( مختصر فقه المعاملات) [57] (كتاب الحدود) [5] ( باب حكم المرتد )

( مختصر فقه المعاملات) [57] (كتاب الحدود) [5] ( باب حكم المرتد )

مشاهدات: 873

( فقه المعاملات )

(57)

فضيلة الشيخ زيد بن مسفر البحري

(  كتاب : الحدود  )

( 5 )

( باب حكم المرتد )

مسألة :

 المرتد هو الذي يكفر بعد إسلامه طوعًا إما نطقٍاً اعتقادًا أو شكًا ، أو فعلاًٍ سواءٌ كان جادًا أو هازلاً أو مستهزئا أو خائفًا إلا المكره .

الشرح :

هذه أحكام الردة – والعياذ بالله منها – وهو أن الذي أسلم ثم عاد إلى كفره أو المسلم الذي ولد على الإسلام ثم كفر ، فإنه يعتبر مرتدًا . فإذا ارتد طوعًا يعني من غير إكراه إما بنطقٍ كأن يسب الدين أو باعتقادٍ كأن يعتقد أنَّ مع الله إله آخر أو يشك في أشياء قطعية ثبت حكمها في الشرع كاليوم الآخر فإذا حصل مثل هذا أو بفعلٍ كأن يسجد لصنمٍ فإذا فعل ذلك سواءٌ كان جادًا أو هازلاً أو مستهزئا أو خائفًا فإنه يكفر إلا المكره

والفرق بين الخوف والإكراه مر معنا فى كشف الشبهات.

مسألة :

نواقضه كثيرة كدعاء غير الله ، ومثال الاعتقاد جحد الرسل . ومثال الفعل : الذبح لغير الله وكذا من جحد شيئًا من المحرمات أو المباحات المجمع عليها إجماعًا قطعيًّا .

الشرح :

نواقض الإسلام كثيرة جدًا ، لكن ذكرت هنا أمثلة لا للحصر فلو أنه جحد شيئًا من المحرمات التي ثبت الإجماع القطعيُّ على تحريمها كأن يقول : إنَّ الزنا ليس بحرامٍ أو ما أجمع على إباحته إجماعًا قطعيًّا ، كما لو قال : إنَّ الخبز حرام ليس بحلالٍ فإنه يكفر أما ما اختلف العلماء فيه فإنه لا يكفر إن جحده .

مسألة :

من كفر هازلاً وتاب يُعزَّر .

الشرح :

قال الله تعالى :

{ وَلَئِن سَأَلْتَهُمْ لَيَقُولُنَّ إِنَّمَا كُنَّا نَخُوضُ وَنَلْعَبُ قُلْ أَبِاللّهِ وَآيَاتِهِ وَرَسُولِهِ كُنتُمْ تَسْتَهْزِئُونَ{65} لاَ تَعْتَذِرُواْ قَدْ كَفَرْتُم بَعْدَ إِيمَانِكُمْ}

 .فمن كفر هازلاً قال : إنما فعلت ذلك مازحًا فإنه يعزَّر تعزيرًا يمنعه من أن يأتيَ إلى هذا الفعل حتى ولو تاب لكن إن لم يتب فإنه يكفر ويقتل . قال الرسول r : ( منْ بَدَّل دينَه فاقتلوه ) .

مسألة :

 أحرق أبوبكر t المرتدين نكايةً بهم لمَّا كَثُروا .

الشرح :

قال النبي r : ( لا يُعَذِّبُ بالنَّار إلا ربَّ النَّارِ ) لكنَّ أبا بكرٍ الصديق t لمَّا كثر المرتدون أحرقهم بالنار نكايةً بهم فإنه رأى أن المصلحة تفوق المفسدة في قتلهم بالنار .

مسألة :

من قتله عزِّر إلا إن لحق بدار كفَّارٍ ، ولا ضمان على قاتلِ المرتدِّ سواءٌ قتله قبل الاستتابة أو بعدها .

الشرح :

 لو أنه كفر فقتله أحد المسلمين فإنه لا يضمن ولا شيء عليه سواءٌ كان هذا الكافر قد استتيب أو لم يستتب ، لكنه يُعزَّر . لِمَ ؟ لأنه افتتاتٌ على ولي أمر المسلمين إلا إن لحق بدار كفار ، فلو أن هذا الكافر لحق بدار الكفار وخرج من قبضة المسلمين فقتله مسلم فلا يعزَّر في ذلك .

مسألة :

لا يُقْتَلُ رُسُل الكفار .

الشرح :

لقوله r : ( لولا أنَّ الرسل لا تُقْتَل لقتلتكما ) .

مسألة :

 تحصل توبته بالشهادتين ومن كانت ردته بجحودِ شيءٍ ، فمع الشهادة إقراره بما جحد .

الشرح :

كيف تحصل توبته ؟

 أن يشهد أن لا إله إلا الله وأنَّ محمدًا رسول الله . هذا إنْ لم يكن قد جحد شيئًا ، لكن إن جحد شيئًا كأن يقول : الصلاة ليست بواجبة . فيُقال له مع الشهادتين : تُقِرُّ وتَعترف بأنَّ الصلاة واجبة . فلو أنه شهد فلا تنفع شهادته حتى يُقرّ بما جحده .

مسألة :

 لا تغنِ كلمة ( محمدٌ رسول الله ) وكذا لو قال : أنا مسلم . ولا : أنطِقُ بالشهادتين

الشرح :

 قولنا : إنه إن قال : أنا مسلم . فإنها تقبل منه بشرط أن لا يُعَلِّقُهَا على شيءٍ فلو قال : أنا مسلم لكن لا أنطق بالشهادتين . فنقول : هذه اللفظة لا تفيدك لكن لو قالها مطلقًا : أنا مسلم . فإنه يدخل في ذلك بالإسلام ولا تغنِ أن يقول : محمدٌ رسول الله . أو : أشهد أنَّ محمدًا رسول الله . فلا بد من ذكر الشهادتين .

مسألة :

من قال : أنا مسلم أو أنا بريء من دينٍ يخالف الإسلام . صار مسلمًا ولو لم يتلفظ بالشهادتين .

الشرح :

 لو قال الكافر : أنا مسلم . أنا بريء من كل دينٍ يخالف الإسلام . فإنه يدخل في الإسلام ولو لم يقل : أشهد أنْ لا إله إلا الله وأنَّ محمدًا رسول الله . ويدل على ذلك حديث المقداد فإنَّ النبي r قال له المقداد : أرأيت لو أنَّ رجلاً قطع يدي فلاذ بشجرةٍ فقال : أسْلَمتُ . أفأقتله ؟ قال : ( لا تقتله بعد ما قالها ) . فكونه  يقول : أنا مسلمٌ ـ  يكفي .

مسألة :

 قال ابن القيِّم : لا يُلْزَمُ بلفظ ( أشهد ) ويكفي قوله : لا إله إلا الله .

الشرح :

لا يُلْزَمُ بأن يقول : أشهد أن لا إله إلا الله . فلو قال : لا إله إلا الله . كفى ولذلك قال النبي r : ( أُمِرْتُ أنْ أُقاتَلَ النَّاسَ حتى يقولوا : لا إله إلا الله ) .

مسألة :

يمنع المرتدُّ من التصرُّفِ في ماله ، وتُقْضى ديونه ، ويُنْفَقُ عليه مدةَ الاستتابة فإن تاب رُدَّ إليه وإلا فماله فيءٌ لبيت مال المسلمين على الصحيح .

الشرح :

 إذا ارتدَّ شخصٌ فإنَّ ماله لا يُتَصرَّفُ فيه ، ويُنْفَقُ عليه لمدة الاستتابة ، وتُقْضى ديونه منه فإن تاب في مدة الاستتابة أُرْجِع إليه ماله ، وإن لم يتب فإن يقتل وماله يكون إرثًا لورثته المسلمين أو يكون لبيت مال المسلمين  ؟ قولان لأهل العلم ، الصحيح : أنه يكون لبيت مال المسلمين فيئاً يُصرف في مصالح المسلمين العامة  .

مسألة :

 الصحيح أنَّ مَنْ سبَّ الله تُقْبَلُ توبته ، فيُكَفُّ عنه . أما سبُّ النبيr فلا تقبل توبته في الدنيا ومن ثَمَّ فلا يُكَفُّ عنه .

الشرح :

 لو أنَّ شخصًا سبَّ اللهَ عز وجل فإنَّ توبَتَه تقبل في الدنيا وإن كانت نصوحًا بينه وبين الله فإنها تقبل في الآخرة ،

 ولذا لا يقتل إن تاب بعد سبِّه لله عز وجل . لكن لو سبَّ النبي r فتاب ،

 فنقول : توبتك بينك وبين الله إن كانت صالحة قبِلَها الله منك في الآخرة أما في الدنيا فإننا نقتلك على القول الصحيح

.لِمَ ؟

 أَقَدْرُ الله أقلُّ من قدْرِ الرسول r أو أنَّ مقام النبي r أعظم من مقام الله عز وجل ؟

 ( لا ) .

وإنما لأنَّ الله عز وجل عرفنا أنه يسقط حقه بالتوبة ، أما النبي r فلم نعلم بذلك وقد سبَّه أناسٌ فعفى عنهم ، وسبَّه أناسٌ ولم يعفُ عنهم فهو حقٌ له ، ولذلك يُقْتَل من سبَّ النبي r .

مسألة :

الصحيح أن من تكررت ردته تقبل توبته ، وكذلك الزنديق .

الشرح :

عندنا قاعدة وضعها النبيr : ( التائبُ مِنَ الذَّنْبِ كمَنْ لا ذَنْبَ له ) من تاب تاب الله عليه ، وأما ما ورد في قوله تعالى

{إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُواْ بَعْدَ إِيمَانِهِمْ ثُمَّ ازْدَادُواْ كُفْراً لَّن تُقْبَلَ تَوْبَتُهُمْ وَأُوْلَـئِكَ هُمُ الضَّآلُّونَ }

آل عمران90.

فقد أخذ بها بعض العلماء ،

ولكن الصحيح:

 أنها لا تقبل توبتهم إذا عاينوا الموت ، والزنديق المراد به المنافق ، فلو أنَّ المنافق تاب فإنه تصحُّ توبته .

مسألة :

 الصحيح : صِحَّةُ رِدَّةِ المميز . كما يصحُّ إسلامه وبعد البلوغ يستتاب .

الشرح :

اختلف العلماء لو أن المميز جحد شيئًا أو قال كلمة : كفر . أيكون مرتدًّا أم لا ؟ الصحيح أن يكون مرتدًّا ، كما أنه يصح إسلامه تصح ردته لكن لا يقتل حتى يبلغ فإذا بلغ يقال له : عُدْ إلى الإسلام وإلا قُتِلْتَ .

مسألة :

تصحُّ رِدَّةُ السكران ، وإذا صحَى استتيب .

الشرح :

لو أنَّ سكران كفر في حالة سكره . قال كلمة : كفر . أو فعل فعلاً مُكَفِّرًا فإنه مرتدٌّ وإذا أفاق من سُكْرِهِ فإنَّه يستتاب فإن تاب وإلا قُتِلَ .

مسألة :

 المجنون لا يصح إسلامه ولا ردَّتُه قولاً واحدًا .

الشرح :

هناك قولٌ واحدٌ وهو أنَّ المجنون لا تصح منه ردةٌ وإسلامٌ ، لأنه لا نية له .