مقدمة في التفسير ( 3 ) طرق تفسير القرآن [ تفسير القرآن بالسنة ــ تفسير الصحابة ــ تفسير التابعين ]

مقدمة في التفسير ( 3 ) طرق تفسير القرآن [ تفسير القرآن بالسنة ــ تفسير الصحابة ــ تفسير التابعين ]

مشاهدات: 501

مقدمة في التفسير ( 3 )

تتمة طرق تفسير القرآن :

الطريقة الثانية:

تفسير كلام الله بكلام النبي عليه الصلاة والسلام

الطريقة الثالثة :

وهي طريقة تفسير الصحابة رضي الله عنهم

الطريقة الرابعة :

وهي تفسير كلام الله بأقوال التابعين

فضيلة الشيخ : زيد بن مسفر البحري

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

مازلنا في شيء من مقدمات التفسير

وكنا قد تطرقنا في الدس الماضي إلى أن تفسير كلام الله يكون  بطرق

أولى هذه الطرق وأجلها وأولاها :

تفسير كلام الله بكلامه جل وعلا

إذا لم يوجد في كتاب الله ما يفسر كلامه تأتي الطريقة الثانية التي  تليها :

وهي :

تفسير كلام الله بكلام النبي عليه الصلاة والسلام

ما الدليل ؟

قول الله عز وجل :

{ وَأَنزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ }

الخطاب لمن ؟

للنبي عليه الصلاة والسلام

{ وَأَنزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ }

ولذا :

لا يمكن أن يعطى الله قدره ويعظم حق  تعظيمه إلا إذا أثبت بأنه  أرسل الرسل

فمن أنكر الرسول أو أنكر  واحدا من الرسل فلم يعظم الله

قال تعالى :

{ وَمَا قَدَرُواْ اللّهَ حَقَّ قَدْرِهِ }

لماذا ؟

{ إِذْ قَالُواْ مَا أَنزَلَ اللّهُ عَلَى بَشَرٍ مِّن شَيْء }

لمَ لمْ يُقدِّر اللهَ عز وجل ؟

لأن الله عز وجل لم يترك هؤلاء البشر عبثا

ولم يخلقهم سدى ، إنما خلقهم لعبادته

ولا يمكن أن يتوصل إلى عبادته إلا  بالرسل

ولذا قال النبي عليه الصلاة والسلام كما جاء في المسند :

{  ألا }

ألا  عند البلاغيين : أداة تنبيه يراد

منها التوكيد

فـ” ألا ” فيها إشارة إلى أن يكون المخاطب متنبها لما سيلقى عليه

قال عليه الصلاة والسلام :

(  ألا إني أوتيت القرآن ومثله معه )

ما هو الذي أوتيه النبي عليه الصلاة والسلام مما يماثل القرآن ؟

الذي أوتيه عليه الصلاة والسلام :

هو البيان التام لكلام الله عز وجل

تتمة الحديث :

( ألا يوشك رجل شبعان متكئ على أريكته يقول : ما وجدنا  في هذا القرآن من حلال أحللناه وما وجدنا فيه من حرام حرمناه )

يشير بذلك إلى أن هناك طائفة تدعى بالقرآنيين

هؤلاء يقولون : ” لا ننظر إلى شيء غير القرآن “

هذه كلمة حميدة في سياقها لكنها تحمل الخبث  والكفر

لم ؟

لأنه لا يمكن أن تعرف معنى قول الله : { وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآَتُوا الزَّكَاةَ } إلا عن طريق النبي عليه الصلاة والسلام

{  وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ }

هل وجد في كتاب الله أن الظهر أربع ركعات ؟

العصر أربع ؟

المغرب ثلاث ؟

العشاء أربع

الفجر ركعتان

هل وجد في كتاب الله أنصبة الزكاة ؟

أنصبة الزروع والثمار ؟

أنصبة الذهب والفضة ؟

لا يوجد

أين وجد ؟

في سنة الرسول عليه الصلاة والسلام

 

وهؤلاء  المسمون بالقرآنيين يقولون : نحن لا نخرج عن منهج القرآن

وتالله وبالله ووالله لو أنهم  صدقوا في مقولتهم بأنهم لا يخرجون من منهجية القرآن لآمنوا بما جاء به النبي عليه الصلاة والسلام :

لأن مما في هذا القرآن قوله عز وجل : { وَأَنزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ }

ومن أمثلة ما فسرت به بعض الآيات من سنة النبي عليه الصلاة والسلام :

من بينها على سبيل المثال على سبيل الحصر:

من بينها :

قول الله عز وجل : { هُوَ الْأَوَّلُ وَالْآخِرُ وَالظَّاهِرُ وَالْبَاطِنُ }

ما معنى هذه الأسماء ؟

ولتعلم :

أن الآية إذا فسرت بكلام الله أو بكلام النبي  عليه الصلاة و السلام فلا يلتفت إلى ما سواهما

هذه الآية فسرت بتفاسير من بعض المفسرين

لكن نقول : على رسلك أيها المفسر ؟

لم؟

لأن النبي عليه الصلاة والسلام هو أعلم بمراد الله منك ، وهو أفهم منك لكلام الله

فإذا جاء  تفسير النبي عليه الصلاة والسلام لكلام الله فقف عنده ولا تلتفت لغيره :

فسر النبي عليه الصلاة والسلام هذه الآية كما في صحيح مسلم :

( هو الأول الذي ليس قبله شيء والآخر الذي ليس بعده  شيء ، والظاهر الذي ليس فوقه شيء ، والباطن الذي ليس دونه شيء )

هذا هو التفسير الذي لا يعدل عنه البتة

 

مثال آخر:

قوله عز وجل :

{ وَأَعِدُّواْ لَهُم مَّا اسْتَطَعْتُم مِّن قُوَّةٍ }

ذكر  ( قُوَّةٍ) هنا مطلقة

وكلمة قوة : نكرة ليست معرفة

والنكرة إذا جاءت في سياق الإثبات لأن هنا إثباتا فإذا جاءت النكرة في سياق الإثبات فاعلم أنها مطلقة تصدق على أي قوة ولا تعم أي قوة

ففسر النبي عليه الصلاة والسلام كما جاء في صحيح مسلم فسر القوة هنا بقوله عليه الصلاة والسلام :

(  ألا إن القوة الرمي ، ألا إن القوة الرمي ، ألا إن القوة الرمي )

يعني :

إذاً أعظم ما يستعد به لمواجهة العدو هو الرمي فالرمي بشتى أنواعه

يتعدى إلى كل نوع من أنواع الرمي إلى قيام الساعة

لكن  لو قال قائل :

فيه حديث : ( أن  النبي عليه الصلاة والسلام لا يعلم من كلام الله إلا عددا من الآيات علمهن إياها جبريل )

هذا الأثر يثبت أن النبي عليه الصلاة والسلام لا يفهم من كتاب الله شيئا إلا  بعض آيات تعلمها من جبريل عليه الصلاة والسلام

فيقال : إن هذا الحديث كما قال ابن كثير في التفسير قال : ” إنه منكر لا يثبت ولو صح هذا الحديث فإنه  يحمل على آيات قد استأثر الله بعلمها فهي  من الغيب فأعلم بها النبي عليه الصلاة والسلام ومدلول هذا :

{ عَالِمُ الْغَيْبِ فَلَا يُظْهِرُ عَلَى غَيْبِهِ أَحَدًا (26) إِلَّا مَنِ ارْتَضَى مِنْ رَسُولٍ }

وكما قال تعالى :

{ وَلَكِنَّ اللّهَ يَجْتَبِي مِن رُّسُلِهِ مَن يَشَاءُ }

وكقوله تعالى :

{ وَلَا يُحِيطُونَ بِشَيْءٍ مِنْ عِلْمِهِ إِلَّا بِمَا شَاءَ }

هذه هي الخطوة والطريقة الثانية في  تفسير كلام الله

 

إذا لم توجد تفاسير في السنة للآيات

فماذا نصنع ؟

تأتي الطريقة الثالثة :

وهي طريقة تفسير الصحابة رضي الله عنهم

لماذا الصحابة بالذات ؟

لأنهم تلقوا هذا القرآن من النبي عليه الصلاة والسلام

وهم أقرب إلى عصر النبوة

وهم أوسع علما

وأوسع فهما

فيكون الصواب معهم أقرب من غيرهم

ولا أدل من قول ابن مسعود :

” والله إني لأعلم أي آية في كتاب الله أين ومتى نزلت ولو كنت أعلم أحدا أعلم مني بكتاب الله تبلغه المطايا لأتيته “

فهو يحلف بالله

وأعظم من يؤخذ  منه تفسير كلام الله من الصحابة هم

الخلفاء الراشدون : أبو بكر وعمر وعثمان وعلي

ومن هو معني بتفسير كلام الله من الصحابة :

كابن مسعود وابن عباس

رضي الله عن صحابة النبي عليه الصلاة والسلام أجمعين

 

إذا لم يوجد :

تأتي  الطريقة الرابعة :

وهي تفسير كلام الله بأقوال التابعين

فإن كثيرا من أئمة السلف أخذوا بتفسير التابعين

مثل من ؟

مثل :

مجاهد بن جبر :

هذا كان طالبا عند ابن عباس

ولذا يقول :

عرضت القرآن كله ثلاث مرات على ابن عباس أعرض كلام الله عليه آية أية

ولذا يقول الثوري :

” إذا أتاك التفسير من مجاهد فحسبك به “

 

عكرمة مولى ابن عباس

الحسن البصري

زيد بن أسلم

والعجب أيها الأخوة أن معظم المفسرين من التابعين موالي أصل آبائهم أرقاء يعني عبيد

ومع ذلك انظروا كيف رفع الله درجة هؤلاء فأصبحوا أعلاما ترتسم أسماؤهم في  كتب التفسير

ولذا في صحيح مسلم :

 قال النبي عليه الصلاة والسلام :

”  إن الله ليرفع بهذا القرآن أقواما ويضع به آخرين “

في رواية عند ابن ماجه :

أن عمر رضي الله عنه ولى صحابيا على مكة من الأحرار  فذهب عمر في سفر فالتقى بهذا الأمير الذي ولاه عمر على مكة فقال  له : تركت مكة وأهلها فمن وليت عليها ؟

فقال : وليت ابن أبي أبزى

قال عمر : رجل مولى

يعني رقيق

قال : كيف تولي على الناس رجلا رقيقا ؟!

لأن الرقيق محبوسة منافعه لسيده فهو لا  يتحرك مثل الحر

فقال هذا الصحابي لعمر : إنه قارئ لكتاب الله وعالم بالفرائض

فلما وصلت هذه الكلمات إلى مسامع عمر وقف وتذكر قول النبي عليه الصلاة والسلام :  ”  إن الله ليرفع بهذا القرآن أقواما ويضع به آخرين “

وللحديث تتمة إن شاء الله في الدروس القادمة