَت نيَّةٌ أو قرينةٌ

. كما قال : عليَّ الطلاق إن أشربَ ماءَ هذا النَّهر . فشَرِبَ بعضَه . فتطلقُ زوجَتُه . لِمَ ؟

 لأنه يستحيل أن يشربَ ماء النهر كلِّه .

مسألة :

إن فعل أو فعلت المحلوف عليه بعذرٍ كالإكراهِ . فلا يقع .

الشرح :

 فلو قال : عليَّ الطلاق أن لا تذهبي إلى أهلكِ . وهو يريد الطلاق فجاءَ أخوها وأخذها بالقوَّةِ ، فإنَّه لا يقع الطلاق . أو قال : عليَّ الطلاق أن لا أدخل بيتَ فلانٍ . فجاءَ فلانٌ وحمله بالقوَّةِ وأدخله . فلا يقع الطلاق .

مسألة :

 الأصل بقاء النكاح ، فلا يعتبر الشَّكُّ في وقوع الطلاق ولا في شرطِهِ .

الشرح :

لو أنَّ رجُلًا شَكَّ . هل طلَّق زوجَتَه ؟ أم لم يطلِّقْهَا ؟ فالأصل بقاء النكاح وأنه لم يُطَلِّق . كذلك : لو علَّق طلاق زوجته على شرطٍ ، ثم شكَّ : هل هذا الشرطُ وقع أم لا ؟ لو قال : إنْ ذهبتِ إلى أهلكِ ، فأنتِ طالقٌ . ولم يعلم شكَّ : هل ذَهَبَت أم لم تذهب ؟ فإنَّ الأصلَ بقاءُ النكاح .

مسألة :

 إنْ قال : إحْدَاكُنَّ طالقٌ . وقع على المَنْويَّةِ ، وإلا فالقُرْعة . فإن مات أجْرَاهَا ورَثَتُه ، وكذا لو نسيَها فإنْ تذَكَّرَ رُدَّتْ إليه ما لم تتزوج .

الشرح :

لو قال لزوجتين : إحداكما طالقٌ . ولم يعيِّن . فمَنْ تَطْلُقْ ؟

 فاطمة أم عائشة . فيُقال له : مَنْ نَوَيْت بإحداهما ؟ قال : نويتُ عائشةَ ، فتطلق عائشةُ .

لو قال : لم أنوِ واحدةً منهنَّ وقلت : إحداكما طالقٌ . فهنا : تجرى القرعة فمن وقعت عليها القرعة ، فهي طالقٌ .

 وكذا لو أنه قال : إحداكما طالقٌ ومات بعدها ولا يُدرى من نوى منهنّ ؟ فالورثة يُجرون القرعة ، فمن وقعت عليها القرعة طَلُقَتْ .

وكذلك لو نَسِيَهَا

 . لو قال : إحداكما طالقٌ . ثم قلنا له : يا فلان من تريد ؟ عائشةَ أم فاطمةَ ؟

قال : نسيت . أنا نويت واحدةً ، لكنني نسيت من هي .

 فالصحيح : أنها تُعْمَلُ القرعة .

 خلافًا لمن قال :

 يُنْتَظَرُ به حتى يذكُر .

فلو أنَّ القرعة أُجْرِيَت بناءً على أنه نسي ثم بعد حين تذكَّر أنَّ فلانةً التي وقعت عليها القرعة ليست هي المَنْوِيَّة ، فتُرَدُّ إليه لأنها زوجته ، ما لم تتزوَّج . لو أنَّ فلانةً التي وقعت عليها القرعة تزوَّجَت ، ثم تذكَّر أنها ليست هي المَنْوِيَّة ، فلا تُرَدُّ إليه ، لأنه يبطل حقُ غيره . فغيره قد تزوج بها .

مسألة :

 الجمهور يقولون : إن كان الطلاق بائناً بينونةً كبرى  فالصفة لا تعود ، وإن كانت صغرى فإنَّها تعود ما لم توجد حال الفراق .

الشرح :

 البينونة نوعان :

 بينونة ٌ كبرى ، وبينونةٌ صغرى .

البينونة الكبرى

: أن يطلِّقها زوجها ثلاث تطليقاتٍ فلا تحل له إلا بعد زوجٍ آخر.

وأما البينونة الصغرى :

 فهي التي طلقت واحدة أو اثنتين ، ثم انتهت عدتها . لو أنه طلّق امرأة طلقةً واحدةً فحاضت ثلاث حِيَضٍ ، فإن عدتها قد انتهت وبانت منه بينونةً صغرى ولا يحق له أن يراجعها عليها إلا بعقدٍ جديدٍ بشروطه وبمهرٍ جديدٍ ، لكن لا يلزم أن تتزوج بزوجٍ آخرَ ( هذه المسألة مُقَدِمَةٌ لمسألتنا ) .

لو قال :

إن دَخَلْتِ بيت فلانةٍ فأنتِ طالقٌ . فلم تدخل ، ثم بعد ذلك طلَّقَها ثلاث تطليقاتٍ ، فلا بد من زوجٍ ثانٍ . ثم بعد الزوج الثاني عادت إلى الأول ، فلما عادت إلى الزوج الأول دخلت بيت فلانةٍ . فلا طلاق .

وأما إن كانت بينونة صغرى

 وذلك كأن يطلقها واحدةً فتنتهي عدتها ثم يعقد عليها بنكاحٍ جديدٍ وبمهرٍ جديدٍ فعادت إليه ، ثم دخلت بيت فلانةٍ فإنها تطلق إلا في حالة واحدةٍ ، لو أنه طلّقها طلقةً واحدةً حتى انتهت عدتها فبانت منه بينونة صغرى ، وفي أثناء البينونة الصغرى قبل أن يعقد عليها دخلت بيت فلانةٍ ، فلما دخلت بيت فلانة عقد عليها زوجها . فلما عقد عليها زوجها دخلت بيت فلانة فلا يحصل طلاقٌ .

فإذًا : إن كانت مبانةً بينونةً كبرى فلا تعود الصفة سواءً وجدت حال البينونة أم لم توجد . وأما إن كانت بينونة ًصغرى فإنها تعود ما لم توجد حال الفراق .