( مختصر فقه المعاملات) [53] (كتاب الحدود) [1] ( باب أحكام الحدود – حد الزنا )

( مختصر فقه المعاملات) [53] (كتاب الحدود) [1] ( باب أحكام الحدود – حد الزنا )

مشاهدات: 497

( فقه المعاملات )

(53)

فضيلة الشيخ زيد بن مسفر البحري

(  كتاب : الحدود  )

 ( 1 )

( أحكام الحدود – حد الزنا )

مسألة : أحكام الحدود

،الحدود خمسة :

 1- الزنا .

  2- السرقة .

 3- قطع الطريق .

  4- شرب الخمر .

  5- القذف .

الشرح : الحدود خمسةٌ وما عداها فليست بحدود ( الزنا ، السرقة ، قطع الطريق ، شرب الخمر ، القذف ) وما عداها ليس بحدٍّ .

مسألة :

 شروط تطبيق الحدِّ . أن يكون الجاني مكلَّفًا عالمًا بالتحريم لا بما يترتب عليه .

الشرح :

أن يكون الجاني مكلَّفًا ، فإن كان صبيًّا فلا يقام عليه الحدُّ وإن كان مجنونًا فلا يقام عليه الحدُّ . لكن إن كان عالمًا فيُقام عليه الحدُّ ، لكن لو كان عالمًا بأن الزنا حرامٌ لكنه يجهل أنَّ حدَّ المُحْصَنِ الرجمُ . قال : لو كنتُ أعلم أنَّه الرجم ما أقدمت . فكما أسلفنا فإنه يقام عليه الحدُّ بما أنه علم بالحكم . فعلمه بالحكم كافٍ .

مسألة :

يقيمها الحدود الإمام .

الشرح :

 يقيمها الإمام بخلاف القصاص . فمن يقيمه أولياء المقتول ، فإن لم يستطيعوا فيُوَكِلوا .

مسألة :

 لا تجوز إقامة الحدود فى المسجد في المسجد وكذا القَوَد .

الشرح : القَوَدُ هو القصاص . فلا يجوز أن يُقام القصاص ولا الحدود في المساجد لنهي النبي r أن (تقام في المساجد)

مسألة :

 تحرم الشفاعة وقبولها فيه إذا بلغت السلطان .

الشرح :

 تحرم الشفاعة في الحدِّ ويحرم على السلطان قبولها . قال r : ( تعافوا في الحدود فما بلغني من حدٍّ فقد وجب ) وقال r : ( لعن الله الشافع والمشفع له ) وهذا في ماذا ؟ في الحدود ولذا يلزمك أن تحفظ هذه الخمسة ، فما عداها فالشفاعة فيها لا جناح على من قام بها إذا بلغت السلطان.

مسألة :

 من مات في حدٍّ فهو هدرٌ إن لم يُسرف .

الشرح :

 لو أن شخصًا قذف شخصًا ولم يأتِ بأربعة شهود فإنه يُحَدُّ حدَّ القذف ، فلو أنه جُلِدَ ثمانين جلدةً ولم يسرف الضارب فمات من هذا الجلد فهدر ، فالحق قتله .

مسألة :

 يضرب قائمًا بسوطٍ متوسطٍ لا جديدٍ ولا قديمٍ .

الشرح :

 يضرب قائمًا بسوطٍ متوسطٍ لا جديدٍ ولا قديمٍ ، لأنَّ الجديد يؤذيه والقديم لايحصل به المقصود

 مسألة:   غير محشو  بفروٍ ولا يبالغ في الضر ب ويفرقه على بدنه في مواضع اللحم ولا يرفع يده حتى يبدوا إبطه . ويتَّقي وجوبًا المَقَاتِلَ والرأسَ والوجهَ .

الشرح :

لا يُمَدُّ ولا يُرْبَطُ في الأرض فإن كان محشوًّا بفروٍ فإنه ينزع منه ولا بأس أن يكون عليه قميص أو قميصان ، فالواجب على الضارب أن يفرِّقَ الضربَ في مواضع اللحم ويفرقه في الجسم حتى يذوق كل موضعٍ ما أخذه وما شعر به وما ذاقه من لذةٍ حصلت، منه ويتقي المَقَاتِلَ مثل : الخصيتين والذكر ، ويتقي الوجه .

مسألة :

 المرأة كالرجل إلا أنها تُضْرَبُ جالسةً وتُشَدُّ عليها ثيابها وتُمْسَكُ يداها .

الشرح :

هذا الفعل أسترُ لها وذلك أنها تُضْرَبُ جالسة وتُشدُّ عليها ثيابها وتمسك يداها وإلا فهي كالرجل فيما سبق من صفة الضرب .

مسألة :

 تعتبر النية فيه ليصير قربة .

الشرح :

قال شيخ الإسلام – رحمه الله – الواجب على من يقيم الحدود أن يستشعر النية أنه يقوم بواجب حتى يكون قربة يثاب عليها .

مسألة :

 الصحيح إن كان المرض خفيفًا فيقام عليه الحدُّ وإلا انتظر برأه إن كان يُرجى .

الشرح :

 إن كان من عليه الحدُّ مريضًا مرضًا خفيفًا فإنَّ الحدَّ يقام عليه فيُجْلَدُ ، وإن كان شديدًا سيؤثر فيه الضرب فينتظر بُرْأه ، لكن إن كان مريضًا مرضًا لا يرجى برأُه ويُخْشى عليه من الضرب فإنه يأخذ كما جاء في سنن ابن ماجة قال r :

 ( خذوا مائه سوط واضربوه ضربةً واحدةً )

يؤخذ مئة سوطٍ وتجمع ويضرب ضربةً واحدةً ، هذا في حدِّ الزنا ، وفي حدِّ القذف ثمانين .

مسألة :

( لا يُحْفَرُ للمرجوم ).

الشرح :

لا يُحْفَرُ للمرجوم . ولذلك لمَّا رجم الصحابةُ ماعزًا – – فرَّ لِمَا وجد من حرارة الرجم . فقال e لمَّا أُخْبِرَ : ( هلا تركتموه لعله أن يتوب ) فدلَّ على أنه لا يُحْفَرُ له

مسألة :

يجب أن تحضر طائفةٌ من المؤمنين ولو واحدًا على اختلافٍ في العدد مع من يقيمه ويُسَنُّ حضور الشهود وأن يبدؤوا بالرجم .

الشرح :

يجب أن تحضر طائفةٌ لقوله تعالى( وَلْيَشْهَدْ عَذَابَهُمَا طَائِفَةٌ مِّنَ الْمُؤْمِنِينَ )النور2

هذه الطائفة . اختلف العلماء . هل هي واحدٌ أم اثنان أم ثلاثة أم أربعة ، ويُسَنُّ أن يحضر الشهود الذين شهدوا عليه بزنا أو شهدوا بالقذف ، ويُسنُّ أن يبدؤوا بالرجم .

مسألة :

 يحرم بعد الحدِّ حبسٌ أو إيذاءٌ بكلامٍ ،فالحبس والإيذاء بالكلام نسخا

الشرح : هذا نسخ . قال الله تعالى

{وَاللَّذَانَ يَأْتِيَانِهَا مِنكُمْ فَآذُوهُمَا فَإِن تَابَا وَأَصْلَحَا فَأَعْرِضُواْ عَنْهُمَا إِنَّ اللّهَ كَانَ تَوَّاباً رَّحِيماً }النساء16

فإذا أقيم عليه الحدُّ فلا يُوَبّخُ بكلامٍ ولا بغيره ، فإن الحد الذي أقيم عليه كافٍ .

مسألة :

 من أتى حدًّا سنَّ ستر نفسه .

الشرح :

من أتى حدًّا فيُسَنُّ له أن يستر على نفسه لقوله e :

( من ابتُلِيَ بشيءٍ من هذه القاذورات فليستتر بستر الله )

مسألة :

إن اجتمعت حدودٌ من جنسٍ واحدٍ ، فحدٌّ واحدٌ. ومن أجناسٍ كزنا وسرقة فيبدأ بالأخف إلا إن كان فيها قتلٌ فيكفي .

الشرح :

 إن اجتمعت حدودٌ من جنسٍ واحدٍ فيكفي حدٌّ واحدٌ . لو أنَّه زَنَا مِرارًا ولم يُحدّ فيما سبق ، فإنه يكفي حدٌّ واحدٌ ، لكن لو أنها اجتمعت من أجناسٍ ( سَرَقَ ، وشربَ الخمر ، وزنى ) فإنه يبدأ بالأخف . فشُرْبُ الخمر أخفُّ ثم إنَّ حد الزنا مائة جلدة ثم قطع اليد ، لكن إن كان فيها قتل كأن يكون الزاني محصنًا يرجم وقد سرق وشرب الخمر ، فهذه تدخل ضمن القتل فيقتل ولا يُحدُّ في أقلَّ من القتل .

مسألة :

الرجم هو حد المحصن:

 وهو من وطِئ امرأته المسلمة أو الذمية بنكاحٍ صحيحٍ في قبولها وهما بالغان عاقلان حرّان ، ولم يخالف فيه إلا الخوارج .

الشرح :

 لم يخالف في إقامة حدِّ الزنا إلا الخوارج وإلا فيرجم المحصن .

من هو المحصن الذي يحكم عليه برجمٍ ؟

أهو كل من تزوج ؟

 لا .

وإنما هو الشخص الذي وطِئَ امرأته سواءٌ كانت المرأة التي تحته مسلمة أو ذمية – يعني : يهودية أو نصرانية – بنكاح صحيح فلو أنه وطأها بنكاحٍ فاسدٍ فليس بمحصن أو وطأها بنكاحٍ باطلٍ فليس بمحصن يعني لا يُقام عليه (الرجم في قبولها) فلو أنه جامعها في غير قبولها فليس بمحصنٍ

ولا بد أن يكونا بالغين فلو كان أحدهما بالغًا والآخر غير بالغٍ فليس بإحصان ،

وكذلك لا بد أن يكونا عاقلين ، فلو كان أحدهما معتوهًا والآخر عاقلاً فلا إحصان .

وكذلك لا بد أن يكونا حُرَّيْن فلو كانت الزوجة أَمَة وهو حرٌّ فليس بمحصنٍ .

مسألة :

 الصحيح عدم الجلد قبل الرجم .

الشرح :

 قال النبي r :

( البكر بالبكر جلد مئة ، وتغريب عام . والثيِّبُ بالثَّيِّبِ الجلد والرجم )

قال : ( الجلد والرجم )

 يعني : يجلد ثم يرجم . والصحيح : أن هذا الحكم قد نُسِخَ ، لأنَّ النبي r  لما رجم المرأة الغامدية التي اعترفت بالزنا لم يجلدها وإنما رجمها وكذلك ( ماعز ) لما اعترف بالزنا رجمه ولم يجلده .

مسألة :

غير المحصن يُجْلَدُ مئة جلدة ويُغرَّبُ سنةً ، ويُشترط مع المرأة مَحْرَمٌ وإلا فلا تُغرَّب . والعبد على النصف ولا تغريب عليه .

الشرح :

 فإذا زنت البكر فإنها تجلد مئة جلدة وتُغرَّبُ سنة عن بلدها بشرط أن يكون معها محرم فإن لم يكن معها محرم فلا تغرب . لِمَ ؟

 لأنها زنت بين محارمها فلا يؤتمن عليها أن تزنِ خارج بلدها . (والحكمة فى التغريب )من أجل أن يبعد هذا الفاسق عن بيئته الفاسدة ، وأما العبد فعلى النصف يجلد خمسين جلدةً ولا رجم عليه ، لأننا قلنا في المحصن : وهما حران لكن لا تغريب عليه ، لأننا لو غرَّبناه صار هناك ضررٌ على سيده .

مسألة :

 شروط وجوب الحد .

 أولاً : خلوُّ الوطءِ من الشبهة كمن ظن أنها زوجته .

الشرح :

 لا بُدَّ في إقامة الحدِّ أن يخلوَ الوطءُ من الشبهة فلو أنه وطَأَ امرأةً يظن أنها زوجته . فهذا وطْءُ شبهةٍ . وسبق معنا أحكام وطء الشبهة ، فلا يقام عليه الحدُّ .

مسألة :

 ثانيًا : تغييب حشفةٍ أصليَّةٍ كلها أو قدرها في قُبُلٍ أو دُبُرٍ أصليين من آدميٍّ حيٍّ .

الشرح :

 لا بد أن تُغَيَّبَ الحشفة . وتغييب الحشفة الأصلية أو إن كانت مقطوعة فبقدرها من مقطوعها في قُبُلٍ أو دُبُرٍ أصليين من آدميٍّ حيٍّ فلو أنه وطأ آدميَّةً ميِّتَةً فلا يقام الحد وإنما عليه التعزير . ليس معنى أن عدم إقامة الحد أنه يَسْلَمُ ؟ لا وإنما يُعزَّر .

مسألة :

 ثالثًا : أن يثبت عليه الزنا إما بإقراره أربع مراتٍ في مجلسٍ أو مجالس إذا صرَّح بحقيقة الوطء .

الشرح :

 النبي r لمَّا أتاه ( ماعزٌ ) وقال : (إني زنيت فطهّرني) . أعرض عنه أربع مراتٍ حتى أقرَّ ،ولا بد أن يصرِّح بإقراره بحقيقة الوطء . ولذا قال النبي r : ( لعلك غمزت أو قبَّلْتَ ) قال : لا . حتى قال النبي r : ( أنِكْتَهَا ) قال : نعم . صرح بحقيقة الوطء . فلا بد أن يصرح بإقراره بحقيقة الوطء سواءٌ كان هذا الإقرار في مجلسٍ واحدٍ أو في عدة مجالس .

مسألة :

( لو أقرَّ ثم رجع قبل) .

الشرح :

لو أنه أقرَّ على نفسه بأنه زنا . أو المرأةُ أقرَّت ثم قالت : لم أزنِ . فإنه  يقبل ولا يقام عليه الحد ، متى يقام الحد ؟ إذا شهد أربعة شهود .  بالإقرار كما سبق أو يشهد عليه أربعة شهود .

مسألة :

ب : أن يشهد عليه أربعة شهود عند الحاكم في مجلسٍ واحدٍ من مجالسه وبوقعةٍ واحدةٍ ، ويصفونه وصفًا دقيقًا ولا ثمَّةَ مانع بهم كعمى ، وهم رجالٌ عدولٌ . فإن اختل شرطٌ فهم قَذَفَةٌ .

الشرح : أن يشهد عليه أربعة شهودٍ  عند الحاكم في مجلسٍ واحدٍ ،

لا بد أن يكون الإشهاد في مجلسٍ واحدٍ ،

أما في مجالس متعددة فلا وبوقعةٍ واحدةٍ . يقولون : وقع فلانٌ على فلانةٍ ، ويصفونه وصفًا دقيقًا

ويقولون : دخل الميل في المكحلة . فيصفونه وصفًا دقيقًا . لو أن واحدًا منهم خالف في الوصف الآخرين (فَهُمْ قَذَفَةٌ يُحَدُّون حدَّ القذف )

ويُشترط أن يكون هؤلاء الشهود لا مانع بهم ،

فلو كان أحدهم أعمى فإنهم قَذَفَةٌ ،

وكذلك لا بد أن يكونوا رجالاً .

أما النساء فلا تقبل شهادتهن في الحدود ولا في القصاص إنما تقبل في الأموال وما يجري مجراها . ولا بد أن يكونوا عدولاً فلو كانوا فسقةً فإنهم قَذَفةٌ ، فلا بد من توفر ما ذكر وإلا صاروا فسَقَةً قَذَفَة يحدهم القاضي حدَّ القذف .

مسألة :

 يخير الشهود بين الشهادة والستر حسب المصلحة .

الشرح :

 لو رأى أربعة شهودٍ ثقاتٍ عدولٍ رؤيةً حقيقية أنَّ فلانًا يزني بفلانة .

 فهل عليهم أن يشهدوا أو أن يستروا ؟

قال شيخ الإسلام – رحمه الله – : حسب ما تقتضيه المصلحة فإن كان هذا الرجل لم تجر عادته فالأفضل أن يُستَرَ عليه ، لكن إن كان هذا الرجل معروفًا بالفحش والفجور وفى الستر عليه نشرٌ للرذيلة فإنهم يشهدون عليه .

مسألة :

 من حملت ولا زوج لها ولا سيِّد ؟ فالصحيح : أنها تحد إن لم تدَّعي شبهةً .

الشرح :

لو أنَّ امرأةً لا زوج لها ولا سيِّدَ ،  ولها حملٌ فتُحَدُّ حدَّ الزنا إن لم تدعِ شبهةً إلا إن قالت وُطِأْتُ بشبهةٍ . وهذا هو القول الراجح .

مسألة :

الصحيح :قتل الفاعل والمفعول به محصنين أو لم يكونا . وإنما اختلف الصحابة في كيفية قتلهما .

الشرح :

قال النبي r : ( من رأيتموه يعمل عمل قوم لوط فاقتلوا الفاعل والمفعول به ) فيقتلان سواء كانا محصنين أو غير محصنين بخلاف الزنا . وهذا هو القول الراجح .

 ولكن اختلف الصحابة في كيفية قتلهما أيأخذان إلى أعلى مكانٍ في البلدة ويقذفان على أم رأسيهما كما فعل الله عزوجل بقوم لوطٍ ؟أو أنهما يحرقان بالنار؟ أو أنهما يضربان بالسيف ؟وإلا فالأصل أن الصحابة اتفقوا على أنَّ من فعل اللواط أنه يقتل .