( فقه المعاملات )
(47)
فضيلة الشيخ زيد بن مسفر البحري
( كتاب النفقات )
[ 2 ]
( أحكام الحضانة )
مسألة :
أحق الناس بالحضانة الأم ما لم تتزوج بأجنبيٍّ من المحضون من عصبته وبعدها إلى أمهاتها القربى فالقربى ، ثم الأب ، ثم إلى أمهاته ، ثم إلى الأجداد من قِبَلِ الأب ، ثم إلى أمهات الجد ، ثم الشقيقة ، ثم الأخت لأمٍّ ،ثم الأخت لأب ، ثم إلى
الخالات ، ثم العمَّات ، ثم إلى بنات الإخوة ، ثم بنات الأخوات ، ثم بنات الأعمام ، ثم بنات العمات ، ثم لباقي العصبة . وشيخ الإسلام – رحمه الله – يرى أنها للأمِّ ، ثمَّ للأب ، ثمَّ نساء الأب .
الشرح :
قال النبي r لامرأةٍ : ( أنتِ أحقُّ به ما لم تنكحي ) فحضانة الطفل لمن تكون ؟
هي للأم ما لم تتزوج ، فإن تزوجت فإنه يسقط حقها في الحضانة إلا إن تزوجت بقريبٍ من عصبة المحضون ، فإنَّ حقها لا يسقط .
وبعد الأم إن سقط حقها تكون الحضانة لأمهاتها القربى فالقربى وإن عَلَوْنَ ،
ثم بعد ذلك للأب ،
ثم لأمهات الأب ،
ثم للأجداد ،
ثم لأمهات الأجداد ،
ثم الأخت الشقيقة ،
ثم الأخت لأب أو لأم – خلاف –
لكن يقول بعض العلماء : إنها للأخت لأم .
لِمَ ؟
لأنَّ النبي r قال : ( الخالة بمنزلة الأمِّ ) فتكون من جهة الأم أشفق ممن تكون من جهة الأب ،
ثم الأخت لأب ،
ثم الخالات ،
ثم العمات ،
ثم بنات الإخوة ،
ثم بنات الأخوات ،
ثمَّ بنات الأعمام ،
ثمَّ بنات العمَّات ،
ثمَّ لباقي العصبة الذكور . يعني : للأخوة الأشقَّاء ،
ثم الإخوة لأب ،
ثمَّ لأبنائهم وإن نزلوا . يعني : لأبناء الإخوة الأشقاء وإن نزلوا ، ثم لأبناء الإخوة لأب وإن نزلوا ،
ثم للأعمام الأشقَّاء ،
ثمَّ الأعمام لأب ،
ثمَّ لأبناء الأعمام الأشقَّاء وإن نزلوا ،
ثمَّ لأبناء الأعمام لأب
وإن نزلوا . وشيخ الإسلام – رحمه الله – يقول : إنَّ أحقيَّةَ الحضانة للأم ،
فإن لم يكن هناك أو تزوجت فإنَّ الحضانة لا تكون لأمهاتها ،
فإنَّ الأب أقرب منهنَّ للولد فيكون أمر الحضانة للأب ، ثمَّ بعد الأب نساء الأب أولى من نساء الأم ، وإنما قُدِّمَتِ الأمُّ ، لأنها الأشفق والأرحم .
مسألة :
من امتنع منها أو كان غير أهلٍ انتقلت إلى من بعده .
الشرح :
هذه هي فائدة معرفتنا لهذا التقسيم والترتيب فيما سبق ، فمن عُدِمَ تنتقل إلى من بعده أو هو موجودٌ لكنه لا يستحق أن يكون حاضنًا لكفره أو لفسقه أو لرقِّهِ فإنها تنتقل إلى من بعده .
مسألة :
يشترط في الحاضن أن يكون من محارمها ما لم تكنْ أقلَّ من سبعٍ على قول .
الشرح :
إذا قلنا إنَّ الأمر ينتقل إلى العَصَبَةِ ، فإنَّ العَصَبَةَ ذكورٌ وهم أجانبٌ عنها ، كأبناء الأخ فيشترط في ذلك إن كانت قد بلغت سبع سنين أن يكون معها محرمٌ ، مثل : العم أو الأخ . فإن كان غير محرمٍ فإن الحضانة لا تثبت له وإن كانت أقلَّ من سبع سنين وهو أجنبيٌّ عنها من العَصَبَاتِ . اختلف العلماء قال بعضهم : إنه لا حكم لعورة من هو دون سبع سنين ، ويمكن أن يُقَال : ينظر إلى هذه المحضونة هل هي محلٌ لشهوةٍ أم لا ؟ وهل هو أمينٌ عليها أم لا ؟
مسألة :
موانع الحضانة .
أولاً : الرِّقُّ ولو قَلَّ .
الشرح :
الرِّقُّ ولو قَلَّ ولو كان فيه عُشْرٌ من الرِّقِّ فإنه لا حضانةَ له، فلو كانت الأمُّ رقيقةً فلا حضانة لها .
مسألة :
ثانيًا : الفِسْقُ .
الشرح :
الفاسق لا يكون حاضنًا . يُخْشى أن يربيَ هذا المحضونَ على غير الأدب الشرعيِّ
مسألة :
ثالثاً : الكفر . فإن زال المانع رجع الحق إليهم .
الشرح : من باب أولى الكافر . لا حضانة له ، فلو عتُقَ من له الحق أو عدل من كان فاسقًا ممن له الحق أو أسلم الكافر ممن له الحق بالحضانة ، فتعود الحضانة إليه . أما مع وجود هذه الموانع فلا .
مسألة :
الحضانة للأب إن سافر أحدهما سفراً طويلاً لسكنى وإن كان قريبًا فالحضانة للأم وإن كان السفر لحاجةٍ ثم يرجع أو كان الطريق مخوفًا فالحضانة للمقيم .
الشرح : ي
ُفَرَّقُ بين السفر الطويل والقصير ، فإن كان السفر طويلاً لسكنى فالحضانة للأب ، لأنه أرعى لشؤون المحضون من الأم ، وأما إن كان السفر قصيراً فإن الحضانة تكون للأم . لِمَ ؟
لأنَّ الأب قادرٌ على أن يأتيَ ابنه ويرعى شؤونه مع السفر القصير ، لكن إن كان السفر الطويل لحاجةٍ ليس مستمراً وإنما لحاجة يسافر ، ثم يعود . فالحضانة للمقيم حتى لا يشق على هذا المحضون ،وكذا لو كان السفر لسكنى وكان طويلاً فليس للأب إن كان الطريق مخوفًا . إذا كان يخشى على هذا المحضون فإنه يبقى مع المقيم .
مسألة :
إن بلغ سبع سنين وهو عاقل خُيِّرَ بين أبَوَيْه اختيار شهوةٍ إن كان الأبوان من أهل الحضانة .
الشرح :
إن كان الأبوان من أهل الحضانة – فكما سبق – إذا انتفت هذه الموانع فيُخَيَّر الغلام إذا بلغ سبع سنين وكان عاقلاً ، لأنَّ النبي r كما في السنن ( خَيَّرَ غُلامًا بين أمِّه وأبيه ) لكن بشرط أن يكون عاقلاً ، فإن كان مجنونًا فإن الحضانة للأمِّ ، لأنها أشفق منه وأرعى لشؤونه .
مسألة :
إن كان الولد معتوهاً ، فالحضانة للأم ولو كان كبيرًا .
الشرح :
سبق معنا .
مسألة :
إن اختار أباه يبقى عنده ولا يمنعه من زيارة أمه ، وإن اختار أمه يبقى عندها في الليل وإن لم يخترْ أحدًا فالقرعة ، ومتى بلغ فحيث شاء .
الشرح :
إن اختار أباه يبقى عنده واختيار الولد اختيار شهوةٍ ، فلو أنه اختار أمه ثم بعد أسبوع قال : أريد أبي ، أختار أبي . فله ذلك ، لأنه اختيار شهوةٍ . فإن اختار أباه بقي عنده ولا يمنعه من زيارة أمه ، لكن لو اختار الأم فإنه يبقى عندها في الليل وأما في النهار فيكون عند أبيه . لِمَ ؟
ليربيه على العمل وعلى مصلحة نفسه .
لكن إن لم يختر أحدًا ؟
لم يختر الأم ولم يختر الأب . احتار في أمرهما ؟ فإنه يقرع بينهما فمن وقعت عليه القرعة فهو أحق به ، هذا إذا بلغ سبع سنين . أما إذا بلغ سنَّ التكليف يبقى حيث شاء ، لأنه لا ولاية لأحدهما عليه بعد بلوغه وَ رُشْدِه .
مسألة :
إذا بلغت الأنثى سبع سنين ، فعند أبيها وجوبًا حتى يتسلمها زوجها ، فإن لم يكن أهلاً فعند أمِّها .
الشرح :
الأنثى إذا بلغت سبع سنين ، فإنها قبل السبع تكون عند أمِّها ، لكن إذا بلغت سبع سنين فلا خيار . فإنما تكون عند الأب . لِمَ ؟
لأن الناس يخطبونها من أبيها لكن إن كان الأب غير أهلٍ ، والأم أهلٌ فإنها تكون عند الأم ، أو كان الأب يضعها عند ضَرَةِ أمها وقد أهملها فإن الأم أحقُّ بها من زوجة الأب .