( مختصر فقه المعاملات ) [ 43 ] ( أحكام لحوق النسب من زوجة أو أمة )

( مختصر فقه المعاملات ) [ 43 ] ( أحكام لحوق النسب من زوجة أو أمة )

مشاهدات: 828

( فقه المعاملات )

(43)

فضيلة الشيخ زيد بن مسفر البحري

أحكام لحوق النسبٍ من زوجةٍ أو أمة  )

 

متى يلحق الولد بالزوج ، ومتى يُلحَق الولدُ بالسيِّد .

مسألة :

متى ما أمكن كونه منه ممن يولد لمثله من مثلها لحقه نسبه ، وذلك في ثلاثِ حالاتٍ . أولاً : أن تلده لستة أشهرٍ منذ الدخول ، فإن كان أقل لم يلحقه إلا إن نزل ميِّتًا .

الشرح :

هذه الحالة الأولى التي يلحق فيها الولد بأبيه . أولاً : لا بد في هذه الحالات أن يكون الزوج ممن يولد لمثله والزوجة يولد لمثلها وهو ابن عشر وبنت تسع .

الحالة الأولى :

 أن تلده لستة أشهرٍ ، لأنَّ ستة أشهر أقل مدة الحمل فإذا ولد قبل ستة أشهر من دخول الزوج بها دلَّ على أنَّ هذا الولد ليس منه ، لأنَّ أقل مدة الحمل ستة أشهرٍ ، لكن إذا جاء لستة أشهرٍ فأكثر دلَّ على أنَّ هذا الولد جاء من ستة أشهرٍ فأكثر من حين دخوله بها دلَّ على أنه ولده ، أما قبل ذلك فليس بولده إلا إنْ نزل ميِّتًا .

فإنْ نزل ميتًا قبل ستة أشهرٍ فإنه يلحق به ، لأنَّ الأصل أنَّ الولدَ ولدُه .

مسألة :

 ثانياً : إن ولدته لأقل من أربع سنين من بينونتها .

الشرح :

لو أنه طلَّق زوجته فبانت منه ، ثم أتت بولدٍ بعد ثلاث سنوات ولم تتزوج فإن الولدَ ولدُه ، أما لو أتت به بعد أربع سنوات من وقت البينونة فإنه ليس بولده ، لأنَّ فقهاء الحنابلة : يرون أنَّ أكثر مدة الحمل أربع سنوات ، فالجنين يمكن أن يبقَ في بطن أمه أربع سنوات .

وهي مسألة خلافية والذي يظهر أنَّ هذا الأمر يرجع إلى الحاكم ، لأنَّ الطبَّ في هذا العصر يقول : لا يمكن أن يبقَ جنينٌ في بطن أمه أكثر من سنةٍ . ولذا ابن حزم يرى : أنه لا يمكن أن يحصل مثل هذا ،

وبعض العلماء قال : أنه وجد أن هناك حملاً خرج من بطن أمه وله خمس سنواتٍ وبعضهم له ست سنواتٍ . فنقول : الأمر يرجع فيه إلى الحاكم .

مسألة :

 ثالثاً : إن ولدت بعد أربع سنين من الطلاق الرجعي ِّ ، وقبل انقضاء عدتها .

الشرح :

 لو أتت به بعد أربع سنواتٍ من الطلاق الرجعيِّ فليس الولد ولده ، لأنَّ أكثر مدة الحمل أربع سنوات هذا إذا أتت به بعد أربع سنوات من البينونة ، لكن لو أتت به بعد أربع سنوات من طلاقه لها طلاقًا رجعيًا فإنها أتت به بعد أربع سنواتٍ ليس من البينونة وإنما من وقت الطلاق الرجعيِّ ، ولم تنقضِ عدَّتُها منه فإنَّ الولدَ يُلْحَقُ به .

مسألة :

الولد يتبع أباه في النسب . وفي الدين خيرهما ، وفي النجاسة والتحريم أخبثهما ،

وفي الحرية لورقِّ أمةٍ إلا مع شرطٍ  أو غرر  .

الشرح : الولد يتبع أباه في النسب لو كان نسب   الأم وضيعًا ونسب الأب شريفًا فإن الولد يتبع أباه في النسب ولو أن الأم شريفة ونسب الأب وضيعٌ ، فيتبع أباه، وأما في الدين فخيرهما .

فلو أن مسلمًا تزوج بكتابيَّةٍ يهوديةٍ أو نصرانيةٍ فأنجبت منه ولدًا ،

ثم مات يعامل معاملة المسلم ، لأن أولاد الكفار يعاملون معاملة آبائهم لا يكفنون ولا يغسَّلون ولا يصلى عليهم . هذا في الدنيا أما في الآخرة .

فهل هم في الجنة أم لا ؟

خلافٌ طويلٌ، فلو أنَّ مسلمًا وُلِدَ له من نصرانيَّةٍ فتوفيَ الولد ، فإنه يتبع أباه ، لأنَّ أباه مسلمٌ ، وفي النجاسة والتحريم أخبثهما ،

لو أن كلبًا نزى على شاةٍ فولدت هذه الشاة من نزوِّ الكلب فهذا الحمل الذي حملت به الشاة من الكلب محرَّم أكلُهُ أو مباح ؟

 محرم الأكل، فيتبع الأخبث منهما وفي الحريَّة والرقِّ يتبع أمه ، فأولاد الحرَّة أحرارٌ وأولادُ الإماءِ أرقَّاءٌ يتبعونها إلا مع شرطٍ أو غرر .

فلو أنَّ حراً تزوَّج أمة،هل يجوز للحرِّ أن يتزوج أمةً ؟ يجوز بشرطين سابقين :

 أن يعدم مهر الحرَّةِ أو ثمن الأمة ،وأن يخشَ على نفسه من الزنا فله أن يتزوج بأمةٍ ، فلو أن هذا الحرُّ اشترط على السيد لمَّا تزوجَ بأمَتِهِ اشترط أن يكون أولاده أحرارًا ، لأنه إن لم يشترط فإنهم يكونون أرقَّاء يتبعون أمَهُم . وأمُهُم مملوكةٌ للسيِّد ، فيكونوا مملوكين للسيِّد أو مع غرر، كأن يتزوج هذه المرأة على أنها حرَّةٌ فبانت أنها أمةٌ . غُرِّرَ به ، فأنجبت منه أولادًا فإنَّ الأولاد أحرارٌ ، لأنه غُرِّرَ به .

مسألة :

إنْ أقرَ السيِّدُ بوطئها أو قامت البيِّنَةُ عليه ، فيلحقه إنْ ولدته لستة أشهرٍ ، فأكثر من الوطء ، وكذا إنْ ولدته لدون الستةِ أشهرٍ من البيع أو العتق ، وعاش مولودها .

الشرح :

إن أقرَّ السيِّدُ بوطء أمته – هذا يتعلق بالإماء ، وما سبق يتعلق بالزوجات – فولدت منه تصبح أمَّ ولد تعتق بموت السيد ، فلو أنَّ الأمَةَ ولدت لستة أشهرٍ فأكثر من وطء السيِّدِ أو قامت البيِّنَة والشهود على أن السيِّدَ وطِئها فولدت لستة أشهرٍ فأكثر فالولد ولده ويلحقه أما إن ولدت لدون الستةِ أشهرٍ من الوطء فإنه لا يتبعه . لِمَ ؟

 لأن أقلَّ مدةِ الحملِ ستةَ أشهرٍ ، لكن لو أنها ولدت لدون الستةِ أشهرٍ فإنه يلحقه في حالةٍ واحدةٍ إذا كان لدون ستةِ أشهرٍ من وقت البيع أو من وقت عتقه لها ، فإذا ولدته لدون ستة أشهر وعاش المولود فإنه يتبعه .

مسألة :

 يقدم الفراش على الشبه .

الشرح :

اختصم عبد بن زمعة مع سعد بن أبي وقاص t على ولدٍ لأمةٍ زمعة،

 قال عبد بن زمعة : هو ابن أبي وُلِدَ على فراش أبى قال سعد : هو ابن أخي عهد به إلى . فاختصما إلا النبي r فقال : ( الولد للفراش وللعاهر الحجر – أي : للزاني الحجر – واحتجبي منه يا سودة ) فإنه لمَّا ولدت هذه الأمة ،

فرآه النبي r رأى أنه شبيهٌ بأخِ سعد بن أبي وقاص ، لكن النبيr لم يُقَدِّم الشبهَ على الفراشِ ، فالفراشُ هو الأصل وذلك لو أنَّ زوجًا ادَّعى أنَّ الولدَ ليس بولده ، فإنَّ الولدَ يتبعُهُ .

أو اختصم شخصان في ولد امرأةٍ على أنه له . فإنَّ الولدَ لفراش هذه المرأة ، فيكون الولد ملحقًا به والولد للفراش وللعاهر – أي الزاني – الحجر .

مسألة :

 الاستلحاق قد يكون من الأقارب .

الشرح :

 لو أن أحدَ الأقاربِ استلحق ولداً. قال : هو قريبٌ لنا . فيصحُّ الاستلحاق مثل : قصة سعد بن أبي وقاص أراد أن يستلحق ابن أخيه ، لكنَّه ابنٌ من الزنا .

مسألة :

 الشبه يعتمد عليه ما لم يكن هناك ما هو أقوى منه ويحتجب عنه احتياطًا .

الشرح :

 مثل ما مرَّ معنا القافة يعرفون الأنساب بالشبه ، فالشبه له اعتبارٌ في الشرع لكنْ ما لم يعارضه ما هو أقوى منه ، وهنا الولد للفراش وللعاهر الحجر فعارضه ما هو أقوى منه وهو الفراش ، ثم إذا خرج فَرُئِيَ أنه شبيهٌ بالزاني ، فإنَّ القريب منه يحتجب

ولذا قال r :

(و احتجبي منه يا سودة )

 مع أنه أخٌ لها من أمَةِ أبيها ومع ذلك قال :

( احتجبي منه ) . لِمَ ؟

لأنَّ للشَبَهَ أثَراً .