( فقه المعاملات )
(61)
فضيلة الشيخ زيد بن مسفر البحري
( كتاب الأيمان )
( 2 )
مسألة :
يجب الوفاء بنذر الطاعة ويحرم الوفاء بنذر المعصية .
الشرح :
قال r كما عند البخارى :
( من نَذَرَ أن يُطِعِ الله فليُطِعْه ، ومن نذر أن يعصيَ الله فلا يعصه ) فإذا نذر العبدُ أن يقوم بعبادة فيجب أن يقوم بها وإذا نذر أن يدع معصية فيحرم عليه أن يفعلها .
مسألة :
يُشْتَرَطُ لينعقد النذر .
أولاً : أن يكون بالقول ومن الإشارة المفهومة من الأخرس .
الشرح :
لا بد من القول ، فلو نوى الإنسان أن ينذر فلا حكم لنذره . لا بد أن يتلفظ وأما الإشارة المفهومة فتقبل من الأخرس . فالأخرس إذا أشار بإشارة مفهومة تفهم منه بأنه نذر فإن النذر ينعقد بإشارته المفهومة .
ثانيًا : أن يكون الناذر مختارًا مكلفًا .
الشرح :
لا بد أن يكون مختارًا فلو أُكْرِهَ على النذر ، فلا وجود لنذرٍ وكذلك لو أن المجنون نَذَرَ أو أنَّ الصبِيَّ نذر فلا اعتداد بنذره .
ثالثًا :
أن يكون النذر غير محال .
الشرح :
أن يكون النذر غير محال ، فلو أنه نذر أن يدخل الجمل في ثقب الإبرة ، فإنه نذرٌ لا يعتبر ولا يعتد به .لِمَ ؟ لأنه محال . لا يمكن أن يقع فيُعَدُّ لغوًا .
مسألة :
يصح نذر العبادة من الكافر ، ويُلْزَم بالوفاء به إذا أسلم .
الشرح :
لقول عمر t : يا رسول الله إني نذرت في الجاهلية أن أعتكف في المسجد الحرام ليلةً . قال r : ( أَوْفِ بنَذْرِكَ ) فعقده عمرُ t في الجاهلية ، فلما أسلم أُمِرَ أن يفيَ بهذا النذر .
مسألة :
النذر ستة أقسام :
نذرٌ مطلقٌ وهو الذى ولم يسم فيه شيئًا فكفارة يمين .
الشرح :
كفارته كفارة يمينٍ وهذا هو النذر الأول من أنواع النذر كأن يقول : نذرٌ عليَّ لله . ولم يذكر شيئًا فهذا فيه كفارة يمين .
مسألة :
ثانيًا :
(نذر اللجاج والغضب) .
ولا يلزم وجودها وهو أن يعلقه بشرطٍ يقصد منه المنع أو التصديق أو التكذيب فهو مخيرٌ بين الكفارة وبين فعله .
الشرح :
الغالب أن اللجاج والغضب والخصام هو الذي يدعوا المتخاصمين إلى النذر، ولا يلزم وجود الغضب والخصام وإنما الذي يلزم التصديق أو التكذيب أو المنع
ولذا لو قال : إن لم أكن صادقًا فنذرٌ عليَّ أن أصوم سنةً أو أن أحُجَّ هذه السنة فهو يريد من ذلك أن يصدق نفسه فهذا نذرٌ لفعل طاعة وقد قال r : ( من نذر أن يطع الله فليُطِعْه ) ومع ذلك لا نلزمه بهذه الطاعة . لِمَ ؟
لأنَّ هذه الطاعة جاءت بسبب الغضب واللجاج . فيقال له : أنت مخيرٌ فيما لم يكن النذر على ما ذكره . أنت مخيرٌ بين أن تفعل الطاعة وبين أن تكفر كفارة يمين .
ولذا لو قال إنسانٌ قد عانى من المعصية ما عانى كأن يشرب الدخان فيقول : نذرٌ عليَّ إن شربت الدخان أن أصوم عشرة أيام . فلا يُلزمُ بالعشرة إذا أغرته نفسه . الواجب أن يكف (من نذر أن يعصيَ الله فلا يعصه) ، لكن لا يُلزَم بالصيام عشرة أيام .
مسألة :
ثالثًا :
نذر المباح وهو مخيرٌ بين فعله والكفارة ويرى شيخ الإسلام رحمه الله : أنه لا شيء عليه .
الشرح :
هذا هو النذر المباح .
كأن يقول نذرٌ عليَّ أن لا ألبس هذا الثوب . فنقول : أنت مخيرٌ بين أن تلبسه وتكفر كفارة يمينٍ وبين أن لا تلبسه .
وشيخ الإسلام رحمه الله يقول : لو أنه لبسه فإنه لا كفارة عليه , لأنَّ النبيr رأى رجلاً قائمًا في الشمس . فقال : ما هذا ؟
فقالوا : هذا أبو إسرائيل نذر أن يقوم في الشمس ولا يقعد ، ولا يستظل ولا يتكلم ، و يصوم ، فقال النبي r : ( مروه فليتكلم وليستظل وليقعد، وليتم صومه ) رواه البخاري .
ولم يأمره بكفارة ، لكن قد يُقال : إن الكفارة قد وجبت من نصٍ آخر .
مسألة :
رابعًا :
نذرٌ مكروهٌ والمراد باعتبار أصله . كأن ينذر طلاق زوجته فتستحب الكفارة
الشرح :
نذر المكروه تستحب فيه الكفارة ، فلو نذر أن يطلق زوجته فهو مخيرٌ بين تطليقها وبين الكفارة ولكن الأفضل أن يكفر ، لأنَّه لو طلَّق ارتكب مكروهًا .
مسألة :
خامسًا :
نذرٌ المعصية ، والصحيح : أن عليه كفارة يمين .
الشرح :
نذرٌ المعصية . فمن نذَرَ أن يعصيَ الله عز وجل وقال : نذرٌ عليَّ أن أشرب الدخان . فشربه فإن عليه كفارة يمينٍ . قال r : ( لا نذرَ في معصيةٍ وكفارته كفارة يمين )
مسألة :
سادسًا :
نذرٌ الطاعة سواء كان مطلقًا أو معلَّقًا ، فيجب الوفاء به .
الشرح :
من نَذَرَ أن يطيع الله فلْيُطِعْهُ سواءٌ أطلق هذا النذر أو علَّقَه . لو قال : نذرٌ عليَّ أن أصليَ عشرين ركعة . فيلزمه أن يصليَ عشرين ركعةً . هذا نذرٌ مطلقٌ .
لو قال نذرُ معلقًا في طاعة مثل : إن شفى الله مريضي صليت لله عشرين ركعة . فيجب عليه أن يصليَ عشرين ركعة ولا تنفع فيها الكفارة . متى تنفع الكفارة في نذر الطاعة ؟ إذا كان السبب هو اللجاج والغضب الذي يراد منه التكذيب و التصديق أو المنع أو الحنث .
مسألة :
من نذر صيام سنةٍ كاملةٍ بعينها وهل يدخل فيها رمضان والأيام المنهي عنها ؟ خلافٌ واختار شيخ الإسلام رحمه الله دخول رمضان .
الشرح :
لو قال : نذرٌ عليَّ أن أصوم سنة – ألف وأربعمائة وثلاث وثلاثين – فصام في ضمن هذه السنة شهر رمضان فهل يقال له : عليك أن تصوم شهرًا آخر عن رمضان ، لأنّ رمضان صومٌ واجبٌ وأنت ستفطر في أيام الأعياد وفي أيام التشريق .
هل يلزمه أن يقضيَها ؟
خلافٌ بين العلماء . شيخ الإسلام رحمه الله يقول : إنه لا يلزمه صيام نظير رمضان ، لكن الأيام المنهي عنها لأنه أفطر فيها فإنه يلزمه أن يصوم عنها في السنة التي تليها .
مسألة :
من نذَرَ الصدقة بماله كله أجزأه الثلث ، وقيل : يُبْقِي ما يكفيه ويكفي من يعول . ومثله من حلف أن لا يرد سائله ، قال شيخ الإسلام رحمه الله : ويَصرِفُه مصرف الزكاة .
الشرح :
لو قال شخصٌ : نذْرٌ عليَّ أن أتصدَّق بمالي كله . فهل يُقال له : خُذ ما يكفيك ويكفي أولادك وتصَدَّق بالكل ، لأنه نذرُ طاعةٍ . أو يُقَال له : أخرِج الثلث فقط وثلثان لك .
خلافٌ بين العلماء . وسبب الخلاف أن كعب بن مالكٍ قال للنبيr : نذرٌ عليَّ أن أخرج من مالي كله . فقالr : ( أمْسِكْ عليك بعضَ مَالِكَ ) وأبو لبابة نذر إن تاب الله عليه أن يخرج ماله كله ، فقالr : ( يجزئ عنك الثلث )
ومن هنا حصل خلافٌ بين العلماء .
هل يكفي الثلث أم أنه لا بد أن يخرج كل المال ويبقي ما يعوله ويعول عياله ؟
مكن أن نقول : أنه يجمع بين القولين : أن يُجْزِئُ الثلث
ولكن الأفضل والأكمل:
أن يخرج ماله كله ولا يبقي منه إلا قدر ما ينفقه على نفسه وعلى أولاده . ومثل النذر بالمال كله أن يقول : نذرٌ عليَّ أن لا أرُدَّ سائلاً . كذلك حكمه هل يخرج الثلث أم أنه يخرج ماله
و يبقي ما يكفيه ويكفي أولاده ؟
قال شيخ الإسلام رحمه الله : هذا الثلث أو الأكثر من ماله إذا أخرجه لله عز وجل يُصْرَفُ مصرف الزكاة .
مسألة :
إن نذر بمُسَمَّى فيخرجه . فإن زاد عن الثلث فقيل : يجزئه الثلث ولا كفارة ، وقيل : يلزمه المسمى . وهو الأرجح .
الشرح :
لو أنه نذر بمسمَّى . قال : نذَرْتُ أن أتصدق بعشرةِ آلاف ريالٍ . وكانت هذه العشرة تعد من ماله الربع أو الثلث ، فنقول : أخرِج هذا المبلغ . لكن لو كانت هذه العشرة تساوي في ماله النصف ، فهل يخرج هذا النصف كله أم يخرج ثلث ماله . قولان لأهل العلم ، والصحيح : أنه يخرج المسمى لأنَّ النبيr ما جعل الثلث مجزئا إلا في النذر بالمال كله أما هذا فقد نذر شيئًا معينًا فيجب أن يخرجه .
مسألة :
من نذر صوم شهرٍ معينٍ كشعبان مثلاً فيلزمه التتابع وإن كان مطلقًا فقيل بذلك والأكثر لا يلزمه سواء صام بالهلال أو بالأيام .
الشرح :
من نذر صيام شهر معين كأن يقول : نذرٌ عليَّ أن أصوم شهر شعبان . هنا نذرُ طاعةٍ فيلزمه أن يوفى هذا النذر ، لكن هل يلزمه التتابع ؟ نعم يلزمه التتابع . فلا يجوز له أن يقول : سأصوم ثلاثين يومًا . لِمَ ؟ لأنه حدد الشهر وبتحديده لشهرٍ حصل التعيين كأن يقول : نذرت ثلاثين يومًا متتابعة . أما لو نذر شهرًا مطلقًا كأن يقول : نذرٌ عليَّ أن أصوم لله شهرًا .
فهل يلزمه التتابع أم لا ؟
قولان والذي يظهر :
نه لا يلزمه التتابع ومِنْ ثَمَّ إن صام من أول الشهر فإنه يصوم بالهلال حتى لو لم يكن الشهر إلا تسعة وعشرين يومًا وإن صام في أواسط الشهر فإنه يصوم ثلاثين يومًا إلا إن كانت هناك نية
لو قال : نذرٌ عليَّ أن أصوم شهرًا ويريد أن يكون متتابعًا
فلا بد من التتابع كذلك لو نذر أن يصوم شهرًا ونوى التفرقة فنقول : لا بد أن تفرق فأنت على ما نَوَيْتَ .
مسألة :
من نَذَرَ صوم السنة وأطلق فيصوم اثنى عشر شهرًا غير رمضان والأيام المنهي عنها على القول المرجوح .
الشرح :
من نذر صوم سنة وأطلق فيصوم اثنى عشر شهرًا ، أما في المسألة السابقة التي مرَّت معنا أن ينذر صوم سنةٍ معيَّنَةٍ . هنا نذر سنةٍ مطلقة فهنا يلزمه أن يصوم اثنى عشر شهرًا غير رمضان والأيام المنهي عنها .
مسألة :
إنْ عيَّنَ سنة فأفطر فيها كفَّرَ بغير الصوم . قال شيخ الإسلام رحمه الله : من حلف على مباحٍ أو معصيةٍ فلا شيء عليه كنذرهما .
الشرح
إن نذر صوم سنةٍ معينة فأفطر فيها . قال : نذرت أن أصوم عام 1427ه فأفطر في هذه السنة . فنقول : لا بد أن تُكَفِّرَ عن هذا الفطر لكن لا يُكَفِّرُ بالصيام .
لِمَ ؟
لأنَّ هذه السنة مشغولة بالصيام فلا يزاحمها هذا الصيام
ولذا إذا لم يجد الثلاثة التي على التخيير فإنه لا يعدل إلى الصيام ،
ونقول له : يبقى في ذمتك حتى تجد ما تطعم به عشرة مساكين أو كسوتهم . وشيخ الإسلام رحمه الله كما هو الشأن في النذر يقول : من نذر نذْرَ معصيةٍ أو نَذَرَ مباحًا فإنه لا كفارة عليه، وكذلك لو حلف على شيء مباحٍ أو على شيءٍ محرم فلا كفارة عليه ، لكن عموم قوله عز وجل يدل على وجوب الكفارة :
{ لا يؤاخذكم الله باللغو في أيمانكم ولكن يؤاخذكم بما عقدتم الأيمان فكفارته }المائدة – 89
مسألة :
من نذر صلاةً وأطلق . يصلي ركعتين قائمًا من قادرٍ .
الشرح :
لو قال : نذْرٌ عليَّ أن أصليَ ولم يبين فنقول : صلِّ ركعتين ويجب أن تؤدي هاتين الركعتين وأنت قائمٌ . هذا إن كان قادرًا أما إن لم يكن غير قادرٍ فإنه يصلي جالسًا وإنما قلنا : ركعتين ، لأنَّ هذا أقل ما يتنفل به .
مسألة :
من نذر صيام الخميس دائمًا فوافق عيدًا أو نحوه أفطر وقضى وكفَّر ، كمن لم يصمه لمرضٍ ومن نذره متعمدًا فكذلك .
الشرح :
لو أن شخصًا نذَرَ أن يصوم كل يوم خميس فوافق في إحدى السنوات يوم عيدٍ فنقول له : يحرم عليك أن تصوم يوم العيد . فلتُفْطِر وعليك القضاء ومع القضاء كفارة يمين لفوت المحل ، وكذلك لو أن شخصًا تعمد قال : نذرٌ عليَّ أن أصوم يوم العيد . فنقول : يجب عليك أن تفطر وتقضي وتكفر كفارة يمينٍ .
مسألة :
من نذر صومًا وأطلق أو صوم بعض يوم . صامَ يومًا .
الشرح :
لو قال : نذرٌ عليَّ أن أصوم . وأطْلَقَ فنقول : صُمْ يومًا واحدًا ولا بد من أن يكون طلوع الفجر الثاني إلى غروب الشمس فهذا هو الصيام الشرعي .
لو قال : نذْرٌ عليَّ أن أصوم ساعةً أو أن أصوم ربع يومٍ . فنقول : صُمْ يومًا كاملاً ، لأنَّ هذا هو الصيام الشرعي طلوع الفجر الثاني إلى غروب الشمس .
مسألة :
من نذَرَ أن يطوف على أربعٍ طاف مرتين .
الشرح :
لو نذر أن يطوف على أربعٍ . هل يقال له : طِفْ على يديك وقدميك ؟ لا ولكن يقال له : طِفْ مرتين فإنهما يغنيان عن هذا النذر .
مسألة :
من نذر صيام أيامٍ متتابعات فأفطر من غير عذرٍ انقطع ، واستأنف ولعذرٍ يبني ويكفِّر أو يستأنف ، ولا شيء عليه .
الشرح :
من نذر أن يصوم عشرة أيام متتابعاتٍ فيجب عليه أن يصوم متتابعات لكن لو أفطر إن كان هذا الفطر من غير عذرٍ فنقول أنت فأنت آثم ويجب عليك أن تستأنف من جديد، فلو صام ثمانية أيامٍ أو تسعة أيامٍ ولم يأت بالعاشر أوقع فطرًا بينها فإنه يلزمه أن يعيد ،
لكن لو أنه أفطر لعذرٍ لمرضٍ ونحوه ،
فنقول : أنت مخيرٌ إن شئت أن تواصل تُكَفِّر كفارة يمينٍ وإن شئت أن تستأنف من جديد ولا كفارة عليك .
مسألة :
من نذر أيامًا معينة فأفطر دون عذرٍ يأثم ويستأنف ويكفِّر و بعذر يبني ويكفِّر .
الشرح :
من نذر أيامًا معينة كأن يقول : نذرٌ عليَّ أن أصوم تسع ذي الحجة فإن أفطر من غير عذرٍ فإنه يكون آثمًا ويستأنف ويكفِّر ، ليس كالمسألة السابقة ليس عليه كفارة وإنما يكفِّر لفوات المحل ، لأن صيام عشرة أيامٍ مطلقة وهي متتابعة ليست كصيام تسعة أيامٍ من ذي الحجة . فإذًا يُقال له : أنت آثمٌ وعليك أن تستأنف وتُكفِّرَ وإن كان لعذرٍ فإنه يبني ويكفِّر كفارة يمينٍ .
مسألة :
لا نذر فيما يملك ابن آدم فلو ملكه فيما بعد لا يتم نذره .
الشرح :
لو قال نذرٌ عليَّ أن أتصدق بهذه السيارة وهي سيارة فلان ثم ملكها فيما بعد فلا يلزمه النذر لقوله r : ( لا نذر في معصية ولا فيما لا يملكه ابن آدم ) .
مسالة :
يجوز صرف النذر إلى غير الجهة المعينة إن كانت أفضل فإن لم يعين جهة فهو صدقة ولا يأكل منه إلا إن كانت هناك عادة أو نوى أو اشترط أو نوى بنذره أهل بيته ورفقته الذي هو واحدٌ منهم .
الشرح :
يجوز صرف النذر إلى غير الجهة التي عيَّنها وذلك أن رجلاً قال : يا رسول الله إني نذرت إن فتح الله عليك مكة أن أصليَ في بيت المقدس ركعتين . قالr :
( صلِّها هاهنا )
لأن المسجد الحرام أفضل من المسجد الأقصى وأما إذا لم يعيِّن
كأن يقول إنسانٌ : نذرٌ عليَّ أن أذبح شاةً . ولم يُعَيِّن فإنها تصرف إلى الفقراء ولا يجوز لناذرٍ أن يأكل من نذره شيئًا إلا إذا كانت هناك عادةٌ ببلدٍ أنَّ من نذر أنه يأكل فالعادةٌ مُحْكَمةٌ أو أنه نوى أن يكون من الآكلين من هذا الشيء فله ما نوى . أو شرط .
قال : نذرٌ عليَّ أن أتصدق بذبح شاةٍ وأن آكل من لحمها
أو قال : نذرٌ عليَّ أن أُطْعِمَ أهل بيتي وهو منهم فليأكل .
أو قال : نذرٌ عليَّ أن أُطْعِمَ رفاقي في السفر وهو منهم فله أن يأكل وأما إن لم توجد هذه الأشياء فإنه لا يجوز له أن يأكل منها شيئًا .
مسألة :
كما لا يأكل الناذر كذلك أصوله وفروعه .
الشرح :
كما أن الناذر لا يجوز له أن يأكل مما نذر فكذلك أصوله وفروعه . أصوله الآباء والأجداد وإن علوْ وكذلك الأمهات والجدات وإن علوْنَ . وفروعه الأبناء والبنات وإن نزلوا . ونزلنا لِمَ ؟ لأن النفقة تجب عليه لهؤلاء فلا يجوز أن يأكلوا إلا بالشروط السابقة .
مسألة :
لا يلزم الوفاء بنذرِ صيامِ سنةٍ ، لأنه مكروه .
الشرح :
المكروه كما سبق معنا يستحب أن يحنث فيه ويُكفِّر كفارة يمينٍ . وصيام السنة نهى عنه النبيr فنهى عنه عبدَالله بن عمرو بن العاص وقال له : ( لا صام من صام الأبد ) فمن نذر أن يصوم سنةً فله أن يعدل إلى كفارة اليمين ولا يلزمه شيء .
مسألة :
من علَّق نذره على شيءٍ فلم يحصل . فلا نذرَ .
الشرح :
لو قال : نذرٌ عليَّ إن ملكت مئة ألف ريالٍ أن أتصدق بعشرةِ آلاف . فلم يملك مئة ألف ريال ، فلا شيء عليه لأنه علقه على شرطٍ ولم يحصل هذا الشرط .
مسألة :
إن قال : عليَّ ذبح ولدي . وقَصَدَ اليمين فيمين ، وإلا فنذرُ معصيةٍ ويذبح كبشًا .
الشرح :
إن قال : عليَّ ذبح ولدي وقَصَدَ أن يكون يمينًا فعليه كفارة يمينٍ ولا يجوز له أن يذبح ولده وإن كان يريد النذر بقوله : نذرٌ عليَّ أن أذبح ولدي . فلا يجوز له أن يفعل هذا وعليه كبشٌ . كما قال ابن عباس رضي الله عنهما قياسًا على إبراهيم لما أراد أن يذبح ابنه إسماعيل . قال تعالى :{ وفديناه بذِبحٍ عظيم }.
مسألة :
إن نذَرَ أياماً معدودة كعشرة أيامٍ لم يلزمه التتابع إلا بشرطٍ أو نيةٍ ، وإن اشترط تفرقها لزِمَه
الشرح :
إن نذر أن يصوم عشرة أيام متتابعاتٍ لزمه التتابع ما لم يكن هناك نية فإن كانت هناك نيةٌ في التفرقة بين الأيام فله نيَّته وإلا إن نذر أيامًا معدودة كعشرة أيامٍ لم يلزمه التتابع إلا إن وُجِدَت نية بأنه يريد التتابع فلا بد من التتابع وإلا فإن الأصل أنها مُطْلَقَة ويجوز له أن يصومها متفرقاتٍ .
مسألة :
قال الشيخ البسام رحمه الله :
إن نَذَرَ المشيَ إلى البيت الحرام فهو نذرٌ مباحٌ ويكفِّر كفَّارة يمينٍ .
الشرح :
لقوله r :
( إنَّ الله لغَنِيٌّ عن مشي أختِكَ . مُرْهَا فلتركب )
لأنَّ المشيَ ليس مقصودًا . ولذا النبيr أتى حاجًا وهو راكب ، فلو كان المشي مندوبًا لفعله النبيr ولذا لما رأى رجلاً يسوق بدنة ويمشي قال : اركبها . قال : إنها بدنة – أي إنها هدي – قال : اركبها إذا ألجئت إليها بالمعروف ) فدل على أن الركوب هو الأفضل .
مسألة :
يلزمه الوفاء بالوعد ولا سيما إن كان بسببٍ كقوله : تزوج وأعطيك كذا .
الشرح :
النبيr قال : ( آية المنافق ثلاث : وذكر منها إذا وعد أخلف ) فإذا وعدت شخصًا بشيءٍ فلا بد أن توفيَ به ما لم يكن عليك ضرر إذا كان عليك ضرر فإنك لا تلزم بهذا الوعد ولا سيما إن كان هذا الوعد مقرونًا بسببٍ كأن يقول لشخصٍ : إن تزوجت أعطيك عشرة آلاف ريال فذهب فتزوج .
أو قال : إن اشتريت سيارةً أعطيك خمسة آلاف ريالٍ فاشْترى فيجب أن يعطيَه .
مسألة :
من نَذَرَ طاعة وما ليس بطاعة لزمه الوفاء بنذر الطاعة .
الشرح :
لقوله r : ( من نذر أن يطع الله فليطعْه ) وأما ما ليس بطاعةٍ فلا يلزم .
مسألة :
من نذر طاعةً ومات قبل فعلها استحب لوليه أن يفعلها ولو صلاة .
الشرح :
من نذر عبادةً من صلاةٍ ومن صيامٍ ومن صدقةٍ ونحوها فيستحب لوليه أن يفعلها بعد موته كما ورد عن بعض الصحابة رضي الله عنهم أنهم أفتوا بذلك فبعض الناس نَذَرَ أن يأتيَ إلى قباء ماشيًا فئات فأمر بعض بالصحابة أولياءه أن يفعلوا .
قاعـــدة :
تعتبر العادات إذا اضطردت أو غلبت .
الشرح :
هذه قاعدة وذلك أن العادة معتبرة . عادةُ الناس محكمة فيما لم يأتِ به الشرع إذا اضطردت .
يعني : أصبح الناس يفعلونها كلهم أو الغالبية منهم ، أما لو كان البعض فإن العادة لا يحكم بها ولذلك لو كانت عادة البعض أنهم يأكلون من نذره والأكثر لا يأكل فإنه لا يحم بالعادة
ولكن إذا اضطردت العادة بأن يكون كل الناس يأكلون من نذرهم أو أن أكثرهم يأكلون من نذرهم فهي محكمة ومعتبرة .
مسألة :
النهي عن صوم الدهر ليس مراده من صام الأيام المحرمة كما قال ابن القيم وابن حجر رحمهما الله . فلو أفطر فيها فيبقى النهي .
الشرح :
قال النبيr : ( لا صام من صام الأبد ) ونهى أن تُصَامَ السَّنَةُ بأكملها وبعض الناس يظن أن النهي إنما هو من أجل أن سيصوم أيام الأعياد وأيام التشريق وليس كذلك فإنه لو أفطر في هذه الأيام وصام بقية الأيام فإن النهي باقٍ .